ترجمة

الدعم المقترح للجمعيات التعاونية الاستهلاكية

د.محمد عبد العزيز الصالح
 
من خلال هذه الزاوية، كتبت مقالاً قبل أسبوعين بعنوان (الجمعيات التعاونية هي الحل يا معالي الوزير) تناولت فيه الارتفاعات المستمرة في أسعار السلع الاستهلاكية التي يعاني منها المواطنون عاماً بعد آخر، كما تناولت فيه الجشع الذي يسيطر على فئة من التجار من خلال المغالاة غير المبررة في أسعار السلع، ووجهت فيه الدعوة لمعالي وزير التجارة الدكتور توفيق الربيعة
إلى دعم وتبني إنشاء الجمعيات التعاونية الاستهلاكية في كافة مناطق ومحافظات المملكة. والاستفادة من تجربتي الكويت والإمارات في هذا الخصوص، خاصة وقد كشفت الفترة الماضية التي تولى فيها معالي الدكتور توفيق دفة الوزارة، حرص معاليه على حماية حقوق المواطنين قبل حماية حقوق التجار.
وقد وعدتكم أعزائي القراء بأن أفرد مقالاً يسلط الضوء على الحوافز والدعم الذي يقترح أن تقدمه الدولة للجمعيات التعاونية عند إنشائها لضمان نجاحها.
فمن أوجه الدعم الذي تقدمه الدولة، من خلال وزارة التجارة للجمعيات التعاونية، والذي نصت عليه المادة (28) من اللائحة التنفيذية لنظام الجمعيات التعاونية ما يلي:
ـ إعانة تأسيسية للجمعية لا تزيد على 20% من رأس مال الجمعية.
ـ إعانة بناء مقر للجمعية لمزاولة أعمالها لا تزيد على 50% من تكلفة البناء.
ـ إعانة مشاريع للجمعية لا تزيد على 50% من تكلفة المشاريع.
ـ إعانة مخاطر إذا تعرضت الجمعية لخسارة كبيرة لا تزيد على 90% من الخسارة.
ـ إعانة إدارة في حال تعيين مديراً سعودياً لا تزيد عن 50% من راتبه الشهري.
ـ إعانة مجلس إدارة بما لا يتجاوز 20% من الأرباح السنوية للجمعية كمكافأة لأعضاء مجلس الإدارة.
ـ إعانة دراسات وبحوث لا تزيد على 50% من التكاليف.
إضافة للمزيد من الإعانات التدريبية والفنية الأخرى.
ومن أوجه الدعم التي يقترح أن تقدمها الدولة للجمعيات التعاونية الاستهلاكية عند قيامها أيضاً أن يتم إعادة توجيه الدعم المقدم للتجار المستوردين للسلع الأساسية، بحيث يتم توجيهه للجمعيات الاستهلاكية، مما يعني استفادة أكبر شريحة من المواطنين من هذا الدعم بدلاً من قصره على عدد قليل من كبار التجار والذين لم يقدروا هذا الدعم من خلال مغالاتهم في تسويق تلك السلع على المواطنين.
إن إعادة توجيه هذا الدعم الحكومي ليصبح للجمعيات التعاونية الاستهلاكية بدلاً من التجار سينعكس إيجاباً من خلال تفعيل قدره تلك الجمعيات على المنافسة في السوق وتحقيق مستويات ربحية أفضل، إضافة لذلك، فإن على الدولة أن تقوم بنشر ثقافة الجمعيات التعاونية وتوعية الناس بأهميتها، وذلك من خلال استخدام مختلف وسائل الإعلام في نشر تلك التوعية والثقافة.
 
 
  26/11/2012م    العدد 14669

أهمية نضج القرار قبل تطبيقه

 
د.محمد عبد العزيز الصالح
 
صدر عن معالي وزير العمل الأسبوع الماضي قرارٌ يقضي برفع تكلفة العمالة الوافدة وذلك بتحصيل مبلغ مالي مقداره (200) ريال شهريًّا (بواقع 2400 ريال سنويًا) وذلك على أيّ عامل وافد للعمل في أيِّ مؤسسة أو شركة من شركات القطاع الخاص التي يزيد فيها عدد العمالة الوافدة على العمالة الوطنيَّة، وعلى أن يَتمَّ البدء في تطبيق القرار أول يوم من شهر محرم الجاري، وقد قصدت وزارة العمل من هذا القرار التأكيد على حرص الوزارة الرامي إلى التوسُّع في عملية إحلال العمالة الوطنيَّة بدلاً من الأجنبية في مختلف القطاعات الاقتصاديَّة،

خصوصًا أن أعداد ا
لعمالة الأجنبية لا زالت تتجاوز السبعة ملايين عامل، وما أن تَمَّ الإعلان عن هذا القرار لوزارة العمل، حتَّى بدأ مجلس الغرف التجاريَّة وعدد من الغرف التجاريَّة وكالعادة بالتحرك العاجل لثني الوزارة عن تطبيق هذا القرار.

وإزاء هذا التوجُّه لوزارة العمل، والموقف الرافض للغرف التجاريَّة، أودُّ أن أشير إلى عدد من الجوانب المتعلقة بذلك ومنها:

ـ إن هذا القرار تأكيد على التوجُّه الناجح لمعالي وزير العمل في سبيل إحلال العمالة السعوديَّة بدلاً عن الأجنبية، وقد أبدع معاليه خلال الفترة القصيرة التي تولى فيها دفَّة الوزارة من طرح العديد من البرامج والأفكار والرَّؤَى التي أسهمت في توطين الكثير من الوظائف، وإيجاد فرص العمل المناسبة لشباب وفتيات هذا الوطن.

ـ كنت أتمنَّى لو أن وزارة العمل أعطت مهلة زمنية في حدود (3 ـ 6 شهور) بين الإعلان عن هذا القرار وبين تاريخ تطبيقه وذلك حتَّى يتسنى للمؤسسات والشركات إنهاء عقود عمالتها الأجنبية غير الضرورية وإحلال السعوديَّة بدلاً عنها، فالقصد من هذا القرار هو توفير فرص عمل للعمالة الوطنية وليس فرض الغرامات الماليَّة على المؤسسات والشركات.

ـ كنت أتمنَّى لو أن وزارة العمل نظمت ورشة عمل لمناقشة هذا القرار قبل تطبيقه، وتَمَّ دعوه مجلس الغرف التجاريَّة لتلك الورشة وذلك بهدف الوقوف على كافة العوائق التي قد تعترض نجاح تطبيق هذا القرار، إضافة إلى الوقوف على بعض الأنشطة الاقتصاديَّة التي قد تحتاج إلى مزيد من الوقت لتطبيق هذا القرار، مثل قطاع المقاولات الذي لا تتجاوز نسبة العمالة الوطنية فيه أكثر من (10 في المئة)، وفي ظني أن الفشل السابق لوزارة العمل في الكثير من القرارات والتوجُّهات المحمودة الرامية إلى إحلال العمالة الوطنية بدلاً عن الأجنبية إنما كان بسبب عدم نضج تلك القرارات وعدم تهيئة مؤسسات وشركات القطاع الخاص لتطبيق تلك القرارات عليها.

إنني لا أقصد من ذلك مطلقًا استجابة وزارة العمل وخضوعها لرأي وتوجه مجلس الغرف ومؤسسات القطاع الخاص، حيث أثبتت السنوات الماضية تصدى القائمين على الغرف التجاريَّة وشركات القطاع الخاص لِكُلِّ ما يصب في صالح توطين فرص العمل في كافة الأنشطة الاقتصاديَّة، ولا أدل على ذلك من سيطرة العمالة الأجنبية طول العقود الزمنية الماضية بِشَكلٍّ ينهش في جسد اقتصادنا الوطني، دون تحريك ساكن من قبل رجال القطاع الخاص.

ـ علّق الكاتب الاقتصادي الدكتور عبدالرحمن السلطان على هذا القرار معترضًا عليه، حيث يَرَى بأنه سيتيح مزيدًا من فرص العمل للعمالة السائبة وبالتالي زيادتها وليس تحجيمها، كما يَرَى بأن المؤسسات والشركات سوف تتملص من دفع الرسوم التي يتضمنها هذا القرار من خلال قيامها بتوظيف العديد من العمالة السائبة وغير المسجلة على كفالتها لدى وزارة العمل، ومع احترامي لوجهة نظر الدكتور عبدالرحمن إلا أنني قد لا اتفق مع ما ذهب إليه، ولكن بشرط أن تضرب وزارة العمل بيد من حديد من خلال تغليظ العقوبات التي تفرض على المؤسسة والشركة التي تقوم بذلك.
 
