ترجمة

الشورى وتحديد ساعات العمل

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
منذ أن أصدر مجلس الوزراء قرار السعودة الشهير رقم (50) عام 1415هـ الذي يلزم المؤسسات والشركات بسعودة 5% من مجموع العمالة الأجنبية لديها سنوياً، ونحن ننادي وزارة العمل بتطبيق عددٍ من الآليات الضرورية واللازمة لنجاح ذلك القرار، ومن تلك الآليات تحديد ساعات العمل وتنظيم مواعيد فتح وإقفال المحلات التجارية بحيث لا تتجاوز ثماني ساعات، وكذلك تحديد حد أدنى لأجر العامل وأن يكون يوم الجمعة يوم عطلة إلزامياً بالنسبة للكثير (وليس الكل) من المتاجر والقطاعات الاقتصادية، وألا يتم تطبيق نسب السعودة على كافة القطاعات الاقتصادية بشكلٍ موحد بحيث يؤخذ في الاعتبار مدى توافر العمالة السعودية المؤهلة في كل قطاع على حدة، وأن تكون وزارة العمل حازمة في تطبيق قرارات السعودة (وعلى الجميع).
وحيث إن وزارة العمل وعلى امتداد عشر سنوات لم تحرك ساكناً في سبيل تطبيق تلك الآليات، وبدلاً من أن يكون نسب وأعداد العمالة الوطنية هي الغالبة في سوق العمل السعودي بعد مرور عقد زمني كامل على صدور ذلك القرار، نجد أن أعداد ونسب العمالة الأجنبية قد تزايدت وبشكلٍ ملحوظ في عام 1425هـ مقارنة بعام 1415هـ.
في مجلس الشورى، تقدم الدكتور عبدالعزيز العلي النعيم مقترحاً يقضي بتنظيم مواعيد العمل في المحلات التجارية بحيث ينتهي العمل في تلك المحلات عند الساعة التاسعة ليلاً، وفي ظني أن الدكتور النعيم عندما طرح هذا المقترح كان مدركاً بأن ملف السعودة وتوطين العمالة لا يمكن أن يحقق النجاح المطلوب ما لم يتم تنظيم عمل تلك المحلات، وكان مدركاً أن العامل السعودي له خصوصيته الأسرية والاجتماعية التي تختلف عن العمالة الأجنبية الأخرى في السوق.
وعلى الرغم من أن هذا المقترح سيدفع بعجلة السعودة للأمام وبالتالي تحقيق الكثير من المكتسبات الاقتصادية للوطن ومن أهمها الحد من هجرة الأموال للخارج البالغة ستين ملياراً من الريالات سنوياً، هذا بالإضافة إلى الحد من الآثار السلبية أمنياً واجتماعياً والناتجة من وجود حوالي ستة ملايين عامل في سوق العمل السعودي، إلا أنني قد تفاجأت كغيري من رفض اللجنة الاقتصادية لهذا المقترح، وحيث إن عدداً ليس بالقليل من أعضاء اللجنة الاقتصادية محسوبون ومنتمون للقطاع الخاص، فإنني أرجو ألا يكون لذلك تأثيره على توجه اللجنة في هذا الموضوع، ويكفي أن أشير إلى تواضع عددٍ من المبررات التي طرحتها اللجنة في رفضها لهذا المقترح حيث جاء من تلك المبررات أن الدول التي تلزم أصحاب المحلات التجارية بقفلها في ساعات مبكرة إنما تفعل ذلك لإفساح المجال أمامهم لارتياد دور السينما والمسارح ووسائل الترفيه الأخرى.. إلا أن مما يثلج الصدر أن (104) أعضاء من أعضاء المجلس لم يوافقوا على توصية اللجنة الاقتصادية في حين إن (35) عضواً فقط (غالبيتهم هم أعضاء اللجنة الاقتصادية) وافقوا على التوصية.
وحيث فوض أعضاء المجلس معالي رئيس المجلس بتأليف لجنة خاصة لدراسة نظام إقفال المحلات التجارية، فإنني أرجو من تلك اللجنة عند دراسة الموضوع أن تأخذ في الاعتبار ما يلي:
- ان غالبية دول العالم خصوصاً المتقدم منها تقفل أسواقها قبل الساعة الثامنة مساءً فيما عدا قليل جداً من المحلات.
- صعوبة تحقيق تقدم في موضوع السعودة ما لم يتم تحديد ساعات عمل محلات التجزئة التجارية التي يتركز فيها أكثر من 75% من مجموع العمالة الأجنبية في السوق السعودي.
- ان سوق العمل بالمملكة له خصوصيته، ويكفي أن نشير إلى أن العمالة الوطنية في السوق لا تشكل سوى نقطة في بحر من إجمالي العمالة الأجنبية في السوق، كما أن الجوانب الأسرية والاجتماعية للعامل السعودي تختلف عنها مقارنة بالعامل الأجنبي والذي تسمح له ظروفه بالتواجد في المحل طوال ساعات اليوم الأربع والعشرين.
- من الأهمية ألا تزيد ساعات العمل عن ثماني ساعات يومياً وهو ما حدده نظام العمل ويقترح أن يكون كالتالي:(9-12 صباحاً) (4- 9 مساء).
- دراسة إمكانية التفرقة بين طبيعة المحال التجارية وليس بالضرورة أن تقفل جميعها في ساعة معينة.
- ان تحديد وتنظيم ساعات العمل في المحلات التجارية سيحد من الهدر الاقتصادي الناتج عن فتح تلك المحلات طوال ساعات اليوم وحتى منتصف الليل دون وجود حاجة ماسة إلى ذلك في الكثير من المحال التجارية.
- إمكانية استثناء مكة المكرمة والمدينة المنورة من هذا التنظيم.
- يتركز أكثر من 75% من العمالة الأجنبية في محلات التجزئة وقد يستحيل سعودة العمالة في تلك المحلات ما لم يتم تحديد ساعات العمل فيها بثماني ساعات، حيث يصعب على أصحاب تلك المحلات توظيف أكثر من عامل سعودي.
مجرد تساؤل
أذهبُ لعملي قبل الساعة الثامنة صباحاً وأشاهدُ في طريقي العديد من محلات الأثاث والموكيت قد فُتحت، وأعود لمنزلي غالباً عند الساعة الحادية عشرة ليلاً فأجد تلك المحلات مفتوحة أيضاً، فما الذي يجعل مثل محلات الأثاث تفتح طوال ساعات اليوم تقريباً، وكيف سنجد عاملاً سعودياً وبراتب محدود يقبل العمل في ضوء تلك المعطيات.. مجرد تساؤل.
15 / 10 / 2005م            عدد 12070

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق