ترجمة

إسهامات الأمير نايف في خدمة السنة النبوية



د. محمد بن عبد العزيز الصالح

 من المعلوم لدى الجميع الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الإسلام والمسلمون في جميع بقاع الأرض وخاصة من قبل بعض الدول الغربية والتي تستخدم إعلامها استخداماً أمثل في تشويه تقاليد الإسلام وإظهار المسلمين ووصفهم بأبشع صور الإرهاب والدموية.
ولكون الإسلام ديناً عالمياً يدين به ويعتنقه مئات الملايين من البشر يتكلمون بلغات مختلفة بل إن نسبة ليست بالقليلة من المسلمين لا يتحدثون العربية وليس لديهم إمكانات تعلمها أو دراستها، ولأن تعلم السنة النبوية ضرورة شرعية تمليها علينا العقيدة الإسلامية حيث إن فهم آيات القرآن الكريم مرتبط بفهم السنة النبوية، وكثيراً ما ربط القرآن الكريم طاعة الله عز وجل بطاعة رسوله، وكثيرا ما أمر بالاستجابة لدعوة الرسول عليه الصلاة والسلام والأخذ بما جاء به، والنهي عما نهى عنه، كما أن سيرة صحابته صلى الله عليه وسلم تركت لنا الكثير في تتبع أقواله وأفعاله وتطبيق سنته صلى الله عليه وسلم.
كما أن الحاجة إلى نشر السنة النبوية، وتقوية الوعي بها وبيانها للعالم وفق أسلوب علمي متميز بالأصالة والفهم والدقة أمر متعين وخاصة على المؤسسات العلمية ومنها الجامعات، لذلك لا أرى غرابة في مبادرة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في تبني الإشراف على الجمعية العلمية السعودية للسنة وعلومها حيث تم تأسيس هذه الجمعية قبل خمس سنوات قامت خلالها بجهود مشكورة، وأعمال موفقة سواء بالتأليف أو النشر أو عقد الندوات أو المؤتمرات أو الترجمة.
ولأهمية دور الترجمة في نقل السنة الشريفة للملايين من المسلمين الذين لا يجيدون العربية قامت الجمعية العلمية السعودية للسنة وعلومها بتنظيم هذه الندوة تحت اسم (ندوة ترجمة السنة والسيرة النبوية) وذلك لما للترجمة من أهمية قصوى وخاصة إذا تميزت بالدقة والإتقان وحسن الأسلوب خاصة في ظل الظروف العالمية التي نعيشها الآن وما نسمعه بين فترة وأخرى من تشويه لتعاليم الإسلام أو لشخصية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، هذه التجاوزات تحتم علينا جميعاً وضع البرامج المدروسة والوسائل المتقنة، واستخدام الأساليب الهادئة لبيان سماحة الإسلام وتعاليم نبي الأمة عليه أفضل الصلاة والسلام، ولعل من أهم هذه الوسائل أو الأساليب نشر السنة الشريفة بعدة لغات لتوضيح حقيقة الإسلام ووسطيته وما يدعو إليه نبي الرحمة من العدل والإحسان.
ولكون الاهتمام بالسنة المطهرة لم يقتصر على نشاطات هذه الجمعية بل تعداه إلى اهتمام جهات أخرى كثيرة ومتعددة منها المؤسسات التعليمية من جامعات وغيرها، ولعل وجود أقسام علمية خاصة في بعض الجامعات تعنى بالسنة وعلومها لخير دليل على ذلك.
كما أن كثيراً من الرسائل العلمية، والبحوث كتبت ولاتزال في مجال التحقيق والتوثيق والدراسة لبعض موضوعات الحديث النبوي الشريف، كما أن الاهتمام بتوثيق (رواة الحديث) ودراسة علم مصطلح الحديث لايزال وسيبقى بإذن الله على رأس اهتمامات جامعاتنا العلمية المتخصصة.
وعن الحديث عن الاهتمامات خارج نطاق المؤسسات العلمية، فيأتي اهتمام صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز (وزير الداخلية) على رأس هذه الاهتمامات، فقد أمر سموه الكريم بتأسيس (جائزة نايف بن عبدالعزيز آل سعود للسنة النبوية والدراسات المعاصرة) ومن المعلوم أنها جائزة عالمية عن السنة النبوية، والدراسات الإسلامية المعاصرة، كما تهدف الجائزة إلى تشجيع البحث العلمي في مجال السنة المطهرة وعلومها والدراسات الإسلامية المعاصرة، كما أنها تسهم في دراسة الواقع المعاصر للعالم الإسلامي واقتراح الحلول المناسبة لمشكلاته بما يعود على الإسلام والمسلمين بالنفع في حاضره ومستقبله، كما تهدف إلى إبراز محاسن الدين الإسلامي الحنيف وصلاحيته لكل زمان ومكان.
 
كما أن من أبرز اهتمامات سموه بهذا الجانب رعايته الكريمة لجائزة الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود التقديرية لخدمة السنة وعلومها، فهذه الجائزة عالمية تقديرية تمنح بصفة دورية كل عامين في مجال من مجالات خدمة السنة النبوية الهدف منها تشجيع تحقيق كتب التراث في السنة النبوية ودراستها، وتطوير التقنية في خدمة السنة كما يتم تمويلها من قبل سموه الكريم.
إضافة إلى ذلك فإن إسهامات سموه الكريم في خدمة السنة النبوية امتدت لترعى حفظة الحديث الشريف حيث يرعى (حفظه الله) مسابقة الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود لحفظ الحديث الشريف (وهي مسابقة تستهدف الناشئة والشباب من طلاب المراحل الدراسية المختلفة في المملكة لربطهم بالسنة المطهرة وتشجيعهم على العناية بها وحفظها وتطبيقها وخصصت لها الجوائز النقدية المجزية من قبل سموه.
كما تأتي رعاية سموه الكريمة للندوات واللقاءات التي تعقدها الجمعية وآخرها ندوة ترجمة السنة والسيرة النبوية (والتي ستقيمها الجمعية بمقرها بالرياض خلال الفترة من (23-25- 2-1429هـ) وجهاً آخر مضيئاً من اهتمامات سموه الكريم بهذا الجانب.
كل هذه الاهتمامات من لدن سموه الكريم بالسنة النبوية المطهرة خير دليل على الجهود التي بذلها ويبذلها في هذا المجال، راجياً الله أن يكون ذلك في ميزان حسناته وأن يكون في هذه الندوة الخير والفائدة وأن يجزي المشاركين فيها المثوبة، وأن يجعل في نتائجها فائدة للإسلام والمسلمين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

 

29 / 2 / 2008م       عدد 12937

 

 

المردود الاقتصادي للكاميرات المرورية



د. محمد بن عبد العزيز الصالح

 في أعقاب موافقة مجلس الوزراء الموقر على وضع تنظيمات آلية دقيقة لرصد المخالفات المرورية من خلال استخدام كاميرات الرصد وذلك على غرار ما هو مطبق في العديد من الدول المتحضرة، قامت وزارة الداخلية ممثلة في الإدارة العامة للمرور وبمشاركة الجهات ذات العلاقة بدراسة الموضوع دراسة متكاملة من كافة أبعاده المرورية والاقتصادية والأمنية، وقد تمخض عن ذلك قيام الوزارة بإبرام ثلاث عقود مع شركات عالمية بهدف رصد وضبط المخالفات المرورية في بعض المناطق آلياً من خلال عقود البناء والتشغيل (BOT).
وإذا كان استخدام الكاميرات سيسهم في الحد من المخالفات المرورية ومن ثم الحد من أعداد الحوادث المرورية والتي يذهب ضحيتها سنوياً ما يزيد على الخمسة آلاف قتيل، إضافة إلى عشرات الألوف من المعاقين والمصابين من جراء تلك الحوادث المرورية، فإن إقرار تنفيذ مشروع استخدام الكاميرات من قبل تلك الشركات العالمية وبمشاركة شركات استثمارية وطنية إنما يأتي انطلاقاً من سياسة الدولة الداعم لتشجيع تدفق الاستثمارات الأجنبية الخاصة في عملية تطوير خدمات البنية التحتية، كما يمثل ذلك توسعاً في طرح الفرص الاستثمارية المجدية اقتصادياً أمام المؤسسات والشركات الوطنية. والإدارة العامة للمرور سبق أن قامت بتطبيق التجربة في مدينة الرياض حيث تم تركيب عدد من الكاميرات الخاصة بمراقبة السرعة وتجاوز الإشارات المرورية التي تتميز بتقنية عالية وقدرة متناهية في رصد المخالفات المرورية، وقد سبق أن أكد مدير إدارة مرور الرياض العقيد عبدالرحمن المقبل، على النجاح منقطع النظير الذي تحقق من تركيب تلك الكاميرات في عدد من الطرق والتقاطعات المرورية بمدينة الرياض، وقد أوضح بأن تطبيق تلك الكاميرات قد أسهم وبشكل ملحوظ في التقيد بالسرعة وعدم تجاوز الإشارة المرورية في المواقع التي تم تركيب كاميرات بها، كما أسهم ذلك من خلال الانخفاض الملحوظ في تسجيل المخالفات المرورية في تلك المواقع. إضافة لذلك فقد أثبتت الدراسات بأن تطبيق تلك الكاميرات يسهم بشكل كبير في تحقيق وفر اقتصادي وذلك من خلال الحد من كلفة الإنفاق، وفي ذلك يوضح مدير مرور الرياض بأن استخدام تلك الكاميرات على طرق معينة بالعاصمة قد أسهم في توفير عمل اثنين وعشرين دورية مرورية كانت تعمل في تلك الطرق والمواقع التي تم تركيب الكاميرات بها، وما من شك فإن التوسع في تعميم مشروع رصد المخالفات المرورية من خلال الكاميرات في عدد من مناطق المملكة سيؤدي إلى تحقيق دخل مالي كبير لخزانة الدولة وذلك بعد اقتطاع أجور وأرباح الشركات المشغلة للمشروع. ومن أجل تحقيق نجاح متكامل مع البدء في تطبيق مشروع رصد المخالفات المرورية عن طريق الكاميرات، فإن من الأهمية أن تقوم الإدارة العامة للمرور بحملات توعية مكثفة من خلال وسائل الإعلام المختلفة، إضافة إلى أهمية تدريب وتأهيل كافة العاملين بالمشروع سواء من منسوبي المرور أو منسوبي الشركات المشغلة مع أهمية قيام الإدارة العامة للمرور بمراقبة أداء الشركات المشغلة، كذلك من الأهمية أن يتم الاستعجال في إبلاغ المخالف بمخالفته بمجرد تسجيل تلك المخالفة عن طريق الكاميرات، مع أهمية إتاحة الفرصة للمخالف بالاعتراض على المخالفة المحررة عليه.
ختاماً طالما أن التجربة قد أثبتت نجاحاً منقطع النظير في الحد من الفوضى المرورية والتي خلفت عدداً كبيراً من الضحايا، إضافة إلى تحقيق الفوائد الاقتصادية المجدية من خلال الدخول المالية الكبيرة والخفض في استخدام القوى البشرية من جراء استخدام الكاميرات، فإن ذلك سيدفعنا إلى المطالبة بالمسارعة في تعميم تركيب تلك الكاميرات في كافة مناطق ومحافظات المملكة.

 

24 /2 / 2008م    عدد 12932

 

 

لقد طفح الكيل



د. محمد بن عبد العزيز الصالح

 نشرت الصحف خلال الأيام القليلة الماضية أخباراً تتعلق بضبط جرائم يسم لها البدن ويقف لها شعر الرأس. ومن تلك الجرائم:
- رصد 265 طناً من المواد الغذائية الفاسدة غير الصالحة للاستخدام الآدمي.
- ضبط كميات كبيرة من الأدوية منتهية الصلاحية في عدد من الصيدليات.
- الكشف عن مستودعين لتخزين المواد الغذائية منتهية الصلاحية.
- ضبط عصابة تسوق زيوت زيتون منتهية الصلاحية وتقوم بوضع تواريخ جديدة عليها.
- ضبط 12 مركزاً لخدمة السيارات تبيع إطارات منتهية الصلاحية حيث تم مصادرة 1930 إطاراً مغشوشاً.
تلك الجرائم الشنيعة لا يعدو كونها نقطة في بحر من حجم المواد الغذائية والأدوية الفاسدة التي لا تصلح للاستخدام الآدمي، والتي تسوق لها الكثير من الأسواق والمحلات التجارية، خاصة إذا ما علمنا بأن أعداد المراقبين الخاصين بحماية المستهلك في كل منطقة من مناطق المملكة لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة. نعم إن ما تم ضبطه لا يمثل سوى جزاء يسير من تلك الأغذية الفاسدة والتي أزهقت بسببها الكثير من أرواح أهلنا ومحبينا، ناهيك عن تلك الأعداد الكبيرة من المرضى التي تغص بها المستشفيات بسبب تناول تلك السلع المسمومة وغير الصالحة للاستخدام الآدمي.
كل ذلك يحدث في ظل غفلة من الأجهزة التنفيذية ذات العلاقة، وكل ذلك يحدث في ظل عقوبات مخزية تتضمنها الأنظمة واللوائح وتساعد عديمي الذمم من التجار على التمادي بتسويق تلك السلع للمواطنين وكل ذلك يحدث في ظل توجيهات القيادة - حفظها الله - لكافة الأجهزة التنفيذية ذات العلاقة بالحفاظ على سلامة وصحة المواطن، وكل ذلك يحدث في ظل تغطيات إخبارية وتحقيقات صحفية مكثفة كاشفة لتلك الجرائم الإنسانية التي تحدث في أسواقنا بشكل يومي، ولكن لا حياة لمن تنادي.
والسؤال هنا إلى متى سيستمر انتشار هذه الجرائم الإنسانية من خلال تسويق تلك السموم والأغذية الفاسدة في أسواقنا، ثم ماذا تحتاج الأجهزة التنفيذية ذات العلاقة حتى تتمكن من السيطرة على تلك الجرائم.
الجهات الأمنية لم تقصر فهي تسهم في ضبط العشرات من تلك الجرائم، والصحافة لم تقصر فهي ومنذ سنوات تنشر الكثير والكثير من تلك الجرائم. وعلى الرغم من ذلك نجد فشلاً ذريعاً من قبل الجهات المعنية بذلك في السيطرة على تلك الجرائم، بل إنني لا أبالغ إذا قلت بأن هناك تزايد وانتشار في حجم تلك الجرائم الإنسانية والتي تأثرت بسببها صحتنا وأرواحنا.
فماذا تحتاج تلك الأجهزة حتى تتمكن من التغلب على تلك الجرائم، لقد سبق أن صدرت قرارات لمجلس الوزراء بإنشاء وكالة لشؤون المستهلك بوزارة التجارة، وكذلك جمعية أهلية تسمى بجمعية حماية المستهلك، وعلى الرغم من ذلك لا تزال تلك الجرائم الإنسانية في ازدياد، وصدقوني طالما أن العقوبات التي تتضمنها أنظمة ولوائح الغش التجاري غير رادعة، فلن يتم القضاء على الغش التجاري حتى لو تم إنشاء وزارة مستقلة لحماية المستهلك.
ولمجرد التذكير، أشير إلى أنه سبق أن تم ضبط:
- 31 طن لحوم فاسدة في حي السلي بالرياض.
- 17 طناً من المستحضرات الطبية الفاسدة.
- 3300 رأس غنم و3300 كبدة منتهية الصلاحية تم توزيعها على محلات المندي في وسط الرياض.
- مؤسسة تسوق الأدوية الفاسدة ومنتهية الصلاحية من خلال 300 صيدلية في مدن مكة وجدة والمدينة وأبها والطائف.
فماذا تم حيال هؤلاء المجرمين، وما هي العقوبات التي طبقتها وزارة التجارة أو وزارة الصحة بحقهم، صدقوني إننا عندما نعلم العقوبات التي طبقت بحقهم ومدى ضآلتها سندرك جميعاً السبب في فشل تلك الوزارات في القضاء على جرائم الغش التجاري.
باختصار الموضوع لم يعد يحتمل، والموضوع يحتاج تدخل من أعلى السلطات في الدولة لإقرار العقوبات الرادعة من تشهير وسجن بل وحتى قتل من يتسبب في إزهاق الأرواح البريئة، ألا يمكن اعتبار من يسوق تلك السلع غير الصالحة للاستخدام الآدمي على أنه من المفسدين في الأرض وبالتالي تطبيق العقوبة الشرعية المناسبة بحقه، ألا يمكن اعتباره مرتكب لجريمة قتل جماعي مع سبق الإصرار على فعل ذلك.
وللمعلومية فإن عقوبة الإعدام هي العقوبة المطبقة في دولة الصين وعدد من الدول الأخرى بحق من يقوم بالمتاجرة بأرواح الناس من خلال تسويق تلك السموم والأغذية الفاسدة. لمجرد المعلومية.
 

