ترجمة

كيف نقضي على التدخين في الأماكن العامة؟

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 إن المتابع للجهود المبذولة في سبيل مكافحة التدخين يدرك أن هناك بعض الخطوات المهمة التي اتخذت مؤخراً ونتمنى أن تسهم في القضاء على تلك الآفة الخطيرة صحياً واقتصاديا، ومن ذلك ما اجمع عليه وزراء الصحة الخليجية من رفع رسوم الجمارك بواقع 200% وذلك عند استيراد الدخان، إضافة إلى الانتهاء من مشروع نظام مكافحة التدخين الذي انتهت هيئة الخبراء من دراسته مؤخراً وسيتم مصادقة المقام السامي عليه قريباً.
ومع تقديري لكل تلك الجهود، إلا أنني اعتقد أن هناك عدداً من الخطوات المهمة التي أرجو أن توضع في الاعتبار ومنها:
- تضمن مشروع النظام الجديد فرض عقوبات على كل من يدخن في الأماكن العامة كالأسواق والمطاعم والوزارات ووسائل النقل العامة ودورات المياه.. الخ. والسؤال هنا كيف يمكن أن نطبق العقوبات على من يدخن في تلك الأماكن العامة إذا ما علمنا أن بعض موظفي المستشفيات يدخنون في المنتزهات، وبعض موظفي صالات المطارات يدخنون داخل الصالات، كما أن بعض المعلمين وطلبة الجامعات يدخنون داخل المدارس والمؤسسات التعليمية، علما بأن الأنظمة ومنذ زمن تمنع التدخين في تلك الأماكن، وتتضمن العقوبات المشددة على من يقوم بذلك، ولكن هل طبقنا شيئاً من تلك العقوبات..؟!
تضمن مشروع النظام الجديد أن عقوبة من يدخن في مكان عام غرامة مالية تبلغ 200 ريال، واذا ما علمنا بأن دولة اليمن الشقيق قد فرضت مؤخراً على من يدخن في الأماكن العامة عقوبة السجن ليوم واحد إضافة إلى غرامة مالية تبلغ 500 ريال، وتتضاعف العقوبة عند تكرار المخالفة، فإنني استغرب تلك العقوبة المتواضعة التي يتضمنها مشروع النظام الجديد لدينا.
ألا يدرك من أدرج تلك العقوبات المتواضعة أن الأنظمة واللوائح والتعليمات لا تطبق من قبل البشر ما لم تكن هناك عقوبات رادعة تدفعهم إلى احترام تلك الأنظمة واللوائح والتقيد بها. وللمعلومية، فإن الدول الغربية لم تنجح في عزل المدخنين عن المجتمع في الأماكن العامة إلا بعد أن أقرت العقوبات الصارمة من سجن وغرامات مالية عالية.
تشير بعض الأرقام المرعبة إلى ما يلي:
- إن المملكة تحتل المرتبة الأولى في استيراد التبغ تليها إيران ثم الأردن ثم تركيا.
- أعداد من توفوا بسبب الدخان في المملكة عام 2008 فقط 13929 شخصا.
أعداد المدخنين بالمملكة أكثر من ستة ملايين مدخن يمثلون ثلث السكان تقريباً.
- ما ينفقه السعوديون سنوياً على الدخان يبلغ أكثر من ثمانية مليارات ريال.
- إن التبغ يستهلك 6% من مخصصات الرعاية الصحية بالمملكة.
وبعد استعراض تلك الأرقام المرعبة أليس من حقنا المطالبة بأن تسلك كل الجهات ذات العلاقة مسلكاً مشدداً تجاه كل من يدخن بالأماكن العامة.
22 / 9 / 2008م        عدد 13143

الألفاظ المعيبة في مسلسلاتنا المحلية

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 أثناء مشاهدتي مع أفراد عائلتي لبعض المسلسلات المحلية التي تعرضها بعض الفضائيات خلال ليالي رمضان، أصبت بحرج من ابنتي الصغيرة وهي تُلِحُّ بسؤالي عن سبب ضحكات عمها عندما سمع عبارة (عرعر لك فيها أحد)، فسألتني ابنتي عن معنى الجملة وعن سبب ضحك عمها. هذا ما تعرضت له في بيتي وأمام ابنتي الصغيرة عند سماعها تلك العبارة التي لم يحسب لها قائلها أي حساب سوى إضحاك الناس.
هذه العبارة وشقيقتها العبارة الأخرى التي أتحفنا بها ممثل سعودي آخر في مسلسل سعودي آخر لا تقل سوقية عندما ورد في الحوار عبارة (... حطها في اللي أنت خابر...) وأستميحكم أيها القراء عذراً إن سببت لكم أي إزعاج بذكر تلك العبارات ولكن ما قصدته من ذلك هو أنها عبارات معيبة ومعناها غاية في السوء، وأعتقد أن علينا رسالة سامية لكشف مثل تلك العبارات الزائفة. وإنني أتساءل بعد هذا عن الهدف من الدراما؟
أليس للدراما رسالة اجتماعية سامية يفترض أن تصل للمشاهدين؟ وفي ظني أن صانعي الدراما من ممثلين ومنتجين ومخرجين عليهم واجب أخلاقي يتمثل في إيصال رسالة سامية لنا من خلال تلك الدراما. وسؤالي هنا، طالما أن المنتجين والممثلين قد أكدوا لنا مراراً بأن الفن والدراما رسالة، فهل ذكر تلك العبارات الساقطة هو جزء من الرسالة التي يفترض أن يقدموها إلينا؟!
لقد حرصت خلال الفترة الماضية على تشفير الدش لحجب بعض الفضائيات التي تعرض بعض المسلسلات الساقطة، فهل سنقوم من الآن ببرمجة الدش ليحجب عنا المسلسلات المحلية طالما أنه يذكر فيها مثل تلك العبارات.
ختاماً، قال لي أحد أصدقائي بحسرة إنه تمكن من حماية أطفاله من سقيط الشارع ولكن يبدو أن الشارع قد داهمنا من خلال ذكر بعض العبارات الهابطة في مسلسلاتنا المحلية وتكبر مصيبتنا عندما نعلم أن مثل تلك العبارات تذكر في أكثر الشهور روحانية.
15 / 9 / 2008م     عدد 13136

مؤشر أسعار السلع وخداع المستهلكين

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
كالعادة ومع بداية شهر الصوم ترتفع أسعار السلع الأساسية التي يحتاجها المواطن. فالمواطن مع بداية كل رمضان على موعد مع مغالاة بعض التجار في تسويق احتياجاته الأساسية من السلع الغذائية لتزيد بذلك من معاناته من غلاء تلك السلع والناتج عن تزايد أسعار النفط وتدهور سعر صرف الدولار المرتبط به عملتنا السعودية. باستعراض مؤشر الأسعار الأسبوعي في أسواق مدينة الرياض عن الفترة من 3 رمضان الجاري وحتى التاسع من نفس الشهر، تتضح مغالاة بعض الأسواق التجارية وإسهامها في تكريس تلك المعاناة. ويكفي للتأكيد على تلك المغالاة من قبل بعض التجار أن نشير بأن سعر تسويق بعض السلع الغذائية الأساسية على المواطنين في بعض الأسواق يزيد بنسبة تفوق الـ 100% عنها في بعض الأسواق الأخرى المجاورة لها.
وأمام تلك الفوارق غير المقبولة في أسعار نفس السلعة في متجرين متجاورين في مدينة واحدة (الرياض)، اعتقد بأنه لا يمكن السكوت على ذلك حيث يفترض أن يتم التصدي لذلك من قبل كل من المستهلك ووزارة التجارة والأمانة على حدا سواء.
ففيما يتعلق بالمستهلك اعتقد بأنه طالما أن أمانة منطقة الرياض قد عملت مشكورة على إتاحة الفرصة له للوقوف على أسعار السلع في المتاجر والأسواق من خلال نشر أسعار تلك السلع في مؤشر الأسبوعي ينشر في الصحف، وطالما أن هناك اختلافات كبيرة في أسعار السلع المماثلة في المتاجر الموجودة في نفس المدينة وأحيانا نفس الحي، وقد تصل تلك الفروقات إلى 100% تقريباً، لذا فإن الدور الأهم يكون على المواطن من خلال اختيار المتاجر والأسواق التي لا تبالغ في أسعارها والتي يتمتع أصحابها بحس وطني وغيرة وحرص على إخوانهم المواطنين من خلال الاكتفاء بربح معقول غير مبالغ فيه، كما أن على المواطن هجر كافة المتاجر والأسواق غير المدرجة ضمن مؤشر الأسعار الأسبوعي.
أما فيما يتعلق بوزارة التجارة، فإنني اعتقد بأنه طالما أن الدولة - حفظها الله - لا تفرض نسبا ضريبية عالية على ما يحققه التجار وأصحاب المراكز التجارية من أرباح وذلك على غرار ما هو معمول به في معظم دول العالم، وطالما أن البعض من التجار لم يتردد في تأليب وشحن المواطنين من خلال قهرهم بتلك النسب العالية من الأرباح التي يحققها التجار، مما أسهم في رفع أسعار تلك السلع الأساسية بشكل يصعب على الكثير من المواطنين اقتناؤها.
وطالما أن لدينا فئة من التجار ممن أعماهم حب المال وغير مبالين بما يلحقونه من أضرار باخوانهم المواطنين من جراء تلك المبالغة غير المبرة في نسب الربحية العالية التي تفرض عند تسويق السلع الأساسية على المواطنين، فإنني اقترح أن تقوم وزارة التجارة بإلزام كافة التجار بأن يعملوا من خلال البطاقة الجمركية، بحيث يتم إلزام كافة المتاجر والأسواق بأن تبرز للمتسوقين البطاقة الجمركية التي تتضمن سعر استيراد جميع السلع التي يتم تسويقها في المحل أو المتجر على أن تقوم الدولة بتحديد نسبة ربح معينة يمكن للتجار تحقيقها من خلال تسويق تلك السلعة وكما هو معلوم فإن وكلاء السيارات هم الوحيدون الذين يعملون من خلال البطاقة الجمركية حيث يتضح من خلالها التكلفة الفعلية لاستيراد السيارة على الوكيل، مع إيضاح نسبة الربح المحددة من قبل الدولة والتي يمكن لوكلاء السيارات تحقيقها، فلماذا لا يتم تعميم ذلك على كافة السلع والبضائع؟ بحيث يتم تحديد نسب ربحية محددة عند تسويق تلك السلع مع فرض العقوبات المشددة على كل متجر لا يلتزم بذلك.
أما ما يتعلق بأمانة منطقة الرياض، فإذا كانت أمانة منطقة الرياض قد تميزت عن غيرها من أمانات المناطق الأخرى بأنها كانت سباقة إلى إطلاق مؤشر الأسعار حرصا منها على الوقوف على المواطنين في مواجهة التجاوزات غير المبررة من قبل بعض التجار والأسواق، فإن على الأمانة أن تقف موقفا حازما في مواجهة تلك التجاوزات إذا ما أرادت أن تزرع الثقة في نفس المواطنين تجاه مؤشر الأسعار، واقترح في هذا الخصوص أن تقوم بتطبيق آلية التحفيز من خلال إبراز أسماء المتاجر والأسواق التي تكون أسعارها الأقل ومقارنة ببقية الأسواق الأخرى، وأن يتم تسليط الضوء على تلك المتاجر من خلال الإشادة بها ومنحها شهادات التقدير مع توجيه المستهلكين للتسوق منها.
إضافة لذلك فإن على المعنيين بالأمانة بأن يدركوا بأن بعض الأسواق التجارية تقوم بخداع وتضليل المواطنين من خلال إدراج أسعار رخيصة لبعض السلع في مؤشر الأسعار، ولكنها في حقيقة الأمر لا تسوق تلك السلع أو أنها تسوق كمية محدودة جداً منها، ومن الأهمية التأكيد هنا على ما سبق أن أشار إليه رجل الأعمال الشيخ عبدالله العثيم في هذا الخصوص عندما قال بأن على الأمانة أن تطبق عقوبات رادعة بحق المخالف من التجار مؤكداً على أهمية تطبيق عقوبتي التشهير والإغلاق وعدم الاكتفاء بتطبيق العقوبات المالية المحدودة خاصة وان بعض المتاجر يتعامل مع تلك العقوبة المالية القليلة على أنها جزءا من المصاريف التسويقية للبضائع فيها، مما قد يؤدي إلى فقدان ثقة المستهلكين بمؤشر الأسعار وإعطاء صورة غير صحيحة عن اتجاهات السلع الاستهلاكية.
الجدول التالي يوضح الفارق السعري الكبير بين الأسواق التجارية في تسويق السلع الأساسية خلال الأيام الأولى من رمضان:
 
اسم السلعة
سعر السلعة في بعض الأسواق
سعرها في أسواق أخرى
نسبة الفرق بين السعريين
بصل أحمر ( 1كيلو)
1.95ريال
0.58 ريا ل
129%
زيت نور دوار الشمس
34.9 ريال
19 ريال
84%
لحم حاشي بلدي طازج ( 1 كيلو)
32 ريال
16.95 ريال
89%
حليب لو نا سائل
2 ريال
1.2 ريال
67%
فول كاليفورنيا عادي (450غرام)
2.5 ريال
1.75 ريال
43%
8 / 9 / 2008م       عدد  13129
 
 

وماذا عن الراشي...!!

