ترجمة

صح النوم.. يا خطوطنا السعودية



د./ محمد بن عبد العزيز الصالح

صرح مدير عام الحجز الموحد بالمؤسسة العامة للخطوط الجوية السعودية لصحيفة الوطن (الاثنين 13 رجب 1430هـ) بأن نسبة الركاب المتخلفين عن رحلات الخطوط قد انخفضت بنسبة70% في شهر يونيو الماضي مقارنة بنفس الشهر من العام الذي سبقه وذلك بفضل الاجراءات التي اتخذتها الخطوط منذ العام الماضي. وقد أكد مدير الحجز الموحد، أنه ومنذ تطبيق قرار الغرامات المالية على الركاب زاد الوعي لدى المسافرين بأهمية إلغاء الحجوزات في حال العدول عن قرار السفر. إنني في الوقت الذي أثني فيه على توجه الخطوط السعودية بفرض غرامات مالية على كل راكب لا يقوم بالغاء حجزه في حال عدوله عن سفره، فإنني أتساءل عن السبب الذي جعل الإدارة التنفيذية في المؤسسة العامة للخطوط السعودية تغط في نوم عميق، وتتأخر لسنوات عديدة في تطبيق تلك الغرامات مما ترتب على ذلك معاناة طائلة للكثير من عملاء الخطوط السعودية بسبب عدم تمكنهم من الحصول على المقاعد المطلوبة وذلك بسبب قيام الكثير من المنتفعين سواء من وكالات السياحة أو غيرهم من الركاب، وذلك لقيامهم بحجز المقاعد على العديد من الرحلات دون سفرهم على تلك الرحلات ودون أن يكلفوا أنفسهم بالغاء الحجوزات. وقد ترتب على ذلك خسارتان فادحتان عانت منها خطوطنا السعودية طوال السنوات الماضية دون تحرك من الإدارة التنفيذية لمعالجة ذلك:

الأولى: ترك الكثير من المقاعد على خطوطنا السعودية خالية دون الاستفادة منها.

الثانية: قيام الكثير من الركاب بمقاطعة الخطوط السعودية وتوجههم لغيرها من خطوط الطيران الأخرى نظراً لتوفر مقاعد متاحة على طائراتها.

إن سبب عتبي على الإدارة التنفيذية لخطوطنا السعودية هو تأخرها لسنوات طويلة في تطبيق تلك العقوبات على الرغم من معاناة المؤسسة من ذلك؛ حيث سبق أن أفصحت المؤسسة عن أن عدد المتخلفين عن الرحلات على الرغم من تأكيد حجوزاتهم يبلغ حوالي المليون والنصف مليون راكب عام 2002م من محطة الرياض فقط. كما سبق أن أوضح معالي مدير المؤسسة عن أن أعداد الركاب المتخلفين في احدى السنوات الماضية قد تجاوز الأربعة ملايين راكب.

وتساؤلي هنا إذا كان مجلس ادارة المؤسسة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز قد أصدر قراراً في شهر مايو من العام 2005م بتطبيق العقوبات اللازمة على المتخلفين عن السفر، وذلك حرصاً من المجلس على الحفاظ على حقوق المؤسسة ودعم موقعها التنافسي أمام شركات الطيران الأخرى، فما هو إذاً مبرر تأخر الإدارة التنفيذية بتطبيق تلك العقوبات لأربع سنوات على الرغم من قناعة الجميع بجدوى الاستعجال في تطبيق تلك العقوبات.

مشكلتنا الأزلية في هذا الوطن الغالي علينا جميعاً أن هناك الكثير من الموضوعات والمجالات التنموية التي تستغرق منا السنوات الطويلة لنتخذ القرار الملائم بشأنها على الرغم من ادراكنا أهمية سرعة اتخاذ القرار في تلك الموضوعات، وعلى الرغم أيضاً من ادراكنا لحجم الخسائر التي قد تتحقق من جراء ذلك التأخير في اتخذا القرار المناسب، وأذكر في هذا الخصوص بأنني وبتاريخ 8- 6-1421هـ كتبت ومن خلال هذه الزاوية مقالاً بعنوان (نفكر قبل الآخرين وننفذ بعدهم) وقد أوضحت فيه حقيقة هامة وهي أنه وعلى الرغم من أننا في المملكة نفكر وندرس الكثير من الأفكار قبل غيرنا من الدول الأخرى من أجل تحقيق الكثير من التطورات التنموية إلا أن غيرنا من الدول تسبقنا إلى تنفيذ تلك الأفكار كنتاج طبيعي لما تستغرقه عملية صنع القرار لدينا من سنوات طويلة.


