ترجمة

مدرسة تعليم السواقة ويا قلب لا تحزن

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
أثناء تمتع أحد أقربائي بإجازته في إمارة دبي، قام بالاتصال بمدرسة تعليم السواقة هناك رغبة منه بتعليم ابنه فن أصول السواقة خاصة وان ابنه لم يبلغ سن الثامنة عشرة بعد، فما كان من المسؤولين عن المدرسة إلا أن اعتذروا بحجة عدم بلوغه السن القانونية لقيادة السيارة (18 سنة)، كما انه لا يمكن إلحاق ابنه بالمدرسة طالما انه لم يحضر خطاب موافقة بذلك من إدارة مرور دبي، كما افهموه بأن هناك دورة مكثفة إلزامية على الجميع (إماراتيين وأجانب) مدتها أربعة أسابيع ويمكن أن تمتد لأكثر من ذلك عند الحاجة، يتم فيها تعليم كافة أصول السواقة، وعندما طلب قريبي من المسؤول عن المدرسة أن يلحق ابنه (اقل من 18) سنة تلك الدورة بصفة استثنائية، تضجر ذلك المسؤول من هذا الطلب، مؤكداً على أن إقدامه على مثل ذلك سيؤدي لإغلاق المدرسة من قبل الجهات المعنية بإمارة دبي. الأمر الآخر اللافت في مدرسة تعليم السواقة هناك أن من يتولى تعليم أصول القيادة في تلك المدرسة هم من الكفاءات المتخصصة في تعليم أصول السواقة من أبناء الإمارات والذين بالتأكيد سيكونون احرص من غيرهم على كفاءة والمام السائق بأصول القيادة قبل إعطائه الشهادة، وبالتالي لم يتمكن قريبي من إلحاق ابنه بمدرسة تعليم السواقة في إمارة دبي بحجة صغر سنه، وهذا هو المفترض. وعند عودة قريبي لأرض الوطن ذهب بابنه لمدرسة تعليم السواقة (دلة) بشمال الرياض، وقد فوجئ بداية بعدم بوجود معلمين ومدربين سعوديين (على الرغم من أهمية وجودهم) في تلك المدرسة، وقد تم أخبار قريبي من قبل العاملين بمدرسة دلة بأن الدورة غير إلزامية ويمكن أن يمنح شهادة تعليم السواقة متى اجتاز الاختبار المحدد للسواقة بغض النظر عن مدى إلمامه بكافة أصول وفن السواقة.
الغريب أيضا انه لم يكن هناك أي سعودي يتعلم أصول القيادة في مدرسة دلة باستثناء قريبي حيث كان الموجودون من بعض العمالة الأجنبية فقط.!! الطامة الكبرى انه وأثناء حديث قريبي مع أحد الضباط العاملين في شعبة رخصة المرور سأل الضابط قريبي عن السبب في إحضار ابنه لمدرسة تعليم السواقة، ومسدياً النصح له بالاكتفاء بتعليم ابنه في شوارع الحي، موضحاً بأن هذه المدرسة قد وضعت في الغالب للعمالة الأجنبية التي ترغب في الحصول على رخصة قيادة في المملكة.. فما كان من قريبي إلا أن استغرب من رأي الضابط ومنطقه.
وبمقارنة الوضع بين مدرستي تعليم السواقة في كل من إمارة دبي ومدينة الرياض تبادر إلى الذهن عدة تساؤلات منها:
- متى سيكون لدينا تطبيق صارم بمنع من يقل عمره عن (18 سنة) عن السواقة وعدم السماح له بذلك مهما كانت الأسباب.
- متى سيكون هناك دورة مكثفة عن تعليم أصول وفن القيادة بحيث تكون إلزامية على كل من ستمنح له رخصة سواقة سعودياً كان أم أجنبياً، بحيث لا يتم منح رخصة السواقة لأي شخص ما لم يجتز تلك الدورة.
- متى ستقوم الإدارات المرورية بالعمل على غرس الثقافة المرورية في كل من تمنح له رخصة سواقة ومتى سيتمكن من القضاء على الجهل الفاحش بأصول السلامة المرورية الذي نتج عنه أن أصبحت المملكة في طليعة الدول التي تحصد فيها الأرواح البريئة بسبب الحوادث المرورية، فالكل يدرك ضخامة أعداد الوفيات والإصابات لدينا بسبب الحوادث المرورية، وما سبب ذلك في ظني إلا جهل الكثير منّا التام بأصول السواقة واضمحلال ثقافتنا المرورية، وما من شك أن سبب ذلك يعود إلى استهتارنا وعدم مبالاتنا ليس فقط كمواطنين وسائقين، وانما كعاملين ومسؤولين في الإدارات المرورية التي لم تحرك ساكناً من اجل تطوير الأوضاع المخجلة لمدارس تعليم السواقة لدينا.
28 / 8 / 2004م           عدد  11657

