ترجمة

رجاء أهالي العاصمة يا سمو الأمير


قبل ثلاثة أسابيع كان لدى صديق لي (محامٍ) موعد في المحكمة العامة بالرياض الساعة العاشرة صباحًا. وحرصًا منه على الوصول والوجود في المحكمة قبل الموعد المحدد انطلق بسيارته الساعة الـ8,30ص؛ إذ بدأ تحركه بالقرب من تقاطع طريق الملك فهد بالدائري الشمالي. وعلى الرغم من ذلك استغرقت مدة المشوار قرابة الـ90 دقيقة، ولم يصل إلى مكتب القاضي إلا بعد بدء جلسة الترافع. وعند نهاية الجلسة الساعة الـ11 عاد من المحكمة الساعة الـ11 ولكن تكرر المشهد نفسه في العودة أيضًا؛ إذ لم يصل لمكتبه إلا الساعة الـ12,20 ظهرًا!!
وقبل أسبوع كان هناك موعدٌ آخر لهذا المحامي في المحكمة, وتكرر المشهد نفسه, ساعة ونصف الساعة في الذهاب, وقرابة الساعة تقريبًا في العودة؛ وذلك بسبب الاختناقات المرورية التي يعانيها طريق الملك فهد ذهابًا وإيابًا.
تصوروا، ثلاث ساعات تقريبًا يقضيها الواحد منا في السيارة حتى يذهب لمشوار داخل مدينة الرياض!! والطامة هنا أن غالبية موظفي الدولة العاملين في مختلف الأجهزة الحكومية الواقعة وسط وشمال الرياض والساكنين في جنوب الرياض يهدرون الوقت نفسه تقريبًا بشكل يومي.
وأنا أقود سيارتي في وسط تلك الاختناقات المرورية المزعجة على طريق الملك فهد تبادر إلى ذهني تساؤلات عدة، منها:
- هل يعقل أننا لا نعير عامل الوقت أي اهتمام للدرجة التي نصل معها إلى أن الكثير من سكان العاصمة يقضون يوميًّا قرابة ثلاث ساعات وسط سياراتهم في تلك الاختناقات المرورية؟!
- ألا نتفق بأن ذلك يمثل هدرًا تنمويًّا واقتصاديًّا للوطن, ولاقتصاد العاصمة على وجه الخصوص؟
- وهل يعقل أن الجهات ذات العلاقة لم تكترث بالأمر, ولم تتحرك لإيجاد حل لتلك الاختناقات المرورية التي يعانيها سكان وزوار العاصمة طوال أيام الأسبوع؟
لأكثر من مرة توجهت من خلال هذه الزاوية مطالبًا كلاً من وزارة النقل والهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض بالتحرك العاجل لإيجاد حلول لتلك الاختناقات المرورية ولكن..................
لو شخَّصنا تلك الاختناقات المرورية لأدركنا أنها تحدث أيضًا على طريق مكة، الذي يمثل الشريان الآخر لسكان العاصمة من الشرق إلى الغرب؛ إذ يمتد من مخرج مستشفى الملك فهد شرقًا حتى طريق الأمير تركي الأول غربًا.
ورسالتي في هذا المقال موجهة باسم جميع أهالي مدينة الرياض لصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر أمير منطقة الرياض رئيس الهيئة العليا لتطوير منطقة الرياض, ونؤكد لسموكم خالص تقديرنا للجهود المخلصة المبذولة من قِبل الهيئة العليا لمنطقة الرياض والمبذولة في المشروع الاستراتيجي للطرق والنقل للعاصمة, إلا أنه لا يخفى على سموكم أن هذا المشروع يحتاج إلى سنوات طويلة لإنجازه, ولأن سموكم يعلم أن تعداد سكان الرياض يتجاوز ثمانية ملايين نسمة, وأن النمو السكاني للعاصمة يتراوح بين 6 % و8 % سنويًّا؛ ما يعني المزيد من المتاعب لسكان العاصمة من الازدحامات المرورية في الطريقين الرئيسين (طريق الملك فهد, طريق مكة), فإنني أقترح على سموكم توجيه الهيئة العليا لدراسة وتنفيذ دور ثانٍ من الجسور الممتدة على هذين الطريقين, بحيث تكون كما يأتي:
1. جسر يمتد على طريق الملك فهد من نادي الشباب شمالاً حتى أسواق عتيقة جنوبًا. (على الطريقين الرئيسين فقط دون خطوط الخدمة).
2. جسر يمتد على طريق مكة من تقاطع مستشفى الحرس الوطني شرقًا حتى الدائري الغربي. (على الطريقين الرئيسين فقط دون خطوط الخدمة).
سمو الأمير, إن إنجاز الجسور لا يستغرق سوى أشهر قليلة, وقد يتطلب الأمر الحصول على موافقة سامية بالتعميد المباشر لأفضل الشركات الصينية في هذا المجال على غرار ما حدث في بعض المشاريع الاستراتيجية في العاصمة. وللمعلومية, فقد تم بناء أحد أكبر الجسور في الصين خلال شهر واحد فقط.
سمو الأمير, يمكن أن تكون تلك الجسور مساعدة للمشاريع الاستراتيجية والتي هي محل التنفيذ حاليًا, خاصة أنه من المتوقع أن يتجاوز عدد سكان الرياض عشرة ملايين نسمة بحلول عام 1440هـ، وفقًا لإحصائيات الهيئة العليا لتطوير منطقة الرياض.

