ترجمة

هل الغرامة لترشيد المياه أم لاستنزاف الجيوب؟

د محمد بن عبد العزيز الصالح
عندما يقوم أي جهاز من أجهزة الدولة أو إحدى مؤسساتها التي تقدم خدماتها للمواطنين باقرار غرامة مالية بحق أي من الأشخاص المسيئين استخدام تلك الخدمة، فإن الهدف من ذلك هو حث الناس ودفعهم على الالتزام والانضباط في استخدامهم لتلك الخدمة، وبكل تأكيد فإن استنزاف جيوب المواطنين لا يمكن ان يكون هدفاً من تلك الغرامة.ما دعاني لسرد هذه المقدمة هو تلك الغرامات القاسية التي تفرض من وقت لآخر من قبل المديرية العامة للمياه ومقدارها (200 ريال) والتي عادة ما يعاني منها المواطن محدود الدخل، حيث يبدو من تلك الغرامة وكيفية تطبيقها انها تؤدي إلى استنزاف الجيوب وليس الترشيد في استخدام المياه. وأن ضررها يقتصر على المواطن محدود الدخل وفقاً للايضاح التالي:
* ان المواطن الغني صاحب القصر أو البيت الكبير هو من يستنزف المياه بكثرة حيث يتم غسل ساحات القصر بشكل يومي، وبحكم ان لديه شبكة تصريف للمياه داخل المنزل فإن المياه لا تتدفق لخارج المنزل على الرغم من استنزافه المبالغ فيه للمياه، أما المواطن محدود الدخل فليس لديه تصريف داخل للمياه وبالتالي فإن أي تهريب بسيط أو خلل في العوامة سيجعله عرضة للغرامة المالية. فهل حققت مديرية المياه الهدف من فرضها تلك الغرامة المالية؟
* مواطن سافر خلال إجازة الصيف لمدة شهر، وبسبب عطل خارج عن الإرادة في عوامة الخزان أدت إلى تسرب كميات قليلة من المياه للشارع، وعند عودته من السفر وجد أن ثماني مخالفات قيمة كل منها مئتا ريال في انتظاره إلا يفترض من موظف مديرية المياه ان يطرق باب المنزل للتأكد من وجود أهل المنزل؟ ألا يفترض إخطار أهل المنزل بانذار مكتوب قبل ان يتم تحرير المخالفة المالية فيما بعد؟ ثم هل حققت مديرية المياه مبتغاها من ترشيد المياه عندما اثقلت على هذا المواطن محدود الدخل بتلك الثماني مخالفات والتي بلغت قيمتها (1600 ريال)؟
* إن حجم الاستهلاك الشهري من المياه للمواطن محدود الدخل يراوح بين 15 و 20 ريالاً فقط، فكيف تطبق بحقه غرامة مالية تعادل استهلاك كامل السنة لمجرد تسرب مياه للمرة الأولى، علماً أن ذلك قد يكون خارج عن إرادته، لماذا لا يكون هناك تسلسل تدريجي في فرض تلك الغرامة المالية بحيث تبدأ من (50 ريالاً ثم 75 ريالاً ثم 100 ريال ثم 125 ريالاً وهكذا..) على أن تنتهي عدد مرات المخالفة بنهاية كل عام.
* قياساً على الأجواء الترابية لدينا، فإن كل منزل يحتاج الى غسيل كامل دون الاكتفاء بالمسح، فالاتربة التي هي مصدر للعديد من أمراض الحساسية لا يزيلها إلا الغسيل، وبالتالي فعند قيام المواطن محدود الدخل بغسل ساحات منزله مرة واحدة كل شهر أو شهرين من أجل صحة أفراد عائلته فهل يجب ان تكون تلك الغرامة القاسية له بالمرصاد؟
ختاماً، سؤالي الموجه للمسؤولين عن المياه: هل الغرامة المفروضة على تسرب المياه ومقدارها 200 ريال عادلة في ضوء ما ذكرت من معطيات في هذا المقال؟ ثم هل حققت الترشيد في استخدام المياه، أم أنها استنزفت جيوب فئة من المواطنين هم أحوج ما يكونون إلى مبلغ تلك الغرامة؟ ثم ألم يأتي الوقت الذي يفترض ان نميز فيه بين مرتاحي الدخل ومحدودي الدخل عند حساب تكلفة استهلاك المياه من خلال تطبيق نظام الشرائح على غرار ما هو معمول به في حساب تكلفة الكهرباء؟
31 / 12 / 2005م         عدد 12147

لنقسُ على الغشاشين يا أهل الشورى

د.محمد بن عبد العزيز الصالح
أشارت الصحف خلال الأسبوع الماضي إلى أنّ مجلس الشورى يوشك على الانتهاء من دراسة مشروع نظام مكافحة الغش التجاري الجديد، حيث يتّجه المجلس إلى تغليظ العقوبات ومضاعفتها في حال أن يؤدي الغش التجاري إلى الاضرار بصحة وحياة الإنسان. وفي الوقت الذي أثني فيه على هذا التوجُّه للمجلس، فإنّ هناك عدداً من الجوانب التي أرجو من أعضاء المجلس أن يأخذوها في الاعتبار قبل الانتهاء من دراسة مشروع النظام، علماً بأنّني سبق أن كتبت عن بعض جوانب هذا الموضوع مع بداية دراسة المجلس لمشروع النظام:
* ذكرت الصحف أنّه بناءً على مصدر موثوق فإنّ المجلس بصدد فرض غرامه مالية لا تزيد على المليون ريال بحق كلِّ من يرتكب عملية غش تجاري تؤدي إلى الاضرار بصحة الإنسان والحيوان. وإنّ السؤال الذي يمكن طرحه هنا يتمثّل في السبب الذي يجعلنا نحدِّد الحد الأعلى للعقوبة المالية، ثم لماذا لا توجد حدود دنيا رادعة لتلك العقوبة إذا ما علمنا بأنّ لجان الفصل في قضايا الغش التجاري عادة ما تكتفي بفرض غرامات زهيدة لا تتجاوز الخمسة آلاف ريال، مما يعني أنّ حجم العقوبة المالية لن يعادل سوى جزء بسيط من حجم الأرباح العالية التي قد يحققها التاجر من جرّاء ارتكابه لمخالفة الغش التجاري، وقيامه ببيع سلع غذائية منتهية الصلاحية قد يزهق بسببها الكثير من الأرواح البريئة .. وبالتالي فبدلاً من أن تكون الغرامة المالية رادعاً لمن يرتكب مخالفة غش تجاري، أصبحت تلك العقوبة مشجِّعة لكلِّ ضعيف نفس يرغب في ارتكاب مثل تلك المخالفات. أعتقد بأنّ حجم الغرامات المالية المطبقة يجب أن تكون شاملة لكافة الأرباح التي حققها من قيامه بتسويق تلك السلع المغشوشة، مضافاً إليها الغرامة المالية المقترحة والتي تم تحديد حدِّها الأعلى بمليون ريال .. فمن يسوِّق مستحضرات تجميلية أو سلعاً غذائية فاسدة في كافة مناطق المملكة، ويزهق بسبب ذلك أرواحاً بريئة، ويحقق ملايين الريالات كأرباح من جرّاء ذلك، لا يستحق أن نتعاطف معه بقصر الغرامة المالية عليه بمليون ريال فقط.
* أرجو من الإخوة أعضاء المجلس أن يدرسوا إمكانية اعتبار مخالفات الغش التجاري على أنّها (جرائم) بدلاً من قصرها على (مخالفات) تجارية، خاصة تلك الحالات التي تؤدي إلى إزهاق أرواح بريئة مما يعني تغليظ العقوبات، بحيث تشمل السجن والجلد وأحياناً القصاص في بعض تلك الجرائم.
* من الأهمية أن يتم إدراج عقوبة التشهير ضمن العقوبات التي سيتضمّنها مشروع نظام الغش التجاري الجديد. فإذا كان لاسم التاجر أهمية كبيرة سواء في مجتمع كالمجتمع السعودي أو في السوق، فإنّني أتساءل عن السبب الذي يجعلنا لا نشهر ولا ننشر أسماء مثل هؤلاء الأشخاص الذين لا يتردّدون في ارتكاب مثل تلك الجرائم الإنسانية بحق إخوانهم المواطنين والمقيمين. ثم لماذا نراعي شعورهم من خلال التكتُّم والمحافظة على أسمائهم. في ظني إنّ عقوبة التشهير من خلال نشر أسماء هؤلاء التجار، بل وحتى نشر صورهم الشخصية في وسائل الإعلام، سيكون مفعوله أكثر من الغرامات المالية المفروضة عليهم.
إخواني أهل الشورى، السوق مليء بجرائم ومخالفات الغش التجاري، وقد لا تتعدّل تلك الأوضاع ما لم تسلكوا مسلكاً رادعاً في مشروع نظام مكافحة الغش التجاري والذي هو بين أيديكم حالياً.
24 / 12 / 2005م         عدد 12140

العقوبة غير رادعة يا معالي الوزير

د.محمد بن عبد العزيز الصالح
عندما صدر قرار مجلس الوزراء رقم (50) في عام 1415هـ والقاضي بإلزام المؤسسات والشركات التي لديها عشرون عاملاً فأكثر بسعودة (5%) من مجموع العمالة الموجود لدى كل مؤسسة بصفة سنوية، كنا نتمنى أن تلتزم كل المؤسسات بذلك وأن تعمل على الإحلال التدريجي لشباب الوطن على امتداد الاثني عشر عاماً الماضية، وذلك بدلاً من العمالة الأجنبية التي غصت بها مختلف الأنشطة التجارية والصناعية والزراعية والخدمية. وبكل صراحة لم يكن يرد في الحسبان أن تصل اللامبالاة والضرب بالوطنية عرض الحائط من قبل بعض أصحاب المؤسسات الوطنية إلى الحد الذي يقدمون فيه على تسجيل أسماء مواطنين بشكل وهمي في سجلات المؤسسة تزويراً وذلك تهرباً من تنفيذ قرار السعودة والرفع بتلك المعلومات المزورة للجهات المختصة.
خلال الأسبوع الماضي صدر قرار معالي وزير العمل الدكتور غازي القصيبي بإيقاف الاستقدام لمدة خمس سنوات عن مؤسسة أهلية وذلك لتسجيل عدد (34) مشتركاً في التأمينات الاجتماعية على الرغم من عدم عملهم لدى تلك المؤسسة.
في اعتقادي أن المخالفة التي اقترفها صاحب المؤسسة يجب ألا يتم قصر التعامل معها على أنها مخالفة لقرارات السعودة فحسب وإنما يجب التعامل معها على أنها جريمة تزوير، فصاحب المؤسسة لم يتردد في تقديم معلومات وأسماء مزورة مغلوطة للجهات الحكومية المختصة حيث استطاع من خلالها الإضرار بالمصلحة العامة من خلال قيامه بتقديم تلك الأسماء الوهمية على وثائق رسمية زعماً منه بأنهم موظفون لديه وتهرباً منه من تنفيذ الواجب الوطني عليه بإتاحة الفرصة لأبناء الوطن وعدم إحلالهم تدريجياً بدلاً من العمالة الأجنبية لديه. فالمادة الخامسة من نظام مكافحة التزوير الصادر بقرار مجلس الوزارة رقم (550) وتاريخ 3-11- 1382هـ وتوج بالمرسوم الملكي رقم (53) وتاريخ 5-11- 1382هـ تقضي بإيقاع العقوبة بالسجن من سنة إلى خمس سنوات على كل من أثبت وقائع وأقوال كاذبة على أنها وقائع صحيحة أوقام بوضع أسماء غير صحيحة أو غير حقيقية في أوراق رسمية.
وفي ضوء تلك المادة النظامية التي تضمنها نظام صادر بمرسوم ملكي، وفي ضوء شناعة الجرم الذي أقدم عليه صاحب تلك المؤسسة بارتكابه لجريمة التزوير، وفي ضوء خطورة مثل هذا التصرف اللامسئول على قضية السعودة التي تهمنا جميعاً، فهل شاطرني معالي الدكتور غازي القصيبي الرأي في أن التكييف القانوني للفعل الذي ارتكبه صاحب المؤسسة لا يتوجب أن يقتصر تصنيفه على أنه من قبيل المخالفات وإنما يتجاوز ذلك الى اعتباره جرماً وبالتالي فإنه وبالإضافة لعقوبة إيقاف الاستقدام التي تم إقرارها من وزارة العمل، فإنه يفترض أيضاً أن يتم إحالته للجهات المختصة لتطبيق العقوبات المنصوص عليها في نظام التزوير حيث سيكون ذلك رادعاً لكل مَنْ تسول له نفسه تقديم معلومات مزوره للسلطات لا يتضرر منها سوى الوطن والمواطن.
لمجرد التنويه
هناك فرق بين مَنْ يكتب عن قضية السعودة بدوافع وطنية بحتة سواء كانت تلك الدوافع اقتصادية أو اجتماعية أو أمنية، وفرق بين مَنْ يكتب عنها لتحقيق أغراض مادية شخصية بحتة سواء كان من أصحاب الورش أو المؤسسات والشركات أو كان مدفوعاً للكتابة نيابةً عنهم. والله المستعان.
17 / 12 / 2005م           عدد 12133

تغليظ العقوبة لوقف مسلسل الجرائم التجارية

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
أثناء تصفحي إحدى الصحف المحلية، وقعت عيناي على جملة من الأخبار التي يقف لها شعر الرأس، ومنها: (شرطة الرياض تصادر أكثر من خمسة آلاف إطار غير صالحة للاستخدام) وخبر آخر ينص على: (هيئة الغش التجاري تتلف أكثر من أربعة ملايين وحدة من المواد الاستهلاكية الفاسدة) وخبر آخر ينص على: (تسويق مستحضر تجميلي في صيدلياتنا يؤدي لقصور في وظائف الكبد).
وأمام تلك المخالفات (بل الجرائم) التجارية والجنائية التي تستشري في الكثير من أسواقنا يتبادر للذهن جملة من التساؤلات، فإلى متى سوف يستمر انتشار تلك المخالفات (أو الجرائم) الجنائية التي أودت وما زالت تودي بحياة الكثير من الأبرياء دون ذنب؟ ولماذا لا يتم الضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه المتاجرة بأرواح الناس؟ ولماذا لا يتم تحليل وفحص كافة السلع المستوردة قبل أن يتم فسحها وتسويقها في أسواقنا؟ ثم هل تتضمن الأنظمة واللوائح المعمول بها لدينا العقوبات الكفيلة بردع كل من تسول له نفسه المتاجرة بأرواح الناس؟ وهل تتضمن تلك اللوائح عقوبة السجن بل والجلد لذلك التاجر المروج لتلك السلع القاتلة أو حتى مجرد عقوبة التشهير به؟ أم أن العقوبات المطبقة لا تتجاوز العقوبات المالية التي لا تمثل سوى جزء يسير من الأرباح الطائلة التي يحققها بعض التجار من خلال متاجرتهم وتسويقهم لتلك السلع القاتلة؟ نحن لا يهمنا لمن نوجه الاتهام أو لمن تحمل المسؤولية من تواجد السلع التجارية أو المستحضرات العلاجية القاتلة، بقدر اهتمامنا بأن يتم استئصال كافة تلك السلع والممارسات التي تزخر به أسواقنا من وقت لآخر.
في ظني أنه ما لم يتم التشديد من خلال فرض عقوبات السجن والجلد بل وحتى الإعدام في حالات معينة وذلك لكل من تسول له نفسه المتاجرة بأرواح الناس من خلال تسويقه لتلك السلع القاتلة، نعم ما لم يتم ذلك فإننا سنظل نتحدث ونكتب وننتقد دون جدوى، والأمرّ من ذلك أن مسلسل إزهاق الأرواح البريئة من جراء تلك التجاوزات التجارية سيستمر دون أن نتمكن من التصدي لها.
الجدير بالذكر أن مجلس الشورى قد فرغ مؤخراً من مناقشة نظام مكافحة الغش التجاري حيث يذكر أن المجلس قد اتجه إلى تغليظ العقوبات ومضاعفتها في حال أن يؤدي الغش التجاري إلى الإضرار بحياة البشر، وفي الوقت الذي نثني على هذا التوجه لتغليظ العقوبات الذي طال انتظاره كثيراً فإنه من الأهمية التأكيد على أن تلك العقوبات لن تكون ذات جدوى ما لم يتم تطبيقها فعلاً وعلى أن لا يكتفى بتطبيق الحدود الدنيا.
ختاماً نذكر بأن الكثير من الضحايا والأنفس البريئة قد أزهقت أرواحها بسبب ممارسات الغش التجاري التي يمارسها بعض التجار، ولو كانوا يدركون أنه سيطبق عليهم عقوبات رادعة تتوافق مع ما يرتكبونه من جرم لما تجرأ أحد منهم على تسويق مثل تلك السلع القاتلة.
ولذا فإنني أؤكد على جميع الجهات ذات العلاقة أن تتعامل مع هذا الموضوع بقسوة وأن تعمل على تغليظ العقوبات المطبقة فعلاً.
10 / 12 / 2005م        عدد 12126

