ترجمة

المبتعثون المتميزون ودعوة باراك أوباما


د.محمد عبد العزيز الصالح

نشر الموقع الإلكتروني للبيت الأبيض مؤخراً بأن الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد تقدم باقتراح لإجراء تعديلات على نظام الهجرة في الولايات المتحدة, وتهدف تلك التعديلات لاستقطاب الطلبة الأجانب الدارسين في الجامعات الأمريكية, وخاصة الطلبة المتميزين الذين يدرسون في التخصصات التقنية والرياضيات والعلوم التطبيقية, حيث يرى أوباما أهمية استقطاب تلك الفئة المتميزة من الطلبة وإتاحة الفرص الوظيفية المناسبة لهم مع تسهيل إجراءات حصولهم على الإقامة الدائمة والعمل في أمريكا, وكذلك تسهيل حصولهم على الجنسية الأمريكية، حيث ذكر أوباما أن هناك أكثر من (40) ألف طالب يحصلون على شهادات من أمريكا كل عام, ويرى أن عودتهم إلى بلدانهم تمثل خسارة للاقتصاد الأمريكي, وهذا ما دفعه إلى اقتراح تلك المغريات الكفيلة باستقطاب المتميزين من الطلبة.    
وهذا الطرح غير المستغرب على الإدارة الأمريكية يجعلنا نتساءل عن مدى تأثير ذلك على عشرات الآلاف من الطلبة السعوديين الذين يدرسون مختلف التخصصات التقنية والصحية والتطبيقية في الجامعات الأمريكية. كما أن هذا الطرح للرئيس الأمريكي يجعلنا أمام مسؤولية كبيرة تجاه ضرورة توفير الوظائف المناسبة لقدرات تلك الفئة دون غيرها وأهمية أن تكون عوائد تلك الوظائف محفزة ومختلفة تماماً عما هو موجود حالياً، مما يعني معه، وبشكل عاجل، أهمية استحداث آلية توظيف خاصة لهؤلاء المتميزين يُراعى فيها كافة السبل الكفيلة بالحفاظ على هذه الكوادر المستهدفة من قبل الدول المتقدمة ومنهم الطلبة السعوديين في الجامعات الأمريكية الدارسين في مختلف التخصصات التنموية.      
لقد حظي برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي باهتمام ومتابعة خادم الحرمين الشريفين عبدالله ورئيس مجلس التعليم العالي , كما أُنفق عليه عشرات المليارات من الدولارات, وسخرت وزارة التعليم العالي كافة أوجه الدعم والمتابعة سواء من خلال جهاز الوزارة أو من خلال ملحقياتها في الخارج, ولذا من حقنا أن نتساءل عما إذا كانت الأجهزة المعنية بسوق العمل الحكومي والأهلي لديها التصور الكافي لهذا الجانب من حيث تهييئ آلياتها وتحديد الوظائف ذات الامتيازات الجاذبة والأمان الوظيفي المغري لهؤلاء المتميزين من خريجي برنامج خادم الحرمين للابتعاث وخاصة في التخصصات النوعية، وبما يضاهي تجارب الدول المنافسة على احتواء تلك الفئات من أبنائنا وبناتنا والاستفادة من قدراتهم ومؤهلاتهم العالية أملاً في تحقيق الهدف الحقيقي من ابتعاثهم وخدمة المجتمع.     
أعزائي القراء, يهمنا وطننا الغالي وتنميتنا السعودية تهمنا أيضاً, كما تهمنا مصلحة مبتعثينا المتميزين لدراسة تخصصات تحتاجها تنميتنا السعودية, حيث تم الاستثمار فيهم بأموال تفوق في حجمها موازنات عدة دول.    
ومن خلال هذه الزاوية المتواضعة أؤكد على أهمية التحرك العاجل للظفر بجميع مبتعثينا, وبخاصة المتميزين منهم في التخصصات الصحية والتقنية، لذا أقترح في هذا الخصوص على والد الجميع الملك عبدالله ـ أمد الله في عمره ـ بأن يوجه بتشكيل لجنة وزارية تنبثق من مجلس الوزراء لتضع التصور الأمثل للمحافظة على تلك الكوادر البشرية المتميزة من خريجي برنامج خادم الحرمين الشريفين, على أن تفرغ اللجنة من مهمتها خلال أسابيع (وليس أشهر) وعلى أن يتم توفير الموازنات المالية اللازمة لاستقطاب تلك الفئة المميزة من خلال إيجاد آلية وظيفية تعنى بتوفير الوظائف ذات الإغراءات والمحفزات الجاذبة, ويكفي أن نعلم بأن الاستثمار في رأس المال البشري هو الشغل الشاغل لخادم الحرمين الشريفين, وخير شاهد على اهتمامه ـ يحفظه الله ـ ما تضمنته بنود الموازنة المالية للمملكة خلال الثمان سنوات الماضية ومدى ضخامة تلك البنود المخصصة للاستثمار في بناء الإنسان لما لدوره الأساس في تشييد هذا الوطن واستمرار تنميته.

