ترجمة

ماذا عملنا لسعودة قطاع التأمين

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 أوضحت دراسة ظهرت مؤخراً أن سوق التأمين في المملكة سيوفر ما بين (35000 و 40000) فرصة عمل خلال العشر سنوات القادمة، وأن قطاع التأمين سيحقق نمواً بمعدل (30 - 35%) خلال الخمس سنوات القادمة.
وإذا ما علمنا بأن قطاع التأمين يعتبر من القطاعات التخصصية والتي يحتاج لمن يعمل فيها أن يتوفر لديه الحد الأدنى من التأهيل العلمي، إضافة إلى الخبرة العملية في ذات التخصص، فإن السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو ما هي الاستعدادات التي يفترض أن نكون قد شرعنا بها حتى نتمكن من توفير وتهيئة الآلاف من الكفاءات الوطنية القادرة على شغل كافة فرص العمل المتاحة التي سيوفرها قطاع التأمين بدلاً من أن نترك العمالة الأجنبية تسيطر عليها بمباركة من رجال الأعمال السعوديين المستثمرين في هذا المجال، وذلك على غرار الكثير من المجالات الاقتصادية الأخرى والتي يندر تواجد العمالة السعودية فيها.
فإذا كنا نعلم من الآن بأن قطاع التأمين سيوفر أربعين ألف فرصة عمل لأبناء وبنات الوطن خلال السنوات القليلة القادمة، فهل ستبادر وزارة العمل إلى وضع استراتيجية وخطة واضحة لتحقيق وإنجاز ذلك؟ وهل ستقوم مؤسسات التعليم العالي بإنشاء الأقسام العلمية الكافية والكفيلة بتخريج وتأهيل الأعداد الكافية من الشباب المؤهل في مجال التأمين؟ وهل ستتحرك اللجان المختصة بالتأمين سواء مجلس الغرف التجارية، أو في الغرف التجارية على عقد ورش العمل والندوات الكفيلة بالإسهام بتوفير العمالة الوطنية المؤهلة في قطاع التأمين؟ وهل سيقوم أعضاء تلك اللجان بالتنسيق مع كافة الجهات ذات العلاقة من وزارة العمل ومؤسسات تعليم وتدريب، وكذلك مع صندوق تنمية الموارد البشرية، أم أن رجال الأعمال الأعضاء في تلك اللجان سيفضلون السكوت (كالعادة) حتى تسيطر العمالة الأجنبية على ذلك القطاع، ومن ثم يعلنون حربهم (كالمعتاد) في وجه وزارة العمل عندما تعلن الوزارة عزمها على تطبيق السعودة التدريجية في قطاع التأمين.
مجرد تساؤل
قبل عدة سنوات وعندما أعلنت وزارة العمل عزمها على سعودة قطاع الذهب والمجوهرات، أتذكر بأن أحد كبار تجار المجوهرات اعترض على ذلك قائلاً: بأننا نحتاج إلى أكثر من عشرين عاماً حتى نتمكن من تأهيل وتدريب الشباب السعودي لكي يتمكن من العمل في محلات الذهب والمجوهرات، فهل يعني ذلك أننا سنحتاج إلى قرن من الزمان حتى نتمكن من تأهيل شبابنا للعمل في شركات التأمين؟ مجرد تساؤل.
28 / 4 / 2008م     عدد 12996
 

وشغالتنا الثانية انحاشت

د. محمد بن عبدالعزيز الصالح
 بتاريخ 2-12-2006م كتبت مقالاً بعنوان (شغالتنا انحاشت)، وكان مناسبة ذلك المقال هروب الخادمة التي تعمل في منزلي. واليوم وبعد مرور سنة ونصف السنة تقريباً أعود للكتابة عن نفس الموضوع بمناسبة هروب خادمة ثانية، وأرجو من الله العلي القدير ألا أعود للكتابة مرة أخرى عن نفس الموضوع بمناسبة هروب الخادمة الثالثة.
المتتبع لما يكتب في الصحف وما ينشر في الإعلام خلال السنوات القليلة الماضية يدرك أن ظاهرة هروب العمالة المنزلية من أكثر الظواهر التي حظيت بتغطية إعلامية واسعة، فماذا كانت النتيجة؟ النتيجة أيها القراء تمثلت فيما تضمنه ذلك التقرير الصادر مؤخراً عن مكتب العمل بالرياض، الذي يشير إلى أن عدد حالات هروب العمالة المنزلية خلال العام 1428هـ في مدينة الرياض وحدها قد بلغ أكثر من واحد وثلاثين ألف حالة هروب!!!! فهل يعقل ذلك؟
عندما يكتب الكُتّاب عن هذا الموضوع فهم يقصدون من كتاباتهم إيصال رسالة إلى الجهات ذات العلاقة بأن الأمر خطير ولا يمكن السكوت عليه، ولذا فإن على تلك الجهات التحرك العاجل للتصدي لتلك الظاهرة الخطيرة.
وعندما يتوجه المواطن (الكفيل) للتبليغ عن هروب خادمته فهو لا يقصد رغبته بإعادتها إلى المنزل، وإنما يقوم بذلك بدافع الوطنية؛ حيث يحرص على إيصال رسالة للجهات ذات العلاقة مفادها التحذير من الأضرار الأمنية والصحية والاجتماعية التي ستلحق بمجتمعنا السعودي من جراء تفشي حالات الهروب.
وعلى الرغم من كل ذلك، لم نلحظ وللأسف الشديد تحركاً ملموساً من قِبل الجهات ذات العلاقة للتصدي لتلك الظاهرة، فهل يعقل أن الجهات المعنية لا تعلم أن هروب العمالة المنزلية يتم من خلال شبكات منظمة يشترك فيها مواطنون وأجانب؟ وهل يعقل أن الجهات المعنية لم تستطع طوال السنوات الماضية القضاء على هروب العمالة المنزلية؟ وهل يعقل أن تلك الجهات لا تعلم بتلك البيوت الموجودة في الكثير من أحياء الرياض، وذلك بمقابل مالي يومي يبلغ (150) ريالاً أو شهري يبلغ (2000) ريال بشكل غير نظامي.
أعتقد أننا نتفق بأن هناك فوضى متناهية وغياب أنظمة رادعة، وقبل ذلك تقديم مصالح خاصة على مصلحة وطن ومواطن.. وقد أسهم كل ذلك في أن يصل عدد العمالة المنزلية الهاربة في مدينة الرياض فقط إلى أكثر من واحد وثلاثين ألفاً خلال عام 1428هـ.
21 / 4 / 2008م          عدد 12989

غلاء الأسعار.. متى الانفراج؟

د.محمد بن عبد العزيز الصالح
  على الرغم من الضغوط الاقتصادية التي تعاني منها شريحة كبيرة من المواطنين، سواء أكان ذلك من خلال الاستنزاف القاتل لأموالهم والتي تسبب فيها انهيار سوق الأسهم، وما لحق بهم جراء تدني سعر صرف الريال (المرتبط بالدولار) في مواجهة بقية العملات الأخرى، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الكثير من السلع المستوردة، هذا بالإضافة لما لحق بهم بسبب الارتفاع الحاد في أسعار النفط وما ترتب عليه من ارتفاع تكلفة الإنتاج لدى المصانع المحلية والأجنبية، مما أدى معه إلى ارتفاع أسعار الكثير من السلع المصنعة، وبالتالي جاء المستهلك (المواطن) المغلوب على أمره ليتحمل تبعة تلك الارتفاعات، هذا بالإضافة إلى معدلات التضخم المرتفعة والتي ارتفعت معها مختلف أسعار السلع والخدمات من مساكن وغيرها حيث أدى ذلك إلى زيادة معاناة المواطن.
وعلى الرغم من كل ذلك، مازال المواطن يعاني كثيرا من ذلك التفاوت الكبير في أسعار نفس السلع في متجرين متجاورين في نفس المدينة، حيث يصل ذلك التفاوت إلى ما نسبته (35%) وأكثر فلماذا يبالغ بعض التجار في نسبة الأرباح المحققة على المواطنين؟! ألا يعلم هؤلاء التجار أن المبالغة في نسب الأرباح المحققة من بيع السلع الأساسية من أجل تضخيم أرصدتهم البنكية من الأمور المنهي عنها طالما أن في ذلك إلحاق الضرر بالمسلمين؟ ألا يعلم البعض من التجار بأن احتكار السلع الأساسية بقصد رفع الأسعار وتضخيم الثروات سيحاسبهم عليها رب العزة والجلال؟ ففي حديث رفاعة بن رافع أنه قال خرجت مع الرسول صلى الله عليه وسلم فرأى الناس يتبايعون فقال لهم: يا معشر التجار (إن التجار يبعثون يوم القيامة فُجاراً إلا من اتقى الله وبر وصدق) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
متى سيأتي اليوم الذي نطبق فيه آليات لتحفيز التجار والمتاجر والأسواق الذين لا يغالون في الأسعار مقارنة بغيرهم؟ إن ذلك سيؤدي إلى التنافس بين التجار بتخفيض هامش الربح على السلع وخاصة الأساسية منها، وذلك من خلال إبراز أسمائهم في الصحف بشكل أسبوعي أو شهري؟ ومتى سيأتي اليوم الذي نؤسس فيه شركات مساهمة عملاقة تُطرح كامل أسهمها على المواطنين وتتخصص في تسويق السلع الغذائية وتكتفي بهامش ربحي معقول ونتشر فروعها في كافة أحياء ومحافظات ومناطق المملكة؟ متى سيتحقق هذا حتى نخفف معاناة المواطن الاقتصادية؟
14 / 4 / 2008م           عدد 12982

