ترجمة

التشهير بالغشاشين

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
نشرت صحيفة الشرق الأوسط خبراً مفاده ان كوريا الجنوبية قد بدأت بتنفيذ خطة للتشهير بأسماء مرتكبي بعض الجرائم كجرائم الغش التجاري وغيرها من الجرائم غير الأخلاقية الأخرى، وتقوم تلك الخطة على نشر أسماء المخالفين والمرتكبين لتلك الجرائم على موقع حكومي شهير على شبكة الإنترنت، كما صدر بيان عن مكتب رئيس الوزراء الكوري يفيد بأن نشر أسماء هؤلاء المخالفين والتشهير بهم سيسهم في الحد من ارتكاب تلك المخالفات والجرائم، كما أشار أيضاً بأنه سيتم التشهير بتلك الأسماء من خلال نشرها في مختلف المكاتب الحكومية في ست عشرة مدينة كورية.
وفي المقابل نجد بأن صحيفة الاقتصادية قد نشرت خبراً مفاده بأن أمانة مدينة الرياض قد صادرت مئات السلع الغذائية المنتهية الصلاحية وغير الصالحة للاستخدام الآدمي، وقد تم اتخاذ العقوبات اللازمة بحقها. كما نقرأ في مختلف الصحف وباستمرار قيام وزارة التجارة باكتشاف العديد من مخالفات الغش التجاري سواء في مواد غذائية منتهية الصلاحية أو دواجن مصابة بأمراض أو إطارات سيارات مقلدة أودت بحياة الكثير.. وعلى الرغم من فظاعة جرائم الغش المرتكبة في الكثير من أسواقنا، إلا اننا نجد بأن العقوبات المطبقة بحق تلك الفئة الرخيصة من التجار تخلو من عقوبة التشهير بتلك الأسماء كما انها لا تتجاوز تطبيق الغرامات المالية المحدودة أو اقفال المحل لأيام معدودة.. وفي ظني ان من يرتكب جرائم الغش التجاري من خلال تسويقه لسلع منتهية الصلاحية هو تاجر عديم الذمة، وسيستمر في ارتكابه لتلك الجرائم غير الأخلاقية طالما ان حجم العقوبة المالية المطبقة بحقه لا تعادل سوى نقطة في بحر من حجم الأرباح التي يحققها من تسويق تلك السلع المغشوشة.
وفي ظني ان لا اختلاف بين من يسوق سلعاً مغشوشة منتهية الصلاحية تودي بحياة الناس وبين من يرتكب جريمة القتل العمد، بل انني أجزم بأن القاتل العمد قد يكون تحت تأثير حالة من الغضب، أو غيره من المؤثرات الأخرى بينما نجد ان مرتكب جرائم الغش التجاري يتعمد قتل المستهلكين تدريجياً دون وازع ديني أو أخلاقي، ومع ذلك نجد ان عقوبة القتل تكون للقاتل عمداً بينما نجد اننا نتكاثر تطبيق حتى عقوبة التشهير بأسماء مرتكبي جرائم الغش التجاري!!!
إنني اتساءل عن السبب الذي يجعلنا لا ننشر أسماء مثل هؤلاء المخالفين غير المبالين بمصلحة وطنهم والذين لا يترددون في ارتكاب مثل تلك الجرائم الإنسانية بحق إخوانهم المواطنين، ثم لماذا نراعى شعورهم من خلال التكتم والمحافظة على أسمائهم، اعتقد بأن عقوبة التشهير من خلال نشر أسماء هؤلاء التجار «بل وحتى نشر الصور الشخصية لهم» تفوق في مفعولها الغرامات المالية المفروضة عليهم.. وأخيراً متى سنبقى نتساهل مع تلك الفئة الفاسدة داخل مجتمعنا على حساب مصلحة وطننا الغالي.
26/4/2003م                       عدد 11167
 

