ترجمة

خافوا الله يا وكلاء الحليب!!

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 عندما وجه خادم الحرمين الشريفين بتقديم دعم لبعض السلع الغذائية الأساسية بدأها بالرز والحليب بدلا من زيادة أجور موظفي الدولة، كان حرصه - حفظه الله - من هذا الدعم مساعدة كافة المواطنين وليس فئة منهم دون غيرهم، خاصة إذا ما علمنا بأن أعداد موظفي الدولة لا يتجاوزون ما نسبته 15 - 20% من إجمالي عدد سكان المملكة، وفي الوقت الذي استبشر فيه المواطنون بهذا التوجيه الكريم وبقوا منتظرين التطبيق الفعلي لتخفيض هاتين السلعتين في الأسواق، فوجئ المواطنون بزيادة حادة غير مبررة على أسعار الحليب المستورد للأطفال وبنسبة تصل إلى 15% تقريباً.
شخصيا اعتدت أن أشتري أحد أنواع حليب الأطفال المستورد بمبلغ يقل عن 40 ريالا للعبوة الكبيرة خلال العام الماضي وفوجئت خلال العام بارتفاع سعره إلى 46 ريالا وخلال الأيام القليلة الماضية، وفي أعقاب توجيه خادم الحرمين الشريفين بدعم سعر الحليب المستورد وحيث كنا جميعا ننتظر التخفيض الفعلي لسعره في الأسواق فوجئت كغيري من المواطنين بارتفاع سعر هذا النوع من الحليب من 46 إلى 53 ريالا أي بنسبة تتجاوز 13%.
وعندما سألت أصحاب الصيدليات والأسواق عن سبب ارتفاع الأسعار كانت الإجابة أن الوكلاء هم من قام برفع أسعار الحليب.
فلماذا يقدم وكلاء الحليب على تلك الزيادة غير المبررة على المواطنين في سلعهم الأساسية وفي هذا الوقت بالذات؟ هل هو تحد منهم للدولة عندما رغبت بدعم مواطنيها؟ أم أنه جحود ونكران منهم تجاه حكومتهم التي لم تتردد يوما في تقديم مختلف أنواع الدعم لهم؟ ألا يكفيهم بأن الدولة لا تفرض عليهم الضرائب العالية على غرار ما هو مطبق على التجار في مختلف دول العالم باستثناء المملكة.
ألا يكفيهم موافقة الدولة لهم بقصر السوق السعودي الضخم على عدد قليل منهم وعدم فتح المجال لمنافسة من قبل وكلاء مواطنين آخرين حيث سيؤدي ذلك لفتح المنافسة وانخفاض أسعار الحليب المستورد على المواطنين، ألا يتفق معي وكلاء الحليب بأن ثرواتهم الطائلة لم تكن لتأتي بعد توفيق الله إلا بسبب تكفل الدولة لهم وسخاء المواطنين معهم، فلماذا إذاً يكون رد الجميل بالنكران، ولماذا يقابل دعم وسخاء الدولة معهم بتصرفات أنانية أقل ما يقال عنها إنها تصرفات مجردة من الوطنية؟ وما مبرر قيامكم بتلك الإجراءات الاستباقية قبل البدء في دعم الدولة للحليب مستغلين في ذلك ضعف الجهات الرقابية التي فشلت على الدوام في حماية المواطنين من الارتفاعات غير المبررة للأسعار ناهيك عما تعج به أسواقنا من سلع مغشوشة وغير صالحة للاستخدام الآدمي.
يا تجار الحليب لا تعتقدوا أن الدولة لا تعلم عن ممارساتكم الجشعة ولا تظنوا أن الدولة عاجزة عن وقفكم عند حدكم والتصدي لممارساتكم الأنانية غير الوطنية، فالدولة دعمتكم ووثقت بكم، كما أنها استأمنتكم على المواطنين من خلال قصر سوق أهم السلع الأساسية عليكم دون غيركم، ولكنكم لم تقدروا دعم الدولة لكم، ولا ثقتها فيكم، بل إن حبكم لانفسكم وأنانيتكم جعلكم تتحدون قرارات الدولة وبدلا من خفض أرادته الدولة لمواطنيها في أهم السلع الأساسية، أعلنتم تحديكم ورفعتم تلك السلع بشكل ساخر ومبالغ فيه.
الدولة يا تجار الحليب تستطيع إحكام الرقابة على ما تضعونه من أسعار، والدولة تستطيع فرض الضرائب العالية على أرباحكم، والدولة تستطيع تحديد رؤوس الأموال الحقيقية التي تستثمرونها وفرض الوعاء الزكوي الدقيق عليها بدلا من رؤوس الأموال الاسمية والمعلنة والتي لا تعادل سوى جزء بسيط منها تستثمرونه حرصا منكم على عدم دفع الوعاء الزكوي الكامل، والدولة تستطيع أن تلزم الشركات الأجنبية التي تسيطرون على وكالاتها في السوق من خلال ملحقياتها التجارية في الخارج أن تلزم الشركات الأجنبية بأن تسوق منتجاتها من الحليب من خلال أكبر عدد ممكن من الوكلاء المواطنين غير الجشعين الغيورين على أهلهم ووطنهم، والدولة تستطيع أن تعرض مختلف أنواع العقوبات على من يتحداها ويلحق الضرر بالمواطنين من خلال احتكار السوق والتحكم بأسعار السلع الأساسية للمواطنين.
30 / 12 / 2007م         عدد 12876

ميزانية الخير في عهد الخير


د. محمد بن عبد العزيز الصالح

 لقد أثلج قلوب السعوديين عامة ورجالات التعليم ومنسوبيه من طلاب وأعضاء هيئة تدريس وموظفين ما نقلته لنا ميزانية الخير (الميزانية الأضخم في تاريخ المملكة)، التي أعلن عنها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز.

فمن خلال ملامح الميزانية العامة للدولة العام المالي القادم 1428- 1429هـ يتضح أنه خصص لقطاع التعليم والتدريب (105) آلاف مليون ريال، منها (39) ألف مليون خصصت لزيادة الطاقة الاستيعابية للجامعات والكليات المتخصصة، و(9) آلاف مليون لمشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم. كما تم اعتماد مشاريع هائلة لإنشاء مدارس جديدة، ومشاريع البنية التحتية لعدد من الجامعات منها جامعة الحدود الشمالية، وجامعة الرياض للبنات، كما أُخذ في الاعتبار الكليات التي وافق عليها مجلس التعليم العالي مؤخراً حيث تم اعتماد مشاريع لـ(41) كلية جديدة، كما جاءت أرقام الميزانية داعمة لبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي والذي وافق عليه مجلس التعليم العالي قبل عامين حيث سيستمر ابتعاث الطلاب لدراسة بعض التخصصات الحيوية مثل: الطب، والهندسة، والحاسب الآلي، والمحاسبة، والقانون.. إلخ. كما أن الإنفاق المالي اللازم لعملية إلحاق كليات المعلمين وكليات التربية للبنات بالجامعات إدارياً، ومالياً، وأكاديمياً، قد أخذ في الحسبان في ميزانية العام القادم، وبإجراء عملية حسابية بسيطة نجد أنه قد خصص حوالي (25%) من ميزانية الدولة لصالح قطاع التعليم والتدريب، وهذا في الواقع يعبر عن أن هذه الميزانية ميزانية طموحة وتحمل مؤشرات إيجابية لمستقبل واعد لاقتصادنا الوطني، كما جاءت تلك الميزانية مترجمة بصدق رغبات وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -يحفظه الله- بتحقيق الهدف الأسمى لتحقيق النمو الاقتصادي والاستثمار الأمثل في تنمية القوى البشرية.

وإن الدولة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - يحفظه الله- حينما خصصت هذه المبالغ لقطاع التعليم والتدريب لتدرك جيداً ما للتعلم والتعليم من أهمية بالغة وأثر كبير على مسيرة الأمم وتقدمها، ومحافظتها على ثوابتها ومكتسباتها، ولقد راعت الدولة -أعزها الله- هذا الجانب الحيوي والمهم وقدمت له الدعم الكبير والمؤازرة المستمرة مما مكنه من الوفاء بمتطلبات المجتمع وتلبية حاجاته.

لقد تمكنت الجامعات بفضل الله أولاً ثم بفضل دعم ومساندة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - يحفظه الله- حينما أصدر توجيهاته الكريمة بافتتاح عشر جامعات خلال السنتين الماضيتين، وإنشاء (61) كلية وجميعها ذات تخصصات حيوية ومفيدة للمجتمع مثل: الطب، والهندسة، والعلوم الطبية، والحاسب الآلي، وغيرها. لقد كان لهذه الجامعات والكليات الجديدة التي أنشئت الأثر الإيجابي لاستيعاب العديد من الطلاب والطالبات بإيجاد فرص تعليمية نافعة لهم، كما سيكون لها الأثر الإيجابي الأكبر لدى تخرج هؤلاء ومشاركتهم في خدمة الوطن من خلال ما تعلموه في هذه الكليات.

إن المتتبع للأرقام الإحصائية عن التعليم في المملكة لا يستغرب اهتمام المملكة بهذا الجانب ففي آخر إحصائية عن أعداد الطلاب والطالبات في مختلف مراحل التعليم العام والعالي للبنين والبنات للعام الدراسي 1426-1427هـ بلغ أكثر من (5.600.000) طالب وطالبة يقوم على تعليمهم أكثر من (452.000) معلم ومعلمة من خلال نحو (32.000) مدرسة، وبالنسبة للجامعات الحكومية فقد بلغ عددها إحدى وعشرين جامعة، إضافة إلى كليات المعلمين وكليات التربية للبنات والتي تم إلحاقها بالجامعات مؤخراً تضم (350) كلية يدرس بها (604.000) طالب وطالبة ويشرف على تدريسهم نحو (27.000) عضو هيئة تدريس.

إن هذه الأرقام حقائق ثابتة لا تدع مجالاً للشك أو التخمين عن مدى اهتمام الدولة -رعاها الله- بالمواطنين وبالقطاعات الخدمية التي من أهمها قطاع التعليم، حيث استأثر بنصيب الأسد من ميزانية الدولة وذلك لما له من أهمية كبيرة في خطط التنمية.

أتمنى من العلي القدير أن يجعل العام المالي الجديد عام عز ومنعة، وحفظ وطننا من كل حاسد وحاقد، وختاماً أدعو بالتوفيق لقائد مسيرتنا خادم الحرمين الشريفين رئيس مجلس التعليم العالي ولولي عهده الأمين على ما يلقاه قطاع التعليم بصفة عامة والتعليم العالي على وجه الخصوص من دعم واهتمام.

 
17 / 12 / 2007م            عدد 12863

شبابنا وفرص العمل الموسمية في الحج

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 نشرت صحيفة الجزيرة في عددها الصادر يوم الخميس 8-9-1428هـ بأن الدولة قد سمحت لموظفيها ممن يشغلون المرتبة الخامسة فما دون أو ما يعادل هذه المرتبة في السلالم الوظيفية الأخرى والمستخدمين والمعينين على سلم الأجور بالتغيب عن أعمالهم مدة لا تتجاوز (30) يوماً للعمل كسائقين وفنيين لدى إحدى شركات نقل الحجاج على ألا يؤثر ذلك على رصيد الموظف من الإجازات، إضافة إلى صرف أجر مالي ماقبل ذلك يعادل (3000) ريال.
وللإيضاح فإن تلك الميزة المتاحة لموظفي الدولة قد بدأت عام 2001م عندما وافق مجلس الخدمة المدنية على ذلك.
وقد جاء هذا القرار حرصاً من الدولة على إيجاد فرص عمل إضافية لأعداد كبيرة من شباب الوطن يمكنهم من خلالها إيجاد مصدر رزق إضافي وتحسين دخولهم، خاصة وأن الأعمال التي سيقومون بها لا تحتاج إلى مهارات عالية يندر تواجدها في أوساط الشباب السعودي.
كما أن من إيجابيات هذا القرار الإسهام في توطين الكثير من الأموال وعدم هجرتها للخارج من خلال العمالة الأجنبية التي تغص بها مؤسسات وشركات نقل الحجاج، كما سيسهم هذا القرار في الحد من التكاليف الباهظة التي ستحملها مؤسسات نقل الحجاج في حال تكليف سائق أجنبي للعمل لديها، ولأهم من ذلك كله في نظري أن هذا القرار سيسهم في توفير خدمات أفضل للحجاج في حال وجود السائق السعودي حيث سيكون أكثر حرصاً على خدمة ضيوف بيت الله وإعطاء صورة مشرفة عن وطنه مقارنة بما يمكن أن يقوم به السائق الأجنبي.
الحقيقة المرة أعزائي القراء، أنه وعلى الرغم من الإيجابيات المتعددة التي يتضمنها هذا القرار سواء للشباب السعودي لمؤسسات نقل الحجاج, وقبل ذلك للوطن إلا أنه وعلى امتداد السنوات الماضية لم يتضح أن هناك إقبال على تلك الفرص العملية من قبل شبابنا.
وأذكر في هذا الخصوص، أن وزارة الحج تعلن كل عام حاجتها إلى ما يزيد على العشرة آلاف سائق وفني، إلا أن الصدمة تكمن في أن مجموع أعداد الشباب السعودي الذي يتقدم لشغل تلك الوظائف لا يكون كافياً سوى لشغل جزء بسيط منها.
وفي ظني أن عزوف شبابنا السعودي عن التقدم لشغل الفرص الموسمية غير مبرر على الإطلاق، فطالما أن تلك الفرص الوظيفية متاحة للشباب وطالما أنها فرصة للكسب الشريف بعرق الجبين فلا أظن أن للشباب أي عذر بعدم الالتحاق بتلك الوظائف.
16 / 12 / 2007م           عدد 12862

الدكتور المانع وعقد الشراء الموحد

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 من الحقائق التجارية المسلم بها انه كلما كبر حجم البضاعة المشتراه أدى ذلك إلى حصول المشتري على اسعار أفضل، إضافة إلى قيام البائع بتقديم التدريب والصيانة والخدمات اللازمة لما بعد البيع بأسعار تنافسية. واذكر في هذا الخصوص انني قبل ست سنوات تقريباً ومن خلال هذه الزاوية طالبت بأن تقوم مختلف الأجهزة الحكومية مجتمعة على تأمين مستلزماتها المكتبية والورقية وكذلك حاجتها من السيارات ومن أجهزة الحاسوب وغيرها من خلال عقود موحدة من أجل الحصول على أسعار وخدمات أفضل.
كما أذكر في هذا الخصوص موافقة مجلس الوزراء لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتكنولوجيا بأن تبرم اتفاقية موحدة مع شركة مايكروسوفت بهدف تلبية حاجة الدوائر الحكومية من برامج التشغيل لتقنية المعلومات التي تنتجها مايكروسوفت، وقد ترتب على ذلك العقد الموحد حصول أجهزة الدولة على كل احتياجاتها من تلك البرامج بنسب تخفيض تصل إلى 50%. وفي هذا الخصوص، يجدر بنا أن نشيد بما قام به معالي وزير الصحة الدكتور حمد المانع عندما وجه قبل عامين بتشكيل لجنة تنسيقية تتولى وضع معايير موحدة لجميع احتياجات القطاعات الصحية في المملكة في الأدوية والأجهزة الطبية رغبة من معاليه في تأمين كل الاحتياجات الصحية من خلال عقود موحدة، نظراً لادراكه أن ذلك سيتيح لوزارة الصحة الحصول على تلك الاحتياجات بأقل الأسعار، إضافة إلى حصول الوزارة على خدمات أفضل لما بعد البيع وبأسعار تنافسية. وقد كانت سعادتي لا توصف عندما علمت مؤخراً بما صدر عن مجلس الوزراء من موافقة على تأسيس شركة وطنية للشراء الموحد للادوية والأجهزة والمستلزمات الطبية تتولى توفير تلك الأدوية والأجهزة وتوصيلها وخزنها لمصلحة كافة القطاعات الصحية الحكومية مجتمعة. حيث ستلتزم كافة الجهات الصحية الحكومية بتوفير احتياجاتها من الأدوية والمستلزمات الطبية من هذه الشركة حصرياً وفق أدلة موحدة.
وقد اقر مجلس الوزراء بأن يكون رأسمال هذه الشركة الوطنية ملياري ريال سيتم تمويلها من قبل الدولة، كما سيتم طرح 30% من رأسمالها للاكتتاب العام بعد ثلاثة اعوام من اعلان تأسيس الشركة.
إن سعادتي لا توصف عندما طرح معالي الدكتور حمد المانع هذا التوجه الاقتصادي المحمود، وفي ظني أن ما دفع معاليه لطرح هذا التوجه اعتبارات عدة فمعاليه يدرك أن كلفة فاتورة الدواء على أجهزة الدولة تفوق الخمسة مليارات سنوياً، ومعاليه يدرك أن تنفيذ آلية الشراء الموحد سيوفر الكثير من الأموال على ميزانية الدولة، ومعاليه يدرك أن عدداً من الدول المتقدمة قد سلكت هذا التوجه وقد حققت وفراً مالياً كبيراً، ولذا رغب معاليه أن ينقل إلينا تلك التجارب الاقتصادية الناجحة على الرغم من كون معاليه طبيباً وليس برجل أعمال أو اقتصاد، ومعاليه يدرك بأنه من خلال هذا التوجه سيحقق تنسيقاً وتكاملاً بين القطاعات الصحية بالمملكة من خلال توحيد المواصفات والمعايير في استخدام المستلزمات الطبية والعلاجية، ومعاليه يدرك بأن مثل هذا العقد الموحد سيجنب وزارته وكافة القطاعات الاقتصادية الأخرى الروتين الإداري وستتحقق المرونة اللازمة عند تأمين الادوية والمستلزمات الطبية.وأخيراً فإن حرص معالي الدكتور حمد المانع على هذا التوجه الاقتصادي المحمود إنما هو امتداد للنقلات النوعية التي تشهدها وزارة الصحة منذ تولي معاليه دفة الوزارة.
ختاماً، أعيد وأكرر نفس السؤال الذي طرحته قبل ستة أعوام وهو: (لماذا لا تقوم جميع أجهزة الدولة مجتمعة بتأمين مختلف احتياجاتها من خلال عقود موحدة بدلاً من انفراد كل منها بتأمين تلك الاحتياجات طالما أن الصرف لتأمين تلك الاحتياجات يتم من خلال مصدر واحد هو الخزانة العامة للدولة؟.
2 / 12 / 2007م        عدد 12848

دكتوراه للبيع في محلات أبو ريالين

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 منذ سنوات طويلة ونحن نلحظ تكرار مشهد أقل ما يقال عنه بأنه مشهد مقزز يتمثل هذا المشهد في تواجد الشخص بيننا دون تغيب عن أهله أو مجتمعه أو عمله، وفجأة وبدون مقدمات يقترن اسمه بحرف (الدال)، ويقوم بنشر خبر حصوله على الدكتوراه من قبل أحد الجامعات المرموقة في الغرب أو في وطننا العربي. فكيف يكون ذلك؟
وكيف يمكن أن نساوي بين من عانى وتعب لسنوات قد تصل لخمس أو ست سنوات في البحث والدراسة حتى توج جهده وتعبه بالحصول على الدكتوراه، وبين من لم يكلف نفسه حتى عناء السفر لفترة قصيرة. لم يكلف نفسه سوى الانتظار عدة أيام أو أسابيع هي فترة تحويل المبالغ للشقة (عفواً للجامعة) التي اشترى منها تلك الشهادة فكيف يرضى مثل هذا الشخص أن يطلق عليه ألقاباً مزورة ومشتراه، الجميع يعرف أنه لم يبذل فيها جهداً، ألا يعتقد مثل هذا الشخص بأنه قد مارس الغش والخداع والتزوير على أهله ومجتمعه وجهة عمله وقبل ذلك على نفسه وعلى ربه.
وعند شراء مثل هذا الشخص لشهادة الدكتوراه من قبل أحد المنتمين للمافيا الأكاديمية والمنتشرين في عدد من الدول العربية، تجد أنه يبذل المستحيل من أجل معادلة تلك الشهادة من قبل وزارة التعليم العالي، وعلى الرغم من فشله في معادلة تلك الشهادة تجد وبكل...... يبدأ بحملة للنشر في الصحف معلناً حصوله على تلك الشهادة ومبتهجاً باقتران اسمه بحرف (الدال)، ويتبع ذلك إضافة حرف الدال لكروته الشخصية.
إنني أتساءل عن السبب الذي يجعل البعض فينا يلهث بحثاً عن لقب (الدال) فهل الخلل فينا كمجتمع بحيث أننا نحترم ونقدر صاحب (الدال) بغض النظر عن مصداقية ومدى قدرته وتأهيله. أم أن إلصاق حرف (الدال) المظروب بالشخص سيساعده في الحصول على منصب معين أو حوافز معينة في جهة عمله..؟ في ظني أن علينا كمجتمع أن نتصدى لتلك السطحيات والتي بدأت تنتشر لدينا ،وأن نتصدى لمثل هؤلاء الأشخاص الذي يضربوا بالأمانة عرض الحائط من خللا شرائهم لشهادات للوصول إلى (البرستيج) المنشود والذي لا يمكن سوى مركب النقص الذي يعانون منه.
وفي هذا الخصوص أود أن أشير إلى ما تطرق له المفكر والكاتب الكبير فهمي هويدي في مقاله المنشور في صحيفة الأهرام (4-4- 2006م) بعنوان (مقال دكتوراه للبيع)، حيث تمنى أنه لم يبحث أو يكتب في هذا الموضوع نظراً للوجه القبيح الذي اكتشفه ليس بسبب فداحة المعلومات التي توافرت له فحسب ولكن لأن بعض تلك المعلومات أسقطت من عينة أناساً كان يحسن الظن بهم حين يقرأ ما ينشر بأسمائهم أو أرائهم ويتحدثون بثقة على شاشات التلفزيون في مختلف شؤون الكون، وقد تضمن مقال فهمي هويدي أن في مدينة القاهرة لوحدها عشر مراكز تتولى إعداد أطروحات الماجستير والدكتوراه للراغبين في مختلف العلوم الإنسانية، وأن تلك المراكز تتخذ من الشقق السكنية مقاراً لها، ولها مديرون وفريق من الباحثين يتولون طبخ الرسائل العلمية وبيعها.
25 / 11 / 2007م              عدد 12841

يا تلفزيوننا العزيز: لا تخيّب ظننا فيك

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 أثناء متابعتي تلفزيون المملكة العربية السعودية (القناة الأولى) خلال شهر رمضان المبارك لفت انتباهي شغف العديد من البرامج التي تعرضها القناة بمسابقة الـ700، ومن ذلك مسابقة،
القرآن الكريم، ومسابقة التحدي التي يقدِّمها الممثل يوسف الجراح، وكذلك مسابقات الفروسية.
نعم، كافة تلك المسابقات التي عرضها تلفزيوننا السعودي خلال الشهر الكريم تهافتت على خدمة الـ700، ومما يؤكد أن قنواتنا التلفزيونية الرسمية أصبحت أكثر شغفاً بخدمة الـ700 من القنوات الفضائية التجارية الأخرى أن القناة الثانية قامت خلال الشهر الكريم بعرض برنامج بلغة عربية (على غير المعتاد) لمجرد مشاركة أكبر عدد من المواطنين في مسابقة الـ700.
إنني أتساءل عن السبب الذي دفع قنواتنا الرسمية إلى التهافت على خدمة الـ700، وفي ظني أننا لن نوجِّه اللوم بعد اليوم لبعض القنوات السطحية الخاصة التي أصبحت برامجها تعتمد على هذه الخدمة ما دامت قنواتنا الرسمية المدعومة من قبل الدولة قد تهافتت عليها. كما نرغب من تلفزيوننا العزيز أن يوضح لنا سبب إقحام المواطنين السعوديين في متاهة تلك المسابقات التي نعلم جميعاً الفتوى الشرعية بتحريمها.
ثم لماذا يتم تشويه سمعة قنواتنا السعودية خلال الشهر الكريم بتلك المسابقات غير الشرعية؟! ألسنا نتفق على أن قنواتنا السعودية الرسمية القدوة بين أقرانها من القنوات التلفزيونية الأخرى؟! ألسنا نتفق على أن تلفزيوننا السعودي يكرِّس القيم والتعاليم الإسلامية لدى المشاهدين بكافة مراحلهم العمرية، بل إن هناك مقولة مأثورة طالما نطق بها كثير من أولياء الأمور، وهي أنهم يشعرون بالاطمئنان عندما يتركون أولادهم أمام التلفزيون السعودي؟! ووالله إنها لمصيبة أن يعكس تلفزيوننا السعودي هذا الاتجاه من خلال إقحام نفسه في مثل تلك المسابقات غير الشرعية، ووالله إن المصيبة أكبر عندما تضاعفت أعداد تلك المسابقات خلال شهر رمضان الكريم.
وإذا كانت الدولة لم تقصِّر من خلال ما تخصِّصه من موازنات مالية جيدة لقنواتنا التلفزيونية السعودية فما إذنْ مبرِّر إقحام تلك القنوات في متاهات البحث عن موارد مالية إضافية بوسائل أقلّ ما يقال عنها إنها غير شرعية؟!
ختاماً، نرى من تلفزيوننا السعودي أن يكون كما عهدناه منارة هدى لتحقيق الأهداف التربوية السليمة المستمدة من شريعتنا السمحاء، وفي الوقت الذي تكاثرت فيه القنوات الفضائية بغثها وسمينها نحن نحتاج إلى جذب المشاهد السعودي بأسلوب تربوي مشوّق.
11 / 11 / 2007م          عدد 12827

جمعية مكافحة السرطان ومبادرة الوزير

د محمد بن عبد العزيز الصالح
انتقل إلى رحمة الله تعالى شقيق معالي وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف، فاللهم أسكنه فسيح جناتك واللهم ألهم ذويه الصبر والسلوان. وفي اليوم التالي للوفاة، وجه معالي الوزير دعوة من خلال الصحف للأشخاص الراغبين بنشر التعازي في الصحف إلى التبرع بقيمة اعلانات التعازي للجمعية السعودية لمكافحة مرض السرطان.
وفي الوقت الذي نثني فيه على دعوة معاليه على هذا العمل الخيري، وهو توجه لا يستغرب من أمثال الدكتور إبراهيم العساف ونسأل الله أن يجعله في موازين أعماله، فإنني أقترح من خلال هذه الزاوية أن يكون هناك تنسيق بين جمعية مكافحة مرض السرطان وبين كافة الصحف من أجل بحث امكانية تخصيص 50% من كافة المبالغ التي يتم دفعها للصحف لعلاج المرضى الذين يعانون من هذا المرض الخبيث.
وفي ظني أن تنفيذ هذا المقترح سينعكس ايجاباً على كل من المعزين والمؤسسات الصحفية وكذلك على جمعية مكافحة مرض السرطان، وذلك وفقاً للايضاح التالي:
- بالنسبة للمعزين، سيتحقق لهم بإذن الله الأجر والثواب عندما يتم توجيه 50% من المبلغ لاعلان العزاء والـ50% الأخرى لجمعية مكافحة السرطان، كما أنني أجزم بأن ذلك سيكون دافعا للكثير من الناس لنشر تعازيهم عبر الصحف بحثاً عن مرضاة الله.
- بالنسبة للمؤسسات الصحفية سيعود ذلك عليهم بمردود مالي كبير نظراً لاقبال الكثير من الناس لنشر تعازيهم عبر الصحف بحثاً عن الأجر، حتى لو تم استقطاع 50% من المردود المالي لجمعية مكافحة السرطان، وعلى أعضاء الجمعية العمومية للمؤسسات الصحفية أن يعتبروا ذلك اسهاماً منهم في عمل خيري لصالح جمعية مكافحة مرضى السرطان، علماً بأن توجيه كافة تلك المبالغ لجمعية مكافحة مرضى السرطان سيحرم المؤسسات الصحفية من أي مردود مالي.
- بالنسبة لجمعية مكافحة مرضى السرطان، أجزم بأن المردود المالي الذي سيعود على الجمعية من جراء تقسيم موارد اعلانات التعازي بين الجمعية والمؤسسات الصحفية بواقع 50% لكل منهما سيتفوق وبكثير فيما لو تم تخصيص كامل المبلغ للجمعية. ويجب أن نكون واقعيين عندما نتحدث عن الأسباب التي تدفع بالعديد من المؤسسات والشركات والهيئات (وأحياناً بعض الأشخاص) لدفع مبلغ خمسين ألف ريال تقريباً (وهي تكلفة الاعلان في صفحة كاملة) لتعزية أحد المسؤولين في الدولة. وبعبارة أخرى لو أن أحد المسؤولين في الدولة لم يكن في ذلك المنصب أو أنه قد أحيل للتقاعد، فهل تلك المؤسسات والشركات والهيئات والبنوك وغيرها على استعداد لتحمل دفع مبالغ طائلة لنشر تعازيها لذلك المسؤول عن الصحف؟ أعتقد أن الاجابة يدركها كافة القراء الأعزاء. ولذا اعتقد بأننا نتفق أنه بالاضافة إلى طلب الأجر والثواب، فهناك دوافع اعلامية واجتماعية كما قد تكون اقتصادية، وبالتالي فعندما يتم تخصيص كامل المردود المالي من نشر اعلان التعزية لمصلحة جمعية مكافحة مرضى السرطان بدلاً من نشر اعلان التعزية في الصحف، فإن تخوفي يكمن في احجام العديد من تلك المؤسسات والشركات والبنوك عن التعزية ولذا فإنني أؤكد مرة أخرى بأن تخصيص 50% من قيمة اعلانات التعازي للجمعية سيكون أكثر جدوى فيما لو تم تخصيص كامل المبلغ.
وبعملية حسابية تقريبية بسيطة عن المردود الذي سيعود على الجمعية في حال وفاة أحد المسؤولين أو أحد كبار رجال الأعمال أو أحد أقربائهم نجد بأنه قد يصل وفق التفصيل التالي إلى:
- معدل عدد صفحات العزاء في الجريدة الواحدة = 5 صفحات تقريباً.
- المبلغ التقريبي للصفحة الواحدة = 50000 (خمسون ألف ريال تقريباً).
- عدد الصحف المحلية - 12 صحيفة.
العائد المالي على الجريدة الواحدة = 5 * 50.000= 250.000 ريال
العائد المالي على كافة الصحف = 250.000 *12= 3000.000 (ثلاثة ملايين ريال).
نصيب الجمعية = 3000.000 *50% = 1500000 (مليون ونصف المليون ريال).
ختاماً، أرجو من القائمين على الجمعية -وفي مقدمتهم صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالله الرئيس الشرفي للجمعية وأنا على يقين بقدرة سموه على تفعيل الموارد المالية للجمعية، وكذلك رئيس مجلس ادارة الجمعية الدكتور النشط عبدالله العمرو- بأن يتبنيا تنفيذ هذا المقترح بالتنسيق مع المؤسسات الصحفية وانا على يقين من استجابة الجميع لذلك.
4 / 11 / 2007م               عدد 12820

