ترجمة

من المسؤول ؟



محمد عبد العزيز الصالح

أكدت هيئة الطيران السعودية خلال الأسبوع المنصرم اكتشاف جثة لشاب لبناني عالقة في صندوق عجلات طائرة تابعة لإحدى الشركات الوطنية لدى إقلاعها من مطار بيروت الدولي إلى مطار الملك خالد الدولي بالرياض فعند وصول الطائرة للرياض، وأثناء قيام فني الصيانة بتفقد الطائرة، لاحظ وجود جسم غريب عالق في منظومة عجلات الهبوط الخلفية اليمنى، وكانت وسائل الإعلام اللبنانية قد أوردت معلومات تفيد بأن بعض الركاب على متن الطائرة كانوا قد شاهدوا شخصاً يحمل حقيبة صغيرة على ظهره ويرتدي قبعة على رأسه كان يركض في اتجاه الطائرة وهي تهم بالإقلاع، وقد قام بعض الركاب بإخبار بعض مضيفي الطائرة عن ذلك الشخص والذين قاموا بدورهم بإخبار قائد الطائرة ولكن بعد إقلاع الطائرة، إلا أن القائد لم يتخذ أي إجراء، وأقلع بالطائرة من دون إبلاغ السلطات المختصة في مطار بيروت بما تم إعلامه به، علماً بأن بعض الوسائل الإعلامية قد أشارت إلى أن كابتن الطائرة قد اتصل ببرج المراقبة في مطار بيروت، وأخبره بالحادثة إلا أن مسؤولي البرج قد رفضوا السماح لكابتن الطائرة بالعودة بالطائرة للمطار.

وإزاء هذا الخبر المفجع المضحك في نفس الوقت، أود طرح التساؤلات التالية:

* كيف يمكن حدوث كل تلك التجاوزات في منطقتنا العربية وتتم المخاطرة بأرواح المئات من المسافرين دون حسيب أو رقيب، ففي الدول المتقدمة نجد أنه عندما يأتي أي بلاغ من مجهول بأي تهديد للطائرة يتم إلغاء الرحلة كما يتم تفتيشها بدقة ولا يسمح لها بالإقلاع إلا بعد التأكد من سلامة الجميع، أما لدينا في منطقتنا العربية فيبدو أن أرواح البشر لا تعني الشيء الكثير، وإلا كيف نفسر عِلْم كل من مضيف الطائرة وقائدها، وفوق ذلك مسؤولي برج المراقبة بالمطار بصعود شخص (قد يحمل متفجرات) إلى صندوق عجلات الطائرة وهي تقلع من مطار بيروت وعلى متنها مئات الركاب ومع ذلك يمر الموضوع مرور الكرام ويسمح للطائرة بالإقلاع. يا إلهي ألهذه الدرجة أرواحنا وأنفسنا رخيصة ؟

* كيف يقوم الركاب بإبلاغ المضيف قبل الإقلاع ولا يقوم بدوره بإبلاغ قائد الطائرة إلا بعد إقلاعها ؟

* وكيف يعلم كابتن الطائرة بوجود شخص متعلق بعجلات الطائرة ويستمر في رحلته، أليس بالإمكان أن يكون هذا الشخص حاملاً متفجرات ؟

* وكيف يرفض برج مراقبة مطار بيروت عودة الطائرة للمطار بعد إبلاغه بوجود شخص متعلق بعجلة الطائرة ؟

* وكيف تم السماح لمثل هذا الشخص بتجاوز الحواجز الأمنية ليصل للطائرة على مدرج المطار ؟

أعتقد أنه يجب فتح تحقيق مع الجميع بدءًا بالأجهزة الأمنية بمطار بيروت مروراً بالمضيف والكابتن وانتهاءً بمسؤولي برج المراقبة، وأن يتم الضرب بيد من حديد على كل من يثبت تقصيره في أداء عمله.

 
19/7/2010م            عدد 13808

 

