ترجمة

ممارسات وكالات السيارات تحتاج إلى وقفه من وزير التجارة


امتنعت الصحيفة عن نشره 
 


د. محمد بن عبدالعزيز الصالح

في شهر ابريل من العام ٢٠١٤ (اي قبل حوالي سنتين) توجهت مع صديق لي لإحدى وكالات السيارات الألمانية بالرياض، حيث قام بشراء سيارة تزيد قيمتها عن النصف مليون ريال, وعندما توجهت إلى المسؤول عن المبيعات مستفسرا عن المبالغة في سعر بيع السيارة, أجابني بأن هناك عدة عوامل تقف خلف هذا الارتفاع ، منها تعددالمواصفات الجديدة في تلك السيارة, كما ذهب إلى التأكيد بأن هناك عوامل أخرى تقف خلف هذا الارتفاع حيث ذكر بأن سعر برميل النفط يبلغ 120 دولار تقريباً (في ذلك الوقت) موضحاً بأن النفط يعتبر عنصر أساسي في صناعة السيارات, كما ذكر من ضمن العوامل أيضاً الارتفاع الكبير في أسعار نقل وشحن السيارات ، وكذلك ارتفاع قيمة اليورو مقابل الدولار ، حيث كان اليورو يبلغ 1,60 دولار في ذلك الوقت ، كل تلك العوامل لها انعكاساتها الكبيرة على ارتفاع قيمة السيارات الألمانية المستوردة من أوربا.
ونظراً للانخفاض الحاد الذي شهده النفط خلال العشرون شهرا الماضية وكذلك انخفاض أجور النقل البحري الحاد إضافة إلى انخفاض سعر اليورو الكبير في مواجهة الدولار خلال هذه الفترة. مع كل تلك العوامل مجتمعه, أيقنت بأن أسعار السيارات الألمانية ستنخفض بنسبة لا تقل عن 30 إلى 40%, وعندما توجهت مؤخراً لنفس وكاله السيارات, كانت المفاجئة عندما سألت عن سعر نفس السيارة وبنفس المواصفات أن سعرها يبلغ نفس السعر الذي كان عليه قبل سنه ونصف تقريبا ,أدركت عندها بأن وكالات السيارات لدينا هي من يضع التسعيرة التي تروق لها وتشبع جشع أصحابها, وأيقنت أن وكالات السيارات لدينا ترفع أسعارها في حال حدوث أي ارتفاع في أسعار النفط أو الشحن أو سعر صرف اليورو مقابل الدولار, ولكن تلك الوكالات لا تقوم بخفض أسعار السيارات التي تبيعها في معارض بيعها في المملكة في حال انخفاض أسعار النفط أو الشحن أو انخفاض سعر اليورو مقابل الدولار!!!!
وأدركت أيضاَ بأن وكالات السيارات لم يلتفت إليها معالي وزير التجارة الدكتور توفيق الربيعه على غرار الكثير من الانشطه والقطاعات التجارية الأخرى والتي كان لإلتفاتت معاليه إليها إنصافاً للمستهلكين في مواجهة جشع الكثير من التجار.
تصورو اعزائي القرّاء انه وعلى الرغم من أهمية سلعة النفط في صناعة السيارات, وعلى الرغم من انخفاض سعر برميل النفط من 110 دولار حتى 40 دولار, أي بما نسبته 65% وذلك خلال سنه ونصف , وبالرغم من ذلك بقيت أسعار السيارات عند الوكالة كما هي دون انخفاض خلال تلك الفترة!!!!
وعلى الرغم من انخفاض أسعار شحن السيارات إلى المملكة خلال نفس الفترة  إلى مستويات قياسية لم تصلها منذ ثلاث عقود زمنيه, حيث تراجعت اجور الشحن البحري بنسبة تصل إلى 60% تقريباً, وعلى الرغم من ذلك, لم تتأثر أسعار بيع السيارات عند وكلاء السيارات في السوق السعودي!!!!
وبالنظر إلى سعر صرف اليورو مقابل الدولار, نجد أنه قبل ١٨ شَهْر , كان سعر صرف اليورو مقابل الدولار يساوي 1,6 تقريباً, أما اليوم, فإن كل يورو يعادل 1,10 دولار تقريباً وهو ما يعني انخفاض قيمة اليورو بحوالي 35% والمفترض أن يكون لذلك انعكاس مباشر على خفض قيمة تسويق السيارات الألمانية في السوق السعودي ، او على سعر اي سياره يتم استيرادها من دول اليورو.
أجزم بأن جميع وكالات السيارات بالمملكة قد استفادت وبشكل كبير من انخفاض أسعار النفط والشحن وأسعار الصرف أيضاً, نظراً لمرور أكثر من سنة كامله على تلك الانخفاضات ،  وعلى الرغم من ذلك لم نشهد أي تخفيض في أسعار السيارات الألمانية التي يتم بيعها علينا في السوق السعودي.
ختاماً, أكرر رجائي لمعالي وزير التجارة الدكتور توفيق الربيعه أن يتدخل وبقوة لكبح تمادي وكالات السيارات والتصدي لجشع أصحابها, وأن لا يترك الأمر برمته لأصحاب تلك الوكالات لتحديد أسعار السيارات بمعزل عن مستوى الأسعار العالمية للنفط والشحن وكذلك أسعار الصرف ، وغيرها من العوامل المؤثرة على سعر بيع تلك السيارات.