أحبّنا القصيبي كثيراً فأحببناه أكثر

د.محمد بن عبد العزيز الصالح
عندما صدر قرار السعودة الشهير رقم (50) عام 1415هـ، لم نلحظ تحسُّناً في نسب السعودة، ولم يتفاعل معه رجال الأعمال مطلقاً على الرغم من وجود أكثر من ستة ملايين عامل أجنبي، وعلى الرغم من هجره ستين مليار ريال سنوياً من خلال تلك العمالة، بل إنني لا أبالغ القول بأنّ أعداد العمالة الأجنبية بعد أكثر من عشر سنوات على صدور هذا القرار هي في زيادة وليست في نقصان.
إنّه وعلى الرغم من كون قضية السعودة من أكثر القضايا أهمية لمستقبل هذا الوطن ومستقبل أبنائه، ناهيك عن تأثير تلك القضية البالغ على كافة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والأمنية المحيطة بنا، وعلى الرغم من أنّ قضية السعودة من أكثر القضايا التي صدرت فيها قرارات عليا، إضافة لكون تلك القضية قد حظيت بتغطيات إعلامية واسعة في الإعلام المرئي والمسموع والمقروء، كما عُقد من أجلها عشرات الندوات والمؤتمرات، فعلى الرغم من كافة تلك الاعتبارات، وعلى الرغم من مرور أكثر من عشر سنوات على قرار السعودة رقم (50)، إلاّ أنّنا وللأسف الشديد لم نحقق تقدماً ملموساً في سعودة معظم القطاعات الاقتصادية، وسبب ذلك في رأيي يعود لعاملين .. أولهما يعود لوزارة العمل التي لم تطبِّق منذ البداية الآليات المناسبة لوضع قرار السعودة (50) محلاً للتنفيذ الفعلي، والسبب الآخر يعود لرجال الأعمال الذين لم يتجاوبوا مع قضية السعودة، حيث غلب على الكثير منهم طابع الأنانية وحب الذات، متنكرين لكافة التسهيلات التي قدّمها لهم وطنهم سواء من خلال عدم فرض ضرائب عليهم أو من خلال تقديم التسهيلات المالية من إعفاءات وقروض وخلافه. وبالتالي فإنّهم وبدلاً من الوقوف مع الدولة وإتاحة الفرصة لأبناء البلد للتدريب والعمل بشكل تدريجي لهم، نجد بأنّ البعض منهم قد أعلن المقاومة ضد السعودة ملوِّحين بنقل أموالهم للخارج.
وعندما تولّى معالي الدكتور غازي القصيبي دفّة وزارة العمل قبل عامين، تبيّن لمعاليه عدم وجود أي بوادر من رجال القطاع الخاص للاستجابة لنداءات السعودة، عندها أيقن معالي الدكتور القصيبي عظم المسؤولية الملقاة على عاتقه وأدرك أنّ الأمانة والمسؤولية تقضي بأن يشرع معاليه وعاجلاً في تفعيل قضية توطين الوظائف والحد من البطالة، وعندما بدأ معاليه بتطبيق بعض الآليات التي تكفل تطبيقاً أمثل لقضية السعودة وفقاً لما تمليه عليه المسؤولية الملقاة على عاتقه، ثارت ثائرة البعض (وليس الكل) من رجال الأعمال، ملعنين رفضهم ومقاومتهم لأيِّ إجراء أو سياسة تؤدي لإحلال العامل السعودي محل نظيره الأجنبي، كما وصل بالبعض منهم إلى الإفصاح بشعور الكراهية تجاه معاليه منذ تولِّيه دفّة وزارة العمل بعد أن كان معاليه وعلى امتداد ثلاثين عاماً يحظى بمشاعر الحب منهم قبل ذلك.
وأمام شعور الكراهية التي يحاول البعض من رجال الأعمال بثّها مؤخراً تجاه الدكتور القصيبي، أود أن أوضح جملة من الأمور منها:
- يكفي الدكتور القصيبي فخراً بأنّه طوال الثلاثين عاماً الماضية قد حظي بحب وتقدير كافة شرائح المجتمع بمن فيهم رجال الأعمال، وذلك على إنجازاته الوطنية المتعدِّدة، وأنّ شعور الكراهية لم يتغلغل مؤخراً سوى لفئة قليلة من رجال الأعمال، لا لشيء سوى لأنّ وطنية ومسؤولية غازي القصيبي تحتم عليه تطبيق إجراءات قد تمس العوائد الربحية لهم على المنظور القصير.
- إنّ الدكتور القصيبي لم يشرع بتطبيق إجراءات السعودة بشكل مفاجئ، وإنّما جاءت تحرُّكات معاليه بعد فشل ذريع للقطاع الخاص في الاستجابة لنداءات السعودة التي تضمّنها القرار (50) قبل أكثر من عشر سنوات، كما تأتي جهود القصيبي نظراً للمجاهرة في رفض مبدأ السعودة لدى الكثير من رجال الأعمال الذين تعج محلاتهم ومؤسساتهم بالآلاف من العمالة الأجنبية غير المتخصصة والرخيصة التكلفة، ودون أن يكون هناك أيّ نصيب لأبناء الوطن .. وعندما تحرّك القصيبي لتفعيل قضية السعودة لمصلحة الوطن وأبناء الوطن انطلاقاً مما تمليه عليه مسؤوليته، فإنّ معاليه لا يأبه بكراهية قلّة سيطرت عليها الأنانية وحب الذات وجعلت مصلحة الوطن وأهل الوطن آخر اهتماماتها.
- لقد فرضت وطنية القصيبي أن يتحمّل مسؤوليته وأن يتصدّى لبعض رجال الأعمال الذين بلغ بالبعض منهم إلى الحد الذي يقومون فيه بتسجيل أسماء مواطنين بشكل وهمي في سجلات المؤسسة تزويراً، وذلك تهرُّباً من تنفيذ قرار السعودة والرفع بتلك المعلومات المزوّرة للجهات المختصة، ولذا فلا غرابة أن يخالج تلك الفئة من رجال الأعمال بعض مشاعر الكراهية لمعاليه، ولسان حال القصيبي يقول:
(وإذا أتتك مذمتي من ناقص
فهي الشهادة لي بأني كامل).
- نظراً لمطالبة رجال الأعمال بالمرونة مع المؤسسات والشركات التي لا تستطيع أن تحقق نسب السعودة المطلوبة لأسباب معيّنة مثل عدم وجود سعوديين يشغلون هذه الوظائف لندرتها، لذا فقد استجاب الدكتور القصيبي لمطالبهم مضمناً نظام العمل الجديد صلاحية الوزير في منح التأشيرات لمعالجة تلك الأوضاع، فأيّ مرونة ينشدها بعض رجال الأعمال من القصيبي بعد ذلك، إلاّ إن كانت هذه الفئة من التجار يتطلّعون إلى وقوف القصيبي مع ما يعزِّز مصالحهم المادية على حساب المصالح الوطنية المتعدِّدة، وما لم يتم ذلك فإنّهم سيوجِّهون مشاعر وسهام كرههم لتوجُّه معاليه، ولكن بكلِّ تأكيد فإنّ معاليه لن يكترث لتلك المشاعر.
ختاماً، كلُّنا رجاء يا دكتورنا القصيبي بأن تولوا جلّ اهتمامكم لهذه القضية الهامة لمستقبل أجيالنا مهما تعدّدت العقبات التي تواجهكم، ومهما تعدّد الأشخاص الكارهون لتوجُّه معاليكم (وهم بالتأكيد قلّة)، فالفرق بين معاليكم وبين هؤلاء الأشخاص أنّ معاليكم يتعامل مع قضية السعودة من خلال كافة أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والأمنيّة على مستوى الوطن، فيما يتعامل معها الأشخاص الكارهون لتوجُّه معاليكم من خلال منظورهم المادي الضيِّق قصير الأجل، وإزاء هذا الحب وتلك الغيرة التي يحملها معاليكم لأهل هذا الوطن، فإنّنا نشيد بنجاحاتكم المتعدِّدة، ونؤكد بأنّنا أحببنا معاليكم ثلاثين عاماً وزاد هذا الحب في سنواته الأخيرة.
3 / 12 / 2005م          عدد 12119

لماذا نحب أبا متعب؟

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
ترتدي عاصمة مملكتنا هذه الأيام أبهى حللها، كيف لا وقد أتيح لأهلها الاحتفال بمقام خادم الحرمين الشريفين بمناسبة توليه مقاليد الحكم. وعندما يبتهج أهالي العاصمة بمليكهم فإنهم يقومون بذلك تقديراً منهم لهذا الملك، واعترافاً منهم بجهوده العظيمة لما قدمه ويقدمه لهذا الوطن المعطاء، إنهم يعبرون ببساطة عن حبهم العميق المسيطر على وجدانهم لهذا الملك الإنسان. نعم إن أهالي منطقة الرياض لينتظرون هذه المناسبة ليعبروا بصدق عن مشاعرهم الجياشة تجاه مليكهم الذي جعل هموم شعبه أمام عينيه وأضحت شغله الشاغل فتعامل معها بعاطفة الأبوة راعياً لها بإحساس ولي الأمر المخلص لشعبه ودينه.
وفي ظل هذا الحب العامر في القلوب لأبي متعب، لا يحق لنا أن نتساءل لماذا؟ نعم لماذا هذا الحب لهذا الملك الإنسان؟ لماذا هذا الحب لأبي متعب؟
يحب الناس أبا متعب لما يتمتع به من كريم الخصال، وأخص منها بساطته وتعامله الإنساني وتواضعه الجم مع كافة أبناء شعبه فلماذا لا يحبه هذا الشعب؟
يحب الناس أبا متعب لأنه عندما يلتقي بأبناء شعبه يغلب على اللقاء الطابع الودي البسيط الذي يختلف عن لقاءات قادة العالم كافة بشعوبهم التي يغلب عليها البروتوكولات الرسمية، فلماذا لا يحب هذا الشعب أبا متعب؟
ويحب الناس أبا متعب لمواقفه الوطنية الرائعة في مختلف القضايا فهو دائماً ما يقف أمامها كالجبل الأشم، فقائدنا عبدالله لا يقبل المساومة على ثوابتنا وتعاليم ديننا وعاداتنا وقيمنا، فلماذا لا نحب أبا متعب؟
ويحب الناس أبا متعب لحرصه الدائم - حفظه الله - على الوجود بين أبناء شعبه وخاصة الطبقات الشعبية منها، فهو لا يتردد عن زيارتهم في أماكنهم وأسواقهم ، فتجده يصافح الكبير ويداعب الصغير ويتحدث مع الباعة ويتذوق أطعمتهم ويناقش أرباب المهن والخدمات. إنه باختصار يعيش هموم شعبه، فلماذا لا يحبه هذا الشعب؟
ويكن الناس كل الحب لأبي متعب لأن من أهم أولوياته - حفظه الله - توفير كافة احتياجات مواطنيه من الخدمات الصحية والتعليمية وغيرها من الخدمات التنموية الأخرى، فلماذا لا يحبه هذا الشعب؟
وأخيراً - وليس آخراً - من الصعوبة بمكان استعراض جميع أسباب حب الناس لهذا الملك الإنسان، وهكذا هي عادة هذا الشعب الوفي، إنه تلاحم رائع بين القيادة والشعب، وحب دائم بين المواطن وولي الأمر. ولقد عودنا قادتنا بأن بعضهم يكمل بعضاً لتكتمل المسيرة وتعم النهضة ويستمر العطاء منذ عهد المؤسس - رحمه الله - وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - حفظه الله -.
ولا أنسى في هذه المناسبة الغالية أن نسجل كلمة تقدير وإنصاف في حق رجل الرياض الأول صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز والذي استطاع أن يجعل الرياض في مصاف المدن العالمية، فالشكر كل الشكر لسموه الكريم على إتاحته الفرصة لأهالي منطقة الرياض للتعبير عن الإجلال الذي في نفوسهم لهذا الملك الذي حن على شعبه وأحب رعيته وصدق في مسيرته، لهذا الملك الذي امتلك من حب المواطنين أحسنه ومن ودهم أعذبه ومن إجلالهم أطيبه ومن ثنائهم عليه أصدقه. وكل التقدير لسموه الكريم على إتاحته الفرصة لأهالي المنطقة للخروج في هذا اليوم الأغر ليقولوا للعالم أجمع إن شعب المملكة العربية السعودية متلاحم مع قيادته، وإننا نقف جميعاً سداً منيعاً ضد أوهام الطامعين، وحصناً حصيناً في مواجهة أفكار العابثين، وسيفاً مسلطاً ضد نوايا المنحرفين. فجزى الله أميرنا المحبوب خير الجزاء، وحفظ الله ولي أمرنا.. خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله وسمو ولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز من كل مكروه، وهنيئاً للرياض وأهل الرياض بهذا اليوم الأغر.
19 / 11 / 2005م   عدد 12105

أمانة العاصمة واستمرار التميُّز

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
يستطيع المتابع للعديد من الفعاليات التي احتضنتها عاصمتنا السعودية خلال أيام عيد الفطر المبارك، أن يلحظ ذلك التميُّز الذي كانت عليه تلك الفعاليات، فلقد تمكَّن رجال الأمانة، وكما هي عادتهم كلّ عام، من التفوُّق وباقتدار، في الإعداد والتنظيم لتلك الفعاليات، وما يؤكد ذلك التفوُّق لمنسوبي الأمانة، وفي مقدِّمتهم سمو أمين مدينة الرياض الدكتور عبدالعزيز بن محمد بن عياف آل مقرن، هو ذلك العمل المتواصل طوال أيام العيد مضحِّين بفرحة العيد مع ذويهم من أجل نشر تلك البهجة العيديه لأهالي وزوار العاصمة في كلِّ حيٍّ من أحياء الرياض.
لقد تميَّزت الأمانة في تنويع تلك الفعاليات الجميلة، فلم يكن هناك فنٌّ من الفنون إلاّ وكان له نصيب كالمسرحيات والسيرك والقرى الشعبية والألعاب النارية وعرض القوة .... الخ.
لقد تميَّزت الأمانة في إتاحة تلك الفعاليات في مختلف أحياء العاصمة، حيث تم تنظيم ستة وستين موقعاً احتفالياً.
لقد تميَّزت الأمانة بتحقيقها للعديد من المكتسبات الاقتصادية لمدينة الرياض من خلال تلك الفعاليات، حيث يلاحظ زيادة الحركة في المراكز التجارية، إضافة إلى زيادة تشغيل الفنادق والشقق المفروشة والاستراحات من قِبل زوار العاصمة.
كما تميَّزت الأمانة من خلال تلك الفعاليات، في تفعيل سبل التعاون مع الغرفة التجارية، وكذلك مع مختلف المؤسسات والشركات الخاصة، ويأتي هذا التوجُّه لأمانة مدينة الرياض تمشياً مع قرار مجلس الوزراء رقم 60 وتاريخ 1-4- 1418هـ والرامي إلى مشاركة القطاع الخاص في بناء التنمية السعودية في كافة محاورها، كما يأتي هذا التوجُّه أيضاً تنفيذاً لخطة التعاون الشاملة، التي سبق أن أفصح عنها سمو أمين مدينة الرياض، بين الأمانة والقطاع الخاص، وهذا يعكس البعد الاقتصادي الذي يتمتَّع به سمو الأمين.
لقد تميَّزت الأمانة بطرحها لتلك الفعاليات في استقطاب الكثير من السيّاح من مناطق مختلفة من المملكة، كما نجحت في إقناع الكثير من سكان العاصمة بالعدول عن السفر والبقاء في الرياض للاستمتاع بتلك الفعاليات. لقد تميَّزت الأمانة أيضاً في تفعيل الجانب الاجتماعي، حيث جاءت تلك الفعاليات جامعة لتشمل كلَّ أفراد الأُسرة إذ لوحظ مناسبة تلك الفعاليات لكافّة أفراد الأُسرة. لقد تميَّزت الأمانة في ضبط الجوانب الشرعية، حيث لوحظ استمتاع كافّة أفراد الأُسرة بتلك الفعاليات وفقاً للضوابط الشرعية من خلال تخصيصها أماكن للعوائل والنساء والرجال والشباب. لقد تميَّزت الأمانة في تفعيل الجوانب الوطنية والتاريخية، حيث حرص رجال الأمانة على استثمار المواقع التاريخية وتسخيرها لاحتضان تلك الفعاليات، كما نجحوا في تحويل تلك المواقع التاريخية إلى أماكن جذب سياحي من خلال تلك الفعاليات.
لقد تميَّزت الأمانة في استثمار طاقات الشباب وتنمية مواهبهم وإبراز قدراتهم من خلال المشاركة في تلك الفعاليات، كما نجحت في استغلال وقت الفراغ لدى هؤلاء الشباب بما يفيدهم ويفيد وطنهم. لقد تميَّزت الأمانة من خلال تلك الفعاليات في التخفيف من معاناتنا مما يدور حولنا من كوارث في العديد من الدول العربية والإسلامية.
لقد تميَّزت الأمانة بدعمها للحركة المسرحية السعودية (النائمة) من خلال احتضان تلك الفعاليات للعديد من المسرحيات الوطنية التي لاقت استحسان الجميع.
ولقد تميَّز رجال الأمانة بقدرتهم على الوفاء بوعدهم، فقد سبق أن وعد سمو أمين مدينة الرياض بأنّ فعاليات هذا العيد ستكون أكثر تميُّزاً من السنوات الماضية، وبالفعل وعد سموه وأوفى، حيث جاءت تلك الفعاليات أكثر مما توقَّعه الجميع.
وأخيراً، لقد جاء تميُّز الأمانة في تنظيمها لتلك الفعاليات كترجمة واضحة للاستراتيجية التي رسمها سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض وسمو نائبه الأمير سطام بن عبدالعزيز، لتصبح عاصمتنا السعودية ضمن مصاف المدن العالمية.
12 / 11 / 2005م              عدد 12098

دعم المرور واجب

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 لا يمكن لأحد أن ينكر تلك المجازر المرورية التي نشاهدها يومياً في مختلف المدن والمحافظات بالمملكة، ويكفي أن نشير إلى أن أعداد الضحايا المرورية سنوياً هي الأكثر على الإطلاق مقارنة بدول العالم كافة، بل يكفي أن نشير إلى أن أعداد ضحايا المرور في المملكة في عام واحد تزيد على مجموع ضحايا الانتفاضة الفلسطينية منذ بداياتها الأولى وحتى الآن، كما يكفي أن نشير إلى أن ثلث ميزانية وزارة الصحة المخصصة لتشغيل الأسرة بالمستشفيات مخصص لمصابي الحوادث المرورية، وبالتالي فإن علينا جمعياً أن نعترف بوجود مشكلة مرورية لدينا، فالاعتراف بأي مشكلة إنما يعد البداية الفعلية لحل تلك المشكلة.
وبالنظر إلى منطقة الرياض، نجد أنه قد تم تشكيل لجنة عليا للسلامة المرورية برئاسة سمو الأمير سطام بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة الرياض، كما تم وضع استراتيجية وطنية للسلامة المرورية احتضنتها الهيئة العليا لمدينة الرياض وبمشاركة عدد من الجهات ذات العلاقة، وحسب المعلومات المتوافرة، وحسب ما نسمعه ونقرؤه في هذا الخصوص، فإنه يتضح أن هناك جهوداً وخطوات تنفيذية ملموسة يقوم بها مرور مدينة الرياض بإشراف العقيد عبدالرحمن المقبل مدير مرور الرياض لوضع تلك الخطة المرورية عملاً للتنفيذ الفعلي، وقد أسهمت تلك الجهود في تحقيق نتائج مبشرة في خفض الحوادث المرورية والحد من ضحايا المرور.
وتعد مكافحة السرعة من أهم الجهود التي يقوم بها مرور الرياض في سبيل تنفيذ تلك الخطة، إذ يقوم مرور الرياض حالياً بتنفيذ ثماني عشرة حملة منظمة على الطرق السريعة بالعاصمة بهدف القضاء على السرعة فيها، وفي ظني أنه لا يمكن لمنصف أن ينكر التحسن الملحوظ في السلوك المروري عند الكثير من سائقي السيارات المرتادين لتلك الخطوط وأخص بالذكر منها طريق مكة، طريق الدائري، وطريق الملك عبدالله وغيرها.
الجدير بالذكر أن ما يقوم به مرور الرياض من جهود ملموسة في سبيل القضاء على السرعة الفائقة في مختلف طرقات العاصمة إنما يعد بمثابة البداية التجريبية لخطة تطبيق الأنظمة المرورية التي تعدها الهيئة العليا لمدينة الرياض بمشاركة واحدة من أكبر الشركات المتخصصة في السلامة المرورية في أوروبا، وما من شك أننا إذا أردنا أن نحقق النتائج المرجوة من تلك الجهود التي يقوم بها مرور الرياض في سبيل القضاء على السرعة القاتلة، فإنه يتحتم علينا جميعاً مسؤولين ومواطنين تقديم كل وسائل الدعم المادي والمعنوي التي يحتاج إليها هذا الجهاز، وأنا على يقين أن القيادات العليا في كل من وزارة الداخلية وكذلك في إمارة منطقة الرياض لن تتردد في تقديم مختلف أوجه الدعم لمرور الرياض حتى يستطيع إكمال المسيرة الناجحة في تنفيذ خطة تطبيق الأنظمة المرورية.
وختاماً فإنني أؤكد أنه إذا ما استمر ذلك الحماس الملحوظ لدى منسوبي جهاز مرور الرياض في سعيهم للقضاء على السرعة، فإن مستوى السلامة المرورية في مدينة الرياض سيشهد تحسناً ملحوظاً، لذا كان من الأهمية أن يحظى هذا الجهاز بدعم الجميع حتى يحقق النتائج التي نرجوها جميعاً، وبخاصة ما يتعلق منها بالحد من ضحايا الحوادث المرورية. قال تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا...} الآية.
للمعلومية
في عام 1424هـ بلغ عدد ضحايا الحوادث المرورية (478) ضحية، وبعد تطبيق الخطة الوطنية للسلامة المرورية من قبل مرور الرياض مع بداية عام 1425هـ، انخفض عدد ضحايا الحوادث المرورية بنسبة 10% خلال عام واحد ليصل إلى (430) ضحية بنهاية عام 1425هـ. وحسب المعلومات المتوافرة فإن هناك تحسناً ملحوظاً في خفض عدد الوفيات خلال العام الحالي 1426هـ. ولكي يستمر التحسن الملحوظ في خفض أعداد تلك الضحايا، فإن الدعم مطلوب لهذا الجهاز.
29 / 10 / 2005م             عدد   12084

قروض الصندوق ومكارم ولي الأمر

د محمد بن عبد العزيز الصالح
حث سعادة مدير عام صندوق التنمية العقارية جميع المقترضين من الصندوق الذين لديهم أقساط متأخرة بأن يستفيدوا من الموافقة السامية بمنح المقترضين المتأخرين عن السداد إعفاءً نسبته 10% في حال قيام المقترض بتسديد جميع المبالغ المتأخرة قبل 26-9-1426هـ والمبادرة بالسداد قبل انتهاء المهلة المحددة.
وما من شك أن هذا التوجيه لخادم الحرمين الشريفين غير مستغرب فقد عودنا - حفظه الله - على اتخاذ كل ما من شأنه الدعم والتيسير على أبنائه المواطنين، ويكفي أن أشير في هذا الخصوص إلى التوجيه الكريم بزيادة رأسمال الصندوق بمبلغ ثمانية عشر مليار ريال للعام المالي الحالي 1425-1426هـ والعام المالي القادم 1426-1427هـ حيث يتوقع أن يسهم هذا الدعم في بناء عشرات الآلاف من الوحدات السكنية للمواطنين.
ومن خلال هذه الزاوية وامتداداً للمكارم التي يحظى بها مواطنو هذا البلد من ولاة أمرهم، فإنني أقترح أن يتم توجيه القائمين على صندوق التنمية العقارية دراسة إمكانية خصم قسط واحد كل عشر سنوات وذلك لكل مقترض منتظم في دفع أقساطه للصندوق وفي ظني أن هناك العديد من الجوانب الإيجابية التي يمكن تحقيقها في حال تبني هذا المقترح منها:
1- دفع كل المقترضين إلى المواظبة على دفع الأقساط المستحقة عليهم للصندوق سنوياً دون تأخير.
2- دفع الكثير من المواطنين المقترضين والمتخلفين عن السداد باغتنام فرصة المهلة التي وجه بها ولي الأمر التي تنتهي في 26-9-1426هـ والحرص على سداد الأقساط المتأخرة للاستفادة من تلك المكرمة المقترحة.
3- إذا كانت المكرمة الملكية بزيادة رواتب موظفي الدولة بنسبة 15% التي وجه بها خادم الحرمين الشريفين قد اقتصرت على المواطنين العاملين في القطاع الحكومي الذين لا يتجاوز عددهم المليون مواطن أو ما نسبته 5% من إجمالي عدد المواطنين، فإن المكرمة المقترحة في هذه الزاوية ستشمل نسبة كبيرة من المواطنين.
4- إن انتظام المواطن بالسداد وسعياً للاستفادة من الإعفاء بقسط واحد كل عشر سنوات سوف ينعكس إيجاباً من خلال استفادة أكبر عدد ممكن من المواطنين من قروض البنك خاصة أن البنك يعتمد كثيراً في تمويله على المبالغ المسددة من قبل المواطنين.
22 / 10 / 2005م          عدد 12077

