ترجمة

سمو الوزير وهذا المقترح


د.محمد عبد العزيز الصالح

بداية، لا بد من الثناء على التحرك الفاعل والجهود الحثيثة التي يقودها صاحب السمو الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد وزير التربية والتعليم والهادفة إلى إحداث نقلات نوعية في العملية التربوية والتعليمية في كافة مراحل التعليم العام.            
كما أود الإشارة إلى الأوامر الملكية التي صدرت خلال الأشهر الماضية التي أكّدت على أهمية إيجاد فرص عمل مناسبة للفتيات، وقد تضمنت تلك الأوامر السامية توجيه كافة أجهزة الدولة ومنها وزارة التربية والتعليم بالعمل على طرق كافة السبل الكفيلة بتوفر فرص أكبر لعمل الفتاة السعودية.            
سمو الوزير، لقد أوضحت وزارة التربية والتعليم مؤخرًا بأن هناك دراسة لاحتساب مدة خدمة معلمات البند (105) لأغراض التقاعد المدني، وكذلك احتساب خدماتهن كخبرة ومن ثم منحهن درجات إضافية، وما من شك، أن هذا التوجه المحمود يحسب لسموكم كما يحسب لوزارة التربية والتعليم وخصوصًا أن في ذلك حفظًا لحقوق المعلمات العاملات على البند (105).       
سمو الوزير، من خلال هذه الزاوية، أرجو من سموكم توجيه القائمين بهذه الدراسة بأن يشملوا بدراستهم المعلمات اللواتي كنّ يعملن على نظام الساعات أيضًا، واللواتي سبق أن وجّه خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- عام 1416هـ بتثبيتهن على وظائف رسمية، فهؤلاء المعلمات لم تحتسب لهن سنوات الخدمة التي عملن خلالها على نظام الساعات وذلك على غرار زميلاتهن المعلمات المعينات على البند (105).           
سمو الوزير، أن رجاء هؤلاء المعلمات اللواتي كنّ يعملن ولسنوات طويلة على نظام الساعات باحتساب مدة خدمتهن لأغراض التقاعد، ليس من أجل مصلحتهن فقط، وإنما من أجل مصلحة العملية التعليمية في مدارسنا في الوقت الحاضر، ناهيك عن الوفر المالي الذي سيتحقق للوزارة من جراء ذلك.            
سمو الوزير، أن عددًا ليس بالقليل من هؤلاء المعلمات وصلن إلى سن معينة ولم ُيعد لديهن نفس العطاء الذي كنّ عليه قبل خمسة عشر عامًا تقريبًا، كما أن عددًا كبيرًا منهن يواجهن صعوبة في استيعاب مستجدات العملية التعليمية، حيث إنهن لم يتعلمن وسائل التقنية الحديثة التي تحتاجها العملية التعليمية في مدارسنا اليوم، وذلك بخلاف المعلمات حديثات التخرج، وبالتالي فإنه من مصلحة العملية التعليمية أن يتم احتساب مدة خدمات المعلمات اللواتي كن يعملن على نظام الساعات لأغراض التقاعد المدني فقط، حتى يتاح لهن التقاعد المبكر وتتاح الفرصة لغيرهن من المعلمات حديثات التخرج والقادرات على التعايش من المستجدات التي تتطلبها العملية التعليمية الحديثة.          
سمو الوزير، إن فائدة احتساب مدة خدمات معلمات نظام الساعات لا تقتصر على البعد التعليمي فقط، وإنما تتجاوز ذلك إلى البعد الاقتصادي أيضًا، حيث إن متوسط الراتب الذي تتقاضاه أي من هؤلاء المعلمات يبلغ (13) ألف ريال وعند إحالتها إلى التقاعد المبكر، فإنها ستوفر للوزارة (50%) من راتبها أو ما يعادل (7500) ريال، في حين أن ما تتقاضاه المعلمات الجدد يبلغ حوالي (5000) ريال، مما يعني أن توفير الوظائف للمعلمات حديثات التخرج لن يترتب عليه أعباء مالية على الدولة، إضافة إلى ذلك فإنه يمكن أن يشترط على معلمات نظام الساعات الراغبات في التقاعد المبكر، أن يقتصر احتساب الخدمة التي قضينها في نظام الساعات على أغراض التقاعد فقط دون أحقيتهن في المطالبة بأي علاوات أو فروقات مالية بسبب عدم ترقيتهن خلال تلك الفترة.
سمو الوزير، لقد تعود كافة منسوبي التعليم العام على رحابة صدركم وحرصكم على التفاعل مع كل ما يطرحونه من مقترحات تصب في صالح العملية التعليمية والتربوية.            
ولذا أحببت ومن خلال هذه الزاوية أن أطرح هذا المقترح بين يديكم للتوجيه بما ترونه محققًا للمصلحة وخصوصًا أن الوزارة قد أعلنت قبل يومين تشكيل لجنة ثلاثية لدراسة موضوع (التقاعد + 5) للمعلمات.
فلعل سموكم يوجه بدراسة هذا المقترح من قبل نفس اللجنة.

         
26/12/2011م       العدد 14333

تصريف الأمطار أم تصريف الطلاب؟!



د.محمد عبد العزيز الصالح

حدثني صديق عربي قرأ في الشريط الإخباري لقناة العربية أن المدارس قد عُلقت في بعض مناطق المملكة بسبب نزول المطر وسألني، (هل مدارسكم من صفيح لا تصمد أمام المطر أو هبوب الريح؟).
وكان هذا الصديق مندهشاً من الخبر حيث أضاف قائلاً إن الدراسة لا تتوقف في كثير من البلدان إلا لظروف حرجة جداً، وأنتم في السعودية ظروفكم ولله الحمد على خير ما يرام، ولم يبق إلا أن تكون مدارسكم لا تستطيع تحمل المطر أو هبوب العواصف الترابية لأنكم أيضاً توقفون الدارسة عند هبوب العواصف التي تأتي في أشهر الربيع (مارس وأبريل ومايو)!!
وقد أجبت صديقي العربي بأن إيقاف الدراسة عند نزول المطر أو هبوب العواصف قد حدث هذا العام والعام الذي قبله بشكل ملفت للنظر جعلك يا أخي تبدو مندهشاً بما حصل من إيقاف الدراسة، ولكني أود أن أوضح لك بأن مدارسنا ولله الحمد على أرقى المستويات سواء منها المملوكة لوزارة التربية والتعليم أو المستأجرة، فمدارسنا تتوفر بها كل شروط السلامة من حيث جودة المباني والصيانة المستمرة لكل ما تحتاجه، كما أن القائمين عليها من خيرة أبناء وبنات بلادي تأهيلاً ونشاطاً وحرصاً على إدارة دفة التعليم وعلى رأسهم وزير حكيم مستنير هو صاحب السمو الأمير فيصل بن عبد الله، فلسموه أثره الملموس والمشهود في الارتقاء بكل ما يتعلق بالتعليم من حيث تطوير المناهج الدراسية والمباني المدرسية وتأهيل المعلمين والمعلمات.
وقد تمكن سموه من إحداث نقلات نوعية في مسيرة القطاع التعليمي والتربوي خلال فترة زمنية قصيرة.     
وقد أكدت لصاحبنا العربي بأن ما حصل من إيقاف للدراسة لم تسع إليه وزارة التربية والتعليم، وإنما قيل لها (اجعلوا طلابكم وطالباتكم في مساكنهم كي لا يتعرضون لخطر قادم من السماء وهو نزول مطر سوف يعرض أرواحهم للهلاك!!) وأمام هذا التحذير المخيف من جهة مسؤولة وجدت الوزارة نفسها أمام حرج شديد وحصل ما حصل.     
وإلا فنحن -يا أخي- لا نشتكي من سوء في مدارسنا -كما أسلفت- ولا من بعدها عن وصول أبنائنا وبناتنا، فهذه المدارس (الابتدائية والمتوسطة والثانوية) موجودة في كل حي من أحياء مدن بلادنا الغالية وحينما يحصل ما يوجب الانصراف من المدارس يذهب غالبية الطلبة والطالبات إلى بيوتهم في دقائق قليلة!!    
انتهى حديثي مع صديقي العربي، وبهذه المناسبة، أود أن أشير إلى أن ظاهرة إيقاف الدراسة التي تفرض على وزارة التربية والتعليم وأصبحت تتكرر كل عام قد أحدثت سلوكاً غير مرغوب لدى كثير من طلبة وطالبات التعليم العام وكرست لديهم روح الكسل والتراخي والترف، وهذا أمر خطير ومحل نظر، لأن إيقاف التعليم بهذه الطريقة غير محمود ومن المناسب ترك الغياب لظروف الطلبة والطالبات الذين إن رأوا أنهم لا يستطيعون الحضور إما لمرض أو لسوء الأحوال الجوية فلهم ذلك، أي يكون الأمر متروكاً حسب تقدير كل ولي أمر لظروف أبنائه وبناته أما إقفال المدارس بالصورة التي حصلت الأسبوع الماضي أو في عدة أيام من السنة الماضية فهو جدير بالبحث والدراسة على أرقى المستويات، وعلى إخواننا في وسائل الإعلام عدم المبالغة والإثارة وكأن حوادث السير لا تحصل إلا عند نزول المطر، أو أن مشاكل المدارس لا تكون إلا عند نزول المطر، فهذا غير صحيح فالحوادث لا سمح الله تحصل في كل الأوقات وعلينا توخي الحذر والحرص على التوعية قدر المستطاع.  
مجرد تساؤل:      
عندما يكرمنا رب العزة والجلال في قادم الأيام بنزول الأمطار، هل سنترك طلبتنا يستمتعون بتلك الأمطار خلال يومهم الدراسي، أم أن الجهات الأخرى، وبدلاً من العمل على تصريف الأمطار، نجد أنها ستتسابق إلى تحذير وزارة التربية والتعليم من مخاطر تلك الأمطار، وبشكل لا يؤدي إلى تصريف الأمطار وإنما إلى تصريف الطلاب؟!


12/12/2011م                 العدد 14319

عبد الله بن عبدالعزيز.. داعم البحث العلمي


د.محمد عبد العزيز الصالح

المتتبع لشؤون الجامعات يلاحظ اهتمامها مؤخراً بالبحث العلمي بوصفه إحدى الركائز الأساسية التي تقوم عليها.
ويأتي هذا الاهتمام نتيجة لاهتمام الدولة، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين رئيس مجلس التعليم العالي الملك عبد الله بن عبدالعزيز، بهذا الجانب؛ حيث يحرص ـ حفظه الله ـ على أن يواكب النهضة التعليمية التي تشهدها الجامعات بالمملكة اهتماماً بالبحث العلمي أيضاً لكونها الحاضنة الرئيسية لتطوير هذا الجانب.
إن اهتمام الجامعات السعودية بالبحث العلمي وازدياد حركته فيها عن طريق مراكز النشر يعود إلى كونه أحد المعايير التي تؤخذ في الحسبان في مجال الاعتماد الأكاديمي لأي جامعة.
إن ما دفع بالجامعات في المملكة مؤخراً للاهتمام بالبحث العلمي يعود إلى ما تلقاه الجامعات من دعم من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز؛ حيث يحرص ـ حفظه الله ـ على أن تصل الجامعات إلى مستوى العالمية، ولا أدل على ذلك من توجيهه الكريم بإنشاء جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية؛ حيث أصدر أمره الكريم بإنشائها.       
كما يتمثل اهتمام عبدالله بن عبدالعزيز بالبحث العلمي في دعم أبحاث التقنيات متناهية الصغر (النانو)؛ حيث تفضل ـ حفظه الله - بالتبرع بمبالغ طائلة لتمويل استكمال التجهيزات الأساسية للمعامل المتخصصة في هذا المجال في ثلاث جامعات، هي جامعة الملك عبدالعزيز، وجامعة الملك سعود، وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن. ويحمِّل هذا الدعم الجامعات مسؤولية كبيرة للسعي لتحقيق إنجازات مناسبة توازي طموحات القيادة الحكيمة.

ومن جانب دعم خادم الحرمين الشريفين رئيس مجلس التعليم العالي للبحث العلمي توجيهه لوزارة التعليم العالي بإنشاء عدد من مراكز التميز البحثي في عدد من الجامعات؛ وذلك حرصاً منه ـ حفظه الله ـ على أن تواكب الجامعات التوجُّه نحو اقتصاد المعرفة.
وقد حرص ـ حفظه الله ـ على توجيه مؤسسات التعليم العالي بالتركيز في إنشاء مراكز التميز البحثي على الجوانب التي تصب في صناعة التنمية السعودية؛ لذا جاء إنشاء تلك المراكز البحثية منصباً على القضايا التقنية والصحية والبترولية والبيئية والأمنية والتربوية.. إلخ.
وإذا ما نظرنا إلى الأهداف الاستراتيجية من إنشاء هذه المراكز ندرك أن من أهمها استقطاب الكفاءات والمهارات العلمية المتميزة على المستويين المحلي والعالمي، ونقل التقنية العالمية من خلال البحوث المتميزة التي تقوم بها هذه المراكز.
وهذه الأهداف لا شك أنها أهداف حيوية سيعود نفعها - بإذن الله - على الوطن والمواطن. كذلك من اهتمامات عبدالله بن عبدالعزيز بدعم البحث العلمي الموافقة السامية على الضوابط والمعايير اللازم توافرها فيمن تمنح لهم البدلات والمكافآت والمزايا من أعضاء هيئة التدريس السعوديين بالجامعات؛ حيث ورد من ضمن هذه الضوابط صرف مكافأة التميز؛ حيث تُصرف مكافأة شهرية لأعضاء هيئة التدريس السعوديين بنسبة (10 %) من الراتب الأساسي من الدرجة الأولى للحاصل على جائزة محلية، و(20 %) للحاصل على جائزة إقليمية، و(30 %) للحاصل على جائزة عالمية، و(40 %) للحاصل على براءة اختراع وفق ضوابط حددها مجلس التعليم العالي.
وما من شك أن هذا الدعم المالي المباشر الذي وجه به خادم الحرمين الشريفين للباحثين في الجامعات قد أسهم في أن تكون بيئة العمل في مؤسسات التعليم العالي بيئة جاذبة بعد أن كانت طارده.
لا شك أن تلك المواقف الداعمة لعبدالله بن عبدالعزيز لمختلف قضايا البحث العلمي في مؤسسات التعليم الجامعي قد انعكست إيجاباًعلى صنع التنمية السعودية من جامعات، كما أنها دفعت بها لتكون بيئة جاذبة للباحثين المتميزين بعد أن كانت طاردة لهم؛ لذا يحق لنا أن نطلق عليه ـ حفظه الله ـ أنه هو الداعم الحقيقي للبحث العلمي في جامعاتنا السعودية.      

(*) الأمين العام لمجلس التعليم العالي

                 

28/11/2011م              العدد 14305

هل قصر تعليمنا العالي في تلبية حاجة سوق العمل؟


د.محمد عبد العزيز الصالح


ما إن يدور الحديث حول البطالة وارتفاع معدّلاتها في أوساط الشباب والفتيات السعوديات، إلاّ ونجد الأصوات تتعالى من قِبل القائمين على الكثير من مؤسسات وشركات القطاع الخاص، ملقين باللوم على مؤسسات التعليم العالي ومتّهمين الجامعات باتهامات بأنها تخرج شباباً وفتيات غير متمكّنين من المنافسة على فرص العمل في السوق، ومع احترامي لمن يذهب إلى طرح هذه الاتهام من قِبل رجال القطاع الخاص، إلاّ أنني أؤكد بأنّ هذا الاتهام يجانب الحقيقة، بل إنني لا أبالغ القول إذا قلت إنّ بعض أصحاب المؤسسات والشركات وتهرباً منهم عن واجبهم الوطني بتوظيف شبابنا وفتياتنا، نجد أنهم يرمون التهم جزافاً تجاه مؤسسات التعليم العالي.
وبكل أمانة فلقد خطا كلٌ من مجلس التعليم العالي ووزارة التعليم العالي، خطوات جبارة في سبيل تحقيق المواءمة بين مخرجات التعليم العالي وحاجة سوق العمل، وذلك في ظل المعطيات الخيّرة التي بذلتها وتبذلها الدولة ـ وفّقها الله ـ في سبيل توفير فرص التعليم، ومن تلك الجهود ما يلي:      
1- لقد نجح مجلس التعليم العالي في التوسع في إنشاء العديد من مؤسسات التعليم الجامعي، حيث ارتفع عدد الجامعات الحكومية من (7) إلى (24) جامعة، يندرج تحتها المئات من الكليات والأقسام العلمية، ومن الأهمية الإيضاح بأنّ جميع الكليات والأقسام العلمية التي تم إنشاؤها تحت مظلّة الجامعات الجديدة، هي كليات علمية تطبيقية أو صحية، إضافة لبعض الكليات في التخصصات المالية والاقتصادية والتي هناك حاجة لمخرجاتها في سوق العمل.        
2- بالنسبة للجامعات القديمة، قام مجلس التعليم العالي في ظل توجيهات رئيس المجلس خادم الحرمين الشريفين، بإعادة هيكلة الكثير من الكليات والأقسام العلمية في تلك الجامعات، حيث تم التركيز على التخصصات التي تتواءم مع حاجة السوق، والحد من التخصصات التي هناك فائض لمخرجاتها.   
3- بتوجيه من مجلس التعليم العالي، نجد بأنّ جميع الجامعات قامت خلال السنوات الماضية بتطوير منهجيتها وخططها الدراسية، لتكون أكثر مواءمة لاحتياجات السوق، وقد طوّرت الجامعات خططها الدراسية بالتنسيق مع الجهات الموظِّفة في سوق العمل كوزارة العمل والغرف التجارية وغيرها.       
4- فيمــــا يتعلق بالتعليم العالي الأهلي، فإنّ مجلس التعليم العالي وبتوجيه من خادم الحرمين الشريفين رئيس المجلس، وافق على إنشاء عشر جامعات أهلية وما يزيد على ثلاثين كلية أهلية خلال السنوات القليلة الماضية. الجدير بالذِّكر أنّ جميع التخصصات التي تم تبنِّيها من قِبل تلك الجامعات والكليات الأهلية، هي تخصصات تتواءم مع احتياجات سوق العمل. إضافة لذلك، فإنّ جميع الحوافز التي أقرّها مجلس التعليم العالي للجامعات والكليات الأهلية من قروض ميسّرة ومنح طلابية مقتصرة على التخصصات التي هناك حاجة لمخرجاتها في سوق العمل.        
5- فيما يتعلّق ببرامج الابتعاث، فقد تم ابتعاث ما يزيد على المائة والخمسين ألف مبتعث ومبتعثة خلال السنوات القليلة الماضية، علماً بأنّ جميع التخصصات التي تم قصر الابتعاث عليها، هي تخصصات تلبّي احتياج سوق العمل.        
6- غالبية الجامعات في المملكة بدأت خلال السنوات القليلة الماضية تتبنّى برامج السنة التحضيرية لجميع التخصصات، علماً بأنّ هذه البرامج تركِّز على تزويد الطالب بمختلف المهارات التي يتطلّبها سوق العمل، مثل مهارة اللغة الإنجليزية وعلوم الحاسب ومهارة الاتصال وغيرها.  
ختاماً، وبعد تلك الجهود المتواصلة التي بذلها كلٌ من مجلس التعليم العالي ووزارة التعليم العالي في سبيل سد الفجوة بين مخرجات المؤسسات التعليمية وحاجة سوق العمل، لذا أعتقد بأنه لم يَعُد من المناسب على بعض رجال القطاع الخاص، إلقاء اللوم على مؤسساتنا الجامعية.


                الجزيرة 17 /10 /2011م     العدد 14263

مسؤولية الناخب ونجاح التجربة


د.محمد عبد العزيز الصالح

ونحن نسير بهذا الوطن إلى تجارب أكثر تقدماً وأكثر فاعلية في ميزان التحضر والرقي, وذلك من خلال عملية انتخاب مجالس البلديات, نقف هذه الأيام أمام المحك الحقيقي لنجاح هذه التجربة وانطلاقها على أسس من الوعي والمعرفة اللازمين كشرط أساسي لحصاد مثمر ولائق بهذا الوطن وأهله, فخلال اليومين الماضيين, و فتح المجال لكل مواطن أن يدون صوته في قائمة الناخبين وأن يشارك المشاركة الحقة في بناء لبنة من لبنات هذا الوطن وأن يكون أهلاً لما قررته الحكومة الرشيدة لصالحه ونظمته حقاً قائماً له.      
لقد جاءت اليومين الماضيين لتمثل الصورة الحقيقية للمواطن الصالح صاحب الصوت الناخب, والوطن بكافة مؤسساته انتظر من هذه الناخب أن يتقدم بصوته ليختار العضو الذي سيمثل حقوقه ومطالبه في مجلس البلدية.
ولا شك أن هذا الحق في الاختيار لم يوضع إلاً من أجل هؤلاء الناخبين, وإنني على يقين بأنهم قد التزموا بتقديم مصالح الوطن على المصالح الشخصية, كما أنني على يقين بأن اختياراتهم لم تتأثر بأهواء شخصية أو قبلية, وأنهم قد تجاوزوا المفاهيم التقليدية التي تعيق هذه التجربة وتنحاز لتكتلات غير خادمة ولا نافعة للصالح العام, كما أنني على يقين بأن أهداف الناخبين قد اتسمت بالعمومية وخدمة المجتمع كاملاً, متجاوزين في ذلك المكاسب الفردية, وأنا على يقين أيضاً بأن عملية التصويت لم تتحكم بها العوامل القبلية أو الفكرية أو المذهبية, لقد استثمر الناخبين التصويت استثماراً حضارياً تحكمه قيم أخلاقية في المقام الأول, ومن تلك القيم التي يحضّ عليها ديننا الإسلامي الأمانة, وقد قال الله في محكم تنزيله: (إنّا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال, فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان, إنه كان ظلوماً جهولا), و قال الرسول المصطفى (ص): (لاَ إيمَانَ لِمَنْ لاَ أمَانَة لَهُ وَلاَ دِينَ لِمَنْ لاَ عَهْدَ لَهُ).     
فالأمانة قيمة راسخة في النفس تهذب الإنسان, وهذه القيمة السامية تُؤدى في عملية الانتخاب على عدة مستويات, أولها أمانة أمام الله, حيث لا رقيب غيره سبحانه وتعالى, فعملية التصويت أو الاقتراع عملية سرية يقوم بها الناخب ولا يشاركه فيها أحد وبالتالي لن يكون هناك حسيب في أول الأمر سوى الله عز وجل والخبير بما تخفي الصدور, فعلى الناخب أن يراقب عند التصويت خالقه وأن يختار من هو أهلٌ لذلك, ففي هذا مرضاة لله أولاً وأخيراً, وهناك أمانة على الناخب أمام وطنه, فلا بد من أدائها له على الوجه الحسن, وذلك من خلال الاختيار الأمثل للعضو المناسب صاحب البرنامج الانتخابي الذي يتوافق وطموحاته, وهناك أمانة تقع على عاتق الناخب أمام نفسه ومواطنيه, فهو عندما يعطي صوته للمنتخب الكفء, فإنه بذلك يحقق أهداف عملية الانتخاب ويضع الأمور في نصابها من حيث وصول الأعضاء المستحقين إلى المجالس البلدية والتي هي قناة عمل الجميع, فمتى كان ممثلو المواطنين في هذه المجالس أكفاء وذوي أهداف مشتركة ومتجانسة, فإنهم حتماً سيعكسون الصورة الحقيقية لعملية الاقتراع النزيهة والصحيحة التي قام بها المقترعون, كما أن ذات الناخب سيلمس مصداقيته وأمانته في العائد عليه من أعمال المجالس وعلى الوطن من شعب ومؤسسات.    
إن عملية الانتخابات البلدية تعد بمثابة التمحيص الحقيقي للحسّ الوطني لدى المواطن الناخب والذي بدوره لم يصوت لغير كفاءة وطنية عالية يتسم بها العضو المنتخب ولديه من الرأي السديد ما يؤهله ليكون واجهة المواطنين الناخبين له, وسيظهر أثر ذلك على أداء الأعضاء المنتخبين ونتاجهم في الأعمال المتعددة داخل المجالس, وكل هذه المنجزات ستصب في حقول الوطن الأخرى, وإن كانت الأعمال في هذه المرحلة قاصرة على بعض الخدمات, فالغد منتظر ليكون لهذه المجالس أدوار واسعة في شتّى المجالات الخدمية للمواطنين من تعليم وصحة وغذاء ومواصلات وترفيه, لذا على المواطن الناخب اليوم أن يعي قدر مسؤوليته أمام الله ثم وطنه ومواطنيه.


     الجزيرة  3 / 10 / 2011م     العدد 14249

فليكن عبد العزيز قدوتنا جميعًا


د.محمد عبد العزيز الصالح

عندما رفع الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ـ طيب الله ثراه ـ راية التوحيد مهللاً ومعلناً توحيد المملكة عام 1351هـ ، وإن المُلك في أرض الجزيرة العربية لن يكون إلا لله سبحانه وتعالى ثم لعبدالعزيز، لم يكن أكثر الناس تفاؤلاً يظن بالقدرة على تحقيق الإنجازات التنموية المتلاحقة التي حققتها المملكة منذ عهد الملك عبدالعزيز وحتى وقتنا الحاضر، وذلك ليس من قبيل التشاؤم، ولكن كافة المعطيات التي صاحبت توحيد المملكة في بداياتها كانت توحي بذلك ، فالجزيرة العربية في ذلك الوقت كانت تفتقد لكافة المقومات الأساسية التي تحتاجها عملية بناء التنمية، إضافة إلى أنّ إعلان توحيد المملكة قد جاء في أعقاب حربين عالميتين ، مما جعل مرحلة التوحيد تنطلق في أجواء عالمية غير آمنة ومستقرة، وعلى الرغم من كافة تلك المعطيات الصعبة، فقد استطاع موحِّد هذه الجزيرة أن يضع مختلف الأساسات اللازمة للشروع في بناء حضارة سعودية.      
وكان من ضمن القطاعات التنموية التي وضع عبدالعزيز بن عبدالرحمن الأساس السليم لها قطاع التعليم، وكأحد منسوبي التعليم العالي، فإنه يحق لنا كسعوديين أن نفخر بما تحقق في قطاع التعليم العالي من منجزات جبارة خلال السنوات القليلة الماضية. فالجامعات تجاوز عددها الثلاثين جامعة ما بين حكومية وأهلية، والمبتعثون للخارج في برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز تجاوز عددهم المائة والعشرين ألف مبتعث . ومما يثلج الصدر أن جميع الجامعات قد تم إعادة هيكلتها لتتواءم مخرجاتها مع الاحتياجات التنموية وللوطن مع حاجة سوق العمل، إضافة لذلك فإن تلك المنجزات في قطاع التعليم العالي لم تقتصر على الإنجاز الكمي فحسب ، الجانب النوعي أيضاً، حيث اهتم رجال التعليم العالي بالاعتماد الأكاديمي والجودة سواء في المنهجية والبرامج أو في المشاريع المشيدة وذلك من خلال بناء المدن الجامعية المتكاملة في مختلف مناطق المملكة. وما من شك أن الدعم اللامحدود الذي قدمه ولا يزال خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رئيس مجلس التعليم العالي وحكومته الرشيدة إنما يعود إليه الفضل بعد الله في ما تحقق للتعليم العالي من منجزات.  
لقد تفضل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالقول: إنّ اليوم الوطني هو مناسبة مؤاتية لنحاسب أنفسنا عما قدمنا لهذا الوطن خلال الفترة الماضية، وعما إذا كان بالإمكان تقديم أفضل مما تم تقديمه. ونؤكد هنا بأن مناسبة اليوم الوطني هي فرصة مؤاتية لنسأل أنفسنا عن ماذا أنجزنا خلال الفترة الماضية في سبيل بناء التنمية السعودية. فماذا تم حيال تطوير بعض الأنظمة واللوائح، وماذا أعددنا لنجعل البيئة الاستثمارية في المملكة أكثر ملائمة لجذب الكثير من الأموال الأجنبية، وماذا عملنا لكي نحد من الأضرار التي قد تلحق ببعض قطاعاتنا الاقتصادية والتنموية بعد انضمامنا لمنظمة التجارة العالمية، وهل حققنا ولو النسب الدنيا في عملية إحلال الأيدي العاملة الوطنية بدلاً من الأجنبية. وماذا تم بخصوص تطوير المناهج التعليمية لتكون أكثر توافقاً مع متطلبات واحتياجات سوق العمل، وماذا .... وماذا .... وماذا .....  
استفسارات كثير تحتاج إلى وقفة ومراجعة مع النفس من الجميع، هذا إذا ما أردنا أن يكون لنا المكانة التي نتطلع أن نتبوأها.       
وأخيراً فإنني لا أملك سوى الدعاء بالرحمة والغفران لجلالة المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن ـ طيب الله ثراه ـ وأشد على يد كل مواطن بأن يتخذ من التجارب التي مر بها موحد هذه الجزيرة والتي استطاع من خلالها أن يؤسس بنيان هذه الدولة قدوة له. كما أنتهز هذه المناسبة الوطنية الغالية بتقديم أصدق التهاني لخادم الحرمين الشريفين وولي عهد الأمين ولسمو النائب الثاني أبقاهم الله ذخراً للدين وللوطن والمواطنين.

       الجزيرة  26 / 9 / 2011م      العدد 14242

القرار بيــد المـستـهلك


د.محمد عبد العزيز الصالح

على امتداد السنوات الماضية، وأسواقنا تطفح بمختلف أنواع المخالفات التجارية والجرائم والغش التجاري، فهذه مؤسسة لا تبالي بتسويق سلع بالية منتهية الصلاحية، غير مبالية بما تتضمنه أنظمة ولوائح وزارة التجارة من عقوبات، وهذه شركة لا تتردد في المبالغة في أسعار السلع التي تسوقها غير مهتمة بما يطلقه مسئولو وزارة التجارة من تحذيرات، ومؤسسة ثالثة تتمادى في استغلال مختلف المواسم كالإجازات ورمضان والحج وغيرها مستغلة حاجة المواطن إلى اقتناء وشراء احتياجاته الضرورية والمحتكرة من قبل عدد قليل من المؤسسات والتي قد يعود ملكية غالبيتها لنفس المستثمر، ومؤسسة رابعة تقوم بتخزين كميات كبيرة من سلعها ومنتجاتها سعياً إلى تجفيف السوق منها وصولاً إلى المغالاة في سعر تلك السلعة بشكل يمثل قسوة غير مبررة على المواطن، وذلك على الرغم من القرارات المحذرة من ذلك والصادرة عن أعلى المجالس في الدولة.   
وإزاء تلك المخالفات والجرائم التجارية، والتي عانى منها المواطن كثيراً في صحته وجيبه على امتداد سنوات طويلة دون أن تتمكن وزارة التجارة من القضاء عليها، وعلى الرغم من كثرة القرارات والتحذيرات التي صدرت من مختلف الأجهزة والمجالس في الدولة، والتي لم تنجح في إيقاف العديد من المؤسسات والشركات المتمادية والتي لم تخاف الله في ما تقوم به تجاه خلقه، ولم تقدر دعم الدولة لها على امتداد عقود زمنية لم تخضع خلالها إلى نسب ضريبية عالية على غرار ما هو مطبق في مختلف دول العالم باستثناء المملكة. أقول على الرغم من كل ذلك، إلا أن العديد من المؤسسات والشركات لا تزال تتمادى في ارتكابها مختلف جرائم الغش التجاري، ناهيك عن مبالغتها في ما تفرضه على المواطن من أسعار.
وفي ظل فشل وزارة التجارة في حماية الأسواق من تلك المؤسسات والشركات، وفي ظل عدم التفاؤل بأن تتمكن أي من الوكالات والهيئات والجمعيات التي أنشئت مؤخراً لحماية المستهلك، خاصة في ظل البداية المخجلة والمتواضعة لتلك الهيئات والجمعيات، لذا فإنني أعتقد بأن الحل الوحيد الذي يُمكن أن يُسهم في القضاء على تلك الجرائم التجارية إنما هو بيد المستهلكين أنفسهم من خلال قيامهم بمقاطعة شراء أي سلعة أو منتج عند قيام المؤسسة أو الشركة التي تسوقه بالغش في تسويقها لتلك السلعة أو بمغالاتها في سعر تسويقه.      
إنني أجزم بأن سلاح (المقاطعة الجماعية) الذي هو بيد المستهلكين كفيل بالقضاء على الكثير من ممارسات الغش أو المغالاة في الأسعار التي يرتكبها التجار، ولو عدنا للوراء قليلاً، لرأينا أنه عندما أرادت بعض شركات الألبان زيادة أسعار منتجاتها من الألبان قبل بداية شهر رمضان، لم يتردد المستهلكون عبر المواقع الإلكترونية في إشهار سلاح المقاطعة الفورية تجاه تلك الألبان مما دفع بشركات ومنتجي تلك الألبان إلى تخفيض أسعار منتجاتهم من الألبان إلى ما كانت عليه.

 
      الجزيرة 19  / 9 /2011م         العدد 14235

شين وقواية عين (أو) كفاية يا هيئة الطيران


د.محمد عبد العزيز الصالح

قبل عدة أشهر، ومن خلال هذه الزاوية، طالبت كما طالب الكثير غيري من الكتّاب، هيئة الطيران المدني بأن تسمح لشركات الطيران الخليجية بالنقل بين مطارات المملكة، خاصة وأن المواطنين قدا عانوا كثيراً من شركات الطيران السعودية المرخصة أثناء تنقلهم بين مطارات المملكة من جهة، إضافة إلى المكتسبات الاقتصادية التي ستعود على الوطن من جراء السماح لتلك الشركات الخليجية بالاستثمار في سوق النقل الداخلي بالمملكة.     
وما إن تم نشر تلك المطالبات حتى تصدى لها عدد من المسئولين في هيئة الطيران المدني وفي المؤسسة العامة للخطوط السعودية موجهين الاتهام لنا معشر الكتاب بأن مطالباتنا لا تتفق مع مصلحة الوطن، كما ذهبوا إلى وصف مطالباتنا بإفساح المجال لشركات الطيران الخليجية بالنقل الداخلي بين مدن المملكة بأنها مطالبات تمس سيادة الوطن، وفي ذلك نجد أن معالي مدير المؤسسة العامة للخطوط السعودية المهندس خالد الملحم قد علق قائلاً: (لا يوجد دولة بالعالم تأتي بشركات عالمية كي تستلم الطيران المحلي، ولا بد أن تكون الشركة محلية .....إلخ) فكيف يصرح معاليه بذلك في الوقت الذي نجد أن الدول الأوروبية تطبقه منذ أكثر من 20 سنة حيث نجد أنه يجوز للشركات الأجنبية (بموجب اتفاقيات معينة) أن تنقل داخل المدن الأوروبية.       
أما هيئة الطيران المدني فقد أكدت بأن إقرار السماح لشركات الطيران الخليجي للنقل داخل المملكة غير وارد في حسابها، وفي هذا نجد أن المدير العام للتنمية التجارية والممتلكات بالهيئة العامة للطيران المدني المهندس علاء سمان قد صرح للصحف قائلاً: (إن السماح لشركات نقل جوي غير سعودية للنقل بين مدن المملكة غير وارد إطلاقاً لما له من تأثيرات سلبية كبيرة عن الناقلات الوطنية، وكذلك على صناعة النقل الجوي بالمملكة.... إلخ).   
وعلى الرغم، أعزائي القراء، من أن تلك التصريحات لمسئولي الخطوط السعودية وهيئة الطيران المدني تقوم على التنظير وتتجاهل ما يعانيه المواطن السعودي منذ سنوات طويلة من ممارسات شركات الطيران المحلية، وعلى الرغم من كونها تصريحات لا تأخذ الخسائر الاقتصادية الكبيرة التي يتحملها الوطن والمواطن منذ زمن من شركات النقل الجوي المحلية، كما أنها تصريحات أغفلت حقيقة مفادها أن نجاح صناعة النقل الجوي الداخلي لا يمكن أن يتم طالما تم قصر المنافسة على ناقل حكومي لا يزال تحكمه البيروقراطية بعيداً عن الأسس التجارية في تقديم الخدمة، وعلى شركتين أهليتين جديدتين يستحيل أن تقدمان الخدمة المرجوة منهما نظراً لارتفاع مرحلة التأسيس من شراء طائرات وإنشاء بنية تحتية متكاملة.
أقول على الرغم من عدم مناسبة توجه هيئة الطيران المدني طوال السنوات الماضية بإقفال الباب أمام دخول شركات الطيران الخليجية للنقل الجوي الداخلي في مدن المملكة، إلا أن ما لا يمكن قبوله مطلقاً هو ذلك التصريح الذي أطلقه المتحدث الرسمي لهيئة الطيران المدني خالد خيبري للصحف خلال الأيام الماضية عندما صرح لوسائل الإعلام بأنه لا صحة لما كتب في الصحف بأن هيئة الطيران المدني ترفض السماح لشركات الطيران الخليجية بتقديم خدمات النقل الجوي الداخلي بين من المملكة، فكيف يصرح المتحدث الرسمي للهيئة بذلك والجميع يعلم بأن المدير العام للتنمية التجارية والممتلكات بالهيئة سبق أن صرح للصحف بأن السماح لشركات الطيران الخليجية غير وارد إطلاقاً.
والسؤال هنا، هل يعمل هذان المسئولان في هيئتين مختلفتين!!! ثم كيف يذهب المتحدث الرسمي إلى تكذيب ما نشرته الصحف من تصريحات لمسئولين يعملون في نفس الهيئة التي يعمل فيها، ألا يكفي أن الهيئة طوال السنوات الماضية لم تحرك ساكناً إزاء ما يتعرض له المواطن من جراء سوء خدمات النقل الجوي المقدم من شركات الطيران المحلية وإقفالها الباب في وجه شركات الطيران الخليجية، ثم بعد ذلك يأتينا المتحدث الرسمي للهيئة لينفي في تصريحه ما سبق أن صرح به للصحف مسئول آخر في نفس الهيئة، ولكن لا نقول سوى (شين وقواية عين).


      الجزيرة 22 / 8 / 2011م        العدد 14207

تساؤل للمبتعثين والمبتعثات هل ستحققون أماني خادم الحرمين الشريفين؟


                               د.محمد عبد العزيز الصالح

لا شــك أن برنامـــج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي يُعدُّ من المشروعات الطموحة التي سعى الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله- من خلاله بعزم لا يعرف الكلل لبناء مجتمع المعرفة، حيث انفقت الدولة ولا زالت تنفق بسخاء على التعليم والتدريب الذي يشكل عنصرًا مهمًا من عناصر بناء المستقبل للوطن والمواطن وخصوصًا في هذه الفترة من الزمن التي واجه فيها معظم دول العالم أزمة طاحنة في المجال الاقتصادي، حيث إن معظم الدول، حتى الكبرى منها تواجه كسادًا اقتصاديًا وإفلاسًا في بعض مؤسساتها المالية، وانهيارًا في سوقها العقاري. لذلك يحق لنا كسعوديين أن نفخر بهذه القيادة التي تسير على خطى ثابتة في بذل الغالي والرخيص من أجل شباب هذا الوطن وتطوير قدراته، ومن خلال هذه المعطيات، نستطيع القول إن الدولة أدت دورها على الوجه المطلوب، ولكن بقي دورنا نحن كمواطنين، وخصوصًا ممن أُتيحت لهم فرصة الابتعاث والاستفادة من هذه العطاءات الخيّرة التي تقدمها الدولة لأبنائها وبناتها.   
أعزائي المبتعثون والمبتعثات: إن البرنامج الذي تتفيؤون ظلاله، وتنهلون من عطاءاته، يُعدُّ أكبر برنامج بعثات علمية بتمويل حكومي كامل على مستوى العالم، وأن ما يميز هذا البرنامج أن الاختصاصات قد تم اختيارها وفق الاحتياجات التنموية الوطنية، لذلك ووفقًا للخطط الإستراتيجية الموضوعة لهذا البرنامج، سوف تحصد الدولة هذا الغرس المبارك بمخرجات إبداعية قوامها الإنسان السعودي الذي أكتمل بناؤه وتأهيله ليأخذ موقعه في ميادين العمل والتنمية المستدامة.   
أعزائي المبتعثون والمبتعثات: لست في حاجة إلى التركيز على دوركم كمبتعثين في تجسيد أهداف الابتعاث عبر الاجتهاد الطموح نحو العلم والابتكار وقيامكم بالدور الثقافي الإيجابي، ومحافظتكم على هويتكم الإسلامية والعربية والسعودية، وبذل ما تستطيعون لأن تكونوا جسرًا للصداقة والتواصل الحضاري بين الشعب السعودي وشعب الدولة التي تدرسون فيها، وأن تمثلوا بلدكم خير تمثيل، وأن تستفيدوا من معطيات الحضارة في البلدان المتقدمة التي تم ابتعاثكم إليها.
أعزائي المبتعثون والمبتعثات: إن وجود أكثر من (100.000) مائة ألف مبتعث ومبتعثة إلى دول العالم المتقدم ضمن برامج الابتعاث لأمر يدعو إلى التفاؤل وخصوصًا إذا نظرنا إلى المستقبل القريب ـ إن شاء الله ـ حينما تعودون إلى أرض الوطن وقد تسلحتم بالعلم والمعرفة والتجربة، حيث سنرى مجتمعنا السعودي يقطف ثمار هذا الغرس الطيب، وسنرى أفواج الخريجين منكم قد عادوا وأسهموا في دفع عجلة التنمية في المملكة إلى الأمام وأصبحوا أعضاء فاعلين في المجتمع، فالله الله بالالتزام بالتخصص الذي ابتعثتم من أجله لأنكم كما تعلمون قد تم تحديد تخصصاتكم بناءً على دراسات دقيقة، واحتياجات قائمة، فأي تغيير لهذه التخصصات سوف يحدث خللاً في هذه الخطط.  
إننا إذا نظرنا إلى الدول الآسيوية وتحديدًا إلى تجربة كوريا الجنوبية، وكيف استفادت من تجربة الابتعاث والتدريب، هذا البلد الفقير في موارده الطبيعية، المصنف في منتصف القرن الماضي ضمن أفقر ثلاث دول في آسيا، وكيف تحول اقتصادها بفضل التنمية البشرية بالتعليم، والتدريب، والابتعاث، وكيف أصبحت في المرتبة الثالثة في قارة آسيا بعد اليابان، والصين، وفي المرتبة العاشرة بين أغنى دول العالم.     
لذلك، ولكي ينجح برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث وغيره من برامج الابتعاث الأخرى، لا بد أن يقدر المبتعثون هذه الفرص ويستفيدون منها، لأن برامج الابتعاث لدينا تتميز عن غيرها من الدول أن تكلفة البرنامج مغطاة بالكامل من قبل الدولة، فهي التي تتحمل تكاليف الدراسة، وتصرف المكافآت للطلاب، وتقدم مصاريف العلاج والكتب والملابس والتذاكر السنوية للمبتعث وأسرته، فكل هذه الميزات قل أن يتمتع بها الطلاب المبتعثون من قبل كثير من دول العالم.     
أخيرًا أتمنى للجميع التوفيق، وأن تعودوا لوطنكم مكللين بالنجاح، حاصلين على المؤهلات التي ابتعثتم من أجلها لترفعوا رأس أهلكم ووطنكم، ولتحققوا أماني مهندس هذا البرنامج وراعية وداعمه بكل قوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ـ أطال الله في عمره وألبسه ثوب الصحة والعافية.


       الجزيرة    15 / 8 /2011م      العدد 14200

الرحلة الميدانية لسعادة الوكيل



د.محمد عبد العزيز الصالح

نشرت الصحف خلال الأيام القليلة الماضية خبراً مفاده أن وكيل وزارة التجارة والصناعة لشؤون المستهلك قد تخلَّى عن كرسي مكتبه في وزارته ليمارس الرقابة الميدانية على أسعار السلع الغذائية في بعض المحلات التجارية، وقد تمكَّن سعادته أن يرصد مخالفة محل تجاري مما يستدعي إخضاع هذا المحل للعقوبات المالية.
وأنا أقرأ هذا الخبر، تبادر إلى ذهني مرئيات وتساؤلات عدة منها:
- هل يعتقد سعادة الوكيل أن قيامه بالرقابة الميدانية بنفسه واكتشافه لبعض التجاوزات كفيل بتنظيف محلاتنا التجارية من مختلف أنواع الغش التجاري والتجاوزات السعرية التي تطفح بها الكثير من تلك المحلات المنتشرة في جميع مناطق ومحافظات وهجر ومراكز المملكة.   
- ماذا يقصد سعادة الوكيل من تلك الرحلة الميدانية، وماذا يعني اصطحابه لمصورين معه في تلك الرحلة، هل كان يقصد مجرد الظهور الإعلامي، أم كان يعتقد بأن نزوله شخصياً وتفتيشه للأسواق كفيل بتنظيف مئات الآلاف من المحلات التجارية التي تعج بالكثير من المبالغة في الأسعار.       
- صدقوني بعد تلك الرحلة الميدانية لسعادة الوكيل، أدركت سر الفشل الذريع لوزارة التجارة طوال السنوات الماضية في التصدي لجرائم الغش التجاري وكذلك فشلها في كبح جماح التجار من المغالاة في الأسعار والتي راح ضحيتها المواطنون.
- سنوات طويلة ووزارة التجارة تتملص من المسؤولية في قضية حماية المستهلكين من الغش التجاري والمغالاة في الأسعار بحجة عدم توافر أعداد كافية من المراقبين، وقد كنا ننادي الوزارة ومنذ زمن بأنها لن تتمكّن من تطهير الأسواق من تلك الجرائم والمخالفات التجارية التي يرتكبها بعض التجار ما لم تدرك الوزارة بأن غالبية أفراد المجتمع لديهم الرغبة في التعاون مع الوزارة كمراقبين ومفتشين على السلع المغشوشة والتجاوزات التجارية، وقد أكَّدنا مراراً أن الأمر لا يتطلب من وزارة التجارة سوى استصدار عقوبات مالية رادعة بحق أي تجاوزات أو غش تجاري، وأن يعلن للجميع وعبر مختلف وسائل الإعلام بأن كل مواطن أو مقيم سيتم منحه مكافأة مالية لا تقل عن 25% من أي عقوبات مالية يتم تطبيقها بحق أي تاجر متجاوز أو مرتكب مخالفة الغش التجاري، وقد أكَّدنا مراراً أن وزارة التجارة لن تتمكَّن من التصدي لجرائم الغش التجاري إلا إذا أقرت هذه الآلية.
إلا أن سعادة وكيل وزارة التجارة لشؤون المستهلكين وبدلاً من طرق هذا التوجه وتطبيق هذه الآلية والكفيلة بتواجد وانتشار الآلاف من المراقبين من مواطنين ومقيمين في مختلف الأسواق التجارية بمناطق ومحافظات المملكة، نجد أن سعادته قد تصدى للمهمة بنفسه عندما ترجّل عن كرسيه ليتولى مهمة التفتيش الميداني على المحلات التجارية بنفسه. والطريف في الأمر أن سعادته لم ينس أن يأخذ معه مصوراً حتى يوثّق تلك الرحلة الميدانية على الأسواق. عندها أدركت سبب فشل وزارة التجارة طوال السنوات الماضية في حماية المستهلكين من جرائم الغش والمغالاة في الأسعار، وعندها أيضاً أيقنت بأن المستهلك لدينا يحتاج إلى قرون من الزمن حتى تتمكّن وزارة التجارة من توفير الحماية اللازمة له.

 

            الجزيرة  9 / 8/2011م       العدد  14194

خطوة للحد من الهدر المالي


محمد عبد العزيز الصالح


وجَّه معالي نائب وزير التربية والتعليم الدكتور فيصل المعمر قطاعات الوزارة وإدارات التربية والتعليم في جميع المناطق والمحافظات بعدم تقديم الهدايا والدروع بين منسوبي الوزارة توفيراً للجهد والمال.
وفي الوقت الذي أثني فيه على هذا التوجه للدكتور فيصل المعمر لا بد أن نشير إلى ذلك الهدر المالي غير المبرر الذي تنتهجه أجهزتنا الحكومية كافة من خلال تقديم الدروع والهدايا المكلفة في جميع المناسبات العامة من ندوات أو مؤتمرات أو حلقات نقاش أو ورش عمل أو حتى مجرد زيارات لمسؤوليها لبعض القطاعات التابعة لهذه الوزارة أو تلك.     
فقد جرت العادة غير المحمودة عندما تُعقد إحدى تلك المناسبات العامة أن يقوم منظموها بتقديم الدروع والهدايا المكلفة لراعي الحفل ولوزير الوزارة ولمدير الدائرة وللعديد من الأشخاص ممن أسهم في تلك المناسبة، وما من شك أنه يتم إنفاق أموال ليست بالقليلة على تلك الدروع، خاصة لدى بعض الأجهزة الحكومية التي تبالغ في فخامة تلك الدروع؛ ما يطرح التساؤل عما إذا كانت تلك الممارسة تمثل هدراً مالياً غير مبرر.
ومن الإنصاف الإشارة في هذا الخصوص إلى ما سبق أن أعلنه صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز برفضه قبول الدروع التذكارية التي تُقدَّم لسموه في مختلف المناسبات التي يرعاها سموه، مقترحاً سموه تحويل المبالغ التي تتكلفها عملية تصنيع تلك الدروع والهدايا القيمة إلى الجمعيات الخيرية المنتشرة بالمملكة.
أعتقد أننا نتفق جميعاً على أن ذلك المسؤول الذي يحظى بكثرة الدروع التي تُقدَّم له في مختلف المناسبات التي يرعاها لن يستفيد منها، كما أنه لا يمكن بيعها بعد ذلك لصالح أي من الجمعيات الخيرية؛ لذا أعتقد أن على أجهزة الدولة كافة أن تعيد النظر في تلك الممارسة غير المبررة اقتصادياً، وأن تلجأ بدلاً من ذلك إلى منح شهادات ورقية تُحقّق الوفر المالي للجهة الحكومية الراعية للحفل، وتُمكّن راعي الحفل من الاحتفاظ بتلك الشهادة والاستفادة منها.


          الجزيرة  26 / 7 /2011م             العدد 14180

أصاب عبد العزيز بن ماجد وأخفق نظام الغش التجاري



محمد عبد العزيز الصالح

وجه صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد أمير منطقة المدينة المنورة باستكمال إجراءات الضبط والتحقيق بحق المنتسبين للمطبخ الذي تم ضبط عمالته وهم يجلبون الأغنام المريضة والنافقة من السوق المركزي للأغنام وذبحها وطبخها ومن ثم تقديمها كوجبات للزبائن، علماً بأن المطبخ يعمل به سبعة عمال مقيمين من جنسيات عربية، منهم أربعة لا يحملون شهادة صحية، فيما لا يحمل الآخرون إقامات، وقد تم ضبط خمس عشرة ذبيحة مريضة لا تصلح للاستخدام الآدمي في ثلاجة المطبخ.      
وإزاء تلك الجرائم التجارية التي تعج بها أسواقنا في مختلف مناطق المملكة، لا بد من التأكيد على أن أنظمتنا التجارية وحتى الآن لا تتضمن عقوبات رادعة، وإلا لما أقدم أمثال هؤلاء المجرمين على ارتكاب مثل تلك الجرائم الإنسانية، وفي ظني بأن وزارة التجارة والأمانات البلدية لن تتمكن من التصدي لتلك الجرائم ما لم يتم تغليظ العقوبات التي تطبق بحق من يرتكب مثل تلك الجرائم الإنسانية.       
سمو الأمير عبدالعزيز بن ماجد لم يقصر في تقصي ومتابعة الموضوع ولم يقصر في إصدار توجيهه باستمرار حجز كل من له علاقة بتلك الجريمة، ولكن المؤلم في الأمر أنه وبعد أن يتم محاكمتهم قضائياً، ستصدر بحقهم وكالعادة عقوبات أقل ما يقال عنها أنها عقوبات تشجع غيرهم على ارتكاب مثل تلك الجرائم.     
هل تعلمون أن في بعض الدول مثل الصين يتم إعدام كل من يرتكب مثل تلك الجرائم، فما هي العقوبات التي تتضمنها أنظمتنا التجارية ويمكن تطبيقها بحق أمثال هؤلاء المجرمين، وهل الغرامات المالية التي تفرض عليهم رادعة أم أنها مشجعة على ارتكاب مزيد من الجرائم؟       
وهل يتم التشهير بأصحاب المحلات التجارية ممن يرتكبون جرائم الغش التجاري، وهل يتم التشهير بهم من خلال نشر صورهم وأسمائهم في الصحف ووسائل الإعلام؟    
وهل تتضمن أنظمتنا عقوبة الجلد والسجن لمدد طويلة بحق أمثال هؤلاء المجرمين؟
لا أعتقد بأن أنظمتنا تتضمن عقوبات رادعة، وإن كانت تتضمن مثل تلك العقوبات، فهي بكل تأكيد لا تطبق، فلو كانت تطبق لما تجرأ هؤلاء المجرمون على ارتكاب مثل تلك الجرائم الإنسانية، ولو كانت تطبق لما امتلأت أسواقنا بمثل تلك الجرائم التجارية والتي راح ضحيتها أعداد كبيرة من الأنفس البريئة.
ختاماً، نهنئ منطقة المدينة المنورة وأهلها بأميرهم الشاب عبدالعزيز بن ماجد والذي يفرض على الجميع احترامه بتواضعه الجم، كما نشيد بالإنجازات المتلاحقة التي حققها سموه وعلى كافة الأصعدة لمنطقة المدينة المنورة مما جعلها تتبوأ مركز الصدارة ثقافياً حيث تم اختيار المدينة المنورة لتصبح عاصمة الثقافة الإسلامية للعام 2013م.

