ترجمة

أهلها منعوها فماذا نحن فاعلون؟

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
أصدرت السلطات البريطانية خلال الأيام القليلة الماضية قراراً يقضي بمنع الإعلانات التلفزيونية الخاصة بالوجبات السريعة أثناء عرض المحطات التلفزيونية للبرامج الخاصة بالأطفال، وقد كان الدافع لهذا القرار ما تحتويه تلك الوجبات السريعة من مواد ومكونات غير صحية، وأمام هذا القرار تبادر إلى الذهن عدة أمور منها:
1) ان هذا الاعتراف صادر من قبل الدولة المصنعة والمصدرة لتلك الوجبات السريعة، وهو اعتراف يحمل في طياته التحذير من الأضرار الصحية التي تحتويها تلك الوجبات وخاصة على صحة الأطفال، وفي ظني ان هذا الاعتراف هو أبلغ من نتائج أي دراسة علمية تحذر من تلك الوجبات السريعة.
2) عندما تنتشر أي مشكلة أو عادة غير صحية أو غير أخلاقية في المجتمعات الغربية، فإن تلك المجتمعات لا تتردد في تصديرها لمجتمعات العالم النامي ونحن منها، ولكن الفرق بيننا وبينهم أنهم يسارعون إلى تدارك أضرار تلك العادات غير الصحية والتصدي لها، وما توجه تلك المجتمعات للتصدي للتدخين بمنعه في المحلات العامة، وكذلك منع الإعلان عن الوجبات السريعة في البرامج التلفزيونية إلا تأكيد على هذا التوجه، أما في مجتمعاتنا فنحن لا نتردد في استيراد تلك العادات غير الصحية، كما اننا لا نتردد في تسهيل انتشارها والدعاية لها لتناولها شريحة أكبر من أطفالنا دون وعي وادراك منا لتلك المخاطر الصحية التي قد تلحق بأطفالنا من جراء تفشي وانتشار تلك الوجبات السريعة.
3) نتذكر في هذا الخصوص وبتقدير تلك المبادرة الايجابية من قبل إدارة مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض عندما تبنت رفع قضية ضد شركات تصنيع التبغ والدخان مستندة في ذلك إلى ان تلك الممارسة غير الصحية قد الحقت أضراراً صحية بالكثير من متعاطي التدخين إضافة إلى ان آفة التدخين قد تسببت في رفع تكلفة الخدمات الصحية في المملكة بصفة عامة وبالمستشفى التخصصي على وجه الخصوص. وفي الوقت الذي نقدر لإدارة المستشفى التخصصي هذا التوجه فإننا ندعوها أيضاً إلى تبني خطوة ايجابية أخرى تتمثل في التصدي للاكلات السريعة وما تلحقه بمجتمعنا من أضرار صحية، إضافة إلى تسبب تلك الأكلات في زيادة تكلفة الخدمات الصحية في المملكة بشكل غير مباشر، أتمنى من المختصين بالمستشفى التخصصي ان يقوموا بالدراسات اللازمة للتأكد من تلك الأضرار الناتجة عن تفشي الأكلات السريعة على أن يتم رفع دعوى قضائية ضد الشركات المنتجة لها.
4) من الأهمية أن يكون لوزارة الإعلام دورا في التصدي لحمى الإعلانات والدعاية الجاذبة لتلك الأكلات السريعة حيث تلجأ تلك الإعلانات إلى ربط تسويق تلك الوجبات غير الصحية بوجود الألعاب وأماكن التسلية في محلات بيع تلك الوجبات.
مجرد تساؤلات:
هل للمستثمرين في قطاع الوجبات السريعة الحرية المطلقة في توجيه رسالتهم الإعلانية بالشكل المؤثر والجاذب لأطفالنا من خلال ربط تلك الوجبات بتوفير الألعاب وأماكن التسلية مما يؤدي إلى دفع اطفالنا إلى التسابق لتناول تلك الوجبات غير الصحية؟
في ظني ان تلك الحرية لا يجب ان تكون مطلقة، ولا أدل على ذلك من قيام السلطات البريطانية بالاعتراف الصريح بالمخاطر الصحية لتلك الوجبات السريعة من خلال منع الإعلانات عنها في البرامج التلفزيونية. فهل يكون للجهات المعنية لدينا موقف حازم تجاه هذا الموضوع أم نترك الموضوع وكأنه لا يعنينا على الرغم من خطورته الصحية على أطفالنا..؟ مجرد تساؤل.                         
5 / 6 / 2004م             عدد 11573

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق