ترجمة

رسوم بريدية غير مبررة

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 بتاريخ 14-9-2005م صرح معالي وزير الاتصالات وتقنية المعلومات رئيس مجلس إدارة (مؤسسة البريد السعودي) نافياً أي نية لرفع تعرفة الاشتراك في خدمة صناديق البريد مؤكداً معاليه أنه لن يكون هناك مساس بتلك الأسعار حيث تم تحديدها بـ 300 ريال لمدة ثلاث سنوات، وبمراجعتنا لأحد فروع البريد في مدينة الرياض لتجديد اشتراك صندوق البريد الخاص بأسرتي تم إفادتنا من قبل مدير ذلك الفرع بأن الرسم المحدد للتجديد هو 300 ريال للفرد الواحد فقط، أما إن كان لكافة أفراد الأسرة فإن التكلفة ستصبح 900 ريال، والتساؤل هنا يكمن في كيفية إقدام مؤسسة البريد على زيادة رسوم صندوق البريد ثلاثة أضعاف في الوقت الذي يؤكد فيه معالي رئيس مجلس إدارة المؤسسة أنه لن يكون هناك مساس بتعرفة أسعار صناديق البريد. وهل حصلت مؤسسة البريد على إذن من المقام السامي بتلك الزيادة أم أن مجلس إدارة المؤسسة قد أقرها من تلقاء نفسه، علماً بأن المجلس لا يملك الصلاحية النظامية بزيادة الرسوم. ثم كيف تقدم مؤسسة البريد على فرض تلك الزيادة الحادة غير المبررة على المواطن في الوقت الذي يتلمس المواطنون فيه تخفيضاً لبعض الرسوم المفروضة عليهم في ظل ما تنعم به مملكتنا - حفظها الله - من طفرة اقتصادية. ثم إذا كان توجه الكثير من الناس حالياً هو استخدام الهاتف والإنترنت سواء لسداد الفواتير أو غيرها من التعاملات البنكية والتجارية وكذلك الاجتماعية، فهذا يعني وجوب المنافسة من قبل مؤسسة البريد بخفض الرسوم وليس بزيادتها. ثم ما الخدمة المميزة التي تقدمها مؤسسة البريد حتى تتجرأ بمضاعفة رسوم صناديق البريد ثلاثة أضعاف، ألا يعلم منسوبو مؤسسة البريد أن البريد المحلي في المدينة نفسها يستغرق أسبوعاً كاملاً، ومن أراد أن يتأكد من ذلك فليطلب كشف حساب من البنك وسيتضح له أن المدة التي يستغرقها وصول ذلك الكشف من تاريخ ختم البنك وحتى وصوله هي أسبوع كامل، فعلى أي أساس اذاً أقدم منسوبو المؤسسة على مضاعفة رسوم الصناديق البريدية. ألا يعلم أهل البريد أن المدة الزمنية التي يستغرقها إرسال البريد في بلد كالولايات المتحدة الأمريكية من أقصى شرقها إلى أقصى غربها لا تستغرق أكثر من أربعة وعشرين ساعة؟!، وألا يعلم أهل البريد أن البريد المرسل داخل بريطانيا يصل في الغالب في اليوم نفسه حيث يتم توزيع البريد على المنازل يومياً مرتين؟!، ومع ذلك لا تفرض رسوم على صناديق البريد في تلك الدول، فلماذا إذا أقدم أهل البريد لدينا على مضاعفة رسوم الصناديق البريدية لثلاث مرات؟!!!. أنا على يقين من أن أهل البريد يعلمون أن خدمة إدخال الصناديق البريدية للمنازل هي خدمة معمول بها في معظم دول العالم مجاناً حيث لا تفرض معظم الدول رسوماً على الصناديق البريدية، وإنما تكتفي بفرض الرسوم على الطوابع البريدية.
في مؤتمر صحفي لمعالي وزير الاتصالات رئيس مجلس إدارة مؤسسة البريد السعودي ذكر معاليه أن وزارته تسعى إلى تخصيص جميع خدمات البريد نظراً لأهمية الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص في تقديم الخدمات البريدية، كما ذكر معالي رئيس مؤسسة البريد أن مشاركة القطاع الخاص في تقديم الخدمات البريدية ستؤدي إلى توفير ما قيمته أربعون مليون ريال من تكلفة التشغيل على المؤسسة، إلا أن أصحاب المعالي فات عليهم أن يذكروا أن أحد أهم ركائز تخصيص الخدمات الحكومية هو تقديم تلك الخدمات بأعلى جودة وأقل تكلفة. كيف يذكر معالي رئيس المؤسسة أن خصخصة الخدمات البريدية ستوفر أربعين مليونا للمؤسسة وتناسى معاليه أنها ستكلف المواطن ثلاثة أضعاف الرسوم المفروضة عليه، وإذا كان معاليه قد صرح بأن منهجية مؤسسة البريد السعودي تتمحور حول تعظيم الشراكة مع القطاع الخاص وإدماجه في المشاريع الاستراتيجية للمؤسسة، فإن على معاليه أن يدرك أن تلك المنهجية يجب أن تنطلق من خلال تقديم أفضل الخدمات البريدية للمواطن بأقل التكاليف.
20 / 2 / 2006م                عدد 12198

