ترجمة

هل ارتكب التاجر مخالفة عمالية أم جريمة جنائية؟؟



د. محمد بن عبد العزيز الصالح

 نشرت عدد الصحف خلال الاسبوع الماضي الخبر التالي:
 (اتهمت 85 فتاة سعودية، شركة متخصصة في صناعة وتسويق العباءات في المنطقة الشرقية بالاحتيال عليهن وتسجيل وأسمائهن في مكتب العمل في الدمام، على أنهن موظفات في الشركة ومن ثم إبلاغهن أنه لا يوجد وظائف لهن وذلك بهدف التلاعب على أنظمة مكتب العمل، وبهدف الحصول على أعلى نسبة سعودة.. وقد أشارت تلك الفتيات أنهن تقدمن لمكتب العمل للحصول على وظائف، إلا أن طلبهن قوبل بالرفض لوجود أسمائهن مدرجة في الشركة المعنية، وانهن لا يستطعن الحصول على وظائف..).
وإزاء هذا الخبر، اسمحوا لي أعزائي القراء ببعض التعليقات عليه:
1- عندما صدر قرار مجلس الوزراء الشهير رقم (50) عام 1415هـ والمتضمن إلزام كل مؤسسة لديها (20) عامل فأكثر بسعودة 5% سنوياً من مجموع العمالة فيها، لم يكن يرد في الحسبان أن يصل نكران الجميل والضرب بالوطنية عرض الحائط من قبل بعض أصحاب المؤسسات الوطنية إلى الحد الذي يقدمون فيه على تسجيل أسماء مواطنين بشكل وهمي في سجلات المؤسسة تزويراً وتهرباً من تنفيذ قرار السعودة والرفع بتلك المعلومات المزورة للجهات المختصة.
2- من المسلم به أن التعليمات والأنظمة والقرارات لا تحترم ولا تنفذ ما لم يكن هناك عقوبات رادعة بحق من تمرد على تلك القرارات والتعليمات (فالبشر يصلون لرب العالمين خوفاً من عقابه) وفي ظني أن مشكلتنا الأزلية في هذا الوطن عدم وجود العقوبات الرادعة بحق من يتمرد على أنظمتنا وقراراتنا الصادرة من أعلى المجالس في الدولة، وهذا ما دفع البعض من أصحاب المؤسسات يتمادى ولا يتردد في تقديم وثائق ومعلومات مزورة لجهات رسمية تمرداً وهرباً من تطبيق قرارات السعودة الصادرة عن مجلس الوزراء.
3- إذا كان نائب وزير العمل قد أصدر مؤخراً قراراً بايقاف الاستقدام عن مؤسسة وطنية لمدة خمس سنوات لتسجيلها (4) مشتركين سعوديين في بياناتهم المرفوعة لمكتب العمل على الرغم من عدم قيامهم فعلياً بالعمل لديها، وفي ظني أن هذه العقوبة لم تعد رادعة، فلو كانت رادعة لما رأينا استمرار المؤسسات الوطنية في تقديم المعلومات المزورة وبشكل متزايد، والسؤال هنا، ما هي العقوبات التي ستفرضها وزارة العمل بحق تلك المؤسسة التي قدمت معلومات مزورة لجهات رسمية بتسجيل أسماء تلك الفتيات الـ 85؟ لا نريد من وزارة العمل أن تصدر قرارها بوقف الاستقدام عن تلك المؤسسة طالما أن تلك العقوبة لم تعد رادعة، ما نريده من وزارة العمل هو أن تنسق مع الجهات المختصة في الدولة لاتخاذ العقوبات الرادعة التالية:
أ- سحب الترخيص النهائي لتلك المؤسسة ومنعها عن مزاولة نشاطها نهائياً.
ب - التشهير باسم المؤسسة وباسم صاحب المؤسسة وعدم السماح له بممارسة نفس النشاط بتصريح وسجل تجاري آخر مستقبلاً.
ج - دفع التعويضات المالية اللازمة للتفتيات المتضررات الخمس والثمانين.
4- ان المخالفة التي اقترفها صاحب المؤسسة لا تقتصر على كونها مخالفة لقرارات السعودة فحسب، وإنما هي جريمة تزوير، فصاحب المؤسسة قدم معلومات مزورة في وثائق رسمية وذلك تمرداً على القرار رقم (50) الصادر من مجلس الوزراء والمادة (5) من نظام مكافحة التزوير تقضي بايقاع عقوبة السجن من سنة إلى خمس سنوات بحق كل من يقوم بوضع أسماء غير صحيحة أو غير حقيقية في أوراق رسمية، لذا في ظني أننا لسنا بصدد مخالفة عمالية لعدم وجود علاقة العمل أساساً بين المؤسسة وبين الـ85 فتاة، وإنما نحن بصدد جريمة تزوير من المفترض أن ينظر فيها من قبل وزارة الداخلية وليس من قبل مكتب العمل.
معالي وزير العمل، أعتقد بأن المؤسسات والشركات قد رفعت شعار التحدي من خلال رفضها القاطع لتطبيق نسبة السعودة التي أقرت من قبل المجالس العليا في الدولة.
ولذا نرجو معاليكم التحرك العاجل والتنسيق مع وزارة الداخلية لتطبيق أقصى العقوبات سواء عن المخالفات العمالية أو الجرائم الجنائية التي ترتكبها تلك المؤسسات في سبيل الهروب من تطبيق نسب السعودة.
 
22/6/2009م           العدد 13416

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق