ترجمة

ملايين فرص العمل المتاحة في محلات التجزئة



د. محمد بن عبدالعزيز الصالح

ما من شك أن الموقف الحازم والجاد الذي تسلكه الدولة - حفظها الله - بحق العمالة الأجنبية غير النظامية بعد انتهاء فترة التصحيح المحددة لها, سينعكس إيجاباً على الكثير من القطاعات والأنشطة الاقتصادية. وما من شك أن قطاع محلات التجزئة يأتي في مقدمة تلك القطاعات التي يمكن أن تحقق لاقتصادنا الوطني كسباً ملحوظاً سواء من خلال توفير فرص العمل للسعوديين أو من خلال إيجاد الفرص الاستثمارية لهم في تلك المحلات التجارية.
في مقال اليوم, سأتحدث عن فرص العمل التي أصبحت متاحة للسعوديين في محلات التجزئه, وسأتناول الفرص الاستثمارية المتاحة حالياً لشبابنا في هذا القطاع في زاوية الأسبوع القادم.
انتهاء فترة التصحيح سيترتب عليها هجرة مئات الآلاف من العمالة الأجنبية وتركها لمحلات التجزئه, وتقدر أعداد تلك العمالة الأجنبية في محلات التجزئه بأكثر من (3) ملايين عامل تشكل ما نسبته (80%) تقريباً من إجمالي العاملين في تلك المحلات, وهو ما يعني إتاحة الفرصة لشباب وفتيات هذا الوطن لشغل مئات الآلاف من فرص العمل المتاحة في هذا القطاع, ومن الأهمية أن نوضح هنا بأن طبيعة العمل في تلك المحلات لا تحتاج لمؤهلات علمية عالية أو تدريب تقني متخصص, بل إن غالبية العمالة الأجنبية المسيطرة على تلك المحلات هي من العمالة الأجنبية الجاهلة غير المدربة.
ولكي ننجح في إشغال تلك الآلاف من فرص العمل المتاحة في قطاع التجزئة بالعمالة الوطنية, من الأهمية أن يوضع في الاعتبار ما يلي:
-سبق أن حددت وزارة العمل الحد الأدنى للأجور بمبلغ (3000) ريال, وأعتقد أننا في حاجة إلى رفع الحد الأدنى إلى أكثر من ذلك خصوصاً في المحلات ذات رؤوس الأموال الكبيرة والتي تحقق ربحية عالية, وفي ظني أننا قادرون على معرفة رؤوس أموال وربحية جميع المحلات التجارية إذا ما أردنا ذلك.
-على وزارة العمل المسارعة بالرفع للمقام السامي لإقرار تحديد عدد ساعات العمل اليومي والأسبوعي في تلك المحلات. فالعامل أو العاملة السعودية لديهم الكثير من الالتزامات الأسرية والاجتماعية والتي لا تمكنهم من البقاء طوال ساعات اليوم في المتجر أو المحل الذي يعمل فيه. واقترح هنا أن لا تتجاوز ساعات العمل اليومي فيها عن (8) ساعات بحيث تكون على فترتين (9-12 صباح) و(4-9 مساء) أو لفترة واحدة بحسب طبيعة النشاط التجاري, وسيترتب على ذلك الحد من الهدر الاقتصادي الناتج عن فتح تلك المحلات طوال ساعات اليوم وحتى منتصف الليل دون وجود الحاجة لذلك في معظم المحلات التجارية. مع دراسة إمكانية التفرقة بين طبيعة المحال التجارية, فليس بالضرورة أن تقفل جميعها في ساعة واحدة محددة, ومع إمكانية استثناء بعض أسواق مكة المكرمة والمدينة المنورة في المناطق المركزية للحرمين من هذا التنظيم.
-على وزارة العمل المسارعة بالرفع للمقام السامي لإقرار يوم الجمعة كإجازة إجبارية لغالبية العاملين في تلك المحلات التجارية مراعاة للظروف الأسرية والاجتماعية للعمالة السعودية.
-من الأهمية أن يسيطر الفكر التجاري الاحترافي عند التجار السعوديين أصحاب تلك المحلات التجارية, وذلك من خلال التعامل مع العامل السعودي على أنه شريك له في المحل وليس مجرد عامل, ويكون ذلك بتخصيص ما نسبته (2) إلى (5%) أو حتى (10%) من صافي الربح الذي يحققه المحل للعامل بالإضافة لراتبه الشهري حيث سيدفع ذلك العامل إلى مزيد من الجد والإخلاص والحرص على رفع ربحية المحل, مما يعني مزيد من الدخل لصاحب المتجر وللعامل على حد سواء.
ختاماً, كلمة لإخواني وأخواتي الشباب والفتيات السعوديين الباحثين عن فرص عمل, انتهاء فترة التصحيح تمثل فرصاً ذهبية للحصول على فرص العمل الشريفة لكم دون مزاحمة العمالة الأجنبية التي كانت تمثل عائقاً أمامكم, وعليكم اغتنام هذه الفرصة والحرص على مخافة الله والتمسك بأخلاقيات العمل حتى تكسبوا ثقة من ستعملون لديه من أصحاب المحلات التجارية.
  الجزيرة / في 18/11/2013م    العدد 15026

