ترجمة

وزير الصحة وهذا المقترح



د. محمد بن عبد العزيز الصالح


أكثر أمراض العصر انتشارًا هي أمراض الضغط والسكر والكلسترول وارتفاع نسبة الدهون في الدم والجلطات بأنواعها والملاحظ أن تلك الأمراض بدأت تفتك بالكثير من الناس في مختلف مراحلهم العمرية.     
وإذا ما تمعنا في أهم الأسباب التي أدت إلى انتشار تلك الأمراض، نجد أن هناك سببين رئيسيين هما:
الأول: قلة الحركة وعدم ممارسة الرياضة.  
الثاني: سوء التغذية واندفاع الكثير منّا لتناول الأطعمة ذات السعرات الحرارية المرتفعة، والابتعاد عن الوجبات الصحية.     
وما من شك أن الدولة تتحمل المليارات من الريالات بسبب انتشار الكثير من تلك الأمراض التي يصاب بها الكثير من المواطنين من جراء سوء التغذية وقلة ممارسة الرياضة.        
والملاحظ هو بدء انتشار الأندية والمراكز الصحية الخاصة التي يستطيع المواطن ممارسة الرياضة فيها بشكل يومي، مما يكون له كبير الأثر في التصدي للكثير من الأمراض، والملاحظ أيضًا وجود بعض المؤسسات والشركات الخاصة التي بدأت في تقديم برامج غذائية صحية بحيث يتم إيصال الوجبات الغذائية التي تحتوي على سعرات حرارية محدودة للمنازل، وما من شك أن انتشار تلك الثقافة سيسهم في رفع المستوى الصحي للمواطنين وعدم تعرض الكثير منهم للأمراض.     
الإشكالية أنه وعلى الرغم من التنافس بين الأندية والمؤسسات الخاصة في تقديم تلك البرامج الرياضية والغذائية بأنسب الأسعار، إلا أن الملاحظ أن تلك الأسعار لا تزال عالية التكلفة بالنسبة لشريحة كبيرة من المواطنين والمواطنات محدودي الدخل.     
والمقترح هنا، طالما أن التوسع في تلك البرامج الغذائية والرياضية سيسهم في رفع المستوى الصحي للمواطنين، إضافة إلى أنها ستسهم في توفير الكثير من الأموال على الدولة وذلك بسبب إسهام تلك البرامج في التصدي للكثير من تلك الأمراض، لذا فإنني اقترح أن تقوم وزارة الصحة بمشاركة الأجهزة الحكومية ذات العلاقة بتبني مشروع صحي استثماري وطني يتضمن نشر الأندية الصحية في غالبية الأحياء في كافة مناطق ومحافظات المملكة.     
كما اقترح في هذا الخصوص أن تقوم وزارة الصحة بالتنسيق مع وزارة التجارة بالسعي إلى إنشاء شركة استثمارية مساهمة في كل منطقة من مناطق المملكة بحيث تطرح جميع أسهمها للمواطنين في تلك المناطق بحيث يقتصر عمل تلك الشركات المساهمة على الاستثمار والتشغيل لتلك الأندية الرياضية ومراكز التغذية الصحية التي سيتم إنشاؤها في معظم الأحياء في تلك المنطقة وذلك تحت إشراف وزارة الصحة، وفي ضوء الضوابط الصحية التي يتم وضعها من قبل وزارة الصحة.
إنني على يقين بأن نشر الأندية الصحية ومراكز التغذية الصحية داخل كل حي سكني في مختلف مناطق المملكة سيسهم في التصدي للكثير من الأمراض التي يتعرض لها الكثير من المواطنين، كما سيسهم ذلك في توفير المليارات من الريالات التي تتحملها فاتورة الصحة سنويًا، وحيث إن إسهام وزارة الصحة في إنشاء تلك الأندية والمراكز الصحية إنما يأتي ضمن اختصاصات وكالة وزارة الصحة للطب الوقائي، فإنني اقترح على معالي الدكتور عبد الله الربيعة وزير الصحة أن يوجه من يلزم من داخل الوزارة بدراسة هذا المقترح والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، ومن ثم تبني رفع الموضوع للمقام السامي للموافقة عليه ودعمه.