المراعي ومزيد من الإبداع والتميز

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
تلعب البحوث العلمية والتقنية دوراً ملحوظاً في تطوير شتى المجالات الحيوية، وقد لاقت تلك البحوث رعاية واهتماماً من قبل كل من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وأيضاً من الجامعات السعودية والتي تعمل على تذليل الصعوبات أمام أنشطة البحث العلمي المتعددة، ويتمتع الباحثون في هذا البلد بالدعم والاهتمام في كافة مراحل بحوثهم التطبيقية، حيث نجد أن الجامعات السعودية قد وفرت لهم مراكز البحث وقواعد المعلومات المتخصصة، فضلاً عما تقوم به مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية من توفير المنح البحثية والاتصال والوثائق والمواد العلمية والتقنية والدوريات والرسائل والوسائل الفلمية، وما ذلك إلا امتداد لما تقدمه حكومة خادم الحرمين الشريفين- حفظه الله- من رعاية للعلماء والباحثين والدارسين، وتقديم كل ما يسهل أنشطتهم العلمية والتقنية، حيث تم دعم البحث العلمي وتطويره بزيادة مخصصاته في ميزانية الدولة.
وقد خطا القطاع الخاص على هدى تلك المبادرات الحكومية في هذا الشأن، حيث كان لشركة المراعي الريادة في ذلك، نظراً لهدفها الاستراتيجي البعيد الذي تتفق خططه ومتطلباته للانفتاح الاقتصادي الحالي.
وإيماناً من شركة المراعي بدورها الكبير في هذا الوطن، فقد دأبت منذ إنشائها على تحقيق النجاح بالوسائل المعرفية المتاحة، كما سعت إلى تحقيق أهدافها بإدارة تعي اللغة المشتركة بينها وبين عملائها وحاجاتهم ورغباتهم، فلم تقف عند حد في استثمارها المطرد ولم تكتف بمكاسبها الاقتصادية داخل المملكة وخارجها، بل تجاوزت ذلك إلى ما يؤكد الأهداف النبيلة للإدارة الواعية وما ترمي إلى تحقيقه من خدمة هذا الوطن بأنشطة خيرية واجتماعية وثقافية وعلمية، وما رعاية المراعي للعلماء والباحثين والدارسين في مجال البحوث العلمية التطبيقية إلا دلالة واضحة على ذلك.
لقد أدركت هذه الشركة الرائدة في مجالها الاقتصادي أهمية البحوث العلمية التطبيقية في زيادة الكفاءة الإنتاجية والتي عززت القدرة التنافسية للشركة في الأسواق المحلية والعالمية مما انعكس على زيادة إسهام الشركة في تعزيز الميزان التجاري للمملكة مع العديد من الدول الأخرى.
وتفعيلاً لذلك نجد أن مسيرة التعاون بين شركة المراعي وبين مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية في مجال البحوث العلمية وصلت إلى مرحلة مميزة وبارزة جاء نتاجها من خلال جائزة المراعي للإبداع العلمي، هذه الجائزة التي أتت كبادرة محمودة من هذه الشركة الوطنية، دعماً منها وتشجيعاً للعلماء والباحثين والمخترعين في المملكة، وبإشراف مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية.
جاءت هذه الجائزة داعمة للعلماء المتميزين، ومقدرة للإسهامات العلمية والأعمال الإبداعية في مجال العلوم والتقنية كالبحوث والمنشورات وبراءات الاختراع والتصاميم الصناعية للمبدعين في المملكة العربية السعودية.
ولا شك أن هذه الجائزة تأتي تتويجاً لجهود شركة المراعي في استقطاب الخبرات والقدرات العلمية في المجالات الحيوية كالزراعة والمياه والأغذية والصناعات الغذائية والثروات الطبيعية والحيوانية، رغبة من الشركة في تحقيق أهدافها على النحو المطلوب كمستثمر ناجح، فضلاً عن الخدمات الوطنية والإنسانية التي تقدمها الشركة من خلال مشاريعها ونشاطاتها المتعددة.
ولعلني هنا أشيد بهذه الأفكار المستنيرة لشركة المراعي المحدودة والتي تقف خلفها إدارة مبدعة يقودها أمير المال والأعمال الأمير الإنسان صاحب السمو الأمير سلطان بن محمد بن سعود الكبير رئيس مجلس إدارة الشركة، إن تميز سمو الأمير سلطان من خلال توجه سموه بطرح تلك الجائزة العلمية ليس بالأمر المستغرب، بل إنه يأتي امتداداً لنجاحات سموه المتعددة في شتى الجوانب الحياتية الأخرى، فقد عرف عن سموه دعمه اللامحدود في النواحي الخيرية والتعليمية والاجتماعية والرياضية والاقتصادية، وتلك النجاحات لسموه لا يجني ثمارها سوى هذا الوطن وأهله، وفي ظني أن تلك الإدارة يجب أن تكون مثالاً مرموقاً يحتذى به من قبل مؤسسات وشركات القطاع الخاص، وأغتنم الفرصة هنا بدعوة جميع شركات القطاع الخاص المتمكنة على السير وفق ذلك النهج السليم والخطوات الواثقة التي تسير وفقها إدارة شركة المراعي والتي أثمرت نجاحاً إثر نجاح، كما أتقدم بخالص الشكر والتقدير لهذه الشركة التي آمنت بدورها الفاعل والمثابر نحو هدف وطني نبيل.
 
12/4/2003م                        عدد 11153

هل تحتاج سعودة محلات الذهب عشرين عاماً!!؟

الدكتور محمد بن عبد العزيز الصالح
مع حلول الأول من محرم من هذا العام 1424هـ، تكون المرحلة الأخيرة من سعودة محلات الذهب والمجوهرات قد حلت حيث تقضي تلك المرحلة بالسعودة الكاملة، وذلك بعد تدرج في نسب سعودة تلك المحلات استغرق العديد من السنوات، حرصاً من الدولة على عدم الإثقال على محلات الذهب، وحتى يتمكن أصحاب تلك المحلات في تدريب الشباب السعودي الراغب في العمل في تلك المحلات.
وفي الوقت الذي كنا نأمل من جميع تجار الذهب والمجوهرات أن يقدروا للدولة منحهم تلك السنوات الطويلة حتى يتم تطبيق السعودة بشكل تدريجي في محلاتهم، إلا أن البعض منهم لا يزال يغلب عليه طابع الأنانية وحب الذات متنكراً لكافة تلك التسهيلات التي قدمتها الدولة له من خلال عدم فرض ضرائب عالية عليهم.
إن ما دفعني إلى ذكر ذلك هو ما صرح به تاجر الذهب والمجوهرات وعضو لجنة الذهب والمجوهرات بغرفة جدة طارق فتيحي لمجلة التجارة «العدد 519، ص7-8»، واسمحوا لي أعزائي القراء أن أعلق على بعض ما جاء في تصريحه، ومن ذلك:
- أشار طارق في تصريحه بأن «السعودة لا تأتي بين يوم وليلة»، ونحن نشاركه هذا الرأي ولكننا نذكره بأن الدولة قد أعطت تجار الذهب مدة زمنية فاقت الخمس سنوات حتى يهيئوا أنفسهم ويلتزموا بالسعودة.
- ذكر طارق فتيحي في تصريحه بأن سعودة محلات الذهب تحتاج إلى «وضع برنامج طويل المدى قد يصل إلى عشرة أعوام أو حتى عشرين عاماً».
ونحن نقول بأن مثل هذا التاجر قد تجاوز المعقول، ويا ليته يخبرنا عن تلك التقنية العالية اللازم توافرها فيمن يعمل بائعاً في محلات الذهب حتى يطالب بعشرين عاماً حتى تتاح الفرصة لأبناء البلد بالعمل في تلك المحلات بدلاً من تلك العمالة الأجنبية والتي تمتلئ بها المحلات التابعة له. وفي ظني أن مثل هذا التاجر لو تم إعطاؤه مئة عام لما التزم بسعودة العاملين في المحلات التابعة له.
- يؤكد فتيحي في تصريحه على «أهمية عامل الوقت في نجاح فكرة السعودة أما الأخذ بها بهذا الشكل المفاجئ والسريع يعطي نتائج سلبية على التاجر المتضرر» وهنا نؤكد على مخالفة تصريح هذا التاجر للحقيقة والواقع، فالدولة لم تطبق السعودة على محلات الذهب بشكل مفاجئ وسريع وإنما استمر برنامج السعودة التدريجي لسنوات طويلة، ولا نملك إلا أن نقول إزاء ما يقوله سوى إن كان فتيحي لا يعلم بأن الدولة قد سارت في سعودة محلات الذهب وفق برنامج استغرق سنوات فتلك مصيبة، خاصة وأنه عضو في لجنة الذهب والمجوهرات، وإن كان يعلم بذلك «وهو الأكيد» ولا يزال يقول بأن سعودة محلات الذهب قد طبقت بشكل سريع ومفاجئ فتلك هي الطامة بعينها، بل إنه لا يمكن أن يفسر مثل هذا الكلام سوى أنه استخفاف بعقول الآخرين.
- اختتم طارق فتيحي تصريحه بالقول «إن تطبيق السعودة بالشكل الحالي والمفاجئ والإلزامي قد يؤدي إلى إغلاق الكثير من المحلات مما يضر باقتصاد البلد، حيث أن التاجر سلسلة في هذا الاقتصاد وهنا نؤكد بأن الوطن ليس في حاجة لأمثال هؤلاء التجار والباب مفتوح أمامهم لإخراج أموالهم «ولكنهم لن يفعلوا» لأنهم هم بحاجة لهذا الوطن وأهله وليس الوطن بحاجتهم.
رجاء:
سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز، جهودكم وخطواتكم موفقة في سبيل نجاح سياسات السعودة رجاؤنا يا سمو الأمير ألا يكون هناك مجال للمرونة مع البعض من تجار الذهب الرافضين تطبيق قرارات السعودة، ونتمنى من سموكم الكريم التوجيه بإغلاق كافة محلات الذهب التي لا تلتزم بالسعودة الكاملة.
نداء:
جميعنا مسؤولون عن نجاح سعودة محلات الذهب، ويتمثل دورنا في هجر محلات الذهب التي لا يزال يعمل بها عمالة غير سعودية، لأنها محلات لا يهمها مصلحة الوطن وأهله.
مفارقة:
يقول طارق فتيحي«السعودة لا تأتي بين يوم وليلة»، ويقول أحد كبار تجار الذهب الآخرين «لسنا مسؤولين عن حل مشكلة البطالة في بلدان أخرى» وهنا نلاحظ الفارق بين التصريحين، وبالتالي يمكننا الإدراك بأن المشكلة ليست في قرار السعودة وإنما هي في بعض تجار الذهب الذين بالغوا في نكران الجميل لهذا الوطن وأهله.
 
5/4/2003م                      عدد 11146