ترجمة

تجّارنا ومواعيد الضحك على الذقون



د. محمد بن عبد العزيز الصالح

كلنا نتذكّر تلك الوعود التي أطلقها تجار السلع التموينية مع بداية الأزمة المالية العالمية قبل خمسة أشهر. فبعد أن انخفضت أسعار تلك السلع في الكثير من دول العالم بما نسبته 30 - 40% بسبب تأثيرات الأزمة المالية والتي ألقت بظلالها السلبية من خلال الانخفاض الحاد في أسعار السلع التموينية، ذهب تجار السلع التموينية في المملكة إلى التأكيد بأنهم سيطبقون تلك التخفيضات، ولكن بعد نفاد السلع الموجودة في مستودعاتهم في ذلك الوقت، والتي تم شراؤها بتكلفة عالية (كما يدعون). فهل صدقتْ تلك الوعود وهل التزم تجار السلع التموينية بكلمتهم أمام عملائهم المستهلكين وأمام أجهزة الدولة؟ كما هي العادة لم تصدق الوعود، واستمر ضحكهم وخداعهم للمشترين في ظل سبات عميق من قِبل الإدارات المعنية بوزارة التجارة.
وقد يقول قائل بأنّ أسعار السلع تحكمها معايير الطلب والعرض ومنافسة السوق، مما يعني عدم مناسبة تدخُّل وزارة التجارة، إلاّ أنني أجزم بأنّ الجميع يدرك بأنّ غالبية السلع التموينية هي بيد عدد محدد من كبار التجار والوكلاء والذين احتكروا السوق، وغالباً ما يتم التنسيق فيما بينهم على أسعار محدّدة تعزّز ربحيتهم وملاءتهم المالية، وتزيد من معاناة المستهلكين ومحدودي الدخل.
لقد صرح رئيس جمعية المستهلك السعودية الدكتور محمد الحمد لصحيفة الرياض (الخميس 27-4-1430هـ) بأنّ الانخفاضات التي شهدتها الأسواق العالمية لم تنعكس تأثيراتها على انخفاض أسعار السلع التموينية في أسواق المملكة، مضيفاً بأنّ وعود المورّدين في خفض أسعار السلع التموينية محلياً قد تبخّرت، والانخفاضات التي سجّلتها الأسواق الملحية لم تتجاوز 5% فقط لأصناف الأرز وهو الأكثر طلباً.إنني أتساءل عن السبب الذي يجعل وزارة التجارة تسمح للتجار باستمرار التمسك بالأسعار المرتفعة، على الرغم من زوال كافة الأسباب التي أدت إلى غلاء وارتفاع أسعار تلك السلع، خاصة في ظل الانخفاض الكبير الذي شهدته أسعار تلك السلع في الأسواق العالمية. فأجور النقل والشحن قد انخفضت، وأسعار المواد الأولية قد انحدرت بشكل كبير، كما أنّ المعروض من السلع التموينية في الأسواق العالمية يفوق وبكثير الطلب عليها. فما حجة إخواننا التجار السعوديين في الإبقاء على الأسعار الغالية للسلع على الرغم من تلك المعطيات.
هل أعماهم الجشع بجمع المال، أم أغراهم الصمت غير المبرّر من قِبل وزارة التجارة تجاه ممارساتهم غير المقبولة، وأيّاً كان سبب ذلك، فإنّ المتضرّر من ذلك هو المواطن.
 