الشورى وتحديد ساعات العمل

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
منذ أن أصدر مجلس الوزراء قرار السعودة الشهير رقم (50) عام 1415هـ الذي يلزم المؤسسات والشركات بسعودة 5% من مجموع العمالة الأجنبية لديها سنوياً، ونحن ننادي وزارة العمل بتطبيق عددٍ من الآليات الضرورية واللازمة لنجاح ذلك القرار، ومن تلك الآليات تحديد ساعات العمل وتنظيم مواعيد فتح وإقفال المحلات التجارية بحيث لا تتجاوز ثماني ساعات، وكذلك تحديد حد أدنى لأجر العامل وأن يكون يوم الجمعة يوم عطلة إلزامياً بالنسبة للكثير (وليس الكل) من المتاجر والقطاعات الاقتصادية، وألا يتم تطبيق نسب السعودة على كافة القطاعات الاقتصادية بشكلٍ موحد بحيث يؤخذ في الاعتبار مدى توافر العمالة السعودية المؤهلة في كل قطاع على حدة، وأن تكون وزارة العمل حازمة في تطبيق قرارات السعودة (وعلى الجميع).
وحيث إن وزارة العمل وعلى امتداد عشر سنوات لم تحرك ساكناً في سبيل تطبيق تلك الآليات، وبدلاً من أن يكون نسب وأعداد العمالة الوطنية هي الغالبة في سوق العمل السعودي بعد مرور عقد زمني كامل على صدور ذلك القرار، نجد أن أعداد ونسب العمالة الأجنبية قد تزايدت وبشكلٍ ملحوظ في عام 1425هـ مقارنة بعام 1415هـ.
في مجلس الشورى، تقدم الدكتور عبدالعزيز العلي النعيم مقترحاً يقضي بتنظيم مواعيد العمل في المحلات التجارية بحيث ينتهي العمل في تلك المحلات عند الساعة التاسعة ليلاً، وفي ظني أن الدكتور النعيم عندما طرح هذا المقترح كان مدركاً بأن ملف السعودة وتوطين العمالة لا يمكن أن يحقق النجاح المطلوب ما لم يتم تنظيم عمل تلك المحلات، وكان مدركاً أن العامل السعودي له خصوصيته الأسرية والاجتماعية التي تختلف عن العمالة الأجنبية الأخرى في السوق.
وعلى الرغم من أن هذا المقترح سيدفع بعجلة السعودة للأمام وبالتالي تحقيق الكثير من المكتسبات الاقتصادية للوطن ومن أهمها الحد من هجرة الأموال للخارج البالغة ستين ملياراً من الريالات سنوياً، هذا بالإضافة إلى الحد من الآثار السلبية أمنياً واجتماعياً والناتجة من وجود حوالي ستة ملايين عامل في سوق العمل السعودي، إلا أنني قد تفاجأت كغيري من رفض اللجنة الاقتصادية لهذا المقترح، وحيث إن عدداً ليس بالقليل من أعضاء اللجنة الاقتصادية محسوبون ومنتمون للقطاع الخاص، فإنني أرجو ألا يكون لذلك تأثيره على توجه اللجنة في هذا الموضوع، ويكفي أن أشير إلى تواضع عددٍ من المبررات التي طرحتها اللجنة في رفضها لهذا المقترح حيث جاء من تلك المبررات أن الدول التي تلزم أصحاب المحلات التجارية بقفلها في ساعات مبكرة إنما تفعل ذلك لإفساح المجال أمامهم لارتياد دور السينما والمسارح ووسائل الترفيه الأخرى.. إلا أن مما يثلج الصدر أن (104) أعضاء من أعضاء المجلس لم يوافقوا على توصية اللجنة الاقتصادية في حين إن (35) عضواً فقط (غالبيتهم هم أعضاء اللجنة الاقتصادية) وافقوا على التوصية.
وحيث فوض أعضاء المجلس معالي رئيس المجلس بتأليف لجنة خاصة لدراسة نظام إقفال المحلات التجارية، فإنني أرجو من تلك اللجنة عند دراسة الموضوع أن تأخذ في الاعتبار ما يلي:
- ان غالبية دول العالم خصوصاً المتقدم منها تقفل أسواقها قبل الساعة الثامنة مساءً فيما عدا قليل جداً من المحلات.
- صعوبة تحقيق تقدم في موضوع السعودة ما لم يتم تحديد ساعات عمل محلات التجزئة التجارية التي يتركز فيها أكثر من 75% من مجموع العمالة الأجنبية في السوق السعودي.
- ان سوق العمل بالمملكة له خصوصيته، ويكفي أن نشير إلى أن العمالة الوطنية في السوق لا تشكل سوى نقطة في بحر من إجمالي العمالة الأجنبية في السوق، كما أن الجوانب الأسرية والاجتماعية للعامل السعودي تختلف عنها مقارنة بالعامل الأجنبي والذي تسمح له ظروفه بالتواجد في المحل طوال ساعات اليوم الأربع والعشرين.
- من الأهمية ألا تزيد ساعات العمل عن ثماني ساعات يومياً وهو ما حدده نظام العمل ويقترح أن يكون كالتالي:(9-12 صباحاً) (4- 9 مساء).
- دراسة إمكانية التفرقة بين طبيعة المحال التجارية وليس بالضرورة أن تقفل جميعها في ساعة معينة.
- ان تحديد وتنظيم ساعات العمل في المحلات التجارية سيحد من الهدر الاقتصادي الناتج عن فتح تلك المحلات طوال ساعات اليوم وحتى منتصف الليل دون وجود حاجة ماسة إلى ذلك في الكثير من المحال التجارية.
- إمكانية استثناء مكة المكرمة والمدينة المنورة من هذا التنظيم.
- يتركز أكثر من 75% من العمالة الأجنبية في محلات التجزئة وقد يستحيل سعودة العمالة في تلك المحلات ما لم يتم تحديد ساعات العمل فيها بثماني ساعات، حيث يصعب على أصحاب تلك المحلات توظيف أكثر من عامل سعودي.
مجرد تساؤل
أذهبُ لعملي قبل الساعة الثامنة صباحاً وأشاهدُ في طريقي العديد من محلات الأثاث والموكيت قد فُتحت، وأعود لمنزلي غالباً عند الساعة الحادية عشرة ليلاً فأجد تلك المحلات مفتوحة أيضاً، فما الذي يجعل مثل محلات الأثاث تفتح طوال ساعات اليوم تقريباً، وكيف سنجد عاملاً سعودياً وبراتب محدود يقبل العمل في ضوء تلك المعطيات.. مجرد تساؤل.
15 / 10 / 2005م            عدد 12070

عين النظافة


د. محمد بن عبد العزيز الصالح

نشرت صحيفة الجزيرة في عددها الصادر يوم أمس الأول الخميس 3 رمضان 1426هـ ان أمانة مدينة الرياض ستطلق حملتها التوعوية الخاصة بسكان مدينة الرياض وذلك قبل تطبيق الغرامات الجزائية ضد أصحاب السيارات والاشخاص الذين يقومون برمي النفايات في الشوارع والطرقات، حيث تنوي أمانة العاصمة بمشاركة البلديات الفرعية كافة في مدينة الرياض البدء في توزيع أكياس بلاستيكية تحتوي على منشورات تعريفية وتحذيرية عند الميادين العامة والتقاطعات الرئيسية.

ان هذا التوجه الإيجابي للأمانة لهو أمر غير مستغرب، فمنذ أن تولى سمو الأمير عبد العزيز بن محمد بن عياف آل مقرن دفة الأمانة ونظافة العاصمة تشهد تطوراً ملحوظاً، ويكفي ان نشير إلى أن سموه قد أسند نظافة العاصمة لخمس شركات بعد أن كانت حكراً على شركة واحدة، كما ينوي سموه زيادة عدد شركات النظافة إلى خمس عشرة شركة نظافة بدلاً من خمس شركات بحيث يصبح لكل بلدية فرعية في الرياض شركة نظافة واحدة.

إضافة لذلك فإنه وبناء على توجيهات سمو الأمين فإنه يوجد حالياً أكثر من أربعة آلاف عامل ترتكز مهمتهم فقط على التقاط المخلفات الملقاة على الشوارع الرئيسية والداخلية في مدينة الرياض، وبالتالي فإن توجيه سمو أمين مدينة الرياض باطلاق تلك الحملة التوعوية والتي اطلق عليها اسم (عين النظافة) إنما تأتي امتداداً لدور الأمانة الملحوظ في تطوير صناعة نظافة المدن.

في ظني أنه لا يوجد أسوأ من ذلك المشهد المتمثل بقيام الشخص برمي النفايات في الطريق، كما أنه مشهد لا يعكس الوجه الحضاري الذي بلغته مدننا السعودية وعلى الأخص مدينة الرياض بمتابعة مستمرة من قبل سمو أمير منطقة الرياض سلمان بن عبد العزيز، ولذا فإن الغرامة المالية المحدد فرضها على من يقوم برمي تلك النفايات والأوراق في الطرق إنما هي غرامة متواضعة أرجو ان تتم إعادة النظر فيها، فمن يقوم بمثل هذا التصرف الأرعن غير الحضاري لا بد من ردعه، وحجم الغرامة المالية المزمع فرضها على من يقوم بذلك غير رادع على الاطلاق.

