ترجمة

وزارة العمل.. وشباب الوطن

 
د.محمد بن عبد العزيز الصالح
نشرت صحيفة الجزيرة (يوم الأحد 12-11-1427هـ) خبراً مفاده أن وزارة العمل قد حددت ما نسبته 30% من الوظائف والأعمال الشاغرة في موسم حج هذا العام للسعوديين، فيما تم تحديد النسبة المتبقية (70%) للعمال الأجانب.
كما أشار الخبر إلى أن الوزارة ستعيد تلك الوظائف إلى غير السعوديين إذا لم تجد من يشغلها من المواطنين في الأعوام المقبلة.
ولا أخفيكم أعزائي القراء أنه قد انتابني شيء من الحيرة والتساؤل عن السبب الذي يجعلنا نحجب 70% من الوظائف والأعمال الشاغرة في الحج ونحرم شبابنا منها وبخاصة إذا ما علمنا أن تلك الوظائف إنما هي وظائف تقليدية كوظيفة سائق، كاتب، مشرف حركة، أمين صندوق، مراسل.. وغيرها من الوظائف الإدارية التي لا تحتاج إلى تأهيل علمي عال أو إلى خبرة عملية كبيرة، وبخاصة إذا ما علمنا أن مجلس الخدمة المدنية سبق أن أصدر قراراً عام 1421هـ يسمح فيه للموظف السعودي ممن يشغل المرتبة الخامسة فما دون أو ما يعادلها في السلالم الوظيفية الأخرى وكذلك المستخدم المعين على بند الأجور بإجازة لا تتجاوز ثلاثين يوماً سنوياً إضافة إلى إجازة عيد الأضحى للعمل في موسم الحج لدى إحدى شركات نقل الحجاج سائقاً أو إدارياً أو فنياً مع صرف مكافأة مالية لهم بواقع (3000) ثلاثة آلاف ريال.
الغريب في الأمر أنه وعلى الرغم من كل تلك الامتيازات المالية المتاحة لأبناء الوطن لخدمة ضيوف الرحمن من خلال تلك الوظائف، إلا أن الإقبال عليها خلال السنوات الماضية كان ضعيفاً جداً!!
وأتذكر في هذا الخصوص أنني ومن خلال هذه الزاوية سبق أن وجهت عتاباً للجهات المختصة لقيامها بالتعاقد مع ثمانية آلاف من غير السعوديين للعمل كسائقين وفنيين وإداريين في شركات نقل الحجاج السعودية؛ ظناً مني بأن ذلك سيحرم شبابنا من تلك الفرص الوظيفية، إلا أن الطامة تمثلت في عدم تقدم سوى القليل من الشباب السعودي لشغل تلك الوظائف.
وفي ظني أن ذلك الإقبال السلبي من شبابنا على تلك الوظائف هو ما جعل وزارة العمل تخصص هذا العام ما نسبته 70% من الوظائف والأعمال المخصصة لحج هذا العام للعمالة الأجنبية على الرغم من الخسائر الاقتصادية التي تلحق بشبابنا واقتصادنا من جراء التضحية بتلك الوظائف.
لذا فإنني في الوقت الذي نشيد فيه بكافة الجهود المبذولة من قبل وزارة العمل وعلى رأسها معالي وزيرها الدكتور غازي القصيبي  على ما يتم بذله من أجل تهيئة الفرص العملية والوظيفية المناسبة لأبناء الوطن في مختلف القطاعات، إلا أنني أود أن أشير إلى أن عزوف شبابنا السعودي عن التقدم لشغل تلك الوظائف لهو أمر غير مقبول، فتلك الوظائف والأعمال لا تتطلب إلى مهارات عالية، إضافة إلى أن تلك الأعمال الموسمية ستوفر لهم كسباً مالياً إضافياً وبالتالي فطالما أن تلك الفرص الوظيفية ما زالت متاحة للشباب وطالما أنها فرصة للكسب الشريف بعرق الجبين، فلا أظن أن للشباب السعودي أي عذر بعدم الالتحاق بتلك الوظائف.
 
