ترجمة

احتياجات أجهزة الدولة وضرورة العمل بالعقد الموحَّد

د محمد بن عبد العزيز الصالح
وافق معالي وزير الصحة الدكتور حمد المانع مؤخراً على تشكيل لجنة تنسيقية تتولى وضع معايير وأسس موحدة لجميع احتياجات القطاعات الصحية بالمملكة من الأدوية والأجهزة الطبية، ويأتي تشكيل هذه اللجنة انطلاقاً من إيمان معاليه بأن تأمين احتياجات جميع القطاعات الصحية من خلال العقد الموحد سينعكس إيجاباً من خلال شراء تلك الاحتياجات بأقل الأسعار إضافة إلى توفير التدريب والصيانة بأسعار منافسة.
الجدير بالذكر أن مجلس الوزراء سبق أن وافق لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بأن تبرم اتفاقية مع شركة مايكروسوفت بهدف تلبية حاجة الدوائر الحكومية من برامج التشغيل لتقنية المعلومات التي تنتهجها مايكروسوفت وقد ترتب على هذا الاتفاق حصول أجهزة الدولة على كافة احتياجاتها من تلك البرامج بنسب تخفيض تصل إلى أكثر من 50%.
وبالنظر إلى ما تحتاجه الأجهزة الحكومية من الأثاث والورق والمستلزمات المكتبية والسيارات والأنظمة الحاسوبية وغيرها من الاحتياجات الأخرى، فإن التساؤل المطروح هنا يتمثل في مدى إمكانية تأمين تلك الاحتياجات لأجهزة الدولة من خلال العقود الموحدة.
ان تطبيق مبدأ العقود الموحدة في تأمين تلك الاحتياجات سيوفرالكثير على الخزانة العامة للدولة، ولو تمعنا النظر في الكيفية المتبعة حالياً من قبل أجهزة الدولة المختلفة من الوزارات والمؤسسات العامة والشركات الحكومية في تأمين تلك الاحتياجات لأدركنا انها تستند إلى اجتهادات غير مناسبة في تعاملها مع شركات القطاع الخاص ناهيك عن محدودية القدرة التفاوضية لدى بعض الأجهزة الحكومية، وهذا بدوره يتسبب في تكبد تلك الأجهزة لخسائر طائلة قد تتجاوز مئات الملايين من الريالات، وبالتالي فإن تأمين الاحتياجات المختلفة للأجهزة الحكومية من خلال العقد الموحد سيؤدي إلى معاملة تلك الأجهزة مجتمعة على أنها من كبار العملاء بالنسبة للشركة المصنعة أو المسوقة مما يخول تلك الأجهزة لخصومات كبيرة.
وأذكر على سبيل المثال أن شركة أرامكو السعودية قد تكبدت مبالغ ضخمة تقدر بمئات الملايين من الدولارات مقابل تأمين احتياجها من نظام برنامج ساب (SAP) وكان يمكن أن يخدم هذا النظام شركات حكومية أخرى مثل شركة سابك وغيرها، ولو تم ذلك عن طريق العقد الموحد فانه بالتأكيد ستقل تكلفته على شركة أرامكو وعلى بقية الشركات الأخرى التي ستؤمن هذا النظام، وإضافة للوفر المالي على الخزانة العامة، فإن من إيجابيات تطبيق العقد الموحد انه سيدفع بالشركة المتعاقدة معها إلى تأمين برامج الصيانة الدورية اللازمة الطويلة المدى لكافة أجهزة الدولة وذلك بحكم ضخامة العقد المبرم، إضافة إلى التزام الشركة بتأمين كافة البرامج التدريبية اللازمة.
أما ما يتعلق بآلية تنفيذ هذا المقترح فتكون من خلال تشكيل لجنة دائمة (أو فريق عمل دائم) يكون مقره في جهة عليا ولتكن ديوان رئاسة مجلس الوزراء على ان يكون هناك تمثيل في هذه اللجنة لكل جهاز من أجهزة الدولة المختلفة من مستلزمات ورقية ومكتبية وأثاث وسيارات وغيرها من الاحتياجات التي تشترك فيها أجهزة الدولة، كما تتولى اللجنة تمثيل كافة أجهزة الدولة والقيام بكافة الجوانب التفاوضية في مواجهة الشركات الخاصة.
عندها ستتمكن أجهزة الدولة من تأمين كافة احتياجاتها بأفضل الأسعار لأنها ستكون في وضع تفاوضي أقوى، كما سيتم التمكن من توفير كافة الاحتياجات اللازمة من الصيانة والتدريب.
 
