ترجمة

جامعاتنا بين أرقام الميزانية وتطلعات الرؤية

أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود «يحفظه الله»، ميزانية الخير للعام المالي 1438 /1439هـ, حيث جاءت متضمنة تخصيصا بحوالي 200 مليار ريال للتعليم، وهو ما يمثل 22% من حجم الميزانية, وإذا كان ذلك يعني حرص الدولة على الاستثمار في رأس المال البشري, فإن تخصيص تلك المليارات لقطاع التعليم يجعل القائمين على القطاع أمام تحديات كبيرة من أجل تحقيق تطلعات ولاة الأمر من خلال توجيه القطاع لتحقيق المضامين والرؤى التي أكدت عليها رؤية المملكة 2030.
وإزاء تلك التحديات، أمام القائمين على قطاع التعليم العالي, عكفت الوزارة وبمشاركة الجامعات خلال الفترة الماضية على إعداد مشروع نظام جديد للجامعات يأُخذ في الاعتبار التوجهات التي أقرها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية في رؤية 2030 حيث أخذ في مشروع النظام تحقيق الاستقلالية المناسبة للجامعات في الجوانب الأكاديمية والمالية والإدارية, كما تضمن المشروع التوجه للتركيز على التخصصات التقنية والنوعية التي تتوائم مع الاحتياجات التنموية للوطن، والعمل على الحد من التخصصات التي لا تتوائم مع حاجة السوق, كما تضمن المشروع الجديد لنظام الجامعات تفعيل تنمية الموارد المالية الذاتية للجامعة، من خلال التركيز على الأوقاف وكذلك تقديم الكثير من الدارسات والأبحاث والاستشارات والبرامج بمقابل مادي وذلك للقطاعين الحكومي والأهلي على حداً سواء, وما من شك أن قيام الجامعات بذلك إنما يعود بالفائدة الكبيرة على الجهات المستفيدة وكذلك على منسوبي الجامعات.
وعند الشروع في تطبيق المشروع الجديد للجامعات, سوف تجد الجامعات أن هناك أرضية نظامية تسمح لها بتفعيل التعاون والدخول في شراكات استثمارية مع مؤسسات وشركات القطاع الخاص، وذلك بما يعود بالفائدة على تفعيل استثمارات الجامعة, كما ستجد الجامعات نفسها عند تطبيق مشروع النظام قادرة على الحد من الإنفاق وترشيد الهدر، وذلك بما يتوائم مع توجهات رؤية 2030.
وقد جاءت إعلان الميزانية للدولة متزامنه مع ربط ملف التعليم التقني بوزارة التعليم, وهو ما يمثل تحدي كبير أمام الوزارة والجامعات, ويتطلب منها العمل على إعادة هيكلة الكليات والمعاهد التقنية والرفع من مستوى البرامج التي تقدمها حتى يتم التمكن من إعادة الثقة لمخرجات تلك الكليات والمعاهد والتوسع في إنشائها بحيث تتمكن من استيعاب أعداد أكبر من خريجي التعليم العام.
ختاماً, ما تم تخصيصه من مليارات لقطاع التعليم ليس بالأمر المستغرب على حكومتنا حفظها الله, فهذا هو ديدن ولاة الأمر حفظهم الله منذ عهد المؤسس رحمة الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن وحتى يومنا الحاضر بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن نايف وولي ولي عهده الأمير محمد بن سلمان ـ حفظهم الله ـ, وأنا على يقين بأن رجالات التعليم بالوزارة والجامعات بقيادة معالي وزير التعليم الدكتور أحمد بن محمد العيسى قادرين على السير بهذا القطاع خلال المرحلة الانتقالية من نجاح إلى آخر, وبما يحقق كافة التطلعات التي تضمنتها رؤية 2030.
 