 

17 / 2 / 2008م    عدد 12925

 

 

 

حديث العثيم خطير فما هو رد الأمانة ؟



د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 كنت قد كتبت في زاوية الأسبوع الماضي (الأحد 25-1-1429هـ) عن مؤشر الأسعار لبعض منافذ البيع بالتجزئة بمدينة الرياض، الذي بدأت أمانة منطقة الرياض العمل به خلال الأسابيع الأربعة الماضية تنفيذاً لتوجيهات سمو أمير المنطقة.
وقد تطرقت في كتابتي إلى وجود الفوارق الكبيرة في أسعار السلع الأساسية والغذائية التي تُسوِّقها المراكز التجارية في مدينة الرياض للمواطنين حيث كشفت بأن الفرق في أسعار شراء نفس السلعة في متاجر مختلفة في مدينة الرياض يصل إلى أكثر من 50%، وقد فسرت ذلك التباين غير المبرر في السعار بين التجار بأنه جشع من البعض منهم على حساب حاجة المواطنين لاقتناء احتياجاتهم من السلع الأساسية.
وكانت (الجزيرة) قد نشرت في عددها الصادر يوم الاثنين (26-1-1429هـ) تعقيباً على كتابتي من قبل سعادة الأستاذ عبدالله بن صالح العثيم رجل الأعمال المعروف وصاحب أحد أكبر الأسواق التموينية بالمملكة، وقد كان سعادته منزعجاً من وصفي لعملية التفاوت الكبير في أسعار السلع، التي أوضحها المؤشر بأنها جشع تجار، وقد علَّق سعادته بالقول: (.. إن أسعار شركة العثيم المعلن عنها هي أسعار التكلفة والدليل على ذلك أننا حققنا المركز الأول في نشرة الأسعار من حيث عدد الأصناف التي نعتبر فيها الأقل سعراً خلال الأسبوعين الأول والثاني، إلا أن بعض الأسواق الأخرى اتجهت خلال الأسبوع الثالث والرابع إلى تضليل المواطنين بعرض أسعار وهمية تقل بكثير عن سعر التكلفة الفعلي لأصناف لا تتوفر لديها وأنها تحدد كمية البيع بحبة أو حبتين وهو ما أدى إلى وجود فرق غير مبرر بالأسعار وأدى كذلك إلى عكس صورة غير صحيحة عن اتجاهات السوق وأسعار المواد الغذائية، واتهام بعض التجار بالجشع).
الجدير بالذكر أن تصريح الأستاذ عبدالله العثيم قد تضمن أيضاً بأنه سبق أن أطلع المسؤولين بأمانة منطقة الرياض بهذه المخالفات، وأنه يأمل تدخل سمو الأمين لردع هذه الأسواق والتحقيق بمخالفاتها وإيقافها عن إفشال مؤشر الأسعار والتشهير بها وحثها على نشر أسعارها الحقيقية وليست التسويقية لأصناف لا تتوفر لديها. إنني أعتقد بأن ما ذكره الأخ عبدالله العثيم إنما هو كلام خطير وعلى الأمانة التوقف عنده كثيراً، كما أن على الأمانة إيضاح الحقيقة للمواطنين، وعليها أيضاً تطبيق العقوبات الرادعة بحق المخالف من التجار أو الأسواق، وأخص بالذكر تطبيق عقوبتي التشهير والإغلاق لعدد من الأيام، دون الاكتفاء بفرض العقوبات المالية المحدودة، حيث إن في ذلك تشجيعاً للمخالف من تلك الأسواق على الاستمرار في خداع المواطنين، علماً بأن الأخ عبدالله العثيم قد أشار في معرض تعقيبه: (... إن الاكتفاء بفرض الغرامات المالية لن يوقف هذه الأسواق عن تلك المخالفات لأنها تعتبر تلك الغرامات مصاريف تسويقية وهو ما يؤدي مستقبلاً إلى فقدان ثقة المواطن بمؤشر الأسعار وعكس صورة غير صحيحة عن اتجاهات سوق السلع الاستهلاكية).
وفي ظني أن على الأمانة عدم الاكتفاء بتطبيق العقوبات وإنما عليها تطبيق آلية التحفيز أيضاً من خلال إبراز أسماء المتاجر والأسواق التي تكون أسعارها الأقل مقارنة ببقية الأسواق الأخرى.
ختاماً، إذا كانت أمانة منطقة الرياض قد تميزت عن غيرها من أمانات المناطق الأخرى بأنها كانت سباقة إلى إطلاق مؤشر الأسعار حرصاً منها على الوقوف مع المواطنين في مواجهة التجاوزات غير المبررة من قبل بعض التجار والأسواق، فإن على الأمانة أن تقف موقفاً حازماً في مواجهة تلك التجاوزات إذا ما أرادت أن تزرع الثقة في نفس المواطنين تجاه مؤشر الأسعار.
 

