ترجمة

منهج الإسلام في أهم قضايا الساعة

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
الفقر.. هذه الكلمة الدالة على الحاجة الماسة لضروريات استمرار الحياة وتقدم الإنسان أو الشعوب، الفقر.. هذه الكلمة التي تشعر بوقعها الجارح أيها القارئ العزيز هي محل الاهتمام الدائم والنقاش المستفيض بهدف المعالجة أو التخفيف من حدة العلل الكثيرة التي يسببها الفقر، ولا ريب أن خير مثال قد جعل معالجة الفقر وعلله مشروعاً مهماً هو ما قامت به الدولة من تنظيمات فاعلة سواء من خلال الهيئات والمؤسسات الحكومية أو غير الحكومية، وذلك من خلال ما تقوم به وزارة الشؤون الاجتماعية من أعمال وجهود لتؤكد حرص الحكومة على تناول أهم قضايا الساعة - الفقر - بالعمل الجاد على نحو مدروس ومنظم.
ومن المساعي الحميدة لدراسة هذه القضية والخروج بالرؤى الواعية حولها، صدور كتاب (منهج الإسلام في معالجة الفقر) لفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور محمد بن أحمد بن صالح الصالح، فقد تناول المؤلف في الباب الأول من هذا الكتاب قضية الفقر تعريفاً وتقسيماً بينه وبين المسكنة، وكذلك ورود الفقر في القرآن والسنة، وتأصيل هذا المفهوم لدى الفقهاء.
وقد خص الكاتب نظرة الإسلام إلى الفقر بمبحث خاص موضحاً فيه أن الشارع الحكيم رغب في الزهد والقناعة لكن هذا لا يكون سبباً لترويج الفقر وتقديسه، ولا يمكن أن يكون نعمة من الله عزَّ وجلَّ، فالإسلام ينكر ذلك ولا توجد آية واحدة في القرآن الكريم ولا حديث واحد في مدح الفقر.
ثم قسّم المؤلف الفقر إلى أنواع بصفته واقعة في حياة البشر على مرّ الأزمان، وبذلك تعددت أشكاله بتعدد الاعتبارات، فيوجد الفقر المطلق والفقر النسبي وهذا يأخذ قدر الدخل في الاعتبار، والفقر العارض أو المستمر وهو يأخذ مدة الفقر الزمنية في الاعتبار، وفقر الشعب أو الدولة ويفصل في ذلك من حيث سوء توزيع الدخل القومي وتخفيض الموارد واحتكار النشاط الاقتصادي أو ارتفاع معيشة الأفراد. كما ذكر الفقر العادي والفقر المدقع. وكذلك فقر العاجزين وفقر القادرين. وفقر الدخل وفقر القدرة, والفقر المادي والفقر النفسي.
ثم يتناول الكتاب أسباب الفقر في مجالين هامين: الأسباب غير المادية والمادية، وفي الأسباب غير المادية يراها من حيث الرؤى الدينية إما أن تكون عقوبة للمجتمع الذي يحكم بغير ما أنزل الله أو للانصراف عن عبادته أو التعامل بالربا والتكالب على الحياة والسؤال من غير ضرورة، وإما أن تكون ابتلاء له علامات عدة.
أما الأسباب المادية فيقسمها المؤلف إلى قسمين أولهما: عوامل موضوعية تكمن في قلة الموارد وفي الحروب والكوارث الطبيعية وتفشي الأمراض والأوبئة وعدم إقامة المشاريع الإنتاجية والاتجاه الاستهلاكي والنمو السكاني المتسارع، والقسم الثاني هو العوامل الذاتية ومظاهرها إتلاف المال وتفشي الكسل والتواكل والأمراض المزمنة والجهل الذي هو ألدّ أعداء الإنسان، وعدم تربية أفراد المجتمع على حسب العمل.
والباب الثاني من الكتاب حمل عنوان (علاج مشكلة الفقر في الإسلام) وقد شرح المؤلف في تعداد سبل هذا العلاج وكيفيته من منظور إسلامي دقيق، حيث بدأ بطرق الوقاية من الفقر، ومنها الاعتقاد التام بأن الله هو الرازق والإيمان والتقوى والاستعاذة بالله من الفقر والاستغفار والشكر وصلة الرحم، مستدلاً على ذلك بالأدلة القرآنية والنبوية، ثم عرج إلى العمل والإنتاج كعاملين مهمين في قضية معالجة الفقر، فعرّف العمل وبيّن أهميته للفرد والمجتمع ومكانة العمل في الإسلام كقيمة تعبدية لما للعمل من أهمية بالغة وفاعلة في حياة الإنسان. واكتمالاً للمنهج العملي الذي يحدو الكتاب فيما يقدمه تناول المؤلف حقوق العمال في الإسلام أجملها في تهيئة فرص العمل لهم من قبل الدولة، وحرياتهم في اختيار العمل وكذا حق الأجر وعدم التكليف بما لا يطاق من عمل، وهو بهذا العرض يقدم خلاصة التصورات الإسلامية فيما يخص العمال وحقوقهم.وإضافة الى تحقيق المنهجية العلمية للمؤلف فقد أفرد للرعاية الاجتماعية فصلاً كاملاً لتعريفها وذكر انها من ميزات الدين الإسلامي الحنيف وبين قدر التكافل الاجتماعي ومكانته في الإسلام وضرورة نجدة الفرد عند طلبه المساعدة والاستفادة من قدراته وكفالته من بيت المال.
ثم يأتي الوقف كوسيلة أخرى لمعالجة الفقر ويوضح لنا الكاتب دور المؤسسات الوقفية في الرعاية الاجتماعية والصحية كالملاجئ والتكايا والمشافي، فالكثير من المشاريع أقيمت وقفاً على الفقراء وسد حاجاتهم وتحقيق صفة (الكريمة) لحياتهم، فضلاً عن أن بعض المشاريع أوقفت للإعانة في المشاكل الاقتصادية التي تواجه بناء الأسرة في المجتمع كالإسهام في زواج بعض الفقراء.ولم يغفل فضيلة المؤلف أثر الوصية والإرث على الفقر ومعالجته، فالإرث يحفظ التكافل داخل الأسرة أولاً ليعزز من ترابطها وذلك ما يعود نفعه على المجتمع ككل، ثم إن نظام الإرث ليشعر الشخص بأن كل جهده سيكون لذويه من بعده فيبذل ما بوسعه لخدمة المجتمع ايضا، كما ان في الإرث ستراً وغنى عن سؤال الغير، كما أن الإرث يعيد تقسيم الثروة على رأس كل جيل. وكذلك الحال في الوصية المعروفة.
بذلك يختم مؤلفنا الفاضل كتابه ملحقاً بما عرضه بعض الملاحق ذات العلاقة، وخاتماً بقوله: ان طريق معالجة الإسلام للفقر يقوم في جوهره على تفعيل المبادئ المذكورة لتهيئة المناخ الصالح لنشأة الأفراد وحتى يعتمدوا على قدراتهم ومقدراتهم دون الانتظار الذي سيوقعهم في المزالق الكثيرة.
ويعدّ هذا الكتاب بحق منهجاً متكاملاً للرؤى الإسلامية المطروحة في قضية الساعة المقلقة ألا وهي الفقر، كفانا الله وإياكم شره، وجزى الله فضيلته عنا خير الجزاء إذ أضاف للمكتبة العربية مرجعاً موثقاً بقدرة تربوية ومنهج علمي رصين.
 