المجازر المرورية والقسوة مطلوبة يا أعضاء الشورى

د.محمد بن عبد العزيز الصالح
يخضع نظام المرور الجديد حالياً لمناقشات أعضاء مجلس الشورى سواءً على مستوى اللجنة الأمنية أو من خلال الجلسة العامة للمجلس، ويعلم الجميع أن الأنظمة واللوائح لا يتم احترامها إلا إذا كانت تتضمن العقوبات الرادعة والكفيلة بدفع من ستطبق عليهم تلك الأنظمة إلى احترامها، ولابد من الاعتراف بأن السبب الرئيسي لانتشار الحوادث المرورية لدينا والناتجة عن فوضى مرورية عارمة نتج عنها قتل الآلاف من الأبرياء إنما هو بسبب ضبابية وعدم فاعلية العقوبات التي يتضمنها النظام الحالي للمرور من جهة ناهيك عن عدم تطبيق تلك العقوبات على الجميع من جهة أخرى.
وما من شك أن الجميع ينتظر ما سيتضمنه النظام المروري الجديد الذي يتم مناقشته حالياً في مجلس الشورى من عقوبات رادعة وكفيلة بالحد من الاستنزاف اليومي لأرواح الأبرياء بسبب ما نشهده من حوادث مرورية.
إلا أن ما يجعلنا لا نتفاءل كثيراً بالدور الذي سيلعبه النظام الجديد للمرور في الحد من الحوادث المرورية هو تلك المرونة غير المبررة التي ينهجها بعض أعضاء لجنة الشؤون الأمنية في المجلس، حيث لا نجد ذلك التوجه الرادع في مشروع النظام الجديد، فكيف يتوقع أعضاء اللجنة الأمنية أن يكون النظام رادعاً إذا لم يتم تحديد العقوبات التي سيتم فرضها على مخالفي أحكام نظام المرور، نعم يجب أن يحدد في مواد النظام العقوبات المالية وعقوبة السجن ومصادرة السيارة، وذلك لكل مخالفة من المخالفات المرورية مهما كثرت أو تعددت، وفي حال حدوث مخالفة مرورية معينة لم يحدد لها عقوبة فهنا يمكن للمحكمة المرورية المختصة أن تستنبط العقوبة المناسبة، انطلاقاً مما ورد في النظام من عقوبات، ولذا فإننا لا نتفق مطلقاً مع توجه اللجنة الأمنية والراعي إلى ترك تحديد العقوبات ابتداءً للقضاء؛ بحجة إعطاء القاضي حرية تقدير الظروف المختلفة وتحديد العقوبات المناسبة، أما ما يدعيه رئيس اللجنة في قوله إن اللجنة قد تركت عقوبة السجن لتقدير القاضي بحجة أن ولي الأمر قد فوض تلك العقوبة للقضاء لتحديد ما يراه بشأنها، فهذا أمر غير مقبول على الإطلاق وعليه أن يدرك أن ولي الأمر عندما وجه بإحالة مشروع نظام المرور إلى مجلس الشورى لدراسته، فإن ولي الأمر لن يتوقع أن يغفل المجلس إدراج عقوبة رادعة كالسجن من نظام المرور بحجة أن ولي الأمر سبق أن فوض تطبيق مثل تلك العقوبة للقاضي، بل إن ولي الأمر يتوقع من مجلس الشورى أن يتضمن مشروع النظام الجديد كل العقوبات الكفيلة بوقف نزيف الحوادث المرورية التي أهلكت البشر لدينا. كما أنه ليس مقبولا من اللجنة الأمنية أن يأتي نظام المرور الجديد خالياً من عقوبة مصادرة السيارة؛ بحجة أن النظام الأساسي للحكم قد تضمن عدم جواز المصادرة إلا بحكم شرعي.
خلاصة القول إننا في الوقت الذي كنا نعتقد فيه أن أعضاء اللجنة الأمنية هم أكثر من يدرك الفوضى المرورية التي نعيشها وهم أكثر من يعلم بتلك الآلاف من الضحايا التي نشهدها سنوياً جراء ما نشهده من حوادث مرورية، ولذا فبدلاً من أن تطالب اللجنة بوضع كل العقوبات المتشددة في مشروع نظام المرور الجديد من غرامة وسجن ومصادرة، نجد أن اللجنة لم تتجاهل ذلك فحسب وإنما تصدت أيضاً لمطالبة بعض أعضاء مجلس الشورى المطالبين بذلك مثل ما طالب به فضيلة الشيخ عبد المحسن العبيكان.
الإخوة أعضاء المجلس، الجميع يتوقع منكم توجها واضحا ومتشددا فيما سيتضمنه مشروع نظام المرور الجديد من عقوبات، وعليكم أن تدركوا أن الفشل الذريع لكل الإدارات المرورية السابقة في الحد من الفوضى والحوادث المرورية إنما يعود إلى ضبابية وعدم وضوح العقوبات التي يتضمنها نظام المرور الحالي، ناهيك عن كونها عقوبات غير رادعة، وأرجو أن تضعوا في الاعتبار أن أعدادا من الحوادث المرورية لدينا سنوياً يفوق أعداد شهداء الانتفاضة الفلسطينية بعشرة أضعاف، حيث إن أعداد شهداء الانتفاضة السنوية تبلغ سبعمائة وخمسين شهيداً تقريباً في حين ان قتلى الحوادث المرورية لدينا يتجاوز الستمائة ضحية في الشهر الواحد.
وبالتالي فإن لم يتضمن مشروع النظام المروري الجديد الذي هو بين أيديكم حالياً عقوبات واضحة ومتشددة، فالرجاء ان نبقي على نظامنا الحالي، وتفتح أقسام الطوارئ في مستشفياتنا أبوابها لاستقبال المزيد من جرحى تلك الحروب المرورية الطاحنة الذين تتجاوز أعدادهم الثلاثين ألفا ما بين مصاب ومعوق، ولتفتح المقابر أبوابها لاستقبال المزيد من الضحايا الأبرياء، ولنفتح قبل ذلك قلوبنا للحزن واللوعة على فراق أحبابنا وأقاربنا.
14 / 2 / 2006م         عدد 12192