ترجمة

حساسية المسؤول وكُتاب الصحف

في الوقت الذي نجد فيه أن مساحة الرأي والحرية قد اتسعت في صحفنا المحلية خلال السنوات القليلة الماضية, حيث أصبحت الصحف لدينا شريكا في بناء التنمية السعودية في مختلف القطاعات، وذلك من خلال إتاحة الفرصة للكُتاب وأصحاب الأعمدة والزوايا للمشاركة الفاعلة من خلال النقد البناء لمختلف الخدمات الحكومية التي تقدمها أجهزة الدولة للمواطنين.
وإزاء ذلك, نجد أنه من وقت لآخر هناك تذمر من قبل بعض الوزراء والمسؤولين عن تقديم الخدمة الحكومية بسبب ما يكتب عنهم وعن أجهزتهم من نقد بناء من قبل أبناء الوطن من كُتاب الصحف.
وفي اعتقادي أنه ليس من حق أي مسؤول في الدولة أن يذهب في تفسيره لما يوجه إلى الخدمات التي يقدمها الجهاز الذي يشرف عليه على أنه انتقاد وتجريح موجه له شخصياً, وإنما يجب التعامل مع ما يتم كتابته في الصحف على أنه ملحوظة أو وجهة نظر من خارج جهاز الوزارة قد لا يتمكن ذلك المسؤول من سماعها من داخل أروقة وزارته لسبب أو لآخر.
وأتذكر في هذا الخصوص أنه في أحد المؤتمرات الصحفية التي شرفها صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز عليه -رحمة الله- تقدم أحد أصحاب المعالي وزراء الخدمات، مشيراً إلى النقد الذي يوجهه كُتاب الصحف للخدمات التي تقدمها الأجهزة الحكومية, وأشار في حديثه إلى قيام الكُتاب بتوجيه النقد الشخصي للمسؤولين عن تلك الخدمات, مبدياً في ذلك حساسية مفرطة في هذا الجانب, عندها تفضل سمو الأمير نايف، مؤكداً أنه ليس هناك ما يضير من معالجة الكُتاب في صحفنا السعودية لمختلف الجوانب التنموية، ولذلك وجه سموه -رحمة الله- الدعوة للمسؤولين كافة في أجهزة الدولة بألا يكونوا على درجة من الحساسية عندما توجه لهم الانتقادات طالما تلك الانتقادات والكتابات مبنية على معلومات وحقائق ثابتة, ووجه سموه الدعوة إلى الكُتاب والنقاد لمواصلة كتاباتهم الهادفة المبنية على الحقائق.
كذلك فإنه يفترض على كل مسؤول في أجهزة الدولة أن يعمل على تفعيل الاستفادة من كل ما يتضمنه الملف الصحفي الذي تعده إدارة العلاقات العامة بوزارته يومياً والمليء بآراء كُتاب الصحف ومقترحاتهم, وأن يتعامل مع تلك المقترحات بأنها نابعة من أشخاص غيورين على وطنهم وحريصين على تطوير مختلف الخدمات الحكومية فيه.
كما أن على ذلك المسؤول أن يشكل فريقاً من المختصين داخل وزارته لدراسة كل ما يتضمنه الملف الصحفي اليومي من آراء ومقترحات تصب في صالح الوزارة، وكذلك دراسة ما يتضمنه الملف الصحفي من ملاحظات وانتقادات قُصد منها إصلاح حال مائل يتعلق بالخدمة التي تقدمها الوزارة.
 
 
الجزيرة في 27/3/2017م العدد 16251
 
 

جامعاتنا وتذمر رجال الأعمال

على الرغم من كثرة القرارات الحكومية المنظمة للسعودة التي صدرت من مختلف المستويات في الدولة على امتداد ثلاثة عقود زمنية، وعلى الرغم من كثافة ورش العمل والندوات والمؤتمرات التي نظمتها وزارة العمل والمؤكدة على أهمية السعودة، وعلى الرغم من تعدد الأبعاد الاستراتيجية الاقتصادية والأمنية والاجتماعية المترتبة على تطبيق قرارات السعودة، على الرغم من كل ذلك، إلا أننا لا نزال نلحظ تواجد عشرات بل مئات الآلاف من العمالة الأجنبية وسيطرتهم على الكثير من فرص العمل المنتشرة في أسواق المملكة، وذلك على حساب العمالة السعودية المؤهلة من الجنسين.
المؤلم في الأمر أننا نلحظ من وقت إلى آخر ظهور بعض رجال الأعمال في وسائل الإعلام ملقين كامل اللوم على مؤسسات التعليم العالي ومتهمينها بأنها لا تأخذ في الاعتبار المتغيرات في سوق العمل، وأن التخصصات التي تدرّس في الجامعات لا تناسب حاجة السوق.
أيضاً المؤلم في الأمر أن هذا الاتهام للجامعات يأتي من قبل بعض كبار رجال الأعمال في المملكة، وكأنهم يحثون رجال الأعمال في المملكة على عدم توظيف شبابنا وبناتنا خريجي الجامعات لعدم قناعتهم بكفاءتهم ولا بالتخصصات التي درسوها، كما يعني ذلك تفضيلهم للعمالة الوافدة لرخص تكلفتها فقط على الرغم من عدم حملها لأي نوع من المؤهلات أو التدريب.
في ظني أنه كان لزاماً على أمثال هؤلاء التجار أن يطلعوا على الكثير من المستجدات الهيكلية والمنهجية التي شهدتها الجامعات السعودية خلال السنوات الماضية، فهل يعلم هؤلاء التجار بأن عدد الجامعات السعودية ارتفع من سبع جامعات إلى تسع وثلاثين جامعة (28 حكومية (11) أهلية)، وذلك خلال العشر أو الخمس عشرة سنة الماضية، وهل يعلم هؤلاء التجار بأن عدد الكليات الجديدة التي أنشأها مجلس التعليم العالي خلال تلك الفترة يفوق الخمسمائة كلية، تتركز جميع التخصصات التي يتم تدريسها فيها على احتياجات سوق العمل.
وهل يعلم هؤلاء التجار بأن الجامعات كافة في المملكة قد تم إعادة هيكلتها خلال العشر سنوات الماضية لتكون مخرجاتها متوائمة مع احتياجات سوق العمل، وهل يعلمون بأن الكليات والأقسام العلمية بالجامعات تقوم بالتنسيق مع وزارة العمل قبل اعتماد أي خطة أو منهجية لتلك الأقسام والكليات للتأكد من تلبيتها لحاجة السوق، وهل يعلمون بأن وزير العمل عضو في مجلس التعليم العالي وأنه يوافق على إنشاء أي كليات أو تخصصات جديدة ما لم تكن ملبية لحاجة سوق العمل.
وهل يعلمون بأن هناك لجنة تم إنشاؤها منذ عدة سنوات في مجلس التعليم العالي ممثلة بوكلاء الوزارات الأعضاء في المجلس يدخل في عضويتها وكيل وزارة العمل، وأن مهمة هذه اللجنة التأكد من حاجة سوق العمل لأي كلية أو تخصص جديد.
وهل يعلم هؤلاء التجار بأن الجامعات السعودية بدأت خلال السنوات القليلة الماضية بإدراج السنة التحضيرية لجميع طلبة الجامعات، حيث يدرّس فيها ما يحتاج إليه سوق العمل من لغات أجنبية ومهارات الحاسب ومواد عن أخلاقيات العمل.
وهل يعلمون بأن العشر سنوات الماضية شهدت إنشاء نحو عشر جامعات أهلية وأكثر من أربعين كلية أهلية جميعها تقدم برامج وتخصصات تتواءم مع حاجة السوق.
وهل يعلمون بأن الدولة -حفظها الله- ابتعثت خلال العشر سنوات الماضية أكثر من مائتي ألف مبتعث ومبتعثه للخارج جميعهم في تخصصات يحتاج إليها السوق، وسنرى إن كان هؤلاء التجار سيتيحون الفرصة لأبناء وبنات الوطن بالعمل لديهم أم أن استمرار توظيف العمالة الأجنبية الرخيصة والأقل تكلفة سيكون هو المسيطر عليهم.
 
 
الجزيرة في 13/3/2017م العدد 16237
 
 
 
 
 
 
 
 

هل يمكن تخصيص جزء من المركز المالي للأجهزة الحكومية!