 

                         في 27/3/2016م

 

ما مدى جدية وزارة العمل هذه المرة؟




أصدر معالي وزير العمل مؤخرًا قرارًا، يقضي بقصر العمل في مهنتي بيع وصيانة أجهزة الجوالات وإكسسواراتها بالكامل على السعوديين والسعوديات فقط، وذلك بالتنسيق مع كل من وزارة التجارة والصناعة ووزارة الشؤون البلدية والقروية ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات. ونص قرار وزارة العمل على إعطاء مهلة للمحال، مقدارها ستة أشهر، بدءًا من جمادى الآخرة 1437هـ، لتحقيق السعودة الكاملة في تلك المحال، وعلى أن تلتزم المحال بسعودة 50 % من العاملين لديهم خلال ثلاثة أشهر فقط.
ما من شك أننا سنشيد بهذا القرار لوزارة العمل، خاصة إذا ما علمنا أنه سيسهم في توفير نحو عشرين ألف فرصة عمل للسعوديين والسعوديات للعمل في تلك المحال، خاصة أن العمالة الأجنبية تسيطر حاليًا على أكثر من 90 % من فرص العمل في تلك المحال. ولكن لا أخفيكم سرًّا أنني لست متفائلاً بجدية وزارة العمل في تنفيذ هذا القرار. وعدم تفاؤلي لم يأتِ من فراغ؛ وإنما يعود ذلك إلى أن الوزارة اتخذت في السابق قرارات عدة لسعودة الكثير من محال التجزئة، منها محال الجوال, لكنها لم تنفذ شيئًا من تلك القرارات، كما أنها سبق أن أعلنت وضع جداول زمنية لتنفيذ تلك القرارات، لكننا لم نر شيئًا.
ومن محال التجزئة التي سبق أن وعدت وزارة العمل بسعودتها، وأصدرت قرارات وزارية بذلك، محال الذهب والمجوهرات، وشركات الأمن الخاصة, وأسواق الخضار، وكذلك محال بيع وصيانة الجوالات. وأتذكر في هذا الخصوص أن الوزارة أصدرت قرارًا عام 1425هـ، يُلزم أصحاب محال الجوالات بسعودة جميع العاملين في تلك المحال بنسبة 100 %، وقامت وزارة العمل بتحديد ثلاث سنوات لتنفيذ هذا القرار بشكل تدريجي بحيث تتحقق السعودة الكاملة في بداية عام 1428هـ. وعلى الرغم من التهديدات التي كان يطلقها وزير العمل ووكلاء الوزارة لأصحاب محال الجوالات في حال عدم تنفيذ هذا القرار إلا أننا لم نرَ أي سعودة تحققت في تلك المحال, على الرغم من مرور نحو عشر سنوات على المهلة التي حددتها الوزارة لتلك المحال لتحقيق السعودة الكاملة.
وبعد قرارات السعودة التي أطلقتها وزارة العمل طوال السنوات الماضية، ولم يتحقق منها شيء في الكثير من محال التجزئة, أليس من حقنا أن نتخوف من عدم جدية الوزارة هذه المرة أيضًا عندما أعلنت عزمها على سعودة محال الجوالات؟ أتمنى من الوزارة أن تبذل قصارى جهدها لتنفيذ هذا القرار، وأن لا يكون كمثيله من قرارات السعودة السابقة التي لم يُنفَّذ منها شيء على الرغم من سيطرة أكثر من ستة ملايين عامل أجنبي على مختلف محال التجزئة، ومنها محال الجوالات.