الاجتماع المشترك انعكاس لفكر سلمان الإداري المتجدد

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 قد تفرض الظروف العملية للكاتب أن يكون بعيداً، وقد يتسبب ذلك في عدم متابعة وتغطية بعض الأحداث في وقتها، إلا أن أهمية وجدوى بعض تلك الأحداث قد تشفع للكاتب التطرق لها ولو بعد حين.
ففي يوم الثلاثاء، الثالث عشر من شهر رمضان المبارك 1428هـ وجه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض الدعوة لاجتماع مشترك احتضنته الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، شارك فيه كل من أعضاء مجلس إدارة الهيئة ومجلس منطقة الرياض والمجلس البلدي ومجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض بحضور نخبة كبيرة من رجال الأعمال والإعلاميين.
وقد قصد سلمان بن عبدالعزيز في هذا الاجتماع المشترك أن يكون رجال الأعمال على علم بكافة المشاريع والفرص الاستثمارية التي سيتم طرحها في العاصمة السعودية، مؤكداً سموه في ذلك حرص الدولة على تهيئة كافة التسهيلات والإمكانات لهم، وباختصار لقد قصد أميرنا المحبوب من الدعوة لهذا الاجتماع المشترك أن يضع رجال الأعمال أمام تصور حقيقي لحجم الفرص الاستثمارية الواقعية والمتاحة لهم في مدينة الرياض.
بهذه الدعوة للاجتماع المشترك مع رجال القطاع الخاص لبحث الفرص الاستثمارية الواعدة في رياضنا الحبيب، يؤكد لنا سلمان بن عبدالعزيز مرة أخرى بأنه ليس حاكماً إدارياً وقائداً سياسياً محنكاً فحسب وإنما هو صاحب فكر اقتصادي ونهج تخطيطي أيضاً، فسموه بهذه الدعوة لرجال القطاع الخاص إنما يؤسس فكراً ومنهجاً إدارياً جديداً ينطلق فيه سموه من إيمانه التام بأن صنع التنمية السعودية الحديثة لا يمكن أن يقوم إلا بالمشاركة الفاعلة بين القطاعين الحكومي والأهلي على حد سواء، كما أن دعوة سموه لرجال الأعمال للمشاركة في ذلك الاجتماع المشترك إنما هو منعطف منهجي جديد في إدارة دفة المشاريع الحضرية والتنموية في مدينة الرياض، تقوم أهم ركائزه على تكاتف جهود القطاعين العام والأهلي.
فقد جرت العادة أن تتولى الأجهزة الحكومية وضع كافة الرؤى والسياسات والخطط التنموية، في حين يقتصر دور رجال القطاع الخاص على تلقي ما تضمنته تلك الخطط والسياسات ومحاولة الاستفادة منها، وما من شك أن ذلك قد يوجد فجوة بين الجانب التخطيطي (من قبل أجهزة الدولة) والجانب التنفيذي لتلك الخطط (من قبل القطاع الخاص) مما قد يعيق الطموح المراد تحقيقه من قبل الدولة من تلك السياسات والخطط التنموية، ومن هنا يأتي تميز سلمان بن عبدالعزيز كما هي عادته بمبادرته بدعوة رجال القطاع الخاص للمشاركة ابتداءً في صنع الفرص الاستثمارية ورسم الخطط التنموية لعاصمتنا السعودية.
ولقد جاءت دعوة سلمان بن عبدالعزيز لرجال القطاع الأهلي للمشاركة في هذا الاجتماع المشترك تمشياً مع توجه الدولة وما تضمنته الخطة التنموية الخامسة التي جعلت القطاع الخاص لاعباً أساسياً في صنع التنمية السعودية، كما أن هذا النهج الإداري لسموه إنما يعبر عن قناعة سموه بما تفرضه علينا المعطيات المرحلية للاقتصاد الوطني التي تتطلب مشاركة فاعلة من قبل القطاع الخاص، ولذا فإننا نثني على هذا النهج لسموه وندعو كافة أجهزة الدولة أن تحذو حذوه.
ختاماً، إذا كان أميرنا المحبوب قد رسم للهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض منذ إنشائها منهجاً تخطيطياً استراتيجياً متميزاً فإن سموه بهذا الاجتماع المشترك الذي جمع فيه رجال القطاعين الحكومي والأهلي يكون قد أضفى فكراً اقتصادياً ومنهجاً إدارياً ستنعكس آثاره الإيجابية على عملية صنع التنمية الحضارية لعاصمتنا السعودية وبالتالي لا غرابة أن تتبوأ عاصمتنا الرياض مكانتها ضمن العواصم العالمية المتقدمة.
28 / 10 / 2007م           12813

الرؤية الثاقبة في إنشاء جامعة الملك عبد الله

 
د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 في نقلة نوعية في مسيرة التعليم العالي بالمملكة يتفضل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز هذا اليوم بافتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية على شاطئ البحر الأحمر، وتأتي هذه الجامعة ترجمة لرؤية عبدالله بن عبدالعزيز الداعمة للبحث العلمي والتطوير التقني..
من خلال استقطاب المتميز من الطلبة والعلماء من ذوي الكفاءات العلمية العالية من شتى أنحاء المعمورة، لقد أراد عبدالله بن عبدالعزيز من هذه الجامعة أن تكون جاذبة للمبدعين إدراكاً منه - حفظه الله - بأن العنصر البشري المتميز هو منطلق التنمية الصحيحة.
وتأتي رغبة عبدالله بن عبدالعزيز بأن تكون هذه الجامعة أحد أفضل المراكز العلمية البحثية العالمية في مختلف القضايا الاستراتيجية والتنموية الداعمة لاقتصادنا الوطني، ولتأكيد ذلك وجه - حفظه الله - بأن تقتصر البرامج العلمية التي تقدمها الجامعة على الدراسات العليا والبحوث التطبيقية، وعدم إدراج برامج البكالوريوس إلا في أضيق الحدود.
إن أحد الأبعاد الاقتصادية المهمة التي انطلق منها عبدالله بن عبدالعزيز في إنشاء تلك الجامعة إنما يتمثل في الموقع الاستراتيجي الذي ستنشأ فيه الجامعة، حيث سيكون ذلك على مساحة تقارب العشرة ملايين متر في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية وذلك بالقرب من أحد أكبر المناطق الصناعية بالمملكة التي ستنشأ داخل المدينة الاقتصادية وما من شك أن وجود تلك الجامعة التطبيقية بالقرب من المشروعات الصناعية سيكون له انعكاساته الاقتصادية الإيجابية سواء من خلال رعاية الطلبة المبدعين في المجالات الصناعية القائمة على المعرفة أو من خلال تقديم برامج دراسات عليا مرتبطة بأحدث التقنيات التي تخدم صناعتنا الوطنية أو من خلال تنمية روح الإبداع والابتكار وذلك بإنشاء مراكز للابتكار وحاضنات للتقنية بالقرب من تلك المنطقة الصناعية.
إن تميز وعالمية هذه الجامعة ستنطلق من توجيه عبدالله بن عبدالعزيز بالسماح للمتميزين كافة من طلبة وباحثين وعلماء ومبدعين من مختلف الأجناس والجنسيات والأديان بالالتحاق بالجامعة وذلك بناء على معيار التنافس الأكاديمي والبحثي، وقد قصد خادم الحرمين الشريفين من هذا التوجيه تسخير المتميز من العقول لخدمة تنمية واقتصاد المملكة العربية السعودية، حيث إن رؤية عبدالله بن عبدالعزيز في هذا الجانب قد انطلقت من إدراكه - حفظه الله - للمنافسة القوية بين الدول المتنافسة صناعياً على استقطاب تلك العقليات والكفاءات الأكاديمية والبحثية وتهيئة المحفزات المادية والمعنوية كافة لهم.
وانطلاقاً من حرص خادم الحرمين الشريفين على تحقيق المكتسبات التنموية والاقتصادية والاستراتيجية من خلال إنشاء تلك الجامعة التطبيقية، نجد بأن أحد أهم المبادئ الأساسية التي ستنطلق منها الجامعة تتمثل في إيجاد نظم تعليمية وبحثية ومالية وإدارية متطورة ومرنة وخالية من البيروقراطية المعيقة لمسيرة البحث العلمي، وهذا يدفعنا للتأكيد على أهمية تطوير الأنظمة واللوائح المنظمة لبقية الجامعات الأخرى في مملكتنا الغالية والتي تجاوز عددها العشرين جامعة، وفي هذا الخصوص فإنني أدعو إخواني أعضاء مجلس الشورى والذين يناقشون خلال الأيام الحالية النظام الجديد للمجلس الأعلى للتعليم بأن تنطلق رؤاهم في مناقشة النظام من رؤية عبدالله بن عبدالعزيز وذلك بتطبيق المرونة اللازمة للجامعات في المناحي الأكاديمية والبحثية والمالية والإدارية كافة، هذا إذا ما أردنا لجامعاتنا السعودية أن تنطلق وتنافس وذلك على غرار ما أريد لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية أن تكون.
21 / 10 / 2007 م        عدد 12806

العمالة الهاربة وأول الغيث قطرة

د. محمد بن عبد العزيز الصباح
 كنت قد كتبت خلال الأسابيع الماضية عدة مقالات تركز على ظاهرة هروب الخدم والعمالة المنزلية وما يعانيه الوطن والمواطنون من جراء ذلك الهروب سواء كانت تلك المعاناة اقتصادية أو اجتماعية أو صحية أو أمنية. ولذا طالبت كما طالب الكثير -غيري- الأجهزة الحكومية والأهلية بأن تتصدى عاجلاً لتلك الظاهرة، وأن تقوم تلك الأجهزة بالضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه الإضرار بمصالح الوطن والمواطنين.
كما طالبت من الجهات المختصة الوقوف بحزم أمام التوجه الإندونيسي الرامي إلى رفع رواتب الخدم والعمالة المنزلية الإندونيسية من (600) إلى (800) ريال إذا ما علمنا بأن رواتب تلك العمالة في بعض دول الخليج يتراوح بين (400) -(450) ريالا، هذا بالإضافة إل ما أصبحنا نعانيه كمواطنين من هروب تلك العمالة الإندونيسية دون وجود ضمانات تحفظ حق الأسرة السعودية المتضررة.
وفي يوم الجمعة 16 رمضان 1428هـ، وأثناء قراءتي للصحف، وقعت عيناني على خبرين مفرحين جعلاني أدرك بأن هناك تحرك من قبل الأجهزة الحكومية والخاصة للتصدي لظاهرة هروب العمالة المنزلية فقد نشرت صحيفة الرياض عنواناً ينص على: (لجنة الاستقدام تحسم الجدل حول رواتب الإندونيسيات وترفض زيادتها)، وقد أكد رئيس اللجنة الوطنية للاستقدام بمجلس الغرف السعودية في ذلك الخبر على رفض اللجنة الوطنية لأي زيادة على رواتب العمالة الإندونيسية حتى يتم الانتهاء من مناقشة كافة المشاكل المتعلقة بتلك العمالة وأهمية وجود تعهدات وضمانات بعدم الهروب، وكذلك تدريب تلك العمالة، إضافة إلى تسهيل إجراءات تصديق عقود عملها. وقد أكد رئيس اللجنة الوطنية للاستقدام على أهمية تعاون الجانب الإندونيسي الرسمي لحل تلك الإشكالات داعياً في نفس الوقت المواطنين بالتريث في إصدار تأشيرات عمالة منزلية على دولة إندونيسيا.
أما الخبر الثاني قد نشرته صحيفة الوطن (الجمعة 16 رمضان، ص6) تحت عنوان: (لائحة للتأمين على العمالة المنزلية تعويضاً عن الهاربة) وقد تضمن الخبر بأن وزارة العمل تعكف حالياً، وبمتابعة شخصية من قبل معالي الدكتور غازي القصيبي على إعداد لائحة تأمين ضد هروب العمالة المنزلية وذلك بعد تفاقم مشكلة هروبها في الآونة الأخيرة عن مواقع عملها دون تعويض مادي وتذمر المواطنون من ذلك.
إضافة لذلك فقد أصدر معالي وزير العمل قبل شهرين قرار يمنع الاستقدام لمدة سنتين عن أي شخص يقوم بتشغيل أو إيواء عامل أو عاملة متغيب أو هارب من عمله أو عملها، كما تضمن القرار ترحيل أي وافد يقوم بنقل أو المساعدة في تشغيل أو هروب أي عامل أو عاملة.
ولا أخفيكم أعزائي القراء بأن تلك التحركات من قبل الأجهزة الحكومية والخاصة تمثل خطوة مهمة في سبيل إنهاء ما يعانيه المواطنون من تلك العمالة المنزلية. ولكن في الوقت الذي تشرك فيه وزارة العمل واللجنة الوطنية للاستقدام على تلك الجهود الملموسة، فإنني أؤكد بأن نجاح تلك الجهود وإنهاء معاناة المواطنين سيكون مرتبط بأمرين، أولهما يتمثل في قيام تلك الأجهزة الحكومية والخاصة بالتنفيذ الفعلي لتلك الجهود،وثانيهما تعاون المواطنين من خلال عدم تشغيل أو إيواء العمالة الهاربة، وكذلك من خلال تبليغ الجهات المختصة عنها ومن يقف خلفها من العصابات.
7 / 10 / 2007م          عدد 12792

معاناتنا مستمرة من الغش التجاري!


د محمد بن عبدالعزيز الصالح

 قام معالي وزير التجارة والصناعة الدكتور هاشم يماني مؤخراً بالالتقاء بمستورد الرز وغيره من السلع الغذائية الأساسية، ونقل معاليه لهم توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- بعدم المبالغة في تغليب مصالحهم الخاصة انطلاقاً من أداء واجبهم تجاه الوطن والمواطن.

وإذا كانت وزارة التجارة قد بدأت بالتركيز على مغالاة بعض التجار بالأسعار وهو ما يضر بمصلحة المواطن، وهو أمر تشكر عليه الوزارة، فإنني اعتقد بأن الوزارة لا زالت مقصرة فيما يتعلق بالتصدي لتسويق السلع المغشوشة والفاسدة والمنتهية الصلاحية، بل إنني اعتقد أن هذه القضية تفوق في أهميتها قضية غلاء الأسعار.

وان من اطلع على صحيفة الرياض يوم الثلاثاء الماضي (13 رمضان، ص 35) لأدرك بأن هناك عنوانين رئيسيين، ينص الأول على: (وزير التجارة يواصل اجتماعاته بالموردين ويحثهم على عدم المغالاة في الأسعار)، في حين أن العنوان الثاني ينص على: (تسويق ستة ملايين عبوة شامبو مغشوشة) فإذا كان معالي وزير التجارة قد وجه تهديده بأن الوزارة لن تتوانى في تطبيق أقصى العقوبات حيال من يحاول رفع الأسعار والأضرار بمصلحة الوطن، فإنني اعتقد بأن العقوبة الأشد يجب أن تطبق أيضا على من يقدم على المتاجرة بأرواح وصحة المواطنين من خلال تسويق السلع المغشوشة وغير الصالحة للاستخدام الآدمي.

معالي الوزير، قبل فترة قصيرة طالعتنا الصحف بقيام أحد التجار بتسويق واحد وعشرين ألف كيلو غرام من اللحوم الفاسدة كما قام تاجر آخر بتسويق سبعة عشر ألف كيلو غرام من الأدوية والمستحضرات التجميلية الفاسدة في أسواقنا التجارية، وقبل بداية شهر رمضان المبارك طالعتنا الصحف بخبر مفاده قيام أحد التجار بتوزيع آلاف الكيلو غرامات من الكبدة الفاسدة على المطاعم ليتم تقديمها للمواطنين خلال الشهر الكريم، وغيرها الكثير من الجرائم الإنسانية التي يرتكبها القلة من التجار بحق المواطنين طوال السنوات الماضية من خلال تسويقهم لسلع لا تصلح للاستخدام الآدمي. فماذا عملت وزارة التجارة بحق أمثال هؤلاء المجرمين من التجار؟ هل تم تطبيق العقوبات الرادعة بحقهم؟ هل تم سجنهم؟ هل تم جلدهم؟ وهل قامت الوزارة على أقل تقدير بالتشهير بهم؟ أم أن الوزارة اكتفت بتطبيق غرامات مالية قليلة بحقهم لا توازي سوى جزء بسيط من الأرباح الكبيرة التي حققها هؤلاء التجار في تسويق تلك السلع المغشوشة والمنتهية الصلاحية. ألا يعتقد معاليكم بأن من يرتكب مثل تلك الجرائم الإنسانية أنما يمكن اعتباره من المفسدين في الأرض وبالتالي إمكانية إحالته للجهات المختصة لمحاكمته وتطبيق حد الله فيه.

معالي الوزير، يعلم معاليكم أن التساهل في التعامل مع قضايا الغش التجاري إنما يمثل تشجيعاً لبعض عديمي الذمة من التجار (وهم قلة إن شاء الله) بارتكاب مختلف ممارسات الغش التجاري مما يمثل خطورة متناهية على صحتنا وأرواحنا لذا فإننا نرجو من معاليكم أن تضعوا هذا الموضوع في قمة اهتماماتكم كما أننا نؤكد على معاليكم وكافة العاملين معكم بالوزارة بأن أرواح المواطنين والمقيمين أمانة بأيديكم ويجب أن تضربوا بيد من حديد لوقف مثل تلك الجرائم وما لم تفعلوا، فانتم مسؤولون أمام الله ثم أمام ولاة الأمر والذين حملوكم هذه الأمانة وقبلتم بحملها.

30 / 9 / 2007م        عدد 12785

العمالة الإندونيسية بين هروبها وزيادة رواتبها

د.محمد بن عبد العزيز الصالح
 أوضح كل من الأستاذ عبدالله الحمود صاحب مكتب للاستقدام والأستاذ سعد البداح رئيس اللجنة الوطنية للاستقدام بمجلس الغرف السعودية أن هناك مناقشات مع الجانب الإندونيسي من جل زيادة رواتب الخادمات الإندونيسيات من (600) إلى (800) ريال، أي بزيادة مقدارها 33%، وقبل أن أعلق على هذه التوجه، أحب أن أوضح بان ماتتقاضاه الخادمات الإندونيسيات في بعض دول الخليج لا يتجاوز 400 - 450 ريال فلماذا يجب علينا كسعوديين أن ندرس زيادة رواتب تلك العمالة المنزلية لتصبح ضعف ما تتقاضاه مثيلاتها في بعض دول الجوار الخليجي.
وإذا كانت الجهات المعنية سواء في القطاع الحكومي أو الخاص ستدرس زيادة رواتب الخادمات الاندونيسيات وهو ما يصعب في مصلحة تلك الخادمات، ومثل ذلك دولتهم من خلال ارتفاع التدفق المالي الذي سيصب في صالح الاقتصاد الإندونيسي من جراء تلك الزيادة، فإنني أؤكد على أهمية بحث عدد من القضايا والموضوعات التي تعاني منها الأسر السعودية من جراء تجاوزات تلك العمالة المنزلية.واهم تلك القضايا (هروب تلك العمالة المنزلية) وما يلحق بالأسرة السعودية من معاناة وخسائر مالية طائلة بسببها، ويكفي أن أشير في هذا الخصوص أن مدير مكتب إيواء الخادمات الهاربات بمدينة الرياض قد أشار إلى أن عدد بلاغات الهروب التي يستقبلها المكتب في مدينة الرياض فقط هي (150) بلاغا مما يعني بان عدد الهاربات شهرياً يبلغ 4500 حالة ( 150x30=5400) حالة هروب سنوياً (4500x 12= 54000)
الجدير بالذكر أنه في حال هروب الخادمة المنزلية، فإن الأسرة السعودية تتحمل كافة التبعات والخسائر المالية المترتبة على ذلك، ودون أن يتوفر لها أي حماية أو ضمانات أو تعويض عن تلك الخسائر وذلك في ظل سكوت وتجاهل غير مبرر من قبل كافة الجهات ذات العلاقة سواء حكومية أو خاصة وذلك على الرغم بان هذا الموضوع قد أصبح ظاهرة قلما نجد أسرة سعودية لم تكتو بنارها ومنذ سنوات. ولمعالجة هذه الأمر نجد بأن رئيس اللجنة الوطنية للاستقدام بمجلس الغرف السعودية قد أشار في تصريحه لجريدة الرياض (7 رمضان 1428هـ) بأن اللجنة قد اشترطت على الجانب الإندونيسي بان تم معالجة هروب الخادمات الإندونيسيات وذلك كشرط لموافقة الجانب السعودي على تلك الزيادة في الراتب موضحا ذلك في بان مطالبة الجانب السعودي في مفاوضاته مع الإندونيسي قد تركزت على ضرورة تعهد ولي أمر العاملة بخطاب ضمان قبل مغادرتها جاكرتا بعدم هروبها من منزل صاحب العمل وان يلتزم بإكمال العقد وأن يتحمل ولي أمرها المسؤولية في حال هروبها وعدم إكمالها للعقد. ومع احترامي لما ذكره رئيس اللجنة الوطنية للاستقدام هنا، إلا أنني اعتقد بان موضوع هروب الخادمة لن يتم معالجته من خلال تعهد ولي أمر تلك الخادمة، ففاقد الشيء لا يعطيه ونحن نعلم بن تلك الأسر الإندونيسية الفقيرة لا تملك من الأموال ما يجعلها تدفع تلك الضمانات المالية والمقدرة بالآف الريالات، بل أنه لو كان لديها تلك الأموال لما أرسلت بناتها للعمل في المملكة وغيرها من الدول. إن الضمانات التي يمكن فرضها بدفع التعويضات للأسرة السعودية في حال هروب خادمتها يجب أن تكون على مكاتب تصدير العمالة الإندونيسية وجهات الاختصاص بالمملكة، وذلك دون أن نقصم أنفسنا مع ضمانات من أسر فقيرة نعرف مسبقا بأنها لن تأتي بنتيجة.
هل يعقل:
هل يعقل أن هروب العمالة المنزلية قد وصل لحد الظاهرة وهل يعقل أننا لا نعرف أين تذهب تلك العمالة الهاربة وهل يعقل أن تتحمل الأسرة السعودية، كافة تبعات وتكاليف ذلك الهروب وهل يعقل أننا لا نعرف من يقف خلف هروب تلك العمالة المنزلية وهل يعقل أن تستمر تلك الظاهرة, لو أن الجهات المختصة قد ضربت بيد من حديد على كل من يقف وراءها من العصابات المنظمة.
 
