ترجمة

برنامج خادم الحرمين الشريفين للتوظيف


د.محمد عبد العزيز الصالح

يبلغ عدد الطلاب والطالبات المتوقع تخرجهم من مؤسسات التعليم الجامعي في المملكة، وكذلك من برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الداخلي والخارجي الآلاف من الخريجين والخريجات. والسؤال الذي يتبادر للذهن: أين سيتم توظيفهم وهل سيتم توفير فرص العمل المناسبة لهم بناء على ما حصلوا عليهم من مؤهلات علمية ومهارية؟ هل سيكون هناك مجال لتوظيفهم في سوق العمل الحكومي؟ وهل ستبدي مؤسسات وشركات القطاع الخاص المرونة في استيعابهم وإيجاد فرص العمل المناسبة لهم من خلال إحلالهم بدلاً من الموظفين والعمالة الأجنبية والذين تجاوزت أعدادهم الملايين؟
في السابق لم تنجح الدولة في إقناع القطاع الخاص بتوظيف أبنائنا وبناتنا، نعم لم ينجح قرار السعودة الشهير رقم (50) والصادر عن مجلس الوزراء الموقر عام 1417هـ، والقاضي بسعودة 5% من مجموع العمالة في الشركات والمؤسسات التي تزيد عمالتها الأجنبية على عشرين عاملاً.  
وحتى نكون واقعيين، فأنا لا ألوم القطاع الخاص في ذلك الوقت عندما لم يستجب لنداءات السعودة، ولم يعمل على إحلال الخريجين السعوديين بدلاً من الموظفين الأجانب، حيث كان معظم الخريجين قبل عقدين من الزمان يدرسون في تخصصات لا يحتاجها القطاع الخاص، ناهيك عن عدم توفر الجوانب المهارية سواء مهارات الحاسب أو اللغة أو الاتصال والتي يتطلبها القطاع الخاص.  
أما اليوم فقد اختلف الأمر تماماً، فجميع الجامعات تفرض سنة تحضيرية يتم فيها تدريس الكثير من الجوانب المهارية التي يحتاجها القطاع الخاص مثل مهارات الحاسب واللغة والاتصال وأخلاقيات العمل ...إلخ        
اليوم نجد أن جميع الجامعات قد طورت منهجيتها وخططها ومقرراتها الدراسية بما يتواءم مع متطلبات القطاع الخاص، بل إن غالبية الكليات والأقسام العلمية لا تتردد في التنسيق مع الجهات المعنية بسوق العمل، مثل وزارة العمل والغرف التجارية وذلك قبل اعتماد خططها ومقرراتها الدراسية، رغبة في أن يكون ما يتم تدريسه للطلبة متوائم مع احتياجات القطاع الخاص.          
إن ذكر خريجي المؤسسات الجامعية في المملكة ينطبق أيضاً على خريجي برامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، والذي يتوقع أن يخرج هذا العام قرابة العشرة آلاف خريج وخريجة جميعهم في تخصصات يحتاجها سوق العمل، ولديهم كافة الجوانب المهارية التي يتطلبها القطاع الخاص.  
وبعد هذا الاستعراض، هل لدى القطاع الخاص اليوم العذر في عدم إحلال أبنائنا وبناتنا الخريجات محل الموظفين الأجانب العاملين لديه؟ وهل ستستمر المرونة غير المبررة من قبل أجهزة الدولة ذات العلاقة في عدم إرغام مؤسسات وشركات القطاع الخاص في توظيف هؤلاء الخريجين؟ أعتقد بأنه قد حان الوقت لكي تقوم أجهزة الدولة بتقديم مختلف أنواع الحوافز والتسهيلات للمؤسسات والشركات التي توظف أعداداً كبيرة من السعوديين، كما أنه قد حان الوقت لكي تقوم تلك الأجهزة بفرض مختلف أنواع العقوبات على الشركات التي لا تلتزم بتوظيف الأعداد المناسبة من الخريجين والخريجات السعوديات، مرة أخرى، أؤكد بأننا إذا ما أردنا أن ننجح في هذا الموضوع الاستراتيجي الهام فإن على الدولة أن لا تترك وزارة العمل بمفردها تواجه القطاع الخاص، حيث يبدو أن هذا القطاع يملك من القوة والنفوذ ما لا تستطيع وزارة العمل مجابهته.     
أعتقد أن الوقت حان لإطلاق «برنامج خادم الحرمين الشريفين للتوظيف»، وذلك على غرار «برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث» والذي حقق نجاحات منقطعة النظير.

         4 / 6 / 2012م             العدد  14494