ترجمة

النقل التلفزيوني في مهب الريح



د. محمد بن عبد العزيز الصالح

اطلعت على المقال المنشور في هذه الصفحة يوم الجمعة قبل الماضي (8-3-1432ه)، والمعنون ب: (هل أصبح التمديد لل(أي. آر. تي أمراً مقضياً)، والذي تناول ملف النقل التلفزيوني لمسابقات كرة القدم السعودية، وأود أن أشيد بعمق الطرح وجرأة الفكرة وموضوعية النقد التي وضعت ملف النقل التلفزيوني في شباك المسؤول!!         
فمن المؤسف أن يتبقى أشهر قليلة على نهاية العقد التلفزيوني لأقوى دوري عربي وما زال الملف مجهول المسار والهوية، ولم يُطرح بعد! بل لا نعرف كمتابعين هل هذا الملف مسؤولية رعاية الشباب أم وزارة المالية أم جهة أخرى؟!
إن الطريقة التي تمَّ التعامل بها مع ملف النقل التلفزيوني في العقد السابق (للتمديد) بدون طرحه في منافسة عامة، وما يتم حالياً من تعطيل سيوجب التمديد مرة أخرى، أو تقديمه بشكل اضطراري بسبب ضيق الوقت إلى محطة من المحطات بشكل مباشر، وفي كلا الحالتين يُعتبر ذلك مخالفة صريحة لنظام المنافسات التجارية ولنظام العقود والمشتريات الحكومية، كما يُعتبر ذلك ضربة موجعة لمشروع الخصخصة والاستثمار الرياضي، ناهيك عن كونه ضياعاً لحقوق الأندية الرياضية، والأخطر من ذلك أنه يُعتبر مخالفة صريحة لأنظمة (الفيفا) فيما لو تم إدارة الملف من خارج المؤسسة الرياضية، والسؤال العريض، لماذا يحدث كل ذلك ولمصلحة من
إن الجميع المعنيين يعرفون أن العقد مُدد سنتين، وكان من المفترض أن تُعد كراسة الشروط للعقد القادم وتُطرح للمنافسة في وقت مبكر، فطالما أن نهاية العقد ليست مفاجئة، والجميع يعلم بها، فلماذا إذاً لم تُطرح حتى الآن؟ وباعتبار هذا السؤال قد طرح سابقاً في هذه الصفحة، ولم يتكرم أي مسؤول بالإجابة عليه، فإنني سأعرض احتمالين لا ثالث لهما: فنحن إما أمام تمديد آخر للعقد السابق، أو أمام تعميد مباشر لمحطة من المحطات، وهذا في ظني يُعد التفافاً على (المنافسة العادلة)، حيث إن طرح المنافسة في وقت ضيق لا يُمكن أي محطة من دراسة الشروط واستيفاء المتطلبات، باستثناء محطة واحدة ربما قادتها (الصدفة) لتجهيز كل المتطلبات واستيفاء الشروط (ورب صدفة خير من ألف منافسة)، وهنا يكون العقد بأبخس الأثمان وتضيع حقوق الأندية التي تقاعس رؤساؤها كثيراً في المطالبة بالحقوق المالية لأنديتهم من النقل التلفزيوني.
وإنني والله لأتعجب من هذا السكوت غير المبرر لرؤساء الأندية في الوقت الذي تعاني أنديتهم من ضوائق مالية قاسية. ثم إنهم مسؤولون أمام الله ثم أمام جماهير أنديتهم على سكوتهم وقبولهم أبخس الأثمان من النقل التلفزيوني.          
وإن كان لي اختلاف مع ما طُرح في (الجزيرة) فلأنني أُرجّح الاحتمال الثاني، فهناك محطة تعمل حالياً بطريقة توحي بأنها قريبة كل القرب من الفوز بعقد النقل التلفزيوني، ولا اعتراض على فوز أي محطة ولكن الاعتراض على عدم طرح المنافسة بطريقة تضمن تساوي الفرص، والعتب شديد على الرئاسة العامة لرعاية الشباب وعلى رؤساء الأندية الذين لم يحركوا ساكناً في هذا الملف الهام.         
وأخيراً أتمنى أن أكون مخطئاً، وأن يخرج مسؤول واحد يوضح للجماهير الرياضية حقيقة ما يحدث في ملف استثماري مؤثر في مستقبل الرياضة السعودية.      
وختاماً أشكر ل(الجزيرة) عنايتها بهذا الموضوع، فهي دائماً صاحبة الريادة في طرح الموضوعات الجادة والهامة لمستقبل الرياضة السعودية.      
شيء في الخاطر        
في جميع دول العالم، نجد أن القطاع الرياضي يدر أموالاً طائلة على خزينة الدولة بسبب الرسوم والضرائب التي تفرض على ربحية الأندية العالية والناتجة عن التطبيق الأمثل للخصخصة ولمختلف أوجه الاستثمار الرياضي، ويكفي أن نشير إلى أن نادي ريال مدريد قد أعلن مؤخراً بأن ميزانيته لهذا العام والناتجة عن ذلك تبلغ أكثر من أربعمائة مليون يورو، أنا على يقين بأن ما لا يقل عن مائة مليون يورو منها تُوجه إلى خزينة الدولة، أما لدينا فإن قطاع الرياضة لا يزال يستنزف المليارات من خزينة الدولة!!!! بسبب هشاشة موازنات الأندية المالية الناتجة عن عدم طرق أوجه الاستثمار الرياضي بالشكل السليم، وبكل أمانة لن تتطور أنديتنا طالما أن تمويلها معتمد على ميزانية هشة تُخصص لها من الرعاية، وهدايا وشرهات يحكمها مزاجية أعضاء الشرف، وبكل صدق لن يقوم لقطاع الرياضة قائمة حتى يبدأ هذا القطاع يدر على خزينة الدولة بدلاً من أن يستنزفها، وأنا على يقين أن سمو الأمير نواف بن فيصل الرئيس العام لرعاية الشباب وبما يتمتع به من عُمق وبُعد نظر قادر على فرض هذا الفكر على قطاعنا الرياضي.


الجزيرة  19/2/2011م     العدد 14023

من يحمي متجر الهلال



د. محمد عبد العزيز الصالح

نشرت صحيفة الجزيرة يوم الثلاثاء الماضي (5-3-1432هـ) خبراً مفاده أن سمو رئيس نادي الهلال الأمير عبدالرحمن بن مساعد والمهندس خالد الكاف الرئيس التنفيذي لشركة موبايلي قد افتتحا أول متجر من سلسلة متاجر نادي الهلال في مدينة الرياض، وفي الوقت الذي أؤكد فيه على أن هناك تأخيرا غير مبرر من الجميع في بدأ أنديتنا الرياضية طرق هذا التوجه الاقتصادي السليم، والذي يتوقع منه أن يسهم في إيجاد مصادر تمويل للأندية، بدلاً من اعتمادها بشكل كامل على ميزانيات هشة تخصص لها من قبل رعاية الشباب، أو على شرهات وهدايا يحكمها مزاجية وأهواء بعض أعضاء الشرف، أقول على الرغم من ذلك، إلا أن لهذه الخطوة أهميتها القصوى في طرق باب الاستثمار الرياضي، كما أنها تمثل أحد الخطوات الأساسية في تطبيق الخصخصة في قطاعنا الرياضي.   
وأود عزيزي القارئ أن اطرح بعض المرئيات في هذا الخصوص:       
- قد يكون لهذه الخطوة انعكاسها الإيجابي الغير مباشر على نادي الهلال على الرغم من تخصيص كامل الأرباح لشركة موبايلي، وأعتقد أنه من الأهمية أن يخصص نسبة من الأرباح لنادي الهلال، بل إن على الإخوة في شركة موبايلي أن يدركوا أن إقبال جمهور الهلال على شراء ما تعرضه تلك المتاجر سيتضاعف فيما لو خُصص للنادي جزء من ربحية تلك المتاجر وأعلن عن ذلك، وإذا كان عقد الشراكة الإستراتيجية المبرم بين الهلال وموبايلي والموقع قبل عدة سنوات يسمح للشركة بافتتاح متاجر لها باسم النادي، فإن المسؤولين في النادي والشركة يدركون حجم الأرباح الطائلة التي حققتها موبايلي من تلك الشراكة وأعتقد أنه من الإنصاف أن يخصص لنادي الهلال نسبة من الأرباح وذلك لمصلحة الطرفين.
- هل نتوقع من وزارة التجارة أن تكون داعمة لهذه الخطوة الهامة في مجال الاستثمار الرياضي وذلك بتوفير الحماية اللازمة لما سيتم تسويقه من سلع في متجر الهلال، على وزارة التجارة أن تدرك أن نجاح متجر الهلال هو خطوة مهمة لاستثمار أمثل في قطاعنا الرياضي، وأن نجاح متجر الهلال يعني تشجيع كافة أندية المملكة لافتتاح متاجر مماثلة، وفي ظني أن على الإدارات المختصة بالرعاية العامة لرعاية الشباب بذل قصارى الجهد والتنسيق الفاعل مع وزارة التجارة لضمان نجاح هذه التجربة والتصدي لبعض ضعاف النفوس من التجار الذين لن يترددون في إفشالها.   
- على جمهور الهلال أن يدرك أن الملابس والأحذية وبقية السلع التي يتم تسويقها في متجر الهلال هي سلع أصلية تتمتع بجودة عالية.   
- على جمهور الهلال أن يدرك أن شراءه من متجر الهلال إنما يمثل تشجيعاً للنادي ودعماً له في مواصلة زعامته وحصده لمزيد من البطولات.        
- على جمهور الهلال أن يدرك بأنه ربما حدث محاولة استيراد سلع مغشوشة ومقلدة لكل ما يتم تسويقه في متجر الهلال وذلك بهدف إلحاق الضرر بناديهم، ولذا فالمتوقع من جمهور النادي بالإضافة إلى اقتنائه لاحتياجاته من متجر الهلال، فإن عليه مسئولية التصدي لأي سلع مقلدة لما يتم تسويقه من سلع في متجر الهلال، خاصة وأن النظام الجديد لمكافحة الغش التجاري قد تضمن منح مكافأة تشجيعية لمن يقوم بالتبليغ والمساعدة في الكشف عن حالات الغش بحصوله على 25% من مبلغ الغرامة التي تقرها وزارة التجارة على التاجر والمؤسسة التي قامت بتسويق سلع مغشوشة.        
- زعامة الهلال لا تقتصر على مجرد بطولاته، وإنما تشمل تميز إدارة النادي ومبادراتها في طرح مثل تلك الخطوات الاقتصادية الهامة، وفي ظني أن وجود فكر بمثل فكر الأمير عبدالله بن مساعد والأمير عبدالرحمن بن مساعد يجعل جمهور الهلال يطمئن بأن الاستثمار الرياضي في النادي يسير في الاتجاه الصحيح.