 
8 / 10 / 2005م         عدد 12063

لمباني الحكومية المستأجرة: الاستنزاف غير المبرّر

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
على الرغم من التوجهات العامة للدولة الرامية إلى مشاركة القطاع الخاص في بناء التنمية السعودية، وعلى الرغم من صدور العديد من القرارات المؤكدة جدوى استخدام آلية البناء وتمويل وتشغيل المرافق الحكومية من قبل القطاع الخاص ومن ثم إعادة تمليك تلك المرافق للدولة بعد فترة زمنية معينة، وهو ما يسمى عقود ال BOT وعلى الرغم من الجدوى الاقتصادية لتطبيق آلية الإيجار المنتهي بالتمليك.
على الرغم من كل ذلك، إلا أننا لا نزال نشهد أن نسبة كبيرة من المباني والمرافق الحكومية في الوقت الحاضر لا تزال مستأجرة كالمدارس والمراكز الصحية ومقار هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفروع وزارة الشؤون الإسلامية وفروع الإدارات البلدية ومراكز الشرط وإدارات المرور ومراكز الهلال الأحمر، وكذلك الإدارات الفرعية لمختلف الأجهزة الحكومية في المناطق والمحافظات والممثليات السعودية في الخارج.. إلخ.
فهل يعقل أن أعداد المراكز الصحية المستأجرة يبلغ 1550 مركزاً أي ما نسبته 86% من مجموع المراكز الصحية البالغة 1805 وهل يعقل أن أعداد مدارس البنين المستأجرة يبلغ 4679 مدرسة أي ما نسبته 56% من مجموع مدارس البنين البالغ 8344 مدرسة وهل يعقل أن مدارس البنات المستأجرة يبلغ 6220 مدرسة أي ما نسبته 73% من مجموع مدارس البنات البالغ 8478 مدرسة، وهل يعقل أن أعداد مقار هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المستأجرة يبلغ 397 مقراً أي ما نسبته 84% من مجموع مقار هيئات الأمر بالمعروف البالغ 436 مقراً، وهل يعقل أن أعداد المباني المستأجرة من قبل الأمن العام تبلغ نحو 700 مبنى مستأجر وهي تمثل النسبة الغالبة لمباني الأمن العام، وهل.. وهل.. وهل..؟؟
وإضافة إلى أن غالبية تلك المرافق الحكومية المستأجرة تمثل هدراً اقتصادياً واستنزافاً كبيراً للموازنة العامة للدولة وذلك من خلال ما تنفقه أجهزة الدولة المختلفة سنوياً كمبالغ إيجارية، فإن كثيراً من تلك المرافق المستأجرة ليست مشيدة وفقاً للمواصفات الفنية والصحية المناسبة لاحتياج الجهات الحكومية، ويظهر بوضوح أن كثيراً من المدارس المستأجرة (بنين وبنات) غير مناسبة لتقديم العملية التعليمية السليمة فيها، كما أن نسبة كبيرة من المراكز الصحية المستأجرة هي في وضع متردّ، ومن غير المناسب أن يتم تقديم الخدمات الصحية للمرضى من خلالها، وهذا الواقع ينطبق على الكثير من المرافق الحكومية المستأجرة، وما من شك أن بناء تلك المرافق التعليمية والصحية وغيرها من المرافق الحكومية الأخرى من خلال آلية البناء والتشغيل ثم التمليك سوف يكون وفقاً للمواصفات المناسبة لتقديم الخدمات الحكومية.
ومتى يتم وقف الهدر المالي السنوي الذي يتم استنزافه من خلال استمرار استئجار النسبة الغالبة من المرافق الحكومية الصحية والتعليمية والبلدية وغيرها فإنه من الأهمية أن تبادر وزارة المالية بشكل عاجل إلى وضع خطة يمكن من خلالها إلزام كل أجهزة الدولة بوقف العقود الإيجارية للمنشآت والمباني الحكومية التي أنهكت الموازنة العامة للدولة والعمل على استبدالها بواسطة عقود الإنشاء والتشغيل والتمليك بالنسبة للمرافق الجديدة، والعقود الإيجارية المنتهية بالتملك بالنسبة للمباني القائمة.
صرخة
متى فكرنا جميعاً في مصلحة الوطن، ومتى قدمنا مصلحة هذا الوطن على تحقيق المصالح الشخصية غير المشروعة للبعض منا.. متى تحقق ذلك فإنا على يقين بأن استنزاف الخزانة العامة للدولة من جراء استمرار الاستئجار غير المبرر للكثير من المباني والمرافق الحكومية سينتهي.. وعندها فقط سنفكر جدياً في تطبيق آلية (الإنشاء والتشغيل والتمليك) وكذلك آلية الإيجار المنتهي بالتمليك.
1 / 10 / 2005م                عدد 12056

في مناسبتنا الوطنية

 
د. محمد بن عبد العزيز الصالح
عندما رفع الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - طيَّب الله ثراه - راية التوحيد مهلِّلاً ومعلناً توحيد المملكة عام 1351هـ، وأن المُلك في أرض الجزيرة العربية لن يكون إلا لله سبحانه وتعالى ثم لعبد العزيز، لم يكن أكثر الناس تفاؤلاً يظنُّ بالقدرة على تحقيق الإنجازات التنموية المتلاحقة التي حققتها المملكة منذ عهد الملك عبد العزيز حتى وقتنا الحاضر. وذلك ليس من قبيل التشاؤم، ولكن كل المعطيات التي صاحبت توحيد المملكة في بداياتها كانت توحي بذلك، فالجزيرة العربية في ذلك الوقت كانت تفتقد إلى كل المقومات الأساسية التي تقوم عليها عملية بناء التنمية، إضافة إلى أن إعلان توحيد المملكة قد جاء في أعقاب حربين عالميتين؛ مما جعل مرحلة التوحيد تنطلق في أجواء عالمية غير آمنة ولا مستقرة. وعلى الرغم من كل تلك المعطيات الصعبة فقد استطاع موحد هذه الجزيرة أن يضع مختلف الأساسيات اللازمة للشروع في تنمية حضارية سعودية.
وكما تفضل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز أثناء ترؤسه إحدى جلسات مجلس الوزراء عندما قال: إن اليوم الوطني هو مناسبة مواتية لأن نحاسب أنفسنا عما قدمنا لهذا الوطن خلال الفترة الماضية، وعما إذا كان بالإمكان تقديم أفضل مما تم تقديمه. وإذا كانت المملكة قد قطعت شوطاً في شتى المجالات فإنه لا يزال أمامنا شوط طويل يتطلب منا تكثيف كل الجهود المبذولة، فكل مواطن مطالب بأن يقف وقفة صادقة مع وطنه. وبالتالي فإن المصارحة بين المواطن والمسؤول مطلوبة في هذا الوقت بخاصةٍ أكثر من أي وقت مضى، وخصوصاً أن المسؤولين قد عوَّدونا على عدم التردد في التجاوب مع كل ما يرد من المواطنين من ملاحظات ونصح ما دام ذلك يصبُّ في مصلحة المواطن.
وبهذه المناسبة الغالية علينا جميعاً أحب أن أؤكد أنه من الأهمية ألاَّ يقتصر احتفالنا بهذه المناسبة على إقامة المهرجانات الوطنية، وإنما يجب أن ينطلق احتفالنا بهذه المناسبة من خلال مضاعفة وتكريس الجهود، وبالتالي فإن ما سيتم سنُّه ووضعه من سياسات اقتصادية يجب ألا يقتصر على تحقيق المكاسب الوقتية، وإنما يجب أن تنطلق تلك السياسات لتحقيق المكاسب ذات المنظور الأبعد.
إن مناسبة اليوم الوطني هي فرصة مواتية لنسأل أنفسنا عما أنجزنا خلال الفترة الماضية في سبيل بناء التنمية السعودية، فماذا تم حيال تطوير الكثير من الأنظمة الاقتصادية التي أكل عليها الدهر وشرب؟ وماذا أعددنا لنجعل البيئة الاستثمارية في المملكة أكثر ملاءمة لجذب المزيد من الأموال الأجنبية؟ وماذا عملنا لكي نحدَّ من الأضرار التي قد تلحق ببعض قطاعاتنا التنموية في حال الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية بدلاً من الأجنبية؟ وماذا تم بخصوص تطوير المناهج التعليمية لتكون أكثر توافقاً مع متطلبات واحتياجات سوق العمل؟ وماذا.. وماذا.. وماذا؟ استفسارات كثيرة تحتاج إلى وقفة ومراجعة مع النفس من الجميع.
وأخيراً، لا نملك سوى الدعاء بالرحمة والغفران لجلالة المغفور له بإذن الله الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن طيَّب الله ثراه. وأشدُّ على يد كل مواطن بأن يتخذ من التجارب التي مرَّ بها موحِّد هذه الجزيرة التي استطاع من خلالها أن يؤسِّس بنيان هذه الدولة عبرةً له.
 
24 / 9 / 2005م          عدد 12049

القاتل الرئيسي في الحوادث المرورية

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
في الوقت الذي تتضاعف فيه الجهود من قِبَل الإدارات المرورية للحد من تزايد حوادث السير، وفي الوقت الذي كنا نعتقد فيه زيادة الوعي المروري مما يفترض أن ينعكس معه وقف أو (الحد من) نزيف الأرواح البريئة التي تزهق يوميا بسبب تلك الحوادث، إلا أننا تفاجأنا جميعا بما صرح به الدكتور علي الغامدي رئيس اللجنة الوطنية لسلامة المرور عندما أشار إلى أن حصيلة الوفيات المرورية في العام الماضي 1425هـ قد سجلت رقما قياسيا حيث بلغ عدد الوفيات 5179 حالة وفاة، وذلك بزيادة بلغت 21% عن العام السابق له، موضحا أن أرقام القتلى المسجلة رسميا لا يشمل من يموت أثناء العلاج في المستقبل، ومؤكدا سعادته أن تلك الأرقام تعد سوابق خطيرة في تاريخ الحركة المرورية بالمملكة.
كما أشار إلى أن عدد المصابين بسبب الحوادث المرورية قد سجل رقما قياسيا أيضا، حيث بلغت تلك الإصابات خمسة وثلاثين ألفاً بزيادة قدرها 14% عن العام السابق.
إنني أتساءل: ما هو السبب الحقيقي الذي جعل أعداد الحوادث المرورية في تزايد إذا كانت جهود الإدارات المرورية قد تضاعفت للحد من أعداد تلك الحوادث؟ وما السبب في بلوغ أعداد المصابين والوفيات بسبب الحوادث المرورية لأرقام قياسية في الوقت الذي نلحظ فيه تحسن الوعي المروري عما كان عليه في السابق؟ الإجابة بكل بساطة هي استخدام الجوال أثناء قيادة السيارة. نعم لقد فقدنا الكثير من الأرواح البريئة بسبب استهتار البعض منا وانشغاله بهاتفه الجوال أثناء قيادته لسيارته. فهذا السائق يجري اتصالا هاتفيا والسائق الآخر منشغلا بقراءة رسالة هاتفية، وسائق آخر لا يجد الوقت لإعادة برمجة هاتفه أو تخزين أرقام جديدة إلا أثناء قيادته للسيارة، فماذا عن النتيجة؟ النتيجة أننا حققنا أرقاما قياسية في أعداد المصابين وقتلى الحوادث المرورية.
الجدير بالذكر أن العقيد عبدالرحمن المقبل مدير مرور منطقة الرياض قد اعتبر استخدام الهاتف الجوال سببا رئيسيا في الكثير من الحوادث المرورية المميتة التي وقعت بالعاصمة، مؤكدا أن ما نسبته 50% من الحوادث المرورية المميتة ترجع إلى استخدام الهاتف الجوال أثناء القيادة.
إضافة لذلك فإن دراسات مرورية قد أكدت أن استخدام الهاتف الجوال أثناء القيادة يضاعف نسبة وقوع الحادث بنسبة 400%.
ولا بد من الإشارة إلى أن غالبية دول العالم خاصة دول العالم المتقدم تفرض غرامات مالية كبيرة على كل من يستخدم هاتفه النقال أثناء قيادة السيارة، وإذا كان المسؤولون في الإدارة العامة للمرور لدينا يؤكدون أن مخالفة استخدام الهاتف الجوال أثناء القيادة ستكون من ضمن المخالفات المرورية في النظام الجديد للمرور، فإننا نتأمل أن تكون تلك المخالفة رادعة وأن تكون الغرامة المالية عالية بحيث تقضي على تلك العادة الممقوتة التي أسهمت في زيادة إزهاق الأرواح البريئة بسبب الحوادث المرورية.
17 / 9 / 2005م       عدد 12042
د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 عمت الفرحة أرجاء الوطن في أعقاب المكرمة الملكية من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بزيادة رواتب موظفي الدولة 15%، حيث ستؤدي تلك الزيادة إلى رفع المستوى المعيشي لهم، إلاّ أنّ تلك الفرحة لعدد منهم قد تبدّدت أمام جشع فئة من التجار يسيطر عليها طابع الأنانية وحب الذات، حيث لم تتردد تلك الفئة من فرض زيادة على أسعار السلع والخدمات التي يسوقونها للمواطنين وبنسب تفوق النسبة التي طرأت على رواتب موظفي الدولة.
ما من شك أنّ التصدي لتلك المكرمة الملكية من قِبل تلك الفئة من التجار بهذا الموقف السلبي، وقتل فرحة المواطنين بتلك الزيادة، إنّما هو تصرُّف أرعن بعيد عن الوطنية، كما أنّه يتضمّن في طياته نكران الجميل لهذا الوطن وأهله. فعلى الرغم من توجيهات سمو وزير الداخلية لأمراء المناطق بالمتابعة الدقيقة للأسعار لضمان استقرارها وعدم زيادتها، وعلى الرغم من توجيه وزارة التجارة لكافة موظفيها ومكاتبها المنتشرة في مدن ومحافظات المملكة برصد أي متغيرات في مستويات الأسعار، أقول على الرغم من كلِّ ذلك إلاّ أنّه وللأسف نجد أنّ بعض التجار وبتجرُّد من أي وطنية لم يترددوا من زيادة الأسعار في أعقاب الإعلان عن المكرمة الملكية لزيادة رواتب الموظفين. ومن السلع التي شهدت ارتفاعاً في أسعارها (وفقاً لما نشرته عدد من الصحف) كلٌّ من الغاز والاسمنت والأعلاف وغيرها من السلع التموينية الأخرى، ويكفي أن نشير في ذلك إلى أنّ الرقم المجاني الذي تم تخصيصه من قِبل وزارة التجارة لاستقبال شكاوى المواطنين قد استقبل أكثر من ألف شكوى في هذا الخصوص في يوم واحد (الشرق الأوسط ، الجمعة 26-8-2005م).
وإذا كانت وزارة التجارة قد أفصحت خلال الأيام الماضية بأنّها عازمة على فرض عقوبات رادعة ستطبّق بحق هؤلاء التجار، فإنّني وبكل صراحة قد لا أكون متفائلاً بما ستقرره الوزارة من عقوبات في هذا الخصوص، ويرجع سبب تشاؤمي إلى أنّه لم يعهد عن وزارة التجارة تطبيق أي عقوبات قاسية أو كفيلة بردع مثل هؤلاء التجار عن تلك الممارسات، ويكفي أن نشير إلى انتشار الكثير من السلع المغشوشة والمقلّدة والمنتهية الصلاحية في أسواقنا طوال السنوات الماضية دون أن يكون موقف حازم من قِبل وزارة التجارة تجاه ذلك. ولذا فالوزارة مدعوّة إلى فرض عقوبات قاسية تجاه التجار المخالفين والتشهير بهم وإغلاق محالهم التجارية دون الاقتصار على فرض عقوبات مالية محدودة لا يتجاوز مقدارها نسبة بسيطة مما حققه التاجر من تلك التجاوزات.
ختاماً، إنّ حديثي عن التجار هنا ليس على سبيل التعميم، وبكلِّ تأكيد فإنّ التجار الذين يسلكون تلك الممارسات هم قلة والحمد لله، بل إنّ هناك نماذج مشرفة من التجار نفتخر بوجودها في مجتمعنا ونعتز بوطنيتها وغيرتها على هذا الوطن وأهله. فالشيخ عبدالله بن صالح العثيم الرئيس التنفيذي لشركة العثيم التجارية جسَّد أروع صور المواطنة الحقة، فبالإضافة إلى قيامه بزيادة رواتب الموظفين العاملين بشركاته بنسبة 15% تجاوباً مع مكرمة خادم الحرمين الشريفين، تجد أنّه أيضاً لم يتردد في تخفيض يبلغ 15% على جميع أسعار الأدوات المدرسية وبعض السلع والأصناف الغذائية والاستهلاكية التي تسوقها شركة العثيم. هذه البادرة من الشيخ عبدالله العثيم ما هي إلاّ امتداد لسلسلة عطاءاته الوطنية المتعددة، فما أحوجنا إلى أن يتتلمذ بعض التجار في مدرسة عبدالله العثيم الوطنية.
10 / 9 / 2005م          عدد 12035

تجميل الثدي

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
تطالعنا مختلف صحفنا المحلية وباستمرار بنشر إعلانات لمستشفيات خاصة تستقدم أطباء أجانب متخصصين في عمليات التجميل.
وعندما نتحدث عن عمليات التجميل، فإننا نجد شيئا من العذر لمن يقدم عليها لتجميل أجزاء معينة من الجسم تعرضت لحوادث حريق مثلاً أدت إلى تشويهها، كما قد نجد شيئا من العذر لمن يكون لديه عيوب خلقية منذ ولادته.
أما أن يقدم البعض منا (رجالاً أو نساءً) على مثل تلك العمليات التجميلية لمجرد تحقيق شيء من الرفاهية والنعومة، فهذا غير مقبول على الإطلاق، فلا يجوز شرعاً أن يقدم الشخص منا على إجراء تعديل في خلق الله لمجرد الرغبة في الظهور بشكل أجمل وأكثر جاذبية.
وإن ما يؤسف له انتشار الاعلانات في مختلف وسائل الإعلام لدينا عن تلك العمليات التجميلية التي تقدمها المستشفيات الخاصة التي لا يحتاجها الإنسان العادي، ومن تلك العمليات شد الوجه، تجميل الأنف، وأيضاً عملية تجميل صوان الأذن، واندفاعاً مع هذا التيار أصبحنا نجد تلك الإعلانات تتضمن أيضاً إجراء عمليات لتجميل الشفاه وعمليات لتجميل الثدي التي بدأ في الانتشار بين أوساط النساء.
إنني أتعجب كيف تقدم بعض الفتيات والنساء المسلمات على إجراء مثل تلك العمليات التجميلية، وهي تعلم أن في ذلك مساس بخلق الله!!!، ثم نحن نعلم ان هناك الكثير من النساء المسلمات يمانعن أن يقوم الطبيب الرجل بإجراء بعض العمليات الضرورية لهن كالولادة وغيرها، ويبذلن ما في وسعهن لكي يجدن طبيبات من النساء ليقمن بذلك، فكيف تجرؤ بعض الفتيات على كشف معظم أجزاء جسدها أمام شخص غريب ليجري لها عملية (تجميل الثدي) لا لشيء سوى من أجل أن يكون صدرها أكثر جاذبية، أو من أجل أن يكون صدرها مشابها لإحدى الفنانات أو الممثلات.
ما من شك أن هناك جملة من الضوابط التي يجب توافرها لكي تقوم المرأة المسلمة بكشف جسدها أمام الطبيب الأجنبي، ومن تلك الضوابط الحاجة والضرورة القصوى لإجراء تلك العملية، وكذلك عدم وجود طبيبة امرأة تجري تلك العملية، وبكل تأكيد فإن تلك الضوابط لاتتوافر في عمليات (تجميل الثدي) مما يعني عدم الجواز الشرعي لإجراء تلك العملية.
وإن مما يحز في النفس أن البعض في المستشفيات الحكومية وفي ظروف معينة تقوم بإجراء تلك العمليات التجميلية أو الكمالية، وأعتقد أنه إذا كانت مستشفياتنا الحكومية لديها أموال فائضة فمن الأولى أن يتم تسخير تلك الأموال في توفير الاحتياجات الأساسية لها دون إضاعتها في عمليات تجميلية يكفي أنها تغضب رب العزة والجلال.
رسائل عاجلة
1- لمعالي وزير الصحة الدكتور حمد المانع لقد أصدر معاليكم قبل عدة أشهر قراراً يقضي بأن تكون الملابس التي يرتديها المرضى في غرف العمليات محتشمة بحيث يتم تصميمها بطريقة لا تكشف عورة المريض، وقد قصد معاليكم من ذلك المحافظة على عورات الناس فجزاكم الله خير الجزاء، كما نناشد معاليكم بوضع الضوابط الكفيلة لتلك العمليات التجميلية، وكذلك وضع ضوابط للاعلان عنها.
2- لأخواتي الفتيات اللواتي يفكرن في الإقدام على إجراء مثل تلك العملية التجميلية لتحمدن الله على الصحة والعافية، ولتعلمن أن إجراء أي عملية تجميلية لها مخاطرها من حيث التخدير والبنج وغيره (هناك عدد من النساء اللواتي فقدن حياتهن بسبب ذلك)، فلماذا إذاً تعرضن أنفسكن لمثل تلك المخاطر الصحية؟ ولماذا تعرضن أنفسكن إلى المحظور الشرعي سواء من خلال كشف أجسادكن أمام الطبيب الأجنبي دون مبرر لذلك، أو من خلال الاعتراض على خلق الله من خلال المساس والتعديل في أجسادكن؟.
3 /  9 / 2005م                  عدد 12028

توطين التقنية والحاجة لمجلس يتولى رعايتها

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
تعد عملية نقل التقنية الحديثة التي تزخر بها دول العالم الصناعي والاستفادة منها بما يخدم تنميتنا الاقتصادية إحدى أكثر العمليات تعقيداً، مما يعني حاجتنا الماسة إلى وجود استراتيجيات محددة وواضحة المعالم على المدى القصير والطويل على حدٍ سواء، مع أهمية مراعاة تلك الاستراتيجيات لكافة الظروف الدينية والبيئية والعادات والتقاليد المحيطة بمجتمعنا.
وعند الحديث عن عملية نقل التقنية، فإنه من الأهمية أن يتم التمييز بين عملية نقل تقنية رأس المال (Know How) وتشمل نقل الأجهزة والمعدات وغيرها من الاختراعات الحديثة وبين عملية نقل تقنية العمل أو ما تسمى بعملية توطين التقنية (Know Why) والتي تتم من خلال التوسع في تدريب وتعليم العمالة الفنية الوطنية بهدف تأهيلهم من أجل القدرة على التعامل مع تقنية رأس المال وتطويرها.
ان تحقيق الفائدة المرجوة من عملية نقل تقنية رأس المال لا يمكن أن تتم دون أن يكون هناك تركيز على عملية توطين التقنية أو ما تسمى بعملية نقل تقنية العمل. وبمعنى أدق فإن تحقيق الفائدة من عملية نقل التقنية سيكون مقتصراً على قدرتنا على إقناع الدول أو الشركات المصدرة لتلك التقنية بأن تضع برامج يمكن من خلالها تدريب وتأهيل الشباب السعودي على التعايش مع تلك التقنية إضافة إلى تهيئتهم وزرع روح الابتكار لديهم من أجل التمكن من تأسيس تقنية متقدمة محلية تغنينا مستقبلاً عن الحاجة للدول المصدرة لها.
وان تحقيق ذلك يتطلب منا إعادة النظر في بعض السياسات التعليمية المتبعة وتطوير المناهج وربطها بمتطلبات التنمية إضافة إلى دعم كافة أوجه البحث العلمي.
وفي ذلك نجد أن الدول لا تتردد في تخصيص الموازنات الضخمة في سبيل دعم الأبحاث العلمية في مختلف المجالات التقنية، كما أن ذلك يتطلب منا إعادة النظر في كافة البرامج التدريبية والتعليمية والتربوية التي تعمل على تنمية القدرات والطاقات التي يتمتع بها شباب هذا الوطن، من أجل هذا كله كان لزاماً علينا أن نتعامل مع عمليات نقل التقنية من خلال منظور تعليمي واقتصادي في نفس الوقت.
كما أنه من الأهمية ألا يقتصر تركيز الجهات الحكومية والخاصة لدينا والمعنية بمتابعة ورقابة عمليات نقل التقنية على الاستفادة من تجارب الدول الأخرى في مجال نقل التقنية فحسب، وإنما يجب أن يتجاوز ذلك ليشمل الاستفادة من تجارب تلك الدول ونجاحها في مجال توطين تلك التقنية أيضاً.
ونحن في مستهل القرن الواحد والعشرين وفي الوقت الذي نجد فيه أن الكثير من الدول لا يقتصر اهتمامها على نقل ما لدى الآخرين من تقنية حديثة فحسب وإنما يتجاوز ذلك إلى بذل كافة الجهود وسن السياسات والأنظمة الكفيلة بتوطين تلك التقنية، نجد أننا في هذا الوطن الغالي لا نزال نركّز جهودنا على نقل التقنية دون بذل الجهود الكافية لتوطين تلك التقنية.
وفي ظني أنه من الأهمية أن يتم تشكيل لجنة تتولى دراسة وبحث إمكانية إنشاء (هيئة عليا للتقنية) أو (مجلس أعلى للتقنية) يدخل في عضويته كافة الأجهزة الحكومية والأهلية ذات العلاقة مثل وزارة الدفاع والطيران، وزارة التعليم العالي، وزارة التجارة والصناعة، وزارة المالية، وزارة التخطيط والاقتصاد، مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتكنولوجيا وأيضاً مجلس الغرف التجارية. وقد تتفقون معي بأن قطاع نقل وتوطين التقنية له أهمية تعادل ان لم تكن تفوق أهمية بعض القطاعات الأخرى التي تم تشكيل مجالس أو هيئات عليا تتولى رعايتها.
27 / 8 / 2005م        عدد 12021
 

عدم القبول بالجامعة ليس نهاية المطاف

د محمد بن عبد العزيز الصالح
ما إن يحين آخر العام الدراسي مروراً بالإجازة الصيفية من كل عام إلا ويتجدد هم القبول في الجامعات، وهو همّ بلا شك يقلق المجتمع وبخاصة الآباء والأمهات وطلبة وطالبات الشهادة الثانوية بالذات، إلا أن الجامعات وأمام الإقبال الشديد عليها قد لا تتمكن من استيعاب كافة الأعداد الكبيرة من الطلاب والطالبات الأمر الذي قد يصيب بعض ولاة أمر الطلاب بالإحباط لعدم تمكن أبنائهم من دخول الجامعة.
من الأهمية الإشارة إلى أن معطيات الوقت الحاضر قد اختلفت عنها في الماضي.. في السابق، كان جميع خريجي المؤسسات التعليمية من جامعات وغيرها تستوعبهم الأجهزة الحكومية، بل إن الخريج يجد أمامه عدداً من الخيارات الوظيفية في القطاع الحكومي، وبالتالي فإن الحصول على عمل بعد التخرج لم يكن مشكلة يعاني منها الخريج، لذلك فإن الحصول على الشهادة الجامعية في أي تخصص لم يكن ذا أهمية، أما اليوم فقد اختلف الوضع بسبب تقلص فرص التوظيف في القطاع الحكومي، هذا الأمر أجبر خريج الجامعة أن يتجه إلى القطاع الخاص للبحث عن فرصة عمل، ومن المعلوم أن القطاع الخاص وبخاصة قطاع الشركات الكبيرة والمصانع لا يمكن أن يقبل أي خريج بمجرد حصوله على الشهادة الجامعية في أي تخصص وذلك لأن هذه الشركات تتطلب أعمالها تخصصات معينة، كما أن العمل فيها يتطلب من الخريج أن يكون على درجة من المعرفة والإتقان في تلك التخصصات.
وإن كان من كلمة أوجهها لإخواني خريجي الثانوية العامة وهي أن عدم حصول أي منكم على معدل عال في الثانوية العامة لا يعني نهاية المطاف لأنه ليس بالضرورة أنكم ستحصلون جميعاً على معدلات عالية تؤهلكم لدخول الجامعة، وعند التحاق أي منكم بالجامعة، فإن عليه أن يسأل نفسه عن ماذا سيستفيد من التخصص الجامعي الذي سيلتحق به، وماذا سيستفيد من المؤهل الذي سيحصل عليه بعد الجهد والعناء، وما فائدة شهادة جامعية لا تساعدنا في الحصول على فرصة عمل نؤمِّن بها مستقبلنا، إن على كل واحد منا لا يتمكن من الحصول على معدلات عالية في اختبارات الشهادة الثانوية أن يفكر جيداً في البدائل عن الشهادة الجامعية، وبعض تلك البدائل أتاحتها الجامعات نفسها، وجعلتها تحت مظلتها.
ومن هذه البدائل كليات المجتمع، وهي مؤسسات للتعليم فوق المستوى الثانوي، وهي كليات تهيئ خريجيها للدخول إلى سوق العمل بعد قضائهم سنتين دراسيتين يتلقى الطالب خلالهما كمية من المعارف النظرية والتطبيقية المكثفة بحيث تعد الخريج للحياة الوظيفية الفنية والتقنية المنتجة، ووفقاً لهذا النمط من التعليم فإنه يوجد في المملكة (17) كلية موزعة في مناطق المملكة وكل كلية تشرف عليها جامعة من الجامعات، ويوجد في هذه الكليات أكثر من (66) تخصصاً يحتاجها سوق العمل، والتعليم في هذا الكليات مجانياً، كما أن الملتحق بهذه الكليات يستطيع إن رغب مواصلة دراسته الجامعية عند نجاحه في تلك الكلية مع احتساب كافة الساعات التي اجتازها فيها، كما أنها تتميز بالمرونة من حيث إجراءات القبول حيث إنها تقبل خريجي الثانوية العامة ممن هم حاصلون على (70%) وأحياناً أقل من ذلك.
هناك أيضاً دبلومات تقدمها الجامعات مدتها سنة أو سنتان وهي متاحة لخريجي الثانوية العامة وبخاصة لمن لم تتح لهم فرصة القبول في الجامعة، كما أن الشهادة التي تمنح للملتحقين بهذه البرامج معترف بها من قِبل الجهات المسؤولة عن التوظيف ويقدم أكثر من (80) برنامجاً سنوياً، وجميع التخصصات التي تقدم في هذه البرامج تخصصات حيوية يحتاجها سوق العمل، ولا يشترط نسبة معينة في الثانوية العامة للالتحاق بتلك الدبلومات، إضافة لتلك البدائل فإنه يمكن للطالب (أو الطالبة) أيضاً أن يلتحق بإحدى الكليات التقنية أو الكليات الصحية أو كليات المعلمين أو كليات البنات أو المعاهد الصحية أو المعاهد الفنية المتخصصة... إلخ... وهي بدائل تقبل خريجي الثانويات العامة ممن لم يتمكنوا من تحقيق معدلات ونسب عالية.. كما أنها تهيئ خريجيها للحصول على فرص عمل مناسبة في القطاعين العام والأهلي على حد سواء، وبالتالي فإنه ولوجود جميع هذه الفرص متاحة أمامكم، فلماذا الإصرار على الجامعة والالتحاق بأي تخصص، إن المنطق والعقل وتأمين المستقبل لكم أيها الشباب يحتم عليكم اختيار التخصص المناسب الذي يساعدكم في الحصول على فرصة عمل وبالتالي فإن عليكم التفكير جيداً في مرحلة ما بعد الدراسة.
-*-*-*-*-
أولياء أمور الطلبة:
إن المعطيات التنموية للمملكة قد اختلفت، والنمو السكاني قد تضاعف، والرغبات في دخول الجامعات قد تضاعفت عشرات المرات، لذلك فإن عليكم جميعاً واجب التوجيه المناسب لأبنائكم وبناتكم من الطلاب والطالبات وبخاصة ما يتعلق بمواصلة الدراسة بعد المرحلة الثانوية حيث إن من المهم جداً اختيار نوعية التخصص، والمؤهل الذي سيتم الحصول عليه، وليس مجرد القبول في الجامعة في أي تخصص.
راجياً لجميع أبنائنا وبناتنا التوفيق والنجاح.
 
20 / 8 / 2005م              عدد 12014