د محمد بن عبد العزيز الصالح
في تصريح لصحيفة الوطن (الاثنين 20-7- 1427هـ، ص 17) ذكر مساعد المدير العام للخطوط السعودية لخدمات الركاب والمبيعات في منطقة مكة المكرمة أن أعداد المتخلفين عن رحلاتهم في مطار الملك عبدالعزيز بجدة في النصف الأول من العام الجاري قد بلغ خمسمائة واثنين وخمسين ألف وثمانمائة مسافر وذلك على الرغم من تأكيد حجوزاتهم.
تصوروا أعزائي القراء أن أكثر من نصف مليون راكب وفي مطار واحد فقط وخلال نصف عام يتخلفون عن رحلاتهم على الرغم من قيامهم بتأكيد حجوزاتهم.
فهل يدل هذا على أننا شعب لا يحترم مواعيده ولا يحترم كلمته التي التزم بها للآخرين؟ وهل يدل هذا على أننا لا نقدر ثقة الآخرين بنا؟ وهل يدل هذا على أننا لا نبالي بالإضرار بمصلحة خطوطنا السعودية؟
أذكر في هذا الخصوص أن مجلس إدارة مؤسسة الخطوط السعودية قد أقر قبل عامين تطبيق فرض غرامات مالية على تخلف الركاب المسافرين الذين لديهم حجوزات مؤكدة وذلك على النحو الآتي:
- الرحلات الدولية وتقدر الغرامة ب:
300 ريال للدرجة الأولى
200 ريال لدرجة الأعمال
100 ريال لدرجة الضيافة
- الرحلات الداخلية وتقدر الغرامة ب:
70 ريالاً للدرجة الأولى
50 ريالاً لدرجة الأعمال
30 ريالاً لدرجة الضيافة
وعلى الرغم من هذا التوجه المحمود لمجلس إدارة مؤسسة الخطوط السعودية الرامي إلى تقليص الخسائر التي تتكبدها المؤسسة نتيجة تخلف الركاب عن السفر، إلا أننا وبعد عامين نجد أن أعداد الركاب المتخلفين من مطار واحد وخلال ستة أشهر فقط يتجاوز النصف مليون راكب!! فأين يقع الخلل؟
هل تلك العقوبات لم تُطبق وبالتالي نوجه اللوم للمعينين في المؤسسة الذين لم ينفذوا القرار الصادر عن مجلس إدارة المؤسسة بتطبيق تلك العقوبة.
أم أن العقوبات قد تم تطبيقها ولكنها غير رادعة مما يعني أهمية إعادة النظر فيها وفرض مزيد من العقوبات.
تجدر الإشارة إلى أن (شركة مصر للطيران) قد بدأت قبل عامين بتطبيق غرامة على كل راكب يتخلف عن السفر إذا كانت لديه حجوزات مؤكدة، علماً بأن العقوبة التي تطبقها شركة مصر للطيران تبلغ 50% من قيمة الرحلة الداخلية و25% من قيمة الرحلة الدولية. وبسبب أن تلك العقوبة رادعة، لذا فقد تمكنت الشركة من التغلب والسيطرة على ظاهرة تخلف الركاب عن السفر. فهل يستفيد المعنيون في خطوطنا السعودية من التجربة الناجحة للخطوط المصرية، خاصة أن عدم تفعيل تلك الغرامات المالية على المتخلفين عن السفر سيؤدي إلى تضخم خسائر الخطوط السعودية إضافة إلى عزوف الكثير من الركاب عن السفر على رحلات السعودية وهجرها لغيرها من شركات الطيران الأخرى بحثاً عن المقاعد المتاحة.
ما يجب إيضاحه هو أن ظاهرة تخلف الركاب عن السفر على الرغم من الحجوزات المؤكدة هي ظاهرة مستمرة بسبب قلة وعي بعض الركاب وكذلك أنانية وفوضى بعض الوكالات السياحية التي لا تتردد في المتاجرة بسمعة ومصلحة خطوط السعودية وذلك من خلال قيام تلك الوكالات بحجز مقاعد أكثر من احتياجها الفعلي، فمن يأمن العقوبة يسيء التصرف، وما من شك فإن الكاسب الأكبر من تفشي تلك الظاهرة عبر خطوطنا السعودية هي شركات الطيران الأجنبية المنافسة من خلال استقطاب وجذب المزيد من الركاب على حساب مؤسستنا الوطنية.
ختاماً، إذا كنا نثني على توجه مجلس إدارة المؤسسة العامة للخطوط السعودية على فرض تلك الغرامة التي تأتي كخطوة إيجابية في الاتجاه السليم للمؤسسة، فإننا نناشد المجلس بتوجيه الإدارة التنفيذية للمؤسسة بإعادة النظر في تلك العقوبات والعمل على تفعيلها حتى يتحقق الهدف المنشود من فرضها المتمثل في الحد من أعداد الركاب الذين يتخلفون عن السفر على الرغم من تأكيد حجوزاتهم.
26 / 8 / 2006م عدد 12385