ترجمة

مسكين أيها المستهلك



د. محمد بن عبد العزيز الصالح

نشرت بعض القنوات الفضائية تقريراً تلفزيونياً مصوراً عن جشع تجار اللحوم والمطابخ خلال أيام عيد الفطر المبارك في كل من مصر والأردن، حيث عمد هؤلاء التجار إلى رفع سعر اللحوم النية والمطبوخة خلال أيام العيد، وترتب على ذلك أن قامت الجهات الحكومية المعنية في تلك الدول بعد التنسيق مع هيئات وجمعيات حماية حقوق المستهلك فيها على إقفال العديد من محلات الجزارة والمطابخ وذلك حماية للمستهلكين في تلك الدول من جشع هؤلاء التجار.

أما لدينا في المملكة، فالجميع وللأسف لاحظ أن أسعار اللحوم في معظم محلات الجزارة والمطابخ قد تضاعفت تقريباً خلال أيام العيد، شخصياً قمت أثناء أيام العيد بدفع مبلغ 1350 ريالاً قيمة ذبيحة مع الرز لأحد المطابخ المشهورة في الرياض في الوقت الذي عادة ما أدفع 850 - 900 ريال فقط في بقية الأيام الأخرى أي بزيادة تصل إلى (60-70%).

وإزاء تلك المغالاة الفاحشة التي يعاني منها المستهلكون من أصحاب محلات الجزارة والمطابخ، أود أن أطرح بعض التساؤلات والمرئيات:

- هل تعلمون أن غالبية -إن لم يكن جميع ملاك المطابخ والمجازر- غير سعوديين؟ وهل تعلمون أن كل العاملين بها غير سعوديين؟ وإذا كان اقتصادنا الوطني قد تضرر من ذلك بمباركة من الأجهزة ذات العلاقة، فهل يعقل أيضاً أن تترك تلك المطابخ تضاعف أسعارها أيام العيد دون حسيب أو رقيب؟.

- أين (وزارة التجارة) من ممارسات الغش التي تمارسها تلك المطابخ والمجازر؟ ولماذا لا يكون هناك توعية للمواطنين بتلك الممارسات؟ ولماذا لا تتبنى (هيئة حماية المستهلك) تعزيز مفهوم حماية المستهلك؟ لماذا لا تتبنى (جمعية حماية المستهلك) رفع قضايا ضد التجار الذين يضرون بالمستهلك؟ نعم يجب على الجمعية تخصيص مكاتب قانونية تقوم من خلالها بحماية حقوق المستهلكين.

- متى ستقوم (جمعية حماية المستهلك) بدراسات حقيقية توضح مدى جشع أمثال هؤلاء التجار ومدى تضرر المواطنين من ذلك ورفع توصيات بتلك الدراسات للجهات العليا لاتخاذ اللازم.

- متى سيتم وضع الأسعار أمام كل مطبخ وكل جزار على أن يتم اعتماد تلك الأسعار من قبل وزارة التجارة والأمانات البلدية وأن يتم إرغام تلك المحلات على التقيد بتلك الأسعار، وأن يكون الحساب عسيراً لكل من لا يتقيد بها سواء خلال التشهير بالمحل أو إقفاله.

- متى سيتم تأصيل ثقافة حماية المستهلك لدى المواطنين، ومتى سيتم تعزيز (ثقافة المقاطعة) الجماعية لديهم، نعم يجب أن يتحرك المجتمع للتصدي للغش التجاري وللغلاء الفاحش لبعض السلع من قبل بعض التجار، ففي ظل عجز الأجهزة ذات العلاقة (وزارة التجارة وجمعيات حماية المستهلك) من القيام بدورهم وحماية المواطنين، فإنه يجب أن يكون هناك تحرك للمواطنين أنفسهم من خلال مقاطعتهم محلات معينة أو سلعاً معينة تم رفع سعرها بشكل مبالغ فيه.

