ترجمة

الحصين وترشيد المياه

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
بعد أن نشرت (الجزيرة) مقالاً لي الأسبوع الماضي (السبت 2-9-1425هـ) وكان بعنوان (صنبور مياه مجاناً ولكن ما النتيجة)، أشرت فيه إلى الحملة الوطنية لترشيد المياه لهذا العام عن الحملات السابقة خاصة أنها لم تقتصر على مجرد التوعية فحسب وإنما تجاوزت ذلك إلى قيام وزارة المياه بتوزيع صنبور مياه لكل مشترك يؤدي استخدامه إلى وفر في الاستهلاك قد يتجاوز 30%، وعلى الرغم من ذلك التوجه المحمود لوزارة المياه الذي أشدت به، إلا أنه كان لي وجهة نظر تضمنت أهمية قيام الوزارة بعدد من الخطوات الأخرى التي ستكفل تفعيل الاستفادة من هذا التوجه للوزارة، أقول بعد أن تم نشر المقال، هاتفني معالي وزير المياه والكهرباء المهندس عبدالله الحصين مشيراً إلى عدم دقتي في نشر ما قامت الوزارة بتوزيعه على المشتركين، حيث أشار معاليه إلى أن ما قامت الوزارة بتوزيعه مجانا على المشتركين ليس بصنبور مياه وإنما هو عبارة عن حقيبة ترشيدية تتضمن كيساً للإزاحة يوضع داخل صندوق الطرد (السيفون) بدورات المياه حيث سيؤدي ذلك إلى توفير 90 لتراً من المياه في اليوم الواحد، وكذلك مرشد لحنفيات المغاسل (سبع حبات) سيؤدي استخدامها لتوفير 72 لتراً في اليوم، وأيضا مرشد لحنفية المطبخ ستوفر أيضا 72 لتراً في اليوم، وكذلك مرشد لدش الاستحمام بدورات المياه ستعمل على توفير 78 لتر يومياً.
وقد أكد معاليه أن استخدام المشترك لتلك الأدوات سيؤدي لوفر في استهلاك المياه بما نسبته 40% (وهوما يعادل 312 لتراً في اليوم لكل أسرة تتكون من ستة أشخاص).
لا أخفيكم أعزائي القراء بأن اتصال معالي الوزير قد أكد لي متابعة وحرص معاليه على نجاح تلك الحملة الترشيدية ففي الوقت الذي نجد فيه أن بعض التوجهات المحمودة التي ترغب بعض الأجهزة الحكومية تطبيقها تفتقد إلى المتابعة اللازمة لإنجاحها، بل إن متابعة بعض الأجهزة لتلك التوجهات تنتهي بانتهاء الحفل البروتوكولي الخاص بتدشين تلك التوجهات، إلا أننا هنا نلمس الحرص الأكيد من قبل وزارة المياه على إنجاح جهودها الحثيثة الرامية لترشيد استخدام المياه، ولا أدل على ذلك من قيام المسؤول الأول في الوزارة بمهاتفة عدد من الكتاب الذين كتبوا عن تلك الحملة موضحاً لهم بعض الجوانب أو مصححاً لهم بعض الحقائق والأرقام، فلم يكتفِ معالي الوزير بالتحدث معي هاتفيا وإنما وجه أيضا بتزويدي بنشرات توضيحية حيال ما قامت الوزارة بتوزيعه من أدوات ترشيدية. وقد أكبرت ذلك لمعالي الوزير، كما انتابني تفاؤل غير محدود بأن تلك الحملة ستحقق المنشود منها بإذن الله.
ختاماً، في الوقت الذي أقدم خالص اعتذاري للجميع عما تضمنه مقالي السابق من معلومة غير دقيقة، فإنني أجزل التقدير لمعالي وزير المياه على دماثة خلقه وتواضع تعامله وقبل ذلك على حرصه ومتابعته بهدف إنجاح الرسالة التي ترغب الوزارة إيصالها للمشتركين، وإن كان لي من رجاء عند معاليه، فيتمثل ذلك في جانبين:
1- أن يعمل معاليه على استمرارية تلك الحملة الترشيدية لأطول مدة زمنية ممكنة حتى لو امتدت لعدد من السنوات.
2- أن يوجه معاليه من يرى من المختصين بالوزارة بدراسة إمكانية تفعيل ما تضمنه مقالي السابق من مقترحات ووضعها محلاً للتطبيق الفعلي إن أمكن ذلك فلعل فيها ما يسهم في دعم توجهات الوزارة الرامية لترشيد استخدام المياه التي بدأنا نلمس حقيقتها منذ أن تولى معاليه حقيبة الوزارة.
30 / 10 /2004م             عدد 11720

