ترجمة

هجرة العلماء على من تقع المسؤولية؟



د. محمد بن عبد العزيز الصالح

نشرت صحيفة الجزيرة خلال الأيام القليلة الماضية خبراً يتعلق باستضافة العاصمة المصرية مؤخراً لندوة تحت عنوان «هجرة الكفاءات والتنمية في دول الجنوب» وقد ركزت تلك الندوة نقاشاتها على الآثار التنموية والتكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها من الآثار المترتبة على هجرة الباحثين والكفاءات العملية من عالمنا العربي والإسلامي واستقرار تلك الكفاءات في دول العالم الصناعي المتقدم بحثاً عن الإمكانات البحثية المتاحة التي توفرها تلك الدول التي يمكن للباحث من خلالها مواصلة اهتماماته العلمية والبحثية.
وأنا أقرأ هذا الخبر تبادر إلى ذهني تلك المعاناة والقصور في الإمكانات والتجهيزات البحثية التي واجهها العالم العربي المسلم أحمد زويل في مصر عندما كان في بداية مشواره البحثي مما دفع به إلى هجرة وطنه مصر ومغادرتها قبل ثلاثين عاماً للولايات المتحدة الأمريكية لمواصلة مشواره العلمي والبحثي في مراكز البحث والجامعات الأمريكية.
لقد خسر عالمنا العربي والإسلامي هذا العالم وغيره الكثير من الباحثين المتميزين نتيجة لأننا استخسرنا ان نوفر لهم احتياجاتهم البحثية ولقد كسبت الولايات المتحدة هذا العالم وغيره من العلماء بسبب ان القائمين على البحث العلمي هناك يدركون أهمية الاستثمار في البحث العلمي ويدركون المكاسب طويلة المدى التي سيجنيها الاقتصاد الأمريكي من خلال الاستفادة من تلك الانجازات العلمية التي حققها أحمد زويل.
لكن أكثر شفافية ووضوحاً ولنعترف بتقصيرنا غير المحمود في دعم البحث العلمي في عالمنا العربي والإسلامي ويكفي ان نعرف بأن نسبة مايتم تخصيصه للبحث العلمي في موازنات الدول الإسلامية لايتجاوز 07 ،0%(سبعة في الألف) في حين يصل ما تخصصه الدول الصناعية لذلك ما بين 5 ،2-9 ،2% من موازناتها السنوية وقد نتج عن ذلك ان أصبح نسبة المتفرغين للبحث العلمي في عالمنا الإسلامي لايتجاوزون ما نسبته 18 ،1% من مجموع المتفرغين للبحث العلمي التقني في العالم كما نتج عن ذلك أيضا ان بلغ اعداد المتميزين في المجال العلمي والبحثي في الدول الإسلامية الذين هاجروا خلال العشرين عاماً الماضية إلى دول العالم الصناعي إلى خمسمائة عالم وباحث مسلم، أما على المستوى الخليجي فيكفي ان أشير إلى ان 5% فقط من طلبات اصدار براءات الاختراع المرفوعة لمكتب براءات الاختراع في دول مجلس التعاون الخليجي هم من مواطني دول المجلس في حين ان بقية طلبات اصدار براءات الاختراع الأخرى لـ950%) هي من أشخاص لاينتمون لأي من دولنا العربية والإسلامية بأي صلة.
وأمام تلك الحقائق المريرة فيما يخص قصورنا في دعم البحث العلمي الذي نتج عنه هجرة الكثير من العقول العربية والإسلامية يتبادر للذهن العديد من التساؤلات ومنها:
- إلى متى سنستمر نتحدث عن دعم البحث العلمي دون ان نرى وقائع ملموسة.
- وإلى متى سيستمر الدور السلبي للقطاع الخاص في دعم البحث العلمي ألا يدرك رجال القطاع الخاص ان دعم البحث العلمي هو استثمار طويل المدى سيعود بالنفع عليهم قبل غيرهم.
- ثم متى سنعيد النظر في بعض جوانب السياسة التعليمية المتبعة لدينا ومناهجها وأهدافها.
وإلى متى ستستمر أجهزة الإعلام في ايضاح الأهمية الاستراتيجية للوطن لدعم البحث العلمي.
تساؤلات وتساؤلات ولكن اعتقد بأننا سنظل نعاني كثيراً من شحنا في دعم البحث العلمي قبل ان نتمكن من الإجابة عن تلك التساؤلات.

26/7/2003م          عدد 11258

رؤية سلطان الاقتصادية في العلاقات السعودية اليمنية

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
في زيارة غير مسبوقة في أهميتها وحجمها، ترأس صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، وفداً وزارياً إلى دولة اليمن، وقد اكتسبت هذه الزيارة أهميتها كونها جاءت وسط ظروف حرجة فرضتها التطورات المتسارعة في المنطقة مما جعل سموه لا يقصر تعامله مع تلك العلاقة على كونها علاقة جيرة فحسب، وإنما تعامل سموه معها انطلاقاً من كونها علاقة شراكة وتكامل اقتصادي بين البلدين.. وتتضح أهمية تلك الزيارة لسموه من عدة جوانب، فمن جانب نجد أنَّ الوفد الرسمي المرافق لسموه في تلك الزيارة قد جاء الأكبر على الإطلاق حيث ضم الوفد سبعة عشر من الوزراء وكبار المسؤولين في الدولة.
ومن جانب آخر اكتسبت تلك الزيارة أهميتها من خلال النجاح الملحوظ الذي حققه الجانبان وذلك بالتوقيع على العديد من مذكرات التعاون الثنائي بين المملكة واليمن وعلى مختلف الأصعدة الأمنية والسياسية والاقتصادية والصحية والتعليمية.
فخلال تلك الزيارة جاءت توجيهات سمو الأمير سلطان لأعضاء الوفدين السعودي واليمني بأهمية العمل على تطوير الشراكة السعودية اليمنية في المجال التجاري، والسعي لتطوير التعاون في المجال الاقتصادي والاستثماري مؤكداً سموه في ذلك على أهمية تفعيل نشاط الغرف التجارية ومجالس رجال الأعمال اليمنية/ اليمنية بما ينعكس ايجابا على صناعة التنمية الاقتصادية والتبادل التجاري بين البلدين. الجدير بالذكر ان حجم التبادل التجاري بين السعودية واليمن بفضل الله ثم بالجهود المتلاحقة لسمو الأمير سلطان قد ارتفع إلى أكثر من 50% من حجم التبادل التجاري قبل سبعة أعوام حيث سجل التبادل التجاري 577 مليون ريال عام 1995م قبل ان يرتفع إلى 101 مليار ريال عام 2001. وفي الجانب الاستثماري نجد أن إجمالي الاستثمارات السعودية اليمنية المرخصة من قبل الهيئة العامة للاستثمار تبلغ 81 مشروعا يبلغ اجمالي تمويلها نحو 304 مليون ريال، وفي قطاع السياحة حرص سمو الأمير سلطان على تفعيل التعاون بين المملكة واليمن في هذا القطاع حيث تم التوقيع على اتفاقية الجوانب السياحية وقد وجه سموه باستعراض كافة أوجه التعاون في قطاع السياحة بما ينعكس بالفائدة على شعبي البلدين سواء فيما يتعلق بتطوير المواقع السياحية أو ما يخص منها تأهيل العاملين في هذا القطاع.
كما حرص سمو الأمير سلطان خلال تلك الزيارة على تفعيل التنسيق بين الأجهزة الأمنية في البلدين وذلك في إطار معاهدة جدة والتي تعد الأساس الذي تنطلق منه كافة الاتفاقيات الأمنية بين البلدين، كما حرص سموه على تنفيذ معاهدة الحدود الدولية المبرمة بين البلدين موجه سموه في ذلك بتهيئة كافة الترتيبات اللازمة للشركة المكلفة بوضع العلامات على الطبيعة من انهاء أعمالها بيسر وسهولة.
وأخيراً لابد أن نشير إلى ما ذكره عبدالله الأحمر رئيس مجلس النواب اليمني في تصريحه لصحيفة الاقتصادية عندما قال بأن سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز هو المهندس الحقيقي للعلاقات السعودية اليمنية على امتداد ثلاثين عاما، مشيرا في ذلك إلى قدرة سموه على السير بتلك العلاقة لبر الأمان على الرغم من الفتور الذي لازمها في بعض الفترات الزمنية، ومؤكداً على الحنكة السياسية لسموه عند تعامله مع تلك العلاقات بين البلدين، ومؤكداً ايضاً بأن اليمنيين يقدرون هذا التميز لسموه والذي انعكس إيجابا على العلاقة بين البلدين.
 