18/12/2004م           عدد 11769

الموازنة العامة ودعم التعليم العالي

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
إنَّ المتمعن في الأرقام التي اشتملت عليها الموازنة العامة للدولة 1425-1426هـ يدرك أن تلك الأرقام قد جاءت معبرة عن السياسات الاقتصادية المتزنة التي تسير عليها الدولة، حيث جاءت تلك الأرقام ملبية لمختلف الاحتياجات التنموية ومتماشية مع الكثير من المتغيرات الاقتصادية المحلية منها والعالمية، كما جاءت تلك الميزانية مؤكدة على الاستمرارية في النهج الذي تسير عليه الدولة في تحقيق كل ما من شأنه تحقيق المستوى المعيشي الطيب الذي تعود عليه المواطن السعودي منذ توحيد المملكة.
وفيما يتعلق بسلك التعليم، نجد أن هذا القطاع قد تعهدته الدولة بالرعاية والاهتمام كعادتها كل عام.. وبالنظر للموازنات العامة للدولة في الأعوام الماضية، نجد أنه وعلى الرغم من مشكلات عجز الموازنة وصعوبة الظروف التي مرت بها المملكة خاصة في أعقاب حرب الخليج الثانية، إلا أننا نجد أن الدولة قد نجحت في استمرارية الدعم الملحوظ لقطاع التعليم بكافة مراحله، ويتضح ذلك من خلال عدم المساس بقنوات التمويل الأساسية المخصصة للتعليم، وأن المتتبع لأرقام المبالغ التي رصدت لقطاع التعليم يدرك وبوضوح كيف قفزت تلك الأرقام من بضعة آلاف من الريالات خلال السنوات الأولى لتوحيد المملكة لتصل تلك الأرقام الى عشرات المليارات من الريالات خلال السنوات القليلة الماضية.
وبالنظر لأرقام المبالغ التي رصدت لقطاع التعليم في الميزانية الجديدة للدولة، يدرك أنه قد تم تخصيص 25% من حجم اجمالي الموازنة العامة له، وذلك بتخصيص إنفاقي يزيد على السبعين ألف مليون من الريالات.
وفي مجال التعليم العالي تحديداً، يتضح توسع البنود المالية المخصصة لهذا القطاع في كافة أبوابه إضافة الى اعتماد مبالغ جديدة لانشاء 22 كلية جديدة ستعمل على زيادة الطاقة الاستيعابية لمؤسسات التعليم العالي، علماً بأنه سيتم توجيه برامج تلك الكليات الجديدة لتكون موائمة مع الاحتياجات التنموية للوطن وملبية لاحتياجات سوق العمل.
ختاماً، يبقى لأهل التعليم ومنسوبي المؤسسات التعليمية كافة كلمة شكر وعرفان لقيادة هذا البلد، وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين رئيس المجلس الأعلى للتعليم، وسمو ولي العهد، وسمو النائب الثاني، لما يلقاه هذا القطاع من دعم ملحوظ على الرغم من التحديات والمصاعب التي واجهها اقتصادنا الوطني خلال السنوات الماضية.
11/12/2004م          عدد 11762
 

ألف تحية للجهود المبذولة في الانتخابات البلدية

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
شيء رائع.. جميع ما يشاهده ويقرؤه كل سعودي هذه الأيام من نشاط يبذله القائمون على شأن الانتخابات البلدية، وهذه النتائج التي بدأنا نقطف ثمارها ما كان بإمكانها أن تظهر بهذا المستوى الرائع والانسيابية في الأداء لولا أن هناك عملاً خلاقاً سبق ما نراه اليوم.
فهذه الخطوات التنفيذية للعملية الانتخابية التي جاءت بهذه الدرجة الرفيعة من الأداء تؤكد وبكل وضوح أن المعنيين بهذا العمل قد بذلوا جهوداً متميزة جداً لإظهاره بهذا المستوى، وفي زمن يجوز لي أن أصفه بالزمن القياسي، حيث إن قرار مجلس الوزراء الذي صدر بتاريخ 17-8-1424هـ بتفعيل المجالس البلدية قد حدد مدة سنة لوضع الترتيبات المتعلقة بالعملية الانتخابية واستكمال الإجراءات لتنظيم انتخابات المجالس البلدية في جميع مناطق المملكة.
ومن يطلع على النشرة التي تم توزيعها على المنازل في مدينة الرياض وكذا كتيب الدليل الإرشادي لمواقع المراكز الانتخايبة، ثم يذهب إلى أحد المراكز الانتخابية يتبين له بجلاء أن هناك طاقة مضنية وموفقة - والحمد لله - قام بها كل من شارك في هذا العمل الناجح بكل المقاييس بدءاً من صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبد العزيز وزير الشؤون البلدية والقروية، وصاحب السمو الملكي الدكتور منصور بن متعب بن عبد العزيز، وكذلك سمو أمين مدينة الرياض الأمير الدكتور عبد العزيز بن محمد آل مقرن، وزملائهم الكرام الذين قاموا بتنفيذ المسؤوليات المناطة بهم وأدوها على أكمل وجه، فلهم منا الشكر والتقدير والدعاء بالمثوبة من الله سبحانه وتعالى على تلك الساعات الطوال التي قضوها في البحث والإطلاع على أفضل ما يمكن تقديمه.
وبهذه المناسبة فإني آمل من كل مَنْ يقرأ هذه المقالة أن يبادر بالحصول على البطاقة الانتخابية كي يكون مشاركاً في هذا العمل الخير - إن شاء الله تعالى - لأن ذلك من باب التعاون على البر والتقوى الذي أمر به ديننا الحنيف.
وختاماً.. أدعو الله أن يحفظ بلادنا من كيد الكائدين وحسد الحاسدين وأن يزيده رفعة وتوفيقاً وأمناً إنه جواد كريم.

4/12/2004م        عدد  11755