صنبور مياه مجاناً ولكن ما النتيجة

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
تميَّزت الحملة الوطنية لترشيد المياه لهذا العام عن الحملات السابقة بأنها لم تقتصر على مجرد التوعية والدعوة للترشيد في استخدام المياه فحسب، وإنما تجاوزت ذلك إلى قيام وزارة المياه بتوزيع صنبور مياه لكل مشترك يؤدي استخدامه إلى وفر في الاستهلاك قد يتجاوز 30%، وقد أكد معالي وزير المياه ان الوزارة قد استخدمت تلك الصنابير في مبنى الوزارة وقد أدى ذلك لخفض في استهلاك المياه بنسبة 40% عن الاستهلاك الاعتيادي للوزارة.
وإذا كنا نثني على هذا التوجه للوزارة بإضافتها بعداً هاماً في حملتها لترشيد المياه هذا العام وذلك من خلال توزيعها لتلك الصنابير مجاناً لكل مشترك، فإن لي وجهة نظر تجاه ما قامت به الوزارة في هذا الخصوص.
في ظني ان الوعي وتفهم المخاطر التي قد تلحق بنا جميعاً من جراء الاسراف في استخدام المياه هو الأساس الذي يجب أن نتعامل من خلاله مع تلك القضية الاستراتيجية.. وعلى الرغم من الحملات المتعددة التي تقام سنوياً حول أهمية ترشيد المياه والمحافظة عليها، والتي تشرف عليها وزارة المياه، إلا انني اعتقد بأن تلك الحملات لم تأت بجديد، بل إنني لا أبالغ في القول بأن شريحة كبيرة منا كسعوديين غير مدركة للقادم من المخاطر في حال نضوب المخزون المائي لدينا، وما يؤكد ذلك ان تلك الشريحة لا تزال تسرف وبشكل مبالغ فيه عند استخدامها للمياه. وفي الوقت الذي أُثني فيه على ما قامت به الوزارة من إهداء صنبور مياه لكل مشترك مجاناً، إلا انني غير متفائل بان ما قامت به الوزارة سوف يؤدي إلى تحقيق ما نصبو إليه جميعاً من ترشيد الاستهلاك في المياه لأسباب عدة منها:
1) طالما ان مستوى الوعي بأهمية الترشيد في استخدام المياه لدينا لا يزال محدوداً، فإنني اشكك في تفاعلنا مع تلك الهدية التي قدمتها الوزارة لنا، وفي ظني ان البعض منا قد لا يستخدم تلك الهدية بتاتاً، والبعض الآخر قد يستخدمها، ولكنه قد لا يكلف نفسه عناء شراء بقية الصنابير الأخرى التي يحتاجها المنزل، وذلك لمحدودية الوعي من جهة ولانخفاض تكلفة المياه من جهة أخرى.
2) لكي تحقق وزارة المياه هدفها من توزيع تلك الهدية (صنبور المياه)، فيجب ألا تكتفي فقط بذلك وانما عليها ان تعمل على دعم تسويق هذا النوع من الصنابير سواء من خلال عدم فرض رسوم جمركية على الصنابير المستوردة منها، أو من خلال فرض رسوم ضريبية عالية على بقية الصنابير الأخرى التي يؤدي استخدامها لهدر المياه، كما ان على وزارة المياه ان تعمل على دعم تصنيع هذا النوع من الصنابير الاقتصادية داخل المملكة من خلال تقديم مختلف أوجه الدعم الممكنة لأصحاب المصانع المتخصصة في هذا المجال، في ظني ان تنفيذ كل تلك القنوات سيكون كفيلاً بقيام كل مشترك باستخدام تلك الصنابير الاقتصادية دون الحاجة إلى حملات ترشيد اضافية من قِبل الوزارة.
3) على وزارة المياه أن تسعى إلى اصدار قرار لمجلس الوزراء يلزم كافة الوزارات والأجهزة الحكومية وما يتبعها من مدارس ومراكز صحية ومساجد واقسام مرور وشرط وكافة ما يتبع أجهزة الدولة من مبانٍ ومنشآت بان تستخدم تلك الصنابير الاقتصادية.
4) أن يتم إلزام كافة المؤسسات والشركات والمحلات التجارية باستخدام تلك الصنابير الاقتصادية على ان تنظم الوزارة حملات تفتيش ومتابعة للتأكد من تطبيق ذلك، مع أهمية فرض العقوبات المالية العالية في حال عدم قيامها بذلك..
هذه بعض المرئيات التي رأيت أن أشارك بها الإخوة بوزارة المياه في معالجة قضية الإسراف في استخدام المياه، فلعله يكون في تفعيلها ما يسهم في القضاء على هذا الهمّ الذي يؤرّقنا جميعاً.
 
23 / 10/ 2004م                   عدد 11713
 

الوعي المروري: على مَن تقع المسؤولية؟

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
في الوقت الذي نلحظ فيه تطوراً متسارعاً في مستوى الطرق في المملكة، نجد أن نسبة الوعي المروري لدى فئة ليست بالقليلة من سائقي السيارات في انحدارٍ وتدنٍ بشكل جعلنا في طليعة الدول التي يرتكب فيها الحوادث المرورية، ومن مظاهر الجهل بالثقافة المرورية ومن ثم تدني الوعي المروري لدينا أن هناك الكثير من المشاهد التي نلحظها يومياً والتي تدل على ذلك، فهذا سائق يسير بسرعة جنونية على أكتاف الطريق (وهو منظر مألوف في الكثير من الطرق السريعة داخل المدن)، وهذا سائق يسير بسرعة بطيئة جداً على الرغم من التزامه بالمسار الأيسر للطريق مما يجعله يتسبب بحوادث قاتلة، وذلك سائق لا يفقه معنى أي من العلامات والإيضاحات المرورية التي تمتلئ بها الشوارع والطرقات... إلخ.
الثقافة المرورية والوعي المروري يتطلب منا الالمام التام بكل ما تتضمنه الأنظمة واللوائح والإجراءات والعلامات الخاصة بالمرور، فعلى مَن تقع المسؤولية في إيصال تلك الثقافة المرورية إلى قائدي السيارات وخاصة الشباب منهم؟ هل نحمّل الإدارات المرورية المسؤولية عن تفشي الجهل المروري بين شريحة كبيرة من سائقي السيارات خاصة أننا لا نزال نشهد الكثير من مشاهد الفوضى المرورية التي تُرتكب بشكل مستمر، ودون أن يصاحب ذلك تحرك فعلي من قِبل تلك الإدارات المرورية للقضاء على تلك الفوضى المرورية، ثم هل تطبيق العقوبات الرادعة التي تتضمنها أنظمة ولوائح المرور تحتاج من الإدارات المرورية كل تلك السنوات الطويلة لكي تتمكن من السيطرة على تلك الفوضى المرورية الضاربة أطنابها في مختلف مناطق المملكة.
أم أننا نحمّل المؤسسات التربوية جزءاً من المسؤولية؟ فكيف نعلّم الشباب الثقافة المرورية طالما أن مناهجنا الدراسية لا تحتوي على الحد الأدنى من المبادئ والثقافة المرورية، في ظني أن على مؤسساتنا التربوية دوراً مهماً في سبيل نشر الوعي المروري بين النشء كما أن على مؤسساتنا وأجهزتنا الإعلامية مسؤولية كبيرة في سبيل نشر الوعي المروري بين الشباب أيضاً.
أختمُ حديثي بالتأكيد على أن من يقود السيارة منا خارج المملكة يدرك أنه جاهل مرورياً، ويحتاج الكثير من أجل زيادة وعيه وثقافته المرورية، ويحكى أن طبيب جراح أمريكي مشهور عندما سُئل عن نسبة نجاح العملية التي سيجريها، أجاب أنه يضمن نجاحها بنسبة 99% ولكنه لا يضمن وصوله للمستشفى من بيته إلا بنسبة 60% بسبب تخوفه من الحوادث المرورية، والسؤال هنا كم ستكون تلك النسبة لو أن هذا الأمريكي يقود سيارته عندنا في ظل ما ننعم به من فوضى وجهل مروري مستفحل أسهم وبشكل مباشر في ارتفاع عدد (الجنائز) بسبب الحوادث المرورية التي صلينا عليها في مسجدين فقط في مدينة الرياض (مسجد الراجحي ومسجد عتيقة) وخلال شهر واحد فقط إلى ستمائة وست (606) جنائز.
9 / 10 / 2004م                    عدد 11699