ترجمة

لماذا يصر القصيبي على دعم عمل المرأة؟

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
  أكد معالي وزير العمل الدكتور غازي القصيبي عدم صحة ما تروجه بعض وسائل الإعلام من أن وزارته قد تراجعت عن تنفيذ القرار الوزاري رقم 120 والخاص بتأنيث منافذ بيع المستلزمات النسائية في الأسواق السعودية، موضحاً بأن هذا الموضوع هو محل دراسة وزارة العمل حالياً، حيث تقوم الوزارة بمحادثات جادة مع أصحاب هذه المحلات لتنفيذ هذا القرار في أقرب وقت، مؤكداً معاليه على عدم ارتجالية أي قرار تتخذه وزارة العمل، ومؤكداً أيضاً بأنه ليس من المقبول أن يكون لدينا أكثر من 270 ألف مواطنة تبحث عن عمل في الوقت الذي تكتظ أسواقنا بأكثر من سبعة ملايين عامل أجنبي.
وللمعلومية، فقد أوضح الدكتور القصيبي في حديثه مؤخراً بأن عدد سكان المملكة سيبلغ 35 مليوناً بعد أقل من 20 سنة داعياً معاليه الجميع إلى التفكير في ذلك اليوم الذي سيحتاج فيه سوق العمل إلى أكثر من مليوني عامل وعاملة.
من الأهمية أن يعلم أصحاب المحلات النسائية بأن قرار معاليه بإحلال المواطنة السعودية بدلاً من العمالة الأجنبية الوافدة في محلاتهم قد مضى عليه أكثر من أربع سنوات، وبكل تأكيد فإن تريث معاليه في تنفيذ هذا القرار لا يعود لتردد أو لضعف في معاليه وإنما هو حلم استقاه من سياسة ولاة الأمر في معالجة الأمور ولكن ليحذر أصحاب تلك المحلات من نفاذ صبر الحليم.
وإنني والله لأتعجب من سكوت مجتمعنا طوال السنوات الماضية على تواجد رجال أجانب من مختلف الجنسيات والديانات يتولون بيع الملابس النسائية لأمهاتنا وبناتنا وزوجاتنا وأخواتنا، نعم إنني أستغرب من هذا السكوت غير المبرر، فلا عاداتنا الاجتماعية ولا قيمنا الدينية تجعلنا نرضى بأن يتولى بيع الملابس الداخلية لأهلنا رجال أجانب قد يصعب التأكد من أخلاقياتهم، ولندرك جميعاً بأن تخوف البعض منا من أن يؤدي هذا القرار لفتح المجال للاختلاط بين النساء والرجال أن ندرك بأن الوضع المتبع حالياً من خلال تواجد الباعة من الرجال في محلات بيع المستلزمات النسائية هو الاختلاط بعينه، فكيف يعترض البعض منا على مثل هذا القرار أم لأنه صادر عن غازي القصيبي.
ولكن ليدرك الجميع بأن غازي القصيبي قد انطلق في هذا القرار من حرصه على إيجاد مزيد من فرص العمل الشريفة للمواطنات السعوديات خصوصاً أن فرص الوظائف التعليمية قد بدأت تتقلص مؤخراً، إضافة إلى إدراك القصيبي بأن هناك الكثير من الأسر التي حكمت عليها الظروف ألا يكون لها أب أو أبناء مما يعني على أهمية تلك الوظيفة للفتاة كعائد مالي يستر عليها وعلى أسرتها، لذلك فإننا نتوجه بالتقدير لمعالي الدكتور القصيبي على اتخاذه مثل تلك القرارات المهمة ذات الأبعاد الوطنية المتناهية.
 
23/12/2008م              عدد 13235

نعم خلوا سياراتهم تصدي

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 يجمع المختصون على أن كافة القطاعات والسلع في المملكة ستتأثر كثيراً من تداعيات الأزمة المالية العالمية حيث يتوقع أن يكون هناك انخفاض ملحوظ في اسعار تلك السلع, وفي الوقت الذي تؤكد لنا وكالات الأنباء العالمية بأن أزمة صانعي السيارات في العالم قد تفاقمت مؤخراً لتعلن أكبر الشركات عن أوضاعها الصعبة التي لم تشهدها منذ 30 عام، وسوف تقوم تلك المصانع بتخفيضات هائلة وصلت إلى 40%.
إلا أن وكلاء السيارات في المملكة يعيشون في معزل تام عما يدور في هذا العالم، حيث ذهبوا للقول بأن أسعار السيارات في المملكة لن تتأثر ولن تنخفض، بل ذهب البعض منهم إلى التوقع بزيادة أسعار السيارات في المملكة في عام 2009م بما نسبته 10%.
لقد أعلنت شركة بي ام دبليو انخفاض مبيعاتها بنسبة 25%، كما انخفضت مبيعات سيارات مرسيدس بنسبة 27.6% وقد توقعت رابطة صناعة السيارات في ألمانيا مزيدا من الهبوط القياسي خلال العامين القادمين. كما ذكرت وكالة رويترز أن مبيعات السيارات الشهرية في أمريكا قد هوت في شهر نوفمبر بما نسبته 37%، مؤكدة في ذلك أن تلك كبرى السيارات الأمريكية تواجه خطر نفاد السيولة خلال أسابيع أو أشهر حيث خسرت شركة جنرال موتورز خلال الربع الثالث 2.45 مليار دولار.
كا أكدت وكالات الأنباء تراجع عدد السيارات الجديدة في السويد في شهر نوفمبر حيث مقر شركتي (فولو) و(ساب) بما نسبته 36%، كما أعلنت شركات صناعة سيارات أوروبية من بينها (بيجو) و(سترون) و(رينو) عن تخفيضات كبيرة في الانتاج.
وبالرغم من ذلك، نجد أن لوكلاء السيارات في المملكة رأيا آخر حيث صرح مصدر في جنرال موتورز السعودية بأنه سيكون هناك زيادة في أسعار السيارات في المملكة تصل إلى 10%، كما صرح مدير فرع الحمراء في صالة الجميح بأن أسعار السيارات ستكون ثابتة على جميع أنواع السيارات ولا نية مطلقاً لتخفيضها.
كما صرح مدير مبيعات تويوتا بالرياض أن هناك زيادة في أسعار السيارات التي موديلها 2009، ومؤكداً أن الأزمة المالية لن يكون لها أي دور في خفض أسعار منتجاتها.
كما صرح مدير فرع سيارات نيسان بالرياض استقرار أسعار السيارات وأن ليس هناك نية لتخفيض الأسعار، إضافة لذلك، فقد صرح مصدر في مبيعات شركة الجفالي بأن أسعار سيارات مرسيدس ستبقى على وضعها حيث لن يحدث أي تغيير على الرغم من نزول اليورو، كما صرح مدير مبيعات وكيل بي إم دبليو بأن مبيعاتهم قد تأثرت سلباً بسبب تغير سعر الصرف، وأنه لا يوجد نية لأي تخفيض مستقبلاً.
ختاماً، بسبب التجاهل التام لتلك الأزمة المالية العالمية من قبل وكلاء السيارات بالمملكة وما سيلحق بهم من تأثيرات سلبية، ورفضهم لأي نوع من التخفيض، فإنني أضم صوتي لصوت الكاتب المبدع محمد بن عبداللطيف آل الشيخ والذي طالب أن نؤجل جميعاً قرار شراء أي سيارة جديدة لعدة أشهر، وأن يتم رفع شعار (خلوها تصدي) في وجه وكلاء السيارات، وأنا بدوري أثني على ما طرحه أبو عبداللطيف وأقول (نعم خلوا سياراتهم تصدي).
 
