ترجمة

فليكن عبد العزيز قدوتنا جميعًا


د.محمد عبد العزيز الصالح

عندما رفع الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ـ طيب الله ثراه ـ راية التوحيد مهللاً ومعلناً توحيد المملكة عام 1351هـ ، وإن المُلك في أرض الجزيرة العربية لن يكون إلا لله سبحانه وتعالى ثم لعبدالعزيز، لم يكن أكثر الناس تفاؤلاً يظن بالقدرة على تحقيق الإنجازات التنموية المتلاحقة التي حققتها المملكة منذ عهد الملك عبدالعزيز وحتى وقتنا الحاضر، وذلك ليس من قبيل التشاؤم، ولكن كافة المعطيات التي صاحبت توحيد المملكة في بداياتها كانت توحي بذلك ، فالجزيرة العربية في ذلك الوقت كانت تفتقد لكافة المقومات الأساسية التي تحتاجها عملية بناء التنمية، إضافة إلى أنّ إعلان توحيد المملكة قد جاء في أعقاب حربين عالميتين ، مما جعل مرحلة التوحيد تنطلق في أجواء عالمية غير آمنة ومستقرة، وعلى الرغم من كافة تلك المعطيات الصعبة، فقد استطاع موحِّد هذه الجزيرة أن يضع مختلف الأساسات اللازمة للشروع في بناء حضارة سعودية.      
وكان من ضمن القطاعات التنموية التي وضع عبدالعزيز بن عبدالرحمن الأساس السليم لها قطاع التعليم، وكأحد منسوبي التعليم العالي، فإنه يحق لنا كسعوديين أن نفخر بما تحقق في قطاع التعليم العالي من منجزات جبارة خلال السنوات القليلة الماضية. فالجامعات تجاوز عددها الثلاثين جامعة ما بين حكومية وأهلية، والمبتعثون للخارج في برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز تجاوز عددهم المائة والعشرين ألف مبتعث . ومما يثلج الصدر أن جميع الجامعات قد تم إعادة هيكلتها لتتواءم مخرجاتها مع الاحتياجات التنموية وللوطن مع حاجة سوق العمل، إضافة لذلك فإن تلك المنجزات في قطاع التعليم العالي لم تقتصر على الإنجاز الكمي فحسب ، الجانب النوعي أيضاً، حيث اهتم رجال التعليم العالي بالاعتماد الأكاديمي والجودة سواء في المنهجية والبرامج أو في المشاريع المشيدة وذلك من خلال بناء المدن الجامعية المتكاملة في مختلف مناطق المملكة. وما من شك أن الدعم اللامحدود الذي قدمه ولا يزال خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رئيس مجلس التعليم العالي وحكومته الرشيدة إنما يعود إليه الفضل بعد الله في ما تحقق للتعليم العالي من منجزات.  
لقد تفضل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالقول: إنّ اليوم الوطني هو مناسبة مؤاتية لنحاسب أنفسنا عما قدمنا لهذا الوطن خلال الفترة الماضية، وعما إذا كان بالإمكان تقديم أفضل مما تم تقديمه. ونؤكد هنا بأن مناسبة اليوم الوطني هي فرصة مؤاتية لنسأل أنفسنا عن ماذا أنجزنا خلال الفترة الماضية في سبيل بناء التنمية السعودية. فماذا تم حيال تطوير بعض الأنظمة واللوائح، وماذا أعددنا لنجعل البيئة الاستثمارية في المملكة أكثر ملائمة لجذب الكثير من الأموال الأجنبية، وماذا عملنا لكي نحد من الأضرار التي قد تلحق ببعض قطاعاتنا الاقتصادية والتنموية بعد انضمامنا لمنظمة التجارة العالمية، وهل حققنا ولو النسب الدنيا في عملية إحلال الأيدي العاملة الوطنية بدلاً من الأجنبية. وماذا تم بخصوص تطوير المناهج التعليمية لتكون أكثر توافقاً مع متطلبات واحتياجات سوق العمل، وماذا .... وماذا .... وماذا .....  
استفسارات كثير تحتاج إلى وقفة ومراجعة مع النفس من الجميع، هذا إذا ما أردنا أن يكون لنا المكانة التي نتطلع أن نتبوأها.       
وأخيراً فإنني لا أملك سوى الدعاء بالرحمة والغفران لجلالة المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن ـ طيب الله ثراه ـ وأشد على يد كل مواطن بأن يتخذ من التجارب التي مر بها موحد هذه الجزيرة والتي استطاع من خلالها أن يؤسس بنيان هذه الدولة قدوة له. كما أنتهز هذه المناسبة الوطنية الغالية بتقديم أصدق التهاني لخادم الحرمين الشريفين وولي عهد الأمين ولسمو النائب الثاني أبقاهم الله ذخراً للدين وللوطن والمواطنين.

       الجزيرة  26 / 9 / 2011م      العدد 14242

القرار بيــد المـستـهلك


د.محمد عبد العزيز الصالح

على امتداد السنوات الماضية، وأسواقنا تطفح بمختلف أنواع المخالفات التجارية والجرائم والغش التجاري، فهذه مؤسسة لا تبالي بتسويق سلع بالية منتهية الصلاحية، غير مبالية بما تتضمنه أنظمة ولوائح وزارة التجارة من عقوبات، وهذه شركة لا تتردد في المبالغة في أسعار السلع التي تسوقها غير مهتمة بما يطلقه مسئولو وزارة التجارة من تحذيرات، ومؤسسة ثالثة تتمادى في استغلال مختلف المواسم كالإجازات ورمضان والحج وغيرها مستغلة حاجة المواطن إلى اقتناء وشراء احتياجاته الضرورية والمحتكرة من قبل عدد قليل من المؤسسات والتي قد يعود ملكية غالبيتها لنفس المستثمر، ومؤسسة رابعة تقوم بتخزين كميات كبيرة من سلعها ومنتجاتها سعياً إلى تجفيف السوق منها وصولاً إلى المغالاة في سعر تلك السلعة بشكل يمثل قسوة غير مبررة على المواطن، وذلك على الرغم من القرارات المحذرة من ذلك والصادرة عن أعلى المجالس في الدولة.   
وإزاء تلك المخالفات والجرائم التجارية، والتي عانى منها المواطن كثيراً في صحته وجيبه على امتداد سنوات طويلة دون أن تتمكن وزارة التجارة من القضاء عليها، وعلى الرغم من كثرة القرارات والتحذيرات التي صدرت من مختلف الأجهزة والمجالس في الدولة، والتي لم تنجح في إيقاف العديد من المؤسسات والشركات المتمادية والتي لم تخاف الله في ما تقوم به تجاه خلقه، ولم تقدر دعم الدولة لها على امتداد عقود زمنية لم تخضع خلالها إلى نسب ضريبية عالية على غرار ما هو مطبق في مختلف دول العالم باستثناء المملكة. أقول على الرغم من كل ذلك، إلا أن العديد من المؤسسات والشركات لا تزال تتمادى في ارتكابها مختلف جرائم الغش التجاري، ناهيك عن مبالغتها في ما تفرضه على المواطن من أسعار.
وفي ظل فشل وزارة التجارة في حماية الأسواق من تلك المؤسسات والشركات، وفي ظل عدم التفاؤل بأن تتمكن أي من الوكالات والهيئات والجمعيات التي أنشئت مؤخراً لحماية المستهلك، خاصة في ظل البداية المخجلة والمتواضعة لتلك الهيئات والجمعيات، لذا فإنني أعتقد بأن الحل الوحيد الذي يُمكن أن يُسهم في القضاء على تلك الجرائم التجارية إنما هو بيد المستهلكين أنفسهم من خلال قيامهم بمقاطعة شراء أي سلعة أو منتج عند قيام المؤسسة أو الشركة التي تسوقه بالغش في تسويقها لتلك السلعة أو بمغالاتها في سعر تسويقه.      
إنني أجزم بأن سلاح (المقاطعة الجماعية) الذي هو بيد المستهلكين كفيل بالقضاء على الكثير من ممارسات الغش أو المغالاة في الأسعار التي يرتكبها التجار، ولو عدنا للوراء قليلاً، لرأينا أنه عندما أرادت بعض شركات الألبان زيادة أسعار منتجاتها من الألبان قبل بداية شهر رمضان، لم يتردد المستهلكون عبر المواقع الإلكترونية في إشهار سلاح المقاطعة الفورية تجاه تلك الألبان مما دفع بشركات ومنتجي تلك الألبان إلى تخفيض أسعار منتجاتهم من الألبان إلى ما كانت عليه.

 
      الجزيرة 19  / 9 /2011م         العدد 14235