كفاكم جشعاً أيها المؤجرون

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
سبق أن كتبت ومن خلال هذه الزاوية حول الجشع الذي يسلكه بعض المؤجرين من خلال مبالغتهم غير المبررة في رفع المبالغ الإيجارية والتي طالما عانى وتحسر منها المستأجرون، واليوم أعود للكتابة حول هذا الموضوع، وبعد أن بلغت حسرة المستأجرين مستويات لا تُطاق من جراء تمادي بعض المؤجرين في قسوتهم وجشعهم، وفي ظل سلبية غير مبررة من قِبل الجهات الرسمية ذات العلاقة، فخلال الأيام القليلة الماضية، واجهت ثلاثة مواقف هي على النحو التالي:
الأول: ويتعلّق بأحد أقاربي، حيث سبق أن استأجر مبنى تجارياً مساحته (3300) متر بسعر (235) ريالاً للمتر، أي بمبلغ إيجاري سنوي يبلغ (775500) ريال، وقد أنفق قريبي الكثير من الأموال على تشطيب واجهات المبنى وتركيب دورات مياه فاخرة وديكورات كاملة وكهرباء وتحمَّل تركيب الصرف الصحي وغيره من الأمور والتي أنفق معها الأموال الطائلة، وعلى الرغم من كل ذلك يفاجأ بإخطار من المؤجر بأن الإيجار السنوي للمبنى قد ارتفع من (235) ريالاً للمتر ليصل إلى (580) ريالاً للمتر وذلك بزيادة مقدارها (150%) تقريباً، وقد أدى ذلك لارتفاع مبلغ الإيجار السنوي من (775500) ريال إلى (1914000) ريال.
الثاني: ويتعلَّق بأحد أصدقائي، حيث كان مستأجراً لوحدتين سكنيتين بمبلغ إيجاري يبلغ (34000) ريال (17000 ريال للوحدة) وقد أنفق الكثير من المال لتحسينهما وفجأة، قام المؤجر بكل جشع بإخطاره برفع الإيجار السنوي ليصبح ثلاثين ألف ريال للوحدة السكنية الواحدة بدلاً من (17000) ألف ريال أي بزيادة قدرها (90%) تقريباً، وإلا عليه ترك السكن. وإزاء تلك المواقف المؤلمة التي يتعرَّض لها شريحة كبيرة من المواطنين من جراء جشع بعض المؤجرين وملاَّك العقارات، خاصة إذا ما علمنا بأن أكثر من (75%) من السعوديين لا يملكون وحدات سكنية وإنما هم مستأجرون (وذلك وفق ما صدر عن الملتقى الدولي للبنوك والاستثمار لعام 2007م).
فهل يُعقل أن يستمر وقوف الجهات الرقابية الرسمية موقف المتفرج إزاء تلك المغالاة والارتفاعات غير المنطقية في إيجارات الشقق والمساكن، وبكل تأكيد لو أن تلك الجهات تقوم بواجبها بمتابعة ومراقبة المغالين من أصحاب العقارات والشقق، لما تجرأوا على مضاعفة تلك المبالغ الإيجارية المبالغ فيها والتي يفرضونها على المواطن بشكل سنوي، ولو أن هذه الإدارات تقوم بواجبها بمراقبة الارتفاعات السعرية غير المبررة في أسعار مواد البناء من الحديد والأسمنت والمواد الصحية والكهربائية وغيرها لما تشجّع أصحاب العقار على رفع إيجارات تلك الشقق بشكل مبالغ فيه.
7 / 4 / 2008م           عدد 12975