ترجمة

الإفصاح المُضِلل


 
د محمد بن عبد العزيز الصالح

 لا أحد ينكر دور هيئة سوق المال في إلزام الشركات المساهمة في السوق بالإفصاح والكشف عن أرباحها السنوية والربع سنوية، كما أن لا أحد يستطيع انكار أن الشركات لا تقوم بذلك الإفصاح في المواعيد التي تحددها الهيئة.

ولكن الأسئلة التي تطرح نفسها هنا هي ما هو الإفصاح الذي تقوم به الكثير من الشركات؟ ثم ماهو الدور المناط بهيئة سوق المال ستحقق من نوعية الأرباح المحققة والتي تعلنها الشركات؟ وما تأثير ذلك على توجه سعر سهم تلك الشركة، وما دور ذلك أيضاً في دفع المتداولين في السوق لاقتناء أو بيع سهم تلك الشركة؟

ولكي تستطيع عزيزي القارئ الإجابة على تلك الأسئلة، فإنه من الأهمية أن نوضح المقصود بالأرباح التشغيلية والأرباح غير التشغيلية.

فالأرباح التشغيلية هي ما تحققه الشركة من أرباح ناتجة عن ممارسة الشركة للأنشطة الأساسية التي أنشئت من أجلها الشركة، أما الأرباح غير التشغيلية فهي تلك الأرباح التي تحققها الشركات إما من جراء بيع بعض ممتلكات وأصول الشركة كالأراضي وغيرها، أو أنها أرباح تحققها الشركات من خلال قيامها بأنشطة بعيدة عن الغرض الأساسي للشركة، ومثال ذلك ما تحققه الكثير من الشركات في السوق نتيجة المتاجرة في سوق الأسهم.

خلال عام 2005م أعلن مجلس إدارة إحدى الشركات المساهمة في السوق إن الشركة قد حققت أرباحاً قياسية في تاريخ الشركة بلغت أكثر من 160 مليون ريال.

الجدير بالذكر أن الشركة لم تفصح عن نوعية تلك الأرباح وعن ما إذا كانت أرباح تشغيلية أم غير تشغيلية، علماً بأن تلك الأرباح إنما كانت أرباحاً غير تشغيلية جاءت نتيجة قيام الشركة ببيع قطع أراض تملكها الشركة.

وقد أدى ذلك الإفصاح المضلل من قبل الشركة في ظل صمت غير مبرر من قبل هيئة سوق المال إلى تهافت الكثير على طلب شراء أسهم تلك الشركة مما أدى إلى زيادة جنونية في سعر سهم الشركة وبشكل لا يعكس المركز المالي الحقيقي للشركة.

الأمر المضحك هو أن مجلس إدارة تلك الشركة قد أعلن مع نهاية الربع الأول لعام 2006م أن الشركة قد حققت أرباحاً تعادل خمسة وعشرين مليون ريال، وأن تلك الأرباح تعادل 500% من حجم الأرباح المحققة عن نفس الفترة من العام الماضي 2005م.

ختاماً، يتوجب على هيئة سوق المال أن تلزم الشركات عن الإفصاح عن أرباحها الربع سنوية وأن يكون ذلك الإفصاح تفصيلي، وأن يتم التميز بين الأرباح التشغيلية عن الأرباح غير التشغيلية، كما أن على الهيئة أن تلزم كافة الشركات عند الإفصاح عن أرباحها أن توضح كافة الاعتبارات والجوانب التفصيلية التي أدت إلى زيادة ربح أو خسارة الشركة عن ميزانية الربع السابق، هذا بالإضافة إلى إيضاح كل ما يتعلق بمكرر الربحية وبالعائد على السهم وكافة البيانات المالية الأخرى التي تساعد المتداول في السوق على اتخاذ القرار السليم بشراء سهم بشركة ما أو بيعه، وما لم تقم الهيئة بكل ذلك، فهذا يعني أن منجالس إدارة بعض الشركات تقوم بتضليل المتداولين فيما تفصح به من أرباح.

29 / 4 / 2006م           عدد 12266

دور الهيئة في مهازل الاكتتابات



د. محمد بن عبد العزيز الصالح

في ظل توجه الكثير من ملاك الشركات لطرح شركاتهم للاكتتاب العام وتحويلها إلى شركات مساهمة، حيث يتوقع أن يبلغ أعداد تلك الشركات أكثر من سبعين شركة خلال العامين المقبلين مما يعني بلوغ أعداد الشركات المساهمة في السوق إلى الضعف.

وفي الوقت الذي تعلن فيه الدولة حرصها على استفادة أكبر عدد من المواطنين من جراء دعم تلك الشركات وتحويلها لشركات مساهمة، إلا أنني اعتقد بأنه لا زالت هناك العديد من الإشكالات (أو المهازل) التي تصاحب عمليات الاكتتاب، التي نتمنى من هيئة السوق وغيرها من الأجهزة ذات العلاقة العمل على تلافيها، ومن تلك المهازل ما يلي:

1 - عند طرح الكثير من الشركات للاكتتاب العام، يلاحظ أن غالبية تلك الشركات لا تطرح سوى 30% من رأسمال الشركة فقط في حين يحتفظ المؤسسين بنسبة 70%.. وعند بدء التداول على أسهم تلك الشركات نجد الارتفاع الكبير في سعر السهم مما يعني مضاعفة رؤوس أموال المؤسسين بشكل مبالغ فيه نظراً لتملكهم الحصة الأكبر في أسهم الشركة، في حين أن الشريحة العظمى من المواطنين المكتتبين لا ينالهم من الربح ما يوازي تكبدهم لعناء الاكتتاب نظراً لمحدودية الأسهم التي يتم تخصيصها لهم. وحيث تقوم وزارة التجارة والصناعة حالياً بالعمل على تطوير نظام الشركات فإنني اقترح أن يتضمن المشروع الجديد للنظام تحديداً للحد الأدنى للأسهم التي يتم طرحها للاكتتاب العام بحيث لا تقل عن 50% على أن يتم دفع تلك النسب خلال عامين أو ثلاثة أعوام على الأكثر إلى 70% على أن يتم تعويض المؤسسين تعويضاً عادلاً من خلال تقييم دقيق لأصول وممتلكات الشركات وفق أسس اقتصادية سليمة وعلى أن يكون ذلك تحت الإشراف المباشر من هيئة سوق المال.

2 - ومن المهازل التي لا تزال محل استغراب وتعجب الجميع عند طرح أسهم بعض الشركات للاكتتاب العام هو ذلك التفاوت الكبير في تحديد مبلغ علاوة الإصدار الذي تحدده هيئة سوق المال، حيث يلاحظ أن هناك مبالغة في تقييم الجوانب المالية والممتلكات لبعض الشركات مما يؤدي إلى المبالغة في تحديد علاوة الإصدار.

في ظني أن على الهيئة ألا تكتفي بأن تتم عملية التقييم من قبل أحد دور الخبرة وأنما من الأهمية أن يكون للهيئة دور أكبر في عملية التقييم بحيث يكون لها إشراف مباشر في كافة مراحل التقييم، كما أنه من الأهمية أن لا يتم تحديد سعر علاوة الإصدار بناء على الوضع المالي للشركة خلال العام أو العامين اللذين سبقا عملية التقييم، وإنما يجب أن يشمل ذلك رصداً دقيقاً لكافة المعطيات المالية للشركة من مكرر ربحية وأرباح تشغيلية وعوائد سنوية على سهم الشركة على أن يشمل ذلك الخمس سنوات التي سبقت عملية التقييم (كحد أدنى) مع أهمية استبعاد تأثير الأرباح غير التشغيلية على علاوة الإصدار التي يتم تحديدها عند تقييم سعر سهم الشركة.

3 - من الأمور المستغربة أيضاً عند طرح أسهم الكثير من الشركات للاكتتاب العام أن عملية الاكتتاب تكون مقتصرة على بنوك محددة دون إتاحتها لكافة البنوك مما يعني تكبد الكثير من المواطنين وخاصة ممن يسكن في القرى والمحافظات، نظراً لعدم تواجد فروع لكافة البنوك في تلك المحافظات. فهل يفترض أن يتكبد هؤلاء المواطنون عناء السفر لمئات الكيلو مترات للوصول إلى أقرب فروع لتلك البنوك، أما أن الهيئة ترغب أن يكون لكل مواطن حساب في كافة البنوك علماً بأن البنوك تشترط مبالغ ليست بالقليلة لفتح تلك الحسابات.

أعتقد أنه في ظل التقدم التقني الذي نجد معه أنه يتم السماح في بعض الاكتتابات للمواطن بالاكتتاب من داخل منزله من خلال الشبكة العنكبوتية، وفي ظل الربط الإلكتروني الذي يربط كافة البنوك بالهيئة وبمؤسسة النقد، أجدني غير مقتنع تماماً من قصر عملية أي اكتتاب على بنك أو بنوك محددة دون الأخرى.

 

 

22 / 4 / 2006م             عدد 12259

 

احتفالات التخرج والرعاية الكريمة من ولاة الأمر



د. محمد بن عبد العزيز الصالح

احتفلت جامعة الملك سعود يوم أمس بتخريج الدفعة (الخامسة والأربعين) من طلابها في مختلف الدرجات العلمية. ولعل ما يميز احتفال هذا العام أنه يأتي متزامناً مع مرور خمسين عاماً على إنشائها تمكنت الجامعة من خلالها من تزويد المجتمع بشكل عام بالكوادر السعودية المؤهلة، حيث أصبحنا نرى الكوادر السعودية وهي تسدّ حاجة المجتمع في مجالات الطب والهندسة والصيدلة والحاسب الآلي وغيرها من التخصصات الحيوية؛ لذلك فإن جامعة الملك سعود بحق اعتلت قمة الريادة سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي، وذلك بما نشاهده من تسنم خريجيها للقيادات الإدارية في الدولة. كما أن ما يميز احتفالات الجامعات بخريجيها هو تلك الرعاية الكريمة من قيادة هذا البلد، حيث يحرص أمراء المناطق على رعاية حفل تخريج طلاب الجامعات في مناطقهم بل تأتي الرعاية في بعض المناسبات من رأس القيادة خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله -. ولا شك أن هذا دليل على ما يوليه ولاة الأمر لتكريم أبناء هذا الوطن ومشاركتهم فرحة حصادهم العلمي، كما أنه علامة مميزة لتلاحم القيادة مع المواطنين. لقد تعودنا في هذا الوقت من كل عام أن نرى مشاركة ولاة الأمر أبناءهم في فرحتهم يهنئونهم ويحثونهم على مواصلة العطاء والبذل، كما أنها فرصة لتلاقي القيادة السياسية مع القيادة الفكرية في البلد. ولكون المناسبة تخص احتفال جامعة الملك سعود بخريجيها هذا العام، فإنه يسرني أن أعبّر عن خالص شكري وتقديري لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز - أمير منطقة الرياض على استجابته الكريمة والدائمة - حفظه الله - لرعاية هذه المناسبة من كل عام. حيث يحرص - حفظه الله - أن يشارك أبناءه فرحتهم بهذه المناسبة السعيدة، ويسرّه أن يرى ثمار رعايته وحرصه على شؤون الجامعات بعامة وفي منطقة الرياض بخاصة. إنها فرصة مناسبة ليلتقي أمير الرياض بأبنائه الطلبة وإخوانه أعضاء هيئة التدريس وغيرهم من منسوبي الجامعة ليستمع إليهم ويناقشهم ويسهم في حل مشكلاتهم. إن اهتمام صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز بشؤون الجامعات ومنسوبيها ليس وليد اليوم، وإنما يعود لفترة زمنية سابقة حيث يعرف الجميع جهوده الكبيرة في دعم الجامعات في جميع المناطق وبخاصة جامعة الملك سعود، كذلك يشهد له الجميع مواقفه الداعمة لمشروعات الجامعة ومنشآتها ومناسباتها. فما تنعم به الآن من مدن جامعية في مدينة الرياض وحدها لكل من جامعة الإمام، وجامعة الملك سعود خير شاهد على الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة خدمة للتعليم ومنسوبيه، ودور صاحب السمو الملكي الأمير سلمان في هذا الجهد واضح للعيان، لذلك فإن هذه الجهود محل تقدير واعتزاز كافة منسوبي الجامعة من أعضاء هيئة التدريس والطلاب والإداريين. إن جميع منسوبي الجامعة انتظروا هذا اليوم بكل شوق، وتعتبره الجامعة من أعزّ أيامها وذلك لتشريف سموه - حفظه الله - هذا الحفل، وإن فرحتنا جميعاً كمنتسبين لقطاع التعليم تكتمل اليوم برؤيتنا لأميرنا المحبوب بيننا وتشجيعه لنا. إنه ليُسَرُّ منسوبو الجامعة وأعضاء هيئة التدريس فيها بجني ثمار ما غرسوه طوال أربع سنوات من التحصيل والدراسة، ويُسرُّ فيه طلاب الجامعة لأنهم يتوجون حصيلة تعبهم ومثابرتهم على التحصيل بالحصول على شهادة التأهيل العلمي والوظيفي لينطلقوا بها إلى آفاق العمل وخدمة الوطن كل في مجال تخصصه. أخيراً يسرني أن أهنئ أبنائي وإخواني الطلبة في جميع مستوياتهم العلمية ومباركاً بنجاحهم وحصولهم على المؤهلات العلمية التي سعوا لتحقيقها، داعياً العلي القدير أن يوفقهم لما فيه خيرهم وخير وطنهم وخير أمتهم، متمنياً لهم دوام التوفيق والنجاح في حياتهم العملية الجديدة، ومؤكداً على حاجة بلدهم إلى خبراتهم وبذل كل ما يستطيعون لخدمة دينهم ثم مليكهم ووطنهم.

