ترجمة

الاجتماع المشترك انعكاس لفكر سلمان الإداري المتجدد

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 قد تفرض الظروف العملية للكاتب أن يكون بعيداً، وقد يتسبب ذلك في عدم متابعة وتغطية بعض الأحداث في وقتها، إلا أن أهمية وجدوى بعض تلك الأحداث قد تشفع للكاتب التطرق لها ولو بعد حين.
ففي يوم الثلاثاء، الثالث عشر من شهر رمضان المبارك 1428هـ وجه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض الدعوة لاجتماع مشترك احتضنته الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، شارك فيه كل من أعضاء مجلس إدارة الهيئة ومجلس منطقة الرياض والمجلس البلدي ومجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض بحضور نخبة كبيرة من رجال الأعمال والإعلاميين.
وقد قصد سلمان بن عبدالعزيز في هذا الاجتماع المشترك أن يكون رجال الأعمال على علم بكافة المشاريع والفرص الاستثمارية التي سيتم طرحها في العاصمة السعودية، مؤكداً سموه في ذلك حرص الدولة على تهيئة كافة التسهيلات والإمكانات لهم، وباختصار لقد قصد أميرنا المحبوب من الدعوة لهذا الاجتماع المشترك أن يضع رجال الأعمال أمام تصور حقيقي لحجم الفرص الاستثمارية الواقعية والمتاحة لهم في مدينة الرياض.
بهذه الدعوة للاجتماع المشترك مع رجال القطاع الخاص لبحث الفرص الاستثمارية الواعدة في رياضنا الحبيب، يؤكد لنا سلمان بن عبدالعزيز مرة أخرى بأنه ليس حاكماً إدارياً وقائداً سياسياً محنكاً فحسب وإنما هو صاحب فكر اقتصادي ونهج تخطيطي أيضاً، فسموه بهذه الدعوة لرجال القطاع الخاص إنما يؤسس فكراً ومنهجاً إدارياً جديداً ينطلق فيه سموه من إيمانه التام بأن صنع التنمية السعودية الحديثة لا يمكن أن يقوم إلا بالمشاركة الفاعلة بين القطاعين الحكومي والأهلي على حد سواء، كما أن دعوة سموه لرجال الأعمال للمشاركة في ذلك الاجتماع المشترك إنما هو منعطف منهجي جديد في إدارة دفة المشاريع الحضرية والتنموية في مدينة الرياض، تقوم أهم ركائزه على تكاتف جهود القطاعين العام والأهلي.
فقد جرت العادة أن تتولى الأجهزة الحكومية وضع كافة الرؤى والسياسات والخطط التنموية، في حين يقتصر دور رجال القطاع الخاص على تلقي ما تضمنته تلك الخطط والسياسات ومحاولة الاستفادة منها، وما من شك أن ذلك قد يوجد فجوة بين الجانب التخطيطي (من قبل أجهزة الدولة) والجانب التنفيذي لتلك الخطط (من قبل القطاع الخاص) مما قد يعيق الطموح المراد تحقيقه من قبل الدولة من تلك السياسات والخطط التنموية، ومن هنا يأتي تميز سلمان بن عبدالعزيز كما هي عادته بمبادرته بدعوة رجال القطاع الخاص للمشاركة ابتداءً في صنع الفرص الاستثمارية ورسم الخطط التنموية لعاصمتنا السعودية.
ولقد جاءت دعوة سلمان بن عبدالعزيز لرجال القطاع الأهلي للمشاركة في هذا الاجتماع المشترك تمشياً مع توجه الدولة وما تضمنته الخطة التنموية الخامسة التي جعلت القطاع الخاص لاعباً أساسياً في صنع التنمية السعودية، كما أن هذا النهج الإداري لسموه إنما يعبر عن قناعة سموه بما تفرضه علينا المعطيات المرحلية للاقتصاد الوطني التي تتطلب مشاركة فاعلة من قبل القطاع الخاص، ولذا فإننا نثني على هذا النهج لسموه وندعو كافة أجهزة الدولة أن تحذو حذوه.
ختاماً، إذا كان أميرنا المحبوب قد رسم للهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض منذ إنشائها منهجاً تخطيطياً استراتيجياً متميزاً فإن سموه بهذا الاجتماع المشترك الذي جمع فيه رجال القطاعين الحكومي والأهلي يكون قد أضفى فكراً اقتصادياً ومنهجاً إدارياً ستنعكس آثاره الإيجابية على عملية صنع التنمية الحضارية لعاصمتنا السعودية وبالتالي لا غرابة أن تتبوأ عاصمتنا الرياض مكانتها ضمن العواصم العالمية المتقدمة.
28 / 10 / 2007م           12813

