ترجمة

سلطان.. الأمير الإنسان

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
هنا وعبر هذه الزاوية المتواضعة بجريدة (الجزيرة) يسرني أن أدلي بحبر قلمي روحاً وجسدا للكتابة عن طودٍ إنساني فريد، قد وسع بقدرة المولى العزيز حاجة السائلين وألم المكلومين وفاقة المعوزين ويأس من تقطعت بهم الأسباب من العالمين، كما رحب بشاشةً وسعداً بكل أفراح الوطن وأهله في كل محافل البهجة أنّى حلّ أو استقر.
إنه رجل ارتضى لنفسه الإحسان مقاماً واصطفى لمعشره الطيب خليلاً ورفيقا، قد دنت لشخصه سيرُ الحاضر بالخصال الحميدة، وبثراء الخلق القويم الذي هو نهج سلالة مجد ينحدر منها، شأن تلك السلالة في الفضل شأن عريق.
إنه رجل طوع له الله القلوب لترف بحبه، فبالأمس القريب ألمّ به عارض صحي. لم يمسّه ذلك العارض وحده بالضرر بل مسّ سائر تلك القلوب بالكلْم والكرب، فبعد أن رأوا ملاذهم بعد الله ينام عليلاً تحسسوا صبرهم وجلدهم أملا في الخلاص من وقع ذلك النبأ الذي خيمت ظلمته إثر غياب مسعف المحتاجين منهم ومطبب آلامهم بيد الله، ثم لم يهنوا أبداً في دعائهم وتضرعهم إلى البارئ القدير يسألونه ان يسكنَه العافية وأن يبدل وهنه الصحي بالسلامة الدائمة والصحة البالغة؛ فما استقر لأحد من قضاء حاجة أو شأن من شؤون الحياة مهما عظم إلا ونازعه تقديم الاطمئنان على سلامة عليلهم الغالي، ولذا لم يكن مستغرباً أن يتوالى الجميع على زيارة هذا الرجل المعطاء سواء من أهل مملكتنا العزيزة، أو من الوفود الأشقاء والأصدقاء، سواء قادة الدول أو مبعوثيهم، والذين قدموا من خارج المملكة لأداء واجب عيادته والوقوف بجواره للدعاء والاطمئنان عليه.
وبالنظر قليلا إلى مآثر هذا الرجل الكريم سنجد الخير مدراراً والمعروف سبيلاً يتقاطر فيه الناس بين يديه بعون الله، فعطاؤه يعم أرجاء الوطن، ومن قبيله تشييد المراكز الطبية المتخصصة، إما لعلاج أمراض القلب أو أمراض الكلى، إضافة للمنابر التعليمية ذات التخصصات المنشودة، فنجد الجامعة والكلية والمعهد، تلك الصروح التي تعمل على تأهيل الكوادر الوطنية، ما كان لها ذلك لولا توفيق الله الذي يسَّر لهذا الرجل الرؤى السديدة والوعي المجيب لكل ما هو فاعل لأبنائه وبناته المواطنين والمقيمين، كما نجد الكثير من المرافق المهمة التي تحمل اسمه تشرفاً وتقديراً لمساعيه المحمودة، وخاصة في مجال أمن الوطن والدفاع عنه، ولم يخلُ - رعاه الله - من العرفان له بالفضل، فقد ازدانت به أوسمة الاستحقاق والشرف وكذلك الجوائز الدولية التقديرية التي أوفت لشخصيته المثالية الرائدة في المجالات التي تقلد زمام قيادتها.
لقد لمسنا في الأيام الماضية أي قدر يكنه الشعب السعودي لهذا الرجل وأي منزلة رفيعة يسكنها لديهم، وأي مكانة يهبها له هذا الوطن الأبي، فقد اتضحت المشاعر الصادقة نحوه وتدفق له المكنون حسنا وطيبة، فلا ريب أن ذلك مرده تلك المآثر الخيرة وتلك الأعمال النبيلة التي كان لها الصدى الواسع في رقعة هذا الوطن الغالي، كما تعدت أعماله الحدود، إذ استطاع هذا الرجل بسلوكه الرفيع ان يجعل من الروابط الأخوية وأواصر المحبة سلوكاً في تعامله الخارجي، وقد عمد هذا الرجل في جميع مناشطه إلى روح السلام وتكريس مفاهيم الأمان والجوار الحسن بين الشعوب خدمة لقيمه ووطنه وحكومته وشعبه الوفي، وخدمة للشعوب العربية والإسلامية والصديقة.
إنه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام، هذا الرجل الصفوة الذي تتفتق له قرائح الشعراء وأذهان الكتاب فيفسحون من اللغة ما تجود به لبيان هباته الكثار، ولا أجدني أمامه إلا مردداً قول الشاعر:
ألستم خير من ركب المطايا
وأندى العالمين بطون راحي
إن التأريخ الذي سطره المغفور له - بإذن الله تعالى - الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، لا يمكن له إلا أن يُريَ الخليقة صفوة الرجال الذين يخلدون بعلو سلطانهم ورفعة قدرهم وسماحة خلقهم، وهذا مسعى من آمنوا بهدي الله بصيرة وأيقنوا بتقوى الله طريقاً مؤزراً، ومن أولئك الرجال الأمير الإنسان سلطان الخير والمحبة والسلام.
26 / 6 / 2004م             عدد 11594

من قتل زهور الرياض

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
في العدد الاخير من (نشرة تطوير) الصادرة عن الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، نشر على الغلاف الخلفي اعلان مؤثر تضمن اسماء قتلى الحوادث المرورية من الاطفال الذين تتراوح اعمارهم بين 4 - 22 سنة، خلال شهري محرم وصفر من العام الحالي. وبمجرد اطلاعي على ذلك الاعلان، باشرت بالاتصال بأحد المختصين في الهيئة رغبة في ايصال اعجابي وتقديري لهم على نشر ذلك الاعلان المتميز، والذي هو امتداد لتميز الهيئة في كافة مناشطها. وخلال محادثتي مع ذلك المختص افادني بجملة معلومات واحصائيات يقف لها شعر الرأس. ذكر محدثي ان تلك الاسماء المعلن عنها للاطفال الضحايا لا تمثل سوى جزء بسيط جداً من الاطفال الابرياء الذين ازهقت ارواحهم حوادث السيارات بمدينة الرياض خلال تلك الفترة.
كما اوضح لي ان هناك اكثر من اربعة آلاف قتيل سنوياً بسبب الحوادث المرورية وان هذا الرقم هو نصف الرقم الحقيقي اذا ما علمنا بأن اكثر من أربعة آلاف يتوفاهم الله في المستشفيات بعد وقوع الحادث المروري بأيام. كما اوضح لي بأن 30% من اسرة المستشفيات بالمملكة مشغولة بمصابي الحوادث المرورية مما يضاعف تكلفة الخدمات الصحية لدينا، واضاف محدثي بأن الخسائر المالية المحسوبة في مدينة الرياض فقط بسبب الحوادث المرورية تصل إلى 3 مليارات ريال سنوياً مع امكانية ارتفاع هذا الرقم إلى ثمانية مليارات ريال في السنة ان لم يتم تدارك الوضع.
وقد اوضح لي هذا المختص بأن الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض وبتوجيه من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز امير منطقة الرياض رئيس مجلس ادارة الهيئة قد ادركت اهمية الارتقاء بالسلامة المرورية والحد من حوادث الطرق حيث تم تشكيل لجنة عليا للسلامة المرورية بمدينة الرياض برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبدالعزيز نائب امير منطقة الرياض نائب رئيس مجلس ادارة الهيئة كما اقر مجلس ادارة الهيئة استراتيجية السلامة المرورية والتي بذل فيها الكثير من الجهد والوقت من قبل الهيئة وكافة الجهات ذات العلاقة وقد كان لتلك الجهود الحثيثة من قبل الهيئة ان انعكس ذلك ايجاباً على مستوى السلامة المرورية في مدينة الرياض حيث نجد ان اعداد ضحايا الحوادث المرورية في الربع الاول من العام 1424هـ (116)، في حين تناقص هذا العدد خلال الربع الاول من العام 1425هـ فكان (86)، على الرغم من الازدياد الملحوظ في الحركة المرورية في مدينة الرياض.
ختاماً، اتمنى ان يكون في كل منطقة من مناطق المملكة لجان عليا للسلامة المرورية وذلك على غرار ما هو موجود في مدينة الرياض، وان تنطلق تلك اللجان في اعمالها من حيث انتهت لجنة السلامة المرورية في الرياض والاستفادة مما تضمنته استراتيجية السلامة المرورية دون الحاجة للبدء من جديد باعداد الدراسات والابحاث في هذا الخصوص.
 