مدينة الرياض وظلم ذوي القربى

د محمد بن عبد العزيز الصالح
خلال تصفحي لجريدة (الشرق الأوسط) يوم السبت 21-6-1425هـ على موقع الصحيفة في الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) لفت انتباهي عنوان غليظ قاسٍ علينا كسعوديين وعلى عاصمتنا الحبيبة (الرياض)؛ حيث جاء ذلك العنوان كالتالي: (ارتفاع الحرارة في الرياض يتسبب في زيادة مشادات السائقين ويحول الليل إلى نهار هرباً من السخونة). وقد بالغ كاتب هذا الموضوع في الإساءة والتنفير من مدينة الرياض؛ حيث ذكر: (.. بأن الارتفاع القاسي لدرجات الحرارة في مدينة الرياض قد أثر في نفسيات قائدي المركبات الذين واجهوا صعوبة في قيادة مركباتهم في بعض شوارع المدينة، كما ساهم ذلك في تعطُّل البعض منها..). ويواصل الكاتب إساءته للبنية التحتية لمدينة الرياض حينما يقول: (.. ويضع السكان أيديهم على قلوبهم خشيةً من انقطاع التيار الكهربائي بسبب الجهد الذي تتحمله محطات التغذية..)؛ حيث يوحي الكاتب هنا للقرَّاء بأن ساكني ومرتادي الرياض قد تعودوا على انقطاع التيار الكهربائي مراراً كل صيف، وهذا مخالف للحقيقة والواقع.
ولم يتوقف الكاتب عند هذا الحد، وإنما تمادى في إساءته إلينا كسعوديين؛ حيث يقول: (.. كما شهدتْ بعض شوارع الرياض مشادات بالأيدي والعقل نتيجة لحوادث احتكاك بالسيارات للهرب من الزحام المروري في ظل درجة حرارة تلامس الـ 50 درجة مئوية.. إلخ).
في ظنِّي أن كل مَن قرأ تلك الكتابة لا يملك إلا أن يلم رأسه مما كتب، فما من شك أن الكاتب قد قسا كثيراً على مدينة الرياض وأهل الرياض، فمتى عرف عن حركة السير بالرياض أنها تتعطل بسبب ارتفاع درجات الحرارة؟! ومتى عرف أن الناس يهربون من ليل الرياض الجميل بحجة ارتفاع درجة الحرارة كما ذكر الكاتب؟! ومتى عرف أننا نواجه صعوبة في قيادة سياراتنا بسبب الحر؟! ومتى عرف أن الرياض تعاني من الانقطاع المتكرر للكهرباء خلال الصيف؟! ألا يعلم الكاتب أن معظم مدن العالم تعاني من الانقطاع المتكرر للكهرباء في حين أن مدينة الرياض لا تعاني من ذلك؟! ومتى عرف عن أهل الرياض أنهم يتشادون بالأيدي والعقل نتيجة لارتفاع درجة الحرارة؟! فهل يعقل أن يبتعد الكاتب (وهو من أبناء الوطن) عن الواقع لهذه الدرجة؟! لماذا يتحدث الكاتب عن مدينة الرياض وكأنها جهنم من شدة الحرارة فيها؟! ولماذا يصف الكاتب أهل الرياض بتلك الهمجية واتهامهم بكثرة المشادات بالأيدي والعقل؟!
ولو أتت تلك التهم القاسية غير الصحيحة من شخص أجنبي لهان الأمر، ولكن أن تأتينا اللطمة من أحد أبناء هذا البلد فهذا ما يحزُّ في النفس، فالكاتب بتلك الأوصاف المشينة غير الصحيحة عن الرياض وأهلها سوف ينفِّر كلَّ مَن يفكر بزيارة عاصمتنا الغالية وقضاء إجازته فيها.
نعم، إن الرياض ليست بأحر المناطق حتى نقسو عليها بتلك القسوة، كما أن الرياض لا تشتكي من وجود درجات رطوبة مزعجة كما هو الحال في عدد من المناطق الأخرى، ومَن لا يعرض نفسه لأشعة الشمس فالجو يظل مقبولاً خلال ساعات النهار أيضاً، إضافة إلى أن الجميع يدركون اعتدال وطراوة أجواء الرياض مساءً حتى في أحر أشهر السنة، فلماذا نقسو على عاصمتنا الغالية؟! أنا لا أقول بأن الجو ربيعي في مدينة الرياض، ولكنه ليس بجهنم كما يوحي بذلك كاتب هذا الموضوع، وبالتالي فإنني أتعاطف مع عاصمتنا الغالية عندما أقرأ ما يسطره أحد أبنائها عنها، وكأني بها تقول: {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ}.
21 / 8 / 2004م             عدد  11650