    الجزيرة  18/7/2011م      العدد14172

أصاب عبد العزيز بن ماجد وأخفق نظام الغش التجاري



محمد عبد العزيز الصالح

وجه صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد أمير منطقة المدينة المنورة باستكمال إجراءات الضبط والتحقيق بحق المنتسبين للمطبخ الذي تم ضبط عمالته وهم يجلبون الأغنام المريضة والنافقة من السوق المركزي للأغنام وذبحها وطبخها ومن ثم تقديمها كوجبات للزبائن، علماً بأن المطبخ يعمل به سبعة عمال مقيمين من جنسيات عربية، منهم أربعة لا يحملون شهادة صحية، فيما لا يحمل الآخرون إقامات، وقد تم ضبط خمس عشرة ذبيحة مريضة لا تصلح للاستخدام الآدمي في ثلاجة المطبخ.      
وإزاء تلك الجرائم التجارية التي تعج بها أسواقنا في مختلف مناطق المملكة، لا بد من التأكيد على أن أنظمتنا التجارية وحتى الآن لا تتضمن عقوبات رادعة، وإلا لما أقدم أمثال هؤلاء المجرمين على ارتكاب مثل تلك الجرائم الإنسانية، وفي ظني بأن وزارة التجارة والأمانات البلدية لن تتمكن من التصدي لتلك الجرائم ما لم يتم تغليظ العقوبات التي تطبق بحق من يرتكب مثل تلك الجرائم الإنسانية.       
سمو الأمير عبدالعزيز بن ماجد لم يقصر في تقصي ومتابعة الموضوع ولم يقصر في إصدار توجيهه باستمرار حجز كل من له علاقة بتلك الجريمة، ولكن المؤلم في الأمر أنه وبعد أن يتم محاكمتهم قضائياً، ستصدر بحقهم وكالعادة عقوبات أقل ما يقال عنها أنها عقوبات تشجع غيرهم على ارتكاب مثل تلك الجرائم.     
هل تعلمون أن في بعض الدول مثل الصين يتم إعدام كل من يرتكب مثل تلك الجرائم، فما هي العقوبات التي تتضمنها أنظمتنا التجارية ويمكن تطبيقها بحق أمثال هؤلاء المجرمين، وهل الغرامات المالية التي تفرض عليهم رادعة أم أنها مشجعة على ارتكاب مزيد من الجرائم؟       
وهل يتم التشهير بأصحاب المحلات التجارية ممن يرتكبون جرائم الغش التجاري، وهل يتم التشهير بهم من خلال نشر صورهم وأسمائهم في الصحف ووسائل الإعلام؟    
وهل تتضمن أنظمتنا عقوبة الجلد والسجن لمدد طويلة بحق أمثال هؤلاء المجرمين؟
لا أعتقد بأن أنظمتنا تتضمن عقوبات رادعة، وإن كانت تتضمن مثل تلك العقوبات، فهي بكل تأكيد لا تطبق، فلو كانت تطبق لما تجرأ هؤلاء المجرمون على ارتكاب مثل تلك الجرائم الإنسانية، ولو كانت تطبق لما امتلأت أسواقنا بمثل تلك الجرائم التجارية والتي راح ضحيتها أعداد كبيرة من الأنفس البريئة.
ختاماً، نهنئ منطقة المدينة المنورة وأهلها بأميرهم الشاب عبدالعزيز بن ماجد والذي يفرض على الجميع احترامه بتواضعه الجم، كما نشيد بالإنجازات المتلاحقة التي حققها سموه وعلى كافة الأصعدة لمنطقة المدينة المنورة مما جعلها تتبوأ مركز الصدارة ثقافياً حيث تم اختيار المدينة المنورة لتصبح عاصمة الثقافة الإسلامية للعام 2013م.

 

    الجزيرة  18/7/2011م      العدد14172

تطوير قمة الهرم الإداري للدولة



محمد عبد العزيز الصالح

شهد عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز تطورات إصلاحية متلاحقة في مختلف القطاعات التنموية، كما شهد هذا العهد الزاهر دعماً وتعزيزاً للحوار الوطني وحوار الحضارات، فجني المواطن ثمار ذلك خلال السنوات القليلة الماضية.
لم يستثن خادم الحرمين الشريفين قمة الهرم الإداري من تلك الخطوات التطويرية، حيث أصدر - حفظه الله - توجيهه الكريم بدمج الديوان الملكي مع ديوان رئاسة مجلس الوزراء في جهاز واحد، فطالما أن خادم الحرمين الشريفين هو رئيس مجلس الوزراء، لذا كان من الطبيعي أن يتم دمج هذين الجهازين في جهاز واحد بمسمى الديوان الملكي خاصة أن ذلك سيوفر الكثير من الجهد والوقت في إنجاز المعاملات التي تمس مصالح المواطنين والقطاعات الحكومية وإستراتيجيات الدولة عموماً. لقد أتى هذا الأمر السامي والذي وجه به خادم الحرمين الشريفين بناء على ما اقترحه كل من سمو ولي العهد وسمو النائب الثاني، مما يؤكد حرص كافة ولاة الأمر على إعادة هيكلة الإدارات الحكومية يما يخدم المواطن أولا.    
يعلم الجميع مدى التطوير الإداري والتقني وانضباطية العمل في الديوان الملكي خلال السنوات الأخيرة، مثل تطبيق نظام البصمة في حضور وانصراف الموظفين والمتابعة الإلكترونية للمعاملات، وكذلك إفادة المواطنين عن إجراءات معاملاتهم من خلال رسائل نصية هاتفية، وما من شك أن كل مواطن راجع الديوان الملكي يشهد بحسن التعامل والشفافية وسرعة الإجراء مما جعل الديوان الملكي قدوة في ميكنة وجودة العمل الإداري، كما أن تلك الإنجازات الكبيرة التي تمت داخل أروقة الديوان الملكي تجعل المواطن يستبشر خيراً بتوحيد الجهازين في جهاز واحد، ومما لا شك فيه أن تلك النقلة التطويرية التي طالت قمة الهرم الإداري في الدولة إنما تلقي مسؤولية مضاعفة على الوزراء وكبار المسؤولين التنفيذيين في الدولة بأن عليهم أن يعملوا على تطوير قطاعاتهم لخدمة المواطن وفق توجيهات ولاة الأمر.
إن اختيار معالي الأستاذ خالد بن عبد العزيز التويجري ليتولى رئاسة الديوان الملكي الجديد لم يكن مستغرباً على الجميع نظراً للخطوات التطويرية التي ذكرنا بعضاً منها في هذا المقال، ولما يتمتع به معاليه من خلق رفيع وتواضع جم، وإخلاص لله ثم للوطن ولولاة الأمر، هذا بالإضافة إلى قدراته القيادية الإدارية الرفيعة والتي جعلته يحظى بثقة خادم الحرمين الشريفين وولاة الأمر لسنوات طويلة، كما جعلته قريباً ومؤثراً في كل القرارات الملكية التي أسعدت المواطن وحققت التنمية والرخاء لأبناء الوطن.     
إن هذا التميز لمعالي الأستاذ خالد بن عبد العزيز التويجري لم يأت من فراغ، وإنما جاء امتدادا للتميز الذي كان عليه والده الشيخ عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري - عليه رحمة الله -، فقد كان الشيخ عبد العزيز متميزاً بقدراته وعطائه لهذا الوطن على امتداد عدة عقود من الزمان، كما كان - رحمه الله - متميزاً بولائه وإخلاصه لولاة أمره في كل ما يحقق رضا الله ومصلحة المواطن.      
ختاماً، لا بد من التأكيد على أن الأداء المهني العالي والتواضع الجم والأخلاق الرفيعة التي يشهد بها كل من قابله، إنما يترجم عملياً رؤية الملك عبد الله في شعار المواطن أولاً.

 

          الجزيرة 4/7/2011م              العدد 14158

كفو يا بو متعب



محمد عبد العزيز الصالح

الجميع يعلم بالحال المغلوط الذي يعيشه وطننا الغالي والمتمثل بوجود تسعة ملايين وافد، في حين لا يجد الشاب السعودي وظيفة ملائمة.  
ومن أجل السيطرة على هذا الوضع، كانت وزارة العمل ومنذ سنوات تسعى إلى طرح برامج متنوعة للسعودة، كما سعت الوزارة إلى استصدار قرارات عليا من مجلس الوزراء تلزم القطاع الخاص بسعودة نسب معينة من العمالة لديه وفق نسب متدرجة. وفي كل مرة يوضع هذا البرنامج أو يصدر ذلك القرار، نجد أنه وبدلاً من سعي الجميع إلى إنجاحه والبدء في إحلال شباب وفتيات الوطن بدلاً من العمالة الأجنبية المسيطرة على مختلف المهن والحرف والفرص الوظيفية، نجد أنه -وللأسف- تبدأ تحركات أصحاب المصالح الخاصة والنافذين من رجال الأعمال لقتل هذا البرنامج أو ذلك القرار، متناسين في ذلك جميل الدولة عليهم, ولذا نجد أن قتل تلك البرامج والقرارات تبدأ من خلال الاستثناءات غير المبررة لتلك المؤسسة أو الشركة النافذة، ومن ثم التوسع في تلك الاستثناءات حتى يتم نحر برنامج أو قرار السعودة من الوريد للوريد، ولذا لم تنجح الدولة في ملف السعودة لسنوات طويلة بسبب تلك الاستثناءات والممارسات التي تهتم بتحقيق مصالح خاصة على حساب مصلحة الوطن وأهل الوطن.
اليوم، أعلنت وزارة العمل برنامجاً جديداً (نطاقات)، محاولة منها في دعم توطين الوظائف بالقطاع الخاص، ويقوم هذا البرنامج على التفريق في التعامل بين منشآت القطاع الخاص ذات معدلات التوطين المرتفعة، وبين منشآت القطاع الخاص غير الراغبة في التوطين، وذلك من خلال ربط البرنامج بمصفوفه متدرجة من الحوافز والتسهيلات التي تتأهل لها المنشآت حسب معدلات توطين الوظائف.  
ولا أخفيكم أنني لم أكن متفائلاً بنجاح هذا البرنامج منذ الإعلان عنه، ليقيني بتمكن أصحاب النفوذ وأصحاب المصالح الخاصة من إجهاض هذا البرنامج على غرار غيره من البرامج والقرارات السابقة، إلا أن الأمر تغير تماماً في أعقاب صدور توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الصريحة والموجهة لمعالي وزير العمل وذلك بعدم استثناء كائن من كان من تطبيق برنامج نطاقات عليه، وقد تفضل خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- بكلماته التالية الموجهة لوزير العمل: (طبق النظام عليَّ وعلى أبنائي في قواعد وسياسات العمل). وما من شك أن تلك الكلمات جاءت لتحمل في مدلولها أمرين:     
أولاً: أن هذا هو ديدن أبو متعب والذي طالما اعتدنا عليه، فجميع أبناء الوطن سواسية عنده -حفظه الله.  
ثانياً: أننا لا يمكن أن نوجد لمعالي وزير العمل أي عذر فيما لو لم ينجح هذا البرنامج بعد تلك الكلمات لأبي متعب.