19/7/2003م                   عدد 11251
 

هل يتحقق الحلم وتتم سعودة محلات الذهب؟



د. محمد بن عبد العزيز الصالح

نشرت صحيفة الاقتصادية في عددها الصادر بتاريخ 13/6/2003م خبراً مفاده أن الغرفة التجارية الصناعية بالرياض قد اتهمت تجار الذهب والمجوهرات بالإحجام عن المشاركة في برنامج تدريبي تنفذه الغرفة بهدف تدريب وتأهيل راغبي العمل في مهنة بائع الذهب (علما بأن الغرفة قد استثنت مصنع ذهب وحيد في الرياض من هذا الاتهام وهو مصنع العثيم للذهب والمجوهرات والذي تعهد بتوظيف عدد جيد من السعوديين في هذه المهنة).

الجدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تتهم فيها الغرفة تجار الذهب والمجوهرات بمحاولة اعاقة البرامج التدريبية التي تنفذها الغرفة، حيث سبق أن أعلنت الغرفة ذلك أيضاً (الاقتصادية 2/2/2003م)، حينما حاول بعض تجار الذهب وبانانية متناهية وبتجرد من الوطنية اعاقة برامج سابقة طرحتها الغرفة بهدف تدريب وتأهيل الشباب السعودي الراغب في الحصول على فرصة عمل في أي من محلات الذهب والمجوهرات بالمملكة والتي يتواجد بها حوالي خمسة وعشرون ألف عامل غير سعودي وتبلغ متوسط رواتبهم الشهرية في تلك المحلات حوالي الخمسة آلاف ريال.

وأنا أقرأ تلك الأخبار انتابني شعور القلق من أن ينتهي هذا العام دون أن نتمكن من تأهيل الشباب السعودي للعمل في محلات الذهب والمجوهرات، خاصة وأن المهلة النهائية المتاحة لتلك المحلات من أجل سعودة كافة العاملين لديها تنتهي بنهاية العام الجاري.

كما انتابني شعور الخوف من أن ينجح البعض من ضعاف النفوس من تجار الذهب من خلال إعاقة تلك البرامج التدريبية في الضغط على الجهات المختصة ومن ثم تأجيل سعودة هذا القطاع بشكل متكامل لعام آخر.

اعتقد بأن حقي أن اتخوف وأقلق إذا ما علمنا أن أحد كبار تجار الذهب والمجوهرات سبق أن صرح لمجلة التجارة (العدد 519،ص7 8) بأن سعودة محلات الذهب والمجوهرات تحتاج إلى برامج تدريبية تصل مدتها إلى عشرين عاماً..

إلا أن تخوفي وقلقي قد بدأ يتلاشى عندما طالعتنا صحيفة الاقتصادية بتاريخ 30/6/2003م، بأن مجلس القوى العاملة وفي اجتماعه الذي ترأسه صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية رئيس مجلس القوى العاملة قد اتخذ قراراً مؤكداً على أن نهاية العام الحالي. ستكون آخر فترة زمنية لمحلات الذهب والمجوهرات حتى تسعود كافة العمالة بها وبنسبة 100% وأنه لن يكون هناك استثناء لأي جنسية للعمل في هذا المجال بعد ذلك، ولا نملك إزاء هذا القرار الإيجابي لمجلس القوى العاملة سوى أن نرجو الله تعالى ونتمنى أن يتم تطبيق هذا القرار دون مرونة وعلى جميع الجنسيات دون استثناء، وأن يتم اغلاق أي من محلات الذهب التي لا تلتزم بذلك. ففي ظني أن أصحاب تلك المحلات قد بالغوا في نكران الجميل لهذا الوطن وأهله.

 

5/7/2003م                     عدد 11237