10 / 2 / 2008م         عدد 12918

 

 

مؤشر الأسعار.. وجوانب تحتاج إلى وقفة



د. محمد بن عبد العزيز الصالح

 وأنا أستعرض جدول مؤشر الأسعار الأسبوعي لبعض منافذ البيع بالتجزئة بمدينة الرياض عن الفترة (14-1-1429هـ وحتى 21-1-1429هـ) والذي نشرته صحيفة الجزيرة في عددها الصادر يوم الثلاثاء الماضي الموافق 21-1- 1429هـ وكذلك بعض اللقاءات التي أجرتها الجزيرة مع بعض أصحاب المتاجر والأسواق الكبيرة بالرياض، حيث أبدوا وجهة نظرهم حيال المؤشر والايجابيات
المتوقعة من العمل به، لفت انتباهي عدد من الملاحظات حول المؤشر، كما تبادر إلى ذهني عدة أمور منها:
جشع وتفاوت غير مبرر للأسعار
كشف المؤشر عن فوارق كبيرة في أسعار السلع الغذائية الأساسية والتي تسوقها المراكز التجارية في مدينة الرياض كما وضحه الجدول.
فهل يعقل أن يبلغ الفرق بين سعري شراء نفس السلعة في متجرين مختلفين في نفس الحي والمدينة إلى 45% وهل يعقل أن يترك بعض الجشعين من التجار ليضعوا ما يروق لهم من اسعار على حساب حاجة المواطنين لاقتناء احتياجاتهم من السلع الأساسية؟!، ثم أين الجهات الرقابية المناط بها مراقبة الأسعار؟، واين الجهات الرقابية المناط بها حماية المستهلك؟، أين وزارة التجارة عن تلك الفوضى؟.
ألم ينشئ مجلس الوزراء وكالة لوزارة التجارة تعنى بشؤون المستهلك؟ ألم يسبق أن أنشأت الدولة جمعية أهلية تسمى بجمعية حماية المستهلك تعنى بشؤون المستهلك ورعاية مصالحه والدفاع عنها وتبني قضاياه لدى الجهات الحكومية والخاصة؟ ثم إلى متى ستستمر المجالس العليا في الدولة باصدار القرارات الهامة دون أن يكون لها تفعيل وتنفيذ فعلي من قبل الجهات الحكومية التنفيذية؟ ألا يكفي المواطن ما يعانيه من تبعات ارتباط الريال بالدولار والذي أدى بدوره إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة؟، فلماذا إذاً تسهم الجهات الحكومية التنفيذية ذات العلاقة بتلك المعاناة من خلال غض النظر عن الجشعين من التجار وعدم وقفهم عند حدهم؟.
فرض الضرائب والبطاقة الجمركية
إنني أتساءل لماذا يقسو بعض التجار على اخوانهم المواطنين من خلال المبالغة غير المبررة في حجم الأرباح التي يحققونها من بيع السلع الغذائية الأساسية؟ وإذا كانت الدولة - حفظها الله - لا تفرض نسبا ضريبية عالية على ما يحققه التجار وأصحاب المراكز التجارية من أرباح وذلك على غرار ما هو معمول به في معظم دول العالم، فهل يكون اسداء المعروف للدولة من خلال تأليب وشحن المواطنين من خلال قهرهم بتلك النسب العالية من الأرباح التي يحققها التجار، مما أسهم في رفع أسعار تلك السلع الأساسية بشكل يصعب على الكثير من المواطنين اقتناؤها.
وطالما أن لدينا فئة من التجار ممن أعماهم حب المال وغير مبالين بما يلحقونه من أضرار بإخوانهم المواطنين من جراء تلك المبالغة غير المبررة في نسب الربحية العالية التي تفرض عند تسويق السلع الأساسية على المواطنين، فإنني أقترح أن تقوم الدولة بإلزام كافة التجار بأن يعملوا من خلال البطاقة الجمركية، بحيث يتم إلزام كافة المتاجر والأسواق بأن تبرز للمتسوقين البطاقة الجمركية التي تتضمن سعر استيراد جميع السلع التي يتم تسويقها في المحل أو المتجر على أن تقوم الدولة بتحديد نسبة ربح معينة يمكن للتاجر تحقيقها من خلال تسويق تلك السلعة وبذلك لا يتردد بعض التجار في تطبيقها طمعاً في زيادة جانب الربحية للتاجر مما انعكس سلباً على عدم قدرة الكثير من المواطنين محدودي ومتوسطي الدخل من تأمين احتياجاتهم من السلع الأساسية، وكما هو معلوم فإن وكلاء السيارات هم الوحيدون الذين يعملون من خلال البطاقة الجمركية حيث يتضح من خلالها التكلفة الفعلية لاستيراد السيارة على الوكيل، مع ايضاح نسبة الربح المحددة من قبل الدولة والتي يمكن لوكلاء السيارات تحقيقها، فلماذا لا يتم تعميم ذلك على كافة السلع والبضائع؟ بحيث يتم تحديد نسب ربحية محددة عند تسويق تلك السلع مع فرض العقوبات المشددة على كل متجر لا يلتزم بذلك.
انسحاب بعض المتاجر من المؤشر!!
في الوقت الذي استبشرنا فيه خيراً بتزايد عدد المراكز التجارية التي انضمت لمؤشر قياس الأسعار وذلك استجابة للدعوة التي وجهها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، إضافة إلى ما صرح به سمو الأمير عبدالعزيز بن عياف آل مقرن أمين منطقة الرياض حيث توقع سموه بدخول مراكز تجارية جديدة للمؤشر، إلا أنني لا أتفق مع ما نشرته بعض الصحف عن انسحاب أحد المراكز التجارية الكبيرة في مدينة الرياض من المؤشر.فما الذي دفع ذلك المركز التجاري للانسحاب من المؤشر؟ وهل من المناسب ترك الحرية للتجار وأصحاب المراكز التجارية بالانضمام للمؤشر؟ أعتقد بأن على الجهات المعنية وأخص بالذكر أمانة منطقة الرياض، وهي التي قامت مشكورة بالبدء في تجربة المؤشر، بأن تلزم كافة المتاجر والمراكز الكبيرة للتسوق بالانضمام للمؤشر، وألا يترك ذلك للتجار حيث سيسهم ذلك في كشف أسعار السلع في تلك المتاجر مما يعطي المواطن الحرية في اختيار المتجر الأنسب للتسوق.
شر البلية ما يضحك