27 / 3 / 2004م        عدد 11503

تذبذب سهم الاتصالات: على من تقع المسؤولية؟

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
نشرت إحدى الصحف يوم السبت الماضي الموافق 22 محرم 1425هـ خبراً مفاده أن وزير الاتصالات المهندس محمد جميل ملا قد عبر عن الاستعداد للتنازل عن مستحقات متأخرة (تصل قيمتها إلى 4.28 مليار ريال) على أجهزة الدولة لشركة الاتصالات. وقد أدى نشر هذا الخبر إلى التأثير السلبي على سعر سهم الشركة في السوق حيث اندفع الكثير من حملة السهم إلى التخلص من السهم وبيعه بخسارة، كما أدى نشر هذا الخبر إلى تساؤل الكثير عن مدى أحقية وزارة الاتصالات بتوجيه الشركة للتنازل عن مستحقاتها المالية في الوقت الذي يملك المواطنون 30% من أسهم الشركة.
وفي اليوم التالي (الأحد 23 محرم 1425هـ) قامت شركة الاتصالات بنشر إيضاح على موقع تداول أكدت فيه على عدم صحة الخبر مؤكدة في ذلك بأنه سبق أن تمت تسوية كافة المستحقات التي على الجهات الحكومية من أول يوم أسست فيه الشركة مما يعني عدم إدراج تلك المستحقات ضمن القوائم المالية لعام 2003م.
وقد أدى هذا الإيضاح للشركة إلى التأثير الإيجابي على سعر سهم الشركة في السوق حيث ارتفع السهم بشكل ملحوظ في ذلك اليوم. وبالتالي يمكن القول ان نشر ذلك الخبر المغلوط ومن ثم إيضاح الحقيقة من قبل الشركة قد أديا إلى تذبذب كبير في سعر السهم مما أدى إلى تضرر بعض المساهمين من خلال اندفاعهم لبيع السهم وبالتالي تكبد البعض منهم خسائر من جراء ذلك.
فمن المسؤول عن ذلك؟
وهل تقع المسؤولية على كاتب ذلك الخبر المغلوط أم على الصحيفة التي نشر فيها الخبر، أم على شركة الاتصالات حيث لم تبادر إلى تصحيح الخبر خلال الساعة الأولى من تداول يوم السبت على موقع تداول بدلاً من الانتظار حتى اليوم التالي.
ثم هل تم نشر ذلك الخبر المغلوط بناء على جهل كاتبه، أم ان هناك سوء نية من جراء ذلك النشر؟
ومن يحمي حقوق المساهمين الذين تضرروا من نشر مثل هذا الخبر غير الصحيح؟
ومن يضمن عدم تكرار نشر مثل تلك الأخبار التي قد يتضرر منها بعض المساهمين في السوق مستقبلاً؟ ثم متى ستتحمل بعض الصحف المسؤولية كاملة؟ ومتى سيتم وقف نشر بعض الأخبار المغلوطة التي يقصد منها الإثارة بغض النظر عن إلحاق الضرر بالغير والناتج عن نشر ذلك الخبر؟.
 
