ترجمة

كفو يا بو متعب



محمد عبد العزيز الصالح

الجميع يعلم بالحال المغلوط الذي يعيشه وطننا الغالي والمتمثل بوجود تسعة ملايين وافد، في حين لا يجد الشاب السعودي وظيفة ملائمة.  
ومن أجل السيطرة على هذا الوضع، كانت وزارة العمل ومنذ سنوات تسعى إلى طرح برامج متنوعة للسعودة، كما سعت الوزارة إلى استصدار قرارات عليا من مجلس الوزراء تلزم القطاع الخاص بسعودة نسب معينة من العمالة لديه وفق نسب متدرجة. وفي كل مرة يوضع هذا البرنامج أو يصدر ذلك القرار، نجد أنه وبدلاً من سعي الجميع إلى إنجاحه والبدء في إحلال شباب وفتيات الوطن بدلاً من العمالة الأجنبية المسيطرة على مختلف المهن والحرف والفرص الوظيفية، نجد أنه -وللأسف- تبدأ تحركات أصحاب المصالح الخاصة والنافذين من رجال الأعمال لقتل هذا البرنامج أو ذلك القرار، متناسين في ذلك جميل الدولة عليهم, ولذا نجد أن قتل تلك البرامج والقرارات تبدأ من خلال الاستثناءات غير المبررة لتلك المؤسسة أو الشركة النافذة، ومن ثم التوسع في تلك الاستثناءات حتى يتم نحر برنامج أو قرار السعودة من الوريد للوريد، ولذا لم تنجح الدولة في ملف السعودة لسنوات طويلة بسبب تلك الاستثناءات والممارسات التي تهتم بتحقيق مصالح خاصة على حساب مصلحة الوطن وأهل الوطن.
اليوم، أعلنت وزارة العمل برنامجاً جديداً (نطاقات)، محاولة منها في دعم توطين الوظائف بالقطاع الخاص، ويقوم هذا البرنامج على التفريق في التعامل بين منشآت القطاع الخاص ذات معدلات التوطين المرتفعة، وبين منشآت القطاع الخاص غير الراغبة في التوطين، وذلك من خلال ربط البرنامج بمصفوفه متدرجة من الحوافز والتسهيلات التي تتأهل لها المنشآت حسب معدلات توطين الوظائف.  
ولا أخفيكم أنني لم أكن متفائلاً بنجاح هذا البرنامج منذ الإعلان عنه، ليقيني بتمكن أصحاب النفوذ وأصحاب المصالح الخاصة من إجهاض هذا البرنامج على غرار غيره من البرامج والقرارات السابقة، إلا أن الأمر تغير تماماً في أعقاب صدور توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الصريحة والموجهة لمعالي وزير العمل وذلك بعدم استثناء كائن من كان من تطبيق برنامج نطاقات عليه، وقد تفضل خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- بكلماته التالية الموجهة لوزير العمل: (طبق النظام عليَّ وعلى أبنائي في قواعد وسياسات العمل). وما من شك أن تلك الكلمات جاءت لتحمل في مدلولها أمرين:     
أولاً: أن هذا هو ديدن أبو متعب والذي طالما اعتدنا عليه، فجميع أبناء الوطن سواسية عنده -حفظه الله.  
ثانياً: أننا لا يمكن أن نوجد لمعالي وزير العمل أي عذر فيما لو لم ينجح هذا البرنامج بعد تلك الكلمات لأبي متعب.