وفي لقاء صحفي في إحدى الصحف المحلية على هامش مؤشر الأسعار، مع عدد من التجار وأصحاب المراكز التجارية المشاركين في مؤشر الأسعار حيث أبدوا وجهة نظرهم حيال تجربة الأمانة، وقد تحدث أحد التجار معلقاً على نشر مؤشر الأسعار في الصحف قائلا: (..إنها تجربة موفقة منعت من جشع التجار وحدت من ارتفاع الأسعار...) المضحك في الأمر أنه وباستعراض أسعار السلع الغذائية التي عرضها مؤشر الأسعار الذي نشرته الجزيرة في ذلك اليوم، يتضح أن أسعار السلع في الأسواق التي يملكها ذلك التاجر هي الأعلى على الاطلاق مقارنة بأسعار السلع المماثلة في المتاجر والأسواق الأخرى، فأي منع للجشع يتحدث عنه ذلك التاجر طالما أنه يسوق سلعه وبضائعه للمواطنين بأسعار مبالغ فيها وبنسب زيادة تصل إلى 40% مقارنة بأسعار السلع المماثلة في المتاجر والأسواق الأخرى؟!، ولكن لا نقول سوى أن شر البلية ما يضحك.
دور المواطن
عزيزي المواطن، طالما أن أمانة منطقة الرياض قد عملت مشكورة على اتاحة الفرصة لك للوقوف على أسعار السلع في المتاجر والأسواق من خلال نشر أسعار تلك السلع في مؤشر أسبوعي ينشر في الصحف، وطالما أن هناك اختلافات كبيرة في أسعار السلع المماثلة في المتاجر الموجودة في نفس المدينة وأحياناً نفس الحي، وقد تصل تلك الفروقات إلى 40% تقريباً، لذا فإن الدور الأهم يكون عليك أيها المواطن من خلال اختيار المتجر أو السوق الذي لا يبالغ في أسعاره، والتي يتمتع أصحابها بحس وطني وغيرة وحرص على اخوانهم المواطنين من خلال الاكتفاء بربح معقول غير مبالغ فيه، كما أن على المواطن هجر كافة المتاجر والأسواق غير المدرجة ضمن مؤشر الأسعار الأسبوعي.
شكراً سمو الأمير ..شكراً سمو الأمين
كلمة شكر لا تكفي لأميرنا المحبوب سلمان بن عبدالعزيز على توجيهات سموه لأمانة منطقة الرياض بإطلاق مؤشر أسعار السلع، ويأتي توجيه سموه - حفظه الله - تأكيداً على أن هموم المواطنين هي الشغل الشاغل لسموه، وهي منطلق كل اهتماماته، كما أن توجيه سموه بإطلاق مؤشر الأسعار يأتي كدلالة مؤكدة على أن منطقة الرياض هي منطلق العديد من التوجهات الاستراتيجية والمشاريع التنموية التي طالما استفادت منها بقية مناطق المملكة، فالهيئة التطويرية للمنطقة انطلقت من الرياض وطبقتها عدد من المناطق الأخرى، والخطط الاستراتيجية العمرانية والمرورية وغيرها، انطلقت من الرياض واستفادت منها بقية المناطق الأخرى، ولذا فإنني أدعو هنا بقية المناطق الأخرى إلى الاستفادة من تجربة منطقة الرياض باطلاقها مؤشرا لأسعار السلع ليس على مستوى المناطق فحسب وإنما على مستوى المحافظات أيضاً.
وكلمة شكر يجب أن تقال في حق سمو أمين منطقة الرياض على قدرته وتمكنه من ترجمة العديد من التوجهات والرؤى الاستراتيجية لسمو الأمير سلمان وسمو نائبه الامير سطام ووضعها محل التنفيذ الفعلي على أرض الواقع، وما شروع أمانة منطقة الرياض بنشر مؤشر أسعار السلع الأسبوعي إلا دلالة مؤكدة على ذلك.
 
3 / 2 / 2008م     عدد 12911