السياحة والنقل وجهان لعملة اقتصادية واحدة

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
أكدت الخطة التنموية السابعة على ان تحسن المقدرة التنافسية للسياحة الداخلية شرط ضروري لإغراء المواطنين على عدم الاستمرار في التهافت على السياحة في الخارج، وهذا يتطلب تطبيق إجراءات وسياسات فاعلة لتحقيق نقله نوعية للخدمات والتجهيزات وتيسير إجراءات تنقل السياح سواء داخل المنطقة أو فيما بين المناطق السياحية بالمملكة، حيث سيؤدي ذلك إلى زيادة جذب المواطنين والوافدين من الدول المحيطة للسياحة داخل المملكة.
ان ما ذهبت اليه خطط التنمية هنا انما يؤكد على أن إيجاد البيئة بيئة سياحية منافسة داخل المملكة قد يصعب تحقيقه ما لم يتم العمل على ايجاد البنية الأساسية السليمة والتي يأتي في مقدمتها توفير كافة خدمات النقل التي يحتاجها السائح داخل المناطق السياحية بالمملكة أو فيما بين تلك المناطق. ويأتي تفضل سمو ولي العهد خلال الأسبوع قبل الماضي بوضع حجر الأساس للطريق الرابط بين ثلاث مناطق سياحية بالمملكة (الطائف - الباحة - أبها) بمثابة الدعم الجيد للحركة السياحية الداخلية بالمملكة، خاصة وان هذا الطريق سيؤدي الى فتح المنافذ على الكثير من المدن والقرى والهجر السياحية في تلك المناطق.ان الحديث عن أهمية قطاع النقل والمواصلات لبناء بيئة سياحية منافسة بالمملكة يجعلنا نتساءل عن الدور المتأمل من وزارة النقل في هذا الخصوص، فهل قامت الوزارة بتوفير احتياج السياح من خدمات الأجرة العامة في كافة الأوقات سواء عند مواقع الوصول أو عند أماكن الأقامة أو عند مواقع تقديم الخدمات السياحية ؟ وهل تم وضع التسعيرة المناسبة لها بدلاً من جشع البعض من أصحاب شركات الاجرة العامة على حساب السياح، وهل تم التأكد من معرفة سائقي تلك السيارات بكافة المواقع السياحية التي يرغب السائح الاطلاع عليها، خاصة وانه يصعب تحقيق ذلك ما لم يكن كافة السائقين من ابناء المنطقة السياحية نفسها ؟ وهل تم توفير خدمة وصول سيارة الأجرة للسائح في موقعه من خلال طلبه لها بالهاتف، وهل تم وضع واعتماد الخرائط لكافة المناطق والمدن والمواقع السياحية؟ وهل تم توفير كافة احتياجات السياح من الحافلات وسيارات التأجير بأسعار معقولة؟ وهل تم العمل على تخصيص العديد من الطرق واتاحة الفرصة للمستثمرين لتوفير كافة احتياج السياح من الاستراحات والمواقع السياحية على تلك الطرق ومحطات الوقود وكافة احتياجات السياح الأخرى، وماذا عن توسيع خدمات السكك الحديدية لتشمل أكبر قدر ممكن من المواقع السياحية, وماذا.. وماذا.. وماذا.. الخ.
اسئلة كثيرة ترد للذهن حيال نوعية الخدمات التي تقدمها وزارة النقل للسياح في مختلف المناطق السياحية بالمملكة، خاصة وان صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان الأمين العام للهيئة العليا للسياحة قد أكد مراراً على ان وزارة النقل انما تعد واحدة من اهم الشركاء الفاعلين في تنفيذ استراتيجية التنمية السياحية بالمملكة.
  