15/12/2008م      عدد 13227

المجمعة تدعو المستثمرين الصناعيين

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 وقعت هيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية مؤخراً عقداً بقيمة 138 مليون ريال لتغذية الجزء الأول للمرحلة الأولى من المدينة الصناعية بسدير، كما تم إنهاء إعداد المخطط العام للمدينة والدراسات العامة لكامل مساحة المدينة والبالغة 257 مليون متر مربع وذلك مع أحد دور الاستشارات العالمية.
الجدير بالذكر أنه ونتيجة للتوسع الملحوظ في إعداد المصانع في مدينة الرياض، لذا كان لابد من المضي قدماً في إنشاء مدينة صناعية أخرى تفي بالغرض، وقد جاء اختيار منطقة سدير لتحتضن المنطقة الصناعية المقترحة كتتويج للجهود الملموسة التي بذلها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض لإنشاء تلك المدينة الصناعية في منطقة سدير خصوصاً وأن سموه قد وجه بتخصيص عدد من الاجتماعات للهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض من أجل تذليل المصاعب التي واجهت إنشاء المدينة الصناعية بسدير.
وتقع مدينة سدير الصناعية بمحافظة المجمعة، بمحاذاة طريق الرياض القصيم شرق الطريق السريع ما بين مخرج عشيرة ومخرج جلاجل.
ما من شك أن إنشاء المنطقة الصناعية بسدير سيؤدي على طرح الآلاف من فرص العمل للشباب السعودي المؤهل، وعندما يكون الحديث عن إحداث فرص العمل التي تتطلب تأهيلاً يتناسب مع حاجة المصانع التقنية في هذا الخصوص. فإن هذا بلا شك يقودنا إلى بحث قضية مهمة تتمثل في مدى مناسبة مخرجات مؤسسات التعليم العالي في المنطقة ومدى مواكبتها لمتطلبات سوق العمل الصناعي. وهنا يجدر بنا أن نشيد بالتخصصات التي تم إيجادها في مؤسسات التعليم العالي مؤخراً في محافظة المجمعة حيث تم إنشاء عدد من الكليات في التخصصات التقنية والهندسية والحاسب واللغات والعلوم المالية والإدارية وغيرها من التخصصات التي يتوقع أن تكون مخرجاتها متوائمة مع احتياجات الشركات في المدينة الصناعية بسدير.
إننا سنتوقع أن يتم العمل على تهيئة كافة الأجواء المناسبة للاستثمار في هذه المنطقة الصناعية وذلك من خلال إنشاء مركز الخدمة الشاملة (one stop shop) وذلك من أجل جذب أصحاب رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار في المدينة الصناعية بسدير. كما أننا نتأمل الإسراع في إنشاء شبكة السكك الحديدية لتربط بين المدينة الصناعية بسدير ببقية المناطق الأخرى والموانئ.
أخيرا لا أبالغ القول أن أحد أهم الأسباب الأساسية التي حالت دون تحقيق النجاح المأمول لبعض القطاعات الصناعية بالمملكة إنما يتمثل في ضآلة حجم المعلومات المتاحة التي تهم رجال الصناعة وتساعدهم على اتخاذ القرار المناسب. إن نجاح أي مشروع اقتصادي في الوقت الحاضر إنما يعتمد على توافر المعلومات اللازمة ووضوح وشفافية في كافة الإجراءات واللوائح والسياسات والأنظمة ذات العلاقات، ولذا فإنني بمناسبة إنشاء المدينة الصناعية بسدير أقترح إنشاء مركز معلوماتي متكامل في هذه المدينة الصناعية على أن يكون له فرع في كل مدينة من المدن الصناعية الأخرى بالمملكة.
 
1 / 12 / 2008م      عدد 13213

انتبهوا.. قضى علينا الجوال

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 إنني أتساءل عن السبب الذي يجعل أعداد الحوادث المرورية في تزايد، على الرغم من تحسن الوعي المروري؟ الإجابة بكل بساطة هي استخدام الجوال أثناء قيادة السيارة فهذا السائق يجري اتصالاً هاتفياً والسائق الآخر منشغل بقراءة رسالة هاتفية، وسائق آخر لا يعيد برمجة هاتفه أو تخزين أرقام جديدة إلا أثناء القيادة فماذا عن النتيجة؟ النتيجة أننا حققنا أرقاماً قياسية في أعداد المصابين وقتلى الحوادث المرورية.
كشفت بعض الدراسات المرورية أن استخدام الجوال أثناء القيادة يمثل 50% من أسباب الحوادث المميتة، كما أن استخدام الهاتف الجوال أثناء القيادة يضاعف نسبة وقوع الحادث بنسبة 400%، كما أوضحت أن المعدل السنوي للوفيات بسبب الحوادث حوالي عشرين ألف حالة وفاة (20.000) في موقع الحادث وفي المستشفى وهو أعلى المعدلات بالمقارنة العالمية، كما سبق أن أوضح مدير عام المرور بأن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الحوادث المرورية في المملكة تقدر بنحو 13 مليار ريال سنوياً، وما من شك أن هناك علاقة مباشرة بين استخدام الجوال والحوادث المرورية.
إنني على يقين بأن احترام النظام الجديد للمرور سيكون مرهونا بمدى إقرار عقوبات رادعة كفيلة باحترامه، وعلينا أن ندرك بأن الفشل الذريع لكافة الإدارات المرورية السابقة يعود إلى كون العقوبات التي كانت مقررة غير رادعة.
وإذا كنا قد استبشرنا خيراً بصدور النظام الجديد للمرور، وأن النظام قد أناط بوزارة الداخلية بوضع العقوبة المرورية المناسبة على كل مخالف يلحق الضرر بالآخرين، بحيث لا تزيد العقوبة عن السجن مدة سنة وبغرامة مالية لا تزيد على عشرة آلاف ريال قرأنا وصرح مرور الرياض بأن عدد مخالفات استخدام الجوال أثناء القيادة في مدينة الرياض خلال 4 أشهر فقط تبلغ (37.000) مخالفة، إلا أننا صدمنا وأحبطنا عندما ذكر سعادته بأن مخالفة استخدام الهاتف الجوال أثناء القيادة قدرها (150) ريالا فقط.
فكيف يمكن أن يكون مقدار المخالفة على استخدام الهاتف الجوال مائة وخمسين ريالاً فقط في الوقت الذي نجد فيه أن مقدار مخالفة عدم ربط حزام الأمان مائة ريال، خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار الضرر الكبير الذي يمكن إلحاقه بالغير عند استخدام الهاتف الجوال أثناء القيادة، في حين أن أضرار عدم ربط الحزام تقتصر على نفس السائق فقط دون الغير.
خلاصة الحديث، الأوضاع المرورية لدينا لا تزال محبطة وتحتاج إلى انتشال، وأعداد ضحايا الحوادث المرورية لا تزال ضخمة، وقد لا تتعدل تلك الأوضاع ما لم يتم إقرار عقوبات رادعة، وما لم يتم تنفيذ تلك العقوبات، وما لم يتم تثقيف رجال المرور بما لهم من حقوق وما عليهم من التزامات تجاه سائقي المركبات، فما لم يتم كل ذلك، فلتفتح أقسام الطوارئ في مستشفياتنا أبوابها لاستقبال المزيد من جرحى تلك (الحروب) المرورية الطاحنة والذين تجاوز عددهم الثلاثين ألفاً ما بين مصاب ومعاق، ولتفتح المقابر أبوابها لاستقبال المزيد من الضحايا الأبرياء، ولتفتح قبل ذلك قلوبنا للحزن واللوعة على فراق أحبابنا وأقاربنا.
 
17 / 11 / 2008م                   عدد 13199

أبعاد اقتصادية للأحياء العشوائية في مكة والمدينة

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 تقلقني كثيرا حال تلك الأحياء العشوائية في أغلى بقعتين في بلادنا الحبيبة بل في العالم أجمع (مكة والمدينة)، وبخاصة أن تلك الأحياء قد تستخدم - لا قدر الله - كمخلب قط لمن تسول له نفسه الإضرار بهذا البلد الكريم، والحاقدون علينا كثر سواء من داخل المنطقة العربية أو من خارجها.
في اعتقادي، أن هناك العديد من المخاطر الأمنية والصحية والاقتصادية والاجتماعية التي يتكبدها وطننا الغالي من جراء استمرار تلك الأحياء العشوائية، وتكاثر ساكنيها، فالجميع يعلم ما يعانيه ساكنو تلك الأحياء من أحوال اقتصادية ومعيشية متدنية مما يجعلها عرضة لمختلف أنواع الأمراض كالإيدز وأمراض الكبد الوبائي وغيرها من الأمراض، كما أن تدني مستوى التعليم لساكني تلك الأحياء قد يدفعها للمشاركة في مختلف أنواع الجريمة كجرائم تزوير العملة وجرائم الدعارة وجرائم السرقة وغيرها، إضافة لذلك فإن بقاء ساكني تلك الأحياء العشوائية بدون هوية يعني عدم توافر سجلات لهم وهو ما يمثل هاجس مقلق لأجهزة الأمن في المملكة، و أخيرا فإن الهاجس الأهم والخطر الأكبر - في نظري - هو إمكانية استخدام تلك الفئة في يوم من الأيام كورقة ضغط من قبل بعض الجهات الحاقدة على المملكة، ومما يزيد الأمر خطورة وجود تلك الفئة بأعداد كبيرة بالقرب من الحرمين الشريفين.
إن وقوفنا مكتوفي الأيدي طيلة هذه العقود دون علاج لوضع هذه الفئة في ظل تكاثرهم وتوالدهم قد لا يتفق مع المستقبل الأمني الذي تحرص عليه الدولة لمكة المكرمة والمدينة المنورة، كما أن من الأسباب الداعية إلى الإسراع في حل المشكلة هو توجه الدولة لتوسيع نشاط العمرة وفتح المجال لملايين المسلمين، والتوسع في المشاريع العملاقة في المنطقة المركزية في المدينتين المقدستين، فقد لا يكون من المناسب تواجد تلك الأحياء العشوائية الخطرة وسط تلك المشاريع العملاقة التي أنشأتها حكومتنا الرشيدة - حفظها الله -، ومما يزيد الأمر سوءا أنه قد أصبح لدى قاطني تلك الأحياء العشوائية تنظيمات وتشكيلات اجتماعية مغايرة للمجتمع السعودي، وبرامج تعليمية خاصة بهم، وأسواق وأماكن لأفراحهم وأتراحهم، وأصبح السعودي فيها غريب الوجه واللسان.
وطالما أن الدولة تعيش حاليا ولله الحمد رخاء اقتصاديا، فإنني أقترح بحث مسألة تنظيف المدينتين المقدستين من تلك التجمعات العشوائية الموبوءة وذلك من خلال إنشاء ضواحي معتمدة من البلدية على أطراف مكة المكرمة والمدينة المنورة أو خارجها تتولى الإشراف عليها وزارة الشؤون البلدية والقروية بحيث يكون السكن متوفر حينما تزال تلك الأحياء العشوائية.
وتزامنا مع العلاج الداخلي لهذه الفئة، فقد ترى الدولة - أعزها الله - استمرار التحرك في الجانب السياسي المتمثل في التواصل مع السلطات الرسمية للدول التي ينتمي إليها ساكنو تلك الأحياء العشوائية، وقد يكون من المناسب توجيه مجلس الغرف التجارية السعودية لبحث إمكانية توجيه الشركات السعودية العملاقة لإنشاء مشاريع اقتصادية كبيرة في الدول التي ينتمي إليها ساكني تلك الأحياء العشوائية واستخدام ذلك كورقة اقتصادية من أجل تليين موقف حكومات تلك الدول تجاه هذه القضية.
ختاما، أدرك بأن الدولة - رعاها الله - تحمل هم هذه القضية والمتمثلة في الأحياء العشوائية التي أصبحت ملاذا ومأوى لتلك الفئة من مجهولي الهوية، كما نعلم أن الدولة قائمة على البحث عن أفضل السبل لحل هذه الإشكالية، ومن هذا المنطلق وددت أن أدلي بدلوي من حيث طرح ما أراه ملائم وهو بمثابة الأمانة في الرأي تجاه وطننا الحبيب.
10 / 11 / 2008م           عدد 13192
 

كفى.. فقد تجاوزت طيبتنا الحدود

 
د. محمد بن عبد العزيز الصالح
نشرت صحيفة الجزيرة خبراً مفاده أن شرطة الرياض قد كشفت عن مستثمر أجنبي يمارس الغش التجاري في صناعة حديد البناء (8) ملليمتر بعد فحصه من قِبل مختبر وزارة التجارة، الذي أكد إضافة مواد مغشوشة. وأنا أقرأ هذا الخبر تساءلتُ عن المقصود بجريمة الغش في الحديد، وعن السبب الذي جعل ذلك المستثمر الباكستاني يتجرأ ويدير مصنعاً في جنوب الرياض يمارس الغش التجاري في صناعة الحديد، وتساءلت أيضاً عن مصير ذلك التاجر الذي تم كشفه من قِبل وزارة التجارة قبل حوالي الشهرين عندما تعمد تخزين كميات كبيرة من الحديد؛ ما أسهم في شح المعروض منه ومن ثم ارتفاع تكلفته على المواطن حتى بلغ سعر الطن حوالي (600) ريال بزيادة تبلغ حوالي (200%)، كما تساءلت عن حجم العقوبة التي ستطبق في حق هذا المستثمر الباكستاني الذي تجرأ وضخ كميات من الحديد المغشوش.
ولتسمحوا لي أعزائي القراء أن أجتهد وأضع ما أرى مناسبته من أجوبة على ما طرحته من تساؤلات.
أما ما يتعلق بالمقصود من جريمة الغش في صناعة الحديد فيعني في ظني قيام ذلك المستثمر (بل المجرم) بخلط مادة الحديد بمواد مغشوشة ثقيلة الوزن ضئيلة التكلفة؛ ما يعني تضخم الأرباح المحققة للمستثمر على حساب سلامة المواطن، وإذا ما علمنا بكثرة استخدامات الحديد في بناء المنازل والمشاريع الحيوية؛ ما يعني احتمالية سقوط تلك المباني والمنازل على رؤوس أصحابها نتيجة لعدم تحمُّل الحديد المغشوش حمل تلك المباني، وللمعلومية فإن ما يحدث في بعض الدول من سقوط منزل وأبنية راح ضحيتها الكثير من الأبرياء إنما هو بسبب ممارسات الغش في صناعة الحديد المستخدم في بناء تلك الأبنية.
أما بالنسبة إلى السبب الذي جعل ذلك المستثمر الباكستاني يتجرأ بالغش في صناعة حديد سيبيعه علينا في أسواقنا لنستخدمه في بناء أبنية ومنازل ستقع فوق رؤوسنا، فالمثل يقول (مَنْ أَمِن العقوبة تمادى في الجرم)، نعم فلو طبقنا عقوبات رادعة وقاسية بحق كل مَنْ يرتكب مثل هذا الجرم لما أقدم ذلك المستثمر ولا غيره في ارتكاب مثل تلك الجرائم التي لن يدفع ثمنها سوى نحن بسبب طيبتنا من جهة وإهمال الأجهزة ذات العلاقة في تطبيق العقوبات الرادعة من جهة أخرى.
أما ما يتعلق بمصير تاجر الحديد الذي كشفته وزارة التجارة قبل شهرين، والذي قام باحتكار وتخزين الحديد حتى شح تسويقه في السوق فارتفع سعره ليصل إلى قرابة الستة آلاف ريال، فالسؤال يوجه إلى وزارة التجارة، وإن كنت على يقين بأنه لم يطبق بحقه سوى عقوبات مشجعة له ولغيره من عديمي الذمم بارتكاب مختلف جرائم الاحتكار والغش التجاري التي لن يدفع ثمنها سوى المواطن.
أما ما يتعلق بالعقوبة المتوقع تطبيقها بحق هذا المستثمر الباكستاني الذي غش في تصنيعه للحديد، فإنني أؤكد لكم أن عقوبته لن تتجاوز الغرامة المالية التي لن يتجاوز حجمها نسبة قليلة من الأرباح التي حققها من تسويقه للحديد المغشوش، إضافة إلى تسفيره من المملكة نهائياً، ولكن صدقوني سنراه عائداً إلى المملكة خلال أسابيع وبجواز سفر آخر حتى يواصل غشه ومسلسله الإجرامي في أسواقنا؛ ولذا صدقوني فإننا نستحق ما يلحق بنا من أضرار طالما أن طيبتنا (إن لم تكن سذاجتنا) قد تجاوزت الحدود.
3 / 11 /2008م           عدد 13185