في اعتقادي، إن فشل وزارة العمل في تنفيذ الكثير من القرارات التي اتخذتها في مجال سعودة محال التجزئة يعود إلى أن الوزارة تصدر تلك القرارات بمعزل عن الأدوات اللازمة لنجاح تلك القرارات, التي يجب أن يضعها الإخوة في الوزارة في الاعتبار في الوقت الحاضر، إذا ما أرادوا لقرارات الوزارة أن تنفَّذ. ومن تلك القرارات ما يأتي:
1 - أن يتم تحديد حد أدنى لأجر العامل السعودي في تلك المحال، على أن يوضع في الاعتبار مدى قدرة أصحاب تلك المحال على دفع الأجرة المناسبة لهم. وكذلك الاستفادة من دعم صندوق تنمية الموارد البشرية في تحمل جزء من رواتب تلك العمالة الوطنية.
2 - أن يتم تحديد ساعات العمل اليومية في تلك المحال التجارية، التي لا يجب أن تتجاوز سبع أو ثماني ساعات على الأكثر؛ إذ إن في ذلك مراعاة للظروف الاجتماعية للعامل السعودي من جهة، وكذلك مراعاة للظروف المناخية، كما أن في ذلك ترشيدًا للهدر الاقتصادي الناتج من فتح الكثير من المحال التجارية طوال ساعات اليوم دون وجود حاجة ماسة لذلك (مثال: المكتبات، صالونات الحلاقة، محال المفروشات ومحال الجوالات.. إلخ).
3 - الحزم في تطبيق قرارات السعودة على تلك المحال التجارية، خاصة أن الوزارة ستحرص على إعطاء فترة زمنية مناسبة بين صدور تلك القرارات ومطالبة أصحاب تلك المحال بوضع تلك القرارات محلاً للتنفيذ الفعلي, خاصة أن العمل في تلك المحال لا يتطلب تأهيلاً علميًّا, كما أن العمل بها لا يحتاج سوى إلى جرعات تدريبية بسيطة.
لا أعلم ما الذي جعل وزارة العمل تقصر قرارها على محال بيع وصيانة الجوالات فقط، التي لن توفر أكثر من عشرين ألف فرصة عمل للسعوديين والسعوديات, وكان من الأجدى أن يكون هذا القرار شاملاً عددًا من محال التجزئة، مثل محال المكتبات, بيع المفروشات, بيع الأجهزة الإلكترونية, خدمات الطالب, محال بيع الملابس الرجالية, محال التصوير... إلخ؛ إذ سيوفر ذلك مئات الآلاف من فرص العمل للمواطنين والمواطنات في تلك المحال.
ختامًا:
بتاريخ 17/ 3/ 1423هـ نشرت صحيفة الجزيرة في صفحة «زمان الجزيرة» خبرًا سبق نشره في تاريخ 26/ 12/ 1384هـ. وقد تضمن الخبر ما يأتي: (طلب صاحب السمو الملكي أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز من وزير العمل والشؤون الاجتماعية الشيخ عبدالرحمن أباالخيل إقامة دورة عامة للتصوير؛ ليتمكن السعوديون من مزاولة مهنة التصوير؛ ليتم ترحيل الأجانب وإحلال السعوديين في أماكنهم).
تصوروا أن توجيه سمو أمير منطقة الرياض بسعودة محال التصوير قد جاء قبل 53 سنة، وعلى الرغم من ذلك لا نزال نشهد أن جميع العاملين في استوديوهات التصوير هم من غير السعوديين!!!!! فلماذا يحدث هذا؟
ثم بعد هذا كله أليس من حقنا أن نتساءل عن مدى جدية وزارة العمل هذه المرة في تنفيذ قرار سعودة محال الجوالات.