والله الموفق.

 

 

17 / 4 / 2006م          عدد 12254

 

 

 

ثرثرة المحللين وضياع المتداولين



د. محمد بن عبد العزيز الصالح

في ظل محدودية الوعي الاسثتماري، وشبه انعدام المعرفة بجوانب التحليل المالي للشركات لدى الكثير من المتداولين في السوق وخاصة الصغار منهم، نجد بأن هؤلاء المتداولين يعتمدون كثيراً في اتخاذ قراراتهم ببيع الأسهم وشرائها على ما يدلي به المحللون الماليون الذين نراهم بشكل مستمر من خلال وسائل الإعلام المختلفة سواء كان ذلك عبر القنوات الفضائية أو من خلال ما يسطره هؤلاء المحللون في الصحف والمجلات.

فهل هؤلاء المحللون متخصصون أم لا؟، وهل لديهم تأهيل علمي في أحد التخصصات الاقتصادية أو المالية التي تهيئ لهم القاعدة أو الأرضية التي يستندون إليها في تحليلهم؟، وهل لديهم الخبرة الكافية في هذا المجال، أم أن الأمر لا يتطلب سوى امتلاك أحد منهم للسيولة أو إدارة محافظ للغير؟؛ ثم هل حرص هؤلاء المحللون على الالتحاق ببعض الدورات المتخصصة في مجال التحليل المالي للشركات، أم أن الأمر في نظر هؤلاء البعض لا يتجاوز بعض الجمل العمومية والعبارات العاطفية والتوجهات التي لا تخدم سوى محافظ بعينها؟.

لقد لوحظ على هؤلاء البعض من المحللين أن تحليلهم للمراكز المالية للشركات بعيد كل البعد عن الأسس السليمة للتحليل، ففي الوقت الذي نجد فيه أن أسعار الكثير من الشركات الخاسرة قد تضاعفت بشكل غير مبرر، نجد بعض المحللين يطبل للسوق، ويتوقع (بل ويؤكد) على استمرار تلك الشركات في الوصول لأكثر مما وصلت إليه، حتى جاءت الفأس بالرأس.

وإنني أتساءل عما إذا كانت القنوات الفضائية قد عرضت قبل إتاحة الفرصة لأي من كان بالتحليل على التأكد من مدى قدرة وتمكن المحلل من الإدلاء بالمعلومات السليمة، خاصة أن الكثير من صغار المتداولين يبنون قراراتهم بالبيع أو الشراء بناءً على ما يدلي به هؤلاء المحللون؟ في ظني أن عدم مصداقية وضحالة المحلل تنعكس على نفس القناة الفضائية التي أبدع فيها ذلك المحلل.

كما أنني أتساءل عما إذا كان لدى هيئة سوق المال توجه بوضع القواعد والضوابط التي تنظم ما يقوم به هؤلاء المحللون سواء من حيث الحد الأدنى للتأهيل العلمي أوالتدريب الذي يفترض أن يكون عليه المحلل، أو من حيث الخبرة العملية والفهم السليم للأساسيات التي يفترض أن ينطلق منها التحليل المالي؟.

ختاماً، وبعد مرور عدد من السنوات ونحن نسمع لحكم ونصائح هؤلاء (البعض) من المحللين، وبعد أن أدت تحليلاتهم إلى خسارة الكثير من المحافظ وتدمير العديد من المتداولين الصغار في السوق، بعد هذا كله أعتقد بأنه قد حان الوقت لكي تقوم القنوات الفضائية بالتخلص من هؤلاء المهرجين، كما يفترض أن يكون المتداولون في السوق قد بلغوا من الوعي ما يجعلهم يميزون بين الغث والسمين، بين مَنْ يتحدث ويحلل وفق تحليل منطقي ويرتكز على أسس سليمة، وبين مَنْ يثرثر ثرثرة لم تؤدِ سوى إلى ضياع المتداولين.

 

8 / 4 / 2006م         عدد 12254

 

عمولة بيع وشراء الأسهم مبالغ فيها


 
د. محمد بن عبد العزيز الصالح

 في تصريح له أعقب محاضرته التي ألقاها في ختام منتدى أسواق المال الخليجية، كشف كبير الاقتصاديين في البنك الأهلي التجاري الأستاذ سعيد الشيخ لصحيفة الاقتصادية بأنّ حجم العمولات التي تقاضتها البنوك عام 2005م من تداولات الأسهم قد بلغت 12.4 مليار ريال وذلك مقارنة بـ 5.3 مليارات عام 2004م.

تصوَّروا 12.4 ملياراً دفعها المتداولون في السوق كعمولة على تداولات الأسهم خلال عام واحد. وأمام هذا الرقم الضخم يتبادر للذهن عدد من الجوانب منها:

* ما هي الخدمات التي تقدمها البنوك للمتداولين والتي تبرِّر دفع هذا المبلغ الضخم؟. ثم ما هي تكلفة تقديم تلك الخدمات حتى تسمح هيئة سوق المال للبنوك بفرض مثل هذا المبلغ الضخم؟. نعلم أنّ ليس كامل المبلغ يذهب للبنوك حيث يذهب جزءٌ منه ل(تداول) إلاّ أنّ هذا المبلغ الذي يتكبّده المواطنون يُعَد مبالغاً فيه بكلِّ المقاييس.

* لو نظرنا إلى مختلف البورصات وأسواق المال في الكثير من الدول لأدركنا أنّ حجم عمولة التداول غير مبالغ فيها كما هو الحال لدينا. ولو نظرنا لسوق الأسهم في الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال لرأينا أنّ حجم العمولة لا يتجاوز (9) سنتات أمريكية فقط عند شراء خمسة آلاف سهم.

* في السابق لم يكن عدد المتداولين في السوق يتجاوز المائة ألف متداول، كما أنّ حجم التداول اليومي لا يبلغ المليار ريال في اليوم الواحد، أمّا اليوم فنجد أنّ عدد المتداولين قد تجاوز الثلاثة ملايين متداول، كما أنّ حجم التداول يتجاوز عشرات المليارات من الريالات يومياً، مما يعني مضاعفة حجم ما تحققه البنوك من أرباح بمرات عديدة.

* إذا كان الكثير من المتداولين في السوق يقومون بتنفيذ عمليات بيع وشراء الأسهم من منازلهم إلكترونياً من خلال الإنترنت فما الذي يعطي البنوك الحق أن تفرض الرسوم كاملة (015%) على مثل تلك العمليات التي لا تكلِّف البنوك أي تكاليف تقريباً.

* في السابق كان السلوك الاستثماري يغلب على معظم المتداولين في السوق مما يعني محدودية الصفقات المبرمة يومياً، أمّا اليوم فنجد أنّ هوس المضاربة قد سيطر على جميع المتداولين صغاراً وكباراً بما فيهم (وللأسف) صناديق البنوك. وهذا يؤدِّي بالطبّع إلى ضخامة الأموال التي يتم تدويرها في السوق يومياً مما يعني ضخامة ما تقتطعه البنوك من عمولات، وبالتالي أصبح لزاماً أن يتم إعادة النظر في نسبة عمولة التداول المبالغ فيها.

* يبدأ من اليوم السبت تجزئة الأسهم في السوق إلى خمسة أسهم، وهذا في ظني سوف يشجع الكثير من المواطنين على تكثيف تداول الأسهم بينهم بيعاً أو شراءً مما ينعكس على ضخامة حجم الأموال المتداولة يومياً، وهذا يؤدي بدوره إلى زيادة غلّة البنوك غير المبررة التي تستقطعها يومياً من المواطنين.

وبناءً على ما سبق ذكره من معطيات فإنّني اعتقد بأنّ هناك مبالغة غير مبررة في حجم ما تفرضه البنوك على المتداولين في السوق من عمولات عن تداول الأسهم .. وأقترح في ذلك ما يلي:

أ - قصر فرض تلك الرسوم على المتداولين في حالة شراء الأسهم فقط دون البيع وذلك على غرار ما هو معمول به في قطاع العقار.

ب - أن يتم خفض الرسم الذي تفرضه البنوك على المتداولين إلى (010%) عشرة في الألف بدلاً عن خمسة عشر في الألف (015%) والمطبّقة حالياً.

1 / 4 / 2006م                  عدد 12238