dralsaleh@yahoo.com
الأمين العام لمجلس التعليم العالي

الجزيرة / 19/8/2013م   العدد 14935

هل بيع الإطارات المغشوشة مخالفة تجارية أم جريمة جنائية؟


د.محمد عبد العزيز الصالح

في تقرير لقناة العربية، نُشر خلال الأيام القليلة الماضية، عن انتشار ظاهرة بيع الإطارات المستعملة والتالفة، التي أزهقت أعداداً كبيرة من الأنفس البريئة, أشار إلى تجاوزات عدة، منها:
- أن بعض التجار يستغلون غلاء أسعار الإطارات الجديدة؛ ليقوموا ببيع الإطارات المستعملة بأسعار متدنية للشباب ولذوي الدخل المحدود.         
- انتشار بيع الإطارات المستعملة على الطرق السريعة بين المدن أدى لإزهاق الكثير من الأرواح البريئة؛ بسبب الحوادث المرورية التي تسببت بها تلك الكفرات التالفة.  
- لجوء أصحاب محال الكفرات إلى إقناع المشترين بصلاحية تلك الكفرات، على الرغم من علمهم بانتهاء عمرها الافتراضي.         
كما نشرت الصحف خلال الأيام القليلة الماضية أن فرق الرقابة بوزارة التجارة داهمت مؤخراً عدداً من المستودعات ومحال بيع الإطارات المستعملة, موضحة أن غالبية محال بيع الإطارات في حي الغرابي بالرياض لا تستخدم الطرق النظامية في تخزين الإطارات, كما أن غالبيتها يسوّق كفرات مستعملة وتالفة، لا تصلح للاستخدام، ومنتهية الصلاحية.          
وأنا أقرأ تلك الجرائم المفجعة, التي يرتكبها تجار وبائعو تلك الإطارات المستعملة والتالفة بحق الكثير من الأبرياء الذين زهقت أرواحهم من جراء الحوادث المرورية، التي تسببت بها تلك الكفرات, تساءلت: إلى متى سوف تستمر تلك الكوارث لدينا بدون وقفة حازمة من الأجهزة كافة ذات العلاقة؟ نعم، إن تجاوزات بعض تجار الإطارات من السعوديين وغيرهم من الباعة من بعض الدول العربية تحتاج إلى الضرب بيد من حديد. إن قيام هؤلاء التجار ببيع الإطارات المستعملة والتالفة، التي بسببها تم قتل الآلاف من الأنفس البريئة، يجب أن يتم التعامل معه على أنه جريمة جنائية، وليس مخالفة تجارية. إن من يسوق إطارات مغشوشة منتهية الصلاحية، ويتسبب في قتل المئات بل الآلاف من الأبرياء من الناس, دون وازع ديني أو أخلاقي، هو بكل تأكيد مجرم, ولو تم التعامل مع ما ارتكبه من جرم على أنه جريمة جنائية لكانت عقوبته القتل, أو السجن لسنوات طويلة على أقل تقدير.     
ختاماً, الدولة لا تتردد في إنفاق المليارات واستنفار الأجهزة الحكومية كافة ذات العلاقة من أجل التصدي لبعض الأمراض، كإنفلونزا الطيور أو الخنازير أو فيروس كورونا, علماً بأن أعدد ضحايا تلك الأمراض في المملكة لم تتجاوز العشرات من الضحايا, في حين أن جريمة استيراد وبيع الإطارات المغشوشة والفرامل المقلدة تتسبب في قتل الآلاف من الضحايا البريئة سنوياً بسبب الحوادث التي تحدث بسبب ذلك.   
وعلى الرغم من ذلك ما زالت الجهود المبذولة من الأجهزة الحكومية كافة ذات العلاقة أقل من المتوقع منها بكثير.

dralsaleh@yahoo.com
الأمين العام لمجلس التعليم العالي

الجزيرة / 5/8/2013م  العدد 14921