 

19/10/2009م                  العدد 13535

 

الفضائيات والنَّيْل من الوطن



د. محمد بن عبدالعزيز الصالح

أصبح العالم مليئاً بالقنوات الفضائية الغث منها والسمين، المتطرف ذات اليمين وذات الشمال، المنحرف والمعتدل، ومن تلك الفضائيات (وللأسف) المعادي لبلادنا، التي تستغل كل مناسبة تتضمن منجزا حضاريا لتقوم بإعداد العدة وتبدأ في تجييش كل طاقتها في محاولة منها لتشويه هذا المنجز بكل ما تستطيع، إلا أن ما يُثلج الصدر أن شرائح واسعة من المجتمع السعودي أصبحت على معرفة بهذه القنوات، بل وعلى وعي تام بكيفية عملها خاصة حينما يتعلق الأمر بتشويه سمعة (المملكة العربية السعودية) وما يقوم به كادر هذه القناة أو تلك، الذي يعمل خلف الكواليس لإعداد طبخة التشويه الحاقدة. إن البرامج من هذا النوع تأخذ مساراً طويلاً حتى تخرج بهذه الصورة البذيئة بدءاً من البحث عمن سيؤدي دور السائل، والصيغة المطلوبة في السؤال المليئة بالحقد والضغينة، ثم البحث عن المذيع المناسب الذي يكون في الغالب من الفئة الناقمة على (وطننا العزيز)، ثم ترتيب الأمر مع الكنترول الذي تناط به مهمة إخراج هذه الطبخة الملوثة، بعد ذلك يتم اختيار أنسب الأشخاص ليتولى إعلان البيان النهائي المطلوب!!
وهذا ما درجت عليه قنوات السب والشتم والإهانة (لوطننا الغالي) ومحاولاتها المتكررة للتشويه والتدليس والتزوير، واستغلالها كل فرصة للحط من قيمة منجزاتنا التنموية ومحاولة تشويهها وإظهارها بالمظهر السيئ؛ رغبة من هذه القنوات في إثارة الرأي العام في المملكة تجاه قيادته وولاة أمره، وصولاً إلى تحقيق مراد هذه القنوات في إيقاظ الفتنة في صفوف المجتمع السعودي المتماسك والمتعاون مع قيادته في انسجام ووئام، ولكن الله خيَّب مساعيهم، وردَّ كيدهم في نحورهم.
وإذا كان هذا هو واقع حال عدد من القنوات الفضائية التي أصبحت - كما أسلفنا - شرائح واسعة من المجتمع السعودي على دراية تامة بأساليبها، نقول إذا كان الأمر كذلك فإن الدهشة والصدمة تكون كبيرة جداً حينما تكون بعض هذه القنوات من المحسوبة على (وطننا الكريم) والصرف عليها يأتي من أموالنا؛ فمعظم المشتركين الذين يدفعون أموالاً طائلة لتلك القنوات هم من السعوديين، إضافة إلى أن الأموال التي تحصل عليها تلك القنوات عن الإعلانات تكون مدفوعة من شركات سعودية، وفوق هذا كله لا نجد الدولة تفرض ضرائب ورسوماً عالية على تلك القنوات، ومع ذلك نجد أن تلك القنوات تمارس ما يمارسه الأعداء الفضائيون الذين اتخذوا من البث الفضائي وسيلة لإظهار ما في نفوسهم من حقد وضغينة على وطننا العزيز (المملكة العربية السعودية)!!!
إن تلك القنوات وما درجت عليه من تصرفات مريبة تجعل المشفق على وطنه يتوجس خيفة من تصرفاتها تجاه منجزاتنا الوطنية ومسيرتنا التنموية؛ فهي - ومن خلال العديد من برامجها التي لم تأتِ عفو الخاطر بكل تأكيد - يدرك المتابع أن هناك إعداداً مسبقاً وجهوداً كبيرة تبذل لإخراج ما تبثه من فتنة، وأصبح كثير من العقلاء في حيرة من أمر هذه القنوات ولمصلحة من تتحرك!!!
وذلك أنها تحاول دائما إثارة كثير من القضايا التي هي محل خلاف في الرأي، عرض وجهات النظر الأخرى المخالفة لما يقره ولي الأمر!!!
والذي نأمله ألا تكون تلك القنوات معول هدم في بنائنا الحضاري؛ فقد آن الأوان للنظر بعين الحكمة والمصلحة العامة من قبل القائمين على تلك القنوات.

12/10/2009م                        العدد 13528