ترجمة

شركة الاتصالات بين الأرباح المالية والخسائر الاجتماعية

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
تنوي شركة الاتصالات قريباً تقديم خدمة جديدة تسمى (خدمة الرسائل القصيرة التفاعلية الإعلامية) أو خدمة (sms) وتعني تلك الخدمة السماح للمشترك في الجوال بإرسال الرسالة التي يرغبها إلى إحدى القنوات التلفزيونية، وستكون تكلفة تلك الرسالة عالية جداً، والإيراد منها سيكون موزعاً بين شركة الاتصالات وبين القناة التلفزيونية، علماً بأنه لن يكون هناك رقابة على مستوى ألفاظ وعبارات تلك الرسالة عند ظهورها على شاشة التلفزيون وإذا ما علمنا أن غالبية (إن لم يكن جميع) تلك الرسائل تكون مرسلة من قبل فئة المراهقين من الشباب والفتيات دون أن يكون هناك حسيب أو رقيب عليها، فلنا أن نتخيل المستوى الأخلاقي الهابط الذي ستكون عليه تلك الرسائل كما هو الحال في الوقت الحاضر في عدد من القنوات التلفزيونية ولذا فإن التساؤل الأهم هنا: هل سيرضى القائمون على شركة الاتصالات (سواء هيئة الاتصالات أو مجلس إدارة الشركة) بتقديم تلك الخدمة لمجرد أنها تحقق أرباحاً مالية محدودة في الوقت الذي ستتسبب تلك الخدمة في العديد من الانعكاسات السلبية على مجتمعنا السعودي سواء في الجوانب الأخلاقية والاجتماعية؟.. ولكي أجيب على هذا التساؤل، أود أن أطرح عدداً من المعطيات التي يمكن من خلالها إبداء الإجابة المناسبة ومنها:
1 - إن مجتمعنا لا ينقصه أن نفتح عليه أبواباً جديدة لكي يظهر من خلالها بعض شبابنا وفتياتنا بوجه غير لائق ولا يعكس أخلاقياتنا كمسلمين وكسعوديين، وذلك من خلال المستوى المتدني للعبارات والألفاظ التي تتضمنها تلك الرسائل التفاعلية الإعلامية.
2 - إن شركة الاتصالات يجب ألا يقتصر نظرها على العائد الربحي فقط دون النظر إلى مجمل التكاليف الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية التي سيتكبدها الوطن من جراء تلك الخدمة، ولو عدنا إلى النظام الأساسي لشركة الاتصالات لأدركنا بأن المعيار الربحي لا يجب أن يكون هو المعيار الوحيد عند تقديم الشركة لأي من خدماتها، وإنما يتوجب مراعاة المصلحة العامة للوطن من مختلف الجوانب.
3 - من الواضح مما يعرض في عدد من القنوات التلفزيونية حالياً أن المستخدم الأكبر لتلك الخدمة هم من فئة المراهقين (سناً وعقلاً)، كما أن استخدامهم لها منصب على جوانب غير أخلاقية.. إذاً ما هو مبرر تقديم تلك الخدمة من قبل شركة الاتصالات، إننا لا يمكن أن نطالب الشركة بحجب خدمة الهاتف الجوال لمجرد أن فئة محدودة تستخدمها للمعاكسات ولكن يبدو أن خدمة الرسائل التفاعلية الإعلامية تستخدم في مجملها لأغراض غير أخلاقية مما يؤكد مطالبتنا للشركة بحجب تلك الخدمة.
4 - إن تقييمنا لما يقدمه القطاع الخاص من خدمات لا يقتصر على كونه مساهمة في التنمية الاقتصادية فحسب وإنما هو شريك في التنمية الاجتماعية أيضاً، وبالتالي فسوف يحسب على أي شركة تقدم خدمات تخالف أعرافنا وتقاليدنا وقبل ذلك ديننا، فما البال عندما يكون تقديم تلك الخدمات سيتم من خلال شركة تملك الدولة في رأسمالها 70%.
5 - هناك الكثير من الخدمات التجارية التي يمكن أن تدر على أصحابها أرباحاً ولكننا نجد بأن الدولة لم تتردد في التصدي لها ومنعها لاعتبارات ومحاذير أخلاقية واجتماعية (مثال: منع مقاهي الشيشة والمعسل داخل الأحياء السكنية)، وفي ظني أن على الدولة من خلال هيئة الاتصالات أو من خلال مجلس إدارة شركة الاتصالات أن تتصدى لهذه الخدمة طالما أن لها آثارها الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية أيضاً على الوطن وأهل الوطن.
وبعد سرد تلك المعطيات، نتفق جميعاً بأنه يجب أن يكون لهيئة الاتصالات أو مجلس إدارة الشركة كلمة الحسم في التصدي ومنع تلك الخدمة الإعلامية.
 
29 / 5 / 2004م             عدد 11566
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق