ترجمة

القصيبي والقرار (50)

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
في عام 1415هـ صدر قرار مجلس الورزاء رقم (50) والقاضي بإلزام كافة المؤسسات والشركات التي لديها عشرون عاملاً فأكثر بسعودة (5%) من مجموع العمالة الموجودة لكل مؤسسة بصفة سنوية.
الحقيقة المرة هنا هو أنه في الوقت الذي كانت أعداد العمالة الأجنبية في المملكة قبل عشر سنوات (1415هـ) تقل عن الستة ملايين عامل أجنبي، نجد أن أعداد تلك العمالة في الوقت الحاضر (أي بعد عشر سنوات كاملة على صدور قرار مجلس الوزراء)، تزيد على الستة ملايين عامل أجنبي، وبكل صراحة، كنت أتوقع أن تواجه القلة من المؤسسات الصناعية التقنية والتي يقل توافر الكفاءات الوطنية المؤهلة (في ذلك الوقت)، إلا أنه لم يرد في الحسبان أن تصل اللا مبالاة والضرب بالوطنية عرض الحائط من قبل بعض أصحاب المؤسسات الوطنية إلى الحد الذي يقدمون فيه على تسجيل أسماء مواطنين بشكل وهمي في سجلات المؤسسة تزويراً وذلك تهرباً من تنفيذ قرار السعودة والرفع بتلك المعلومات المزورة للجهات المختصة. وحرصاً على التصدي لتلك الممارسات غير الوطنية، وبجهود مشكورة من قبل وزارة العمل وعلى رأسها معالي الدكتور غازي القصيبي فقد وجّه سمو ولي العهد - حفظه الله - وزارة العمل بتوجيه إنذار نهائي وإعطاء مهلة نهائية لمن يتهاون في موضوع السعودة، حيث سيتم تطبيق العقوبات التي تضمنها القرار (50) وذلك ابتداء من 1-1-1426هـ .. وأود هنا ان أطرح بعض الخواطر حيال ذلك:
- إن عدم متابعة تطبيق قرار السعودة (50) من قبل كافة الجهات ذات العلاقة وعدم تطبيق العقوبات المنصوص عليها في القرار هو ما جعل الكثير من المؤسسات والشركات لا تبالي بموضوع السعودة طوال العشر سنوات الماضية، ويجب أن ندرك أنه لن يكون هناك احترام لأي قرار أو أي قاعدة قانونية ما لم يتضمن ذلك القرار عقوبات تنفذ على كل من لا يحترم ذلك القرار، فهذه هي طبيعة البشر.
- من الأهمية ألا يتم الاقتصار على تطبيق العقوبات المنصوص عليها في القرار (50) بحق من يقدم معلومات وأسماء غير صحيحة لوزارة العمل، فهذا الفعل يعتبر جريمة تزوير، والمادة الخامسة من نظام التزوير تنص على إيقاع العقوبة بالسجن من سنة إلى خمس سنوات، على كل من يضع أسماء غير صحيحة أو غير حقيقية في أوراق رسمية.
- إن القرار (50) ليس له علاقة بسعودة الكثير من الحرف والمهن التجارية والتي تقل العمالة فيها عن (20) عاملاً، ولذا فإننا نتوقع أن يتم سعودة تلك المهن في فترات زمنية قصيرة جداً خاصة وأن العمل بها لا يتطلب تأهيلاً عاليا أو مهارات تقنية، كما أن غالبية العمالة الأجنبية تتركز في تلك المحلات التجارية.
- على الشاب السعودي الباحث عن فرصة عمل تقدير هذا الجهد المبذول من الدولة في سبيل توفير فرص العمل المناسبة له، وبالتالي يتوجب عليه الانضباط والالتزام بكافة أخلاقيات العمل في علاقته مع صاحب العمل.
- معالي الدكتور غازي القصيبي، إن نجاحاتكم المتعددة وجهودكم الملموسة في مختلف المواقع التي تم تكليفكم بها هو ما جعلكم تكونون محلاً لثقة ولاة الأمر وكذلك محلاً لرضاء مختلف شرائح المجتمع، وكلنا ثقة يا معالي الدكتور بأنكم ستنجحون في تطبيق العقوبات التي تضمنها القرار (50) في التاريخ المحدد لذلك (1-1-1426هـ)، فمعاليكم خير من يدرك الآثار الاقتصادية الإيجابية التي سيجنيها الوطن من جراء ذلك، ومعاليكم خير من يدرك الآثار السلبية أمنياً واجتماعياً والتي تلحق بنا جميعاً في حال استمرار تلك الملايين من العمالة الأجنبية في مهن من المفترض ألا يشغلها سوى أبناء الوطن، فلمعاليكم منا كل الدعاء بالتوفيق في تلك المهمة والتي نحن على ثقة من تمكن معاليكم من تجاوزها.
- عندما أنظر للكثير من أسواقنا التجارية والتي تعج بالعمالة من مختلف الجنسيات (ما عدا السعودية)، أشعر بأنني لست في وطني المملكة العربية السعودية، وانني ضيف غريب في وطني، فما أسوأه من شعور وما أقدرنا على إزالة ذلك الشعور متى ما توفرت النوايا الصادقة المخلصة لهذا الوطن.
27/11/2004م                     عدد 11748

لائحة التسوية الواقية من الإفلاس وكلمة عتاب

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
صدر مؤخراً عن وزارة التجارة والصناعة بالاتفاق مع ديوان المظالم اللائحة التنفيذية لنظام التسوية الواقية من الافلاس، ولذا نجد أن الغرفة التجارية الصناعية بالرياض بدأت استعداداتها لممارسة دورها كمظلة ومقر للأعمال التنفيذية لتلك اللائحة، الجدير بالذكر أن صدور نظام التسوية الواقية من الافلاس عام 1416هـ إنما جاء ليمثل احدى السياسات الهامة التي تنتهجها الدولة في سبيل دعمها للقطاع الخاص، حيث يهدف هذا النظام إلى التصدي لكافة العقبات التي يواجهها التجار والشركات الخاصة والتي قد تؤدي إلى توقف بعض اعمال هؤلاء التجار نتيجة لعدم قدرتهم على الوفاء بما عليهم من التزامات مالية، حيث جاء هذا النظام متيحاً الفرصة لكل تاجر وشركة في المملكة عند تعرضه إلى صعوبات مالية يخشى معها توقفه عن سداد ديونه بالاستفادة من الاحكام التي تضمنها النظام وذلك من خلال التقدم بطلب الصلح الودي مع الدائنين الى اللجان التي يتم تكوينها لهذا الغرض في الغرف التجارية والصناعية في مختلف مدن المملكة، وفي حال تعذر التوصل إلى صلح ودي عن طريق تلك اللجان، اجاز النظام لهذا التاجر او الشركة التقدم بطلب التسوية الواقية من الافلاس عن طريق ديوان المظالم، على أن يوضح التاجر في طلبه الاسباب التي ساهمت في حدوث تلك الاضطرابات المالية بالإضافة إلى شروط التسوية التي يقترح اتباعها من قبل ديوان المظالم، ولكن ما يجب وضعه في الاعتبار هو انه اثناء تولي ديوان المظالم الاجراءات الخاصة بتسوية الديون، فإنه يحق للتاجر المدين أن يواصل ممارسته لكافة اعماله التجارية الاعتيادية على ان يكون ذلك تحت مراقبة شخص مختص يتم تعيينه من قبل الديوان، ولكن ذلك لا يعني امكانية قيام هذا المدين بأي من اعمال التبرع أو الرهن الا بموافقة القاضي المختص على ذلك حيث ان تلك الاعمال تخرج عن حاجة اعماله التجارية الاعتيادية.
الجدير بالذكر أن نظام التسوية الواقية من الافلاس يقضي بأهمية الحصول على موافقة الدائنين من اجل انعقاد التسوية الواقية للشخص المدين حيث اشترط النظام في ذلك الحصول على موافقة ثلثي الدائنين.ومن الطرق التي اقرها النظام للشخص المدين من اجل ان يتوصل إلى تسوية تقيه من الافلاس أن يقوم بسداد ما عليه من ديون على شكل اقساط، كما أجاز النظام للمدين ايضا بأن يؤجل مواعيد استحقاق تلك الديون، إضافة إلى الإبراء من جزاء منها. كما اجاز النظام لكل من له مصلحة من إيقاف أو فسح التسوية إذا اكتشف ان المدين قد اخفى بعض او كل أمواله وإن كان مبالغا في تقدير تلك الاموال أو اي من الطرق التدليسية الاخرى.
الجدير بالذكر أن النظام قد اقر عقوبة السجن للمدين بما لا يزيد عن خمس سنوات في حال إخفائه لكل او جزء من امواله أو مغالاته في تقديرها.كلمة عتاب: صدر نظام التسوية الواقية من الافلاس بتاريخ 4-9-1416هـ أي منذ اكثر من تسع سنوات وعلى الرغم من الجوانب الايجابية من تطبيق هذا النظام والتي تحتم سرعة اصدار اللائحة التفسيرية لهذا النظام، إلا أن الجهات ذات العلاقة (وزارة التجارة والصناعة وديوان المظالم) قد تأخروا كثيرا في اصدار تل اللائحة ولذا فمن حقنا أن نتوجه بكلمة عتاب لتلك الأجهزة على ذلك التأخير غير المبرر في إصدار تلك اللائحة.
13 / 11 /2004م                     عدد 11734
 

