ترجمة

التدخين في بلاد الحرمين



د. محمد بن عبد العزيز الصالح
لقد سافر إلى خارج المملكة خلال السنوات القريبة الماضية عدد كبير من السعوديين، وكان من ضمن الانطباعات التي يعودون بها مشاهداتهم للحملة الإعلامية الهائلة والقوية جداً ضد (آفة التدخين) ومعاقبة من يتجاوز التعليمات المشددة على منع التدخين في الأماكن العامة كالحدائق والأسواق، والمطارات، والمطاعم، والمقاهي ومحطات القطارات وبهو الفنادق ومكاتب العاملين سواء في الحكومة أو القطاع الخاص، حيث سارعت كثير من الدول إلى تضييق الخناق على هذه الآفة المدمرة لصحة الإنسان وماله وجهده، والمؤذية لكل من يقترب منه. وقد قامت بعض دول مجلس التعاون بحملات إعلامية شاملة ووضعت عقوبات لمن يخالف التوجيهات المشددة حيال إساءة المدخنين إلى غيرهم. إلا أن ما يبعث الأسى أن السعودي الذي كرمه الله بأن تكون أرضه أرض الحرمين ومبعث الرسالة المحمدية التي قادت البشرية إلى حماية النفس من كل ما يؤذيها أو يسبب لها الضرر.
أقول إن ما يبعث الأسى هو تلك المظاهر المزعجة التي يشعر بها كل من يعود من السعوديين إلى وطنه الغالي ويشاهد ظاهرة التدخين منتشرة في كل الأماكن العامة بدءاً من المطارات إلى الأسواق إلى المطاعم والحدائق وغيرها التي يرتادها كل الناس من أطفال وشيوخ ونساء فتجد من ينفث أمامك دخان سيجارته دون رادع من ضمير أو قانون يمنعه من تصرفه غير المسؤول.
لقد أصبح التدخين في كثيرٍ من دول العالم من المحظورات التي يؤدي تجاوزها إلى عقوبات صارمة، لذا فقد اختفت ظاهرة التدخين في الأماكن العامة في تلك الدول، وأصبح الإنسان يتجول هو وأطفاله سواء في الأسواق أو في الحدائق وهو مرتاح من أذى هذه الآفة المدمرة للصحة. وحري بنا في بلادنا المباركة المملكة العربية السعودية أن تكون في طليعة الدول المكافحة لهذه الآفة الضارة آفة التدخين والأمل معقود إن شاء الله أن تختفي المجاهرة بالتدخين في بلادنا كما اختفت في بلاد كثيرة.
للمعلومية فإن:
- المملكة تحتل المرتبة الأولى في استيراد التبغ تليها إيران ثم الأردن ثم تركيا.
- أعداد من توفوا بسبب الدخان في المملكة عام 2008 فقط 13929 شخصاً.
- أعداد المدخنين بالمملكة أكثر من ستة ملايين مدخن يمثلون ثلث السكان تقريباً.
- ما ينفقه السعوديون سنوياً على الدخان يبلغ أكثر من ثمانية مليارات ريال.
- إن التبغ يستهلك 6% من مخصصات الرعاية الصحية بالمملكة.
حفظك الله يا بلادي من كل مكروه.

31/8/2009م               العدد 13486

سكن مناسب بالسعر المناسب في الوقت المناسب



د. محمد بن عبد العزيز الصالح

في إحدى جلساته المنعقدة خلال الأسابيع القليلة الماضية أوصى مجلس الشورى بزيادة مقدار القرض العقاري الذي تقدمه الدولة للمواطنين ليكون خمسمائة ألف ريال (500.000) ريال بدلاً من ثلاثمائة ألف ريال (300.000)، وقد قصد مجلس الشورى من تلك التوصية مساعدة المواطنين في الحصول على السكن المناسب لهم، وإذا ما أخذنا في الاعتبار العديد من المعطيات الاقتصادية سواء من حيث ارتفاع أسعار العقار (حيث لا يقل سعر الأرض المناسبة للسكن اليوم عن نصف مليون ريال)، أو من حيث ارتفاع أسعار مواد البناء في الوقت الحاضر (حيث لا يقل المبلغ اللازم للبناء عن نصف مليون ريال أيضاً)، إضافة لذلك، فإن غالبية سكان المملكة (60% تقريباً) تتراوح أعمارهم بين (16-25 سنة)، كذلك من الأهمية التأكيد على أن شريحة كبيرة من هؤلاء الشباب لا يحتاجون إلى فلل سكنية، بل يكفيهم السكن في شقة واسعة، أو دور واحد في ظل تلك المعطيات، فإن السؤال المطروح هو، هل ستحقق توصية مجس الشورى الهدف منها؟ وهل ستسهم تلك التوصية بحل مشكلة الشباب في الحصول على سكن مناسب، إذا ما أخذنا في الاعتبار استحالة كفاية المبلغ لشراء الأرض وبناء المسكن من جهة ناهيك عن طول المدة الزمنية والتي قد تصل إلى20 سنة حيث يتوجب على المواطن انتظارها حتى يأتي دوره في استحقاق مبلغ القرض.

في ظني أنه وبدلاً من قيام الدولة بزيادة القروض المقدمة من صندوق التنمية العقاري للمواطنين من (300000) إلى (500000)، لذا فإنني اقترح أن تقوم الدولة من خلال هيئة الإسكان ببناء الآلاف من الوحدات السكنية المناسبة (شقق وفلل صغيرة)، فكلما كبر المشروع قل مبلغ التكلفة المطلوبة لبناء الوحدة السكنية. بحيث تقوم الدولة بتقديم تلك الوحدات السكنية للمواطنين بدلاً من مبلغ القرض العقاري، وذلك مقابل أقساط إيجار سنوية مريحة تمتد إلى (25) أو (30) سنة وبحيث تؤول ملكية الوحدة السكنية للمواطن في نهاية المدة وذلك بعد السداد لكامل الأقساط المستحقة عليه.

إن قيام الدولة ببناء الوحدات السكنية وتقديمها للمواطنين من خلال تلك الآلية سيسهم في توفير السكن المناسب للمواطنين فوراً دون انتظار لعقود زمنية طويلة على غرار القروض المقدمة من صندوق التنمية العقاري، وفي حال رغبة أي من المواطنين القرض العقاري بدلاً من الوحدة السكنية فيتاح له ذلك.

وقد يرى البعض أن عدم توفر أراضي كافية لدى الدولة داخل الأحياء السكنية قد يمثل عائقا جوهريا لتنفيذ هذا المقترح، واقترح في هذا الخصوص أن تقوم الدولة بشراء أراضي صغيرة مناسبة ممكن يملكها داخل الأحياء السكنية المكتملة الخدمات بحيث ينشئ عليها عمائر سكنية تتسع لعشرات الشقق المناسبة لسكن المواطنين.

ومن الأهمية التأكيد أيضاً على أنه إذا كانت تجربة الإسكان السابقة قد شابها ما شابها من سلبيات، فيمكن تلافي ذلك في هذا المقترح بعد دراسته من كافة جوانبه من قبل هيئة الإسكان.

باختصار، إن تبني هذا المقترح سيسهم في حصول المواطن على السكن المناسب بالسعر المناسب في الوقت المناسب، ولذا أرجو من كل من مجلس الشورى وكذلك هيئة الإسكان بأن تقوم بدراسته من كافة الجوانب.


24/8/2009م         العدد 13479