23 / 9 / 2007م         عدد 12778

التسول في رمضان

د محمد بن عبد العزيز الصالح
 ذكرت صحيفة الحياة (الجمعة 25 شعبان) في تحقيق أجرته حول التسول في رمضان، أن عصابات التسول قد استبقت حلول الشهر الفضيل بحملة انتشار واسعة طالت المنازل والإشارات الضوئية مستغلين الإقبال على أعمال الخير في هذا الشهر لجمع أكبر قدر من الأموال من المحسنين وبخاصة النساء اللواتي يسهل استدراجهن واستعطافهن.
وإزاء هذا الخبر حول ظاهرة الشحادة والتسول التي وللأسف نجد أنها تغلغلت وانتشرت في كافة مناطق ومحافظات المملكة، وعلى الأخص في شهر الصوم وما يترتب عليها من انعكاسات سلبية اجتماعية وأمنية واقتصادية، أسوق لكم أعزائي القراء جملة من التساؤلات وهي:
- إلى متى ستظل مختلف مناطق ومحافظات المملكة مرتعاً خصباً لمثل هؤلاء النصابين.
- وإلى متى سيستمر البعض منا في تماديه في سذاجته من خلال تقديمه أموالاً لأناس لا يدرك مدى احتياجهم الفعلي لتلك الأموال.
- وهل نعلم بأن دراسة مسحية قامت بها وزارة الشؤون الاجتماعية أظهرت أن ما لا يقل عن 150 ألف شحاذ منتشرين في شوارعنا ومساجدنا.
- وهل نعلم أن أكثر من 90% من هؤلاء الشحاذين هم من غير السعوديين وفق ما صرح به وزير الشؤون الاجتماعية.
- وهل نعلم بأن الكثير من الأطفال الذين استخدمتهم تلك العصابات يتم تشويههم وقطع بعض أطرافهم ليواصلوا عملية التمثيل على مجتمعنا (الطيب).
- وإلى متى ستستمر الجهود المتواضعة لوزارة الشؤون الاجتماعية في القضاء على تلك الظاهرة التي لا يخلو مسجد أو شارع أو سوق منها خاصة في هذا الشهر الكريم.
- ومتى ستتحرك وزارة الشؤون الإسلامية لتوجيه كافة المساجد بالتصدي لتلك الظاهرة سواء من خلال توجيه أئمة المساجد بتضمين خطب الجمعة بنصح المصلين بدفع أموالهم في قنواتها السليمة وعدم إعطائها لهؤلاء النصابين، أو من خلال قيام أئمة المساجد بالتصدي لهم وعدم السماح لهم بممارسة مهنة الشحاذة بالمساجد.
- أليس من المفترض على هيئة كبار العلماء أن تصدر فتوى أو نصح للمسلمين بعدم جواز تقديم أموالهم لهؤلاء النصابين، بحيث تدفع لمستحقيها فعلاً، كما أن على الهيئة أن تصدر فتوى تحرم كل من يقف خلفهم ويدعم انتشارهم.
ختاماً، أعتقد بأننا نحن من أسهم في وصول عدد هؤلاء النصابين إلى عشرات الألوف، ونحن من ساعد على انتشار الشحاذين في شوارعنا ومساجدنا حيث أسهمت طيبتنا غير المبررة بأن نغدق عليهم بالعطاء دون أن نعلم مدى استحقاقهم الفعلي ودون أن نعلم عن كيفية صرفهم لتلك الأموال، هل ندرك أن البعض منهم قد يستخدم تلك الأموال في زعزعة أمن واستقرار هذا الوطن. فلماذا إذاً لا ندفع ما تجود به أنفسنا من أموال لجمعيات البر التي لديها من برامج الضمان الاجتماعي ما يكفل تأمين الحياة الكريمة لكل مواطن محتاج.
16 / 9 / 2007م           عدد 12771

بيع الإطارات الهالكة

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 شدد الأمين العام على جميع قائدي المركبات بضرورة الالتزام بتعليمات السلامة أثناء قيادتهم على الطرق السريعة وذلك بعد أن لوحظ مؤخراً تزايد كبير في أعداد الحوادث المرورية التي تنتج عن استخدام إطارات متهالكة خاصة في ظل الأجواء الحارة التي تشهدها المملكة هذه الأيام (الجزيرة، 2 شعبان 1428هـ) وقد علق العقيد محمد المرعول مدير العلاقات العامة بالأمن العام على ذلك بالقول إن معظم الحوادث التي تقع على الطرق السريعة إنما تأتي كنتيجة طبيعية للاستخدام السيئ وغير المناسب للإطارات مؤكداً على أن الإطارات الرديئة سرعان ما تنفجر على الطرق السريعة مما يؤدي إلى وقوع الحوادث المرورية المؤلمة. وفي إحصائية صادرة عن الأمن العام، بلغ عدد الحوادث المرورية الناجمة عن انفجار الإطارات عام 1426هـ (420) حادثاً، كما بلغت في عام 1427هـ (370) حادثاً.
وأذكر في هذا الخصوص أنني سبق أن كتبت ومن خلال هذه الزاوية مقالاً بعنوان (خوش عقوبة) أشرت فيه إلى أن هيئة ضبط الغش التجاري بوزارة التجارة قد قامت بجولات ميدانية على محلات البناشر ومحلات بيع الإطارات في محافظة جدة، حيث تم ضبط أكثر من سبعة وأربعين ألف إطار غير صالح للاستخدام، وقد تمت إحالة من ثبتت إدانته إلى مكتب الفصل في المنازعات التجارية التابعة للوزارة لتطبيق العقوبات التي يشتمل عليها النظام والمتمثلة في معاقبة التاجر بغرامة مالية تتراوح بين خمسة آلاف ريال ومائة ألف ريال والتشهير به على حسابه الخاص.
وإذا كنا نتعجب من أن يكون هناك من التجار السعوديين عديمو الذمم أعماهم الجشع إلى الدرجة التي لا يترددون فهيا عن بيع إطارات منتهية الصلاحية تؤدي إلى قتل الكثير من إخوانهم وأقربائهم الأبرياء، فإننا نتعجب أيضاً من ذلك الموقف السلبي لوزارة التجارة تجاه تلك الجرائم الجنائية، فكيف يمكن أن تكتفي الوزارة بعقوبة 5000 ريال بحق تجار يستوردون أكثر من سبعة وأربعين ألف إطار مغشوش في محافظة واحدة من محافظات المملكة ويحققون ملايين الريالات أرباحاً من جراء ذلك.
وفي ظني أن ما ارتكبه هؤلاء التجار عديمي الذمم يجب ألا يقتصر على كونه مخالفة تجارية وإنما يجب أن يتجاوز ذلك إلى كونه جريمة جنائية، فمن يتاجر بأرواحنا من خلال تسويق وبيع تلك الكفرات المنتهية الصلاحية يجب التعامل معه على أنه مجرم.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: إذا كانت أعداد الإطارات المغشوشة غير الصالحة للاستخدام في محافظة واحدة من محافظات المملكة تبلغ أكثر من سبعة وأربعين ألف إطار، فكم سيبلغ أعداد تلك الإطارات الهالكة في مختلف مناطق ومحافظات المملكة؟ عندها سيتضح السبب في ارتفاع قتلى وضحايا الحوادث المرورية في المملكة، خاصة إذا ما علمنا أن العديد من الحوادث المرورية تحدث نتيجة انفجار إطار السيارة وفقاً للعديد من الدراسات المرورية، والذي أكد عليه البيان الصادر مؤخراً عن الأمن العام.
مجرد تساؤل
أليس من المفترض على المسؤولين في الأمن العام رفع مثل هذا الأمر للجهات العليا في الدولة طالما أن العديد من الأرواح قد أزهقتها الحوادث المرورية بسبب عدم صلاحية الإطارات التي يتم تسويقها لدينا.
9 / 9 / 2007م          عدد 12764

شيكاتهم محترمة وشيكاتنا غير!!

