ترجمة

أزمة أخلاق!



د. محمد بن عبد العزيز الصالح

كتب لي أحد القراء برسالة يشتكي فيها من الطريقة القاسية التي اتبعها أحد البنوك في ملاحقته إثر تأخره عن سداد أحد الأقساط الشهرية التي عليه للبنك، وذلك على الرغم من انتظامه في سداد الخمسين قسطاً الماضية؛ حيث مر على اقتراضه من البنك خمس سنوات، وإليكم أعزائي القراء رسالة القارئ الكريم؛ حيث سأترك الحكم على ما جاء فيها للبنوك وللقراء:
(بتاريخ 30-9-2005م تقدمت إلى البنك للحصول على قرض لحاجتي الماسة، وتمت الموافقة على إقراضي، مع حصول البنك على عمولة عالية وبطريقة الحساب التراكمي، وتم التوقيع على العقد الذي ينص على التسديد بأقساط شهرية لمدة عشر سنوات وبدأت بعد ذلك في السداد المنتظم مع حرصي الشديد على عدم التأخير، ومرت خمس سنوات على انتظامي بالسداد دون أي تأخير، وفي عام 2009م حدثت الأزمة الاقتصادية العالمية التي لم ينجُ منها أحد، ومرت عليّ ضائقة مالية جعلتني أتأخر في السداد لمدة بسيطة لا تتجاوز الشهرين، وقد ترتب على ذلك أن البنك قد استنفر جل طاقاته البشرية لملاحقتي والاتصال بي على كل هواتفي الثابتة والمنقولة حتى أصبحت مشكلة البنك الوحيدة، واعتقدت أنني الوحيد المقترض من هذا البنك، لقد جاءت الاتصالات من عدد كبير من موظفي البنك في قسم ملاحقة المقترضين دون أن يكون هناك تنسيق فيما بينهم على الاتصال، حيث يهاتفني موظف على هاتفي الجوال وأتفاجأ خلال دقائق باتصال من موظف على هاتف منزلي، حيث تحدث مع ابني البالغ من العمر ثمانية أعوام حيث قابلني عند باب المنزل ليحذرني بأن أدفع القسط أو أنه سيتم زجي في السجن، وذلك وفقا لما أبلغه موظف البنك، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، حيث قام موظف آخر من موظفي البنك بمحادثة زوجتي والشكوى لها بعدم سدادي ويطلب منها الضغط عليّ بالسداد، حتى أصبحت علاقتي بعائلتي يشوبها الكثير من المشاكل، خصوصاً أن عائلتي لم تعلم بحصولي على القرض.
تصوروا، أنه وفي يوم واحد وبعد عودتي من صلاة المغرب وعند تفقدي لهاتفي الجوال، وجدت 15 مكالمة لم يرد عليها كلها من البنك، وقد استمر رنين الجوال ولم يتوقف، عندها قمت بوضع الجوال على خاصية الصامت متعمداً، ولمدة ساعتين لأتفاجأ بأن حصيلة المكالمات التي لم أرد عليها قد بلغت مائة واثنتي عشرة (112) مكالمة متواصلة، كلها من رقم واحد هو رقم البنك، عندها أيقنت أن موظف البنك الذي قام بكل تلك الاتصالات لا يمكن أن يكون سوياً، وعندها راودتني تساؤلات عدة منها:
هل أن الوحيد المقترض من هذا البنك؟
هل هذه الطريقة المثلى للمطالبة بالحقوق، علماً بأن البنك يعلم مكان عملي؟
وهل من حق موظفي البنك أن يقوموا بكل تلك الملاحقة المزعجة على الرغم من انتظامي في سداد الأقساط لخمس سنوات متواصلة لمجرد تأخري عن السداد لقسط أو قسطين شهريَّيْن.
ختاماً إذا كان كل ذلك الإزعاج المتواصل المبالغ فيه من قبل موظفي هذا البنك لي ولأسرتي هو من أجل إيصال رسالة بأن البنك يعاني من أزمة اقتصادية من جراء تلك الأزمة المالية العالمية التي عانى منها الجميع، فإنني أعتقد بأن الرسالة الأكثر وضوحاً هي أن بعض البنوك لدينا تعاني من أزمة أخلاق وحسن تعامل مع عملائها).
أعزائي القراء، كما قلت سابقاً لن أعلق على تلك الرسالة، وسأترك التعليق لكم وللبنوك.
 

29/6/2009م               العدد 13423

 

هل ارتكب التاجر مخالفة عمالية أم جريمة جنائية؟؟



د. محمد بن عبد العزيز الصالح

 نشرت عدد الصحف خلال الاسبوع الماضي الخبر التالي:
 (اتهمت 85 فتاة سعودية، شركة متخصصة في صناعة وتسويق العباءات في المنطقة الشرقية بالاحتيال عليهن وتسجيل وأسمائهن في مكتب العمل في الدمام، على أنهن موظفات في الشركة ومن ثم إبلاغهن أنه لا يوجد وظائف لهن وذلك بهدف التلاعب على أنظمة مكتب العمل، وبهدف الحصول على أعلى نسبة سعودة.. وقد أشارت تلك الفتيات أنهن تقدمن لمكتب العمل للحصول على وظائف، إلا أن طلبهن قوبل بالرفض لوجود أسمائهن مدرجة في الشركة المعنية، وانهن لا يستطعن الحصول على وظائف..).
وإزاء هذا الخبر، اسمحوا لي أعزائي القراء ببعض التعليقات عليه:
1- عندما صدر قرار مجلس الوزراء الشهير رقم (50) عام 1415هـ والمتضمن إلزام كل مؤسسة لديها (20) عامل فأكثر بسعودة 5% سنوياً من مجموع العمالة فيها، لم يكن يرد في الحسبان أن يصل نكران الجميل والضرب بالوطنية عرض الحائط من قبل بعض أصحاب المؤسسات الوطنية إلى الحد الذي يقدمون فيه على تسجيل أسماء مواطنين بشكل وهمي في سجلات المؤسسة تزويراً وتهرباً من تنفيذ قرار السعودة والرفع بتلك المعلومات المزورة للجهات المختصة.
2- من المسلم به أن التعليمات والأنظمة والقرارات لا تحترم ولا تنفذ ما لم يكن هناك عقوبات رادعة بحق من تمرد على تلك القرارات والتعليمات (فالبشر يصلون لرب العالمين خوفاً من عقابه) وفي ظني أن مشكلتنا الأزلية في هذا الوطن عدم وجود العقوبات الرادعة بحق من يتمرد على أنظمتنا وقراراتنا الصادرة من أعلى المجالس في الدولة، وهذا ما دفع البعض من أصحاب المؤسسات يتمادى ولا يتردد في تقديم وثائق ومعلومات مزورة لجهات رسمية تمرداً وهرباً من تطبيق قرارات السعودة الصادرة عن مجلس الوزراء.
3- إذا كان نائب وزير العمل قد أصدر مؤخراً قراراً بايقاف الاستقدام عن مؤسسة وطنية لمدة خمس سنوات لتسجيلها (4) مشتركين سعوديين في بياناتهم المرفوعة لمكتب العمل على الرغم من عدم قيامهم فعلياً بالعمل لديها، وفي ظني أن هذه العقوبة لم تعد رادعة، فلو كانت رادعة لما رأينا استمرار المؤسسات الوطنية في تقديم المعلومات المزورة وبشكل متزايد، والسؤال هنا، ما هي العقوبات التي ستفرضها وزارة العمل بحق تلك المؤسسة التي قدمت معلومات مزورة لجهات رسمية بتسجيل أسماء تلك الفتيات الـ 85؟ لا نريد من وزارة العمل أن تصدر قرارها بوقف الاستقدام عن تلك المؤسسة طالما أن تلك العقوبة لم تعد رادعة، ما نريده من وزارة العمل هو أن تنسق مع الجهات المختصة في الدولة لاتخاذ العقوبات الرادعة التالية:
أ- سحب الترخيص النهائي لتلك المؤسسة ومنعها عن مزاولة نشاطها نهائياً.
ب - التشهير باسم المؤسسة وباسم صاحب المؤسسة وعدم السماح له بممارسة نفس النشاط بتصريح وسجل تجاري آخر مستقبلاً.
ج - دفع التعويضات المالية اللازمة للتفتيات المتضررات الخمس والثمانين.
4- ان المخالفة التي اقترفها صاحب المؤسسة لا تقتصر على كونها مخالفة لقرارات السعودة فحسب، وإنما هي جريمة تزوير، فصاحب المؤسسة قدم معلومات مزورة في وثائق رسمية وذلك تمرداً على القرار رقم (50) الصادر من مجلس الوزراء والمادة (5) من نظام مكافحة التزوير تقضي بايقاع عقوبة السجن من سنة إلى خمس سنوات بحق كل من يقوم بوضع أسماء غير صحيحة أو غير حقيقية في أوراق رسمية، لذا في ظني أننا لسنا بصدد مخالفة عمالية لعدم وجود علاقة العمل أساساً بين المؤسسة وبين الـ85 فتاة، وإنما نحن بصدد جريمة تزوير من المفترض أن ينظر فيها من قبل وزارة الداخلية وليس من قبل مكتب العمل.
معالي وزير العمل، أعتقد بأن المؤسسات والشركات قد رفعت شعار التحدي من خلال رفضها القاطع لتطبيق نسبة السعودة التي أقرت من قبل المجالس العليا في الدولة.
ولذا نرجو معاليكم التحرك العاجل والتنسيق مع وزارة الداخلية لتطبيق أقصى العقوبات سواء عن المخالفات العمالية أو الجرائم الجنائية التي ترتكبها تلك المؤسسات في سبيل الهروب من تطبيق نسب السعودة.
 