د محمد بن عبد العزيز الصالح
 نشرت الصحف خلال الأيام الماضية خبراً مفاده أن مواطناً ومقيماً سودانياً قد اقتحما مكتب وزير الصحة وقدما رشوة لأحد موظفي مكتب الوزير مقابل إسقاط شرط جزائي عن إحدى الشركات الطبية الوطنية، وقد صرح معالي وزير الصحة بأن هذه الجريمة هي الجريمة العاشرة من جرائم الرشوة التي يتم كشفها في وزارة الصحة خلال السنوات القليلة الماضية، موضحاً معاليه بأن هذه الجرائم لم تصل لحد الظاهرة، وأن الوزارة سوف تضع الشركة الراشية ضمن القائمة السوداء ولن تتعامل معها الوزارة مستقبلاً.
أعزائي القراء، لعلكم تشاركونني الرأي في أنه على قدر ما تسببه جريمة الرشوة من إزعاج لنا جميعاً، إلا أنني أعتقد بأن تعامل أجهزتنا الحكومية (وليس فقط وزارة الصحة) مع مثل تلك الجريمة النكراء إنما يمثل قمة الإزعاج، فالخبر المنشور بأكمله يركز على مكافأة الموظف والإشادة به دون تضمين الخبر لما يفترض أن يطبق بحق الشركة الراشية ومالكها ومندوبها من عقوبات رادعة، وإذا كان الرد على ذلك أن الوقت سابق لأوانه حيث ستتعرض الشركة للتحقيق والعقوبة فيما بعد، فقد كان من المفترض ألا ينشر شيء مطلقاً عن تلك الجريمة حتى تنتهي التحقيقات وتعلن العقوبات.
أليس من المفترض أن يُشهّر باسم الشركة الراشية بدلاً من قصر التركيز على إشهار اسم الموظف الذي كان يقوم بواجبه الوظيفي، أليس من المفترض أن تتعرض الشركة لأقصى العقوبات بدلاً من أن نترك جريمة الرشوة تنهش في مجتمعنا، أليس من المفترض أن يتم السجن والتشهير بمالك الشركة بدلاً من الاكتفاء بالحدود الدنيا من العقوبات المالية وبالتالي نسهم في نشر جرائم الرشوة بدلاً من القضاء عليها، أليس بعض ملاك الشركات (عديمي الذمم) لا يمكن أن يرتدعوا ما لم تطبق العقوبات القاسية بحقهم شخصياً دون الاكتفاء بمعاقبة مندوب الشركة (غير السعودي).
معالي وزير الصحة ذكر في تصريحه بأن جرائم الرشوة في وزارة الصحة لا تصل لحد الظاهرة موضحاً بأن هذه الجريمة تعد الجريمة العاشرة التي تحدث خلال السنوات القليلة الماضية، والسؤال المطروح هنا إذا كانت جرائم الرشوة التي تم اكتشافها في جهاز حكومي واحد عشر جرائم، فكم ستكون الجرائم التي لم يتم اكتشافها في وزارة الصحة، وكم سيكون عدد جرائم الرشوة التي سيتم اكتشافها في جميع أجهزة الدولة، ثم هل يفترض أن تسيطر جريمة الرشوة على أغلبية التعاملات في أجهزة الدولة حتى تصل جريمة الرشوة لحد الظاهرة.
مرة أخرى أؤكد بأن جريمة الرشوة قد فتكت بالعديد من المجتمعات وما لم يتم العمل على تطبيق العقوبات الرادعة من سجن وجلد وتشهير بملاك الشركات أنفسهم وبالمديرين التنفيذيين فيها وكذلك الموظفين المرتشين، فإننا لن نتمكن من السيطرة على تلك الجريمة، بل سيأتي اليوم الذي يتفاقم فيه الوضع ويخرج عن السيطرة، وأصادقكم القول بأنني أتمنى لو أن معالي وزير الصحة قد أفصح لنا بالعقوبات التي تم تطبيقها بحق الشركات الراشية في جرائم الرشوة التسع السابقة، والتي تم اكتشافها في وزارته، وكذلك بالعقوبات القاسية التي طبقت بحق ملاكها وبمديريها التنفيذيين (إن كان قد طبق شيء من ذلك) بدلاً من تركيز الإعلام على مكافأة الموظف الذي قام بواجبه الوظيفي.وأخيراً أود أن أؤكد بأن وزارة الصحة ليست هي المقصودة في هذا المقال وإنما الرسالة موجهة لكافة الأجهزة الحكومية. وجميع المسؤولين ذات العلاقة في تلك الأجهزة.                     
1 / 9 / 2008م       عدد 13122