 

29/11/2010م     العدد 13941

إذا عُرف السبب بطل العجب


 
د. محمد بن عبد العزيز الصالح


في عام 2007م, أقر مجلس الوزراء قراراً يقضي بإنشاء جمعية لحماية المستهلك, كما أقر المجلس بأن يتم استقطاع 10% من إيرادات الغرف التجارية في جميع مناطق المملكة بحيث تستخدم تلك المبالغ في تمويل الجمعية.

الغريب في الأمر أن غالبية الغرف التجارية لم تنفذ قرار مجلس الوزراء ولم تلتزم باستقطاع النسبة المحددة وتوجيهها لتمويل جمعية حماية المستهلك, والأغرب من ذلك أن رئيس مجلس الغرف التجارية ورئيس غرفة جدة صالح عبدالله كامل, وبدلاً من أن يحث ويوجه الغرف التجارية بتطبيق قرار مجلس الوزراء, نجد أنه يصرح للصحف (عكاظ, الجمعة 27 ذو القعدة 1431هـ) بأن غرفة جدة وغالبية الغرف التجارية لن تنفذ القرار, متذرعاً في ذلك بأن هناك تضارب مصالح, حيث تساءل السيد صالح كامل, بالقول: (جمعية حماية المستهلك تحمينا من التجار, فكيف يقوم التجار بتمويلها), وقد كشف السيد كامل بأنه تحدث مع وزير التجارة والذي تفهم وجهة نظره ووعده بالعمل على تغيير هذا القرار, واسمح لي عزيزي القاري أن أعلق على ذلك بعدة نقاط منها:

1- بأي حق يتجرأ التجار برفض تنفيذ قرار مجلس الوزراء, وبأي منطق يسمح وزير التجارة للتجار بعدم تنفيذ قرار مجلس الوزراء, ألا يعلم التجار ووزير التجارة بأنهم لا يملكون الصلاحية القانونية لوقف تنفيذ قرار مجلس الوزراء, أليس من الأجدى بهم تنفيذ التوجيهات السامية, وان كان لهم من وجهة نظر حيال قرار مجلس الوزراء, فلهم الحق برفع الأمر لخادم الحرمين الشريفين رئيس مجلس الوزراء والذي له الصلاحية بقبول وجهة نظرهم أو رفضها.

ألا يعلم كل من وزير التجارة وصالح كامل بأن من حق جمعية حماية المستهلك نظاماً أن تطالب بكامل حقوقها المالية وبأثر رجعي وذلك باستقطاع نسبة الـ 10% من إيراد الغرف التجارية من عام 2007, ألا يعلمان بأن من حق جمعية حماية المستهلك اللجوء إلى ديوان المظالم ومقاضاة كل من الغرفة التجارية ووزارة التجارة على عدم حصول الجمعية على حقوقها المالية على الرغم من وجود توجيهات سامية بذلك, إضافة إلى ذلك, إذا كان السيد صالح كامل يعلم بأن الدولة - حفظها الله - لا تفرض على أرباح التجار نسب ضريبية عالية على غرار ما هو معمول به في كافة دول العالم, فكيف يجند نفسه للتصدي لمثل هذا القرار لمجلس الوزراء والذي يهدف لحماية المواطنين من تجاوزات بعض التجار والذين وصل الحال ببعضهم لتسويق سلع للمواطنين لا تصلح للاستخدام الآدمي!!!

