ترجمة

دعم المرور واجب

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
 لا يمكن لأحد أن ينكر تلك المجازر المرورية التي نشاهدها يومياً في مختلف المدن والمحافظات بالمملكة، ويكفي أن نشير إلى أن أعداد الضحايا المرورية سنوياً هي الأكثر على الإطلاق مقارنة بدول العالم كافة، بل يكفي أن نشير إلى أن أعداد ضحايا المرور في المملكة في عام واحد تزيد على مجموع ضحايا الانتفاضة الفلسطينية منذ بداياتها الأولى وحتى الآن، كما يكفي أن نشير إلى أن ثلث ميزانية وزارة الصحة المخصصة لتشغيل الأسرة بالمستشفيات مخصص لمصابي الحوادث المرورية، وبالتالي فإن علينا جمعياً أن نعترف بوجود مشكلة مرورية لدينا، فالاعتراف بأي مشكلة إنما يعد البداية الفعلية لحل تلك المشكلة.
وبالنظر إلى منطقة الرياض، نجد أنه قد تم تشكيل لجنة عليا للسلامة المرورية برئاسة سمو الأمير سطام بن عبدالعزيز نائب أمير منطقة الرياض، كما تم وضع استراتيجية وطنية للسلامة المرورية احتضنتها الهيئة العليا لمدينة الرياض وبمشاركة عدد من الجهات ذات العلاقة، وحسب المعلومات المتوافرة، وحسب ما نسمعه ونقرؤه في هذا الخصوص، فإنه يتضح أن هناك جهوداً وخطوات تنفيذية ملموسة يقوم بها مرور مدينة الرياض بإشراف العقيد عبدالرحمن المقبل مدير مرور الرياض لوضع تلك الخطة المرورية عملاً للتنفيذ الفعلي، وقد أسهمت تلك الجهود في تحقيق نتائج مبشرة في خفض الحوادث المرورية والحد من ضحايا المرور.
وتعد مكافحة السرعة من أهم الجهود التي يقوم بها مرور الرياض في سبيل تنفيذ تلك الخطة، إذ يقوم مرور الرياض حالياً بتنفيذ ثماني عشرة حملة منظمة على الطرق السريعة بالعاصمة بهدف القضاء على السرعة فيها، وفي ظني أنه لا يمكن لمنصف أن ينكر التحسن الملحوظ في السلوك المروري عند الكثير من سائقي السيارات المرتادين لتلك الخطوط وأخص بالذكر منها طريق مكة، طريق الدائري، وطريق الملك عبدالله وغيرها.
الجدير بالذكر أن ما يقوم به مرور الرياض من جهود ملموسة في سبيل القضاء على السرعة الفائقة في مختلف طرقات العاصمة إنما يعد بمثابة البداية التجريبية لخطة تطبيق الأنظمة المرورية التي تعدها الهيئة العليا لمدينة الرياض بمشاركة واحدة من أكبر الشركات المتخصصة في السلامة المرورية في أوروبا، وما من شك أننا إذا أردنا أن نحقق النتائج المرجوة من تلك الجهود التي يقوم بها مرور الرياض في سبيل القضاء على السرعة القاتلة، فإنه يتحتم علينا جميعاً مسؤولين ومواطنين تقديم كل وسائل الدعم المادي والمعنوي التي يحتاج إليها هذا الجهاز، وأنا على يقين أن القيادات العليا في كل من وزارة الداخلية وكذلك في إمارة منطقة الرياض لن تتردد في تقديم مختلف أوجه الدعم لمرور الرياض حتى يستطيع إكمال المسيرة الناجحة في تنفيذ خطة تطبيق الأنظمة المرورية.
وختاماً فإنني أؤكد أنه إذا ما استمر ذلك الحماس الملحوظ لدى منسوبي جهاز مرور الرياض في سعيهم للقضاء على السرعة، فإن مستوى السلامة المرورية في مدينة الرياض سيشهد تحسناً ملحوظاً، لذا كان من الأهمية أن يحظى هذا الجهاز بدعم الجميع حتى يحقق النتائج التي نرجوها جميعاً، وبخاصة ما يتعلق منها بالحد من ضحايا الحوادث المرورية. قال تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا...} الآية.
للمعلومية
في عام 1424هـ بلغ عدد ضحايا الحوادث المرورية (478) ضحية، وبعد تطبيق الخطة الوطنية للسلامة المرورية من قبل مرور الرياض مع بداية عام 1425هـ، انخفض عدد ضحايا الحوادث المرورية بنسبة 10% خلال عام واحد ليصل إلى (430) ضحية بنهاية عام 1425هـ. وحسب المعلومات المتوافرة فإن هناك تحسناً ملحوظاً في خفض عدد الوفيات خلال العام الحالي 1426هـ. ولكي يستمر التحسن الملحوظ في خفض أعداد تلك الضحايا، فإن الدعم مطلوب لهذا الجهاز.
29 / 10 / 2005م             عدد   12084