20/7/2009م              العدد 13444

جامعة الإمام والتحولات الإيجابية



د. محمد بن عبد العزيز الصالح

 

لا شك أن جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية تؤدي دوراً بارزاً ورائداً في خدمة المجتمع السعودي، ومن الصعوبة بمكان تجاهل هذا الدور، سواء ممن هم مع توجه الجامعة أو ممن هم ضده؛ فمن المعلوم أن الجامعة تضم بين جنباتها علماء وأدباء ومفكرين أفاضل لهم تأثيرهم في المجتمع، ويكفي الجامعة فخراً أنها خرجت ولا تزال تخرج شاغلي أشرف الوظائف في المملكة وهي وظائف القضاء ومدرسي التعليم العام؛ فمن خلال القضاء يتم الحكم بشرع الله وتنفيذ حدوده تطبيقاً للهدف الأسمى لدستور هذه البلاد المباركة ومن خلال التعليم تتم تربية الأجيال وتنشئتهم النشأة الصالحة.

ولم يقتصر تأثير الجامعة على هذه الجوانب فحسب، حيث يعلم الجميع ما لجامعة الإمام من دور مميز في اهتمامها بتأصيل لغة القرآن والعناية بالعلوم الشرعية والاجتماعية والتربوية؛ مما كان له الأثر الكبير في إثراء الساحة بمتخصصين يساهمون في بناء هذا الوطن.

وإذا ما أردنا أن نتجاوز تأثير الجامعة في الداخل فإننا نجد أن تأثيرها في الخارج لا يقل أهمية عن تأثيرها في الداخل وذلك من خلال معاهدها المختلفة والمنتشرة في مختلف أصقاع الأرض؛ فهذه المعاهد وإن تقلص وقل عددها في الآونة الأخيرة إلا أن تأثيرها وتأثير خريجيها لا زال وسوف يستمر إلى أن يشاء الله.

إضافة لذلك، فقد تمكنت جامعة الإمام من تحقيق التوازن المنشود من قبل ساسة هذا البلد وقياداته الذي تمليه مصالح المملكة السياسية والاقتصادية مع الدول الأجنبية خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وقبلها حرب الخليج الأولى حيث طفت على السطح بعض الأصوات التي تتهم الجامعة وقتها بدعم الإرهاب وتفريخ التطرف؛ مما دفع الجامعة للمبادرة في وضع استراتيجية واضحة تدحض من خلالها هذه الاتهامات وتوضح الصورة الجلية الصادقة، سواء عن المملكة بصفة عامة أو عن الجامعة بصفة خاصة.

ولعلي في مقالتي هذه رأيت من خلال اطلاعي عن قرب على كثير من الجهود التي تبذلها الجامعة حالياً لتطوير مخرجاتها، وتنوع تخصصاتها، وتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة التي تمكنت في غفلة من الزمن من السيطرة على أذهان وأفكار شبابنا، أن أوضح جهود الجامعة في هذا المجال، خاصة خلال العامين الماضيين عندما تشرف معالي الأخ الدكتور سليمان أبا الخيل بتكليف ولي الأمر له بقيادة هذه الجامعة؛ حيث بذل معاليه الكثير من الجهود لتصحيح مسار الجامعة وإجراء كثير من التحولات الإيجابية، إلا أنه قد يكون لعدم رصدها أو إعطائها حقها من النشر والإشادة وتسليط الأضواء عليها، سبب في عدم معرفة الكثيرين لها، ومن خلال الأسطر التالية سوف أُلقي بعض الضوء على أهم مظاهر هذا التحول الإيجابي للجامعة.

لقد تميزت الجامعة بتصديها للفكر الضال الذي حاولت جهات خارجية تسريبه للمجتمع وإقناع بعض الشباب به؛ مما نتج عنه وجود فئة أساءت إلى دينها ووطنها وبني جلدتها ومجتمعها، وشوهت صورة هذا الدين الحنيف؛ لذلك، وتصدياً لهذا الفكر، ركزت الجامعة في خطتها بهذا الخصوص على التحذير من دعاة الغلو والتشدد والتطرف، وحذرت من دعاتها في كافة برامجها الدراسية، وعلى جميع المراحل الموجودة في الجامعة من مستوى المعاهد العلمية إلى طلبة الدراسات العليا.

لقد أكد معالي مدير الجامعة في أكثر من مناسبة أن الجامعة ضمنت مقرراتها الدراسية التي تقدم لأكثر من (120) ألف طالب وطالبة جرعات في مكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان، وقضايا الشباب إلى غير ذلك من القضايا التي تهم المجتمع.