 

الجزيرة  العدد 15943 في 23/5/2016م

قراءة في مرتكزات برنامج التحول الوطني «2»


أقرَّ مجلس الوزراء مؤخرًا رؤية المملكة العربية السعودية 2030م, وقد أعلن سمو الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية بعد إطلاق هذه الرؤية أن هناك برامج ستُطلق قريبًا تحت مظلة هذه الرؤية, وأن أول هذه البرامج هو برنامج التحول الوطني المتوقع إعلانه قريبًا. ومن خلال هذه الزاوية سأقوم باستعراض بعض المرتكزات التي يقوم عليها برنامج التحول الوطني مبديًا بعض المرئيات حيالها إذا ما أردنا أن يتم تنفيذها بالشكل المتأمل.
يقضي المرتكز الثاني للبرنامج بأن يتولى مسؤولو كل وزارة فيما دون الوزير تسيير العمل الإجرائي فيها, بما يكفل منح الوزير مزيدًا من الوقت لقيادة الوزارة لتحقيق أهدافها، وقيامه بمسؤولياته الأخرى، وبخاصة الخطط والاستراتيجيات المستقبلية للوزارة.
وما من شك أن تنفيذ هذا المرتكز يقتضي من الوزير الدقة في اختيار الأشخاص الأكثر كفاءة لتولي مواقع الإدارة العليا والمسؤولية في وزارته, وأن يبتعد عن المجاملات والمحسوبيات في اختيار قيادات وزارته؛ إذ إن نجاح وتميُّز كل مسؤول هو نجاح للوزير نفسه، والعكس صحيح. إضافة إلى ذلك, فإنه من الأهمية أن يقوم الوزير بإخضاع كل شخص قيادي سيتولى أحد المواقع العليا في الوزارة لفترة تجريبية، لا تقل عن ستة أشهر؛ حتى يتم التأكد من مدى مناسبته للمنصب الذي سيتم تعيينه فيه. كما أن على الوزير أن يحرص على اختيار من يجمع بين القدرة العملية وكذلك الخبرة اللازمة التي تمكنه من تسيير الأعمال الإجرائية كافة التي تخص الوكالة أو الإدارة التي سيتولى قيادتها. إضافة إلى ذلك, على الوزير أن يحرص على اختيار القيادات ذات الخُلق، ممن يحترمون العاملين معهم، وكذلك يحترمون مراجعي الوزارة؛ فالمسؤول العصبي، ممن يتطاول على زملائه في العمل، عادة ما ينتج منه التأثير السلبي على مستوى الإنتاجية في العمل.
إن قدرة الوزير على الاختيار المناسب للقيادات التي ستعمل معه في الوزارة ستسهم في زيادة فعالية الأداء وتعزيز إنتاجية الوزارة, من خلال قيام هؤلاء المسؤولين بالأعمال الإجرائية كافة في مختلف قطاعات الوزارة, وتمكين الوزير من التفرغ لتحقيق الأهداف العامة والقضايا الاستراتيجية التي تخص القطاع الذي تشرف عليه وزارته, والعمل على ربط الخطط التي تسير وفقها وزارته مع الخطط العامة للدولة، التي أقرتها المجالس العليا في الدولة, وأكدتها رؤية المملكة 2030م. وما من شك أن ذلك يتطلب من الوزير عدم إقحام نفسه في التفاصيل، وترك مختلف الأعمال الإجرائية لمساعديه وللقيادات التي اختارهم للعمل معه.
كما أن ذلك يتطلب من الوزير التقييم الدقيق والمستمر لمدى فاعلية كل مسؤول يعمل لديه في الوزارة, ومدى قدرته على العمل مع بقية المسؤولين في الوزارة بروح الفريق الواحد, ومدى تمكنه من الإسهام في تحقيق المهام المناطه بالوزارة. كما يتوجب على الوزير عدم التردد في إقصاء أي من مسؤولي الوزارة في حال تقصيره وعدم تمكنه من مجاراة الفاعلية في الأداء التي يفترض أن يكون عليها مسؤولو الوزارة كافة.

