ترجمة

القضاء على البطالة يبدأ بمحلات التجزئة

                        

د. محمد عبد العزيز الصالح

في أعقاب توجيهات خادم الحرمين الشريفين بالقضاء على البطالة، وتوجيه الأجهزة ذات العلاقة بالعمل على إحلال العمالة الوطنية بدلاً من العمالة الأجنبية، تعهد وزير العمل المهندس عادل فقيه، بتبني وزارته لمشروع جديد يضمن توظيف مليون شاب في قطاع التجزئة وذلك حتى عام 2020م، وليسمح لي معالي الوزير أن أعلق على هذا التوجه لوزارة العمل بما يلي:       
- هل ستتعهد وزارة العمل بتنفيذ هذا التوجه على أرض الواقع، أم أنه لن يتجاوز كونه حبراً على ورق على غرار الكثير من الوعود السابقة، فقرار السعوده الشهير رقم (50) والصادر قبل أكثر من خمسة عشر عاماً، لم يحرك ساكناً بمباركة كافة الأجهزة ذات العلاقة، وقبل عشر سنوات (1421هـ)، بادرت أمانة منطقة الرياض بتنفيذ توجيهات سمو الأمير نايف بإلزام أصحاب البقالات وغيرها الكثير من محلات التجزئة حيث ألزمت أصحاب تلك المحلات بالتوقيع على تعهد خطي بسعودة جميع العاملين في تلك المحلات، وكذلك التوقيع على علمهم بالعقوبة التي ستوقع بحق المخالف منهم والمتمثلة في إغلاق المحل وترحيل العامل الأجنبي على حسابه الخاص، وعلى الرغم من كل ذلك، فالملاحظ أن السعودة في تلك المحلات لم تتحرك خطوة للأمام.            
وفي عام 1427هـ أوضحت وزارة العمل أنها عاقدة العزم على قصر أعمال البيع على السعوديين في (25) نشاطاً، وأن الوزارة قد حددت مهلة زمنية لتطبيق القرار انتهت في 1-1-1428هـ، وعلى الرغم من كل ذلك ما زالت تلك المحلات تعج بالعمالة من مختلف الجنسيات فيما عدا السعودية منها.   
والسؤال المطروح هنا: إذا كان وزير العمل عاقداً العزم على وضع هذا التعهد محلاً للتنفيذ الفعلي، فإن على معاليه أن يدرك بأن هناك عدداً من الجوانب التي يتوجب وضعها في الاعتبار ومنها:           
1 - أن يتم تحديد الحد الأدنى لأجر العامل السعودي في تلك المحلات بما لا يقل عن (4000) ريال، وأن يوضع في الاعتبار مدى قدرة أصحاب تلك المحلات على دفع الأجرة المناسبة للعمل، وأن يسهم صندوق تنمية الموارد البشرية بنسبة 50% على الأقل من رواتب العاملين السعوديين.           
2 - أن يتم تحديد ساعات العمل اليومية في تلك المحلات التجارية الصغيرة، التي لا يجب أن تتجاوز ثماني ساعات على الأكثر، حيث إن في ذلك مراعاة للظروف الاجتماعية للعامل السعودي من جهة، وكذلك مراعاة للظروف المناخية، كما أن في ذلك ترشيداً للهدر الاقتصادي الناتج عن فتح الكثير من المحلات التجارية طوال ساعات اليوم دون وجود حاجة ماسة لذلك (مثال: المكتبات، صالونات الحلاقة، محلات المفروشات،..إلخ)، فالملاحظ أن ساعات العمل في غالبية محلات التجزئة بالمملكة تمتد لمعظم ساعات اليوم (من 8 صباحاً وحتى 12.30 ظهراً ومن 4 عصراً وحتى 11 مساءً)، في حين أن الساعات المحددة لتلك المحلات في معظم دول العالم لا تتجاوز الثماني ساعات يومياً وعلى فترة واحدة (10 صباحاً حتى 6 مساءً)، ويتخللها ساعة للراحة.            
3 - إذا كانت أعداد العمالة الأجنبية في المملكة تتجاوز السبعة ملايين عامل أجنبي، فإن غالبية تلك العمالة إنما تتركز في محلات التجزئة التي لا تتطلب إلى خبرات طويلة أو مهارات عالية، وبالتالي فإن أصحاب تلك المحلات لن يكون بمقدورهم رفض توظيف العمالة السعودية لانعدام الخبرة أو المهارة اللازمة.            
4 - أن وزارة العمل لن يكون بمقدورها بمفردها تنفيذ مثل هذا القرار، مما يعني أهمية مشاركة كافة الجهات ذات العلاقة كالداخلية وغيرها.            
معالي الوزير، أؤكد لمعاليكم بأهمية أن تكون العقوبة المقررة بحق من لا ينفذ القرار صارمة، حتى لو لزم الأمر استصدار قرار من مجلس الوزراء بتلك العقوبة، وقد يوافقني معاليكم الرأي بأن العقوبة الأنسب والكفيلة بنجاح تطبيق هذا القرار هي إقفال المحل التجاري لمدة ثلاثة أشهر في حال تواجد العمالة الأجنبية في المحل، وفي حال تكرارها تكون العقوبة ستة أشهر، وفي حال تكرارها يقفل المحل نهائياً.


14/3/2011م    العدد  14046

البطالة الهم الأكبر لخادم الحرمين

                           

د. محمد عبد العزيز الصالح

عندما ذكر سمو النائب الثاني الأمير نايف بن عبدالعزيز بأن خادم الحرمين الشريفين سيعود ومعه خير كثير، فإن سموه كان يعني ما يقول. لقد بلغت جملة الحوافز التي وجه خادم الحرمين الشريفين بها أكثر من 120 مليار ريال، وهو ما يعادل 25% تقريباً من حجم ميزانية الدولة، وأن ما يميز تلك الحوافز أنها موجه لدعم المواطن السعودي في عدد من الملفات الهامة التي يحتاجها، كملف البطالة والإسكان والتعليم وغلاء المعيشة وغيرها.   
ويأتي ملف البطالة كأحد أهم الملفات التي تحوز على اهتمام خادم الحرمين الشريفين، حيث وجه بحزمة من المحفزات الكفيلة بالقضاء على البطالة وإيجاد فرص عمل شريفة للمواطنين والمواطنات، حيث قال - حفظه الله: (إن مشكلة البطالة التي يعاني منها أبناؤنا وبناتنا تأخذ الحيز الأكبر من اهتمامنا....).    
وإذا كان الحل العاجل الذي وجه به خادم الحرمين الشريفين يتمثل في تقديم إعانة مالية مؤقتة للشباب الباحث عن العمل، فإنه - حفظه الله - قد وجه وزارة العمل بالقيام خلال 3 أشهر بإعداد دراسة متكاملة يدعم برنامج السعودة والرفع بذلك لخادم الحرمين الشريفين. فإنني ومن خلال هذه الزاوية أود التأكيد على معالي وزير العمل بأنه لن يحتاج لأكثر من شهر واحد لإنجاز المهمة والرفع بالمطلوب من وزارته لمقام خادم الحرمين الشريفين، وأن على وزير العمل أن يدرك بأن وزارته لا تحتاج إلى القيام بمزيد من الدراسات، وليعلم معاليه بأن قضايا البطالة والسعودة وتوطين الوظائف من أكثر القضايا التي عقدت من أجلها عشرات المؤتمرات والندوات، ومن أجلها أُعدت مئات الدراسات وأوراق العمل والتي -للأسف- ظلت حبيسة الرفوف دون تفعيل، بل إنني أؤكد لمعاليه بأنه لا يوجد قضية صدرت فيها العشرات من القرارات والتوجيهات ومن أعلى المجالس في الدولة مثل قضية البطالة والسعودة، إلا أنها -وللأسف الشديد- لم تنفذ، مما ترتب على ذلك تضخم أعداد العمالة الأجنبية في المملكة، وكذلك تزايد أعداد العاطلين عن العمل من الشباب السعودي المؤهل وغير المؤهل.       
وما من شك فإن معالي وزير العمل هو خير من يدرك مدى خطورة ذلك ليس على المستوى الاقتصادي فحسب وإنما على مختلف الجوانب الاجتماعية والأمنية والأسرية، بل إن تضخم أعداد البطالة من السعوديين وتجاوز أعداد العمالة الأجنبية غير المؤهلة في معظمها، هو ما جعل خادم الحرمين الشريفين يؤكد بأن هذه القضايا تأخذ الخير الأكبر من اهتمامه - حفظه الله.   
وبكل تأكيد، فإنه لا يمكن لوزارة العمل بمفردها أن تتمكن من معالجة قضايا البطالة والسعودة بمفردها، حيث لا بد من تكاتف جهود الأجهزة ذات العلاقة كافة، كوزارة الداخلية، والخارجية والعمل وغيرها.       
إذاً ليس مطلوباً من وزير العمل أن يعد دراسة مطولة تضاف لعشرات الدراسات السابقة، ولكن ما هو مطلوب منه أن يكلف فريقاً من الكفاءات من المختصين من وزارته ومن غيرها من الأجهزة ذات العلاقة، بحيث يقوم هذا الفريق باستعراض مئات الدراسات وأوراق العمل التي سبق تقديمها. وأؤكد لمعاليه بأنه سيجد في تلك الدراسات كل التوصيات والحلول الكفيلة بتحقيق تطلعات خادم الحرمين الشريفين بالقضاء على البطالة وتوفير فرص العمل الشريفة للمواطنين، وما على معاليه سوى اختيار المناسب من تلك التوصيات والمقترحات والرفع بالآليات الكفيلة بتنفيذ تلك التوصيات على أرض الواقع، مع أهمية اقتراح العقوبات الكفيلة باحترام وتنفيذ كل حل أو توصية من تلك التوصيات.

 

7/3/2011م           العدد  14039