ترجمة

طالما

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
طالما أن فواتير الكهرباء تصل لكل بيت فما المانع أن يتم إيصال البريد واللبن والخبز كل صباح على غرار ما هو موجود في كافة الدول باستثناء المملكة.. لا أظن أن هناك أي بلد في العالم غالبية السكان فيه يعملون كسعاة بريد كما هو الحال لدينا.
* طالما أن السن القانوني لقيادة السيارة هو ثمانية عشر عاماً، فلماذا نرى الكثير ممن يتجولون في الشوارع وممن يتسببون في الحوادث المرورية هم من دون هذه السن.
* طالما أن الكثير من العمالة الأجنبية العاملة في إنشاء المباني، وكذلك في الكثير من المحلات التجارية الصغيرة تمارس أعمالا بخلاف الغرض الذي من أجله تم استقدام تلك العمالة، وبخلاف ما هو مدون في إقامة كل منهم. فلماذا يواجه الاخوة في وزارة العمل صعوبة في السيطرة على تلك العمالة المتسيبة وترحيلها لبلادها طالما اننا بأمس الحاجة لايجاد فرص عمل لابنائنا.
* طالما أن آلاف البشر لدينا يذهبون ضحايا الحوادث المرورية سنوياً وبمعدلات تفوق معظم دول العالم، فلماذا لا يتحرك رجال المرور لوقف هذا النزيف؟ ولماذا لا توضع العقوبات الرادعة؟ ولماذا لا تطبق تلك العقوبات على الجميع؟
* طالما أن لائحة المخالفات البلدية والصادرة بقرار من مجلس الوزراء تتضمن عقوبات متعددة بحق كل من يرمي المخلفات من السيارات، فلماذا يترك بعض المستهترين يرمون مخلفاتهم حتى يومنا هذا؟ ومتى سيتم وقفهم عند حدهم؟
* طالما أن هيئة الاتصالات لم تتدخل طوال السنوات الماضية إزاء قيام شركة الاتصالات بفرض الرسوم العالية على مختلف خدمات تأسيس وتشغيل الجوال والتي عانت منها جيوب المشتركين كثيراً، فلماذا تتدخل الهيئة الآن معلنة بأنها لن تسمح بالمنافسة بعد دخول شركة إتصالات الأمارات منافساً لشركة الإتصالات السعودية؟ خاصة وأن تلك المنافسة بين الشركتين ستعود بوفر كبير على المشتركين، فهل يعقل أن يكون حرص هيئة الاتصالات على عدم المساس بربحية شركات الاتصالات السعودية والأجنبية أكثر من حرصها على عدم استنزاف جيوب المواطنين؟ وطالما أن هذا هو نهج هيئة الاتصالات والتي يفترض أن يكون دورها حياديا ومراعيا لمصلحة المواطن، لذا لن نتوجه باللوم لمجلس إدارة شركة الإتصالات السعودية على أي قرار تتخذه مهما كان قاسياً على المواطنين لأن ربحية الشركة هو ما يهم مجلس إدارتها في المقام الأول.
* طالما أن فشلنا (بل فضائحنا) الرياضية تتواصل من منافسة إلى أخرى قياساً على ما تهيئه الدولة من موازنات مالية طائلة، فلماذا لا يكون هناك غربلة كاملة وتغيير جذري على كافة المستويات الإدارية وفي كافة الأجهزة والاتحادات الرياضية.
* طالما أن العقوبات التي تطبقها وزارة الثقافة والإعلام على المتلاعبين بنسخ أشرطة C.D تصل إلى نصف مليون ريال كغرامة مالية وكذلك عقوبة السجن والتشهير وإغلاق المحل، فلماذا ترأف وزارة الصحة بمرتكبي التجاوزات الطبية حيث لا تتعدى العقوبة عليهم سوى عدة آلاف (إن لم يكن مئات) الريالات فقط على الرغم من المخاطر الجسيمة التي تلحق بأرواحنا من جراء تلك التجاوزات الطبية.
*طالما أنه يتم التشهير بكل من يرتكب جريمة رشوة وذلك من خلال النشر في مختلف الصحف فلماذا لا يتم الكشف عن ذلك التاجر الراشي صاحب الصيدليات على الرغم من ضخامة تلك القضية لدرجة انها أصبحت قضية عامة.
* طالما أن 80% من المراكز الصحية في مناطق المملكة غير صالحة وليست مهيأة (ولا تهون المدارس) وفقاً لما أعلنه وزير الصحة، فما الذي يمنع الوزارة من الاستنفار وطرق أبواب شركات الإنشاءات والمقاولات وكذلك بنوك التمويل ومن ثم العمل بموجب آلية (الإيجار المتنهي بالتمليك) ألن يؤدي ذلك إلى بناء كافة احتياجات الوطن من المراكز الصحية وبالمواصفات النموذجية التي تضعها الوزارة، ثم ألن يؤدي اتباع تلك الآلية إلى تملك الوزارة لتلك المراكز الصحية النموذجية في نهاية العقد وذلك بدلاً من ضياع أموال الوزارة هباءً من خلال دفع تلك الإيجارات المبالغ فيها أساساً.
25 / 9 / 2004م              عدد 11685

