ترجمة

الشحاذون وطيبتنا غير المبررة

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 
كشفت دراسة علمية حديثة أن ظاهرة التسول في المملكة قد شهدت زيادة مستمرة وارتفاعاً مضطرداً خلال السنوات القليلة الماضية مرجعه الأسباب الرئيسية في بروز هذه الظاهرة إلى تزايد المتسللين عبر الحدود، وقد حذرت الدراسة من الآثار السلبية لظاهرة التسول على النواحي الاجتماعية والاقتصادية والأمنية، وقد أوضحت الدراسة أن معظم المتسولين هم من الجنسيتين اليمنية والمصرية، كما أوضحت الدراسة أيضاً بأن المدن التي يتكاثر فيها هؤلاء المتسولون هي جدة ومكة المكرمة والرياض، وإزاء ما ورد في تلك الدراسة من حقائق تدمي القلب. اسمحوا لي أعزائي القراء أن أطرح بعض التساؤلات ومنها:
- إلى متى ستظل مختلف مناطق ومحافظات المملكة مرتعاً خصباً لمثل هؤلاء النصابين والمرتزقة.
- إلى متى سيستمر البعض منا في تماديه في طيبته وسذاجته من خلال تقديمه أموالاً لأناس لا يدرك مدى احتياجهم الفعلي لتلك الأموال.
- وهل نعلم بأن دراسة مسحية قامت بها وزارة الشؤون الاجتماعية عام 2007م أظهرت أن ما لا يقل عن 150 ألف شحاذ منتشرين في شوارعنا ومساجدنا.
- وهل نعلم أن أكثر من 90% من هؤلاء الشحاذين هم من غير السعوديين.
- وهل نعلم بأن الكثير من الأطفال الذين استخدمتهم تلك العصابات يتم تشويههم وقطع بعض أطرافهم ليواصلوا عملية التمثيل على مجتمعنا (الطيب).
- ثم إلى متى ستستمر تلك الجهود المتواضعة من قبل الجهات ذات العلاقة في القضاء على تلك الظاهرة التي لا يخلو مسجد أو شارع أو سوق منها.
- ومتى ستتحرك وزارة الشؤون الإسلامية لتوجيه كافة المساجد بالتصدي لتلك الظاهرة من خلال قيام أئمة المساجد بالتصدي لجميع الشحاذين وعدم السماح لهم بممارسة مهنة التسول بالمساجد.
- ثم أليس من المفترض على هيئة كبار العلماء أن تصدر فتوى أو نصح للمسلمين بعدم جواز تقديم أموالهم لهؤلاء النصابين، بحيث تدفع لمستحقيها فعلاً، كما أن على الهيئة أن تصدر فتوى تحرك كل من يقف خلفهم ويدعم انتشارهم.
ختاماً، أعتقد بأننا من أسهم في وصول عدد هؤلاء النصابين إلى عشرات الألوف، ونحن من ساعد على انتشار الشحاذين في شوارعنا ومساجدنا حيث أسهمت طيبتنا غير المبررة بأن نغدق عليهم بالعطاء دون أن نعلم مدى استحقاقهم الفعلي ودون أن نعلم عن كيفية صرفهم لتلك الأموال، فهل ندرك أن البعض منهم قد يستخدم تلك الأموال في زعزعة أمن واستقرار هذا الوطن. فلماذا إذاً لا ندفع ما تجود به أنفسنا من أموال لجمعيات البر التي لديها من برامج الضمان الاجتماعي ما يكفل تأمين الحياة الكريمة لكل مواطن محتاج.
 
18/1/2010م          العدد  13626
 

مرضى التوحد والاهتمام المفقود

د. محمد بن عبدالعزيز الصالح
من وقت لآخر ألتقي بعض الإخوة ممن لديهم أبناء أو بنات مصابون بمرض التوحد، وفي كل مرة يدور الحديث معهم حول معاناتهم من قلة الفرص التعليمية والتدريبية والوظيفية المتاحة لأبنائهم وبناتهم المصابين بهذا المرض. فعلى الرغم من أن وطننا الغالي لا يشكو من قلة الموارد المالية، وعلى الرغم من حرص حكومتنا الرشيدة -أعزها الله- على تقديم الدعم اللازم لكافة المحتاجين من مرضى ومعاقين وغيرهم، وأشير في هذا الخصوص لتلك الجهود الجبارة التي تقوم بها جمعية الأطفال المعوقين، وعلى الرغم من الازدياد الملحوظ في أعداد الأطفال المصابين بمرض التوحد، لم يحصلوا على الاهتمام الذي يستحقونه، فلا مدارس خاصة بهم، ولا معاهد تدريب ولا مراكز متخصصة متاحة لهم؛ مما يعيق انخراطهم في المجتمع. وبالتالي، فإنه وبدلاً من تأهيلهم وتهيئتهم التهيئة المناسبة لخدمة هذا الوطن، نجد أن تجاهلهم وعدم توفير المدارس والمراكز التدريبية المناسبة لهم، ومن ثم عدم توفير الفرص الوظيفية والعملية المناسبة لهم يجعلنا نتخوف من أن تكون تلك الإعاقة التي يعانون منها سبباً في أن يكونوا عالة على المجتمع.
علينا أن ندرك أن أعداد المصابين بهذا الاضطراب تزداد يوماً بعد يوم، وعلينا أن ندرك أن المصابين بهذا الاضطراب هم من ذوي القدرات والمواهب العالية، والذين لا يختلفون إلا في ضعف التواصل الاجتماعي والذي يمكن تجاوزه بدمجهم بعد تعلمهم في هذه المدارس والمراكز المتخصصة. وعلينا أن ندرك أن المدارس العامة يصعب عليها تفهم المشكلة التي يعاني منها هؤلاء الأطفال؛ مما يضطر معه أولياء أمورهم إلى تجرع مرارة تدريسهم في مدارس تشمل جميع الإعاقات بما فيها الإعاقات الفكرية. وعلينا أن ندرك أن العديد من الدول الأخرى والتي تقل عنا في إمكاناتها ومواردها قد خصصت المدارس والمراكز التدريسية والكليات الجامعية التي تناسب قدرات مرضى التوحد فتم تعليمهم وتدريبهم.
ختاماً، ومن خلال هذه الزاوية أطالب أصحاب القرار في وطننا الغالي بأن يعملوا على تخفيف معاناة هؤلاء الأبناء والبنات وأولياء أمورهم. وأقترح في هذا الخصوص أن يتم تشكيل لجنة عليا من كل من وزارة التربية والتعليم، وزارة المالية، وزارة الخدمة المدنية، وزارة العمل، والمؤسسة العامة للتدريب التقني بحيث تقوم اللجنة بدراسة كافة احتياجات مرضى التوحد من المدارس والكليات الجامعية الخاصة بهم والمراكز التدريبية المتخصصة وصولاً إلى تهيئة الفرص الوظيفية المناسبة لهم في القطاعين الحكومي والأهلي على حدٍ سواء.
 
11/1/2010م              العدد 13619