قروض الصندوق ومكارم ولي الأمر

د محمد بن عبد العزيز الصالح
حث سعادة مدير عام صندوق التنمية العقارية جميع المقترضين من الصندوق الذين لديهم أقساط متأخرة بأن يستفيدوا من الموافقة السامية بمنح المقترضين المتأخرين عن السداد إعفاءً نسبته 10% في حال قيام المقترض بتسديد جميع المبالغ المتأخرة قبل 26-9-1426هـ والمبادرة بالسداد قبل انتهاء المهلة المحددة.
وما من شك أن هذا التوجيه لخادم الحرمين الشريفين غير مستغرب فقد عودنا - حفظه الله - على اتخاذ كل ما من شأنه الدعم والتيسير على أبنائه المواطنين، ويكفي أن أشير في هذا الخصوص إلى التوجيه الكريم بزيادة رأسمال الصندوق بمبلغ ثمانية عشر مليار ريال للعام المالي الحالي 1425-1426هـ والعام المالي القادم 1426-1427هـ حيث يتوقع أن يسهم هذا الدعم في بناء عشرات الآلاف من الوحدات السكنية للمواطنين.
ومن خلال هذه الزاوية وامتداداً للمكارم التي يحظى بها مواطنو هذا البلد من ولاة أمرهم، فإنني أقترح أن يتم توجيه القائمين على صندوق التنمية العقارية دراسة إمكانية خصم قسط واحد كل عشر سنوات وذلك لكل مقترض منتظم في دفع أقساطه للصندوق وفي ظني أن هناك العديد من الجوانب الإيجابية التي يمكن تحقيقها في حال تبني هذا المقترح منها:
1- دفع كل المقترضين إلى المواظبة على دفع الأقساط المستحقة عليهم للصندوق سنوياً دون تأخير.
2- دفع الكثير من المواطنين المقترضين والمتخلفين عن السداد باغتنام فرصة المهلة التي وجه بها ولي الأمر التي تنتهي في 26-9-1426هـ والحرص على سداد الأقساط المتأخرة للاستفادة من تلك المكرمة المقترحة.
3- إذا كانت المكرمة الملكية بزيادة رواتب موظفي الدولة بنسبة 15% التي وجه بها خادم الحرمين الشريفين قد اقتصرت على المواطنين العاملين في القطاع الحكومي الذين لا يتجاوز عددهم المليون مواطن أو ما نسبته 5% من إجمالي عدد المواطنين، فإن المكرمة المقترحة في هذه الزاوية ستشمل نسبة كبيرة من المواطنين.
4- إن انتظام المواطن بالسداد وسعياً للاستفادة من الإعفاء بقسط واحد كل عشر سنوات سوف ينعكس إيجاباً من خلال استفادة أكبر عدد ممكن من المواطنين من قروض البنك خاصة أن البنك يعتمد كثيراً في تمويله على المبالغ المسددة من قبل المواطنين.
22 / 10 / 2005م          عدد 12077