دوام المعلمين والهدر الاقتصادي



محمد عبد العزيز الصالح

عادة ما نلحظ أن هناك الكثير من القرارات التي يتخذها العديد من المسؤولين داخل أجهزتهم الحكومية والتي يترتب عليها كلفة اقتصادية باهظة، علماً بأن المكتسبات التي يتم تحقيقها داخل ذلك الجهاز الحكومي من جراء ذلك القرار قد تكون محدودة جداً قياساً بالهدر المالي الكبير الذي تعاني منه خزينة الدولة على وجه العموم.
ما دعاني أسرد تلك المقدمة هو قيام وزارة التربية باتخاذ قرار يلزم حوالي ربع مليون معلم ومعلمة في المرحلة الابتدائية بالحضور والدوام اليومي حوالي عشرون يوماً وذلك من تاريخ 17-7-1431هـ وهو التاريخ المحدد لتسليم الشهادات حتى تاريخ 9-8-1431هـ وهو التاريخ المحدد لبداية الإجازة الصيفية الرسمية، وذلك على الرغم من عدم وجود أي مهام أو أعمال يقوم بها هؤلاء المعلمين، حيث إن جميع سنوات الدراسة في المرحلة الابتدائية تتبع نظام التقويم وليس الامتحانات، ولنا أن نتخيل التكلفة الاقتصادية التي تتحملها الدولة من جراء ذلك القرار، وأوضح ذلك فيما يلي:
- الاستهلاك الكبير للكهرباء بسبب تشغيل المكيفات والإضاءة رغم حاجة شركة الكهرباء لخفض الأحمال في جميع مناطق المملكة خصوصاً في هذه الأيام، علماً بأن وزارة التربية تدخل ضمن الشرائح العالية بسبب استمرار تشغيل المكيفات لشدة حرارة الجو، ولنا أن نتصور التكلفة المالية العالية التي تتحملها الدولة إذا ما علمنا بأن عدد المدارس الابتدائية للبنين والبنات يبلغ حوالي (15.000) مدرسة.
- ضرورة قيام العمال بالنظافة الكاملة للمبنى وصيانته بسبب الاستخدام من قبل المعلمين والمعلمات وفي حال تم تقديم الإجازة مع إجازة الطلاب، فإن عقد الصيانة والنظافة الذي ستبرمه الوزارة سيكون لمدة (10) أشهر بدلاً من (11) شهراً، وهذا على مستوى آلاف المدارس في المملكة، مما يعني تقليص كلفة عقود الصيانة والنظافة بنسبة 10%.
- (250.000) تقريباً وهم معلمو ومعلمات المرحلة الابتدائية يتم ذهابهم وعودتهم من مدارسهم بسيارات صغيرة، وفي رحلة مزدوجة بالنسبة للمعلمات كون السائق يحضر المعلمة صباحاً ثم يعود ثم يحضر لأخذها للمنزل ظهراً ثم يعود بها، ولك أن تتخيل كم استهلاك الوقود وتلويث البيئة وصيانة تلك السيارات، وكم من الحوادث والخسائر البشرية والمادية وما تسببه من ازدحام في الشارع بنسبة كبيرة، وبالتالي كل هذا الهدر سيكون كلفة على اقتصاد الوطن.
- جميع المدارس الابتدائية بنين وبنات في هذه الفترة، تكون لتبادل الأحاديث والإشاعات التي لها مردود سيء على المجتمع وعلى الوطن، ونظراً لعدم وجود ما يشغلهم داخل المدرسة.
- خلال أيام السنة الدراسية تخرج المعلمة (الأم) مع أطفالها إلى الروضات والمدارس فتقوم بعملها وترعى الطالبات وهي مطمئنة البال على أطفالها، أما في هذه الأيام فهي تخرج لترعى جدران المدرسة وتأكل (فطور القطة) القطة: هي اشتراك مجموعة من المعلمين أو المعلمات في شراء وجبه الإفطار، وأطفالها إما مهملين أو تحت رعاية العاملة المنزلية مما له أكبر الأثر على تربيتهم.
- قد تبرر وزارة التربية والتعليم استغلال هذه الأيام بعقد دورات تدريبية للمعلمين والمعلمات والملاحظ وجود هذه الدورات أثناء العام الدراسي وبكثرة.
ختاماً، إنني أتساءل: متى سيأتي اليوم الذي يفكر فيه المسؤولين في مختلف الأجهزة الحكومية الأخرى في الأبعاد والتكلفة الاقتصادية لأي قرار يتخذ داخل وزاراتهم، ومتى سيأتي اليوم الذي يفكر فيه المسؤولين في مختلف الأجهزة الحكومية الأخرى في الأبعاد والتكلفة الاقتصادية لأي قرار يتخذ داخل وزاراتهم، ومتى سيأتي اليوم الذي يكون لكل وزارة مستشار اقتصادي يوضح للمسؤولين فيها الجدوى والتكلفة الاقتصادية والمالية التي ستترتب على أي قرار يتخذ داخل الوزارة، والمقصود بالتكلفة الاقتصادية والمالية هنا أن تكون على مستوى الدولة وخزينتها وليس على مجرد تلك الوزارة، كما أني أتساءل عن الدور الذي يفترض أن يقوم به المجلس الاقتصادي، وكذلك اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى في هذا الخصوص، وأقترح هنا أن يتم إنشاء وحدة متخصصة تحت مظلة المجلس الاقتصادي تتولى التقييم الاقتصادي وحساب التكلفة المالية التي ستتحملها الدولة عند قيام أيٍّ من المسؤولين في مختلف الأجهزة الحكومية باتخاذ مثل تلك القرارات.