الرؤية الثاقبة في إنشاء جامعة الملك عبد الله

 
د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 في نقلة نوعية في مسيرة التعليم العالي بالمملكة يتفضل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز هذا اليوم بافتتاح جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية على شاطئ البحر الأحمر، وتأتي هذه الجامعة ترجمة لرؤية عبدالله بن عبدالعزيز الداعمة للبحث العلمي والتطوير التقني..
من خلال استقطاب المتميز من الطلبة والعلماء من ذوي الكفاءات العلمية العالية من شتى أنحاء المعمورة، لقد أراد عبدالله بن عبدالعزيز من هذه الجامعة أن تكون جاذبة للمبدعين إدراكاً منه - حفظه الله - بأن العنصر البشري المتميز هو منطلق التنمية الصحيحة.
وتأتي رغبة عبدالله بن عبدالعزيز بأن تكون هذه الجامعة أحد أفضل المراكز العلمية البحثية العالمية في مختلف القضايا الاستراتيجية والتنموية الداعمة لاقتصادنا الوطني، ولتأكيد ذلك وجه - حفظه الله - بأن تقتصر البرامج العلمية التي تقدمها الجامعة على الدراسات العليا والبحوث التطبيقية، وعدم إدراج برامج البكالوريوس إلا في أضيق الحدود.
إن أحد الأبعاد الاقتصادية المهمة التي انطلق منها عبدالله بن عبدالعزيز في إنشاء تلك الجامعة إنما يتمثل في الموقع الاستراتيجي الذي ستنشأ فيه الجامعة، حيث سيكون ذلك على مساحة تقارب العشرة ملايين متر في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية وذلك بالقرب من أحد أكبر المناطق الصناعية بالمملكة التي ستنشأ داخل المدينة الاقتصادية وما من شك أن وجود تلك الجامعة التطبيقية بالقرب من المشروعات الصناعية سيكون له انعكاساته الاقتصادية الإيجابية سواء من خلال رعاية الطلبة المبدعين في المجالات الصناعية القائمة على المعرفة أو من خلال تقديم برامج دراسات عليا مرتبطة بأحدث التقنيات التي تخدم صناعتنا الوطنية أو من خلال تنمية روح الإبداع والابتكار وذلك بإنشاء مراكز للابتكار وحاضنات للتقنية بالقرب من تلك المنطقة الصناعية.
إن تميز وعالمية هذه الجامعة ستنطلق من توجيه عبدالله بن عبدالعزيز بالسماح للمتميزين كافة من طلبة وباحثين وعلماء ومبدعين من مختلف الأجناس والجنسيات والأديان بالالتحاق بالجامعة وذلك بناء على معيار التنافس الأكاديمي والبحثي، وقد قصد خادم الحرمين الشريفين من هذا التوجيه تسخير المتميز من العقول لخدمة تنمية واقتصاد المملكة العربية السعودية، حيث إن رؤية عبدالله بن عبدالعزيز في هذا الجانب قد انطلقت من إدراكه - حفظه الله - للمنافسة القوية بين الدول المتنافسة صناعياً على استقطاب تلك العقليات والكفاءات الأكاديمية والبحثية وتهيئة المحفزات المادية والمعنوية كافة لهم.
وانطلاقاً من حرص خادم الحرمين الشريفين على تحقيق المكتسبات التنموية والاقتصادية والاستراتيجية من خلال إنشاء تلك الجامعة التطبيقية، نجد بأن أحد أهم المبادئ الأساسية التي ستنطلق منها الجامعة تتمثل في إيجاد نظم تعليمية وبحثية ومالية وإدارية متطورة ومرنة وخالية من البيروقراطية المعيقة لمسيرة البحث العلمي، وهذا يدفعنا للتأكيد على أهمية تطوير الأنظمة واللوائح المنظمة لبقية الجامعات الأخرى في مملكتنا الغالية والتي تجاوز عددها العشرين جامعة، وفي هذا الخصوص فإنني أدعو إخواني أعضاء مجلس الشورى والذين يناقشون خلال الأيام الحالية النظام الجديد للمجلس الأعلى للتعليم بأن تنطلق رؤاهم في مناقشة النظام من رؤية عبدالله بن عبدالعزيز وذلك بتطبيق المرونة اللازمة للجامعات في المناحي الأكاديمية والبحثية والمالية والإدارية كافة، هذا إذا ما أردنا لجامعاتنا السعودية أن تنطلق وتنافس وذلك على غرار ما أريد لجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية أن تكون.
21 / 10 / 2007 م        عدد 12806