الصحافة بين النقد والمساس بالذمم

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 كما هو معروف، سلطات الدولة ثلاث، سلطة قضائية وسلطة تشريعية وسلطة تنفيذية.
 وعندما أطلق لفظ (السلطة الرابعة) على الصحافة، فإن ذلك لم يأت من فراغ، فالصحافة هي التي تشكل الرأي، وهي التي تخلق القضايا، كما أنها هي التي توجه القرارات، وبالتالي فأي خلل يصيب تلك السلطة الرابعة إنما يعتبر خلل في بنية مهمة من بنى المجتمع.
 ومن أخطر ما يمكن أن تتعرض له الصحافة ممارسة الكذب والتضليل سواء بحسن نية أو بسوئها، فالمفترض في الصحافة أن تكون من أهم الوسائل في نقل المعرفة ونشر التوعية والتوجيه، ومتى ما تغير هذا الحال، فنحن أمام كارثة خطيرة، فالصحافة كما هو معلوم تخضع لرقابة ذاتية وبالتالي فإن عدم احترام تلك الرقابة الذاتية وتهميشها قد يؤدي إلى التأثير سلبا على مصالح الدولة وحقوق المجتمع، بل وحتى على الصحافة نفسها.
 لعل الجميع تابع ما نشر في بعض الصحف من معلومات حول مشروع تطوير طريق الملك عبدالله، ولا يشك عاقل فضلا عن أن يكون منصف بأنها معلومات بعيدة كل البعد عن الحقيقة والواقع، فكل من لديه الحد الأدنى من الإلمام بطبيعة المشاريع التطويرية ذات نطاق العمل المتشعب يدرك بأن ما نشر في أحد الأعمدة الصحفية من مغالطات إنما هي محض افتراء، والكارثة أن يستند كاتب عمود في صحيفة محترمة وأن يستقي معلوماته من مصدر مجهول من خلال مواقع الإنترنت والتي تعج بالغث ويندر فيها السمين.
 ولقد كان البيان الصادر عن الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض وافيا شافيا مع أنني شخصيا لم أكن أحتاج لهذا البيان لمعرفة الحقيقة الساطعة التي تشير إلى أن مشاريع الهيئة تتميز بأهم عنصرين، الجودة العالية والتكلفة المنخفضة، ولا نستغرب ذلك طالما أن إنجاز تلك المشاريع يتم من قبل أولئك الرجال المخلصين منسوبي الهيئة وذلك تحت توجيه وقيادة ومتابعة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض.
 ختاما، بحكم انتمائي للكتابة الصحفية من خلال صحيفتنا الجزيرة أود أن أذكر الزملاء في إدارات وتحرير الصحف وكتاب الأعمدة بأن يضعوا مخافة الله أمام أعينهم في كل ما ينشرونه، وأن لا تكون الإثارة هي الهدف قال تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}، وكما قال الشاعر:
 وما من كاتب إلا سيفنى
 ويبقي الدهر ما كتبت يداه
27 / 10 / 2008م                 عدد 13178

قف عند حدك يا رئيس البلدية

 
د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 نشرت صحيفة الوطن بتاريخ 28-9-1429هـ خبراً مفجعاً يقف بسببه شعر رأس كل من لديه ضمير حي، وقد جاء عنوان الخبر كالتالي: (مصرع أب وأم وإصابة طفلين هوت سيارتهم في نفق خميس مشيط)، وقد جاء الخبر متضمنا أن أبا وأما في الثلاثين من عمرهما، لقيا مصرعهما وأصيب طفلاهما (6 و4 سنوات) بعد أن هوت سيارتهم من ارتفاع أكثر من 10 أمتار في مشروع إنشاء نفق في خميس مشيط.
المصيبة ليست في وقوع الحادث، فالحوادث مقدرة ومكتوبة من رب العالمين ولا اعتراض على ذلك، ولكن المصيبة تكمن في ذلك الإهمال واللا مسؤولية الذي كان عليه رئيس بلدية محافظة خميس مشيط والعاملون معه والذين سمحوا لذلك المقاول بأن يحفر حفرة عمقها أكثر من عشرة أمتار لاقامة النفق على الطريق دون أن يلزموه بوضع صبات خرسانية أو حواجز حديدية صلبة، حيث أوضحت الصورة التي نشرتها صحيفة الوطن مع الخبر بأن المقاول لم يضع سوى ستارة من الخيش، وبالتالي تكون قد أسهمت مع المقاول في اصطياد العديد من الضحايا من خلال السقوط في تلك الحفرة العميقة، علماً بأن الخبر المنشور في صحيفة الوطن قد أشار إلى أن هذا المشروع (قد أصبح حجر عثرة في طريق السالكين ومصيدة تتكرر منها المآسي).
المصيبة الأخرى، بل الطامة في اعتقادي تكمن في ذلك التهرب من المسؤولية والتهرب من الاعتراف بالإهمال والتقصير من قبل رئيس بلدية خميس مشيط، فبدلا من الاعتذار عن التقصير وبدلا من قيامه بمواساة أهل المتوفين والمصابين ذهب إلى إلقاء كامل المسؤولية على المقاول وبمبرر أقل ما يقال عنه أنه مبرر سخيف حيث قال سعادته مبرراً وقوع الحادث (... بأن المقاول قد ماطل في إنجاز وتسليم المشروع حسب العقود المبرمة معه حيث لم يف بالوعود المتكررة لإنجاز المشروع وتسليمه في وقته المحدد، مشيراً إلى أن مدة تنفيذ المشروع قد انتهت منذ قترة طويلة...) كما أضاف سعادته وبكل برود (بأن المقاول قد تجاهل وضع اللوحات الإرشادية على جانب المشروع لضمان إرشاد عابري الطريق إلى أن المكان يوجد به منطقة عمل لأخذ الحيطة والحذر).
في ظني أن تأكد رئيس البلدية بأنه لن يتعرض لأي نوع من المسألة عن تقصير البلدية والذي كان السبب الأساسي في الحادث وقتل الأنفس البريئة هو ما جعله وبكل برود يجرد نفسه من المسؤولية ويتجرأ بالتصريح للصحيفة بمبررات سخيفة لا تؤدي سوى لزيادة وتعميق حزن ذوي الضحايا الأبرياء في ذلك الحادث، وفي ظني أنه لو وقع مثل هذا الحادث في دولة أخرى لما اكتفى بأن يقدم رئيس البلدية استقالته بسبب تقصيره في حدوث مثل تلك الجريمة، وإنما وصل الأمر إلى مساءلته قضائياً أيضاً.
للمعلومية:
السماح للمقاولين بحفر مثل تلك الحفر التي يزيد عمقها عن 10 أو 20 متراً من أجل إنشاء أبراج سكنية أو أنفاق أو غيرها في وسط المدينة دون إلزامهم بوضع حواجز خرسانية أمر يتكرر في الكثير من مناطق ومحافظات المملكة، وهو أمر نشاهده يومياً في العديد من الأحياء والطرق، ولذا ندعو كافة أمناء ورؤساء البلديات لملاحظة ذلك قبل ارتكاب المزيد من الجرائم بحق مثل تلك الأنفس البريئة التي تم قتلها في حفرة خميس مشيط.
20 / 10 / 2008م              عدد 13171

الأزمة المالية العالمية ومبادئ اقتصادنا الإسلامي

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 نتعجب كثيراً عندما نعلم بالوضع الاقتصادي المتميز الذي يعيشه اقتصادنا السعودي ومع ذلك نشهد انحداراً مخيفاً لسوق الأسهم السعودي، ونتعجب أكثر عندما نعلم بالربحية العالية التي تحققها غالبية البنوك والشركات المدرجة في السوق ومع ذلك نجد أن أسهم تلك البنوك والشركات تفقد نسبة كبيرة من سعرها السوقي خلال فترة وجيزة. ونتعجب أكثر وأكثر عندما يصرح معالي نائب محافظ مؤسسة النقد الدكتور محمد الجاسر ويؤكد بأن البنوك السعودية وضعها المالي متميز وكل قروضها موجودة في الاقتصاد السعودي ومع ذلك نجد أن نسبة انحدار سوقنا المالي تفوق نسبة انحدار السوق الأمريكي والذي انطلقت منه شرارة الأزمة المالية العالمية.
ما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية من تطبيق لمبادئ النظام الاقتصادي الرأسمالي المتطرف من خلال إعطاء البنوك مطلق الحرية في سلك منافسة غير مشروعة تضرر منها المجتمع الأمريكي بأكمله وغيره من شعوب الأرض، يجعلنا نتمعن في مبادىء النظام الاقتصادي الإسلامي والذي يوازي بين مصلحة الفرد والمجتمع، فالفرد والمؤسسات وفقاً للنظام الاقتصادي الإسلامي له مطلق الحرية في استثمار الأموال في كافة المجالات الاقتصادية طالما أن تلك الاستثمارات لا تلحق أضراراً بمصالح المجتمع، ومتى لحق بالمجتمع أضرار من جراء تلك الاستثمارات فإن ذلك يعد من قبيل الاستثمارات التي لا تجيزها أحكام الشريعة الإسلامية والتي عادة ما تحرص على إيجاد التوازن بين مصالح الجماعة والأفراد على حد سواء.
وبالنظر لاقتصادنا السعودي، نجد أنه مرتكز على مبادئ الاقتصاد الإسلامي والتي تنطلق من الغاية الأساسية التي تقوم عليها التنمية الاقتصادية الإسلامية والمتمثلة في عبادة الله سبحانه وتعالى من خلال إيجاد التوازن بين الفرد والجماعة، وبين الروح والمادة، وفوق هذا وذاك بين الدنيا والآخرة. ومن أجل ذلك كله نجد أن الدولة وضعت الكثير من الضوابط والمعايير التي تلتزم بها المؤسسات الاستثمارية والمصرفية لدينا، كما نلاحظ الدور الإشرافي المتميز الذي تقوم به مؤسسة النقد على البنوك والمؤسسات المصرفية لدينا حرصاً من المؤسسة على عدم تعريض أموال المواطنين لمخاطر عالية وبالتالي يمكن القول بأن الإدارة المحافظة من قبل مؤسسة النقد والمرتكزة على أسس اقتصادية إسلامية متوازنة تجاه البنوك وفرت لها الحماية من التورط في تعاملات مالية خطرة وغير مضمونة.
13 / 10 / 2008م      عدد 13164

مشاهد غير حضارية على جسر البحرين

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 نشرت الصحف خلال الأيام الماضية أن عشرات الآلاف من المسافرين عبر جسر الملك فهد الرابط بين المملكة والبحرين قد تعطلوا لأكثر من خمس ساعات وذلك تحت درجة حرارة لامست الخمسين؛ وذلك بسبب الازدحام والسلبية والتعقيد في إنهاء إجراءات سفرهم.
العجيب في الأمر، أننا ومنذ إنشاء الجسر الرابط بين المملكة والبحرين قبل أكثر من خمسة وعشرين عاما ونحن نسمع بمعاناة المسافرين للبحرين عبر الجسر دون تحريك ساكن. فلماذا تتكرر المعاناة؟
بعد قيام أوروبا الموحدة قبل سنوات قليلة، تلاشت الحدود بين الدول الأوروبية تماماً، وأصبح المسافر يتنقل بينها دون توقف، بل وبدون أن يشعر أنه انتقل من دولة أوروبية لأخرى. أما لدينا فعلى امتداد أكثر من عشرين عاماً ونحن نعاني من السفر للبحرين، نعاني من بيروقراطية إجراءات الجوازات، نعاني من تعقيدات إجراءات الجمارك، نعاني من الانتظار أمام النافذة الخاصة بإجراءات التأمين على السيارة، نعاني من ضربات الشمس الموجعة التي تصل أكثر من خمس ساعات تحت الأشعة الملتهبة لأشعة الشمس، ونعاني.. ونعاني.. ونعاني.. كل تلك المعاناة تعرضنا لها طوال السنوات الماضية وما زلنا لمجرد أننا نرغب في التنقل بين المملكة والبحرين.
الحدود الجغرافية أُزيلت بين الكثير من الدول في شرق العالم وغربه، أما لدينا فالمعاناة مستمرة على الرغم من توجه القيادات في الخليج للتسهيل على المواطنين الخليجيين من خلال التوصل إلى الخليج الموحد الخالي من الحدود.
ثم إنني أتساءل عن ذلك القصور غير المبرر من قبل الجهات ذات العلاقة على الجسر في تسهيل الإجراءات للمسافرين، ألا تعلم تلك الجهات ان المعدل اليومي للمسافرين خلال إجازة الصيف يتراوح بين 50 -70 ألف مسافر، وأن العدد يتجاوز المائة ألف مسافر خلال إجازة نهاية الأسبوع، ألا تعلم تلك الجهات ما يعانيه هؤلاء الآلاف من المسافرين، أليس من المفترض أن يقف المسؤولون بأنفسهم على تلك المكاتب والمنافذ الحدودية على الجسر للوقوف على تلك المعاناة بدلاً من الاكتفاء بما يرفع لهم من تقارير، على المسؤولين أن يدركوا أن وضع الخدمات على الجسر مأساوي وغير حضاري ولا تقارن مطلقاً بالخدمات الميسرة التي تقدم عبر الطريق الخاص بالدبلوماسيين وكبار الموظفين على الجسر الذي عادة ما يسافر من خلاله هؤلاء المسؤولون.
ثم إنني اتساءل عن السبب الذي يعوقنا عن اختصار تلك الإجراءات التعقيدية على الجسر، لماذا لا يتم توسعة الجزيرة على الجسر، ولماذا لا يتم زيادة المسارات ونوافذ الخدمات في ظل ضخامة أعداد المسافرين عبر الجسر وارتفاع الرسوم المحصلة منهم.
خلاصة الحديث: في الوقت الذي نشهد فيه تلاشي الحدود الجغرافية بين معظم الدول، وفي الوقت الذي نشهد فيه النقلات التنموية والحضارية التي تعيشها دول الخليج، فإن ما يحدث على الجسر الرابط بين المملكة والبحرين لا يعكس أننا نعيش في القرن الواحد والعشرين.
6 / 10 / 2008م            عدد 13157

كيف نقضي على التدخين في الأماكن العامة؟

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 إن المتابع للجهود المبذولة في سبيل مكافحة التدخين يدرك أن هناك بعض الخطوات المهمة التي اتخذت مؤخراً ونتمنى أن تسهم في القضاء على تلك الآفة الخطيرة صحياً واقتصاديا، ومن ذلك ما اجمع عليه وزراء الصحة الخليجية من رفع رسوم الجمارك بواقع 200% وذلك عند استيراد الدخان، إضافة إلى الانتهاء من مشروع نظام مكافحة التدخين الذي انتهت هيئة الخبراء من دراسته مؤخراً وسيتم مصادقة المقام السامي عليه قريباً.
ومع تقديري لكل تلك الجهود، إلا أنني اعتقد أن هناك عدداً من الخطوات المهمة التي أرجو أن توضع في الاعتبار ومنها:
- تضمن مشروع النظام الجديد فرض عقوبات على كل من يدخن في الأماكن العامة كالأسواق والمطاعم والوزارات ووسائل النقل العامة ودورات المياه.. الخ. والسؤال هنا كيف يمكن أن نطبق العقوبات على من يدخن في تلك الأماكن العامة إذا ما علمنا أن بعض موظفي المستشفيات يدخنون في المنتزهات، وبعض موظفي صالات المطارات يدخنون داخل الصالات، كما أن بعض المعلمين وطلبة الجامعات يدخنون داخل المدارس والمؤسسات التعليمية، علما بأن الأنظمة ومنذ زمن تمنع التدخين في تلك الأماكن، وتتضمن العقوبات المشددة على من يقوم بذلك، ولكن هل طبقنا شيئاً من تلك العقوبات..؟!
تضمن مشروع النظام الجديد أن عقوبة من يدخن في مكان عام غرامة مالية تبلغ 200 ريال، واذا ما علمنا بأن دولة اليمن الشقيق قد فرضت مؤخراً على من يدخن في الأماكن العامة عقوبة السجن ليوم واحد إضافة إلى غرامة مالية تبلغ 500 ريال، وتتضاعف العقوبة عند تكرار المخالفة، فإنني استغرب تلك العقوبة المتواضعة التي يتضمنها مشروع النظام الجديد لدينا.
ألا يدرك من أدرج تلك العقوبات المتواضعة أن الأنظمة واللوائح والتعليمات لا تطبق من قبل البشر ما لم تكن هناك عقوبات رادعة تدفعهم إلى احترام تلك الأنظمة واللوائح والتقيد بها. وللمعلومية، فإن الدول الغربية لم تنجح في عزل المدخنين عن المجتمع في الأماكن العامة إلا بعد أن أقرت العقوبات الصارمة من سجن وغرامات مالية عالية.
تشير بعض الأرقام المرعبة إلى ما يلي:
- إن المملكة تحتل المرتبة الأولى في استيراد التبغ تليها إيران ثم الأردن ثم تركيا.
- أعداد من توفوا بسبب الدخان في المملكة عام 2008 فقط 13929 شخصا.
أعداد المدخنين بالمملكة أكثر من ستة ملايين مدخن يمثلون ثلث السكان تقريباً.
- ما ينفقه السعوديون سنوياً على الدخان يبلغ أكثر من ثمانية مليارات ريال.
- إن التبغ يستهلك 6% من مخصصات الرعاية الصحية بالمملكة.
وبعد استعراض تلك الأرقام المرعبة أليس من حقنا المطالبة بأن تسلك كل الجهات ذات العلاقة مسلكاً مشدداً تجاه كل من يدخن بالأماكن العامة.
22 / 9 / 2008م        عدد 13143