20 / 3 / 2004م          عدد 11496
 

الضلع الرابع في الحوادث المرورية

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
يتردد كثيراً ان الاضلاع المسببة للحوادث المرورية لدينا هي ثلاثة أضلاع (الطريق والسيارة والسائق)، وفي ظني ان هناك ضلعا رابعا أهم منها جميعاً ألا وهو القصور في العقوبات التي تتضمنها الأنظمة واللوائح المرورية، حيث ان تلك العقوبات غير رادعة في التصدي للمستهترين ولمرتكبي المخالفات المرورية، هذا بالاضافة إلى التساهل غير المبرر من قبل منسوبي وافراد المرور في تطبيق تلك العقوبات وذلك على خلاف ماهو موجود في كافة دول العالم.
وبسبب ذلك نلحظ ان الكثير من سائقي السيارات في المملكة (سعوديون وأجانب) لا يترددون في ارتكاب مختلف المخالفات المرورية والتي تسببت في تفشي الفوضى المرورية لدينا بشكل لا يمكن مشاهدته في أي بلد آخر، كما تسبب ذلك في ارتفاع عدد القتلى والضحايا من الحوادث المرورية. فلابد من التأكيد على ان الادارات المرورية تتحمل النصيب الأكبر في مسؤولية انتشار تلك الفوضى المرورية لدينا، كما انها تشارك في مسؤولية ارتفاع عدد قتلى وضحايا الحوادث المرورية لدينا، خاصة وان تلك الادارات المرورية لم تستطع حتى الآن فرض احترام الانظمة واللوائح المرورية على السائقين. والسؤال الذي يحتاج إلى اجابة: لماذا يحترم البعض منا انظمة وتعليمات المرور خارج المملكة، في حين ان تلك الفئة لا تعير انظمتنا ولوائحنا المرورية أي اهتمام؟ ولماذا يتقيد بعض السائقين بالسرعة المحددة على جسر المملكة - البحرين إذا كانوا في الجزء الواقع داخل حدود دولة البحرين في حين نجدهم يسيرون بسرعة جنونية إذا كانوا على جزء الجسر الواقع في حدود المملكة؟ ولماذا تتقيد الشاحنات الكبيرة بكافة التعليمات والقواعد المرورية في دولة الامارات في حين يمارس سائقو تلك الشاحنات كافة المخالفات المرورية بمجرد دخولهم للأراضي السعودية؟
إذا المشكلة في كثرة الحوادث المرورية لدينا والناتجة من فوضى مرورية عارمة لا يعود سببها إلى الطريق والسيارة أو السائق كما يدعي البعض ذلك، وانما يعود إلى عدم التطبيق الأمثل للعقوبات المرورية وعلى الجميع (هذا ان كان لدينا عقوبات رادعة بالفعل).
مجرد تساؤل
هناك العديد من السيارات التي تجوب مختلف شوارع مدينة الرياض بتظليلة داكنة تماماً وعلى كافة زجاج السيارة حتى الجهة الأمامية منها، علماً بأن تلك السيارات لايوجد عليها لوحات، كما لا يتردد سائقوها في ارتكاب مختلف المخالفات المرورية، كل هذا يحدث أمام أنظار رجال المرور وبعلم مسؤولي المرور دون تحريك ساكن!.
إذاً كيف نتوقع ان تتم السيطرة على تلك الفوضى المرورية التي ننفرد بها عن بقية الدول؟!.
 
13 / 3 / 2004م            عدد 11489

جرائم إنسانية دون عقوبات رادعة تتصدى لها !!!