22/6/2009م           العدد 13416

مشاهد غير حضارية في الأسواق



د. محمد بن عبد العزيز الصالح

 كشف فضيلة الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ عبدالعزيز بن حمين الحمين عقب رعايته افتتاح دورة (المهارات الإعلامية لتثقيف قيادات الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) عن توجه حضاري محمود يحسب لجهاز الهيئة، ويتمثل ذلك في وضع كاميرات مراقبة في الأسواق التجارية الكبيرة في الرياض، وذلك بالتعاون مع أصحاب تلك الأسواق، بحيث يقوم رجال الهيئة من خلال تلك الكاميرات بمتابعة من يسيؤون التصرفات أو يتحرشون بالنساء أو يرتكبون أي مخالفات سلوكية أو أخلاقية. وقد أوضح معاليه نجاح التجربة في أحد الأسواق الكبرى في مدينة الرياض وأن العمل جارٍ لتعميم التجربة في أسواق أخرى.
وفي الوقت الذي أجد فيه بأن هذا التوجه المحمود لجهاز الهيئة بوضع تلك الكاميرات إنما يعكس الفكر والتوجه المتحضر لمعالي الشيخ عبدالعزيز الحمين ومن يشارك مع فضيلته في تطوير هذا الجهاز ليصل لمستوى تطلعات أفراد المجتمع من جهاز الهيئة، إلا أنني استغرب مداخلة أحد أعضاء مجلس الشورى عند مناقشة التقرير السنوي لرئاسة الهيئة، وذلك عندما طالب بالتأني في قرار كشف كاميرات مراقبة الأسواق التجارية أو إلغاء الفكرة نهائياً معللاً ذلك بأنه يمكن من خلال تلك الكاميرات اختراق الخصوصية، الأمر الذي يؤدي لمشاكل كبيرة.
إن مما يؤكد أهمية هذه الخطوة التي أقدم عليها جهاز الهيئة ما يلي:
1- كثرة التحرشات والتصرفات غير الأخلاقية من قبل العديد من الشباب الذين يدخلون الأسواق بأساليب مختلفة وخاصة من خلال دفع المال لبعض النساء.
2- صعوبة متابعة جميع مرافق المركز التجاري من قبل أفراد الهيئة خلال تواجدهم بالمركز.
3- حاجة الكثير من الرجال والشباب لقضاء حوائجهم أو حوائج عوائلهم من تلك المراكز التجارية.
4- لا يخفى علينا الأثر السلبي الذي يتركه تواجد فرق الهيئة بصحبة رجال أمن على الجاليات غير المسلمة وما يوحيه هذا المشهد لدى تلك الجاليات بارتباط ديننا الإسلامي بالترويع والتخويف، وهذا يتنافى مع مبادئ ديننا السمحة.
ختاماً، إن نشر تلك الكاميرات سيكفل القضاء على كافة التجاوزات والممارسات الخاطئة والمشاهد غير الحضارية داخل أسواقنا التجارية.