الألفاظ المعيبة في مسلسلاتنا المحلية

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 أثناء مشاهدتي مع أفراد عائلتي لبعض المسلسلات المحلية التي تعرضها بعض الفضائيات خلال ليالي رمضان، أصبت بحرج من ابنتي الصغيرة وهي تُلِحُّ بسؤالي عن سبب ضحكات عمها عندما سمع عبارة (عرعر لك فيها أحد)، فسألتني ابنتي عن معنى الجملة وعن سبب ضحك عمها. هذا ما تعرضت له في بيتي وأمام ابنتي الصغيرة عند سماعها تلك العبارة التي لم يحسب لها قائلها أي حساب سوى إضحاك الناس.
هذه العبارة وشقيقتها العبارة الأخرى التي أتحفنا بها ممثل سعودي آخر في مسلسل سعودي آخر لا تقل سوقية عندما ورد في الحوار عبارة (... حطها في اللي أنت خابر...) وأستميحكم أيها القراء عذراً إن سببت لكم أي إزعاج بذكر تلك العبارات ولكن ما قصدته من ذلك هو أنها عبارات معيبة ومعناها غاية في السوء، وأعتقد أن علينا رسالة سامية لكشف مثل تلك العبارات الزائفة. وإنني أتساءل بعد هذا عن الهدف من الدراما؟
أليس للدراما رسالة اجتماعية سامية يفترض أن تصل للمشاهدين؟ وفي ظني أن صانعي الدراما من ممثلين ومنتجين ومخرجين عليهم واجب أخلاقي يتمثل في إيصال رسالة سامية لنا من خلال تلك الدراما. وسؤالي هنا، طالما أن المنتجين والممثلين قد أكدوا لنا مراراً بأن الفن والدراما رسالة، فهل ذكر تلك العبارات الساقطة هو جزء من الرسالة التي يفترض أن يقدموها إلينا؟!
لقد حرصت خلال الفترة الماضية على تشفير الدش لحجب بعض الفضائيات التي تعرض بعض المسلسلات الساقطة، فهل سنقوم من الآن ببرمجة الدش ليحجب عنا المسلسلات المحلية طالما أنه يذكر فيها مثل تلك العبارات.
ختاماً، قال لي أحد أصدقائي بحسرة إنه تمكن من حماية أطفاله من سقيط الشارع ولكن يبدو أن الشارع قد داهمنا من خلال ذكر بعض العبارات الهابطة في مسلسلاتنا المحلية وتكبر مصيبتنا عندما نعلم أن مثل تلك العبارات تذكر في أكثر الشهور روحانية.
15 / 9 / 2008م     عدد 13136

مؤشر أسعار السلع وخداع المستهلكين

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
كالعادة ومع بداية شهر الصوم ترتفع أسعار السلع الأساسية التي يحتاجها المواطن. فالمواطن مع بداية كل رمضان على موعد مع مغالاة بعض التجار في تسويق احتياجاته الأساسية من السلع الغذائية لتزيد بذلك من معاناته من غلاء تلك السلع والناتج عن تزايد أسعار النفط وتدهور سعر صرف الدولار المرتبط به عملتنا السعودية. باستعراض مؤشر الأسعار الأسبوعي في أسواق مدينة الرياض عن الفترة من 3 رمضان الجاري وحتى التاسع من نفس الشهر، تتضح مغالاة بعض الأسواق التجارية وإسهامها في تكريس تلك المعاناة. ويكفي للتأكيد على تلك المغالاة من قبل بعض التجار أن نشير بأن سعر تسويق بعض السلع الغذائية الأساسية على المواطنين في بعض الأسواق يزيد بنسبة تفوق الـ 100% عنها في بعض الأسواق الأخرى المجاورة لها.
وأمام تلك الفوارق غير المقبولة في أسعار نفس السلعة في متجرين متجاورين في مدينة واحدة (الرياض)، اعتقد بأنه لا يمكن السكوت على ذلك حيث يفترض أن يتم التصدي لذلك من قبل كل من المستهلك ووزارة التجارة والأمانة على حدا سواء.
ففيما يتعلق بالمستهلك اعتقد بأنه طالما أن أمانة منطقة الرياض قد عملت مشكورة على إتاحة الفرصة له للوقوف على أسعار السلع في المتاجر والأسواق من خلال نشر أسعار تلك السلع في مؤشر الأسبوعي ينشر في الصحف، وطالما أن هناك اختلافات كبيرة في أسعار السلع المماثلة في المتاجر الموجودة في نفس المدينة وأحيانا نفس الحي، وقد تصل تلك الفروقات إلى 100% تقريباً، لذا فإن الدور الأهم يكون على المواطن من خلال اختيار المتاجر والأسواق التي لا تبالغ في أسعارها والتي يتمتع أصحابها بحس وطني وغيرة وحرص على إخوانهم المواطنين من خلال الاكتفاء بربح معقول غير مبالغ فيه، كما أن على المواطن هجر كافة المتاجر والأسواق غير المدرجة ضمن مؤشر الأسعار الأسبوعي.
أما فيما يتعلق بوزارة التجارة، فإنني اعتقد بأنه طالما أن الدولة - حفظها الله - لا تفرض نسبا ضريبية عالية على ما يحققه التجار وأصحاب المراكز التجارية من أرباح وذلك على غرار ما هو معمول به في معظم دول العالم، وطالما أن البعض من التجار لم يتردد في تأليب وشحن المواطنين من خلال قهرهم بتلك النسب العالية من الأرباح التي يحققها التجار، مما أسهم في رفع أسعار تلك السلع الأساسية بشكل يصعب على الكثير من المواطنين اقتناؤها.
وطالما أن لدينا فئة من التجار ممن أعماهم حب المال وغير مبالين بما يلحقونه من أضرار باخوانهم المواطنين من جراء تلك المبالغة غير المبرة في نسب الربحية العالية التي تفرض عند تسويق السلع الأساسية على المواطنين، فإنني اقترح أن تقوم وزارة التجارة بإلزام كافة التجار بأن يعملوا من خلال البطاقة الجمركية، بحيث يتم إلزام كافة المتاجر والأسواق بأن تبرز للمتسوقين البطاقة الجمركية التي تتضمن سعر استيراد جميع السلع التي يتم تسويقها في المحل أو المتجر على أن تقوم الدولة بتحديد نسبة ربح معينة يمكن للتجار تحقيقها من خلال تسويق تلك السلعة وكما هو معلوم فإن وكلاء السيارات هم الوحيدون الذين يعملون من خلال البطاقة الجمركية حيث يتضح من خلالها التكلفة الفعلية لاستيراد السيارة على الوكيل، مع إيضاح نسبة الربح المحددة من قبل الدولة والتي يمكن لوكلاء السيارات تحقيقها، فلماذا لا يتم تعميم ذلك على كافة السلع والبضائع؟ بحيث يتم تحديد نسب ربحية محددة عند تسويق تلك السلع مع فرض العقوبات المشددة على كل متجر لا يلتزم بذلك.
أما ما يتعلق بأمانة منطقة الرياض، فإذا كانت أمانة منطقة الرياض قد تميزت عن غيرها من أمانات المناطق الأخرى بأنها كانت سباقة إلى إطلاق مؤشر الأسعار حرصا منها على الوقوف على المواطنين في مواجهة التجاوزات غير المبررة من قبل بعض التجار والأسواق، فإن على الأمانة أن تقف موقفا حازما في مواجهة تلك التجاوزات إذا ما أرادت أن تزرع الثقة في نفس المواطنين تجاه مؤشر الأسعار، واقترح في هذا الخصوص أن تقوم بتطبيق آلية التحفيز من خلال إبراز أسماء المتاجر والأسواق التي تكون أسعارها الأقل ومقارنة ببقية الأسواق الأخرى، وأن يتم تسليط الضوء على تلك المتاجر من خلال الإشادة بها ومنحها شهادات التقدير مع توجيه المستهلكين للتسوق منها.
إضافة لذلك فإن على المعنيين بالأمانة بأن يدركوا بأن بعض الأسواق التجارية تقوم بخداع وتضليل المواطنين من خلال إدراج أسعار رخيصة لبعض السلع في مؤشر الأسعار، ولكنها في حقيقة الأمر لا تسوق تلك السلع أو أنها تسوق كمية محدودة جداً منها، ومن الأهمية التأكيد هنا على ما سبق أن أشار إليه رجل الأعمال الشيخ عبدالله العثيم في هذا الخصوص عندما قال بأن على الأمانة أن تطبق عقوبات رادعة بحق المخالف من التجار مؤكداً على أهمية تطبيق عقوبتي التشهير والإغلاق وعدم الاكتفاء بتطبيق العقوبات المالية المحدودة خاصة وان بعض المتاجر يتعامل مع تلك العقوبة المالية القليلة على أنها جزءا من المصاريف التسويقية للبضائع فيها، مما قد يؤدي إلى فقدان ثقة المستهلكين بمؤشر الأسعار وإعطاء صورة غير صحيحة عن اتجاهات السلع الاستهلاكية.
الجدول التالي يوضح الفارق السعري الكبير بين الأسواق التجارية في تسويق السلع الأساسية خلال الأيام الأولى من رمضان:
 
اسم السلعة
سعر السلعة في بعض الأسواق
سعرها في أسواق أخرى
نسبة الفرق بين السعريين
بصل أحمر ( 1كيلو)
1.95ريال
0.58 ريا ل
129%
زيت نور دوار الشمس
34.9 ريال
19 ريال
84%
لحم حاشي بلدي طازج ( 1 كيلو)
32 ريال
16.95 ريال
89%
حليب لو نا سائل
2 ريال
1.2 ريال
67%
فول كاليفورنيا عادي (450غرام)
2.5 ريال
1.75 ريال
43%
8 / 9 / 2008م       عدد  13129
 
 

وماذا عن الراشي...!!

