ترجمة

انتبهوا.. قضى علينا الجوال

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 إنني أتساءل عن السبب الذي يجعل أعداد الحوادث المرورية في تزايد، على الرغم من تحسن الوعي المروري؟ الإجابة بكل بساطة هي استخدام الجوال أثناء قيادة السيارة فهذا السائق يجري اتصالاً هاتفياً والسائق الآخر منشغل بقراءة رسالة هاتفية، وسائق آخر لا يعيد برمجة هاتفه أو تخزين أرقام جديدة إلا أثناء القيادة فماذا عن النتيجة؟ النتيجة أننا حققنا أرقاماً قياسية في أعداد المصابين وقتلى الحوادث المرورية.
كشفت بعض الدراسات المرورية أن استخدام الجوال أثناء القيادة يمثل 50% من أسباب الحوادث المميتة، كما أن استخدام الهاتف الجوال أثناء القيادة يضاعف نسبة وقوع الحادث بنسبة 400%، كما أوضحت أن المعدل السنوي للوفيات بسبب الحوادث حوالي عشرين ألف حالة وفاة (20.000) في موقع الحادث وفي المستشفى وهو أعلى المعدلات بالمقارنة العالمية، كما سبق أن أوضح مدير عام المرور بأن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الحوادث المرورية في المملكة تقدر بنحو 13 مليار ريال سنوياً، وما من شك أن هناك علاقة مباشرة بين استخدام الجوال والحوادث المرورية.
إنني على يقين بأن احترام النظام الجديد للمرور سيكون مرهونا بمدى إقرار عقوبات رادعة كفيلة باحترامه، وعلينا أن ندرك بأن الفشل الذريع لكافة الإدارات المرورية السابقة يعود إلى كون العقوبات التي كانت مقررة غير رادعة.
وإذا كنا قد استبشرنا خيراً بصدور النظام الجديد للمرور، وأن النظام قد أناط بوزارة الداخلية بوضع العقوبة المرورية المناسبة على كل مخالف يلحق الضرر بالآخرين، بحيث لا تزيد العقوبة عن السجن مدة سنة وبغرامة مالية لا تزيد على عشرة آلاف ريال قرأنا وصرح مرور الرياض بأن عدد مخالفات استخدام الجوال أثناء القيادة في مدينة الرياض خلال 4 أشهر فقط تبلغ (37.000) مخالفة، إلا أننا صدمنا وأحبطنا عندما ذكر سعادته بأن مخالفة استخدام الهاتف الجوال أثناء القيادة قدرها (150) ريالا فقط.
فكيف يمكن أن يكون مقدار المخالفة على استخدام الهاتف الجوال مائة وخمسين ريالاً فقط في الوقت الذي نجد فيه أن مقدار مخالفة عدم ربط حزام الأمان مائة ريال، خاصة إذا ما أخذنا في الاعتبار الضرر الكبير الذي يمكن إلحاقه بالغير عند استخدام الهاتف الجوال أثناء القيادة، في حين أن أضرار عدم ربط الحزام تقتصر على نفس السائق فقط دون الغير.
خلاصة الحديث، الأوضاع المرورية لدينا لا تزال محبطة وتحتاج إلى انتشال، وأعداد ضحايا الحوادث المرورية لا تزال ضخمة، وقد لا تتعدل تلك الأوضاع ما لم يتم إقرار عقوبات رادعة، وما لم يتم تنفيذ تلك العقوبات، وما لم يتم تثقيف رجال المرور بما لهم من حقوق وما عليهم من التزامات تجاه سائقي المركبات، فما لم يتم كل ذلك، فلتفتح أقسام الطوارئ في مستشفياتنا أبوابها لاستقبال المزيد من جرحى تلك (الحروب) المرورية الطاحنة والذين تجاوز عددهم الثلاثين ألفاً ما بين مصاب ومعاق، ولتفتح المقابر أبوابها لاستقبال المزيد من الضحايا الأبرياء، ولتفتح قبل ذلك قلوبنا للحزن واللوعة على فراق أحبابنا وأقاربنا.
 