12/7/2010م      عدد 13801

مَنْ يحمي المستهلك من جمعية حماية المستهلك؟


 
د. محمد بن عبدالعزيز الصالح

سنوات طويلة والمستهلك يتعرض في مختلف أسواقنا لمختلف أنواع القسوة من بعض التجار؛ فتلك بضاعة مغشوشة، وأخرى مخالفة للمواصفات والمقاييس، وبضاعة ثالثة مبالغ في سعرها دون حسيب أو رقيب؛ لذا استمر المستهلك لسنوات طويلة يعاني ويدفع ثمن كل ذلك في ظل سبات عميق من قبل إدارة حماية المستهلك بوزارة التجارة، التي لم يكن عدد المفتشين فيها يزيد في ذلك الوقت على مائتي مفتش في مناطق المملكة كافة؛ ما يعني أن فاقد الشيء لا يعطيه؛ لذا رفعنا الصوت مراراً مطالبين بإنشاء جمعية لحماية المستهلكين لتقوم بحماية وإنصاف المستهلك، إلا أننا فوجئنا وللأسف بأن الجمعية، وعلى الرغم من مرور أربع سنوات على إنشائها، لم تنجز شيئاً؛ وبالتالي استمرت معاناة المستهلك، ولم يجد من يتحرك لحمايته؛ فالغش في تزايد وغلاء الأسعار في تصاعد.. فما سبب فشل الجمعية؟

الحقيقة المُرّة عن وضع الجمعية ومجلس إدارتها كشفتها صحيفة الحياة يوم الخميس (24 يونيو 2010)؛ فقد صرح عدد من أعضاء مجلس إدارة الجمعية إلى صحيفة الحياة بأن رئيس مجلس إدارتها قد بالغ في التجاوزات المالية والإدارية التي كانت كفيلة بقتل طموح الجمعية وإعاقتها عن تنفيذ الأهداف التي أُنشئت من أجلها، ومن ضمن التجاوزات التي أشار إليها أعضاء مجلس الإدارة وقام بها رئيس مجلس إدارة الجمعية ما يأتي:

- زيادة راتبه إلى واحد وخمسين ألف ريال من تلقاء نفسه دون موافقة المجلس.

- استخدامه الجمعية ومواردها لتحقيق مصالح شخصية له على حساب المصلحة العامة.

- قيامه بالعديد من السفريات الخارجية والانتدابات غير المبررة التي لا تخدم الجمعية بقدر ما تخدم مصالحه الشخصية.

- قيامه بصرف أكثر من نصف مليون ريال خلال ثلاثة أشهر على مصروفات غير مقبولة لدى مجلس إدارة الجمعية.

- تهميش آراء أعضاء مجلس الإدارة وتفرده في اتخاذ قرارات الجمعية.

كنا نعتقد أن إنشاء جمعية حماية المستهلك قد جاء بوصفه خطوة مهمة في طريق الإصلاح الاقتصادي لتحقيق مصلحة الوطن والمواطن، ولم نكن نعتقد بأن إنشاء هذه الجمعية سيضيف المزيد من ممارسات الفساد المالي والإداري التي طالما نهشت في جسد العديد من المؤسسات الحكومية والأهلية.

وكنا نعتقد بأن إنشاء هذه الجمعية قد جاء بوصفه خطوة مهمة في سبيل حماية حقوق المستهلكين من تجاوزات بعض التجار، ولم نكن نعتقد بأننا سنحتاج إلى حماية المستهلكين من تجاوزات قادة جمعيتهم.

وكنا نعتقد بأن الجمعية ستعمل على إنشاء فروع لها في مختلف مناطق المملكة، وأن تتاح الفرصة لأكبر عدد ممكن من المواطنين الغيورين على هذا الوطن وأهله للمشاركة فيها، ولم نكن نعتقد بأن فروع الجمعية ستكون خارجية في دول أخرى من أجل تحقيق مصالح شخصية لا علاقة للجمعية بها.

وكنا نعتقد بأن الجمعية ستتولى رفع قضايا ضد التجار الذين يضرون بالمستهلك، ولم نكن نعتقد أننا سنشهد اليوم الذي نرى فيه المستهلكين يطالبون بتخصيص مكاتب قانونية تقوم بحمايتهم من تجاوزات الجمعية.

وأخيراً، كنا - ولا نزال - نعتقد بأن وزارة التجارة لن تقف موقف المتفرج أمام الشكوى التي تقدم بها أعضاء مجلس إدارة الجمعية ضد رئيس مجلس الإدارة على تجاوزاته الإدارية والمالية التي كانت كفيلة بقتل الجمعية من الوريد إلى الوريد.


5/7/2010م             عدد 13794