14 / 8 / 2004م         عدد 11643

الطائف ومزيد من الاهتمام ياهيئة السياحة

د محمد بن عبد العزيز الصالح
كنت مع مجموعة من الأصدقاء الذين قضوا عدة أسابيع في مدينة الطائف خلال الإجازة الصيفية الحالية، وقد راهنوا على تميز ونجاح مدينة الطائف كمدينة سياحية، ولكنهم في نفس الوقت يشترطون لتحقيق هذا التميز أن تحظى هذه المدينة بمزيد من الاهتمام من قبل مجلس المنطقة، وكذلك من قبل الهيئة العليا للسياحة، حيث يرون انه وعلى الرغم من اعتبار مدينة الطائف من المدن الجاذبة للسياح، الا انها لم تحظ بحقها من الاهتمام من قبل العديد من الجهات ذات العلاقة. يجمع هؤلاء الاصدقاء بأن مدينة الطائف تتميز بالطقس البارد الممطر الجميل خلال معظم ايام الصيف وخاصة في ضواحي الهدا والشفاء حيث تصل درجة الحرارة الى عشر درجات تقريباً، (علماً بان الكثير من السعوديين يقضون اجازاتهم الصيفية في بعض الدول المجاورة بحثاً عن اعتدال درجات الحرارة). اضافة لذلك، يرى من حدثوني بأن مدينة الطائف تتمتع بميزة لا تتوافر في أي بقعة سياحية في العالم ألا وهي قربها من الحرم المكي الشريف حيث بامكان السائح في مدينة الطائف الصلاة في الحرم في أي يوم يرغب ذلك، فالمسافة بين الطائف ومكة المكرمة لا تتجاوز الساعة الواحدة بالسيارة.
وعلى الرغم من تلك المزايا فإن من حدثوني يؤكدون أن الاهتمام الذي تلقاه الطائف وضواحيها هو اهتمام متواضع. فهم يطالبون مجلس منطقة مكة المكرمة بأن يدرك أن هناك ثروة سياحية وطنية في مدينة الطائف لم يتم استغلالها بعد، كما يؤكدون بأن الدراسات الاستراتيجية التي تعكف الهيئة العليا للسياحة على إعدادها منذ زمن هي خطوة جيدة في سبيل وضع الخطوط الصحيحة للسياحة في المملكة، ولكنهم يرون بأنه من الأهمية ان تستعمل الهيئة في وضع الخطط التنفيذية والعمل على تطبيق تلك الدراسات على مناطقنا ومدننا السياحية والتي من اهمها مدينة الطائف.
باختصار.. في ظني ان مدينة الطائف لم تحظ حتى الآن بالاهتمام الذي تحتاجه لكي تصبح إحدى أهم مناطق الجذب السياحي ليس في المملكة فحسب وانما في منطقة الشرق الأوسط.
مجرد تساؤل ..
أعلن وزير السياحة المصري قبل أيام أن وزارته تقوم بالدراسات والجهود اللازمة من أجل معرفة احتياج السائح السعودي وزيادة جذب السياح السعوديين إلى مصر، وفي ظني اننا كسعوديين نعرف وندرك ماذا نريد، فما الذي يمنعنا من توطين السياحة لدينا؟ مجرد تساؤل ؟!!.
7 / 8 / 2004م               عدد 11636