17 / 11 / 2008م                   عدد 13199

أبعاد اقتصادية للأحياء العشوائية في مكة والمدينة

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 تقلقني كثيرا حال تلك الأحياء العشوائية في أغلى بقعتين في بلادنا الحبيبة بل في العالم أجمع (مكة والمدينة)، وبخاصة أن تلك الأحياء قد تستخدم - لا قدر الله - كمخلب قط لمن تسول له نفسه الإضرار بهذا البلد الكريم، والحاقدون علينا كثر سواء من داخل المنطقة العربية أو من خارجها.
في اعتقادي، أن هناك العديد من المخاطر الأمنية والصحية والاقتصادية والاجتماعية التي يتكبدها وطننا الغالي من جراء استمرار تلك الأحياء العشوائية، وتكاثر ساكنيها، فالجميع يعلم ما يعانيه ساكنو تلك الأحياء من أحوال اقتصادية ومعيشية متدنية مما يجعلها عرضة لمختلف أنواع الأمراض كالإيدز وأمراض الكبد الوبائي وغيرها من الأمراض، كما أن تدني مستوى التعليم لساكني تلك الأحياء قد يدفعها للمشاركة في مختلف أنواع الجريمة كجرائم تزوير العملة وجرائم الدعارة وجرائم السرقة وغيرها، إضافة لذلك فإن بقاء ساكني تلك الأحياء العشوائية بدون هوية يعني عدم توافر سجلات لهم وهو ما يمثل هاجس مقلق لأجهزة الأمن في المملكة، و أخيرا فإن الهاجس الأهم والخطر الأكبر - في نظري - هو إمكانية استخدام تلك الفئة في يوم من الأيام كورقة ضغط من قبل بعض الجهات الحاقدة على المملكة، ومما يزيد الأمر خطورة وجود تلك الفئة بأعداد كبيرة بالقرب من الحرمين الشريفين.
إن وقوفنا مكتوفي الأيدي طيلة هذه العقود دون علاج لوضع هذه الفئة في ظل تكاثرهم وتوالدهم قد لا يتفق مع المستقبل الأمني الذي تحرص عليه الدولة لمكة المكرمة والمدينة المنورة، كما أن من الأسباب الداعية إلى الإسراع في حل المشكلة هو توجه الدولة لتوسيع نشاط العمرة وفتح المجال لملايين المسلمين، والتوسع في المشاريع العملاقة في المنطقة المركزية في المدينتين المقدستين، فقد لا يكون من المناسب تواجد تلك الأحياء العشوائية الخطرة وسط تلك المشاريع العملاقة التي أنشأتها حكومتنا الرشيدة - حفظها الله -، ومما يزيد الأمر سوءا أنه قد أصبح لدى قاطني تلك الأحياء العشوائية تنظيمات وتشكيلات اجتماعية مغايرة للمجتمع السعودي، وبرامج تعليمية خاصة بهم، وأسواق وأماكن لأفراحهم وأتراحهم، وأصبح السعودي فيها غريب الوجه واللسان.
وطالما أن الدولة تعيش حاليا ولله الحمد رخاء اقتصاديا، فإنني أقترح بحث مسألة تنظيف المدينتين المقدستين من تلك التجمعات العشوائية الموبوءة وذلك من خلال إنشاء ضواحي معتمدة من البلدية على أطراف مكة المكرمة والمدينة المنورة أو خارجها تتولى الإشراف عليها وزارة الشؤون البلدية والقروية بحيث يكون السكن متوفر حينما تزال تلك الأحياء العشوائية.
وتزامنا مع العلاج الداخلي لهذه الفئة، فقد ترى الدولة - أعزها الله - استمرار التحرك في الجانب السياسي المتمثل في التواصل مع السلطات الرسمية للدول التي ينتمي إليها ساكنو تلك الأحياء العشوائية، وقد يكون من المناسب توجيه مجلس الغرف التجارية السعودية لبحث إمكانية توجيه الشركات السعودية العملاقة لإنشاء مشاريع اقتصادية كبيرة في الدول التي ينتمي إليها ساكني تلك الأحياء العشوائية واستخدام ذلك كورقة اقتصادية من أجل تليين موقف حكومات تلك الدول تجاه هذه القضية.
ختاما، أدرك بأن الدولة - رعاها الله - تحمل هم هذه القضية والمتمثلة في الأحياء العشوائية التي أصبحت ملاذا ومأوى لتلك الفئة من مجهولي الهوية، كما نعلم أن الدولة قائمة على البحث عن أفضل السبل لحل هذه الإشكالية، ومن هذا المنطلق وددت أن أدلي بدلوي من حيث طرح ما أراه ملائم وهو بمثابة الأمانة في الرأي تجاه وطننا الحبيب.
10 / 11 / 2008م           عدد 13192
 

كفى.. فقد تجاوزت طيبتنا الحدود

 
د. محمد بن عبد العزيز الصالح
نشرت صحيفة الجزيرة خبراً مفاده أن شرطة الرياض قد كشفت عن مستثمر أجنبي يمارس الغش التجاري في صناعة حديد البناء (8) ملليمتر بعد فحصه من قِبل مختبر وزارة التجارة، الذي أكد إضافة مواد مغشوشة. وأنا أقرأ هذا الخبر تساءلتُ عن المقصود بجريمة الغش في الحديد، وعن السبب الذي جعل ذلك المستثمر الباكستاني يتجرأ ويدير مصنعاً في جنوب الرياض يمارس الغش التجاري في صناعة الحديد، وتساءلت أيضاً عن مصير ذلك التاجر الذي تم كشفه من قِبل وزارة التجارة قبل حوالي الشهرين عندما تعمد تخزين كميات كبيرة من الحديد؛ ما أسهم في شح المعروض منه ومن ثم ارتفاع تكلفته على المواطن حتى بلغ سعر الطن حوالي (600) ريال بزيادة تبلغ حوالي (200%)، كما تساءلت عن حجم العقوبة التي ستطبق في حق هذا المستثمر الباكستاني الذي تجرأ وضخ كميات من الحديد المغشوش.
ولتسمحوا لي أعزائي القراء أن أجتهد وأضع ما أرى مناسبته من أجوبة على ما طرحته من تساؤلات.
أما ما يتعلق بالمقصود من جريمة الغش في صناعة الحديد فيعني في ظني قيام ذلك المستثمر (بل المجرم) بخلط مادة الحديد بمواد مغشوشة ثقيلة الوزن ضئيلة التكلفة؛ ما يعني تضخم الأرباح المحققة للمستثمر على حساب سلامة المواطن، وإذا ما علمنا بكثرة استخدامات الحديد في بناء المنازل والمشاريع الحيوية؛ ما يعني احتمالية سقوط تلك المباني والمنازل على رؤوس أصحابها نتيجة لعدم تحمُّل الحديد المغشوش حمل تلك المباني، وللمعلومية فإن ما يحدث في بعض الدول من سقوط منزل وأبنية راح ضحيتها الكثير من الأبرياء إنما هو بسبب ممارسات الغش في صناعة الحديد المستخدم في بناء تلك الأبنية.
أما بالنسبة إلى السبب الذي جعل ذلك المستثمر الباكستاني يتجرأ بالغش في صناعة حديد سيبيعه علينا في أسواقنا لنستخدمه في بناء أبنية ومنازل ستقع فوق رؤوسنا، فالمثل يقول (مَنْ أَمِن العقوبة تمادى في الجرم)، نعم فلو طبقنا عقوبات رادعة وقاسية بحق كل مَنْ يرتكب مثل هذا الجرم لما أقدم ذلك المستثمر ولا غيره في ارتكاب مثل تلك الجرائم التي لن يدفع ثمنها سوى نحن بسبب طيبتنا من جهة وإهمال الأجهزة ذات العلاقة في تطبيق العقوبات الرادعة من جهة أخرى.
أما ما يتعلق بمصير تاجر الحديد الذي كشفته وزارة التجارة قبل شهرين، والذي قام باحتكار وتخزين الحديد حتى شح تسويقه في السوق فارتفع سعره ليصل إلى قرابة الستة آلاف ريال، فالسؤال يوجه إلى وزارة التجارة، وإن كنت على يقين بأنه لم يطبق بحقه سوى عقوبات مشجعة له ولغيره من عديمي الذمم بارتكاب مختلف جرائم الاحتكار والغش التجاري التي لن يدفع ثمنها سوى المواطن.
أما ما يتعلق بالعقوبة المتوقع تطبيقها بحق هذا المستثمر الباكستاني الذي غش في تصنيعه للحديد، فإنني أؤكد لكم أن عقوبته لن تتجاوز الغرامة المالية التي لن يتجاوز حجمها نسبة قليلة من الأرباح التي حققها من تسويقه للحديد المغشوش، إضافة إلى تسفيره من المملكة نهائياً، ولكن صدقوني سنراه عائداً إلى المملكة خلال أسابيع وبجواز سفر آخر حتى يواصل غشه ومسلسله الإجرامي في أسواقنا؛ ولذا صدقوني فإننا نستحق ما يلحق بنا من أضرار طالما أن طيبتنا (إن لم تكن سذاجتنا) قد تجاوزت الحدود.
3 / 11 /2008م           عدد 13185