التواجد الأمني داخل الأحياء السكنية

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
تبذل الدولة الكثير من أجل تنشئة شباب وفتيات هذا البلد بإنشاء المدارس وتوفير المعلمين الأكفاء، كما تقوم بإنشاء المجمعات التعليمية في مختلف الأحياء السكنية، حيث تحتضن تلك المجمعات الآلاف من الطلبة والطالبات، وعلى الرغم من الكثافة البشرية عند بداية وانتهاء وقت الدوام في تلك المجمعات التعليمية، إلا أننا مازلنا نلحظ قلة وجود رجال الدوريات والشرطة والمرور عند تلك المجمعات على الرغم من أهمية وجودهم عند حضور وانصراف الطلبة من مدارسهم، وعلى الرغم من قيام بعض مديري المدارس والمجمعات التعليمية بالاتصال المتكرر بغرض وجود الدوريات الأمنية بالقرب من المدارس عند حضور الطلبة وانصرافهم، إلا أن ذلك لم يتحقق في الكثير من المجمعات التعليمية، ونعلم جميعا ما قد يحصل بين الطلبة من مشاجرات بعد خروجهم من المدارس، فضلا عن قلق الكثير من أولياء أمور الطلبة على ما قد يتعرض له أبناؤهم من إشكالات أومخاطر خارج أسوار المدارس، ولا سيما ان بعض الآباء قد يضطر الى التأخر في إحضار أبنائهم من المدارس بسبب ارتباطاتهم العملية، علما بأن مسؤولية حماية هؤلاء الطلبة والطالبات بعد خروجهم من المدارس هي مسؤولية الجهات الأمنية وليست مسؤولية إدارة المدرسة.
الملاحظ أن سيارات المرور عادة ما توجد في الطرقات الرئيسية وكذلك عند الإشارات الضوئية، ولكننا لا نرى تواجداً لها عند المجمعات التعليمية، وبمناسبة بداية العام الدراسي، فإنني أقترح أن يتم تكليف أقسام الشرطة والدوريات الأمنية الواقعة في نفس الأحياء التي توجد بها تلك المجمعات التعليمية بالتواجد عند كافة تلك المجمعات خلال أوقات دخول وخروج الطلبة والطالبات، وما من شك ان ذلك سيقضي على كافة الممارسات الخاطئة من مشاجرات أو معاكسات أو غيرها.
إضافة الى ذلك، فإنه من الأهمية أن يكون هناك تواجد مستمر للدوريات الأمنية داخل الأحياء السكنية خاصة أوقات المساء حيث سيترتب على ذلك الحد أو القضاء على جرائم السرقات التي انتشرت مؤخراً، وبدلا من أن يقتصر دور تلك الدوريات على توجيه السؤال التقليدي (هل تتهم أحداً وهل تشك في أحد) ثم ينتهي دورها عند ذلك، فبدلا من ذلك سيترتب على الوجود المستمر لتلك الدوريات في الأحياء انها ستبدأ تستجوب كل من يوجد في الحي من غير أهله وتدور حوله الشبهات.
18 / 9 / 2004م                عدد 11678

البنك المركزي الخليجي.. التحدّي الأكبر لدول المجلس

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
أكدت مصادر مطلعة في الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي مؤخراً أن اللجنة الفنية للاتحاد النقدي الخليجي قد أبدت قناعتها بإنشاء البنك المركزي الخليجي منتصف عام 2006م بحيث يتولى إدارة السياسة النقدية الموحدة على أن يتم الإبقاء على البنوك المركزية الحالية؛ لتنفيذ سياسة البنك المركزي الخليجي.
ما من شك أن إنشاء هذا الاتحاد النقدي الموحّد بين دول المجلس إنما يعتبر مرحلة متقدمة من مراحل التكامل الاقتصادي الذي تسعى دول المنطقة لتحقيقه منذ إنشاء المجلس، ويعني إنشاء هذا الاتحاد أن يتم إعداد وتنفيذ ومراقبة السياسة النقدية من خلال مؤسسة نقدية مركزية (البنك المركزي الخليجي). الجدير بالذكر أن المرحلة الأصعب في سبيل إنشاء هذا الاتحاد إنما تتمثل في اتفاق دول المجلس على عملة نقدية موحدة تستخدم في التداول والتكامل الإقليمي والعالمي؛ لتحل محل الوحدات النقدية لدول المجلس؛ مما يعني أن كلّ دولة ستكون ملزمة بالتضحية بنظامها النقدي المتعلق بسياسة صرف عملتها، والإحلال بدلاً من ذلك بنظام وسياسة صرف مركزية تابعة للاتحاد النقدي الموحد بين دول المجلس.
هناك العديد من المكتسبات التي ستجنيها دول المجلس من جراء إنشاء الاتحاد النقدي الخليجي؛ ومن ثم التوصل لعملة خليجية موحدة، ومن تلك المكتسبات أن ذلك سيؤدي إلى ارتفاع حجم الناتج المحلي لدول المجلس، وكذلك ارتفاع حجم التجارة البينية، سواء فيما بين دول المجلس أو مع العالم الخارجي. كما سيؤدي ذلك لزيادة تدفق رؤوس الأموال بين دول المجلس؛ حيث سيتمكن المواطن الخليجي من الحصول على قروض من البنوك التجارية في أي دولة من دول المجلس الأخرى، إذا لم تتوافر السيولة في بلده الأصلي، كما سيؤدي ذلك لزيادة الاندماج بين بنوك دول المجلس.
السؤال الأهم هنا هو: هل كلّ دولة من دول المجلس لديها الاستعداد للتنازل عن جزء من سياستها الاقتصادية؟ حيث إن إنشاء هذا الاتحاد النقدي، والتوصل إلى عملة خليجية موحدة سيعنيان تخلي كل دولة عن سلطة رسم وتنفيذ السياسة النقدية الخاصة بها. وإذا كان قيام ذلك الاتحاد النقدي الموحد سيتطلب بعض التكلفة من كلّ دولة من دول المجلس في المراحل الأولى من إنشائه، فهل لدى دول المجلس الاستعداد لتحمّل تلك التكلفة، خاصة أن نجاحها يتطلب التقارب من خلال التنسيق في سياساتها النقدية والمالية والاقتصادية وإنشاء الكيانات النقدية اللازمة لتحقيق ذلك؟
11 / 9 / 2004م            عدد 11671

من هو الراشي؟

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
سؤال يتردد كثيراً بعد أن نشرت الصحف تفاصيل جريمة الرشوة المخزية التي تمَّت بعد قيام صاحب أكبر مجموعة صيدليات في المملكة بتقديم عشرة ملايين رشوة لمسؤول في وزارة الصحة من أجل مساعدته في نقل ملكية (200) صيدلية لصالح ذلك التاجر الراشي؛ لكي يحتكر السوق، إضافة إلى غض النظر وإعفائه من شرط تعيين أي صيدلي سعودي في الصيدليات التي يملكها ذلك التاجر. وعلى الرغم من جسامة الجرم الذي ارتكبه التاجر ووقوعه في قبضة العدالة، إلا أنه لم يُفصح عمَّن يكون ذلك الراشي، فلماذا؟!
نعم، لماذا لم يتم نشر اسم ذلك التاجر الراشي؟! وإلى متى سنظل نراعي مشاعر مَن هم على شاكلته من مرتكبي جرائم الرشوة؟!
في الكثير من الدول، ومنها كوريا الجنوبية مثلاً، مَن يرتكب جريمة الرشوة يتم نشر اسمه والتشهير به على موقع حكومي شهير على شبكة الإنترنت، كما يصدر بيان عن مكتب رئيس الوزراء الكوري يكشف أسماء مرتكبي جرائم الرشوة، ويتم توزيعه على كافة الأجهزة الحكومية والخاصة.أما عندنا فإننا نتساهل كثيراً مع أمثال هذا التاجر الذي لم يتردد في المتاجرة بمصلحة الوطن ولقمة عيش أبنائه لمجرد أنانيته التي أَمْلَتْ عليه أن يدفع الرشوة لكي يحتكر قطاع الصيدليات في المملكة دون وجه حق؛ حيث سيحرم ذلك صغار التجار من كسب الرزق في هذا المجال. وكيف نتكتَّم على اسم ذلك الراشي الذي أملى عليه جشعه أن يدفع الرشوة من أجل أن يطرد أبناء الوطن من الصيادلة السعوديين من فرص العمل بالصيدليات التابعة له؟! فإلى متى سنبقى متسامحين مع تلك الفئة الفاسدة داخل مجتمعنا على حساب مصلحتنا ومصلحة وطننا الغالي؟!
من الأهمية أن أُشير هنا إلى أن وزارة الداخلية سبق أن اتخذت مجموعة من الإجراءات العقابية بحق العديد من المواطنين لمخالفتهم نظام مكافحة الرشوة، وقد تم نشر تلك العقوبات في الصحف؛ حيث جاءت متضمنة لعقوبة السجن التي وصل البعض منها لخمس سنوات، وكذلك لعقوبة التشهير بالمخالفين؛ حيث تم نشر أسمائهم كاملة وصورهم الشخصية، بالإضافة للغرامات المالية الطائلة عليهم. ونحن هنا اليوم نطالب جميعاً بمعرفة مَن هو الراشي في هذه القضية الذي لم يُراعِ في جرمه الشنيع مخافة الله عز وجل، ولم يُبالِ بمصلحة وطنه، ولم يتردد في النيل من لقمة عيش أبناء هذا الوطن. فكيف نُراعي شعوره بالتكتم والمحافظة على اسمه؟! فلينشر اسمه، وليُشهَّر به، وليكن عبرةً لغيره.
أتذكر أنني من خلال هذه الزاوية كتبتُ مقالاً بعنوان (ليس للفساد من علاج سوى الساطور)، تحدثتُ فيه عن (الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد والرشوة) التي أنهى مجلس الشورى دراستها مؤخراً. وقد أكدت في ذلك المقال أن نجاحنا في تطبيق تلك الاستراتيجية سيكون مرهوناً بتحقيق عدة جوانب، ذكرتُ منها أهمية أن يتم تطبيق ما تتضمنه تلك الاستراتيجية من عقوبات على كل مَن تسوِّل له نفسه دفع الرشوة بغض النظر عن مدى مرجعه ونفوذه، وبغض النظر عما إذا كان ينتمي للقطاع الحكومي أو الأهلي. كما أكَّدتُ أيضاً على إقفال باب الشفاعات والوساطات تماماً لكل مَن تسوِّل له نفسه ارتكاب مثل هذا الجرم، وأن تُطبَّق عليه كامل العقوبة المحكوم عليه بها بغض النظر عن قساوتها. وأنا اليوم أكرِّر نفس ما طالبتُ به سابقاً، هذا إذا كنَّا بالفعل حريصين على القضاء على أمثال هؤلاء الراشين.
رسائل سريعة
* عبدالعزيز نيازي مدير إدارة الرخص الطبية بوزارة الصحة هو مَن رفض الرشوة وكشفها: أكثر الله من أمثالك، وجعل ذلك في موازين أعمالك، وإن كان لنا من رجاء فليتم مكافأتك بما نسبته 50% من قيمة مبلغ الرشوة، خاصة أن نظام مكافحة الرشوة قد أتاح لك هذا الحق، فوالله إنك لتستحق أكثر من ذلك.
* الدكتور حمد المانع: إنجازات وزارة الصحة تتوالى منذ توليكم حقيبة الوزارة، وما اكتشاف تلك الجريمة إلا امتداد لتلك الإنجازات.
* مُلاَّك الصيدليات المنافسة لصيدليات الرشوة: لو كنتُ مكانكم لما تردَّدت في الإعلان في كافة الصحف أنه لا علاقة لمجموعة صيدلياتكم بتلك الجريمة، عندها ستزول عنكم الشبهات، وسينكشف مَن هو الراشي.
* الجهات القضائية التي ستنظر في القضية: لقد سئمنا من تطبيق الحدود الدُّنيا من العقوبات، فالعقوبة لا يمكن أن تؤدي الغرض من فرضها ما لم تكن رادعة، والقضية التي نحن بصددها تستحق أقصى العقوبات.
* أهل وطني: ما تم ارتكابه بحقكم من جراء إقدام ذلك التاجر ليس بالشيء القليل، والعقوبة الأقسى له ستكون بيدكم، وذلك من خلال تحاشي التعامل مع مجموعة الصيدليات التابعة لذلك الراشي.
4 / 9 / 2004م                  عدد 11664