 
الجزيرة  15/2/2011م                     العدد 14019

التجارة وتضخم الأسعار


د. محمد عبد العزيز الصالح

يقوم بعض التجار في الكثير من المناسبات برفع أسعار السلع، وبخاصة السلع الأساسية التي يحتاجها المواطن. فالملاحظ أنه في الأعياد وفي شهر رمضان وفي كثير من الإجازات (وما أكثرها)، لا يتردد هؤلاء التجار في المغالاة في أسعار تسويق ما يحتاجه المواطن من احتياجاته الأساسية من السلع الغذائية.            
كل ذلك يحدث دون حسيب أو رقيب ، وجمعية حماية حقوق المستهلك مشغولة بكل شيء ما عدا حماية حقوق المستهلك، وسبق أن ذكرت من خلال هذه الزاوية بتاريخ 8-9-2008م أنه يكفي أن نؤكد على ما يعانيه المواطن من تلك المغالاة في الأسعار التي يسلكها بعض التجار بأن نشير إلى أن سعر تسويق بعض السلع الغذائية الأساسية على المواطنين في بعض الأسواق يزيد بنسبة تفوق 100% عنها في بعض الأسواق الأخرى المجاورة لها.        
بتاريخ 10-1-2010م، نشرت صحف محلية خبراً مفاده أن وزارة التجارة تتحرك لفرض سقف لأسعار السلع المتضخمة، وأن وزير التجارة يسعى للحصول على استثناء مفتوح يتيح له التدخل مباشرة لفرض أسعار السلع الاستهلاكية التي ترتفع أسعارها بشكل لافت، وقد يقول قائل إن تدخل الدولة لوضع سقف محدد لأسعار السلع لا يتفق مع منظمة التجارة العالمية والتي انضمت المملكة لعضويتها قبل سنوات قليلة.     
ما من شك أن وزارة التجارة لم تقدم على تلك الخطوة الهامة إلا بعد أن طفح الكيل بسبب قيام بعض التجار بالمغالاة في الأسعار والقسوة على المواطنين، فقد ذكرت الصحف أن هذا التحرك لوزارة التجارة يأتي في أعقاب تقارير عرضت على الوزير أوضحت تورط مصانع ومستوردين وتجار جملة وتجار تجزئة ونقاط بيع في رفع الأسعار إلى مستويات تجاوزت فيها الهوامش الربحية الصافية للسلعة 104% عن القيمة التي يفترض أن تكون عليها (عكاظ، 10-1-2010م، العدد 3494).       
كان من المفترض على التجار ألا يغلب عليهم الجشع وحب المال للدرجة التي يقسون فيها على المواطن بتلك المغالاة عند شرائه لاحتياجاته الأساسية من السلع.    
وكان من المفترض على مجلسي الغرف التجارية، وكذلك الغرف التجارية المنتشرة في جميع مناطق المملكة أن يكون لهم دور فاعل في توجيه التجار وفي حماية الأسواق والأسعار من التضخم إضافة إلى حماية المواطنين من جشع بعض التجار، وألا يقتصر دور الغرف التجارية ومجلسها الموقر على حماية التجار فقط.  
وكان من المفترض على وزارة التجارة ألا تتأخر حتى هذا الوقت في معالجة هذا الموضوع طالما أن لديها من القنوات القانونية ما يتيح للوزير التصدي لتلك الأسعار المبالغ فيها والتي عانى منها المواطنون كثيراً وطرب لها التجار أكثر، عموماً طالما أن وزارة التجارة قد أعلنت هذا التوجه لكبح أي مغالاة في أسعار السلع، لذا فإن المواطنين سيراقبون الأسعار وعندها سيتضح ما إذا كان هم الوزارة حماية المواطن أم حماية التاجر.


 الجزيرة  7/2/2011م        العدد 14011