بعد ذلك بأيام قليلة، قررت الولايات المتحدة منح الأمير محمد بن نايف ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية ميدالية جورج تينت التي تقدمها الاستخبارات الأمريكية للأعمال الاستخبارية المتميزة لأجهزة الاستخبارات السعودية, في مجال مكافحة الإرهاب, ولدور سموه في تحقيق الأمن والسلم الدوليين.
ما من شك أن هذا الاعتراف الامريكي ليس تكريماً لسمو الأمير محمد فحسب, وإنما هو تكريم لجميع رجال محمد بن نايف من منسوبي الأمن والاستخبارات، كما أن هذا التكريم لسموه لم يأت من فراغ، فسموه ومنذ أن تم تعيينه مساعداً لوزير الداخلية عام وهو يسير بملف الارهاب محققاً الانجازات المتلاحقة على الصعيدين المحلي والدولي, وهذا بدوره انعكس على خلق بيئة اقتصادية جاذبة لمختلف أنواع الاستثمارات الأجنبية.
لم يقتصر حرب سموه على الارهاب على داخل المملكة فقط, وإنما حرص سموه على التنسيق مع مختلف الدول وتزويدها بكل ما يلزم من معلومات تتطلبها عملية مكافحة الارهاب، وهو ما كان محل تقدير كل الدول وفي مقدمتها الولايات المتحدة.
لقد تبنى سموه الكريم بعد أحداث 11سبتمبر استراتيجية خاصة لمكافحة الارهاب وتطوير القدرات للتعامل مع هذه الظاهرة وعلى رأس هذه الاستراتيجيات تطوير القدرات الأمنية والاستخباراتية؛ حيث واجهت الجماعات الارهابية تحدياً كبيراً من الأجهزة الأمنية والاستخباراتية التي طورت قدراتها بشكل سريع.
وبجانب ذلك وجه سموه بإنشاء مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة حيث تم تطوير القدرات الفكرية للتعامل مع الأفكار المنحرفة التي تتغدى عليها الجماعات المتطرفة بغطاء فكري حيث ساهم المركز بإعادة الآلاف من الموقوفين إلى جادة الصواب، كما حرص سموه على تبني استراتيجية مكافحة الارهاب من خلال تجفيف منابعة والتصدي للفكر الضال، إضافة إلى ذلك، فقد ساهمت جهود سموه في إحباط عمليات ارهابية كبيرة في أرجاء متعددة من العالم, حيث حرص سموه على توقيع العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية لمحاربة الإرهاب.
كما ساهمت جهود سموه في مبادرة المملكة لتأسيس مركز دولي لدراسة مكافحة الارهاب وقامت المملكة بتمويل هذا المركز, كما ساهمت جهود سموه في إفشال وإحباط عمليات إرهابية وشيكة في عدد دول من خلال التعاون الاستخباراتي لتبادل المعلومات.
كما حرص سموه على متابعة عملية جمع الأموال بالطرق غير شرعية, كما وجه سموه بإنشاء هيئة أهلية كبرى لجمع التبرعات تم توجيهها لمكافحة الإرهاب.
-قيام الأجهزة الأمنية بتوجيه ضربات استباقية حيث تم إفشال وإحباط أكثر من 95% من العمليات الارهابية.
وقد حرص سموه على إنشاء إدارة مستقله في وزارة الداخلية تحت مسمى الأمن الفكري تعني بمواجهة الفكر الضال, هذا بالإضافة إلى توجيه سموه بتطوير المنظومة الأمنية بشكل كبير لمواجهة خطر الإرهاب بأحدث التجهيزات الأمنية, إضافة إلى تطوير العمل الاستخباراتي من خلال تسريع وتيرة التعاون مع كافة الدول الصديقة لتبادل المعلومات الاستخبارية لإفشال العمليات الإرهابية والقبض على المطلوبين.
ونظراً لجهود سموه في مجال محاربة الإرهاب, فقد تعرض للاغتيال مرتين الأولى بمحاولة تفجير سيارة قرب وزارة الداخلية, والثانية عند قيام مطلوب أمني بتفجير نفسه أمام سموه في مكتبه في جدة.
إن مما يميز تلك الجهود الجبارة التي يقودها محمد بن نايف ورجاله الأبطال في القضاء على الارهاب هو أن الارهابين والمجرمين ليسوا معروفين وليسوا واضحي المعالم، حتى يمكن السيطرة والقضاء عليهم، فهم ليسوا أجانب أو من فئة محددة حتى يمكن محاصرتهم والقضاء عليهم.
وإنما هم منا وفينا، نعم إن غالبيتهم بكل أسف من أبناء هذا البلد، ويكفي أن نشير أن الولايات المتحدة ومعها الكثير من الدول استغرقت سنوات طويلة في القضاء على ابن لادن في افغانستان، أو على الزرقاوي في العراق، أما لدينا فقد تمكنت أجهزتنا الأمنية بتوفيق من الله من السيطرة والقضاء على تلك الفئات الإرهابية غامضة المعالم.
كما أن مما يميز أجهزتنا الأمنية بقيادة محمد بن نايف في القضاء على تلك الشبكات والخلايا الإرهابية أنها لم تكن محصوره في منطقة أو محافظة محدده, فالمملكة تتكون من ثلاثة عشر منطقة ومئات المدن والمحافظات والهجر، علماً بأن بعض المنا طق في المملكة تفوق في حجمها وتعدد سكانها بعض الدول المجاورة، ولم يثن كل هذه رجال محمد بن نايف من السيطرة على كافة الأحداث الإرهابية.
ختاماً، إزاء تلك الجهود الجبارة التي يقوم بها أمير الأمن وقاهر الإرهاب محمد بن نايف ورجاله الأبطال منسوبي القطاعات الأمنية والاستخباراتية المختلفة في التصدي للإرهاب، لا نملك إلا أن نسجل وقفة تقدير واحترام لهم جميعاً، كيف لا وقد اسهمت تلك الجهود في أن تتبؤ المملكة مقدمة الدول المكافحة للإرهاب، وما تكريم سمو الأمير محمد بن نايف من قبل الولايات المتحدة الأمريكية إلا خير شاهد على ذلك.
 
 
الجزيرة في 6/3/2017م العدد 16230