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
جددت وزارة الصحة تحذيرها من استخدام مستحضر (دياتيك2000) الذي تروج له شركة كندية بوصفه علاجا قاطعا لمرضى السكري (الاقتصادية 17 يناير 2004)، وأكد معاليه ان الوزارة أخضعت هذا العلاج للتحليل وثبت انه يتكون من مواد تسبب قصورا في وظائف الكلى والكبد وتسبب الأنيميا، كما ان له تأثيرا سلبيا على الجهاز العصبي إضافة إلى ما قد يسببه من نزيف حاد للمريض.
وفي يوم الخميس 30-11-1424هـ نشرت صحيفة الرياض تصريحاً لمدير عام الرخص الطبية وشؤون الصيدلة بوزارة الصحة أكد فيه ان الوزارة تلقت العديد من الاتصالات من مرضى السكر حيث تناولوا هذا المستحضر العلاجي الخطير مبدين قلقهم الشديد من ذلك.
وفي تصريح لمدير مركز السكر بمستشفى الملك عبدالعزيز الجامعي بالرياض (صحيفة الرياض، 27 من ذي الحجة) أكد فيه أن سبعين حالة مصابة بمرض السكري قد تناولت المنتج (دياتيك2000) حيث أصيبوا بأعراض مرضية خطيرة.
الجدير بالذكر أن مروج هذا العلاج يدعي أن كندا هي بلد المنشأ لهذا المنتج، إلا أن الهيئة الكندية للصحة نفت ذلك وأكدت على ان هذا الدواء غير مرخص على الإطلاق في كندا، وأفادت بأن الشركة المنتجة لهذا الدواء تقوم بتسويقه من خلال موقع غير نظامي على شبكة الإنترنت، وبالتقصي والبحث اتضح أن مدعي إنتاج هذا العلاج يعمل في أحد مصانع الإسمنت بالأردن.
وأمام هذه الأخبار المرعبة يتبادر للذهن جملة من التساؤلات: فإلى متى يتم تسويق تلك الأدوية السامة والقاتلة في أسواقنا وصيدلياتنا؟ وعلى من تقع المسؤولية؟ هل نتوجه باللوم لوزارة الصحة حيث إنها لا تضرب بيد من حديد على يد كل من تسول له نفسه المتاجرة بأرواح المواطنين؟ أم نوجه الاتهام لوزارة التجارة والصناعة والتي قد تكون فسحت العلاج على أنه أحد المستحضرات العلاجية دون أن يتم فحص وتحليل محتواه؟، علماً بأن وزارة الصحة قد نبهت الجهات المعنية باتخاذ التدابير اللازمة لمنع تسرب هذا المستحضر إلى داخل البلد! أم أن اللوم يقع فقط على المؤسسة والشركة المستوردة والتي قد تكون سوقت تلك الأدوية القاتلة بطرق غير مشروعة؟
ثم هل تتضمن الأنظمة واللوائح المعمول بها في وزارة الصحة العقوبات الكفيلة بردع ذلك المستثمر الذي لا يتردد في المتاجرة بأرواح الناس؟
هل تتضمن تلك اللوائح عقوبة السجن بل والجلد لذلك التاجر المروج لتلك الأدوية القاتلة، أوحتى مجرد عقوبة التشهير به؟، أم ان العقوبات المطبقة لا تتجاوز العقوبات المالية التي لا تمثل سوى جزء يسير من الأرباح الطائلة التي يحققها بعض تجار الأدوية من خلال متاجرتهم بتلك الأدوية القاتلة؟.
نحن لا يهمنا لمن نوجه الاهتمام أو على من تقع المسؤولية من تواجد تلك الأدوية والمستحضرات العلاجية القاتلة بقدر اهتمامنا بأن يتم استئصال كافة تلك الأدوية المسمومة التي تمتلئ بها أسواقنا وصيدلياتنا من وقت لآخر.
وفي ظني أنه ما لم يتم التشدد من خلال فرض عقوبات السجن والجلد بل وحتى الإعدام لكل من تسول له نفسه من تجار الأدوية المتاجرة بأرواج الناس من خلال تسويقه لتلك السموم القاتلة.
نعم ما لم يتم ذلك، فإننا سنظل نتحدث ونكتب وننتقد دون جدوى أمام تلك الجرائم الإنسانية.
6 / 3 / 2004م            عدد 11482