23 / 12 / 2006م        عدد 12504

الهيئة الوطنية للمباني المدرسية

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
ما من شك أن وزارة التربية والتعليم مطالبة وباستمرار بتطوير كافة عناصر العملية التعليمية والتربوية. وحتى نكون منصفين في مطالباتنا للوزارة بالنهوض بتلك العملية التعليمية إلى مستوى الطموحات، فإننا لا بد أن نشير إلى أن الوزارة مثقلة بأعباء ومهام لا يفترض أن تشغلها عن مهمتها الأساسية.
ومن تلك المهام التي تستنزف الكثر من وقت وجهد المسئولين في وزارة التربية والتعليم إقحام الوزارة في عملية بناء وتجهيز وصيانة المباني المدرسية خاصة إذا ما علمنا بأن إعداد مدارس الأولاد والبنات التي تشرف عليها الوزارة يزيد على خمسة عشر ألف مدرسة، وإذا ما علمنا أيضاً بأن نسبة كبيرة من تلك المدارس هي مدارس مستأجرة ولا تصلح أن تكون مدارس لتعليم أبنائنا وبناتنا، مما يعني أهمية إنشاء مدارس نموذجية بدلاً عنها صالحة لأن تقدم فيها العملية التعليمية المنشودة والتي طالما تطلعنا إليها.
خلال الأسبوع الماضي، تساءل الكاتب المبدع بصحيفة الوطن الأستاذ صالح الشيحي في مقال نشر له، عن كيفية أن نطالب وزير التربية والتعليم بأن يتابع سياسات التعليم ونناقشه فيها في الوقت الذي نطالبه أيضاً أن يكون مقاولاً يقوم بمتابعة كل ما يخص المباني المدرسية من شراء أراضٍ إلى بناء المدارس وتطويرها وصيانتها.. إلخ. وأوضح الشيحي بأن الوزارة تعكف اليوم على البحث عن 376 قطعة أرض لتنشئ عليها مدارس جديدة.
ومن خلال هذه الزاوية، أثني على ما ذكره صالح الشيحي، فكيف نطالب الوزارة بمراجعة الخطط التعليمية والسياسات التربوية والمنهجية وهي تصرف جل وقتها في أمور هي أبعد ما تكون عن الميدان التعليمي والتربوي. وقد اقترح الشيحي كحلٍّ لتلك الإشكالية أن توكل مهمة وكالة الوزارة للمباني والتجهيزات المدرسية والمتمثلة في إنشاء وصيانة المباني المدرسية لوزارة الشؤون البلدية والقروية.
وإذا كنت أؤيد عدم إشغال وزارة التربية والتعليم بأمور المباني المدرسية وإنشائها وصيانتها وذلك حتى تتفرغ الوزارة لمهامها التربوية والتعليمية، فإنني أعتقد بأن الآلية المثلى لتطبيق ذلك يتمثل في إنشاء هيئة عليا على مستوى الدولة تتم تسميتها (بالهيئة الوطنية للمباني المدرسية) يترأسها خادم الحرمين الشريفين أو سمو ولي العهد ويدخل في عضويتها وزير المالية ووزير التخطيط ووزير التربية والتعليم. بحيث تقوم الهيئة بتهيئة كل ما تحتاجه وزارة التربية والتعليم من المباني المدرسية، أضافة إلى متابعة كل ما يتعلق بصيانتها وتطويرها... إلخ.
وإذا كنا سبق وأن أعفينا وزارة التربية من مهام هي بعيدة كل البعد عن العملية التعليمية كالمتاحف والآثار وغيرها، فإنني أعتقد بأنه قد آن الأوان لكي تتم إراحة الوزارة أيضاً من ملف المباني المدرسية برمتها بحيث تتفرغ الوزارة لمهمتها التربوية والتعليمية، عندها سيكون لنا الحق أن نحاسب الوزارة عن تقصيرها في الجوانب التربوية والتعليمية.
 
