ترجمة

إعلامنا المرئي والمسموع يا معالي الوزير

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
بداية نبارك لمعالي الأستاذ إياد مدني على الثقة الملكية الكريمة بتعيينه وزيراً للثقافة والإعلام، وبهذه المناسبة، أرجو من معاليه أن يتسع صدره، بإبداء بعض المرئيات والملاحظات على قنواتنا الإعلامية المرئية والمسموعة (التلفزيون والإذاعة) في مملكتنا الغالية.
تعلمون يا معالي الوزير أن أحد أهم وسائل الهيمنة التي تسلكها الدول هي القنوات الإعلامية خاصة والمرئية والمسموعة منها، كما أن لتلك القنوات دوراً هاماً في تشكيل الرأي العام الداخلي والخارجي، إضافة إلى دورها في نشر الوعي الثقافي.
كما لا يخفى على معاليكم أن الكثير من الدول تستخدم اليوم الإعلام المرئي والمسموع في تحقيق الكثير من مصالحها الوطنية، ولو نظرنا إلى الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال لادركنا أنه وعلى الرغم مما تتمتع به من نفوذ وقوى متعددة سياسية واقتصادية وثقافية وغيرها، إلا أنها لا تتردد دائماً في تلميع صورتها عبر قنوات الإعلام الأمريكي المرئي والمسموع وخاصة الرسمية منها، وذلك من أجل تحقيق المزيد من المكاسب الوطنية.
وأرجو يا معالي الوزير أن تتفق معنا بأنه من الأهمية أن نعيد النظر في بعض قنواتنا الإعلامية (وخاصة التلفزيون والإذاعة). نحن لا ننكر بعض القفزات الجيدة التي حققها إعلامنا المرئي والمسموع، ولكنها جيدة فقط إذا ما قارنا مستوى تلك القنوات بما كانت عليه في السابق، وفي ظني أنه يجب ألا يكون هذا هو المقياس الذي نستخدمه، فالمقياس الحقيقي يجب أن يكون من خلال مقارنة قنواتنا الإعلامية بمثيلاتها من القنوات الإعلامية في العالم، وفي دول المنطقة على وجه الخصوص على أن نستفيد من مواقع القوة والتميز الذي تتمتع به تلك القنوات، ويجب أن نكون صريحين مع أنفسنا عند مقارنة قنواتنا الإعلامية المرئية والمسموعة مع الغير، حيث يجب أن نعترف بأننا لا نزال متأخرين بل متأخرين جداً.
معالي الوزير، لابد من الإشارة هنا إلى أن قنواتنا الإعلامية المرئية والمسموعة تزخر بالعديد من الكوادر الوطنية الشابة، ولكن ما العيب في أن تستعين تلك القنوات بخبراء ومخططين إستراتيجيين غير سعوديين لتطوير تلك القنوات الإعلامية سواء من حيث المادة التي تقدمها أو من حيث الارتقاء بمهارة العاملين بها وذلك على غرار ما تقوم به كثير من القنوات التلفزيونية في دول المنطقة.
ولنا في الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض مثالاً يحتذى به في هذا الخصوص، فعلى الرغم من أنه قد عرف عن الهيئة تميزها في استقطابها للمتميز من الشباب السعودي، ومع ذلك نجد أن الهيئة من أكثر الأجهزة التي تستعين بالخبرات الأجنبية المتميزة وفي كل المجالات، وهذا ما جعل مختلف مناشط الهيئة تتمتع بالتميز.
معالي الوزير.. قنوات الإعلام المرئي والمسموع كانت في السابق للترويح ونقل الاخبار فقط، أما اليوم فتلك القنوات الإعلامية يجب أن تمثل عنصراً هاماً في تشكيل الرأي العام، ورسم الخطط الثقافي للدولة والتأثير على الغير داخلياً وخارجياً، ولذا من الأهمية أن تحظى تلك القنوات الإعلامية بالاهتمام اللازم حتى يمكنها أن تحقق الأهداف والغايات الإستراتيجية التي تصب في مصلحة الوطن.
26 / 2 / 2005م       عدد 11839