استئجار المقرات الحكومية: هدر وضياع للمال العام


د. محمد بن عبد العزيز الصالح

على الرغم من توفر السيولة المالية اللازمة في ميزانية الدولة خلال السنوات الماضية, حيث يتم تقدير الميزانية على أساس سعر برميل البترول بستين دولارًا، في حين أن السعر الحقيقي لم يقل عن المائة دولار.
وعلى الرغم من التوجيهات الكريمة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ـ يحفظه الله ـ بتوفير السيولة التي تحتاجها كافة الاجهزة الحكومية, خاصة إذا كانت السيولة ستوجه لبناء البنية التحتية والمشاريع التي تحتاجها صناعة وبناء التنمية السعودية.
وعلى الرغم من ما تمثله سياسة استئجار المباني والمقرات والتي لا زالت مسيطره على الكثير من أجهزة ومؤسسات الدولة دون أي أسباب مقنعه لذلك ودون اكتراث بالتوجيهات العليا بوقف ذلك.
فما الذي يجعل غالبية مدارسنا حتى يومنا هذا مدارس مستأجره, علماً بأن غالبية المدارس المستأجرة غير مهيئة لأن يتعلم فيها ابنائنا أو بناتنا, وما الذي يجعل مقار غالبية مراكزنا الصحية مستأجره, والجميع يعلم بأن تلك المقار المستأجرة لا تتوفر فيها معايير تقديم الخدمة الصحية السليمة.
وما الذي يجعل الكثير من أجهزة الدولة تستمر في استئجار مقارها في الرياض, وكذلك فروعها في مختلف مناطق ومحافظات المملكة؟ وما الذي يجعل غالبية مباني المحاكم العامة والاستئناف وديوان المظالم مستأجره (أنفق ديوان المظالم العام الماضي خمسة وسبعون مليون ريال لاستئجار عدد من المحاكم الإدارية التابعة له !!!!).
لماذا لا تتدخل وزارة المالية لوقف هذا الهدر المالي من قبل معظم أجهزة الدولة في استئجارات مقارها وإلزامها بإدراج كافة احتياجاتها من المقار ليتم اعتماد إنشائها عند مناقشة ميزانية تلك الأجهزة.
ولماذا لا تتغير تلك الأنظمة القديمة التي تعطي كل وزارة ومصلحة حكومية الصلاحية الكاملة في الاختيار بين بناء المقار التابعة لها أو الاستمرار في سياسة الاستئجار, والتي يلاحظ عليها أنها قد تراعي المصالح الشخصية لبعض المسؤولين في أجهزتهم على حساب المال العام للدولة.
ختاماً, متى فكرنا جميعاً في مصلحة الوطن, ومتى قدمنا مصلحة هذا الوطن على تحقيق المصالح الشخصية غير المشروعة للبعض منا, فأنا على يقين بأن استنزاف الخزانة العامة للدولة من جراء استمرار الاستئجار غير المبرر للكثير من المباني والمرافق الحكومية سينتهي.

   الجزيرة / في  11/11/2013م    العدد 15019

لماذا فشلنا في القضاء على الفوضى والحوادث المرورية؟


 د. محمد بن عبد العزيز الصالح

صرح معالي مدير جامعة الدمام ورئيس اللجنة العليا لملتقى السلامة المرورية الثاني الدكتور عبدالله الربيش بأن خسائر الدولة نتيجة الحوادث المرورية بلغت (13) بليون ريال سنوياً، وأن عدد الحوادث المرورية في المملكة وصل إلى أكثر من (300) ألف حادث سنوياً وأن أكثر من (30%) من أسرة المستشفيات مشغولة بإصابات الحوادث المرورية.

ولذا أشار معاليه إلى أهمية إقامة ملتقى السلامة المروري الثاني في شهر محرم المقبل، موضحاً معاليه بأن الملتقى سيغطي عدداً من المحاور الرئيسية وكاشفاً عن مشاركة (43) متحدثاً من داخل وخارج المملكة.

وأنه قد تم دعوة أكثر من (50) جهة لها علاقة بالسلامة المرورية، وأنه قد تم تقديم (120) بحثاً للمشاركة في المؤتمر قبلت منها (54) بحثاً.

ومع تقديري لما أدلى به معاليه، وتقديري لكافة الجهود المبذولة لهذا الملتقى، إلا أنني غير متفائل مطلقاً بأنه سيكون هناك أي توصيات أو حلول لهذا الملتقى يمكن أن تحل ظاهرة الفوضى المرورية العارمة في كافة مناطق ومحافظات المملكة التي تمخض عنها تلك الأرقام المفجعة من الوفيات والمصابين من الحوادث المرورية.

ناهيك عن الخسائر الاقتصادية الفادحة التي يتكبدها اقتصادنا الوطني من جراء ذلك والتي أشار إليها معالي الدكتور الربيش، بل إنني أجزم بأن كافة التوصيات والحلول التي سيتوصل إليها هذا الملتقى ستكون معروفة لدى الجميع، وسبق أن توصلت إليها عشرات الندوات والمؤتمرات وورش العمل التي عقدت في مجال الحوادث والسلامة المرورية.

إذاً ما هي المشكلة؟ وكيف سيتم القضاء على تلك الفوضى المرورية والتي أدت إلى ارتكاب الآلاف من الحوادث المرورية سنوياً؟

المشكلة باختصار هي أن الحلول معروفة ولكنها لا تطبق من قبل رجال المرور، والمشكلة أن أنظمة المرور مليئة بالعقوبات ولكنها غير رادعة، ناهيك عن عدم تطبيقها على غالبية المخالفين.

فلماذا تحترم تلك الأنظمة المرورية طالما أن ما تتضمنه من عقوبات لا يعدو كونها حبراً على ورق.

المشكلة أن أعداد رجال المرور قليلين جداً في كافة شوارع وطرق المناطق والمحافظات، وهو ما شجع المتهورين إلى التمادي في تلك الفوضى المرورية التي خلفت الآلاف من القتلى والجرحى.

المشكلة أن كاميرات (ساهر) لا تغطي أكثر من (5 %) فقط من الطرق والتقاطعات المرورية التي يفترض أن يوضع فيها مثل تلك الكاميرات.

المشكلة أن (15%) من إجمالي الحوادث المرورية القاتلة هو بسبب انفجار الإطارات، والجميع يعلم أن غالبية محلات بيع إطارات السيارات تبيع إطارات تالفة ومنتهية الصلاحية في ظل سبات عميق من قبل كافة الجهات ذات العلاقة.

فكيف لا تطبق عقوبات رادعة بحق من يتاجر بأرواح البشر ولمجرد المعلومية، فإن عقوبة من يبيع إطارات منتهية الصلاحية في الصين هي الإعدام.

المشكلة أن طرقنا تعج بمختلف السائقين المتهورين والفوضويين والمستهترين والجاهلين بأنظمة السير والذين يرتكبون مختلف أنواع المخالفات المرورية التي أودت بحياة الكثير من الأبرياء، والتي لا يمكن أن ترى مثيلاً لها في أي دولة أخرى، في ظل عجز فاضح من كافة الإدارات المرورية في الحد من ذلك.

المشكلة أن كافة الإدارات المرورية تعلم كيف تحد من الفوضى المرورية وكيف تحد من الحوادث المرورية ولكنها ومنذ سنوات عاجزة عن فعل ذلك، ففاقد الشيء لا يعطيه.

المشكلة أن الدراسات المرورية قد كشفت بأن استخدام الهاتف الجوال أثناء القيادة يمثل (50%) من أسباب الحوادث المميتة.

وأن استخدام الجوال أثناء القيادة يضاعف نسبة وقوع الحادث بنسبة (400%)، الكارثة أنه على الرغم من ذلك نجد أن مخالفة استخدام الهاتف الجوال أثناء القيادة قدرها (150) ريالاً فقط. علماً بأن تلك الغرامة لا تطبق أصلاً إلا على نسبة قليلة ممن يستخدمون الجوال أثناء القيادة، بسبب ندرة تواجد رجال المرور في معظم الطرق والشوارع.

خلاصة الحديث، أن الأوضاع المرورية لدينا ومنذ سنوات لا تزال محبطة وتحتاج إلى انتشال، وأعداد جرحى وضحايا الحوادث المرورية لا تزال ضخمة، والخسائر الاقتصادية بمليارات الريالات، ولن تتعدل تلك الأوضاع ما لم يتم إقرار عقوبات رادعة.

وما لم يتم تنفيذ تلك العقوبات على الجميع، وما لم يتم تكثيف تواجد رجال المرور وتثقيفهم، وما لم يتم القيام بذلك، فلتفتح المقابر أبوابها لاستقبال المزيد من الضحايا الأبرياء، ولنفتح قبل ذلك قلوبنا للحزن واللوعة على فراق أحبابنا وأقاربنا.
   الجزيرة / في  4/11/2013م   العدد