د محمد بن عبد العزيز الصالح
 نشرت الصحف خلال الأيام الماضية خبراً مفاده أن مواطناً ومقيماً سودانياً قد اقتحما مكتب وزير الصحة وقدما رشوة لأحد موظفي مكتب الوزير مقابل إسقاط شرط جزائي عن إحدى الشركات الطبية الوطنية، وقد صرح معالي وزير الصحة بأن هذه الجريمة هي الجريمة العاشرة من جرائم الرشوة التي يتم كشفها في وزارة الصحة خلال السنوات القليلة الماضية، موضحاً معاليه بأن هذه الجرائم لم تصل لحد الظاهرة، وأن الوزارة سوف تضع الشركة الراشية ضمن القائمة السوداء ولن تتعامل معها الوزارة مستقبلاً.
أعزائي القراء، لعلكم تشاركونني الرأي في أنه على قدر ما تسببه جريمة الرشوة من إزعاج لنا جميعاً، إلا أنني أعتقد بأن تعامل أجهزتنا الحكومية (وليس فقط وزارة الصحة) مع مثل تلك الجريمة النكراء إنما يمثل قمة الإزعاج، فالخبر المنشور بأكمله يركز على مكافأة الموظف والإشادة به دون تضمين الخبر لما يفترض أن يطبق بحق الشركة الراشية ومالكها ومندوبها من عقوبات رادعة، وإذا كان الرد على ذلك أن الوقت سابق لأوانه حيث ستتعرض الشركة للتحقيق والعقوبة فيما بعد، فقد كان من المفترض ألا ينشر شيء مطلقاً عن تلك الجريمة حتى تنتهي التحقيقات وتعلن العقوبات.
أليس من المفترض أن يُشهّر باسم الشركة الراشية بدلاً من قصر التركيز على إشهار اسم الموظف الذي كان يقوم بواجبه الوظيفي، أليس من المفترض أن تتعرض الشركة لأقصى العقوبات بدلاً من أن نترك جريمة الرشوة تنهش في مجتمعنا، أليس من المفترض أن يتم السجن والتشهير بمالك الشركة بدلاً من الاكتفاء بالحدود الدنيا من العقوبات المالية وبالتالي نسهم في نشر جرائم الرشوة بدلاً من القضاء عليها، أليس بعض ملاك الشركات (عديمي الذمم) لا يمكن أن يرتدعوا ما لم تطبق العقوبات القاسية بحقهم شخصياً دون الاكتفاء بمعاقبة مندوب الشركة (غير السعودي).
معالي وزير الصحة ذكر في تصريحه بأن جرائم الرشوة في وزارة الصحة لا تصل لحد الظاهرة موضحاً بأن هذه الجريمة تعد الجريمة العاشرة التي تحدث خلال السنوات القليلة الماضية، والسؤال المطروح هنا إذا كانت جرائم الرشوة التي تم اكتشافها في جهاز حكومي واحد عشر جرائم، فكم ستكون الجرائم التي لم يتم اكتشافها في وزارة الصحة، وكم سيكون عدد جرائم الرشوة التي سيتم اكتشافها في جميع أجهزة الدولة، ثم هل يفترض أن تسيطر جريمة الرشوة على أغلبية التعاملات في أجهزة الدولة حتى تصل جريمة الرشوة لحد الظاهرة.
مرة أخرى أؤكد بأن جريمة الرشوة قد فتكت بالعديد من المجتمعات وما لم يتم العمل على تطبيق العقوبات الرادعة من سجن وجلد وتشهير بملاك الشركات أنفسهم وبالمديرين التنفيذيين فيها وكذلك الموظفين المرتشين، فإننا لن نتمكن من السيطرة على تلك الجريمة، بل سيأتي اليوم الذي يتفاقم فيه الوضع ويخرج عن السيطرة، وأصادقكم القول بأنني أتمنى لو أن معالي وزير الصحة قد أفصح لنا بالعقوبات التي تم تطبيقها بحق الشركات الراشية في جرائم الرشوة التسع السابقة، والتي تم اكتشافها في وزارته، وكذلك بالعقوبات القاسية التي طبقت بحق ملاكها وبمديريها التنفيذيين (إن كان قد طبق شيء من ذلك) بدلاً من تركيز الإعلام على مكافأة الموظف الذي قام بواجبه الوظيفي.وأخيراً أود أن أؤكد بأن وزارة الصحة ليست هي المقصودة في هذا المقال وإنما الرسالة موجهة لكافة الأجهزة الحكومية. وجميع المسؤولين ذات العلاقة في تلك الأجهزة.                     
1 / 9 / 2008م       عدد 13122
 

لنضرب بيد من حديد كل من قام بتخزين الحديد

د. محمد عبد العزيز الصالح
 خلال العامين الماضيين ارتفعت أسعار الحديد في السوق السعودي بشكل مبالغ فيه، حيث ارتفع سعر طن الحديد من 2000 ليصل إلى حوالي 6000 آلاف ريال. وقد أدى ذلك إلى التأثير السلبي على المواطن السعودي بصفة خاصة وعلى الاقتصاد الوطني على وجه العموم. وقد تعددت الشائعات حول السبب الحقيقي لتلك الزيادة المبالغ فيها، فمنهم من أرجع ذلك إلى نقص المواد الخام في صناعة الحديد، وهناك من قال إن الارتفاع المتوقع في الطلب على الحديد بسبب الطفرة الاقتصادية في المملكة هو السبب، وهناك من قال إن ارتفاع تكاليف الشحن البحري هو السبب.
ولكن يظل السبب الأقوى في ارتفاع أسعار الحديد هو في تلك الممارسات الاحتكارية وغير الأخلاقية من قبل بعض كبار تجار الحديد من خلال قيامهم بتخزين كميات ضخمة من الحديد، إضافة إلى عمليات تواطؤ يمارسها عدد من كبار تجار الحديد بهدف تعطيش السوق والتحكم في أسعاره على حساب المستهلك.
ففي يوم الأحد الماضي نشر عدد من الصحف خبراً مفاده أن وزارة التجارة والصناعة فتحت تحقيقاً موسعأً مع أحد كبار المستثمرين المعروفين في السوق بعد قيامه بتخزين كميات كبيرة من حديد التسليح تفوق في تقديراتها الأولية مائة ألف طن، وذلك بهدف المضاربة في الأسعار لتحقيق مكاسب شخصية واستغلال الظروف الحالية لأجل المبالغة في أسعار الحديد، وذلك على الرغم مما يسببه ذلك من إضرار بالمواطن السعودي.
تصوروا تاجر واحد يخزن (100) ألف طن، وإذا ما علمنا أن احتياج المواطن الواحد من الحديد لبناء منزله هو (50) طنا تقريباً، فهذا يعني أن ما قام به هذا التاجر الخائن لمجتمعه هو اخفاؤه الحديد عن أكثر من (2000) مواطن (100000 - 50 = 2000) وإذا كان هذا التاجر قد سقط فاحتمال أن يكون عدد آخر من التجار ممن هم على شاكلته لم يسقطوا بعد مما يعني تكديسهم لمئات الأطنان من الحديد. وإذا ما علمنا بأن عدد من يقومون ببناء وحدات سكنية أو استثمارية في مدينة الرياض يبلغون حوالي ألفي شخص تقريباً، لذا نستطيع أن نجزم بأن السبب الأساسي في ارتفاع أسعار الحديد هو تلك السياسات الاحتكارية والناكرة للجميل من قبل بعض تجار الحديد.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا أمام معالي وزير التجارة، ما هي العقوبات التي سيتم تطبيقها بحق مثل هذا التاجر، والذي لم يتردد في الإضرار بأهل وطنه، ولم يتردد في كسر الأنظمة التي وضعتها الدولة من خلال جريمة الاحتكار التي ارتكبها، ولم يتردد في تحدي الدولة خاصة إذا ما علمنا بالتوجيهات التي أطلقها عدد من ولاة الأمر والمحذرة للتجار من احتكار الحديد وغيره من المواد الخام.
نعم، ما هي العقوبات التي سيطبقها معالي الوزير بحق هذا التاجر وأمثاله ممن يعملون على قهر المواطن والنهش من اقتصادنا الوطني؟!
فهل سيخفي معاليه اسم هذا التجار حتى لا يجرح شعوره هو وغيره من التجار أمثاله من تجار الحديد. أم أن معاليه سيطبق الغرامات المالية في حدودها الدنيا وبالتالي ستكون العقوبة حافزا لأمثال هذا التاجر بالاستمرار في تلك السياسات الاحتكارية؟!
معالي وزير التجارة.. عليك أن تدرك أن تلك الجريمة قد عانى منها مجتمعنا السعودي بأكمله وعلى امتداد عامين، وعليك أن تدرك أن تلك الجريمة قد شحنت المجتمع تجاه الدولة على الرغم من حرص الدولة الملحوظ بتوفير كافة السلع للمواطن بأقل الأسعار.
معالي الوزير.. المجتمع ينتظر منك أن تنسق مع الجهات ذات الاختصاص حتى يتم الضرب بيد من حديد على من قام بتخزين الحديد.
 