 

الجزيرة  العدد 15929 في 9/5/2016م

قراءة في مرتكزات برنامج التحول الوطني



أقر مجلس الوزراء خلال جلسته الأخيرة رؤية المملكة العربية السعودية 2030م, والتي عمل سمو الأمير محمد بن سلمان رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية وفريق من الخبراء تحت قيادة سموه شهوراً عديدة في سبيل إعداد هذه الرؤية, وقد أعلن سمو الأمير محمد بعد إطلاق هذه الرؤية بأن هناك برامج ستطلق قريباً تحت مظلة هذه الرؤية, وإن أول هذه البرامج هو برنامج التحول الوطني المتوقع الإعلان عنه أواخر شهر مايو من العام الحالي, وقد أكد سموه بأن هذا البرنامج سيكون برنامجاً تنفيذياً لتحقيق أهداف الرؤية في قطاعات عديدة أهمها قطاعات الخدمات واحتياجات المواطن. ومن خلال هذه الزاوية, سأقوم باستعراض بعض المرتكزات التي يقوم عليها برنامج التحول الوطني, مبدياً بعض المرئيات حيال ما تتضمنه تلك المرتكزات، إذا ما أردنا أن يتم تنفيذها بالشكل المتأمل. المرتكز الأول للبرنامج ينص على أن يكون الوزير ملماً بالسياسات العامة للدولة وما يتصل بها, وما من شك أن ذلك يتطلب وضع معايير دقيقة لاختيار الوزراء وشاغلي المناصب العليا في الدولة, ومن أهم تلك المعايير الكفاءة العالية والخبرة العميقة في مجالات الوزارة التي سينصب عليها، إضافة إلى حب الوطن والولاء لقادتنا، مع أهمية أن تتوافر فيه المواصفات الشخصية التي تجعله مقبولاً من الآخرين. كما تضمن المرتكز الأول أيضاً أهمية التنسيق والتكامل بين الوزارات والأجهزة الحكومية الأخرى في معالجة التحديات التي تواجهها الدولة. وما من شك أنه في الماضي لم توفق بعض الوزارات التنفيذية في تحقيق العديد من البرامج التنموية التي كان يحتاجها المواطن بسبب تفرد عدد من وزراء تلك الوزارات، والتعامل مع الوزارات الأخرى, وكأنها منافس أو خصم لوزارته وليست مكملة لها، وعلى الرغم من تعدد المجالس العليا في الدولة والتي يدخل في عضويتها هؤلاء الوزراء، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لإذابة الكثير من الممارسات والمناكفات الوزارية والتي انعكست سلباً على ما يفترض أن تقدمه تلك الوزارات من خدمات للمواطنين، أما اليوم, وفي عهد سلمان الحكمة والحزم، وبوجود ابن نايف وابن سلمان, تغيرت آلية تنفيذ الكثير من الملفات التنموية في الدولة, حيث أُنشئي مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية والذي يقوده بكل براعة سمو الأمير محمد بن سلمان بفكره النيّر وثقافته الاقتصادية, والتي أبهرت الجميع مع إعلان رؤية المملكة 2030, لقد تمكن سموه وباقتدار منذبداية قيادته لمجلس الشؤون الاقتصادية من تحقيق المرتكز الأول لبرنامج التحول الوطني, نعم لقد تمكن ابن سلمان من وضع سياسة محكمه لهذا المجلس عند مناقشته قضايا الاقتصاد والتنمية, وتركزت تلك السياسة على تحقيق التنسيق والتكامل بين الوزارات والأجهزة الحكومية الأخرى في معالجة التحديات الاقتصادية والتنموية التي تواجهها الدولة, وبسبب ذلك تلاشت المناكفات والمناوشات بين بعض الوزارات والتي كان الوطن يدفع ضريبتها, وأصبح أصحاب المعالي الوزراء أعضاء مجلس الشؤون الاقتصادية يعملون بروح الفريق الواحد وبقيادة محمد بن سلمان عند دراسة أي من الملفات والمشاريع التنموية التي تهم الوطن والمواطن, وما من شك أن وجود العديد من الوزراء من أعضاء المجلس ممن يلمون بالسياسات العامة للدولة، وممن يتمتعون بالكفاءة العالية قد ساعد سمو الأمير محمد على قيادة هذا المجلس لتحقيق تطلعات مليكنا المحبوب.

(في زاوية الأسبوع القادم سيتم إكمال القراءة في مرتكزات برنامج التحول الوطني).

 

           الجزيرة في 2/5/2016م   العدد 15922