الشورى وتحديد ساعات العمل

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
منذ أن أصدر مجلس الوزراء قرار السعودة الشهير رقم (50) عام 1415هـ الذي يلزم المؤسسات والشركات بسعودة 5% من مجموع العمالة الأجنبية لديها سنوياً، ونحن ننادي وزارة العمل بتطبيق عددٍ من الآليات الضرورية واللازمة لنجاح ذلك القرار، ومن تلك الآليات تحديد ساعات العمل وتنظيم مواعيد فتح وإقفال المحلات التجارية بحيث لا تتجاوز ثماني ساعات، وكذلك تحديد حد أدنى لأجر العامل وأن يكون يوم الجمعة يوم عطلة إلزامياً بالنسبة للكثير (وليس الكل) من المتاجر والقطاعات الاقتصادية، وألا يتم تطبيق نسب السعودة على كافة القطاعات الاقتصادية بشكلٍ موحد بحيث يؤخذ في الاعتبار مدى توافر العمالة السعودية المؤهلة في كل قطاع على حدة، وأن تكون وزارة العمل حازمة في تطبيق قرارات السعودة (وعلى الجميع).
وحيث إن وزارة العمل وعلى امتداد عشر سنوات لم تحرك ساكناً في سبيل تطبيق تلك الآليات، وبدلاً من أن يكون نسب وأعداد العمالة الوطنية هي الغالبة في سوق العمل السعودي بعد مرور عقد زمني كامل على صدور ذلك القرار، نجد أن أعداد ونسب العمالة الأجنبية قد تزايدت وبشكلٍ ملحوظ في عام 1425هـ مقارنة بعام 1415هـ.
في مجلس الشورى، تقدم الدكتور عبدالعزيز العلي النعيم مقترحاً يقضي بتنظيم مواعيد العمل في المحلات التجارية بحيث ينتهي العمل في تلك المحلات عند الساعة التاسعة ليلاً، وفي ظني أن الدكتور النعيم عندما طرح هذا المقترح كان مدركاً بأن ملف السعودة وتوطين العمالة لا يمكن أن يحقق النجاح المطلوب ما لم يتم تنظيم عمل تلك المحلات، وكان مدركاً أن العامل السعودي له خصوصيته الأسرية والاجتماعية التي تختلف عن العمالة الأجنبية الأخرى في السوق.
وعلى الرغم من أن هذا المقترح سيدفع بعجلة السعودة للأمام وبالتالي تحقيق الكثير من المكتسبات الاقتصادية للوطن ومن أهمها الحد من هجرة الأموال للخارج البالغة ستين ملياراً من الريالات سنوياً، هذا بالإضافة إلى الحد من الآثار السلبية أمنياً واجتماعياً والناتجة من وجود حوالي ستة ملايين عامل في سوق العمل السعودي، إلا أنني قد تفاجأت كغيري من رفض اللجنة الاقتصادية لهذا المقترح، وحيث إن عدداً ليس بالقليل من أعضاء اللجنة الاقتصادية محسوبون ومنتمون للقطاع الخاص، فإنني أرجو ألا يكون لذلك تأثيره على توجه اللجنة في هذا الموضوع، ويكفي أن أشير إلى تواضع عددٍ من المبررات التي طرحتها اللجنة في رفضها لهذا المقترح حيث جاء من تلك المبررات أن الدول التي تلزم أصحاب المحلات التجارية بقفلها في ساعات مبكرة إنما تفعل ذلك لإفساح المجال أمامهم لارتياد دور السينما والمسارح ووسائل الترفيه الأخرى.. إلا أن مما يثلج الصدر أن (104) أعضاء من أعضاء المجلس لم يوافقوا على توصية اللجنة الاقتصادية في حين إن (35) عضواً فقط (غالبيتهم هم أعضاء اللجنة الاقتصادية) وافقوا على التوصية.
وحيث فوض أعضاء المجلس معالي رئيس المجلس بتأليف لجنة خاصة لدراسة نظام إقفال المحلات التجارية، فإنني أرجو من تلك اللجنة عند دراسة الموضوع أن تأخذ في الاعتبار ما يلي:
- ان غالبية دول العالم خصوصاً المتقدم منها تقفل أسواقها قبل الساعة الثامنة مساءً فيما عدا قليل جداً من المحلات.
- صعوبة تحقيق تقدم في موضوع السعودة ما لم يتم تحديد ساعات عمل محلات التجزئة التجارية التي يتركز فيها أكثر من 75% من مجموع العمالة الأجنبية في السوق السعودي.
- ان سوق العمل بالمملكة له خصوصيته، ويكفي أن نشير إلى أن العمالة الوطنية في السوق لا تشكل سوى نقطة في بحر من إجمالي العمالة الأجنبية في السوق، كما أن الجوانب الأسرية والاجتماعية للعامل السعودي تختلف عنها مقارنة بالعامل الأجنبي والذي تسمح له ظروفه بالتواجد في المحل طوال ساعات اليوم الأربع والعشرين.
- من الأهمية ألا تزيد ساعات العمل عن ثماني ساعات يومياً وهو ما حدده نظام العمل ويقترح أن يكون كالتالي:(9-12 صباحاً) (4- 9 مساء).
- دراسة إمكانية التفرقة بين طبيعة المحال التجارية وليس بالضرورة أن تقفل جميعها في ساعة معينة.
- ان تحديد وتنظيم ساعات العمل في المحلات التجارية سيحد من الهدر الاقتصادي الناتج عن فتح تلك المحلات طوال ساعات اليوم وحتى منتصف الليل دون وجود حاجة ماسة إلى ذلك في الكثير من المحال التجارية.
- إمكانية استثناء مكة المكرمة والمدينة المنورة من هذا التنظيم.
- يتركز أكثر من 75% من العمالة الأجنبية في محلات التجزئة وقد يستحيل سعودة العمالة في تلك المحلات ما لم يتم تحديد ساعات العمل فيها بثماني ساعات، حيث يصعب على أصحاب تلك المحلات توظيف أكثر من عامل سعودي.
مجرد تساؤل
أذهبُ لعملي قبل الساعة الثامنة صباحاً وأشاهدُ في طريقي العديد من محلات الأثاث والموكيت قد فُتحت، وأعود لمنزلي غالباً عند الساعة الحادية عشرة ليلاً فأجد تلك المحلات مفتوحة أيضاً، فما الذي يجعل مثل محلات الأثاث تفتح طوال ساعات اليوم تقريباً، وكيف سنجد عاملاً سعودياً وبراتب محدود يقبل العمل في ضوء تلك المعطيات.. مجرد تساؤل.
15 / 10 / 2005م            عدد 12070

عين النظافة


د. محمد بن عبد العزيز الصالح

نشرت صحيفة الجزيرة في عددها الصادر يوم أمس الأول الخميس 3 رمضان 1426هـ ان أمانة مدينة الرياض ستطلق حملتها التوعوية الخاصة بسكان مدينة الرياض وذلك قبل تطبيق الغرامات الجزائية ضد أصحاب السيارات والاشخاص الذين يقومون برمي النفايات في الشوارع والطرقات، حيث تنوي أمانة العاصمة بمشاركة البلديات الفرعية كافة في مدينة الرياض البدء في توزيع أكياس بلاستيكية تحتوي على منشورات تعريفية وتحذيرية عند الميادين العامة والتقاطعات الرئيسية.

ان هذا التوجه الإيجابي للأمانة لهو أمر غير مستغرب، فمنذ أن تولى سمو الأمير عبد العزيز بن محمد بن عياف آل مقرن دفة الأمانة ونظافة العاصمة تشهد تطوراً ملحوظاً، ويكفي ان نشير إلى أن سموه قد أسند نظافة العاصمة لخمس شركات بعد أن كانت حكراً على شركة واحدة، كما ينوي سموه زيادة عدد شركات النظافة إلى خمس عشرة شركة نظافة بدلاً من خمس شركات بحيث يصبح لكل بلدية فرعية في الرياض شركة نظافة واحدة.

إضافة لذلك فإنه وبناء على توجيهات سمو الأمين فإنه يوجد حالياً أكثر من أربعة آلاف عامل ترتكز مهمتهم فقط على التقاط المخلفات الملقاة على الشوارع الرئيسية والداخلية في مدينة الرياض، وبالتالي فإن توجيه سمو أمين مدينة الرياض باطلاق تلك الحملة التوعوية والتي اطلق عليها اسم (عين النظافة) إنما تأتي امتداداً لدور الأمانة الملحوظ في تطوير صناعة نظافة المدن.

في ظني أنه لا يوجد أسوأ من ذلك المشهد المتمثل بقيام الشخص برمي النفايات في الطريق، كما أنه مشهد لا يعكس الوجه الحضاري الذي بلغته مدننا السعودية وعلى الأخص مدينة الرياض بمتابعة مستمرة من قبل سمو أمير منطقة الرياض سلمان بن عبد العزيز، ولذا فإن الغرامة المالية المحدد فرضها على من يقوم برمي تلك النفايات والأوراق في الطرق إنما هي غرامة متواضعة أرجو ان تتم إعادة النظر فيها، فمن يقوم بمثل هذا التصرف الأرعن غير الحضاري لا بد من ردعه، وحجم الغرامة المالية المزمع فرضها على من يقوم بذلك غير رادع على الاطلاق.

 
8 / 10 / 2005م         عدد 12063

لمباني الحكومية المستأجرة: الاستنزاف غير المبرّر

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
على الرغم من التوجهات العامة للدولة الرامية إلى مشاركة القطاع الخاص في بناء التنمية السعودية، وعلى الرغم من صدور العديد من القرارات المؤكدة جدوى استخدام آلية البناء وتمويل وتشغيل المرافق الحكومية من قبل القطاع الخاص ومن ثم إعادة تمليك تلك المرافق للدولة بعد فترة زمنية معينة، وهو ما يسمى عقود ال BOT وعلى الرغم من الجدوى الاقتصادية لتطبيق آلية الإيجار المنتهي بالتمليك.
على الرغم من كل ذلك، إلا أننا لا نزال نشهد أن نسبة كبيرة من المباني والمرافق الحكومية في الوقت الحاضر لا تزال مستأجرة كالمدارس والمراكز الصحية ومقار هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفروع وزارة الشؤون الإسلامية وفروع الإدارات البلدية ومراكز الشرط وإدارات المرور ومراكز الهلال الأحمر، وكذلك الإدارات الفرعية لمختلف الأجهزة الحكومية في المناطق والمحافظات والممثليات السعودية في الخارج.. إلخ.
فهل يعقل أن أعداد المراكز الصحية المستأجرة يبلغ 1550 مركزاً أي ما نسبته 86% من مجموع المراكز الصحية البالغة 1805 وهل يعقل أن أعداد مدارس البنين المستأجرة يبلغ 4679 مدرسة أي ما نسبته 56% من مجموع مدارس البنين البالغ 8344 مدرسة وهل يعقل أن مدارس البنات المستأجرة يبلغ 6220 مدرسة أي ما نسبته 73% من مجموع مدارس البنات البالغ 8478 مدرسة، وهل يعقل أن أعداد مقار هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المستأجرة يبلغ 397 مقراً أي ما نسبته 84% من مجموع مقار هيئات الأمر بالمعروف البالغ 436 مقراً، وهل يعقل أن أعداد المباني المستأجرة من قبل الأمن العام تبلغ نحو 700 مبنى مستأجر وهي تمثل النسبة الغالبة لمباني الأمن العام، وهل.. وهل.. وهل..؟؟
وإضافة إلى أن غالبية تلك المرافق الحكومية المستأجرة تمثل هدراً اقتصادياً واستنزافاً كبيراً للموازنة العامة للدولة وذلك من خلال ما تنفقه أجهزة الدولة المختلفة سنوياً كمبالغ إيجارية، فإن كثيراً من تلك المرافق المستأجرة ليست مشيدة وفقاً للمواصفات الفنية والصحية المناسبة لاحتياج الجهات الحكومية، ويظهر بوضوح أن كثيراً من المدارس المستأجرة (بنين وبنات) غير مناسبة لتقديم العملية التعليمية السليمة فيها، كما أن نسبة كبيرة من المراكز الصحية المستأجرة هي في وضع متردّ، ومن غير المناسب أن يتم تقديم الخدمات الصحية للمرضى من خلالها، وهذا الواقع ينطبق على الكثير من المرافق الحكومية المستأجرة، وما من شك أن بناء تلك المرافق التعليمية والصحية وغيرها من المرافق الحكومية الأخرى من خلال آلية البناء والتشغيل ثم التمليك سوف يكون وفقاً للمواصفات المناسبة لتقديم الخدمات الحكومية.
ومتى يتم وقف الهدر المالي السنوي الذي يتم استنزافه من خلال استمرار استئجار النسبة الغالبة من المرافق الحكومية الصحية والتعليمية والبلدية وغيرها فإنه من الأهمية أن تبادر وزارة المالية بشكل عاجل إلى وضع خطة يمكن من خلالها إلزام كل أجهزة الدولة بوقف العقود الإيجارية للمنشآت والمباني الحكومية التي أنهكت الموازنة العامة للدولة والعمل على استبدالها بواسطة عقود الإنشاء والتشغيل والتمليك بالنسبة للمرافق الجديدة، والعقود الإيجارية المنتهية بالتملك بالنسبة للمباني القائمة.
صرخة
متى فكرنا جميعاً في مصلحة الوطن، ومتى قدمنا مصلحة هذا الوطن على تحقيق المصالح الشخصية غير المشروعة للبعض منا.. متى تحقق ذلك فإنا على يقين بأن استنزاف الخزانة العامة للدولة من جراء استمرار الاستئجار غير المبرر للكثير من المباني والمرافق الحكومية سينتهي.. وعندها فقط سنفكر جدياً في تطبيق آلية (الإنشاء والتشغيل والتمليك) وكذلك آلية الإيجار المنتهي بالتمليك.
1 / 10 / 2005م                عدد 12056