كما أشار معاليه في أكثر من مناسبة إلى أن الجامعة لديها خطة منهجية واضحة في مراجعة المناهج وتطوير الخطط الدراسية، فيما يخدم مصلحة الأمة والوطن ويزيل عن أذهان الطلاب ما يشوش عليهم.

لقد قامت الجامعة بدور بارز ومهم في مجال نفي تهم الإرهاب التي كانت توجه إليها وتصوب نحوها، وعلى رأس ذلك (مؤتمر الإرهاب) الذي عُقد في رحاب الجامعة بعد أحداث سبتمبر ودعي إليه العديد من المفكرين من مسلمين وغيرهم.

إن من حق الجامعة أن تفعل ذلك، ومن واجبها أن تفعل المزيد لإصلاح ما يجب إصلاحه، سواء كان هذا الإصلاح في المناهج أو طرق التدريس أو الأساليب الإدارية المتعلقة باختيار الأصلح من المتقدمين إليها، سواء من أعضاء هيئة التدريس أو الموظفين.

كما أن من مظاهر التحول الإيجابي لجامعة الإمام هو ذلك التنوع في التخصصات العلمية التي يتم تدريسها في الجامعة؛ فمن المعلوم أن الجامعة أنشأت مؤخراً عدداً من الكليات العلمية، منها: الطب، والصيدلة، والعلوم، والحاسب الآلي، والاقتصاد، والإدارة، والهندسة، والترجمة وغيرها من التخصصات العلمية التطبيقية الأخرى.

فهذه الكليات وإن كانت تخصصاتها بعيدة بعض الشيء عن تخصص الجامعة الأساسي، ولكن كما أوضحت الجامعة في مبررات إنشاء هذه الكليات أن هذه التخصصات ستكون رافداً جيداً لأهداف الجامعة العامة، خاصة أنها سوف تكيف هذه التخصصات لتتلاءم مع أهدافها العامة وأنها سوف تكون في خدمة هدفها الأساسي وهو العناية بكتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.

كما أن من التحولات الإيجابية المشهودة للجامعة، إنشاء العديد من مراكز البحوث والاستشارات، ومن أهمها مركز حوار الحضارات حيث أكدت الجامعة من خلال هذا المركز أنها ترحب بالحوار وتدعو إليه وتحث منسوبيها على تقبل الرأي الآخر ومناقشة الفكر بفكر مثله، وأن الحوار هو السبيل الوحيد للتقريب بين الشعوب مهما اختلفت ثقافاتها ودياناتها. كما أن من مظاهر التحول الإيجابي للجامعة إقرار استراتيجية دمج التقنية بالتعليم حيث تم تحويل نظام الانتساب التقليدي إلى نظام الدراسة عن بعد رغبةً منها في تطوير أساليب الدراسة، والاستفادة من وسائل التقنية الحديثة، وتطوير البرامج المقدمة للمنتسبين. ولم تقتصر استفادة الجامعة من التقنية على هذا الجانب فقط، وإنما أنشأت عمادة تقنية المعلومات ومن أهم أهدافها المساهمة في تطوير تقنية المعلومات في المملكة بشكل عام وفي الجامعة على وجه الخصوص، ولعل اهتمام الجامعة بإنشاء قناة تلفزيونية تعليمية على بوابتها الإلكترونية لخير دليل على اهتمامها بالتقنية وتطوير أساليب الدراسة فيها؛ وذلك لكون القناة سوف تخصص لبث محاضرات برنامج الدراسة عن بعد.

ومن مظاهر التحول الإيجابي للجامعة اهتمامها بالبحث العلمي وتوسعها في برامج الدراسات العليا، إضافة إلى إنشاء برامج الكراسي العلمية، وقد قامت الجامعة تجسيداً للاهتمام بهذا الجانب بإنشاء منتدى الشراكة المجتمعية في مجال البحث العلمي الذي رعاه صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية مؤخراً.

حيث جاءت رعاية سموه الكريم لهذا المنتدى دعماً كبيراً للجامعة وإشادة بجهودها وخططها التطويرية، إضافة إلى أن المنتدى ذاته ذو أهداف نبيلة حيث ألقى الضوء على اهتمام كثير من المؤسسات الأهلية بدور الجامعات وقدرتها على استخدام الأساليب العلمية في البحث والاستقصاء لإجراء الدراسات حيث بدأنا نشاهد كثيراً من هذه المؤسسات وبمبادرات ذاتية منها ترغب في إنشاء كراسي علمية تخصصها لدراسة قضية من القضايا مع التزامها بتحمل التكاليف المالية المترتبة على ذلك، وقد شاهد الجميع الحضور القوي لهذه المؤسسات لدى تكريمهم من قبل راعي الحفل.