         الجزيرة  27/6/2011م      العدد 14151

تكييف المساجد هدر للمال العام

د. محمد بن عبد العزيز الصالح

خلال صيف العام الماضي, كتبت مقالاً بعنوان: (جامع الفاروق مثال يحتذى به), بمناسبة قيام جامع الفاروق بحي العريجاء بالرياض بوضع جدار زجاجي متحرك يسمح بعزل الصفوف الأمامية عن الصفوف الأخرى من المسجد, وقد أدى ذلك إلى الاكتفاء بتشغيل (8) مكيفات فقط بدلاً من (27) مكيفا لكافة أيام الأسبوع ما عدا في صلاة يوم الجمعة, حيث يتم فتح الجدار الزجاجي وتشغيل كافة المكيفات نظراً لامتلاء المسجد بالمصلين في صلاة الجمعة, وقد أشرت إلى أن هذا الترشيد قد أدى إلى تحقيق وفر مقداره أكثر من 68% من الطاقة الكهربائية.    
لقد أثنيت في ذلك المقال على تجربة جامع الفاروق, وطلبت بأن تحتذى به كافة المساجد الكبيرة, كما طالبت أن يتم تشكيل لجنة من وزارة الشؤون الإسلامية ووزارة الكهرباء والمياه تقوم بمسح كافة المساجد الكبيرة في كافة المناطق ومن ثم تطبيق تجربة الجدار الزجاجي المتحرك في كافة فروض الصلاة (باستثناء صلاة الجمعة), إلا أنه لم يحدث شيء من ذلك, نعم لم يحدث شيء من ذلك لأن هذا هو واقعنا, وهذا هو نمط تعامل غالبية أجهزتنا الحكومية السلبي مع مثل تلك القضايا الجوهرية, ألهذه الدرجة تصل اللامبالاة؟ ألهذه الدرجة يصل الهدر؟ ألهذه الدرجة لا نبالي بالمال العام للدولة؟   
إذا كانت وزارة المياه والكهرباء تعاني خلال فترة الصيف من عدم كفاية أحمال الكهرباء, فكيف تتغاضى عن هدر الكهرباء غير المبرر في المساجد. وإذا كان معالي وزير الكهرباء والمياه قد صرح بأن نسبة الهدر الكهربائي في جوامع المملكة يصل إلى نحو 70% فكيف لا تتفاعل الوزارة مع هذا الاقتراح بتشكيل لجنة مع وزارة الشؤون الإسلامية والعمل على إلزام كافة المساجد والجوامع الكبيرة بوضع الجدار الزجاجي المتحرك.   
وإذا كانت وزارة الشؤون الإسلامية تدرك ضخامة الفاتورة التي تدفعها الوزارة لشركة الكهرباء عن ذلك الهدر الكهربائي في غالبية المساجد لدينا, والبالغ عددها أكثر من عشرين ألف مسجد, أليس من المفترض على الوزارة أنها سارعت إلى بناء هذا الجدار الزجاجي المتحرك في معظم المساجد, هل يعلم الإخوة أن بناء مثل هذا الجدار سيحد من هدر الأموال العامة للدولة والتي تضيع شهرياً لقاء طاقة كهربائية مهدرة في المساجد.
وبدلاً من تحرك الوزارتين (الكهرباء والشؤون الإسلامية) إلى القيام بعمل مؤسسي منذ العام الماضي لاحتواء المشكلة بشكل جذري, وبدلاً من تحرك الوزارتين لبناء مثل هذا الجدار الزجاجي في كافة مساجد المملكة التي تحتاج ذلك, تفاجئنا بإعلان نُشر في الصحف الأسبوع الماضي يشير إلى أن أحد مساجد الرياض (مسجد الجماز) قد قام بتركيب الجدار الزجاجي المتحرك بهدف توفير 70% من الطاقة الكهربائية المهدرة. وأجزم بأن من قام بتركيب هذا الجدار هم أهل الخير الذين قاموا ببناء المسجد لأنهم هم الذين سيدفعون فواتير الكهرباء. أما بقية الآلاف من المساجد التي تقع تحت مظلة وزارة الشؤون الإسلامية, فلم يحرك أحد ساكناً لأن الدولة هي التي ستتحمل فواتير الكهرباء. فهل يعقل ذلك؟    
إنني والله أترحم على المال العام, فهل يعقل أن تصل درجة الهدر واللامبالاة بالمال العام إلى هذه الدرجة.


    الجزيرة 20/6/2011م        العدد 14144
 

المدارس الأهلية والمبالغة في الرسوم الدراسية



د. محمد عبد العزيز الصالح

ما أن تعلن الدولة - حفظها الله - تقديم دعم للمواطنين من خلال دعم سعر سلعة معينة أو تحسين كادر لفئة من المواطنين، إلا ونجد أن بعض التجار والمستثمرين لا يترددون في اتخاذ موقف سلبي يتمثل في رفع سعري غير مبرر لتلك السلعة أو الخدمة مما يترتب عليه حرمان المواطنين من الاستفادة من دعم الدولة، وإن ما يحز في النفس ذلك السكوت غير المبرر من قبل بعض الأجهزة الحكومية التنفيذية إزاء تلك المواقف السلبية لهؤلاء المستثمرين.       
فخلال الأسبوع الماضي، صدر الأمر السامي الكريم والقاضي بدعم برنامج سعودة وظائف التعليم الأهلي من خلال تحديد الحد الأدنى لرواتب المعلمين السعوديين في المدارس الأهلية بمبلغ خمسة آلاف ريال، وقد تضمن الأمر السامي إسهام صندوق تنمية الموارد البشرية بما نسبته 50% من الراتب، مما يعني بأن مالك المدرسة الأهلية لن يتحمل سوى مبلغ (2500) ريال وهو ما يمثل نصف الراتب.
وما أن صدر الأمر السامي الكريم بتلك المكرمة لأبناء وبنات الوطن من خلال دعمهم للحصول على وظائف تعليمية حتى تسابق عدد كبير من المستثمرين وملاك المدارس الأهلية بالإعلان عن زيادات غير مبررة على رسوم الطلبة للعام القادم، فذهبت إحدى المدارس الأهلية الكبيرة في مدينة الرياض بإخطار أولياء أمور الطلبة والطالبات بتلك المدرسة برسالة جوال تنص على: (السادة أولياء الأمور، نأمل حجز مقاعد أبنائكم للعام القادم 2011/2012م علماً بأنه قد تم زيادة الرسوم الدراسية لمرحلة التمهيدي 3000 ريال والمراحل الأخرى 2000 ريال..).
المزعج في الأمر أن عددا كبيرا من المدارس الأهلية قد سار على نفس النهج من خلال فرض زيادات مبالغ فيها.       
فإذا كان ملاك المدارس الأهلية لم يتحملوا أي أعباء مالية بسبب هذا الأمر السامي، نظراً لقيامهم بدفع مبلغ الـ 2500 ريال (إن لم يكن أكثر) لمعلم أو معلمة غير السعودية، فما هو مبرر إندفاعهم إلى فرض زيادات كبيرة على رسوم دراسة الطلبة، نعم ما هو مبرر زيادة أرباح ملاك المدارس بواقع تسعون ألف ريال لكل فصل دراسي) 3000ريال
X 30 طالب في الفصل الواحد=90000 ريال ( !!! خاصة إذا ما علمنا بأن تلك الزيادات تزيد من معاناة المواطنين على تحمل أعباء الحياة المعيشية.   
ويظل السؤال المطروح، لماذا لا يتردد البعض من التجار والمستثمرين بإجهاض فرحة المواطنين في كل مرة يصدر فيها توجيهات عليا تصب في مساعدة ودعم المواطن، ولماذا تقف الأجهزة الحكومية التنفيذية موقف المتفرج إزاء ذلك.


     الجزيرة 13/6/2011م     العدد 14137

جمعية حماية المستهلك: ما أطولك ياليل


د. محمد عبد العزيز الصالح

بعد معاناتنا الطويلة السابقة مع إدارة حماية المستهلك بوزارة التجارة، والتي شهدت أسواقنا فيها مختلف أنواع الغش التجاري، ومختلف التجاوزات من بعض التجار والتي عانى المستهلكون منها كثيراً، تفاءلنا بصدور قرار مجلس الوزراء قبل أربع سنوات (2007م) بإنشاء جمعية حماية المستهلك ، وكنا نظن أنه مع ولادة تلك الجمعية، ستكتب نهاية معاناة المستهلكين من تجاوزات البعض من التجار، إلا أننا صُدمنا بسبب استمرار تفشي مختلف جرائم ومخالفات الغش التجاري، ومن ثم استمرار معاناة المستهلكين من جراء ذلك طوال الأربع سنوات الماضية دون تحرك ملموس من الجمعية للحد من ذلك.   
ولا أُخفيكم أعزائي القراء أنني قد أُصبت بخيبة أمل بعد سماعي لما قاله مدير إدارة العلاقات العامة بالجمعية خلال استضافته من قبل أحد الصوالين الثقافية بمدينة الرياض خلال الأسبوع الماضي عندما قال : (إن الجمعية تحمل إرثا بسبب إدارة حماية المستهلك في وزارة التجارة)، وقوله : (إن الجمعية حديثة النشأة وتعاني من قلة مواردها البشرية مقارنة بكبر حجم مساحة المملكة وكثرة أعداد المحلات والأسواق مشيراً إلى أن الجمعية تحتاج إلى جيش من الموظفين والمتعاونين)، وقوله: (إن وزارة التجارة أسقطت مسمى إدارة حماية المستهلك وغيرتها لتصبح وكالة شؤون المستهلك مشيراً بأن الوزارة قد تخلت من موضوع حماية المستهلك وألصقته بالجمعية).
ولتسمحوا لي أعزائي القراء أن أُعلق على بعض ما قاله مدير إدارة العلاقات العامة بالجمعية، فعندما يتضجر من أن الجمعية تحمل إرثاً سلبياً ثقيلاً ورثته من إدارة حماية المستهلك بوزارة التجارة، ففي ظني أنه لم يأت بجديد، فالجميع يعلم بالفشل الذريع الذي كانت عليه إدارة حماية المستهلك، والجميع يعلم أنه بسبب ذلك الفشل، طالب الجميع بإنشاء الجمعية، ولكن الطامة أنه وبدلاً من أن تقطع الجمعية شوطاً في توفير الحماية للمستهلكين، نجد أن القائمين عليها وبعد أكثر من أربع سنوات على إنشائها يحملون الفشل الذريع للجمعية إلى كونها حملت إرثا سلبيا من إدارة حماية المستهلك بوزارة التجارة !!!!
وعندما يقول سعادته بأن الجمعية حديثة نشأة، ففي ظني أنه جانب الحقيقة، حيث مضي على نشأت الجمعية أكثر من أربع سنوات (2007م)، وبكل المعايير فإن هذه المدة لا تعتبر قصيرة خاصة ونحن نتحدث عن جمعية مستقلة لها مطلق المرونة ولا تخضع لأي أنظمة أو لوائح بيروقراطية قد تعيق انطلاقها.
وعندما يذكر سعادته بأن الموارد البشرية للجمعية محدودة قياساً بكبر حجم مساحة المملكة، وبأن الجمعية تحتاج إلى جيش من الموظفين والمتعاونين، عندها أيقنت بأن الجمعية سيكون ليلها طويل وأنها ستكون امتداد لفشل إدارة حماية المستهلك السابقة، فهل يعقل بعد أربع سنوات من إنشاء الجمعية، أن يأتينا مسؤوليها بمثل هذا الكلام. هل يعتقد سعادته بأن الدولة ستوفر له الأعداد الكافية من الموظفين والجمعية ليست حكومية، وهل يعتقد سعادته بأن حماية المستهلكين في مختلف مناطق المملكة يمكن أن تتحقق بفزعة متعاونين.   
ثم هل يعقل أن القائمين على الجمعية وبعد أربع سنوات من إنشائها ليس لديهم تصور واضح عن توفير العدد الكافي من المراقبين على التجاوزات التجارية والسلع المغشوشة، وليعلم الأخوة في مجلس إدارة الجمعية أن يدركوا بأن غالبية أفراد المجتمع لديهم الرغبة في العمل في الجمعية كمراقبين ومفتشين عن السلع المغشوشة والتجاوزات التجارية، وكل ما يحتاجه الأمر أن تعمل الجمعية على استصدار عقوبات مالية رادعة بحق أي تجاوزات أو غش تجاري، وان يعلن للجميع وعبر مختلف وسائل الإعلان بأن كل مواطن أو مقيم سيمنح له مكافأة مالية بنسبة لا تقل عن 25 أو 30% من أي عقوبة مالية يتم تطبيقها بحق أي تاجر متجاوز أو مرتكب لمخالفة الغش التجاري، صدقوني عندها سيتم القضاء على مختلف أشكال الغش التجاري.


        الجزيرة 30/5/2011م      العدد 14123

تدريس الإنجليزية في المرحلة الابتدائية بين الترف والضرورة



د. محمد عبد العزيز الصالح

وافق مجلس الوزراء الموقر مؤخراً على ما رفعته وزارة التربية والتعليم بأن يبدأ تدريس اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية بدءاً من الصف الرابع وذلك ابتداءً من الفصل الدراسي الأول من العام الدراسي القادم (1432 - 1433هـ), وبكل صراحة أعزائي القراء, لن أُضيع وقتكم ووقتي في مناقشة مدى إيجابية أو سلبية تدريس اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية, حيث أجزم بأننا نعيش في مرحلة زمنية توجب علينا ليس إقرار تدريس اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية فحسب وإنما الاستعجال في هذا القرار, ومن ينادي بغير ذلك, فهو يغرد خارج السرب, ولا يدرك بأن هناك عشرات الآلاف من الشباب والفتيات الذين حرموا من الحصول على فرصة عمل بسبب محدودية التأهيل والمهارات المطلوبة والتي يأتي في طليعتها مهارة إتقان اللغة الإنجليزية.        
وإزاء هذا القرار الهام لمجلس الوزراء والذي سيكون له انعكاساته الإيجابية على خريجي المؤسسات التعليمية وذلك وصولاً لإزالة الفجوة بين مخرجات التعليم وحاجة سوق العمل, وأود أن ابدي بعض المرئيات حيال هذا القرار:        
- قبل تسع سنوات تقريباً, صدر قرار لمجلس الوزراء يقضي بأن يتم تدريس اللغة الإنجليزية على طلبة الصف السادس فقط, وعلى أن تقوم الوزارة بالرفع إلى مجلس الوزراء للنظر في تدريس اللغة الإنجليزية في مرحلة مبكرة (قبل الصف السادس) حين تتوفر للوزارة الاستعدادات الضرورية لذلك.  
وفي الوقت الذي كنا نعتقد فيه بأن الوزارة ستقوم بإقرار تدريس اللغة الإنجليزية على مستوى جديد بشكل سنوي أو على الأكثر كل عامين مما يعني أن تدريس اللغة الإنجليزية حالياً سيكون مقراً على جميع مستويات المرحلة الابتدائية (من المستوى الأول وحتى السادس), إلا أننا لا نعلم ما الذي جعل الوزارة تتناسى الأمر تماماً ولمدة تسع سنوات (علماً بأن توجه الوزارة عندما رفعت الأمر قبل (9) سنوات كان يقضي بتدريس اللغة الإنجليزية على المستوى الرابع والخامس والسادس دفعة وحدة).
وحيث يقول المثل (أن تحل المشكلة متأخراً خير من أن لا تحلها), فإنني أرجو من الإخوة في وزارة التربية والتعليم أن يبدؤوا العمل من الآن من أجل إقرار اللغة الإنجليزية على صف جديد كل عام, وأقترح أن يتم البدء من السنة الأولى الابتدائية, مما يعني أن تدريس اللغة الإنجليزية سيكون في كافة سنوات المرحلة الابتدائية خلال أربع أو خمس على أكثر تقدير, وذلك على غرار ما هو مطبق في المدارس الأهلية.      

- تضمن قراري مجلس الوزراء الحالي والسابق بأن تحرص وزارة التربية والتعليم بأن يكون مدرس اللغة الإنجليزية من المؤهلين المتمكنين من اللغة الإنجليزية, والتأكد من ذلك من خلال لجان من المتخصصين, والسؤال هنا هل تم التأكد من أن المعلمين الذين سبق أن تم تعيينهم لتدريس المستوى السادس من المؤهلين فعلاً, وهل ستبدأ وزارة التربية والتعليم من الآن البحث عن المؤهل فعلاً لتدريس اللغة الإنجليزية في بقية المستويات الابتدائية.  
هل بدأت الوزارة بالتنسيق مع الجامعات لوضع المنهج المطلوب في أقسام اللغة الإنجليزية والذي سيضمن تخريج مؤهلين بالفعل لتدريس اللغة الإنجليزية, وهل بدأت الوزارة بتشكيل فرق عمل متمكنة من استقطاب المتميز فعلاً من الدول الأخرى لتدريس اللغة الإنجليزية؟ أتمنى ذلك.        
- بدأت غالبية الجامعات بإقرار ما يمسى بالسنة التحضيرية والتي يتضمن منهجيتها جرعات مكثفة من اللغة الإنجليزية, كما تتوجه العديد من الجامعات إلى تكثيف اللغة الإنجليزية في غالبية خططها الدراسية, ويلاحظ بأن الكثير من طلبة الجامعات يواجهون مصاعب كبيرة من ذلك, ويعود السبب في ذلك لضعف ومحدودية اللغة الإنجليزية في مراحل التعليم العام, فأرجو من الإخوة في وزارة التعليم العالي أخد ذلك في الا
عتبار.

 

الجزيرة  23 /5/2011م   العدد 14116

جامعة نورة إضافة نوعية للتنمية السعودية



د. محمد عبد العزيز الصالح

يشهد التعليم في المملكة العربية السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - المزيد من المنجزات والقفزات العملاقة على امتداد الوطن اقتناعاً من قيادة هذا البلد بأن التعليم يُعَدّ ركيزة مهمة من الركائز التي تعتمد عليها الدولة في تحقيق التقدم، ومواكبة التطورات العلمية والتنفيذية في العالم.        
لذلك نجد أن الدولة - وفَّقها الله - اهتمت اهتماماً كبيراً بتطور التعليم وانتشاره في جميع محافظات ومدن المملكة، كما أتاحت فرصة التعليم سواء على مستوى التعليم العام أو الجامعي لجميع فئات المجتمع ذكوراً وإناثاً.
ولكون حديثي في هذا السياق يخص التعليم الجامعي للفتاة السعودية من خلال جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن فإن اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - بهذا الجانب واضح للعيان، وذلك من خلال تطوير تعليم المرأة في المملكة؛ حيث يلاحَظ أن تعليم المرأة قفز قفزات هائلة؛ فهو بدأ كتعليم جامعي خاص بالمرأة بإنشاء كلية التربية للبنات عام 1390هـ، إلى أن صدرت الموافقة السامية عام 1425هـ بضم كليات البنات وكليات المعلمين لوزارة التعليم العالي تمهيداً لإلحاق هذه الكليات بالجامعات، وتلا ذلك - وبالتحديد عام 1427هـ - صدور الموافقة السامية على إنشاء «جامعة البنات بالرياض»، ثم صدر توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بتغيير اسم الجامعة ليصبح «جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن»، كما أن دعم الدولة للتعليم الجامعي للمرأة لم يقتصر على إنشاء الكليات وتطويرها بإعادة هيكلتها، بل تعداه لإنشاء المدينة الجامعة الخاصة بالجامعة؛ لتكون أعظم إنجاز تحظى به الفتاة السعودية تعزيزاً لدورها ومشاركتها الإيجابية في التمنية وخدمة المجتمع في ظل القيم الإسلامية السمحة؛ حيث تفضَّل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - في شهر شوال من عام 1429هـ برعاية حفل وضع حجر الأساس لجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن لإنشاء أكبر مدينة جامعية للبنات على أرض مساحتها 8 ملايين متر مربع، ولإقامة مبان تبلغ مساحتها قرابة 3 ملايين متر مربع.   
كما أن الجامعة تطوَّرت تطوراً هائلاً خلال السنوات القليلة الماضية؛ حيث أصبحت تضم 13 كلية، منها 11 كلية جديدة تضم تخصصات لم تكن متوافرة من قبل، يدرس بها أكثر من 23.000 طالبة، وكذلك في مجال الابتعاث؛ حيث توسعت الجامعة منذ إنشائها في تعيين المعيدات والمحاضِرات في التخصصات الموجودة في الجامعة، وأتاحت لعدد لا بأس به منهن للابتعاث إلى الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وأستراليا لمواصلة دراستهن العليا والحصول على الماجستير والدكتوراه.
أما من ناحية تطوير أعضاء هيئة التدريس بالجامعة فقد اهتمت الجامعة بهذا الجانب اهتماماً كبيراً؛ حيث أتاحت لعضوات هيئة التدريس بالجامعة المشاركة في العديد من المؤتمرات، سواء داخل المملكة أو خارجها.  
وفي مجال خدمة المجتمع أدركت الجامعة أن رسالتها تتحقق حينما تحقق أهداف خطط التنمية في المملكة، تلك الخطط التي تستند إلى القوى البشرية؛ لذلك نلاحظ أن الجامعة أعطت خدمة المجتمع أهمية كبيرة، ولم تصبح هذه المهمة جزءاً من وظائف الجامعة التي تسعى من خلالها إلى تحقيق أهدافها بل صارت هدفاً وغاية تحاول الجامعة تسخير جميع إمكاناتها لخدمة هذا الجانب، بل إن المتتبع لأخبار الجامعة ونشاطها يلاحظ بوضوح أن الجامعة تحاول الاستفادة من إمكاناتها التدريسية، والبحثية، ومعاملها، ومراكز بحثها لبناء مجتمع فاعل، ولعل خير شاهد على اهتمام الجامعة بهذا الجانب إنشاء وكالة خاصة لشؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، وقد أثمرت هذه الجهود تنفيذ العديد من البرامج، وعقد الاتفاقيات مع مؤسسات المجتمع المدني.
كذلك خطت الجامعة خطوات واسعة في مجال الاستفادة من تجارب وخبرات الآخرين استجابة للرغبة الملحة في عقد برامج توأمة وشراكة حقيقية مع الجامعات المميزة عالمياً لمواصلة تطوير التعليم العالي في المملكة ونقل الخبرات والبرامج المميزة إليها؛ حيث قامت بتوقيع العديد من مذكرات التعاون بينها وبين بعض الجامعات العالمية في كوريا وبريطانيا وغيرها من الدول المتقدمة؛ وذلك بهدف تبادل الخبرات، والزيارات المتبادلة في مجال الطالبات وأعضاء هيئة التدريس، إضافة إلى التعاون العلمي بين الطرفين. ولا شك أن عقد مثل هذه الاتفاقيات يُعطي مؤشراً قوياً على ما وصلت إليه الجامعات السعودية بصفة عامة، وجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن بصفة خاصة من حيث السمعة العلمية والإمكانات الكبيرة المتوافرة لديها، وذلك بفضل الله ثم بفضل ما تلقاه من دعم ومساندة من قِبل الدولة.
ختاماً، لا بد من تأكيد أن افتتاح خادم الحرمين الشريفين بالأمس القريب المدنية الجامعية الجديدة لجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن إنماء يمثل دعماً للجامعة؛ لتواصل مسيرتها في بناء التنمية السعودية، وذلك بإشراف مديرة الجامعة الأستاذة الدكتورة هدى بنت محمد العميل.

 

الجزيرة  16/5/2011م    العدد 14109