العمالة الهاربة وأول الغيث قطرة

د. محمد بن عبد العزيز الصباح
 كنت قد كتبت خلال الأسابيع الماضية عدة مقالات تركز على ظاهرة هروب الخدم والعمالة المنزلية وما يعانيه الوطن والمواطنون من جراء ذلك الهروب سواء كانت تلك المعاناة اقتصادية أو اجتماعية أو صحية أو أمنية. ولذا طالبت كما طالب الكثير -غيري- الأجهزة الحكومية والأهلية بأن تتصدى عاجلاً لتلك الظاهرة، وأن تقوم تلك الأجهزة بالضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه الإضرار بمصالح الوطن والمواطنين.
كما طالبت من الجهات المختصة الوقوف بحزم أمام التوجه الإندونيسي الرامي إلى رفع رواتب الخدم والعمالة المنزلية الإندونيسية من (600) إلى (800) ريال إذا ما علمنا بأن رواتب تلك العمالة في بعض دول الخليج يتراوح بين (400) -(450) ريالا، هذا بالإضافة إل ما أصبحنا نعانيه كمواطنين من هروب تلك العمالة الإندونيسية دون وجود ضمانات تحفظ حق الأسرة السعودية المتضررة.
وفي يوم الجمعة 16 رمضان 1428هـ، وأثناء قراءتي للصحف، وقعت عيناني على خبرين مفرحين جعلاني أدرك بأن هناك تحرك من قبل الأجهزة الحكومية والخاصة للتصدي لظاهرة هروب العمالة المنزلية فقد نشرت صحيفة الرياض عنواناً ينص على: (لجنة الاستقدام تحسم الجدل حول رواتب الإندونيسيات وترفض زيادتها)، وقد أكد رئيس اللجنة الوطنية للاستقدام بمجلس الغرف السعودية في ذلك الخبر على رفض اللجنة الوطنية لأي زيادة على رواتب العمالة الإندونيسية حتى يتم الانتهاء من مناقشة كافة المشاكل المتعلقة بتلك العمالة وأهمية وجود تعهدات وضمانات بعدم الهروب، وكذلك تدريب تلك العمالة، إضافة إلى تسهيل إجراءات تصديق عقود عملها. وقد أكد رئيس اللجنة الوطنية للاستقدام على أهمية تعاون الجانب الإندونيسي الرسمي لحل تلك الإشكالات داعياً في نفس الوقت المواطنين بالتريث في إصدار تأشيرات عمالة منزلية على دولة إندونيسيا.
أما الخبر الثاني قد نشرته صحيفة الوطن (الجمعة 16 رمضان، ص6) تحت عنوان: (لائحة للتأمين على العمالة المنزلية تعويضاً عن الهاربة) وقد تضمن الخبر بأن وزارة العمل تعكف حالياً، وبمتابعة شخصية من قبل معالي الدكتور غازي القصيبي على إعداد لائحة تأمين ضد هروب العمالة المنزلية وذلك بعد تفاقم مشكلة هروبها في الآونة الأخيرة عن مواقع عملها دون تعويض مادي وتذمر المواطنون من ذلك.
إضافة لذلك فقد أصدر معالي وزير العمل قبل شهرين قرار يمنع الاستقدام لمدة سنتين عن أي شخص يقوم بتشغيل أو إيواء عامل أو عاملة متغيب أو هارب من عمله أو عملها، كما تضمن القرار ترحيل أي وافد يقوم بنقل أو المساعدة في تشغيل أو هروب أي عامل أو عاملة.
ولا أخفيكم أعزائي القراء بأن تلك التحركات من قبل الأجهزة الحكومية والخاصة تمثل خطوة مهمة في سبيل إنهاء ما يعانيه المواطنون من تلك العمالة المنزلية. ولكن في الوقت الذي تشرك فيه وزارة العمل واللجنة الوطنية للاستقدام على تلك الجهود الملموسة، فإنني أؤكد بأن نجاح تلك الجهود وإنهاء معاناة المواطنين سيكون مرتبط بأمرين، أولهما يتمثل في قيام تلك الأجهزة الحكومية والخاصة بالتنفيذ الفعلي لتلك الجهود،وثانيهما تعاون المواطنين من خلال عدم تشغيل أو إيواء العمالة الهاربة، وكذلك من خلال تبليغ الجهات المختصة عنها ومن يقف خلفها من العصابات.
7 / 10 / 2007م          عدد 12792