2- التساؤل الآخر هنا, كيف يتجاهل أعضاء مجلس إدارة جمعية حماية المستهلك عن حقوق الجمعية المالية والتي كفلها قرار مجلس الوزراء لها من عام 2007م, الجمعية أيها السادة لم تنجز ما هو متأمل منها منذ نشأتها قبل خمس سنوات, وذلك لحرمانها من مواردها المالية التي كفلها لها قرار مجلس الوزراء, ولكن التجار رفضوا دفعها بمباركة من وزارة التجارة, في ظل سكوت وسلبية غير مبررة من قبل مجلس إدارة الجمعية, وطالما أن الخطابات التي يرسلها رئيس مجلس إدارة جمعية حماية المستهلك للغرف التجارية لم تأت بنتيجة, لذا كان من المفترض على رئيس مجلس إدارة جمعية المستهلك أن يرفع الموضوع للجهات العليا ولديوان المظالم ويطالب بحقوق الجمعية, ولكن يبدو أن انشغاله بكثرة سفرياته وخلافاته مع أعضاء مجلس إدارته أشغلته عن ذلك.

ختاماً, المثل يقول إذا عُرف السبب بطل العجب, ونحن نقول لن نتعجب من تدهور حالك أيها المستهلك, فقد عرفنا أسباب تدهورك والتي وللأسف يقف وراءها أشخاص لا يقدرون المسؤولية الملقاة على عاتقهم.

مجرد تساؤل:

- ألا يعلم وزير التجارة بأن وزارته قد أُنشئت لحماية حقوق المواطنين قبل حماية مصالح التجار, مجرد تساؤل.

- إلى متى يا رئيس مجلس الغرف السعودية ستظل شريحة من التجار وبمباركة من مجلس الغرف لا تنفذ قرارات مجلس الوزراء, مجرد تساؤل.

- إلى متى يا رئيس مجلس إدارة جمعية حماية المستهلك ستستمر الجمعية في سلبيتها التي أضرت بالمستهلكين بدلاً من حمايتهم, مجرد تساؤل.

 

8/11/2010م      العدد 13920

لقد أسهرتنا يا (ساهر)



د. محمد بن عبد العزيز الصالح


لا أحد ينكر الجوانب الإيجابية التي تحققت من تطبيق نظام ساهر. ولا أحد ينكر انخفاض نسبة أعداد الحوادث وبالتالي انخفاض أعداد الوفيات والمصابين من جراء تلك الكوارث المرورية التي نشهدها بشكل يومي، كما لا ينكر أحد تحسن سلوك قائدي السيارات خلال الأشهر التي أعقبت تطبيق نظام ساهر. ولكن وكما يقول المثل (الحلو ما يكملش)، وحتى يتم تحقيق تلك المكتسبات من تطبيق هذا النظام بشكل فاعل، يجب أن يتم تطبيقه بأسلوب متحضر ومتدرج بحيث يوحي بأن المقصود من التطبيق هو الحد من الحوادث ونشر التوعية المرورية، وليس استهداف الجيوب بشكل استفزازي وذلك في غفلة من سائقي السيارات، واسمح لي عزيزي القارئ أن استعرض عدداً من الجوانب الموضحة لذلك:

خلال الصيف الماضي، سمحت لي الظروف أن أذهب إلى بريطانيا، وقد قمت بالتجول في عدد من المدن البريطانية، ولفت انتباهي كثافة انتشار اللوحات الموضحة للسرعة المحددة. وكذلك كثافة وجود اللوحات الموضحة لوجود كاميرات مراقبة على كل طريق، ولا أبالغ إذ قلت إن المسافة بين كل لوحة واللوحة الأخرى لا تزيد عن 300 400 متر فقط، كما لاحظت كبر حجم تلك اللوحات ووضوح مواقعها بشكل يمكن الانتباه إليها من قبل جميع سائقي السيارات على ذلك الطريق. أما لدينا، فنلاحظ قلة وجود تلك اللوحات كما نلاحظ صغر حجمها وعدم تواجدها في بداية الطريق بحيث لا ينتبه إليها لسائق إلا بعد أن يكون قد تم تصويره ورصده بكمرة المراقبة، فهل يعقل هذا !!!؟ وهل المقصود من تطبيق نظام ساهر تنبيه السائقين إلى وجود الكاميرات حتى يخفف سرعته، أم أن المقصود إسهار المواطنين ليلاً هماً بسبب إرهاقهم بدفع تلك الغرامات التي يتطلبها نظام ساهر، ويكفي أن نشير في هذا الخصوص إلى ما تفضل به صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز رئيس الاستخبارات العامة في هذا الخصوص عندما قال بأن سموه لا يوافق على آلية تطبيق نظام ساهر الحالية، حيث أشار إلى أنه إذا كان هدف نظام ساهر هو سلامة المواطن، فيجب توضيح موقع الكاميرا أمام السائق على الطريق، أما إن كان هدف نظام ساهر هو زيادة موارد وزارة المالية، فهذا أمراً آخر.