         الجزيرة  27/6/2011م      العدد 14151

تكييف المساجد هدر للمال العام

د. محمد بن عبد العزيز الصالح

خلال صيف العام الماضي, كتبت مقالاً بعنوان: (جامع الفاروق مثال يحتذى به), بمناسبة قيام جامع الفاروق بحي العريجاء بالرياض بوضع جدار زجاجي متحرك يسمح بعزل الصفوف الأمامية عن الصفوف الأخرى من المسجد, وقد أدى ذلك إلى الاكتفاء بتشغيل (8) مكيفات فقط بدلاً من (27) مكيفا لكافة أيام الأسبوع ما عدا في صلاة يوم الجمعة, حيث يتم فتح الجدار الزجاجي وتشغيل كافة المكيفات نظراً لامتلاء المسجد بالمصلين في صلاة الجمعة, وقد أشرت إلى أن هذا الترشيد قد أدى إلى تحقيق وفر مقداره أكثر من 68% من الطاقة الكهربائية.    
لقد أثنيت في ذلك المقال على تجربة جامع الفاروق, وطلبت بأن تحتذى به كافة المساجد الكبيرة, كما طالبت أن يتم تشكيل لجنة من وزارة الشؤون الإسلامية ووزارة الكهرباء والمياه تقوم بمسح كافة المساجد الكبيرة في كافة المناطق ومن ثم تطبيق تجربة الجدار الزجاجي المتحرك في كافة فروض الصلاة (باستثناء صلاة الجمعة), إلا أنه لم يحدث شيء من ذلك, نعم لم يحدث شيء من ذلك لأن هذا هو واقعنا, وهذا هو نمط تعامل غالبية أجهزتنا الحكومية السلبي مع مثل تلك القضايا الجوهرية, ألهذه الدرجة تصل اللامبالاة؟ ألهذه الدرجة يصل الهدر؟ ألهذه الدرجة لا نبالي بالمال العام للدولة؟   
إذا كانت وزارة المياه والكهرباء تعاني خلال فترة الصيف من عدم كفاية أحمال الكهرباء, فكيف تتغاضى عن هدر الكهرباء غير المبرر في المساجد. وإذا كان معالي وزير الكهرباء والمياه قد صرح بأن نسبة الهدر الكهربائي في جوامع المملكة يصل إلى نحو 70% فكيف لا تتفاعل الوزارة مع هذا الاقتراح بتشكيل لجنة مع وزارة الشؤون الإسلامية والعمل على إلزام كافة المساجد والجوامع الكبيرة بوضع الجدار الزجاجي المتحرك.   
وإذا كانت وزارة الشؤون الإسلامية تدرك ضخامة الفاتورة التي تدفعها الوزارة لشركة الكهرباء عن ذلك الهدر الكهربائي في غالبية المساجد لدينا, والبالغ عددها أكثر من عشرين ألف مسجد, أليس من المفترض على الوزارة أنها سارعت إلى بناء هذا الجدار الزجاجي المتحرك في معظم المساجد, هل يعلم الإخوة أن بناء مثل هذا الجدار سيحد من هدر الأموال العامة للدولة والتي تضيع شهرياً لقاء طاقة كهربائية مهدرة في المساجد.
وبدلاً من تحرك الوزارتين (الكهرباء والشؤون الإسلامية) إلى القيام بعمل مؤسسي منذ العام الماضي لاحتواء المشكلة بشكل جذري, وبدلاً من تحرك الوزارتين لبناء مثل هذا الجدار الزجاجي في كافة مساجد المملكة التي تحتاج ذلك, تفاجئنا بإعلان نُشر في الصحف الأسبوع الماضي يشير إلى أن أحد مساجد الرياض (مسجد الجماز) قد قام بتركيب الجدار الزجاجي المتحرك بهدف توفير 70% من الطاقة الكهربائية المهدرة. وأجزم بأن من قام بتركيب هذا الجدار هم أهل الخير الذين قاموا ببناء المسجد لأنهم هم الذين سيدفعون فواتير الكهرباء. أما بقية الآلاف من المساجد التي تقع تحت مظلة وزارة الشؤون الإسلامية, فلم يحرك أحد ساكناً لأن الدولة هي التي ستتحمل فواتير الكهرباء. فهل يعقل ذلك؟    
إنني والله أترحم على المال العام, فهل يعقل أن تصل درجة الهدر واللامبالاة بالمال العام إلى هذه الدرجة.


    الجزيرة 20/6/2011م        العدد 14144
 

المدارس الأهلية والمبالغة في الرسوم الدراسية



د. محمد عبد العزيز الصالح

ما أن تعلن الدولة - حفظها الله - تقديم دعم للمواطنين من خلال دعم سعر سلعة معينة أو تحسين كادر لفئة من المواطنين، إلا ونجد أن بعض التجار والمستثمرين لا يترددون في اتخاذ موقف سلبي يتمثل في رفع سعري غير مبرر لتلك السلعة أو الخدمة مما يترتب عليه حرمان المواطنين من الاستفادة من دعم الدولة، وإن ما يحز في النفس ذلك السكوت غير المبرر من قبل بعض الأجهزة الحكومية التنفيذية إزاء تلك المواقف السلبية لهؤلاء المستثمرين.       
فخلال الأسبوع الماضي، صدر الأمر السامي الكريم والقاضي بدعم برنامج سعودة وظائف التعليم الأهلي من خلال تحديد الحد الأدنى لرواتب المعلمين السعوديين في المدارس الأهلية بمبلغ خمسة آلاف ريال، وقد تضمن الأمر السامي إسهام صندوق تنمية الموارد البشرية بما نسبته 50% من الراتب، مما يعني بأن مالك المدرسة الأهلية لن يتحمل سوى مبلغ (2500) ريال وهو ما يمثل نصف الراتب.
وما أن صدر الأمر السامي الكريم بتلك المكرمة لأبناء وبنات الوطن من خلال دعمهم للحصول على وظائف تعليمية حتى تسابق عدد كبير من المستثمرين وملاك المدارس الأهلية بالإعلان عن زيادات غير مبررة على رسوم الطلبة للعام القادم، فذهبت إحدى المدارس الأهلية الكبيرة في مدينة الرياض بإخطار أولياء أمور الطلبة والطالبات بتلك المدرسة برسالة جوال تنص على: (السادة أولياء الأمور، نأمل حجز مقاعد أبنائكم للعام القادم 2011/2012م علماً بأنه قد تم زيادة الرسوم الدراسية لمرحلة التمهيدي 3000 ريال والمراحل الأخرى 2000 ريال..).
المزعج في الأمر أن عددا كبيرا من المدارس الأهلية قد سار على نفس النهج من خلال فرض زيادات مبالغ فيها.       
فإذا كان ملاك المدارس الأهلية لم يتحملوا أي أعباء مالية بسبب هذا الأمر السامي، نظراً لقيامهم بدفع مبلغ الـ 2500 ريال (إن لم يكن أكثر) لمعلم أو معلمة غير السعودية، فما هو مبرر إندفاعهم إلى فرض زيادات كبيرة على رسوم دراسة الطلبة، نعم ما هو مبرر زيادة أرباح ملاك المدارس بواقع تسعون ألف ريال لكل فصل دراسي) 3000ريال
X 30 طالب في الفصل الواحد=90000 ريال ( !!! خاصة إذا ما علمنا بأن تلك الزيادات تزيد من معاناة المواطنين على تحمل أعباء الحياة المعيشية.   
ويظل السؤال المطروح، لماذا لا يتردد البعض من التجار والمستثمرين بإجهاض فرحة المواطنين في كل مرة يصدر فيها توجيهات عليا تصب في مساعدة ودعم المواطن، ولماذا تقف الأجهزة الحكومية التنفيذية موقف المتفرج إزاء ذلك.


     الجزيرة 13/6/2011م     العدد 14137