لهذا ومن خلال هذه الشواهد يمكنني القول إن جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية تسير في خطى ثابتة نحو التطوير والتحديث وفق مراحل مدروسة فهي وإن حدّثت في مناهجها ونوّعت في تخصصاتها فتميزها في تخصصاتها الأساسية كالشريعة واللغة العربية يبقى قائماً، بل هو الأساس، والمجتمع كما هو بحاجة إلى عالم الدين المتمكن فهو بحاجة أيضاً إلى الطبيب، والمهندس، ومتخصص العلوم التطبيقية الملم بأسس ومبادئ العقيدة السماوية وشرائع ديننا الحنيف.

أخيراً نبارك لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية متمثلة في القائمين عليها بقيادة معالي الدكتور سليمان أبا الخيل على التطورات الإيجابية في الجوانب العلمية التطبيقية مع استمرارية المحافظة على العلوم النظرية والشرعية على مدى عقود من الزمن.

 

8/7/2009م            عدد 13432

المجازر المرورية والمطلوب من مجلس الشورى


 

د. محمد بن عبد العزيز الصالح
نشرت الصحف خلال الأسبوع الماضي أن مجلس الشورى سوف يناقش ظاهرة ارتفاع معدلات الإصابات والوفيات بسبب ارتفاع حوادث السيارات، حيث سيعمل المجلس على اقتراح إيجاد الحلول العلمية السريعة لها. الجدير بالذكر، ان إحصائية جديدة صدرت مؤخراً عن الأمن العام أظهرت أن عدد المتوفين من جراء الحوادث المرورية بالمملكة خلال العام الماضي (1428هـ) قد تجاوز 6300 شخص، فيما تجاوز عدد الحوادث المرورية 435 ألف حادث غالبيتها داخل المدن، في حين أن الوفيات ترتفع نسبتها في الحوادث التي تقع خارج النطاق العمراني.
في ظني أننا لو سألنا أحد أطفالنا عن الأسباب المؤدية إلى تزايد الحوادث المرورية لدينا لبادر بالقول إن تجاوز السرعة المحددة وقطع الإشارات المرورية هما السببان الرئيسان في تلك الحوادث ناهيك عن الاستهتار والجهل والتهور من قِبل شريحة ليست بالقليلة من سائقي السيارات لدينا، وبالتالي فإذا كنا نعلم جميعاً عن الأسباب المؤدية إلى الحوادث المرورية ومن ثم تزايد الضحايا البشرية من جراء تلك المجازر المرورية، فإنني أدعو الاخوة أعضاء مجلس الشورى (وعلى الأخص أعضاء لجنة الشؤون الأمنية بالمجلس) بعدم استغراق الوقت الطويل في دراسة تلك الأسباب، وكذلك عدم إضاعة وقت المجلس في مناقشة إيجاد الحلول لها، حيث إن هناك العشرات بل المئات من الحلول التي توصلت إليها العشرات من الأبحاث والدراسات التي تناولت الحوادث المرورية لدينا، كما أن لدينا العشرات من التوصيات الفاعلة والقابلة للتنفيذ التي أوصت بها الكثير من الندوات والمؤتمرات وورش العمل التي أُقيمت لهذا الخصوص، ناهيك عن العشرات من الحلول التي سطرتها أقلام الكتّاب والمحررين والتي غصت بها مختلف الصحف ووسائل الإعلام لدينا. المهم في الأمر، فإنني أؤكد أن الإدارات المرورية لدينا على اطلاع تام وعلم بكل تلك الحلول القابلة للتنفيذ والكفيلة بالقضاء على ظاهرة المجازر المرورية لدينا، ولكن بكل أسف لا ترغب في تطبيقها لأسباب لا يعلمها سوى المسؤولين في تلك الإدارات المرورية.
ولذا فإنني أرى أنه بدلاً من إضاعة وقت مجلس الشورى في دراسة مسببات الحوادث المرورية لدينا، واقتراح الحلول المناسبة للحد من تلك الحوادث، فإنني أعتقد بأنه من الأجدى أن يتم توجيه الدعوة إلى المسؤولين في الإدارات المرورية ومناقشتهم، (بل مساءلتهم) عن عدم تطبيقهم لعشرات العقوبات والحلول المتوفرة لديهم، والتي للأسف تضمنتها لوائح وأنظمة متوجة بموافقات سامية. وإنني أجزم بأن التطبيق السليم لتلك العقوبات كفيل بالقضاء على ظاهرة المجازر المرورية.


6/7/2009م          العدد  13430