13 / 6 / 2004م              عدد 11581

أهلها منعوها فماذا نحن فاعلون؟

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
أصدرت السلطات البريطانية خلال الأيام القليلة الماضية قراراً يقضي بمنع الإعلانات التلفزيونية الخاصة بالوجبات السريعة أثناء عرض المحطات التلفزيونية للبرامج الخاصة بالأطفال، وقد كان الدافع لهذا القرار ما تحتويه تلك الوجبات السريعة من مواد ومكونات غير صحية، وأمام هذا القرار تبادر إلى الذهن عدة أمور منها:
1) ان هذا الاعتراف صادر من قبل الدولة المصنعة والمصدرة لتلك الوجبات السريعة، وهو اعتراف يحمل في طياته التحذير من الأضرار الصحية التي تحتويها تلك الوجبات وخاصة على صحة الأطفال، وفي ظني ان هذا الاعتراف هو أبلغ من نتائج أي دراسة علمية تحذر من تلك الوجبات السريعة.
2) عندما تنتشر أي مشكلة أو عادة غير صحية أو غير أخلاقية في المجتمعات الغربية، فإن تلك المجتمعات لا تتردد في تصديرها لمجتمعات العالم النامي ونحن منها، ولكن الفرق بيننا وبينهم أنهم يسارعون إلى تدارك أضرار تلك العادات غير الصحية والتصدي لها، وما توجه تلك المجتمعات للتصدي للتدخين بمنعه في المحلات العامة، وكذلك منع الإعلان عن الوجبات السريعة في البرامج التلفزيونية إلا تأكيد على هذا التوجه، أما في مجتمعاتنا فنحن لا نتردد في استيراد تلك العادات غير الصحية، كما اننا لا نتردد في تسهيل انتشارها والدعاية لها لتناولها شريحة أكبر من أطفالنا دون وعي وادراك منا لتلك المخاطر الصحية التي قد تلحق بأطفالنا من جراء تفشي وانتشار تلك الوجبات السريعة.
3) نتذكر في هذا الخصوص وبتقدير تلك المبادرة الايجابية من قبل إدارة مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض عندما تبنت رفع قضية ضد شركات تصنيع التبغ والدخان مستندة في ذلك إلى ان تلك الممارسة غير الصحية قد الحقت أضراراً صحية بالكثير من متعاطي التدخين إضافة إلى ان آفة التدخين قد تسببت في رفع تكلفة الخدمات الصحية في المملكة بصفة عامة وبالمستشفى التخصصي على وجه الخصوص. وفي الوقت الذي نقدر لإدارة المستشفى التخصصي هذا التوجه فإننا ندعوها أيضاً إلى تبني خطوة ايجابية أخرى تتمثل في التصدي للاكلات السريعة وما تلحقه بمجتمعنا من أضرار صحية، إضافة إلى تسبب تلك الأكلات في زيادة تكلفة الخدمات الصحية في المملكة بشكل غير مباشر، أتمنى من المختصين بالمستشفى التخصصي ان يقوموا بالدراسات اللازمة للتأكد من تلك الأضرار الناتجة عن تفشي الأكلات السريعة على أن يتم رفع دعوى قضائية ضد الشركات المنتجة لها.
4) من الأهمية أن يكون لوزارة الإعلام دورا في التصدي لحمى الإعلانات والدعاية الجاذبة لتلك الأكلات السريعة حيث تلجأ تلك الإعلانات إلى ربط تسويق تلك الوجبات غير الصحية بوجود الألعاب وأماكن التسلية في محلات بيع تلك الوجبات.
مجرد تساؤلات:
هل للمستثمرين في قطاع الوجبات السريعة الحرية المطلقة في توجيه رسالتهم الإعلانية بالشكل المؤثر والجاذب لأطفالنا من خلال ربط تلك الوجبات بتوفير الألعاب وأماكن التسلية مما يؤدي إلى دفع اطفالنا إلى التسابق لتناول تلك الوجبات غير الصحية؟
في ظني ان تلك الحرية لا يجب ان تكون مطلقة، ولا أدل على ذلك من قيام السلطات البريطانية بالاعتراف الصريح بالمخاطر الصحية لتلك الوجبات السريعة من خلال منع الإعلانات عنها في البرامج التلفزيونية. فهل يكون للجهات المعنية لدينا موقف حازم تجاه هذا الموضوع أم نترك الموضوع وكأنه لا يعنينا على الرغم من خطورته الصحية على أطفالنا..؟ مجرد تساؤل.                         
5 / 6 / 2004م             عدد 11573