لماذا لا يتم التدرج في مبلغ الغرامة. فعند تجاوز السائق السرعة المحددة بكيلو متر واحد يتم فرض كامل الغرامة(300) ريال، والمقترح هنا طالما أن قصد نظام ساهر هو الحد من السرعة وليس جمع الأموال، أن يكون مبلغ الغرامة متدرج. فلو كانت السرعة المحددة (70) كيلو مثلاً، تكون الغرامة (100) ريال إذ بلغت السرعة (80) كيلو، و(200) ريال إذ بلغت السرعة (90) كيلو و(300) ريال إذ بلغت السرعة (100) كيلو وهكذا. ولا أقصد من ذلك التساهل مع المخالفين. ولكني أقصد أن تطبيق الغرامة كاملاً وبشكل مباشر سيكون له آثار سلبية على الكثير من المواطنين أصحاب الدخول المحدودة والذين يمكن توجيههم من خلال تكثيف حملات التوعية وكذلك تكثيف اللوحات الموضحة لكل من السرعة المحددة ووجود كاميرات المراقبة.

هناك الكثير من الشوارع والطرق والممرات التي يتم وضع كاميرا مراقبة فيها دون أن يوضع فيها لوحات توضح السرعة المحددة ومن أراد أن يتأكد فليذهب للشوارع المحيطة بمنطقة المشاة في طريق الملك عبدالله. ولا ينبغي فرض غرامة مالية دون وضع اللوحات الموضحة للسرعة المحددة. كما أنه يجوز للسائق الذي تفرض عليه تلك الغرامة أن يتجه لديوان المظالم لمقاضاة الشركة على فرض تلك الغرامة دون وجود لوحات واضحة محددة للسرعة.

في ظني أن التوعية الإعلامية بنظام ساهر لم تكن كافية، بل يلاحظ أن تلك التوعية وعلى الرغم من محدوديتها، إلا أنها كانت مركزة على المخالفات وآلية تطبيقها مما يوحي بأن هدف نظام ساهر هو تحصيل الغرامات بغض النظر عن تحذير السائقين من الوقوع في تلك المخالفات، وقد طالبنا وطالب الكثير من الكتاب بتكثيف برامج التوعية المرورية عبر مختلف وسائل الإعلام. وبتحذير المواطنين من الوقوع في مخالفات ساهر وذلك قبل تطبيق النظام.

اقترح أن يتم إيقاف العمل بنظام ساهر لمدة 3 أشهر فقط يتم خلالها تغطية جميع الشوارع والطرق والممرات بلوحات واضحة سواء للسرعة المحددة وكذلك لوحات موضحة لوجود كاميرات مراقبة وعلى ألا تزيد المسافة بين اللوحة والأخرى عن (500) متر فقط حتى يتسنى للسائقين ملاحظتها طالما أن الهدف من النظام الحد من السرعة ومن الحوادث وليس استنزاف الجيوب بالغرامات الطائلة، كما يتم خلال هذه الفترة تكثيف حملات التوعية المرورية والتعريف بكافة الجوانب المتعلقة بنظام ساهر.

إذا كان نظام ساهر قد تم إيجاده من أجل ضبط سلوك سائقي السيارات، فإنني أعتقد أننا بحاجة إلى نظام يضبط سلوك (ساهر) تجاهنا.

 

1/11/2010م    العدد 13913