27/4/2009م              عدد13360

السوق الخليجية المشتركة: خطوة للأمام وعشر للوراء



د. محمد بن عبدالعزيز الصالح

في ظل التطورات العالمية المتلاحقة، وفي ظل ما هيأته حكومات دول المجلس من مقومات النجاح لقطاع الصناعة، والتي من أهمها توفر الطاقة والمواد الخام إضافة إلى الكثير من التسهيلات والحوافز الأخرى سواء من حيث الإعفاءات الضريبية والجمركية أو من حيث توفر القروض الميسرة، وعلى الرغم من كل ذلك فإن دول المنطقة لم تستطع بعد الوصول بصناعاتها إلى مستوى تطلعات شعوبها.
فهل حرصت دول المجلس على توحيد المواصفات والمقاييس المعمول بها في دول المنطقة، وهل حرصت على تجنب كافة الازدواجيات الضريبية الممكن حدوثها في هذا المجال.
بكل أسف، الصناعة الخليجية (باستثناء البتروكيماوية منها) لم تستطع بعد منافسة العديد من الصناعات الأجنبية في مختلف الأسواق العالمية، وبكل أسف، نجد أنها لم تستطع أيضاً تحقيق الاكتفاء الذاتي للسوق الخليجي في العديد من الصناعات، وما من شك أن وجود سوق خليجي مشترك بمفهومه الصحيح بين دول المجلس هو الأسلوب الأمثل للنهوض بالصناعة الخليجية، وبالتالي التصدي للمنافسة الحادة في عصر تحكمه التكتلات الاقتصادية الاقليمية العملاقة والمنتشرة في أنحاء مختلفة من العالم.
وقد يقول قائل إنه قد مرَّ أكثر من عام على إطلاق السوق الخليجية المشتركة حيث انطلقت في الأول من يناير 2008م، وبالتالي فإن ما أطالب بتحقيقه هو متحقق أصلاً، إلا أن ما يدمي القلب هو ذلك التباطؤ غير المبرر من قبل دول المجلس في تطبيق متطلبات تلك السوق المشتركة، فوفقاً لما صرح به الأمين العام لاتحاد غرف الخليج (الاقتصادية 7-4-2009م) نجد أن هناك صعوبات فنية وإجراءات إدارية بيروقراطية تعترض قيام السوق المشتركة، كما أن هناك تفاوتا بين دول المجلس في طبيعة إجراءات التطبيق، وما يؤكد ذلك أن حجم التجارة البينية بين دول المجلس لا يتجاوز ما نسبته 6% مقارنة بتجارتها مع الاتحاد الأوروبي، كما أضاف الأمين العام بأن تطبيق مفهوم التجارة الحرة بين دول الخليج مازال دون التطلعات المأمولة، مضيفاً: إن هناك تفاوتا كبيرا بين دول المجلس حول المهن والوظائف وشراء العقارات والمعاملة الضريبية وتأسيس الشركات، كما أوضح أن هناك إشكاليات متعددة تواجه الاتحاد الجمركي الخليجي ناهيك عن اختلاف المواصفات والمقاييس من دولة إلى أخرى، على الرغم من أنه قد مضى أكثر من ست سنوات على قيام هذا الاتحاد الجمركي.
بعد سماع كافة تلك المعوقات، أيقنت أن الأجهزة التنفيذية في دول المجلس لا تدرك الأبعاد السلبية التي تجنيها دول الخليج من جراء هذا التأخير غير المبرر في تطبيق الأسس السليمة للسوق الخليجية المشتركة.
مجرد تساؤل: ما الذي يجعل دول عظمى اقتصادياً كألمانيا وفرنسا وبريطانيا تقحم نفسها في سوق اقتصادية مشتركة مع دول تقل عنا كثيراً كتركيا واليونان؟! وبالمقابل: لماذا تتأخر دولنا الخليجية في تطبيق السوق الخليجية المشتركة لأسباب غير منطقية؟!

 

20/4/2009م           العدد 13353

 

 

لا تتصل حتى تصل



د. محمد بن عبد العزيز الصالح

حمل أسبوع المرور الخليجي هذا العام شعار (لا تتصل حتى تصل)، فهل أكثرنا يدرك الرسالة التي تضمنها هذا الشعار، وهل أكثرنا على استعداد لتأجيل اتصالاته الهاتفية لحين انتهاء مشواره المروري ومغادرته سيارته؟ أشك في ذلك!!
وهل نعلم أنه بسبب استخدام الهاتف الجوال أثناء القيادة، فإن أعداد الحوادث المرورية لدينا في تزايد؟!
وهل نعلم أن الكثير منا لا يكتفي بإجراء مكالماته الهاتفية أثناء القيادة وإنما يتجاوز ذلك ليقرأ أو يكتب رسائل نصية أو يقوم بتخزين أرقام جديدة في هاتفه! أيضاً هل نعلم أن استخدام الهاتف الجوال أثناء القيادة يمثل نسبة كبيرة من أسباب الحوادث المميتة، وأنه يضاعف وقوع الحوادث بنسبة 400%، وهل نعلم أن استخدام الهاتف الجوال أثناء القيادة يمثل سبباً أساسياً في تلك المجازر المرورية في طرقنا والتي تخلف 20000 قتيل سنوياً وتكلفة مالية تزيد عن الثلاثة عشر مليار ريال.
وعلى الرغم من كون استخدام الهاتف الجوال سبباً رئيسياً في الحوادث المرورية، مما يعني أنه يمثل خطراً على حياتنا جميعاً، إلا أن عقوبة ذلك لا تتجاوز المائة والخمسين ريالاً فقط.
خلاصة الأمر، أعداد ضحايا الحوادث المرورية لا تزال ضخمة بسبب استخدام الهاتف الجوال، وقد لا تتعدل تلك الأوضاع ما لم يتم إقرار عقوبات رادعة وما لم يتم تنفيذ تلك العقوبات فعلياً.
مجرد تساؤل، ما هو السبب الحقيقي الذي جعل أعداد الحوادث المرورية في تزايد إذا كانت جهود الإدارات المرورية قد تضاعفت للحد من أعداد تلك الحوادث؟ وما السبب في بلوغ أعداد المصابين والوفيات بسبب الحوادث المرورية لأرقام قياسية في الوقت الذي نلاحظ فيه تحسن الوعي المروري عما كان عليه في السابق؟ الإجابة بكل بساطة هي استخدام الجوال أثناء قيادة السيارة.
الجدير بالذكر أن العقيد عبد الرحمن المقبل مدير مرور منطقة الرياض قد اعتبر استخدام الهاتف الجوال سبباً رئيسياً في الكثير من الحوادث المرورية المميتة التي وقعت بالعاصمة، مؤكداً أن ما نسبته 50% من الحوادث المرورية المميتة ترجع إلى استخدام الهاتف الجوال أثناء القيادة.

13/4/2009م                  العدد  13346