 
8/6/2009م               العدد 13402

محال بيع المستلزمات النسائية



د. محمد بن عبد العزيز الصالح

 نشرت الصحف الإماراتية خلال الأسبوع الماضي أنه قد تم البدء في التطبيق الفعلي لقرار المجلس التنفيذي لإمارة الشارقة، المتضمن توظيف النساء في المحال ذات العلاقة بالأنشطة النسائية؛ حيث تم البدء بمحال بيع الملابس الداخلية للنساء، ومن ثم محال بيع العبايات النسائية، ومن ثم بقية المحال الأخرى التي تبيع بقية احتياجات النساء من الملابس وغيرها.
وقد كان الدافع للمجلس التنفيذي لإمارة الشارقة من إصدار هذا القرار وتنفيذه (كما نشرت الصحف الإماراتية) هو انتشار المهازل الأخلاقية التي تصدر ضد النساء من الرجال الذين يعملون في تلك المحال، هذا بالإضافة إلى إيجاد الآلاف من فرص العمل الشريفة للنساء في دولة الإمارات.
وأنا أقرأ هذا الخبر تذكرت قرار مجلس الوزراء رقم 120 وتاريخ 22-5-1426هـ القاضي بقصر العمل في محال بيع المستلزمات النسائية على المرأة السعودية، على أن يتم تنفيذ العمل بهذا القرار خلال عام واحد بالنسبة إلى محال بيع الملابس الداخلية، وعامين بالنسبة إلى محال بيع العبايات والملابس النسائية الجاهزة، وعلى الرغم من أن هذا القرار لمجلس الوزراء قد جاء مؤنباً لمجتمعنا الذي تمادى في هضم حق المرأة لسنوات طويلة بحرمانها من فرص العمل الشريفة المتاحة لها في تلك المحال، وتقديم تلك الفرص لعمالة رجالية أجنبية (غير مسلمة في كثير من الأحيان)، إلا أن تنفيذ هذا القرار والصادر من أعلى سلطة في الدولة لم يتحرك على الرغم من مرور أربع سنوات على صدوره!!!
وعلى الرغم من جهود وزارة العمل بقيادة معالي وزيرها الدكتور غازي القصيبي الذي حقق نجاحات طيبة في سعودة عدد من القطاعات (وما زلنا ننتظر من معاليه المزيد)، إلا أنه لم يتحرك ساكن فيما يتعلق بمحال السلع النسائية وخاصة الملابس الداخلية منها، على الرغم من دعم الدكتور القصيبي لذلك.
إنني والله لأتعجب من ذلك السكوت لمجتمعنا المسلم المحافظ ولسنوات طويلة عن السماح لرجال أجانب من مختلف الجنسيات والديانات يتولون بيع الملابس النسائية (وعلى الخصوص الداخلية منها) دون أن نحرك ساكناً، وصدقوني أنني لم أتوصل لأي تفسير منطقي لهذا السكوت غير المبرر، فلا قيمنا ومبادئنا الدينية ولا عاداتنا الاجتماعية تجعلنا نرضى بأن يتولى بيع الملابس الداخلية لأهلنا رجال أجانب وغيرهم مما قد يصعب معه التأكد من أخلاقهم. وإذا كان لدى البعض شيء من التخوف من أن يؤدي هذا القرار إلى فتح المحال للاختلاط بين النساء والرجال، فإنني أعتقد أن مثل هذا القول مردود عليه؛ حيث إن الوضع المتبع حالياً من خلال تواجد الباعة من الرجال في محال بيع المستلزمات النسائية (وخاصة الداخلية) هو ما قد يؤدي للاختلاط.
لو كنت وزيراً للعمل لما ترددت أن أضع قرار مجلس الوزراء محلاً للتنفيذ الفعلي اليوم قبل غد، وعلى أن يشمل التطبيق جميع المحال المستهدفة دون استثناء، ولو كنت وزيراً للعمل لما ترددت أن أغلق أي محل لا يطبق هذا القرار فوراً، ولو كنت وزيراً للعمل لحددت ساعات العمل في تلك المحال بسبع ساعات يومياً فقط (10 - 12 صباحاً) (4 - 9 مساءً)، ولجعلت يوم الجمعة إجازة أسبوعية لتلك المحال، ولو كنت وزيراً للعمل لحددت الرواتب التي تدفعها تلك المحال للنساء السعوديات العاملات فيها بـ 4000 ريال؛ حيث يتحمل صندوق تنمية الموارد البشرية 50% منها أي ما يعادل 2000 ريال.
وأخيراً لو كنت وزيراً للعمل لاجتمعت بهيئة كبار العلماء ومع سماحة المفتي ومع فضيلة الرئيس العام لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولأوضحت لهم كافة الأبعاد الشرعية والاجتماعية والاقتصادية التي تجعلنا جميعاً ندعم تنفيذ هذا القرار.
 

1/6/2009م                  العدد 13395