د. محمد بن عبد العزيز الصالح
أصدر صاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة الرياض مؤخراً توجيهاته إلى مديري شرطة منطقة الرياض بما لاحظه سموه من تذمر ملاك العقار من استفحال ظاهرة مماطلة المستأجرين وعدم دفع ما عليهم من مستحقات، وتوجيه سموه باتخاذ عدد من الاجراءات الحاسمة ومنها احضار المستأجر بالقوة الجبرية متى ثبت عدم تجاوبه ومماطلته عن الحضور على أن يتم استخدام كل الوسائل لإحضاره بما في ذلك فصل الخدمات عن المسكن. قبل ثلاث سنوات، قمت من خلال هذه الزاوية بكتابة مقال كان عنوانه (السكنى ببلاش) أشرت فيه إلى ضياع حقوق المؤجرين من اصحاب الأملاك العقارية نتيجة مماطلة أو رفض المستأجرين دفع ما عليهم من مبالغ إيجارية في ظل عدم وجود تنظيم امثل يكفل حفظ حقوق المؤجرين والمستأجرين معاً. السؤال المطروح هنا يتمثل في السبب الذي يكمن في عجزنا طوال السنوات الماضية عن معالجة مثل هذا الموضوع، والتساؤل الاهم هنا هو لماذا يحال هذا الموضوع إلى المحاكم الشرعية؟ ولماذا لا ينتهي لدى اقسام الشرطة دون إحالته للمحاكم؟ فعملية الإيجار عادة ما تتم من خلال عقد ايجاري واضح ومكتوب بين المؤجر والمستأجر. وبالتالي فإن عدم سداد القيمة الايجارية المتفق عليها في العقد من قبل المستأجر انما يعد بمثابة نقض لاحد بنود العقد، مما يعني ان الجهة المختصة بإنصاف المؤجر هي اقسام الشرطة دون الحاجة إلى احالة الموضوع للاجهزة القضائية، فالمحكمة لا دور لها هنا مطلقاً لأننا لسنا بصدد اختلاف على حكم شرعي او نظامي بين الطرفين (المؤجر والمستأجر) وإنما نحن بصدد تطبيق العقوبة المناسبة (إن وجدت) على المستأجر الذي لم يفِ بالتزامه التعاقدي مع المؤجر، وطالما انه في مصلحة المستأجر ان يطيل تلك الاجراءات (غر الضرورية) حيث ان ذلك سيمنحه فرصة اكبر للقاء في المكان المستأجر دون وجه حق وبمباركة من اقسام الشرطة والمحاكم الشرعية في ظل عدم وجود ادوات تنظيمية ولائحية تحفظ حقوق الشخص المؤجر الذي لا يملك سوى الوقوف متفرجا على ضياع حقوقه ولو كان المستأجر يعلم بأن هناك عقوبة واضحة ستطبق بحقه في حال عدم دفعه لمبلغ الايجار المتفق عليه في العقد لما تجرأ أن يتأخر في دفع مبلغ الايجار، ولما تجرأ ان يبقى في العقار المستأجر أكثر من المدة الزمنية المتفق عليها في العقد. ومن الاهمية الاشارة إلى أن هناك اعداداً كبيرة من اصحاب الأملاك العقارية لم يعد لهم الثقة في حفظ حقوقهم الايجارية من الضياع في ظل عدم وجود آليات نظامية محددة تكفل إلزام المستأجر بدفع ما عليه من مبالغ ايجارية في الوقت المحدد وكذلك في ظل وجود الاجراءات المطولة وغير المنطقية والمتبعة من قبل اقسام الشرط والمحاكم الشرعية في سبيل حفظ حقوق المؤجر في مواجهة تمادي ومماطلة المستأجر كل ذلك في ظني ساعد على خلق فئة من المستأجرين ممن تمتهن عملية النصب والاحتيال خلال استئجار عقارات الغير والبقاء فيها مدداً زمنية اطول من المتفق عليها في العقد ودون ان تكلف نفسها بدفع ما هي ملزمة بدفعه من مبالغ ايجارية.
ختاماً من الأهمية التأكيد على ان توجيه سمو نائب أمير منطقة الرياض باتخاذ اجراءات حاسمة ضد المستأجرين المماطلين انما هو خطوة مهمة في معالجة هذا الموضوع، ولكن يظل السؤال وهو متى سنشهد ذلك النظام الذي ينظم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين ومتى سنرى ذلك العقد الموحد الذي سيكون ملزماً للمستأجرين والمؤجرين، ومتى سيكون لدينا قوائم سوداء للمؤجرين والمستأجرين الذين لا يلتزمون بنصوص العقد المبرم بينهم؟.. في ظني ان تلك الجوانب التنظيمية المهمة موجودة ومنذ زمن طويل في معظم (ان لم يكن في جميع) دول العالم باستثناء المملكة فلماذا.؟
15 / 1 / 2005م عدد 11797