       الجزيرة في 21/3/2016م    العدد 15880

كفانا معاناة من استقدام العمالة المنزلية



مخالفة (بل جريمة) جديدة تمثل خيانة للوطن وللمواطن, جريمة اقترفها عدد من السماسرة السعوديين, والذين رصدتهم السفارة السعودية في نيبال مشكورة, يجمعون العاملات المنزليات بتكلفة تصل إلى (2000) ريال, ويقومون باستقدامها للمواطنين بمبالغ تتجاوز خمسة وعشرين ألفاً (25000) ريال, أي بنسبة ارتفاع تبلغ 1150%, وتتفاقم هذه الجريمة عندما نعلم أن من بين أفراد هذه المجموعة عدد من أعضاء اللجنة الوطنية للاستقدام، وهم ملاك عدد من المكاتب الوطنية للاستقدام, وقد عملت السفارة على إعادتهم للوطن.
ممارسات تلك المجموعة تكشف لنا السبب الحقيقي لمعاناة المواطنين من ملف استقدام العمالة المنزلية ليس من دولة نيبال فحسب وإنما من جميع الدول التي نستقدم العمالة منها.
نعم, إن معاناتنا كمواطنين ناتجة عن قيام أصحاب مكاتب استقدام وطنية ليسوا أهلاً للثقة لتمثيل المملكة في اللجنة الوطنية للاستقدام في ظل فشل وسلبية غير مبررة لوزارة العمل في إدارة ملف الاستقدام ليس لسنوات فقط وإنما لعقود زمنية, عانى فيها المجتمع السعودي الكثير من المعاناة بسبب الآلية التي تدار بها عملية استقدام العمالة المنزلية.
في الوقت الذي لا نجد فيه مثل تلك المعاناة لدى جميع شعوب الدول المحيطة بنا والمستوردة للعمالة المنزلية, فالمواطن السعودي هو الوحيد الذي يتوجب عليه الانتظار لقرابة السنة الكاملة حتى يحصل على سائق أو خادمة منزلية, والمواطن السعودي هو الوحيد الذي يتوجب عليه دفع أضعاف ما يدفعه المواطن في غالبية دول العالم عند استقدام العمالة المنزلية, والمواطن السعودي الوحيد الذي يقع فريسة لتلاعب وخداع الكثير من مكاتب الاستقدام ولسنوات طويلة دون تحريك ساكن من وزارة العمل على الرغم من تعدد الوزراء الذين تولوا قيادتها.
السؤال المطروح هنا: أين وزارة العمل؟ وأين مكتب العمل؟ وأين الجهات الرقابية المعنية بمكافحة الفساد عن انتشار مثل تلك المخالفات والجشع الذي يرتكبه الكثير من السماسرة ومكاتب الاستقدام ويقع ضحيته العامل وصاحب العمل على حد سواء؟. ثم كيف يسمح لمثل هؤلاء الأشخاص بتمثيل الوطن في مثل تلك اللجان الوطنية؟!.
سبق أن كتبت من خلال هذه الزاوية مقالين: الأول بعنوان: (معاناة الأسرة السعودية مع العاملة المنزلية) بتاريخ 27 /10 /2014م, والمقال الآخر بعنوان: (المتسببون في معاناتنا من العمالة المنزلية وضرورة محاسبتهم) بتاريخ 25 /5 /2015م, استعرضت فيهما مختلف أنواع الظلم الذي تعرضت له الكثير من الأسر السعودية بسبب ممارسات وتجاوزات من قبل بعض سماسرة ومكاتب الاستقدام وبعض أعضاء اللجنة الوطنية للاستقدام، في ظل سلبية غير مقبولة من وزارة العمل.
واذكر أنه بعد نشر تلك المقالات هاتفني أحد ملاك أكبر شركات الاستقدام، وهو أيضاً من الفاعلين في اللجنة الوطنية للاستقدام، وكان معترضاً على نقدي لمكاتب وشركات الاستقدام واللجنة الوطنية, وهددني بمقاضاتي على ما كتبت, فأكدت له بأن له الحق أن يرد علي في الصحف كما أن باب القضاء مفتوح, وليفعل ما يريد, ولكن لأن بيته من زجاج لم يتجرأ على قذفي بالحجر.
إنني أقترح في هذا الخصوص فتح الاستقدام للمواطن بالتعامل مباشرة مع مكاتب الاستقدام الخارجية لمن يرغب دون الرجوع أو التعامل مع مكاتب الاستقدام المحلية لا من قريب ولا من بعيد, ويتحقق ذلك من خلال منح الوكالات من كتابة العدل وتصديقها من مقام وزارة الخارجية وإرسالها لمكتب الاستقدام الخارجي في الدولة المراد الاستقدام منها كما كان معمول به في السابق, وهنا سيكون المردود المادي لوزارة الخارجية من تصديق الوكالات وليس لمكاتب الاستقدام المحلية التي سيطر عليها الجشع وغيرها من شريطية وسماسرة الاستقدام لدينا. كما اقترح منح المواطن التأشيرات للاستقدام عن طريق مكاتب الاستقدام بدول الخليج مباشرة دون وجود وسطاء محليين, وبنفس نظام التوكيل.
إن تبني هذه المقترحات سينعكس إيجاباً على المواطنين من خلال منع مكاتب وسماسرة الاستقدام لدينا من الاحتكار ورفع الأسعار, نظراً لتعدد البدائل والخيارات المتاحة للمواطن للمفاضلة بينها، الأمر الذي سيؤدي بتلك المكاتب إلى خفض تكلفة الاستقدام واختصار المدة الزمنية التي تستغرقها من أجل كسب رضى العميل وليس كما هو حاصل الآن.
ختاماً, اقترح تدخل الجهات العليا ودراسة مدى جدوى استمرار وزارة العمل في إدارة ملف الاستقدام, والتوجيه بالتحقيق في استمرار الوزارة طوال هذه العقود من الزمن دون إيجاد حلول جذرية لها, فهل جاء الوقت لكي نفكر في إيجاد هيئة عليا تتولى ملف الاستقدام وتدعم من قبل الدولة ويتولاها ويعمل فيها من يهمه مصلحة الوطن والمواطن وليس مصالحه الخاصة؟.


   الجزيرة   في 7/3/2016م   العدد 15866