 19/11/2012    العدد 14662

رادار الملك يرصد أداء المسؤولين

د.محمد عبد العزيز الصالح
 
منذ أن تولى الملك عبد الله بن عبد العزيز مقاليد الحكم ومسؤولياته، والإعلام السعودي يشهد مزيدًا من حرية التعبير المقرونة بالمسؤولية، التي جعلت من الصحافة تعبيرًا صادقًا عن نبض المواطن وهمومه وتطلُّعاته، وأصبحت منبرًا حرًا للرأي والحوار والاختلاف والاتفاق، وقد كنت أتساءل كغيري كيف استطاع الملك الإنسان عبد الله بن عبد العزيز رغم مشاغلة الكثيرة دوليًّا ومحليًّا أن يلامس هموم النَّاس بهذه الدِّقة ويعرف احتياجاتهم، ثمَّ يطلق مبادراته لخدمة الوطن والمواطن، وكنت أتتعجب كيف استطاع -حفظه الله- الوصول لأدق تفاصيل ما يدور في ذهن المواطن؟ وكيف له أن يرصد كل تقصير بحق المواطن ويُعاتب المسؤولين على أقل تقصير؟ وبالربط بين دعوة الملك للحوار وتشجيعه لحرية الرأي وجعل المواطن همَّه الأول، جاء الجواب الشافي من خلال صورة نشرتها العديد من الصُّحف تتكرر في مجلس الملك وتحديدًا على الطاولة القريبة منه، وهي صورة لـ (شاشة الملك) وهي عبارة عن تقرير إعلامي على شاشة إلكترونية تعده إدارة مختصة بالإعلام بالديوان الملكي، وتعرض يوميًّا أمام الملك المشغول بعلاج كل ما يكدر صفو الوطن والمواطن، حيث ينقل هذا التقرير اليومي أبرز آراء الكتّاب والأخبار التي تتحدَّث عن جوانب التقصير في أداء الأجهزة الحكوميَّة، ونلاحظ كمواطنين من خلال توجيهات الملك الإصلاحية وتحذيراته للمسؤولين بعدم التهاون في خدمة المواطن، أن ما يشاهده الملك على (الشاشة) لا يمرُّ مرور الكرام، بل يتابع للتأكَّد من صحته ويحاسب المسؤول كائنًا ما كان في حال تقصيره، ثمَّ توضع حلول وإستراتيجيات لمسها المواطنون في كلِّ شبر من هذا الوطن، مما يثبت مرة بعد أخرى قوة التواصل بين القيادة والشعب، حيث يصل صوت المواطن البسيط للملك بِشَكلٍّ أسرع وأقوى ثأثيرًا من صوت المسؤول وتقاريره الرسمية.

لقد أصبحت (شاشة الملك) برلمانًا شعبيًّا حرًا يعبر عن صوت المواطن ونبض الوطن، والفضل بعد الله يعود للرجال الأمناء حول الملك وفي مقدمهم معالي رئيس الديوان الملكي خالد بن عبد العزيز التويجري ومعالي نائبه خالد بن عبدالرحمن العيسى، وكذلك القائمون على الإدارة الإعلاميَّة بالديوان الملكي، الذين أدوا الأمانة وأخلصوا النيّة وأثبتوا بالعمل الجاد أنهم الرِّجال المناسبون في المكان المناسب، حيث لا مجاملة لمسؤول على حساب الوطن والمواطن، حتَّى أصبح التقرير الإعلامي بالديوان الملكي (رادار الملك) الذي يرصد من خلاله أداء المسؤولين والأجهزة الحكوميَّة والخدميَّة، لضمان حقوق المواطن ورفاهيته ورفعة الوطن، وهذا الأداء الإعلامي الأمين ورجاله المخلصون ما إلا تعبير عن المنهج القويم لعبد الله بن عبد العزيز في خدمة الوطن والإحساس بمشاعر المواطن، وما من شَك أن هذه المنهجية الفريدة لأبي متعب إنما تمثِّل أحد أهم أسباب اللُحمة الوطنيَّة التي تزداد صلابة كل يوم لتتكسر عليها كل محاولات زرع الفتنة والفرقة، فهنيئًا للوطن بهذا الملك، الذي لا يحول بين صوته وقلب ملكه شيء.
 
 
 
12/11/2012م   العدد 14655

الجمعيات التعاونية هي الحل يا معالي الوزير

د.محمد عبد العزيز الصالح
 
مع الارتفاعات المستمرة في أسعار السلع الاستهلاكية والتي يعاني منها المواطنون عاماً بعد آخر, ومع الجشع الذي يسيطر على فئة من التجار من خلال المغالاة غير المبررة في أسعار السلع, ومع محدودية نجاح وزارة التجارة في التصدي لذلك طوال السنوات الماضية, وحيث إن معالي وزير التجارة الدكتور توفيق الربيعة, يعتبر في نظري من أنجح الوزراء الذين تعاقبوا على الوزارة انطلاقاً

من حرص معاليه على حماية حقوق المواطنين قبل مصالح التجار, لذا فإنني أدعو معاليه إلى دعم وتبني إنشاء الجمعيات التعاونية الاستهلاكية في كافة مناطق ومحافظات المملكة. ومن خلال الأسطر التالية, أود أن أطرح عدداً من الأفكار والأبعاد المتعلقة بهذا المقترح, ومنها:

* لقد أصبح إنشاء هذه الجمعيات ضرورة في ظل سيطرة مجموعة محدودة من التجار على مختلف السلع الاستهلاكية ومغالاتهم في أسعارها بشكل ألحق أضراراً جسيمة بالمواطنين, وبالتالي فإن إنشاءها سوف يسهم في الحد من ارتفاعات الأسعار في المواد الغذائية خصوصاً أثناء المواسم, إضافة إلى أن الجمعيات ستسهم في الضغط على التجار لخفض الأسعار وعدم المغالاة فيها.

* إن تجربة الجمعيات الاستهلاكية ليست بالأمر الجديد, فهي مطبقة في معظم دول العالم, وأخص بالذكر هنا التجربة الناجحة في الكويت والإمارات, حيث يوجد في الكويت (49) جمعية تعاونية موزعة على الأحياء والمناطق, ويوجد في الإمارات (18) جمعية موزعة على إمارات المنطقة تقوم بتسويق (301) سلعة من السلع الاستهلاكية بأسعار تقل عن مثيلاتها من السلع ذات الأسماء التجارية المعروفة ولكن بجودتها نفسها. ولذا أدعو معالي وزير التجارة بتوجيه المختصين بالاستفادة من تجربة الكويت والإمارات في إنشاء تلك الجمعيات بما يتواءم مع ظروف المملكة, خاصة وأن تلك الجمعيات قد أسهمت بشكل كبير في تلبية متطلبات المواطنين في تلك الدول من السلع الأساسية بأسعار مناسبة.

* من الأهمية أن تحظى الجمعيات التعاونية الاستهلاكية عند قيامها بدعم من قبل الدولة, مما يعني توجه هذا الدعم لشريحة كبيرة من المواطنين بدلاً من قصره على عدد محدود من التجار والذين لم يقدروا للدولة هذا الدعم من خلال جشعهم ومبالغتهم في الأسعار.

* من الأهمية أن يتم تبني إنشاء الجمعيات الاستهلاكية من قبل الدولة ممثلة بوزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة التجارة، وأن لا يترك الأمر للغرف التجارية, لأن هناك تضارباً في المصالح, حيث إن نجاح الجمعيات سيكون على حساب ربحية التجار المبالغ فيه.

* إن قيام الجمعيات الاستهلاكية سيسهم في تحقيق الغايات الاقتصادية والاجتماعية التي تتطلع الدولة لتحقيقها للمواطنين، حيث ستسهم الجمعيات في ضبط أسعار السلع وخصوصاً الأساسية منها وتقديمها للطبقات المتوسطة والفقيرة بأسعار غير مبالغ فيها.

* يقترح أن يتم إنشاء جمعية في كل منطقة من مناطق المملكة, بحيث يتفرع منها فروع في مختلف المدن والمحافظات والأحياء التابعة لتلك المنطقة, وبحيث يتم قصر المساهمة والاستثمار في كل جمعية على المواطنين الساكنين في المحافظة نفسها أو الحي الذي أُنشئت الجمعية فيه, مع أهمية قيام وزارة التجارة بمراقبة ومتابعة كل ما يتعلق بتلك الجمعيات من خلال فروع الوزارة المنتشرة في مناطق المملكة.

* ما من شك أن الدولة تدعم إنشاء تلك الجمعيات التعاونية من خلال قيامها بوضع النظام العام المنظم لها, كالجمعيات الزراعية والمهنية والإسكانية وغيرها, ولم يتبق سوى قيام وزارة التجارة ووزارة الشؤون الاجتماعية بوضع اللوائح التنفيذية المنظمة للجمعيات التعاونية الاستهلاكية وتفعيل هذه التجربة ونشرها.

* من الأهمية أن يتم استقطاب الكفاءات الاقتصادية المتميزة لإدارة تلك الجمعيات لضمان نجاحها, وقد دعمت الدولة هذا التوجه من خلال تخصيص10% من الأرباح و10% من دعم الدولة لأعضاء مجلس الإدارة, وذلك بالإضافة لنصيبهم في التأسيس. حيث إنه من الأهمية أن يتم إدارة تلك الجمعيات التعاونية من خلال عقول اقتصادية قادرة على المنافسة وكسر احتكار التجار وتحقيق مصلحة المجتمع.



5/11/2012 م العدد 14648