4 / 8 / 2008م      عدد 13094

ماذا يعني حصول أبنائنا على 100% في اختبار الثانوية؟

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
هل يعقل أن أبناءنا وبناتنا ممن يدرسون في بعض المدارس الأهلية نوابغ لدرجة أن غالبيتهم يحصلون على 98% وأكثر في امتحانات الثانوية العامة. وهل يعقل أن يكون هناك عشرات الطلبة في مدرسة ثانوية أهلية واحدة قد حصلوا على العلامة الكاملة (100%) فيما حصل البقية على 98% و99%.
لماذا تترك بعض المدارس الأهلية لتسيء إلى أبنائنا وبناتنا من خلال منحهم 98% وأكثر في الوقت الذي لا يستحق بعضهم حتى النجاح فيما لو تم إخضاعهم لاختبار الثانوية الحكومية، وما من شك أن حصول طلبة الثانويات الحكومية على درجات مرتفعة في اختبار القياس والقدرات في الوقت الذي نجد فيه أن طلبة البعض من الثانويات الأهلية لم يحقق درجة النجاح في تلك الاختبارات على الرغم من حصوله على أعلى الدرجات في اختبار الثانوية العامة، إنما يعد تأكيداً على ما تلحقه تلك المدارس من أذى لهؤلاء الطلبة، وإزاء تلك الفوضى واللامسؤولية التي تعيشها بعض المدارس الأهلية، فإننا نتساءل عن الدور الرقابي المفقود الذي يفترض أن تقوم به وزارة التربية والتعليم على تلك المدارس الأهلية، وإذا كانت وزارة التربية والتعليم قد أوجدت إدارة خاصة بمعادلة شهادة الثانوية التي يحصل عليها أبناؤنا وبناتنا الدارسين في الدول الأخرى وذلك للتأكد من مدى مصداقية تلك المدارس التي حصلوا على شهادتها، فإنني أتخوف كثيراً من أن شهادة الثانوية التي تمنحها بعض المدارس الأهلية لدينا قد لا تحظى بالاعتراف والمعادلة من قبل الإدارات المختصة بالمعادلة في الدول الأخرى وذلك بسبب تدهور الأمانة الأكاديمية التي تعيشها بعض المدارس الأهلية لدينا.
وإنني أتساءل عن السبب الذي يجعلنا نسمح لبعض الذوات والأغنياء بالتفاخر بحصول أبنائهم وبناتهم على الدرجات الكاملة على الرغم من عدم استحقاقهم الفعلي لها، لا لشيء سوى لأنهم قادرون على دفع عشرات الآلاف من الريالات لبعض المدارس الأهلية ليس ليعلموا أبناءهم وإنما ليمنحوهم تلك الدرجات الكاملة المزيفة.
كما أنني أتساءل عن السبب الذي يجعلنا نقسو ونظلم محدودي الدخل غير القادرين على إلحاق أبنائهم وبناتهم في بعض المدارس الأهلية. ومكمن القسوة والظلم هنا يتمثل في عدم إتاحة الفرصة لأبناء وبنات تلك الفئة بالالتحاق ببعض التخصصات العلمية بالجامعات على الرغم من تميزهم وذلك بسبب سيطرة خريجي بعض المدارس الأهلية على تلك المقاعد وذلك كنتيجة حتمية لحصولهم على الدرجات الكاملة (المزيفة) والتي منحت لهم مقابل تلك الرسوم المالية الطائلة التي يدفعها ذووهم لتلك المدارس.
ختاماً أود أن أشيد بتلك الخطوة التي أقدم عليها المركز الوطني للقياس والتقويم في التعليم العالي والمتمثلة في إعلان المركز ترتيب المدارس الثانوية على مستوى المملكة وذلك بناء على متوسط أداء طلابها في اختبار القدرات خلال ثلاثة أعوام من 1427هـ وحتى 1429هـ علماً بأن المركز قد خصص قائمتين إحداهما مبنية على أداء طلاب التخصصات العلمية والأخرى على أداء طلاب التخصصات النظرية، وفي نظري أن هذا الترتيب يفترض أن يكون دافعاً لكافة المدارس الثانوية بأن تتنافس في التأهيل الأكاديمي السليم للطلاب ورفع مستواهم العلمي بدلاً من إلحاق الضرر بهم من خلال منحهم تلك العلامات الكاملة المزيفة.
 
21 / 7 / 2008م                   عدد 13080

لماذا تكتفي وزارة العمل بسعودة 30% من العاملين بالمكتبات

الدكتور محمد بن عبد العزيز الصالح
 أكد مدير عام شركة العبيكان لعدد من الصحف بأن الشركة حققت نسبة السعودة المطلوبة وذلك بمقدار 30% حيث يعمل في مكتباتها أكثر من 210 سعوديين من أصل 700 موظف من كافة الجنسيات وبهذا تكون الشركة قد حققت بل تجاوزت الرقم المطلوب.
وفي الوقت الذي نشيد فيه بمكتبة العبيكان بالتزامها بنسب السعودة المقررة من وزارة العمل وهي (30%) فإنني أتعجب من وزارة العمل والتي تكتفي بنسب سعودة قليلة جداً (30%) في قطاع كالمكتبات يفترض أن لا تقل نسب السعودة فيه عن 100% أو 90% على أكثر تقدير، فما هي نوعية الخبرات العالية التي تراها وزارة العمل ضرورية في كل من يعمل في قطاع المكتبات حتى يتم فتح أبواب هذا القطاع على مصراعيه أمام العمالة الأجنبية؟ وما هي المهارات التقنية المعقدة التي يتطلبها العمل في قطاع المكتبات والتي ترى وزارة العمل أنها غير متوفرة في شبابنا السعودي؟
هل يعقل أن نعجز عن الحصول على عاملين وموظفين سعوديين في الوظائف التي تحتاجها المكتبات خاصة إذا ما علمنا أن غالبية تلك الوظائف وفرص العمل إنما تتمثل في (أمناء مكتبة، مفهرسين، مصففي كتب، مراسلين، موزعين، سائقين، محاسبين.. إلخ).
أنا على يقين بأن هناك أعداداً كبيرة من الشباب السعودي الذين يحملون تأهيلاً علمياً في تخصص المكتبات لا زالوا ينتظرون حصولهم على فرصة عمل مناسبة لتخصصهم وذلك على الرغم من مرور سنوات طويلة على تخرجهم، فلماذا إذا يحرمون من العمل وتتاح الفرصة لغيرهم من غير السعوديين بالسيطرة على فرص العمل المتاحة في قطاع المكتبات، إضافة لذلك إن تخصص المكتبات يدرس في عدد من الجامعات السعودية، مما يعني تخريج مزيد من الشباب السعودي المؤهل في مجال المكتبات، فلماذا إذا تكتفي وزارة العمل بنسبة 30% من السعوديين للعمل في هذا القطاع.
قد نجد لوزارة العمل شيئاً من العذر لو أنها ألزمت المستشفيات والعيادات الخاصة بنسب سعودة قليلة وذلك بسبب محدودية المؤهلين من المواطنين في بعض التخصصات الطبية والصحية، ولكن ما يصعب علينا تقبله أن تقوم وزارة العمل (على غير عادتها) بتقليص فرص العمل المتاحة للسعوديين في قطاع المكتبات، وأنا على يقين بأن الجميع يستغرب هذا التوجه للوزارة، بل إن أول المستغربين هم أصحاب المكتبات أنفسهم حيث يتضح ذلك في تصريح مدير عام شركة مكتبات العبيكان (والذي أشرت إليه في بداية المقال) عندما ذكر بأن المكتبة قد تجاوزت الرقم المطلوب للسعودة. فما رأي وزارة العمل؟
 
14 / 7 / 2008م                    عدد 13073