الجزيرة في 26/12/2016م العدد 16160

هيئة الاتصالات وعقوبة التشهير


أعلنت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات مؤخراً توجهها إلى نشر المخالفات التي ترتكبها شركات الاتصالات, وعدم اقتصارها على فرض الغرامات على تلك الشركات فحسب وإنما التشهير بذلك أيضاً, وذلك نظراً لإيمان أصحاب القرار بالهيئة بالآثار الايجابية التي ستعود على المشتركين من خلال حرص كل شركة بعدم المساس بحقوق عملائها وبالتالي عدم مخالفة نظام الاتصالات طالما إن تلك العقوبة ستنتشر وإن الشركة المخالفة سيتم التشهير بها.
ومع هذا التوجه المحمود لهيئة الاتصالات بتطبيق عقوبة التشهير بشركات الاتصالات المخالفة, أود أطرح عدد من المرئيات:
- إن عقوبة التشهير مطبقة في غالبية دول العالم, ففي كوريا مثلاً يتم التشهير بأسماء المخالفين من المؤسسات والشركات وكذلك الأفراد المرتكبين لمختلف المخالفات والجرائم غير الأخلاقية والتي تلحق أضراراً بالإفراد والمجتمع, كما يتم نشر أسماء تلك المؤسسات والشركات والتشهير بهم على موقع حكومي شهير على شبكة الانترنت, إضافة إلى نشر أسماء تلك المؤسسات والشركات المخالفة في مختلف المكاتب الحكومية في ستة عشر مدينة كورية, وقد صدر بيان عن مكتب رئيس الوزراء الكوري يفيد أن نشر أسماء تلك المؤسسات والشركات المخالفة سيسهم في الحد من ارتكاب تلك المخالفات.
- ما من شك أن توجه هيئة الاتصالات للتشهير بشركات الاتصالات المخالفة ونشر أسمائها سينعكس إيجاباً من خلال ارتياح المشتركين من عزم الهيئة الجاد في حماية حقوقهم في مواجهة بعض شركات الاتصالات المتجاوزة, كما أن هذا التوجه للهيئة سيدفع بشركات الاتصالات لمزيد من الحرص على الحفاظ على حقوق المشتركين وتقديم الخدمة لهم بالجودة المناسبة وذلك حرصاً على المحافظة على سمعتهم, وباختصار فإن توجه هيئة الاتصالات بالتشهير بالشركات المخالفة والمقصره يعني الإعلان الصريح لتوجه الهيئة إلى التشدد في حماية حقوق المشتركين في مواجهة بعض شركات الاتصالات المتجاوزة.
- إن توجه هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات في التشهير بشركات الاتصالات المخالفة إنما يعد خطوة ايجابية, وذلك نتيجة للنجاح الملحوظ الذي حققته كل من وزارة الداخلية في تطبيقها لعقوبة التشهير بالمخالفين في قضايا التزوير, وكذلك امتداد لنجاح وزارة التجارة والتي طبقت عقوبة التشهير بحق كل من يحرر شيكاً بدون رصيد, وكذلك في بعض قضايا الغش التجاري وفي الوقت الذي نبارك لهيئة الاتصالات هذا التميز في تطبيق عقوبة التشهير بحق بعض شركات الاتصالات المخالفة, فإنني أحث بقية أجهزة الدولة الأخرى بالاستعجال في تطبيق عقوبة التشهير بحق جميع المؤسسات والشركات التي تعمل معها وتقدم على مخالفات وجرائم تلحق الضرر بالمواطنين خاصة وإن عقوبة التشهير لها مفعولها الواضح في مثل مجتمعنا, وأجزم بأن عقوبة التشهير من خلال نشر أسماء المؤسسات والشركات المخالفة له مفعوله الذي يفوق مفعول الغرامات المالية المطبقة بحق تلك الشركات.
- من الأهمية الإشارة إلى أن شريعتنا الإسلامية قد أجازت عقوبة التشهير, ويتضح ذلك من خلال عدد من الأدلة في القرآن الكريم والسنة المطهرة حيث يقول الله تعالي في محكم كتابة: (وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين), إضافة إلى ذلك, فإن عددا من الأنظمة لدينا تضمنت النص على عقوبة التشهير مثل نظام التزوير ونظام مكافحة الرشوة ونظام الأوراق التجارية ونظام الغش التجاري.


        الجزيرة العدد 16146   في 12/12/2016م