د محمد بن عبد العزيز الصالح
 حديث عندما نعلم بأن العقوبات التي تتضمنها الأنظمة لدينا لمن يكتب شيكاً بدون رصيد تصل إلى السجن لفترات طويلة، وأن الغرامات المالية تصل إلى نصف مليون ريال، ومع ذلك نجد أن هناك الكثير ممن لا يتردد في كتابة شيكات بدون رصيد، فإننا نستغرب من ذلك.
وعندما نرى تعدد الجهات التي لها علاقة بقضايا الشيكات التي ليست لها رصيد كالشرط والإمارة والتجارة والغرف التجارية، ودون أن تتمكن كل تلك الجهات من القضاء على هذا النوع من الجرائم المالية، فإننا نستغرب من ذلك أيضاً.
الأمر الغريب أيضاً أننا لا نجد للشيك أي احترام في بلدنا على الرغم مما يحظى به هذا الشيك من احترام في كل دول العالم، والأكثر غرابة هو أن البعض منا كسعوديين يكنّ كل الاحترام للشيك خارج الحدود، أما في المملكة فلا نجد هذا البعض يعيره أيّ احترام. وسأذكر لكم الموقفين التاليين لاثنين من المواطنين السعوديين قاما بكتابة للشيك بدون رصيد، أحدهما في المملكة، والآخر في دبي، وما تم حيالهما:
الموقف الأول في دبي:
طلب صديق لي (سعودي الجنسية) سلفة مقدارها سبعون ألف ريال من سعودي آخر، وقد كانا معاً في مدينة دبي، وتعهد بسدادها بشيك مسحوب على بنك سعودي. وعند عودة الشخص المستفيد للرياض راجع البنك لصرف الشيك وسحب المبلغ فاتضح له أن الشيك بدون رصيد، وبعد عجزه عن الحصول على حقه من الشخص الآخر على الرغم من طول ملاحقته له، قام برفع دعوى عليه في أحد أقسام الشرطة بدبي، وعلى الرغم من أن كلا الشخصين سعوديان، والبنك المسحوب عليه سعودي، إلا أنه سمح له برفع الدعوى عليه بحجة أن العملية احتيال وقع على الأراضي الإماراتية، وقامت السلطات الإماراتية بوضع اسم من قام بكتابة الشيك بدون رصيد على قائمة المطلوبين، وعند دخوله لإمارة دبي في إحدى زياراته لها تم القبض عليه، وطلب منه أن يسدد مبلغ الشيك أو السجن. وبالفعل خلال ساعات قليلة قام بسداد ما عليه وتم إرجاع أموال صديقي؛ وبالتالي تم حفظ حقوق الناس من خلال إيقاف مثل هذا المجرم عند حده حيث لم يعد يجرؤ على كتابة شيك بدون رصيد في إمارة دبي.
الموقف الثاني في الرياض:
مستثمر سعودي معروف قام بطرح مساهمة عقارية؛ فشاركه المئات من المواطنين، وعندما تم اكتشاف تلاعب هذا المستثمر؛ حيث رفض إعطاءهم أرباحهم، كما رفض إعادة رؤوس أموالهم المقدرة بمئات الآلاف، إن لم يكن ملايين الريالات، إليهم. وحيث يدرك ذلك المستثمر أن الشيكات لدينا لا قيمة لها ولا تحظى بأي احترام قام بكتابة شيكات لهم، وبمراجعتهم للبنك اتضح لهم أن تلك الشيكات بدون رصيد؛ فثاروا وسخطوا، ولم يتركوا جهة من أقسام الشرطة، الإمارة، وزارة التجارة، الغرفة التجارية، إلا وراجعوها على امتداد كامل، إلا أن النتيجة آلت إلى ضياع حقوقهم واستمرار ذلك المستثمر المجرم في ممارساته وتحريره لشيكات لا رصيد ولا احترام لها.
بعد استعراض هذين الموقفين في كل من الرياض ودبي، أعتقد أن علينا ألا نستغرب من عدم احترامنا للشيك في بلدنا، على الرغم من احترامنا له خارج الحدود. وفي ظني أن الشيك لن يحظى لدينا بأي احترام ما لم تتحرك كل الجهات ذات العلاقة وتعمل على الضرب بيد من حديد على كل من يتجرأ على كتابة شيك بدون رصيد.
وباختصار: لا قيمة للعقوبات التي تتضمنها الأنظمة واللوائح مهما كانت قاسية ما دمنا لا نطبق تلك العقوبات على أرض الواقع، وهذه هي علة الشيكات بدون رصيد لدينا.
2 / 9 / 2007م       عدد 12757

هل تنفيذ قرار سعودة المحلات التجارية ممكن أم مستحيل؟

د محمد بن عبد العزيز الصالح
 جرت العادة عندما يصدر أي قرار أن يكون هناك مهلة زمنية قبل أن تبدأ الجهة التي أصدرت هذا القرار بتنفيذه فعلياً، والقصد من إعطاء تلك المهلة هو أن تتاح الفرصة لمن سيطبق عليهم القرار أن يستعدوا لتطبيقه، إلا أن المشاهد والمؤلم في نفس الوقت أن هناك العديد من القرارات التي صدرت وأعطي مهلة زمنية لتطبيقها لكنها لم تطبق مطلقاً، كما لو أنها لم تصدر أساساً.
ولو استعرضنا قرارات السعودة التي صدرت وعلى مختلف المستويات لأدركنا غالبيتها لم تطبق على الرغم من أن تلك القرارات قد تضمنت مهلة زمنية لتطبيقها، وما قرارات سعودة الليموزين ومحلات الذهب والوكالات السياحية إلا أدلة مؤكدة على ذلك.
وخلال الأسبوع الماضي أوضح معالي وزير العمل الدكتور غازي القصيبي أن وزارته عاقدة العزم على تنفيذ القرار الذي سبق أن أصدرته الوزارة بقصر أعمال البيع على السعوديين في خمسة وعشرين نشاطاً، مشيراً معاليه إلى أن وزارته قد حددت مهلة زمنية لتطبيق القرار انتهت في 1-1- 1428هـ، ومؤكداً معاليه أن الوزارة سوف تعمل بحزم على تطبيق هذا القرار.
ومع أنني لم أجد مبرراً على مرور أكثر من ستة أشهر على انتهاء المهلة الزمنية المحددة لتنفيذ القرار دون أن نرى أثراً للسعودة في تلك القطاعات والأنشطة التجارية، مما جعلني أجزم بأن مصير هذا القرار سيكون كغيره من قرارات السعودة الأخرى التي لم تتجاوز مرحلة التنظير، إلا أن تصريح معالي الدكتور القصيبي بعزم وزارة العمل على الوقوف بحزم لتنفيذه جعلني أتفاءل بقرب انفراج قضية السعودة، خصوصاً أن تنفيذ هذا القرار سيوفر مئات الآلاف من فرص العمل لأبناء وبنات الوطن.
وفي ظني أن الوقفة الحازمة لوزارة العمل في تنفيذ هذا القرار التي أعلنها الدكتور القصيبي تتطلب مشاركة الجميع، فالتنسيق بين وزارة العمل ووزارة الداخلية له أهميته، وبمشاركة المواطنين في تتبع تلك المحلات في مختلف المناطق والمحافظات، وإخطار الوزارة بذلك من خلال رقم هاتف مجاني أمر ضروري أيضاً، وما من شك فإن الدور الأهم يقع على عاتق وزارة العمل التي يجب أن تلتزم بعدم إصدار أي تأشيرة عمل في تلك المحلات مهما كان السبب أو المبرر.
وإذا كنا نثني هنا على ما تفضل به الدكتور القصيبي من أهمية الحزم في تطبيق هذا القرار، مما يعني أهمية البعد عن المجاملات التي لا تخدم الصالح العام، ولكن ليكن معلوماً بأن الأنظمة والقرارات لا تُنفذ ولا تُحترم ما لم يكن هناك عقوبات صارمة بحق من لا ينفذها، وهذا ما نتأمله وننتظره من الدكتور غازي القصيبي، فمعاليه يدرك بأن الخمسة والعشرين نشاطاً تجارياً التي تضمنها القرار لا تحتاج إلى شهادات عليا ولا إلى تدريب تقني عالٍ، ومعاليه يدرك بأن النسبة الغالبة من العمالة الأجنبية في المملكة إنما تتركز في تلك الأنشطة والمحلات التجارية.
ومعاليه يُدرك أن نجاح وزارته في تنفيذ هذا القرار سيوفر مئات الآلاف من فرص العمل لأبناء وبنات الوطن.
ومعاليه يدرك بأننا نُدرك بأن لا حول ولا قوة في عدم تنفيذ قرارات السعودة السابقة.
من أجل كافة تلك المعطيات التي يدركها معاليه، فإننا نرجو من معاليه أن تكون العقوبة المقررة بحق من لا ينفذ القرار صارمة حتى لو لزم الأمر استصدار قرار من مجلس الوزراء بتلك العقوبة، وقد يوافقني معاليه الرأي بأن العقوبة الأنسب والكفيلة بنجاح تطبيق هذا القرار هي إقفال المحل التجاري لمدة ثلاثة أشهر وفي حال تكرارها تكون العقوبة ستة أشهر وفي حال تكرارها يقفل المحل نهائياً.
معالي الدكتور غازي القصيبي، أنت فارس السعودة، والأمل بالله ثم بمعاليكم في نجاح قضاياها، ويعلم معاليكم بأن توجهكم لسعودة المحلات التجارية الصغيرة لهو خطوة جبارة في طريق نجاح السعودة خصوصاً أنها ستوفر مئات الآلاف من فرص العمل، ولكن ألا يعتقد معاليكم بأن نجاح الوزارة في تطبيق هذا القرار يتطلب دراسة تحديد حد أدنى لأجر العامل في تلك المحلات التجارية خصوصاً أن العمالة ستكون سعودية، ثم ألا يتطلب ذلك أيضاً تحديد ساعات العمل اليومية في تلك المحلات التجارية الصغيرة التي يفترض ألا تتجاوز سبع أو ثماني ساعات على الأكثر حيث إن في ذلك مراعاة للظروف الاجتماعية للعامل السعودي وكذلك مراعاة للظروف المناخية الحارة للمملكة، ومراعاة للهدر الاقتصادي الناتج عن فتح الكثير من المحلات التجارية طوال ساعات اليوم دون وجود حاجة ماسة لذلك. فما الذي يجعل محلات اللوازم المكتبية ومحلات المفروشات ومحلات لعب الأطفال والملابس النسائية، والعباءات، وبيع العطور، والعطارة، ومحلات بيع الزهور، ومحلات أبو ريالين ومحال بيع الساعات والمجوهرات وأدوات زينة السيارات.. وغيرها تشرع أبوابها من ساعات الصباح الباكر وحتى منتصف الليل!!! والله إنني لا أجد مبرراً لذلك يا معالي الوزير سوى أننا نهيئ تلك المحلات التجارية لتكون جاذبة للعمالة الأجنبية وطاردة للعمالة السعودية.
7 / 8 / 2007م      عدد 12731

أنظمتنا وهروب العمالة

 
د. محمد بن عبد العزيز الصالح
خلال الأسبوع الماضي التقيت في مناسبة برجل أعمال إندونيسي يملك إحدى أكبر شركات تصدير الخدم والعمالة المنزلية الإندونيسية للمملكة، وحيث كان الحديث معه مركزا حول المشكلات المتعلقة بالعمالة الأجنبية بالمملكة بصفة عامة وبالعمالة الإندونيسية على وجه الخصوص، ذكرت له بأن أكبر الإشكالات تتمثل في هروب الخدم والعمالة المنزلية وعلى الأخص الإندونيسية منها، فسارعني بالجواب قائلاً بأن اللوم لا يقع على تلك العمالة الهاربة، مشيراً في ذلك بأنها عمالة فقيرة وقد تركت وطنها وأهلها من أجل لقمة العيش والكسب المادي، وعندما تتاح لها الفرصة بأن تهرب من كفيلها الذي يدفع لها 600-700 ريال شهرياً وتعمل في عمل آخر بصورة غير نظامية براتب شهري يتراوح بين 1500-2000 ريال فهي لن تتردد في الهروب طالما أنها تعلم بأنه ليس هناك أي عقوبات تطبق عليها بعد سنوات من عملها وبعد القبض عليها، سوى تسفيرها لوطنها بعد أن تكون قد حققت ما تريده من كسب مالي، مما يشجعها على العودة للعمل بالمملكة بعد فترة قصيرة ومن ثم هروبها مرة أخرى وهكذا، وقد صارحني صاحبي الإندونيسي مازحا بأنه إذا كان (النظام لا يحمي المغفلين) فإنه يعتقد بأن العامل الذي لا يهرب ويحقق أكبر قدر ممكن من المكاسب المادية سيكون هو المغفل في ظل عدم وجود العقوبات الرادعة والكفيلة بالقضاء على تلك الظاهرة. وفي ظل عدم تحرك الجهات ذات العلاقة للقضاء على تلك الظاهرة.
وأضاف محدثي الإندونيسي بأن كافة الدول التي تصدر شركته لها العمالة الإندونيسية - باستثناء المملكة - لا تتساهل إطلاقاً مع هروب العمالة، مؤكداً بأن أنظمة تلك الدول تتضمن العديد من العقوبات القاسية سواء على الخادمة والعامل الهارب أو على من قام بمساعدته واحتوائه بعد هروبه، كما أضاف محدثي بأن ما يثير اندهاشه هو وجود ما يقارب الستة ملايين أجنبي بالمملكة منها مليونان من العمالة المنزلية، ومع ذلك لا يوجد تحرك فاعل من قبل الأجهزة الرسمية ذات العلاقة للقضاء على ظاهرة هروب الخدم والعمالة المنزلية.
بعد لقائي بضيفي الإندونيسي، تأملت في كل ما قال حول ظاهرة هروب الخدم والعمالة المنزلية وسألت نفسي: ما الذي يجعلنا نسلك مسلكاً ضعيفاً في مواجهة تلك الظاهرة التي بدأ وطننا الغالي يعاني منها اجتماعياً واقتصادياً وصحياً وأمنياً؟ وما الذي يجعل العقوبات التي تتضمنها أنظمتنا مشجعة لتلك العصابات التي تنظم لهروب واحتواء العمالة المنزلية؟ ويكفي أن أشير إلى أن مدير جوازات مكة المكرمة قد صرح لصحيفة الشرق الأوسط (13 ربيع الثاني 1428هـ) بأن العقوبة المقررة على تلك العصابات هي (5000) خمسة آلاف ريال، وما الذي يجعل الأجهزة الرسمية ذات العلاقة تقف موقف المتفرج في مكافحة تلك الظاهرة، طالما أنها تحدث في وضح النهار. نعم فمتى ما توفرت النوايا الصادقة والإخلاص لهذا الوطن سنتمكن من القضاء على ظاهرة هروب العمالة المنزلية، وإذا كان الكثير منا يعلم عن تلك البيوت الموجودة في العديد من أحياء الرياض التي تقوم بتأجير الخادمات الهاربات بمقابل مالي يبلغ 150 ريالاً يومياً أو بمرتب شهري يصل إلى 1500-2000 ريال، فإنه والله لأمر مزعج أن يحدث ذلك دون تحرك فاعل من قبل الجهات المختصة للقضاء على تلك الظاهرة الخطيرة الأبعاد.
فهل تصدقون أن عدد الخدم والعمالة المنزلية سنوياً في مدينة الرياض فقط يتجاوز الخمسين ألف خادمة وعامل منزلي.
فإذا كان عدد البلاغات عن العمالة الهاربة التي يتلقاها مكتب إيواء الخادمات هو 150 بلاغاً يومياً، فذلك يعني أن مجموع حالات الهروب شهرياً يبلغ 4500 (150?30) سنوياً 54000 (4500?12) فهل يمكن أن يحدث هذا كله دون تحرك فاعل من قبل الأجهزة ذات العلاقة.
الحقيقة المرة، أن هناك واقعاً مريراً تعيشه شريحة كبيرة من المواطنين والأسر السعودية مع العمالة المنزلية التي تتخاطفها عصابات لم تجد من يردعها ويوقفها عند حدها على الرغم من أن تلك العصابات تعمل في وضح النهار ويسهل القضاء عليها، لذا فإننا نناشد صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية، بأن يوجه كافة الأجهزة ذات العلاقة بالتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة، وأن تتضمن أنظمتنا العقوبات الكفيلة بالقضاء عليها.
خلاصة القول، الخلل فينا والعيب يعترينا إزاء سكوتنا غير المبرر إزاء انتشار ظاهرة هروب الخدم والعمالة المنزلية على الرغم من المخاطر الواضحة للجميع صحياً وأمنياً واقتصادياً. فإلى متى سيستمر هذا السكوت غير المبرر؟
22 / 7 / 2007م        عدد 12715 

حق المستهلك بين الوكالة الحكومية والجمعية الأهلية

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 استبشر المواطنون كثيراً بصدور قرارات مجلس الوزراء خلال الأيام القليلة الماضية والقاضية بإنشاء وكالة الوزارة لشؤون المستهلك بوزارة التجارة، وكذلك إنشاء جمعية أهلية تسمى (جمعية حماية المستهلك) تعنى بشؤون المستهلك ورعاية مصالحه والدفاع عنها وتبني قضاياه لدى الجهات الحكومية والخاصة.
استبشر المواطنون كثيراً بصدور قرارات مجلس الوزراء.....
..... خلال الأيام القليلة الماضية والقاضية بإنشاء وكالة الوزارة لشؤون المستهلك بوزارة التجارة، وكذلك إنشاء جمعية أهلية تسمى (جمعية حماية المستهلك) تعنى بشؤون المستهلك ورعاية مصالحه والدفاع عنها وتبني قضاياه لدى الجهات الحكومية والخاصة.
وما من شك أن إنشاء الوكالة والجمعية والمعنيتان بحماية حقوق المستهلك إنما يأتي كخطوة هامة في طريق الإصلاح الاقتصادي، كما أن ذلك يأتي امتداداً لخطوات الإصلاح التي تتبناها القيادة السعودية، والرامية إلى تحقيق مصلحة الوطن والمواطن، كما يأتي ذلك كخطوة مؤكدة على حرص الدولة على الحفاظ على صحة المواطن، خاصة وإن الكثير من الأسواق لدينا تعج بالعديد من السلع المغشوشة التي يتاجر بها بعض ضعاف النفوس من التجار.
وحتى يتحقق الهدف المنشود من إنشاء الوكالة والجمعية، فإنني أعتقد بأن هنالك عدداً من الجوانب يجب أخذها في الاعتبار، وفقاً لما يلي:
- أهمية أن تكون العلاقة بين (وكالة الوزارة لشؤون المستهلك) وبين (جمعية حماية المستهلك) علاقة تعاون وتكامل طالما أن الهدف من إنشاء هذين الجهازين واحد يتمثل في حماية حقوق المستهلك.
- أهمية قيام كافة الجهات ذات العلاقة بحماية المستهلك بالتعاون التام مع الوكالة والجمعية، ومما يؤكد ذلك أن قرار مجلس الوزراء قد أكد على قيام كافة تلك الأجهزة بتعزيز دورها في مجال حماية المستهلك وتفعيله من خلال وضع المعايير والمواصفات بالسلع والمنتجات التي تقدم للمستهلك، إضافة إلى قيام تلك الأجهزة بالرقابة والتحقق من تطبيق تلك المعايير والمواصفات.
- أن تتعاون الوكالة والجمعية في القضاء على مختلف أنواع جرائم الغش التجاري، وذلك لن يتم ما لم يعاد النظر في كافة العقوبات التي تتضمنها أنظمة مكافحة الغش التجاري وغيرها من الأنظمة المعمول بها في الوقت الحاضر، فمن أمن العقوبة ارتكب الجرم، والجميع يدرك أن أهم أسباب انتشار جرائم الغش التجاري وضياع حقوق المستهلك إنما هو عائد إلى ذلك الضغف غير المبرر في ما تتضمنه الأنظمة من عقوبات، أو إلى تلك المرونة غير المبررة أيضاً في تطبيق وتنفيذ تلك العقوبات.
وفي هذا الخصوص أود الإشارة إلى أن صحيفة الواشنطن بوست قد نشرت مؤخراً بأنه قد تم إعدام المدير التنفيذي لهيئة الغذاء والدواء في الصين واسمه (Zheng) بعد ثبوت استلامه لرشوة مقابل إجازته لمضادات حيوية وبعض الأدوية الأخرى والتي لا يفترض إجازتها، نظراً لخطورتها على صحة وحياة الناس، وما نتمناه من الوكالة والهيئة أن تسلك مسلكاً متشدداً مع كل من يثبت تلاعبه بصحة وحياة البشر.
- حتى تؤدي جمعية حماية المستهلك دورها، فإنه يتوجب أن تنشئ فروعاً لها في كافة مناطق ومحافظات المملكة، وأن تتاح الفرصة لأكبر عدد ممكن من المواطنين الغيورين على هذا الوطن وأهله للمشاركة فيها، وأن تعمل الجمعية على نشر الوعي الاستهلاكي، مع أهمية التنسيق مع وكالة شؤون المستهلك في صياغة مختلف الأنظمة التجارية ذات العلاقة بحماية المستهلك، وحتى تتمكن الجمعية من القيام بالمهام المناطة بها في مجال حماية حقوق المستهلك، فإنه من الأهمية أن يتم إعطاؤها كافة الصلاحيات اللازمة للقيام بالأدوار الرقابية على الأجهزة الحكومية ذات العلاقة.
 
15 / 7 / 2007م         عدد 12708