اللجنة الوزارية وسعودة محلات الذهب

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
نُشر مؤخراً ب(الاقتصادية 30-11- 1425ه) أنه تم تشكيل لجنة وزارية تضم في عضويتها كلاً من وزارة التجارة والصناعة، وزارة العمل، الهيئة العامة للاستثمار، ومجلس الغرف التجارية؛ وذلك لدراسة ظاهرة هجرة محلات الذهب والمجوهرات إلى دول مجاورة، حيث يرى أصحاب تلك المحلات أن إلزامهم بسعودة العاملين في محلاتهم إنما يُعد من أهم العقبات التي دفعتهم إلى الهجرة لدول مجاورة وتصدير رؤوس أموالهم إليها.. وإزاء تشكيل تلك اللجنة وما تم نشره في هذا الخصوص، فإن لي وجهة نظر أرجو أن يتسع صدر القراء والمعنيين بالأمر بالاطلاع عليها من خلال الأسطر التالية:
- بدايةً، أجزم بأنه لا يمكن أن يكون قرار سعودة محلات الذهب والمجوهرات عاملاً أساسياً في هجرة تلك المحلات لخارج المملكة، خاصة أن الدولة لم تطبق ذلك القرار بشكل مفاجئ، وإنما اتخذت أسلوب التدرج في تطبيقه (30% في عام 1423هـ، 50% في عام 1424هـ، و100% في عام 1425هـ).. علماً بأن الدولة قد أجلت تطبيق هذا القرار منذ عام 1419-1420هـ مراعاة لمصلحة أصحاب تلك المحلات.
- إنَّ الكثير من أصحاب تلك المحلات ليس لديهم أي استعداد لتفعيل قضية السعودة أساساً، ويكفي أن أشير الى ان طارق فتيحي - وهو أحد أكبر تجار الذهب والمجوهرات في المملكة - قد صرح مراراً بأن سعودة محلات الذهب والمجوهرات تحتاج إلى عشرين سنة (مجلة تجارة الرياض العدد 519). فهل من العقل أن نتقبل مثل هذا الكلام؟!.
- من الأهمية أن يعلم الجميع أن هناك أكثر من ستة آلاف متجر لبيع الذهب والمجوهرات بالمملكة يعمل بها أكثر من عشرين ألف عامل أجنبي، وبالتالي فإن أي توجه لإعادة النظر في قرار سعودة تلك المحلات سيعني حرمان أكثر من عشرين ألف مواطن من فرص عمل هم أحق بها من غيرهم من العمالة الأجنبية.
- بالنظر إلى اللجنة الوزارية المشكلة لدراسة هذا الموضوع يتضح أن ثلاثة أجهزة منها معنية وينصب اهتمامها على أصحاب رؤوس الأموال وتجار الذهب أكثر من اهتمامها بقضايا السعودة، وتلك الجهات هي وزارة التجارة وهيئة الاستثمار ومجلس الغرف التجارية، في حين أن وزارة العمل هي الجهة الوحيدة المعنية بتوطين العمالة في تلك المحلات، ولذا فإنه من الأهمية أن يؤخذ ذلك في الاعتبار عند النظر في توصيات تلك اللجنة قبل اتخاذ أي قرار في هذا الخصوص.
كما أن على أعضاء تلك اللجنة ألا يقتصر اهتمامهم على هجرة رأس المال من محلات الذهب والمجوهرات فحسب، وإنما يجب ان يشمل اهتمامهم أيضا قضايا سعودة العاملين في تلك المحلات أيضا، خاصة أن قضية السعودة تحمل في مضامينها أبعادا اقتصادية أكثر أهمية للوطن، وذلك مقارنة بهجرة رؤوس أموال يدار الكثير منها بالتستر، ناهيك عن الأبعاد الاجتماعية والأمنية الخطيرة التي قد تلحق بالوطن جراء التساهل في قضايا السعودة، لا لشيء سوى من أجل حماية أموال تعود لأشخاص لا تمثل مصلحة الوطن أي اهتمام لهم.
كما أنه من الأهمية على تلك اللجنة الوزارية أن تعمل على بحث كافة القنوات الكفيلة بإزالة العقبات التي تعترض هجرة تلك المحلات لدول أخرى، ولكن دون التعرض أو المساس بموضوع السعودة.. فمن المهم على الأجهزة الممثلة في تلك اللجنة الوزارية أن تدرك أننا وحتى اليوم لم نتمكن من تحقيق السعودة الكاملة فعليا سوى في محلات الذهب والمجوهرات، وبالتالي فإن تم إعادة النظر في ذلك، فلنقل على السعودة السلام، بل ان ذلك سيكون مؤشرا خطيرا بعدم قدرتنا على سعودة أي قطاع آخر، وإن لم يكن أمام اللجنة من حلول سوى اعادة النظر في سعودة تلك المحلات، فمن مصلحة الوطن أن نضحي بتلك المحلات والتي تعمل معظمها من خلال التستر ولا يستفيد الوطن منها شيئا بدلاً من حرمان أكثر من ستة آلاف مواطن فرص عمل هم أحق بها.
- من المفترض على بعض تجار الذهب والمجوهرات الأنانيين والذين لم يمنعهم حبهم لذاتهم ونكرانهم للجميل المقدم لهم من هذا البلد وأهله، كان من الأولى عليهم، ومنذ سنوات، العمل على التنسيق مع صندوق تنمية الموارد البشرية وكذلك مع الغرف التجارية لايجاد دورات تدريبية للشباب الراغب في العمل في محلاتهم، وذلك بدلاً من رفع راية التهديد بالهجرة لدول أخرى.. وصدقوني لن يفعلوا؛ لأن حجم سوق الذهب والمجوهرات في المملكة يعادل أضعاف حجم أسواق الكثير من الدول المجاورة، وإن فعلوا ذلك وذهبوا فهم غير مأسوف عليهم كما أسلفت سابقاً.
12 / 2 / 2005م       عدد 11825

لماذا يرفض شبابنا فرص العمل في الحج ؟!

 
د. محمد بن عبد العزيز الصالح
نشرت صحيفة الاقتصادية (الاثنين 24 شوال 1425هـ) أن وزارة الحج قد وفرت ستين ألف وظيفة موسمية للشباب السعودي في موسم حج هذا العام، حيث تتركز هذه الوظائف في العديد من الوزارات والمؤسسات الحكومية والخاصة التي ترتبط باستقبال الحجاج والزائرين وتقديم الخدمات لهم إضافة إلى الكثير من الوظائف التجارية والخدمية.
الجدير بالذكر أن وزارة الحج قد ألزمت مؤسسات وشركات حجاج الداخل بالتعاقد مع شباب سعودي لحراسة المخيمات الأمرالذي سيوفر نحو 8500 وظيفة في مجال الحراسة، كما دعت النقابة العامة للسيارات ستة عشر ألف شاب سعودي للعمل لدى شركات نقل الحجاج خلال موسم حج هذا العام على وظائف سائقين وفنيين للحافلات لنقل الحجاج.
تجدر الإشارة إلى أن الشاب السعودي سيحصل على مكافأة مالية تفوق الثلاثة آلاف ريال للشهر الواحد، وتتفاوت مدة عمله ما بين شهر إلى أربعة أشهر.
وفي هذا الخصوص، أشير الى أن مجلس الخدمة المدنية قد أصدر قراراً عام 1421هـ يسمح فيه للموظف السعودي ممن يشغل المرتبة الخامسة فما دون أو ما يعادلها في السلالم الوظيفية الأخرى، وكذلك المستخدم المعين على بند الأجور بإجازة لا تتجاوز ثلاثين يوماً سنوياً إضافة الى عيد الأضحى للعمل في موسم الحج لدى إحدى شركات نقل الحجاج سائقاً أو فنياً.
وفي الوقت الذي ينتابني شعور بالفرحة بسب توافر تلك الآلاف من فرص العمل لشباب الوطن حتى وان كانت فرص عمل موسمية، إلا أنني أتذكر بأن وزارة الحج قد طرحت خلال مواسم الحج الماضية أيضاً أعداداً كبيرة من فرص العمل.. لكن لم يتقدم لها سوى أعداد قليلة جداً من المواطنين مما اضطرت معه الوزارة بالسماح بالتعاقد مع الآلاف من غير السعوديين لإنجاز تلك الأعمال.
والسؤال هنا.. لماذا يعزف شبابنا عن تلك الوظائف طالما انها توفر مكافأة مالية تزيد عن الثلاثة آلاف ريال؟ إن عزوف شبابنا السعودي عن التقدم لشغل تلك الوظائف لهو أمر غير مقبول. أليست تلك الأعمال لا تتطلب الى مهارات تقنية؟! ثم ألا يرى شبابنا أن هذا العمل الموسمي سيوفر لهم كسباً مالياً اضافياً جيداً؟! ثم ألا نتفق بأن الشاب السعودي ومن خلال التحاقه بتلك الوظائف سيكون أكثر حرصاً من غيره على خدمة ضيوف بيت الله؟! وبالتالي طالما أن تلك الفرص الوظيفية متاحة للشباب، وطالما أنها فرصة للكسب الشريف بعرق الجبين، لا أظن أن للشباب السعودي أيَّ عذر بعدم الالتحاق بتلك الوظائف.
أخيراً.. تجدر الإشارة إلى أن وزارة العمل قد انتهت مؤخراً من إجراء مسح شامل توصلت من خلاله إلى أعداد كافة الشباب الباحث عن فرصة عمل، ولذا فمن الأهمية أن تقوم وزارة الحج قبل بداية موسم حج كل عام بالتنسيق مع وزارة العمل حتى يتم التوصل إلى أبناء الوطن الباحثين عن فرص العمل الشريفة خلال مواسم الحج القادمة.
5 / 2 / 2005م       عدد 11818