9 / 12 / 2006م      عدد  12490

شغالتنا انحاشت

 
د. محمد بن عبد العزيز الصالح
يلاحظ خلال السنوات القليلة الماضية تفشي ظاهرة هروب السائقين وخدم المنازل وما من شك أن هناك العديد من الانعكاسات السلبية والأضرار التي قد تلحق بنا وباقتصادنا الوطني، ناهيك عما قد يلحق بمجتمعنا من عادات أخلاقية واجتماعية بسبب تفشي تلك الظاهرة.
ومن خلال هذه الزاوية، سأطرح اليوم جملة من الخواطر والتساؤلات التي تدور في الذهن حيال هذا الموضوع الذي يقلقنا جميعاً.
فهل تعلمون أن نسبة كبيرة من حالات هروب السائقين والخدم تتم من خلال شبكات منظمة يشترك فيها مواطنون وأجانب؛ حيث تقوم بالتنسيق مع الخادمة قبل قدومها للمملكة بحيث تأتي للعمل وتهرب خلال أيام أو أسابيع ومن ثم تقوم (ومن خلال تلك الشبكة) كخادمة منزل مؤقتة بأضعاف راتبها الأساسي.. والمتضرر في نهاية الأمر هو المواطن السعودي.
وهل تعلمون أن بإمكان الجهات المختصة القضاء على ظاهرة هروب الخادمات خلال فترة زمنية قصيرة، ولكن مشكلتنا في هذا الوطن الغالي علينا جميعاً أن هناك العديد من الأشخاص الذين لا يترددون عن تقديم مصالحهم الخاصة حتى لو أدى ذلك للإضرار بالوطن وأهل الوطن، فالكثير يعلم بتلك البيوت الموجودة في العديد من أحياء الرياض والتي تقوم بتأجير الخادمات الهاربات بمقابل مالي يبلغ (150) ريال يومياً أو بمرتب شهري يصل إلى (2000) ريال، فهل يعقل أن يحدث هذا كله دون تحرك فاعل من قبل الجهات المختصة للقضاء عليه.
ألا يمكن أن تتحرك كافة الجهات ذات العلاقة (وزارة الداخلية، وزارة العمل، وزارة الشؤون الاجتماعية، الغرف التجارية) وبشكل عاجل لوقف تلك المهازل المتمثلة بهروب الخادمات؟ أليس بالإمكان أن يتم تطبيق نظام البصمة وذلك لمنع الخادمة الهاربة من دخول المملكة نهائياً؟ أليس بالإمكان القبض على كافة الأشخاص الذين لجأت إليهم الخادمة بعد هروبها؟ أليس بالإمكان أن يتم إلزام مكاتب الاستقدام بإنشاء مراكز تدريب في البلدان التي ينتمي لها الخدم على أن تقوم تلك المراكز بتدريب الخدم الذين سيتم استقدامهم للعمل بالمملكة؟ أليس بالإمكان أن يتم إنشاء قواعد معلومات وكذلك وضع موقع على الإنترنت يتضمن أسماء وصور وجنسيات تلك العمالة الهاربة؟
قامت الكاتبة منيرة السليمان بتحقيق تم نشره بصحيفة الرياض عن مركز رعاية شؤون الخادمات، ذكرت فيه أن عدد الخادمات الهاربات المتواجدات بالمركز قد تجاوز (3000) خادمة، وعند التقائها بإحدى الخادمات الهاربات ذكرت ما يلي: (... أنا متعودة على الهروب من كفيلي، إذا لم يعجبني أهرب إلى كفيل آخر حتى أجد من أرتاح معه. وأضافت الخادمة الهاربة أنه ليست هناك مشكلة في الموضوع، فالكل بحاجة لخادمة، وهم لا يسألون عن أي إثبات، المهم عندهم العمل في المنزل فقط. وأنا ليست لدي مشكلة، حيث أعمل عند أي بيت، المهم أن أكسب مالاً فقط. وعن جوازها قالت أنا لست بحاجة إلى جواز، وكل ما أحتاجه هو رجل يساعدني في التنقل من بيت إلى بيت فقط وحين أرغب في السفر أهرب إلى مكتب شؤون الخادمات وهم بدورهم يقومون بتسفيري لبلدي بكل سهولة).
وإزاء تلك العبارات الخطيرة التي ذكرتها هذه الخادمة الهاربة والتي تنم عن وجود فوضى متناهية وغياب أنظمة ولوائح رادعة، متى سنرى تحركاً من قبل الجهات ذات العلاقة للقضاء على ظاهرة هروب الخدم والعمالة المنزلية، وبخاصة إذا ما علمنا أن نسبة كبيرة من الجرائم المنتشرة لدينا لها علاقة بتلك العمالة الهاربة.
2 / 12 / 2006م           عدد 12483