الأسواق الحديثة في منتصف الطرق السريعة

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
حينما تتحول الطرق السريعة إلى ميادين لعرض البضائع والتقاط الزبائن فهذه ظاهرة عجيبة!! والأعجب من ذلك هو ثقة هؤلاء الباعة في أن ما يقومون به أمر مقبول وجائز واعتقادهم بأن الحوادث التي تحصل في المواقع التي يوجدون فيها في الطرق السريعة ليست بسببهم وإنما بسبب السائقين الذين لا يتوقفون ليشتروا منهم!! وكما يقول المثل (من آمن العقوبة أساء الأدب).
ولمن أراد أن يرى بنفسه تلك المهازل فليذهب بعد صلاة العصر إلى طريق مكة المكرمة السريع قبل التقائه مع الطريق الدائري الغربي بالقرب من الجسر المعلق، ففي هذه المنطقة من طريق مكة المكرمة، نجد العشرات من السيارات الواقعة والناقلة لشتى أنواع البضائع، وعلى عينك يا تاجر، أما أصحاب الحق الأصلي وهم عابرو الطريق فقد سلكوا أكتاف الطريق الترابية كي ينفذوا بجلدهم من حادث محتمل، وللأسف الشديد ان هذه المشاهد تتكرر في كثيرٍ من طرق المملكة.
وما من شكٍ أن هذه الظاهرة المؤلمة التي جعلت هؤلاء يعتدون على هذه الطرق لها نتائج سلبية عدة منها ما هو ظاهر تراه العين ومنها ما هو غير ظاهر للكثير من الناس، أما ما هو ظاهر فهو ما يسببه هؤلاء من إعاقة للطريق، الأمر الذي ينتج عنه حوادث كثيرة، وأما النتائج غير الظاهرة فمنها:
1- الاضرار بأصحاب المحلات التجارية الذين يدفعون إيجارات مقابل الحصول على مكان (نظامي) لعرض بضائعهم ويحصلون على رخصة من البلدية مدفوعة الثمن مقابل السماح لهم بممارسة مثل هذا العمل، وحينما يأتي هؤلاء الباعة الجائلون ببيع هذه البضائع يتحول الوضع إلى حالة من الفوضى، وهي حالة أشبه بحالة (كل من إيدو إلو) كما يقول المثل الشامي.
2- الترويج للبضائع المشكوك في سلامتها التي ربما تسبب أمراضاً خطيرة على المستهلك.
3- صعوبة الحصول على المتسبب في الضرر ببيع المواد الفاسدة حيث إن كل ما في الأمر أن يمتطي سيارته ويتكل على الله بعكس صاحب المحل الثابت.
ختاماً، نرجو من كافة الجهات ذات العلاقة ومنها المرور، البلدية، الجوازات، هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (باعتبار أن هذا التصرف شكلٌ من أشكال المنكر) التحرك العاجل للقضاء على تلك الظاهرة الخطيرة.
6/11/2004            عدد 11727