ترجمة

ثرثرة المحللين وضياع المتداولين



د. محمد بن عبد العزيز الصالح

في ظل محدودية الوعي الاسثتماري، وشبه انعدام المعرفة بجوانب التحليل المالي للشركات لدى الكثير من المتداولين في السوق وخاصة الصغار منهم، نجد بأن هؤلاء المتداولين يعتمدون كثيراً في اتخاذ قراراتهم ببيع الأسهم وشرائها على ما يدلي به المحللون الماليون الذين نراهم بشكل مستمر من خلال وسائل الإعلام المختلفة سواء كان ذلك عبر القنوات الفضائية أو من خلال ما يسطره هؤلاء المحللون في الصحف والمجلات.

فهل هؤلاء المحللون متخصصون أم لا؟، وهل لديهم تأهيل علمي في أحد التخصصات الاقتصادية أو المالية التي تهيئ لهم القاعدة أو الأرضية التي يستندون إليها في تحليلهم؟، وهل لديهم الخبرة الكافية في هذا المجال، أم أن الأمر لا يتطلب سوى امتلاك أحد منهم للسيولة أو إدارة محافظ للغير؟؛ ثم هل حرص هؤلاء المحللون على الالتحاق ببعض الدورات المتخصصة في مجال التحليل المالي للشركات، أم أن الأمر في نظر هؤلاء البعض لا يتجاوز بعض الجمل العمومية والعبارات العاطفية والتوجهات التي لا تخدم سوى محافظ بعينها؟.

لقد لوحظ على هؤلاء البعض من المحللين أن تحليلهم للمراكز المالية للشركات بعيد كل البعد عن الأسس السليمة للتحليل، ففي الوقت الذي نجد فيه أن أسعار الكثير من الشركات الخاسرة قد تضاعفت بشكل غير مبرر، نجد بعض المحللين يطبل للسوق، ويتوقع (بل ويؤكد) على استمرار تلك الشركات في الوصول لأكثر مما وصلت إليه، حتى جاءت الفأس بالرأس.

وإنني أتساءل عما إذا كانت القنوات الفضائية قد عرضت قبل إتاحة الفرصة لأي من كان بالتحليل على التأكد من مدى قدرة وتمكن المحلل من الإدلاء بالمعلومات السليمة، خاصة أن الكثير من صغار المتداولين يبنون قراراتهم بالبيع أو الشراء بناءً على ما يدلي به هؤلاء المحللون؟ في ظني أن عدم مصداقية وضحالة المحلل تنعكس على نفس القناة الفضائية التي أبدع فيها ذلك المحلل.

كما أنني أتساءل عما إذا كان لدى هيئة سوق المال توجه بوضع القواعد والضوابط التي تنظم ما يقوم به هؤلاء المحللون سواء من حيث الحد الأدنى للتأهيل العلمي أوالتدريب الذي يفترض أن يكون عليه المحلل، أو من حيث الخبرة العملية والفهم السليم للأساسيات التي يفترض أن ينطلق منها التحليل المالي؟.

ختاماً، وبعد مرور عدد من السنوات ونحن نسمع لحكم ونصائح هؤلاء (البعض) من المحللين، وبعد أن أدت تحليلاتهم إلى خسارة الكثير من المحافظ وتدمير العديد من المتداولين الصغار في السوق، بعد هذا كله أعتقد بأنه قد حان الوقت لكي تقوم القنوات الفضائية بالتخلص من هؤلاء المهرجين، كما يفترض أن يكون المتداولون في السوق قد بلغوا من الوعي ما يجعلهم يميزون بين الغث والسمين، بين مَنْ يتحدث ويحلل وفق تحليل منطقي ويرتكز على أسس سليمة، وبين مَنْ يثرثر ثرثرة لم تؤدِ سوى إلى ضياع المتداولين.

 

8 / 4 / 2006م         عدد 12254

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق